المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "حَقِيقَةُ الشَّعْبِ المِصْرِيِّ -إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ-".



أبو عبدالله قرة العين
02-Jul-2013, 08:59 AM
السلام عليكم ورحمة الله .

"حَقِيقَةُ الشَّعْبِ المِصْرِيِّ -إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ-".

الحمد لله وحده ،والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ،محمد بن عبد الله ،وعلى آله وصحبه .
وبعد :

فإن الذي ينظر تحت قدميه ولا يتجاوز بنظره تلك البقعةَ الأسفلَ منه ،فإنه لا يشعر بالقطار الخارج عن مساره وهو آت بين يديه لانعدام توقعه أن يسير القطار حيث هو ،حتى يصير من الهالكين .

ينبغي على العقلاء أن تكون نظرتهم للأمور ثاقبة ،فيرون ما وراء الأحداث وما تسفر عنه ،لا ما يستشعرونه أثناء الأحداث ،فإن شراب العسل المخلوط بالسم الزعاف حلو المذاق بادي الرأي وممتع ،وهذا ما تحقق بمجرد تناوله ،وأحس به شاربه ،لكن لا يكاد يلبث الشارب وقتا طويلا حتى يتقطع أبهره من جراء تلك الشربة التي خفي ما وراءها كنتيجة حتمية لما كان فيها ،وهذا ما وراء الشرب ،وشتان ما بين النتيجتين ،الأولى والثانية.
وصدق الله القائل في كتابه :"وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48)[الأنفال].
لذا ، "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43- الأنبياء) .

إنَّ الناس اليوم يشْكون من قلة الموارد اليوم ،وسيصرخون بعد قليل من انعدامها ، (ولا ينبغي أن يُفهم من كلامي أنني متعاطف مع الإخوان المسلمين ،حاشا لله أن أكون متعاطفا مع أهل البدع والزيغ والضلال ،ولكني أزن الأمور بميزان الشرع الذي فيه الحكمة والرحمة والعدل ،قال تعالى :"فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59- النساء).
وقال :"وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35) وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38-الإسراء).

إن الثورة اليوم تعني مزيدا من سفك الدماء ،ومزيدا من الخراب ،والفقر ،ومزيدا من الفوضى التي لا قِبَلَ للشعب المصري بها ،فضلا عن مخالفة النصوص الصريحة في دين الله رب العالمين التي تنهى عن الخروج على وليِّ الأمر المسلم ،وإن كان جائرا ،فإن في الخروج عليه من المفاسد أكثر بكثير من المصالح المتوهمة بخلعه .
قال تعالى :"وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) [الأعراف].
وقال :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) [النساء].

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية "[رواه مسلم].
وقال :" من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية "[ رواه الإمام أحمد في المسند ، والطبراني وابن حبان في صحيحه بإسناد صحيح].
وقال :" من خرج من الطاعة شبراً فمات فميتته جاهلية "[رواه معمر في جامعه والخلال في السنة وغيرهما وسنده صحيح].
وقال :"اسمع وأطع ، في عُسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك ، وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك"[ رواه الإمام أحمد في المسند وابن حبان في صحيحه وابن أبي عاصم في السنة والديلمي في مسنده وسنده صحيح]
وقال :" يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس ) قال : قلت (أي حذيفة ):كيف أصنع يا رسول الله ،إن أدركت ذلك ؟ قال ( تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ) [أخرجه مسلم].
وقال :"سيكون بعدي سلطان فأعِزُّوهُ ، من التمس ذُلَّهُ ثَغَرَ ثَغْرَةً في الإسلام ، ولم يقبل منه توبة حتى يعيدها كما كانت"[السنة لابن أبي عاصم].
وفي الباب أحاديث كثيرة بلغت حد التواتر المعنوي .

وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- :"لا بد للناس من أمير ؛ بَرٍّ ، أو فاجر ، يعمل فيه المؤمن ، ويستمتع فيه الكافر ، ويبلغ الله فيها الأجل"[ رواه البيهقي في السنن الكبرى].
وقيل للإمام يحيى بن يحيى -رحمَهُ اللهُ- : البيعة مكروهة؟ قال: لا. قيل له : فإن كانوا أئمة جور؟ فقال: "قد بايع ابن عمر لعبد الملك بن مروان(1) ، وبالسيف أخذ الملك ، أخبرني بذلك مالكٌ عنه أنه كتب إليه وأمر له بالسمع والطاعة على كتاب الله وسنة نبيه. قال يحيى بن يحيى: والبيعة خير من الفرقة"[الاعتصام للشاطبي].
وقال الحسن البصري -رحمَهُ اللهُ- : "والله لا يستقيم الدين إلا بهم وإن جاروا وظلموا ، والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون ، مع أن طاعتهم والله لغبطة، وأنَّ فرقتهم لكفر".
وقال أبو الحسن الأشعري -رحمه اللهُ- :"وأجمعوا على السمع والطاعة لأئمة المسلمين"[رسالة إلى أهل الثغر].
وقال الحافظ ابن حجر -رحمه اللهُ- :"قال ابن بطال: وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب ، والجهاد معه ، وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء ، وتسكين الدهماء"[فتح الباري].

