المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم التعليم والتعلم في المدارس المختلطة ، وحكم من ماله من أجرة التعليم في هذه المدارس للإمام الألباني



أبو أنس بشير بن سلة الأثري
26-Jul-2013, 04:45 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه
أما بعد :
فهذه كلمة للإمام ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ هي الجواب عن سؤال طرح عليه لبيان حكم التعليم والتعلم في المدارس المختلطة ، وحكم من ماله من أجرة التعليم في هذه المدارس ، ومصدر مادة الجواب ( سلسلة الهدى والنور )( ش 270/ د34) ، فاترك القراء الكرام مع مادة الموضوع ، نسأل الله لأهل الإسلام حاكمهم ومحكومهم التوفيق و المساندة والتعاون للمحاربة هذا الاختلاط وحصد أوكاره وكشف دعاته ، ووقفهم في وجه من يتحايل ويتحيل على تجويزه وتسويغه في المجتمعات الإسلامية ، وأن ينهضوا للقيام بتأسيس وإنشاء المشاريع والانجازات التي تفصل النساء عن الرجال في شتى المجالات والميادين الحياتية من التعليم وغيره ، مما يرجع نفعها عليهم في الدارين .

(( قال السائل : ما هو حكم التعليم والتعلم في المدارس المختلطة ؟ فإن كان يحرم فما حكم من ماله من أجرة التعليم في هذه المدارس ، وهل عدم وجود المدارس غير مختلطة يعد عذراً شرعياً لدخولها ؟
أجاب الإمام ـ رحمه الله ـ :
الجواب : قال عليه السلام «إن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه».
قد يتساءل ما علاقة الحديث بالسؤال؟
العلاقة واضحة قوله عليه السلام: «إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه» ذلك لأن بيعه يؤدي إلى أكله ومن باب سد الذريعة لما حرم أكله حرم بيعه ، ولذلك من الأمثلة على معنى هذا الحديث:
الحديث المشهور: "لعن الله في الخمرة عشرة أولهم شاربها ثم ساقيها ثم مستقيها ثم عاصرها ثم معتصرها " إلخ ، لماذا لُعن التسعة؟
لكي لا يكون الأول وهو : الشارب ، فإذاً هناك ارتباط بين الغاية وبين الوسيلة ، فإذا كان الاختلاط بين الجنسين محرماً ـ وهو كذلك ـ، فأي شيء يترتب عليه فهو محرم وبخاصة إذا كان هذا الشيء المترتب على هذا الاختلاط المحرم هو ليس في نفسه فرض عين وإنما هو فرض كفاية.
ومن العجيب تساهل بعض الناس اليوم من الذين يريدون تسليك وتمشية الواقع بين المسلمين ولو كان مخالفاً للشريعة باسم العلم !!
نقول : العلم علمان
1 ـ علم نافع
2 ـ وعلم ضار
ولا شك أن العلم النافع لا يمكن أن يكون نافعاً إلا أن يكون في حد ذاته مطابقاً للشريعة (...)
العلم لا يكون مرغوباً ولا مقبولاً في الشرع إلا إذا كان وفق الشرع وليس مخالفاً له ، والموافقة
يجب أن تكون من حيث هو علم ، ومن حيث الأسلوب الذي يوصل به إلى ذلك العلم ، فإن اختل أحد الشرطين كان غير مشروع .
فإذاً قلت آنفاً : أنا أتعجب من أناس يتساهلون ، ويفتون بإباحة الاختلاط في الجامعات في سبيل طلب العلم ، وأنا أقول : هذا العلم أولاً ليس فرض عين ، ليس هو علم شرعي ،
وثانياً إذا كان علماً شرعياً لنفترض مثلاً في بعض الجامعات كلية الشريعة ، لكن لا نريد أن نغتر بالأسماء واللافتات ، بل يجب أن ندخل في مضمون هذا العنوان ( كلية الشريعة ) ماذا تفعل المفروض أنها تعلم الشريعة حقاً ، والمقصود من هذا العلم هو العمل كما سبق الإشارة إلى ذلك آنفاً ، فإذا كان العلم الشرعي نفسه يعلم بطريقة الاختلاط هذا ليس علماً شرعياً...
لما سئل عليه السلام عن خير البقاع وشر البقاع ، ماذا أجاب ؟
" خير البقاع المساجد وشر البقاع الأسواق " ، إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم ، يحض النساء على الصلاة في البيوت ، بقوله :"وبيوتهن خير لهن " فمعنى ذلك أن أي بقعة من بقع الأرض مهما كانت شريفةً ونظيفة وإن سماها بعض الجهلة في كثير من البلاد الإسلامية ، يسمون الجامعة بـ" حرم الجامعة "، هذه التسمية طبعا خاطئة ، لأنهم يشبهون هذه الجامعات ، ليتها كانت قائمة على أحكام الشرع ، يسمونها إيش ؟ الحرم !!
تشبيها للجامعة بالحرم المكي والحرم المدني ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ، يحتاط لحشمة النساء وسترهن والبعد بينهن وبين الرجال في خير البقاع ، فماذا يكون شأنه بالنسبة للجامعات وهي إن لم تكن شر البقاع كالأسواق ، فيما يقع فيها من الاختلاط ، فهي على الأقل ليست بخير البقاع ، وليس هذا فقط مما خطه الرسول عليه السلام في سبيل الفصل بين الرجال والنساء ، في خير البقاع ، بل هناك أشياء أخرى ، تسترعي انتباه الباحث الفقيه وتوجب عليه أن لا يأذن أبدا لاختلاط بين الرجال والنساء في أي مكان أخر ، من ذلك مثلا :
الحديث المعروف " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " ، حتى في خير البقاع فصل النبي صلى الله عليه وسلم ، أولا بين الرجال وبين النساء فصلا حاسما ، فلا يجوز للنساء أن يخالطن الرجال في صفوفهم ، كما لا يجوز العكس للرجال لا يجوز أن يخالطوا صفوف النساء ، فقد فصل عليه السلام فصلا تاما في خير البقاع بين الرجال وهم يصلون ويقفون بين يدي الله تبارك وتعالى ، فجعل الرجال الأمام ، والنساء في الخلف ، لم يكتفي بهذا ، بل قال : شر صفوف الرجال آخرها ، لماذا ؟
لأن هذا الصف الأخير يكون دانيا ويكون قريبا من الصف الأول من النساء ، فجعل آخر صف الرجال شر الصفوف كما جعل شر صفوف النساء هو الصف الأول ، كل هذا من باب سد الذريعة ، إن باب سد الذريعة الذي جاء به الإسلام استفاده الغربيون في حياتهم المادية ([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887&st=0&p=672710#_ftn1)) ، لكن الفضل في تأسيسه و في تقعيده يعود إلى ديننا ، ها هو الرسول عليه السلام يقول :"خير صفوف النساء آخرها وشر صفوف الرجال آخرها " ، لم يكتفي الرسول عليه السلام ، حتى بهذه التفاصيل ، بل جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انتهى من الصلاة مكث في مكانه هنيهة ، يقول أحد الرواة ، وعلماء الحديث اختلفوا منهم من يقول : أن هذا القول هو راوية الحديث وهي أم سلمة ، ومنهم من يقول : أن هذا القول لأحد رواة الحديث وهو الإمام الزهري ، و أيما