فقط تذكروا الرئيس السابق (مبارك) والذي حصل بالخروج عليه من الفساد في شتى المجالات والمؤسسات في البلد ،فضلا عن الفوضى العارمة ،والهياج الشعبي الدائم ، وتمكن العلمانيين والليبراليين والفوضويين والانتهازيين وأهل البدع وغيرهم من عقول عامة الشعب ،بل وتمكن أعداء الإسلام من الإسلام والمسلمين .
ويكفي تدليلا على ذلك أنهم نجحوا في إنجاح واحد من الحزب المنسوب إلى الإسلام (وهذا الحزب مصنَّف عند أهل السنة أن أفراده من أهل البدع والزيغ ، لكنهم من جملة المسلمين)،ثم ألبوا الإعلام عليه ،وصفوف المعارضة ،مستخفين بوليِّ الأمر ،وصدَّق ذلك الشعبُ المسكين الغيرُ مسكين في آن واحد ،فكره الناس الإسلام في صورة كرههم للإخوان المسلمين (عامل الله الإخوان المسلمين بعدله ،وطهر وليَّ الأمر من الانتساب إليهم )،فاعتدى الناس على كل مظهر لشيء من الدين ،فجردوا ذات الحجاب من حجابها (أين مروءتكم يا شعب مصر؟!)،وضربوا ذا اللحية ،وشكوا في جموع المحجبات والملتحين ،إخوانيين كانوا أو غيرَ إخوانيين ،ودين الله بريء من كل عنف في غير موضعه ،وبريء من كل حزبي بغيض أو مبتدع ضال ،أو فوضوي مفسد ،أو عميل مخرب أو متجسس مغرض.

عود على بدء :
أليس مبارك الأمس يتمناه الكثيرون اليوم ممن خرج عليه ؟! بلى

أليس مرسي اليوم يثور عليه من اختاره رئيسا بالأمس ؟! بلى

وغدا سيخرجون على ثالث ورابع في مسلسل من الدرامة الحية والدموية ،لأن العقد التالفَ السِّلك متى انفرطت منه حبة تتابعت على اللحاق بها أخواتها مهما عقدناه للتلف القابع في سلك ،فلا نظام ولا انتظام !!.
فقط لتعلموا حقيقة الشعب المصري من حيث الرؤية والتصور إلا من رحم الله ، فالشعب المصري أثبت بنفسه على نفسه أنه فاسد الرؤية ،فاسد التصور ،فاسد الاختيار ،فاسد القرار .
لأن الفكرة العامة المتعلقة بالإدراك عند جماهير الشعب المصري تعني أنهم يختارون الرسائل المتاحة من حولهم ،والتي تتفق مع اتجاهاتهم وقيمهم ،ومعتقداتهم عما هم بصدده ،فيسمعون ويرون ويقرؤون ما يناسبهم ،ويتجاهلون تلك الرسائل التي تتناقض مع اتجاهاتهم وقيمهم ومعتقداتهم.
ويمكن القول أن الفرد لا يصل إلى هذا النوع من الإدراك دفعة واحدة بل يمر بعدة مراحل إدراك انتقائية وهي :
1- • التعرض الانتقائي: فهم يختارون قنوات تلفزيونية معينة ويصادقون أشخاصا بعينهم دون غيرهم ،ويعجبهم كلام فلان زميلهم في العمل ولا يحبون الاستماع لآراء شخص أو أشخاص آخرين ،بمعنى أنهم يعملون على تجنب المعلومات المتناقضة ويبحثون عن المعلومات التي تؤيد آراءهم واتجاهاتهم وخلفياتهم الثقافية .
2- • الإدراك الانتقائي: حين يتعرضون لكم ٍّكبير من الرسائل (حوار/كتاب/...)يدركون من هذه الرسائل معلومات معينة و،كأنهم ينتقون منها ما يناسبهم ،ويتجنبون التركيز على معلومات أخرى ،بل قد لا يدركونها حين يقرؤونها ،أو حين يعيدون قراءتها يشعرون أنهم يقرؤون هذه المعلومة (التي لا تتفق معهم) لأول مرة(التعرض والتجنب).
3- • التفسير الانتقائي: بمعنى تفسير الرسائل التي يستقبلونها من العالم الخارجي لجعلها متفقة مع رؤية كل منهم، فحين يستمعون لخطاب ما ،أوتفسر لهم معلومة معينة قد تفاجأ أن البعض فهمها بطريقة ما ،والبعض الآخر فهمها بطريقة مختلفة تماماً، فكل واحد من تلك الجماهير العريضة يستقبل المعلومة ويفهمها في ضوء تنشئته الاجتماعية ورؤيته السياسة وخبراته في الحياة وغيرها من المعلومات التي سبق له أن حصلها ,هكذا.
ويزيد الأمر وضوحا تلك القصة التي وقعت ،حيث يحكى أن رجلين خرجا ليصطادا، فإذا بأحدهما يصيح :
ألا تري يا صاحبي على تلك الربوة غربانا !!؟
فسدد صاحبه النظر نحو الربوة ، ثم قال :
ليس ما تراه ، يا أعمى ، غربانا بل عنزات...
لكنه ما إن أنهى كلامه حتي طارت الغربان !!!
فأردف : عنز ولو طارت !! .
فهذا هو نهج الجماهير العريضة !!