كان فهو فيه تنبيه إلى تمام الحذر من الشارع الحكيم ، فالرسول عليه السلام كان إذا سلم من الصلاة مكث في مكانه هنيهة ، قال الراوي : كنا نُرى أنه إنما يفعل ذلك كي ينصرف النساء قبل الرجال ، فلا يختلطون في الطريق ، كل النساء انصرفوا بعد ذلك يقوم الرجال ، إذا كان الرسول عليه السلام قد شرع بأمر الله تبارك وتعالى من أعالي سماه هذا التشريع الدقيق في سبيل إبعاد الجنسين بعضهم عن البعض ، فماذا نقول نحن في الجامعات هذه وفي القرن الخامس عشر حيث لا توجد التربية الإسلامية ، فهذه التربية الإسلامية بلا شك لا يمكن أن تتصور بأكمل منها ، بأكمل مما كانت في عهد الرسول عليه السلام ، مع ذلك هو اتخذ هذه الذرائع كلها كي لا يقع مفسدة واحدة ، ومن الغرائب ما رواه الإمام أحمد وغيره في سبب نزول قوله تعالى :{ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} [الحجر: 24] ، نزلت هذه الآية في رجل من الصحابة كان يتقصد الصلاة في الصف الأخير ، لأنه كان يرى امرأة جميلة تصلي في الصف الأول ، فكان هو يحاول أن يختلس نظرة إذا ما سجد ـ نظر هكذا تحت إبطه ـ لعله يتمكن من رؤية تلك المرأة الحسناء الجميلة ، فانزل الله عز وجل هذه آية تربيةً وتذكيرا وأنه لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء فقال عز وجل {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين}، إذا كان هذا وقع في العهد الأنور وفي المكان الأطهر ، فماذا نقول اليوم فيما قد يقع ؟إن لم نقول قد وقع .([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887&st=0&p=672710#_ftn2))
ماذا نقول اليوم في الجامعات هذه التي لم تؤسس على تقوى من الله تبارك وتعالى ، حدث ولا حرج ، ولذلك فنحن نقول : لا يجوز الدخول في كل من الجنسين في طلب ذلك العلم الذي هو أحسن أحواله أن يكون فرض كفاية وليس فرض عين ، لا ننصح أحدا من الجنسين أن يطلب مثل هذا العلم في جامعة تقر الاختلاط بين الجنسين ، لا يجوز للشباب الدخول إليها ولا للشابات الانتماء إليها ، حتى ولو لم يوجد جامعة تتبنى حكم الله عز وجل في التفريق بين النساء والرجال ، فللنساء جامعة وللرجال جامعة ، هذا لا يوجد إلا في بعض البلاد الإسلامية ، بل لعل هي الوحيدة كما نسمع وما علمت ذلك إلا سمعا ، يوجد في السعودية جامعة خاصة بالفتيات منفصلة تماما عن الشبان ، ومن تمام حيطة الدولة السعودية في هذا المجال ، وهذا في الحق مما تشكر عليه ، أن الأستاذ المدرس للمادة لا يباشر الفتيات وجها للوجه وإن كن الفتيات في الغالب هناك يسدلن على وجههن ، مع ذلك الأستاذ المدرس والملقي لمادته هو لا يقف أمام الفتيات ، وإنما الفتيات يرونه من حيث هو لا يراهن ، أو بواسطة التلفاز ، فهو يلقي المحاضرة وتعرض هذه المحاضرة كما نشاهد نحن دائما وأبدا رجل يتكلم في القاهرة في مصر في السعودية ، فنراه يلقي نحن هنا ، كذلك الفتيات هناك لا يباشر المدرس إلقاء الدرس في نفس المكان الذي فيه النساء ،وإنما من وراء الجدر ، لكن النساء يرين الرجل المحاضر ، وهذا بلا شك ـ يعني ـ له تأثير من حيث اغتراف الكلام من فم الأستاذ مع وقوع البصر عليه ...)) ا.هـ
صاحب تفريغ وتحرير المادة : الفقير إلى الله بشير بن سلة الجزائري
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وبارك على رسوله وعلى آله وصحبه أجمعين
تنبيه : تعليقات الهامش مني من باب الفائدة والتوضيح ما في أصل المادة مما نبه عليه الشيخ رحمه الله
فقلت :
([1]) ولهذا تجد الآن الغرب الكافر يحارب الاختلاط ويسعى إلى الفصل بين الرجال والنساء في شتى المجالات الحياتية ، وهذا بخلاف بني جلدتنا ممن انخدع بترهات القوم ومخططاتهم ، فهو يتحايل ويتكلف لتجويز وتسويغ الاختلاط بشتى الحيل الواهية باسم العلم والمصلحة والضرورة وهلم جرا
قال الشيخ محمد بن عبدالله الإمام ـ حفظه الله ـ في كتابه القيم
(المؤامرة الكبرى على المرأة المسلمة) (ص 416 ـ ) :
(( زعماء وقادة الغرب يعلنون محاربتهم للاختلاط ...
قال رئيس أمريكا الأسبق كندي: إن مستقبل أمريكا في خطر؛ لأن شبابها ضائع, منحل, غارق في الشهوات, لا يقدر على المسؤولية الملقاة على عاتقه, وإنه من بين كل سبعة شباب يتقدمون للتجنيد يوجد ستة غير صالحين, لأن الشهوات التي غرقوا فيها أفسدت لياقتهم الطبية والنفسية".
ويقول صاحب كتاب (الثورة الجنسية): "إن أطنانا من القنابل الجنسية تتفجر كل يوم, ويزيدون عليها آثارا يدعو إلى القلق.
فلا تجعل أطفالنا أن لا أخلاقية فحسب, بل شوهت مجتمعا بأسره, وهذا (هتلر) يعطي الجوائز في آخر أيامه للمرأة التي تعود إلى بيتها وتترك العمل خارج البيت.
وقال الفيلسوف (برتراندرسل): "إن الأسرة انحلت باستخدام المرأة في الأعمال العامة, وأظهر الاختبار أن المرأة تتمرد على تقاليد الأخلاق, وتأبى أن تظل لرجل واحد إذا تحررت اقتصاديا".
بعض العاقلات من النساء الغربيات يرفضن الاختلاط
تقول (لاغوس بيكل): "إن البلاء كل البلاء خروج المرأة عن بيتها إلى التماس أعمال الرجال, وعلى إثرها يكثر الشاردات عن أهلهن واللقطاء من الأولاد غير الشرعيين فيصبحون كلا وعالة وعارا على المجتمع, فإن مزاحمة المرأة للرجال ستحل بنا الدمار.
وقالت كاتبة أخرى: "لأن يشتغل بناتنا في البيوت خير وأخف بلاء من استعمالهن في المعامل, حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد, ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين؛ فيها الحشمة والعفاف, إنه لعار على بلاد ألا تكبر من أن تحصل بناتها مثلا للرذائل بكثرة مخالطة الرجال, فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعلنا نعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت, وترك أعمال الرجال للرجال وسلامة لشرفها".
وقالت الكاتبة (لاوين كول): "إن الاختلاط يألفه الرجال, ولا تألفه النساء, وقد جمعت المرأة فيه بما يخالف فطرتها, وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة الزنا, وهذا البلاء العظيم على المرأة, فالرجل الذي علقت به يتركها وشأنها, وتتقلب على مضجع الفاحشة والعناء, تذوق أمر الذل والمهانة والاضطهاد: من الحمل وثقله والوحم...
أما آن لنا أن نبحث عما يخفف إذا لم نقل عما يزيل هذه المصائب العائدة بالعار على المدنية الغربية؟.
يا أيها الوالدان؛ لا يغركما بعض الدريهمات تكسبهما بناتكما باشتغالهن في المعامل ومصيرهن إلى ما ذكرنا, علموهن الابتعاد عن الرجال, أخبروهن بالكيد الكامن لهن بالمرصاد. نقلا عن كتاب "المرأة المسلمة" ص (68-69).
جرى استفتاء عام في أمريكا في جميع الأوساط, ونشر الاستفتاء الخلاصة الآتية:
"إن المرأة متعبة الآن, ويفضل 60% من نساء أمريكا العودة إلى منازلهن, كانت المرأة تتوهم أنها بلغت قمة العمل, أما اليوم, وقد أدمت عثرات الطريق قدمها واستحرقت الجهود فؤادها؛ فإنها تود الرجوع إلى عشها والتفرغ لاحتضان أفراخها". نقلا عن كتاب "فتاة الشرق".....
في الغرب تعقد المؤتمرات لحل قضية اختلاط النساء بالرجال
قال صاحب كتاب "المرأة بين الفقه والقانون" ص (255-256): فقد اجتمع أعضاء الكونغرس الأمريكي لمناقشة موضوع منع الأم التي لديها أطفال من الاشتغال, مهما كلف ذلك, قال عضو منهم في تبريره للمنع: إن اشتغال الأمهات يسبب مشكلات اجتماعية واقتصادية لا حصر لها, وقال آخر: إن الله عندما منح المرأة ميزة الإنجاب لم يطالب منها أن تتركهم لتعمل خارج البيت, بل جعل مهمتها في البقاء في المنزل لرعاية الأطفال. وقال آخر: إن المرأة تستطيع أن تخدم الدولة حقا, إذا بقيت في البيت الذي هو كيان الأسرة. وقال آخر: إنه لمن الواجب اتخاذ قرار سريع يمنح المرأة التي لديها أطفال دون الثامنة من العمل. وقال آخر: المرأة كالفيتامين, إذا حرم الأولاد منها مرضوا وماتوا.
مجلس العموم البريطاني يحارب الاختلاط
في كتاب "المرأة بين الفقه والقانون" ص (256): (تحدثت الحملات في إنجلترا على المرأة العاملة, فلقد تقدم بعض الأعضاء في مجلس العموم البريطاني واقترحوا عدم قبول المرأة المتبرجة للعمل إلا بعد الاكتفاء بالرجال أولا؛ لأن توظيف النساء أدى إلى بطالة قسم كبير من الرجال)... ))
([2]) بل وقع ما يندى له الجبين ، إذ أصبحت هذه الجامعات أوكار الزنا ومحطات العشق والجنس والتلاعب بين الجنسين والفواحش المستقبحة ، من غير الوازع يمنع من ذلك ويزجر أصحاب هذه الفواحش ، وقد شجع على ذلك تلك الفتوى الهجينة التي تدعو إلى الاختلاط باسم الثقافة والمدنية وطلب الشهادة والدكتورة والمصلحة والضرورة ووو ... والله المستعان على غربة العدالة والمروءة والنزاهة والعفة عند القوم ، بل المحافظة على حدود الله تعالى وتعظيم شأنها
قال الشيخ محمد بن عبدالله الإمام في (المؤامرة الكبرى على المرأة المسلمة)
(( وقد جاءت ثمار الاختلاط ومساوئه المرة المدمرة الملحقة بالمجتمع الخزي والعار والشنار ،
وإليك تفاصيل لأنواع الاختلاط:
1- الاختلاط في التعليم, ولنأخذ العبر مما جرى فيه مما يندى له الجبين.
وهاأنا أذكر لك حوادث, الموت أهون منها, وقع فيها بعض أبناء وبنات المسلمين, والتعليم المختلط إنما هو التضحية بالأنفس الطاهرة من شباب وشابات, والإلقاء بهم فيما يدنس حياتهم ويهدم مستقبلهم ويحط قدرهم؛ فيعيشون مستذلين غير مكرمين ومحتقرين غير معظمين, فإن الشرف لا يماثله شيء في هذه الدنيا, فاحفظه حفظك الله, ودفع عنك كل سوء ومكروه.
وإليك بعض الحوادث:..
ذكر صاحب كتاب "العفة…" ص (67) قال: (وقد اعترفت إحدى طبيبات الغرب –وتدعى ماربون- فقالت: وإني أعتقد أنه ليس في الإمكان قيام علاقة بريئة من الشهوة بين رجل وامرأة… التقى أحدهما بالآخر أوقاتا طويلة, وكنت أسأل بعضهم ممن يتسمن بالذكاء: كيف يمكن أن يحدث ذلك؟! (أي الوقوع في الفاحشة) فكانت الفتاة تجيب قائلة: (لم أستطع أن أضبط نفسي)!
ليت الآباء والأمهات والأخوة والأخوات يعلمون هذا, حيث أنهم يعتمدون على تحذير الفتاة من المصاحبة لفلان وعلان, وقد سمحوا بالاختلاط بهم, ولا يدركون أنهم يقدمونها إليه, وهذا تناقض عجيب من هؤلاء الآباء والأمهات ومن أمثالهم, أيضا لا تنس أن من النساء والبنات من يتظاهرن بالسمع والطاعة عند الأولياء, فإذا فلتن من أيديهم لم يلقين أي بال حتى لهذا التحذير, بل بعضهن ترفض الالتزام بالحجاب وترمي أولياءها بالتخلف والجمود.
ونقول لهؤلاء: عزوا أنفسكم فإن ما تنطق به المرأة منكم إنما سببه القبول لمبادئ ملاحدة الغرب والشرق.
وفي كتاب "المرأة: ماذا بعد السقوط" ص (77) فتاة جامعية, تقول: (أنا فتاة أبلغ من العمر التاسعة عشرة في السنة الأولى في الجامعة, ولدي صديق اعتدت أن أراه في ذهابي وعند رجوعي من الجامعة في كل مرة يبادرني التحية, تصادف أن التقينا في مكان عام وشعرت منه بالحياء, تعاهدنا على الزواج, ثم تقدم لخطبتي, وعشت أياما, وفي ذات يوم حدث بيني وبينه لقاء؛ فقدت فيه عذريتي, ووعدني أن يسرع بالزواج, وبعد عدة شهور من لقائنا اختفى من حياتي وأرسل والدته تنهي الخطوبة, ولتنهي معها حياتي كلها, فالحزن لا يفارق عيني, فكيف أنسى ما أصابني من الذي أعطيته كل شيء, وجعلني لا أساوي شيئا).
حادثة أخرى:
وهذه امرأة -وأمثالها كثير- تضحّي بشرفها لتحصل على الشهادة, تقول إحدى الدارسات الحاصلات على درجة الدكتوراة! في علم النفس: "إن رئيسها المباشر في الجامعة ابتدأ في معاكستها وهي لا تستطيع أن ترفض طلبه, لأن مستقبلها الدراسي وقبول حصولها على الدكتوراة بين يديه, وهي لا يمكن أن تضحي بمستقبلها, فرضخت", تقول: "ولولا رضوخي لما كانت هناك امرأة في هذه الدرجة العلمية!!, واستمرت علاقتها معه عامين, حتى أتمت دراستها, وحصلت على درجتها, فقطعت العلاقة الجنسية (أي الزنا) معه, وأنها لم تكن تستطيع الحصول على الشهادة العليا إلا بذلك". نقلا عن كتاب "عمل المرأة في الميزان" للدكتور البار...
والتعليم القائم اليوم على اختلاط النساء بالرجال, في المدارس والجامعات والكليات, وما إليها؛ بعيد كل البعد عن الضوابط الشرعية (التي ذكرناها في أثناء هذا الكتاب), وما دام هذا التعليم من أوله ومن أساسه قائما على الانحرافات؛ فهل يمكن أن تكون نتائجه طيبة؟! ..
لقد رأينا التعليم الحالي إنما هو انحطاط وانحراف, ولو لم يكن فيه إلا أسباب الفجور؛ لكفى بها انحرافا.))