فإلى متى اللعب بمصير الأمة ،والمجازفة بمستقبلها ؟!!
وإلى متى يحيى الناس حياة الإمعة الذي لا رأي له ؟،وإنما هو كالكرة في يد صبيها اللاعب بها يرمي بها حيث يشاء ،ويدفع بها أينما يريد !
وإلى متى يتاجر الناس بحكامهم وبلادهم ليحققوا أربحا شخصية ،وإن كان على حساب الأمة ودينها ؟!

أليست الفوضى قائمة منذ يوم النكسة الثاني يوم الخامس والعشرين إلى يوم الله هذا ؟!
ألا تعتبرون ؟!
ألا تتعظون ؟!
ألا تخجلون ؟!
أليس في الناس رجل رشيد ؟!
أليس فيهم من يقوى على الجهر بكلمة الحق ؟!

لله درُّ القائل : ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
هذا شعور كل عاقل بحق في ظل وخضمِّ هذه الأحداث العفنة الجريئة على مخالفة أمر الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

شعب مصر شعب تتحكم فيه العواطف ،فيستطيع َ كلُّ واحد مَلَكَ لسانا أن يؤثر فيهم ويدعوهم إلى ما فيه هلاكهم ،وإلى الخروج إلى الميادين هاتفين بما لا بفقهون معناه ولا مدلوله ولا ما يؤول إليه هتافهم .

وإن إشكالية الانجذاب العاطفي تجاه الشعارات الدينية من غير ما نظر إلى حقيقة تلك الشعارات وإلى جوهر ما يحملها ،لهي دلالة واضحة على غياب التربية المنهجية، وعلى التشوه المعرفي. وليس أدل على ذلك من الحشود الهائلة التي تحتشد مع تلك الهتافات التي يهتف بها الرجل في حماسة منقطعة النظير، ثم تمضي الشهور والسنوات ولا نراه كلف نفسه محاسبةَ بل مجردَ سؤالِ من حشدوه عن تحقق تلك المطالب في الواقع.

إن واجب الفئة المثقفة من هذا الشعب أن يأخذوا بيده إلى ما فيه نجاته ونجاتهم ،وذلك باستزادة المثقفين ثقافة في دين ربهم حتى يعلموا العامة من أبناء شعبهم .
لأنه لا صلاح للبلاد والعباد إلا بالاستقامة على أمر الله ورسوله ،والانطلاقة من خلال تعاليم الكتاب والسنة في علاج مشكات الحياة .
وإني لأربأ بكل مثقف أن يكون معولا في يد من يريدون تخريب البلد والقضاء على شعبها من خلال استعمالهم في تهييج الرعية على الراعي ونظامه ،وإحداث الفتنة بين أبناء الدين الواحد والبلد الواحد .

والعجيب أنك تجد من ثمرة (الحنظل) لهذه الفوضى أن أبناء الدين الواحد يكفر بعضهم بعضا ، ويسفك بعضهم دم بعض ،والإعلام الخبيث يلعب دورا رئيسا في هذه المهزلة التي يدعوها الناس ثورة ،حيث تولى الإعلام كبره بأنصاف رجاله ،ونساءه الشمطاوات ،واستمر في دغدغة مشاعر المصريين فخرجوا إلى حتف مِصرهم وحتفهم ،رعاية لمصالح عدوهم الصهيوأمركي ،فترتفع راية الماسون على أرض من أراض المسلمين ،وليتها بأرض عادية ،بل هي مصر نبض الاستراتيجية العربية ،ودرع من دروع الإسلام العظيم .