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
26-Jul-2013, 06:09 PM
جزاك الله خيرا

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
28-Jul-2013, 07:42 AM
جزاك الله خيرا أخي الكريم مصطفى على مرورك

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
28-Jul-2013, 07:44 AM
قول الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ :(( إذا كان الاختلاط بين الجنسين محرماً ـ وهو كذلك ـ، فأي شيء يترتب عليه فهو محرم ))


هذا يهدم قواعد وأركان قولهم لابد للرجل من أن يرتاد أماكن العمل لتحصيل رزقه ولقمة عيشه ، ولو مع مواقعة الاختلاط ، ومن باب زيادة التوضيح والكشف لهذه العلة العليلة ، انقل ما جاء في كتابي

( تبصير شباب الأمة إلى أن الدراسة في الاختلاط محرمة بسبب ما تفضي إليه من المفاسد المحرمة) أعان الله تعالى على إتمامه وإخراجه بحلته الجديدة مع إضافات وتغييرات وإصلاحات عديدة

قلت في ( ص 24 ـ 34) :

إن الله تعالى لم يجعل طلب رزقه في معصيته ومواقعة محارمه ومن ظن هذا، فقد ظن بالله ظن السوء ، كيف لا، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :"أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم "([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn1))

قال العلامة الزرقاني ـ رحمه الله ـ في كتابه (شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك)(4/ 312)

(( هذا الحديث جاء من وجوه حسان عن جابر وأبي حميد الساعدي وابن مسعود وأبي أمامة وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم ، " إن أحدا لن يموت حتى يستكمل رزقه " الذي كتب له الملك وهو في بطن أمه ، فلا وجه للوله والكد والتعب والحرص ، فإنه سبحانه قسم الرزق وقدره لكل أحد بحسب إرادته لا يتقدم ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص بحسب علمه تعالى القديم الأزلي { نحن قسمنا بينهم معيشتهم }([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn2) )، فلا يعارضه ما ورد الصبحة تمنع الرزق ، والكذب ينقص الرزق ، وأن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه وغير ذلك مما في معناه ، أو أن الذي يمنعه وينقصه هو الرزق الحلال أو البركة لا أصل الرزق ... " فأجملوا في الطلب": بأن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة بلا كد ولا حرص ولا تهافت على الحرام والشبهات أو غير منكبين عليه مشتغلين عن الخالق الرازق به ، أو بأن لا تعينوا وقتا ولا قدرا لأنه تحكم على الله أو اطلبوا ما فيه رضا الله لا حظوظ الدنيا أو لا تستعجلوا الإجابة)) ا.هـ

أسباب طلب الرزق الحلال وبيان الطرق الشرعية لتحصيله

إن لرزق أسباب أدق من أن يدرك الناس حكمتها وأسرارها، إن في الناس طلاب رزق لا ينالون خبزهم ولا خبز عيالهم إلا من قاع البحار اللجية، يغشاها موجٌ من فوقه موج، وآخرون طيارون رزقهم فوق السحاب يبتغونه صعداً في أعالي السماء، ومن بين هؤلاء وهؤلاء عمال المناجم والأنفاق، ينقبون الحجارة ويفجرون الصخور، لا يرون ضوء الشمس ولا بياض النهار، ومن دون هؤلاء وأولئك من يأتيه رزقه عند بابه، ليس في رءوس الجبال ولا في أعماق البحار

{ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[الزخرف:32].([3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn3))

إن من أعظم أسباب طلب الرزق وتحصيله وسعته :

أولا : تقوى الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، قال تعالى:{ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}{الطلاق:2، 3}.

قال الإمام عبد الرحمن بن ناصر السعدي ـ رحمه الله ـ في " القاعدة الثامنة عشرة "

من (القواعد الحسان في تفسير القرآن)(ص 49) : (( وكذلك يذكر أسباب الرزق، وأنها لزوم طاعة الله ورسوله، والسعي الجميل في مناكب الأرض مع لزوم التقوى كقوله تعالى:{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[الطلاق:2،3] وانتظار الفرج والرزق كقوله تعالى: { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً }[الطلاق: 7] وكثرة الذكر والاستغفار: { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ }[هود: 3] ،{ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً } [نوح:10،11] فأخبر أن الاستغفار سبب يُستجلب به مغفرة الله ورزقه وخيره، وضد ذلك سبب للفقر والتيسير للعسرى) ) ا.هـ ([4] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn4) )

قلت (بشير) : إن التعليم والتدريس في المدارس المختلطة ، والتكسب في غيرها من المهن الاختلاطية يناقض هذه الوسيلة الشرعية ، و هذا الخلق الإسلامي العظيم الشريف الذي حقيقته " العمل بطاعة الله إيماناً واحتساباً، أمراً ونهياً، فيفعل ما أمر الله به إيمانا بالأمر وتصديقا بوعده، ويترك ما نهى الله عنه إيماناً بالنهي وخوفاً من وعيده، كما قال طلق بن حبيب:(( إذا وقعت الفتنة فاطفئوها بالتقوى ، قالوا: وما التقوى؟ قال: أن تعمل بطاعة الله على نورمن الله ترجوا ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله )).([5] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn5))

قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في (الرسالة التبوكية )(ص45) عند قول طلق بن حبيب هذا :

((وهذا أحسن ما قيل في حد التقوى.))

وقال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ في شأنه في ( السير)(4/ 601)

(( قُلْتُ: أَبْدَعَ وَأَوْجَزَ، فَلاَ تَقْوَى إِلاَّ بِعَمَلٍ، وَلاَ عَمَلَ إِلاَّ بِتَرَوٍّ مِنَ العِلْمِ وَالاتِّبَاعِ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالإِخْلاَصِ للهِ، لاَ لِيُقَالَ: فُلاَنٌ تَارِكٌ لِلْمَعَاصِي بِنُوْرِ الفِقْهِ، إِذِ المَعَاصِي يَفْتَقِرُ اجْتِنَابُهَا إِلَى مَعْرِفَتِهَا، وَيَكُوْنُ التَّرْكُ خَوْفاً مِنَ اللهِ، لاَ لِيُمْدَحَ بِتَرْكِهَا، فَمَنْ دَاوَمَ عَلَى هَذِهِ الوَصِيَّةِ، فَقَدْ فَازَ.))

فلا يغتر أهل الاختلاط بذلك العمل الاختلاطي ، وإن لبسوه ألف اللباس من الحيل الشيطانية الباطلة والتقعيدات العاطلة على تجويزه وتسويغه وتسليكه في المجتمعات الإسلامية، وما أمواله التي يتقاضونها منه،إن هي إلا أموال اكتسبت بمعصية الله تعالى .


قال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ في ( سلسلة الهدى والنور )( ش 270/ د34) ، لما سئل السؤال التالي : ما هو حكم التعليم والتعلم في المدارس المختلطة ؟ فإن كان يحرم فما حكم من ماله من أجرة التعليم في هذه المدارس ، وهل عدم وجود المدارس غير مختلطة يعد عذراً شرعياً لدخولها ؟

فأجاب ـ رحمه الله ـ :

الجواب : قال عليه السلام «إن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه».

قد يتساءل ما علاقة الحديث بالسؤال؟

العلاقة واضحة قوله عليه السلام: «إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه» ذلك لأن بيعه يؤدي إلى أكله ومن باب سد الذريعة لما حرم أكله حرم بيعه ولذلك من الأمثلة على معنى هذا الحديث:

الحديث المشهور: «لعن الله في الخمرة عشرة أولهم شاربها ثم ساقيها ثم مستقيها ثم عاصرها ثم معتصرها ... » إلخ , لماذا لُعن التسعة؟

لكي لا يكون الأول وهو "الشارب" ، فإذاً هناك ارتباط بين الغاية وبين الوسيلة فإذا كان الاختلاط بين الجنسين محرماً ـ وهو كذلك ـ، فأي شيء يترتب عليه فهو محرم وبخاصة إذا كان هذا الشيء المترتب على هذا الاختلاط المحرم هو ليس في نفسه فرض عين وإنما هو فرض كفاية.)) ا.هـ

ثانيا : من أعظم وأهم الأسباب لتحصيل الكسب الحلال : التوكل على الله، قال الله تعالى :{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }[الطلاق:3]

قال العلامة السعدي في (تيسير الكريم الرحمن )(ص 869) : (( قوله { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } أي : يسوق الله الرزق للمتقي، من وجه لا يحتسبه ولا يشعر به ، { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ } أي: في أمر دينه ودنياه، بأن يعتمد على الله في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ويثق به في تسهيل ذلك { فَهُوَ حَسْبُهُ } أي : كافيه الأمر الذي توكل عليه به ، وإذا كان الأمر في كفالة الغني القوي [العزيز] الرحيم ، فهو أقرب إلى العبد من كل شيء )) ا.هـ

وأخرج أحمد ( 1 / 30 ) و الترمذي ( 2 / 55 ـ بولاق ) والحاكم ( 4 / 318 ) من طريق أبي تميم الجيشاني أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : إنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول :" لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا" صحيح على شرط مسلم ([6] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn6) )

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في (مجموع الفتاوى)(10/ 662)

(( أَمَّا أَرْجَحُ الْمَكَاسِبِ: فَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ وَالثِّقَةُ بِكِفَايَتِهِ وَحُسْنُ الظَّنِّ بِهِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُهْتَمِّ بِأَمْرِ الرِّزْقِ أَنْ يَلْجَأَ فِيهِ إلَى اللَّهِ وَيَدْعُوَهُ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ فِيمَا يَأْثُرُ عَنْهُ نَبِيُّهُ: {كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَنْ أَطْعَمْته فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ. يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَنْ كَسَوْته فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ} وَفِيمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى شِسْعَ نَعْلِهِ إذَا انْقَطَعَ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يُيَسِّرْهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ} . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} وَقَالَ سُبْحَانَهُ. {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي الْجُمْعَةِ فَمَعْنَاهُ قَائِمٌ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ. وَلِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَم {أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك وَإِذَا خَرَجَ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك} وَقَدْ قَالَ الْخَلِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ وَهَذَا أَمْرٌ وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ فَالِاسْتِعَانَةُ بِاَللَّهِ وَاللَّجَأُ إلَيْهِ فِي أَمْرِ الرِّزْقِ وَغَيْرِهِ أَصْلٌ عَظِيمٌ.))

ثالثا : كثرة الاستغفار، والمداومة عليه ، فإنه من الوسائل اللطيفة والأسباب الشريفة لتحصيل الرزق الحلال ، واعطاء الأولاد والأموال ، قال الله تعالى: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}[نوح : 10-12] .

جاء في الأثر عن الحسن البصري رحمه الله: (( أنَّ رجلاً شكى إليه الجدبَ، فقال: اسْتَغْفِرِ الله، وشكى إليه آخر الفقرَ، فقال: اسْتَغْفِرِ الله، وشكى إليه آخر جفاف بُستانه، فقال: اسْتَغْفِرِ الله، وشكى إليه آخر عدم الولد، فقال: اسْتَغْفِرِ الله، ثمَّ تلا عليهم قول الله تعالى عن نوح عليه السلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنَينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَكُمْ أَنْهَارًا} ))

قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره (4 /434) عند تفسير هذه الآية :(( أي إذا تُبتُم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه، كثر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع، وأدر لكم الضرع، وأمدَّكم بأموال وبنين، أي: أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جنَّات فيها أنواع الثمار، وخللها بالأنهار الجارية بينها )) ([7] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn7))

رابعا : ومن أسبابه أيضا : المداومة على طاعة الله تعالى والانشغال بعبادته، قال تعالى:{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } [الذاريات:56-58].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى)(10/ 663)

(( ... يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ لِيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ وَلَا يَأْخُذُهُ بِإِشْرَافِ وَهَلَعٍ؛ بَلْ يَكُونُ الْمَالُ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَلَاءِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْقَلْبِ مَكَانَةٌ وَالسَّعْيُ فِيهِ إذَا سَعَى كَإِصْلَاحِ الْخَلَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ: {مَنْ أَصْبَحَ وَالدُّنْيَا أَكْبَرُ هَمِّهِ شَتَّتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إلَّا مَا كُتِبَ لَهُ. وَمَنْ أَصْبَحَ وَالْآخِرَةُ أَكْبَرُ هَمِّهِ جَمَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ؟ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ} .([8] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn8))

وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: أَنْتَ مُحْتَاجٌ إلَى الدُّنْيَا وَأَنْتَ إلَى نَصِيبِك مِنْ الْآخِرَةِ أَحْوَجُ فَإِنْ بَدَأْت بِنَصِيبِك مِنْ الْآخِرَةِ مَرَّ عَلَى نَصِيبِك مِنْ الدُّنْيَا فَانْتَظَمَهُ انْتِظَامًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ ، مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ، إنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} .)) ا.هـ

خامسا : من أسباب تحصيل الرزق الحلال وتوسيعته وبقاء ذكر صاحبه ، صلة الرحم وتفقد أحوالها والتوسيع عليها ، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَره فَليصل رَحمَه» . مُتَّفق عَلَيْهِ

قال الإمام السعدي في ( بهجة قلوب الأبرار)(ص372 ـ 373) عند شرح الحديث هذا

(( قد جعل الله لكل مطلوب سبباً وطريقاً يُنال به ، وهذا جار على الأصل الكبير، وأنه من حكمته وحمده، جعل الجزاء من جنس العمل، فكما وصل رحمه بالبر والإحسان المتنوع، وأدخل على قلوبهم السرور، وصل الله عمره، ووصل رزق، وفتح له من أبواب الرزق وبركاته، ما لا يحصل له بدون هذا السبب الجليل.