يا شعب مصر ،إن لم تتداركوا المصيبة التي ابتدأتم في تكبيرها وتعظيمها ،فستندمون ما بقي لكم من أعمار ،وستتسببون في الإفساد على الأجيال القادمة إن لم يتداركُّم المولى برحمة منه .
يقول فضيلة الشيخ محمد بن سعيد رسلان -حفظه الله- :
" مصــــر أمـــانة في أعـــنـاقكم ...فـــلا تضـيـعوها!!
فالزموا الجادة عباد الله ... واعلموا أن هذا الوطن المسلم أمانة في أعناقكم ،وأن قرة عين الشيطان أن تقع الفوضى في جنباته ... لأنه إن كان ... فهو وعد التوراة المكذوب .. وأهيج مصريين على مصريين .. حتى يقتل الأخ أخاه ،وحتى يسبي الأخ أخاه .. ويجف النهر وتنتن الترع ... وينحاز المصريون بعد إلى خمس مدن حقيرة ،ولا يبقى في مصر عذراء واحدة .. كما في مواضع كثيرة من التوارة المكذوبة المحرفة ،والعجيب أنهم يصلون إلى ذلك بأيدي مصرية ... مصرية خالصة .. وليست بأيدي أجنبية وإن كان التدبير يحاك في الظلام ... ولكن يستفز من يستفز ،ويقع ما يقع ،والأمة في مهاب الرياح الأربع ،وكل من آمن بالله ربا ،وبالإسلام دينا ،وبمحمد -صلى الله عليه وآله وسلم- نبيا ورسولا .. يراعي حرمة أرض الإسلام ،الأرض التي يُرفع فيها الأذان ،ويُشهد فيها بالتوحيد لله ،وبالرسالة لنبيه ورسوله -صلى الله وسلم وبارك عليه- فتضييعها إثم عظيم ... تضييعها ذنب كبير خيانة لله ،وخيانة لرسول الله ،وخيانة لدين الإسلام العظيم ... ليس الامر بالهين ،لسنا في جامعة يخرج فيها من يخرج من الطلاب في ثورة عُرام شبابهم ... لكي يفعلوا ما يرون ،أو ما يُملي عليهم ثم يمضى الأمر هينا لينا ... ولو وقعت بعض الخسائر هنا ،أو هناك ليس الأمر كذلك ،وإنما هي مقامرة بمستقبل أمة .. إنما هي مخاطرة بمستقبل وطن ... وتدمير لماضيه ... أربعة عشر قرنا من عمر الإسلام في هذا البلد المسلم ... البلد المسلم تضييع لتاريخه وتراثه ... وتحويل له عن الجادة ... وكل ذلك بسبب صراع على شيء لم يحض الله ولا رسوله ولا دينه على الصراع عليه ... وإنما هو أمر ينبغي أن يُترفع عنه عندما يكون الوطن في خطر وهو فيه ،عندما تكون الأمة في خطر وهي فيه ألا ترون ؟ إن من لم يرى ذلك فلا بصيرة له ،بل لا أم له ،بل قبحه الله رب العالمين " انتهى .

لذا فليسارع كل غيور على بلده بحق ،وعلى مستقبلها ومستقبل شعبها بالرجوع إلى بيته والتوبة إلى ربه ،فإن جور الحكام لا يستعان عليه بالثورات ولا بالاعتصامات ولا بالإضرابات ولا بالعصيان المدني ،ولا بالإنكار العلني ،ولكن يستعان عليه بالصبر والتقوى والرجوع إلى أحكام هذا الدين الحنيف .
قال تعالى :"وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102) ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) [الأعراف]
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ " [أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما بإسناد صحيح ].
وقال أيضا :"يامعشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط . حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ،ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أثخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ،ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ،ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا منء غيرهم فأخذوا بعض مافي بأيديهم ،وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم "[أخرجه ابن ماجة وغيره بإسناد صحيح ].

فأصلحوا من أنفسكم يا شعب مصر ،واتقوا الله واصبروا ،حتى يستريح بر ،أو يستراح من فاجر .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ،وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

كان الفراغ منه في الساعة السادسة وأربعين دقيقة صباحا
ليوم الثلاثاء الثالث والعشرين من شهر شعبان لعام 1434للهجرة
الثاني من شهر يوليو لعام 2013للميلاد .

وكتب
صلاح بن عبد الوهاب أمين
أبو عبدالله قرةِ العين .

أبو عبد الله جمال شاكر
02-Jul-2013, 08:47 PM
ياليتهم يفقهون

أبو الوليد خالد الصبحي
05-Jul-2013, 02:38 AM
جزاك الله خيرا ونسأل المولى الكريم ربي العرش العظيم ان يلطف با الشعب مصر وان يوحد صفوف ويكون على كلمة التوحيد

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
05-Aug-2013, 02:19 PM
للفائدة