وكما أن الصحة وطيب الهواء وطيب الغذاء، واستعمال الأمور المقوية للأبدان والقلوب، من أسباب طول العمر. فكذلك صلة الرحم جعلها الله سبباً ربانياً، فإن الأسباب التي تحصل بها المحبوبات الدنيوية قسمان:

أمور محسوسة، تدخل في إدراك الحواس، ومدارك العقول.

وأمور ربانية إلهية قَدَّرها مَنْ هو على كل شيء قدير، ومَنْ جميع الأسباب وأمور العالم منقادة لمشيئته، ومَنْ تكفل بالكفاية للمتوكلين، ووعد بالرزق والخروج من المضائق للمتقين ، قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 2-3] . وإذا كان النبي صلّى الله عليه وسلم يقول: "ما نقصت صدقة من مال"([9] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn9)) ، بل تزيده. فكيف بالصدقة والهدية على أقاربه وأرحامه؟))

سادسا: الإنفاق في طرق الخير والصدقة في سبيل الله ، والبعد عن كل ما حرمه الله من التعامل بالمعاملات المحرمة ، وتعاطي المهن المحرمة ، والإغتذاء بالحرام ، وكذا المشرب والملبس ، التي هي من موانع استجابة الدعاء ، الذي هو أرجح المكاسب ومفتاح استجابة المطالب ، وبه تدفع وترفع المصائب .

فعن أبي هريرةـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان إلى السماء، فيقول الأول: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً ".متفق عليه

أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا. وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

قال الإمام السعدي في (بهجة قلوب الأبرار)(ص188)

(( الصدقة لا تنقص المال؛ لأنه لو فرض أنه نقص من جهة، فقد زاد من جهات أُخر؛ فإن الصدقة تبارك المال، وتدفع عنه الآفات وتنميه، وتفتح للمتصدق من أبواب الرزق وأسباب الزيادة أموراً ما تفتح على غيره. فهل يقابل ذلك النقص بعض هذه الثمرات الجليلة؟

فالصدقة لله التي في محلها لا تنفد المال قطعاً، ولا تنقصه بنص النبي صلّى الله عليه وسلم، وبالمشاهدات والتجربات المعلومة. هذا كله سوى ما لصاحبها عند الله: من الثواب الجزيل، والخير والرفعة.))

سابعا : الدعاء،والتضرع والافتقار إلى الله سبحانه وتعالى والانكسار بين يديه ، فهذا أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى ، لطلب رزقه وقضاء حاجاته وتفريج كرباته .

قال الله تعالى : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [البقرة:186].

أخرج الترمذي ( 4 / 276 ) ، و الحاكم ( 1 / 538 ) ، و أحمد ( 1 / 153 ) عن عبدالرحمن بن إسحاق القرشي عن سيار أبي الحكم عن أبي وائل قال : أتى عليا رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين إني عجزت عن مكاتبتي فأعني ، فقال علي رضي الله عنه :" ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صير دنانير لأداه الله عنك ؟

قلت : بلى ، قال : قل : اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك ". ([10] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn10) )

وعَنْ أبي ذَرٍّ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يَروي عَنْ ربِّه - عز وجل - أنَّه قالَ: "يا عِبادي كُلُّكُم ضَالٌّ إلاَّ مَنْ هَديتُهُ فاستهدُوني أهدِكُم، يا عبادي كُلُّكُم جَائِعٌ إلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فاستطعموني أُطعِمْكُم، يا عِبادي كُلُّكُم عَارٍ إلاَّ مَنْ كَسوتُهُ، فاستَكْسونِي أكسكُمْ، يا عِبادي إنَّكُم تُخْطِئونَ باللَّيلِ والنَّهار، وأنَا أَغْفِرُ الذُّنوبَ جَميعاً، فاستَغفِروني أغفر لكُمْ ". رواهُ مسلمٌ

قال الإمام ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ في (جامع العلوم والحكم )(ص 233 ـ 234)

(( هذا يقتضي أنَّ جميعَ الخلق مُفتقرون إلى الله تعالى في جلب مصالحهم، ودفع مضارِّهم في أمور دينهم ودُنياهم، وإنَّ العباد لا يملِكُون لأنفسهم شيئاً مِنْ ذلك كلِّه، وَمَنْ لَمْ يَتَفَضَّلِ اللَّهُ عَلَيْهِ بِمَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِ أَوْبَقَتْهُ خَطَايَاهُ فِي الْآخِرَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا}[الْكَهْفِ: 17]، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ، وَقَالَ تَعَالَى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ}[فَاطِرٍ: 2]، وَقَالَ {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذَّارِيَاتِ: 58] ، وَقَالَ: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ} [العنكبوت: 17]،

وَقَالَ: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هُودٍ: 6] . وَقَالَ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ آدَمَ وَزَوْجِهِ أَنَّهُمَا قَالَا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23]، وَعَنْ نُوحٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47]. وَقَدِ اسْتَدَلَّ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَفَرُّدِ اللَّهِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى أَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَأَنَّ كُلَّ مَا أَشْرَكَ مَعَهُ فَبَاطِلٌ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ - أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ - فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ - الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ - وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ - وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ - وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ - وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 75 - 82]،فَإِنَّ مَنْ تَفَرَّدَ بِخَلْقِ الْعَبْدِ وَبِهِدَايَتِهِ وَبِرِزْقِهِ وَإِحْيَائِهِ وَإِمَاتَتِهِ فِي الدُّنْيَا، وَبِمَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِ فِي الْآخِرَةِ، مُسْتَحِقٌّ أَنْ يُفْرَدَ بِالْإِلَهِيَّةِ وَالْعِبَادَةِ وَالسُّؤَالِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَيْهِ وَالِاسْتِكَانَةِ لَهُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الرُّومِ: 40] .

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَسْأَلَهُ الْعِبَادُ جَمِيعَ مَصَالِحِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْكُسْوَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا يَسْأَلُونَهُ الْهِدَايَةَ وَالْمَغْفِرَةَ، وَفِي الْحَدِيثِ: "لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ".

وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَسْأَلُ اللَّهَ فِي صَلَاتِهِ كُلَّ حَوَائِجِهِ حَتَّى مِلْحَ عَجِينِهِ وَعَلَفَ شَاتِهِ....

فَإِنَّ كُلَّ مَا يَحْتَاجُ الْعَبْدُ إِلَيْهِ إِذَا سَأَلَهُ مِنَ اللَّهِ فَقَدْ أَظْهَرَ حَاجَتَهُ فِيهِ، وَافْتِقَارَهُ إِلَى اللَّهِ، وَذَاكَ يُحِبُّهُ اللَّهُ، وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ أَنْ يَسْأَلَهُ شَيْئًا مِنْ مَصَالِحِ الدُّنْيَا، وَالِاقْتِدَاءُ بِالسُّنَّةِ أَوْلَى.)) ا.هـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى)(10/ 182)

(( فَالْعَبْدُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ رِزْقٍ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ فَإِذَا طَلَبَ رِزْقَهُ مِنْ اللَّهِ صَارَ عَبْدًا لِلَّهِ فَقِيرًا إلَيْهِ وَإِنْ طَلَبَهُ مِنْ مَخْلُوقٍ صَارَ عَبْدًا لِذَلِكَ الْمَخْلُوقِ فَقِيرًا إلَيْهِ. وَلِهَذَا كَانَتْ " مَسْأَلَةُ الْمَخْلُوقِ " مُحَرَّمَةً )[11] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn11) (فِي الْأَصْلِ وَإِنَّمَا أُبِيحَتْ لِلضَّرُورَةِ وَفِي النَّهْيِ عَنْهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ))

فالقارئ الحصيف إذا تأمل في هذه الأسباب الشرعية ، والمطالب المرعية ، التي هي سبب في تحصيل الارزاق المرضية ، يجد أن بينها صلة وثيقة ، منبهة على سمو التشريع الإلهي وما يحتوي عليه من الحكم الدقيقة ، واللطائف الانيقة ، التي جهلها المتمجهدة المتفيهقة ، ولم يحوموا حول معانيها العتيقة ، إذ حال بينهم وبين فهمها واستخراج كنوزها العميقة ، ما هم فيه من الانصهار والذوبان مع مخططات اليهود والنصارى التي سيطرت على ثقافات الشعوب وغزت مجالاتهم الحياتية ، فضعفوا على مواجهتها ،ومقاومة فسادها ، فما كان منهم والحالة هذه إلا الركون والاستسلام لها ومسايرتها ومصانعتها .

وإلا فمدار هذه الصلة ، وقطب رحاها و محورها ، يرجع إلى تقوى الله تعالى ، فبتحقيقها وتكميلها والمحافظة عليها ، تثمر تلك الأسباب ثمارا طيبة ومذاقا حلوة ، وليس أضر عليها ، ويحول بينها وبين إدراكها وتحصيلها وتحقيقها على أرضية الواقع وتكميلها ، من مثل ارتكاب معاصي الله تعالى ومواقعة ما نهى عنه ، كما هو شأن مواقعة الاختلاط وتوسيع طرقه بالتنظير والتقعيد له بتلك الحجج الضعيفة والعلل الواهية ، وإن كثر أصوات أهله وكثر تحركهم ، فمآل أمره الاضمحلال والتلاشي ولا خير في مراكزه وأهله ، ولا بركة في أعماله ، لما قد تقرر في الشريعة الحكيمة ، من أن "الْعَمَلَ الْيَسِيرَ الْمُوَافِقَ لِمَرْضَاةِ الرَّبِّ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ إِذَا خَلا عَنْ ذَلِكَ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ .

وَلِهَذَا قَالَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: (( إِنَّ اقْتِصَادًا فِي سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ خَيْرٌ مِنَ اجْتِهَادٍ فِي خِلافِ سَبِيلٍ وَبِدْعَةٍ))

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} وَقَالَ: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} وقال {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} فهو سبحانه وتعالى إنما خلق السموات والأرض والموت والحياة وزين الأرض بما عليها ليبلو عباده أيهم أحسن عملا لا أَكْثَرُ عَمَلا.

وَالْعَمَلُ الأَحْسَنُ : هُوَ الأَخْلَصُ وَالأَصْوَبُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَرْضَاتِهِ وَمَحَبَّتِهِ دُونَ الأَكْثَرِ الْخَالِي مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ بِالأَرْضَى لَهُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلا دُونَ الأَكْثَرِ الَّذِي لا يُرْضِيهِ وَالأَكْثَرُ الَّذِي غَيْرُهُ أَرْضَى لَهُ مِنْهُ "([12] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn12))

والتاريخ والواقع شاهد بهذه الحقيقة العلمية السنية ، فمن قلب نظره في تلك المدارس والمراكز الاختلاطية لا يجد أنها خرجت علماء وأئمة ، بخلاف المراكز والمعاقل السنية يجد أنها خرجت أئمة جهابذة ومشايخ الإسلام ، كما هو شأن دعوة الإمامين ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب رحمهما الله .

قال العلامة ربيع المدخلي ـ حفظه الله تعالى ـ :(( أَيُّ دِينٍ هَذَا الذي تَبْغِي أَنْ تَـتَـعَلَّمَهُ يَا أَخِي!

أَيُّ عِلْم تَبْغِي تَطْلُب! يَبْحَثُونَ عَنْ عُلَمَـاء، يُعَلِّمُونَـهُمْ في الـمَسَاجِدِ ...، يُغْنِـيـهِم الله عَزَّ وَجَلَّ.

الآن الـمَدَارِس السَّلَفِيَّـة في اليَمَن لاَ يُرِيدُونَ شَهَادَات، يُرِيدُونَ العِلْمَ بَسْ، يُرِيدُونَ العِلْمَ وَالعَمَلَ، فَفَتَحَ الله عَلَيْهِم، طُلاَّبُهُمْ كَـثِـيـر، وَأَعْدَادُهُمْ كَثِـيـرَة وَتَـتَـزَايَد، وَإِلى آخِرِه، مُسْتَـغْـنُون عَنِ الشَّهَادَةِ وَعَنِ الكَلام الفَارِغ، فَلـيَـبْحَـثُوا عن عُلَمَـاء ...، وَهَكَذَا، وَفِيه هُنَاك طُلاَّب، بَعض خِرِّيـجِي الجامعة يَفْتَحُونَ دُرُوسَهُمْ للشَّبَابِ في المدارس، يُعَلِّمُونَهُم عِلْمَ السَّلَفِ، كِتَابَ الله، وَسُنَّةَ الرَّسُولِ، وَالعَقَائِد، وَالفَرَائِض، وَالفِقْهَ، وَإِلى آخِرِهِ، وَالتَّفْسِيرَ، وَيُعَلِّمُونَهُم هَذِه الأُمُورَ، وَيَطْلَع في أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ عُلَمَـاء أَحْسَن مِنْ خِرِّيـجِي الـجَامِعَة، بَارَك الله فِيكُم، يَعْنِي لا يَـجِدُ العِلْمَ إِلاَّ عَنْ طَرِيقِ هَذِهِ الـجَامِعَة؟!)) ([13] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn13))

يا معشر أهل الإسلام ـ حاكمكم ومحكومكم اعانكم الله على القيام بحقوقه والمحافظة عليها ـ تعالوا لنضع أيدينا على آلام الجرح ونعالجه ، لا أن نتغافل عنه ، ونضحك على أنفسنا بأن على خير ، حتى ينزف دم الجرح وتقف نبضات قلب صاحبه الأخيرة ، وحينها لا ينفع الندم ، " فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه "

([1]) (صحيح ابن ماجة)(2 / 6)

([2]) [ الزخرف :32]

( [3]) منقول من( دروس للشيخ صالح بن حميد)

[4] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftnref4) الكتاب : القواعد الحسان في تفسير القرآن

([5]) (الرسالة التبوكية )(ص43 ـ 44) للإمام ابن القيم رحمه الله

([6]) (السلسلة الصحيحة)(2 / 620 )

([7]) انظر إلى كتاب (فقه الأدعية والأذكار)(2/ 502)

([8]) اللفظ عند الترمذي (4/ 642): «مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ»

قال الإمام الألباني في ( السلسلة الصحيحة )(2/ 633)

(( أخرجه الترمذي (2 / 76) عن الربيع بن صبيح عن يزيد بن أبان وهو الرقاشي عن

أنس مرفوعا. وسكت عنه الترمذي، وهو إسناد ضعيف لكنه حسن في المتابعات ))

([9]) (صحيح مسلم)(4/ 2001)

([10]) قال الإمام الألباني في ( السلسلة الصحيحة)(1/ 532)

(( قال الترمذي: " حديث حسن غريب " ، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ".

ووافقه الذهبي ، قلت: والصواب أنه حسن الإسناد، كما قال الترمذي ))

([11]) فما بال إذا كانت طرق تحصيلها محرمة كشأن العمل في الاختلاط !!

([12]) انظر إلى كتاب (المنار المنيف في الصحيح والضعيف )(ص31 ـ 32)

للعلامة ابن القيم رحمه الله

([13]) هَذَا تَفْرِيغُ سُؤَالٍ مَعَ جَوَابِهِ كَانَ قَدْ وُجِّهَ للشَّيْخِ رَبيع بن هادي المدخلي – حفظه الله تعالى – مِنْ بَعْضِ الإِخْوَةِ بالجزائر، وهو حَوْلَ الدِّرَاسَةِ بِالجامعة الإسلامية بخروبة بالجزائر العاصمة ، والسُّؤَال مُسْتَلٌّ

من الشريط الأول، الوجه الأول، من مجموع أشرطة بِعُنْوَان: ( شُبُهَات الحزْبِيِّينَ وَالرَّدُ عليها )

أبو الوليد خالد الصبحي
28-Jul-2013, 07:00 PM
جزي شيخنا المحدث العلامة محمد ناصر الدين الالباني خيرا
وبارك الله في جهود أخي الفاضل بشير على هذا الجمع المبارك

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
29-Jul-2013, 04:49 AM
بارك الله في أخي المفضال الحبيب أبي الوليد على مروره

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
31-Jul-2013, 04:29 AM
هذا التنزيل والتدليل جاء بعد تعليق الشيخ الفاضل رائد حفظه الله في شبكة سحاب السلفية حرصها الله
إذ قال

جزاكم الله خيراً

فعجباً لمن يدعو الشباب السلفي إلى الدراسة في الجامعات المختلطة بدعوى أنها من مسائل الاجتهاد بين أهل العلم!، أو أنها من قبيل الضرورة والحاجة!، ويشير إلى أنَّ الابتعاد عنها كالتولي يوم الزحف!، ويلمز القائلين بالمنع بأصحاب الفقه الأعور!، أو الغلاة المتشددين!، أو السطحيين!، والله المستعان.
فقلت حينها :



جزى الله خيرا الشيخ الفاضل المحترم رائد على تعليقه وتنبيهه
وما أشرت إليه يا أيها المكرم ، هو من أضخم شبه القوم لتسليك الإختلاط في المجتمعات الإسلامية ، وقد استدلوا لهذه الضرورة المشؤومة والمصلحة الموهومة بكلام الإمامين ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله ، ليصبغوها صبغة القبول ، وتنفذ سمومها في المجتمعات المسلمة .
واقصد بكلام الشيخين التالي :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى)( 23/186 ـ 187) : (( كَمَا نَهَى عَنْ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَالسَّفَرِ مَعَهَا وَالنَّظَرِ إلَيْهَا لِمَا يُفْضِي إلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ وَنَهَاهَا أَنْ تُسَافِرَ إلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ ............ثُمَّ إنَّ مَا نَهَى عَنْهُ لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ يُبَاحُ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ كَمَا يُبَاحُ النَّظَرُ إلَى الْمَخْطُوبَةِ وَالسَّفَرُ بِهَا إذَا خِيفَ ضَيَاعُهَا كَسَفَرِهَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مِثْلَ سَفَرِ أُمِّ كُلْثُومٍ وَكَسَفَرِ عَائِشَةَ لَمَّا تَخَلَّفَتْ مَعَ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطِّلِ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ إلَّا لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الْمَفْسَدَةِ فَإِذَا كَانَ مُقْتَضِيًا لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ لَمْ يَكُنْ مُفْضِيًا إلَى الْمَفْسَدَةِ ))
قال الإمام ابن القيم في (روضة المحبين ) (ص: 92) (( قال الله تعالى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} الآية فلما كان غض البصر أصلا لحفظ الفرج بدأ بذكره ولما كان تحريمه تحريم الوسائل فيباح للمصلحة الراجحة ويحرم إذا خيف منه الفساد ولم يعارضه مصلحة أرجح من تلك المفسدة لم يأمر سبحانه بغضه مطلقا بل أمر بالغض منه ))

فقلت مبينا زيف هذه الشبهة في كتابي ( تبصير شباب الأمة إلى أن الدراسة في الاختلاط محرمة بسبب ما تفضي إليه من المفاسد المحرمة)(ص 35 إلى ص51)


التوجيه الصحيح فيما استدل به من كلام الإمامين ابن تيمية وابن القيم على تقرير قاعدة "أن ما كان تحريمه تحريم الوسائل فيباح للمصلحة الراجحة "، من أن الدراسة والعمل في الاختلاط ينتظم تحت هذه القاعدة ويندرج تحت النصوص التي استدل بها الشيخان على تقرير هذه القاعدة الشرعية

أقول أولا :قد أبعد النجعة ، وشذ عن الجماعة وخرج عن فهمهم السليم للقواعد الشريعة الجامعة ، وتطبيقاتها الصحيحة النافعة ، من رام إلى استدلال بقاعدة " أن ما كان تحريمه تحريم الوسائل فيباح للمصلحة الراجحة "، على أن هذا دليل على تسويغ وتجويز الدراسة والعمل في الاختلاط ، وزاد الطين بلة ، إذ تعسف ولوى أعناق كلام الإمامين ابن تيمية وابن القيم المتمثل في تقرير هذه القاعدة ، إلى ما أراد من إحقاق مخالفته الواضحة وتصويب تأصيلاته الفاضحة ، ومن فضاحتها البينة ومخالفتها الظاهرة ، أن كلام الشيخين محوره وموضوعه في المصلحة المتحققة شرعا ،والذي يوضحه ويبينه أن ما استدل به ابن القيم رحمه الله من النظر إلى المخطوبة على تقرير هذه القاعدة ، هو عين الشرع الذي أباحه و أمر به ، لما يترتب على هذه النظرة من المصالح العظام التي جاء بها الإسلام ، وحث عليها كما هو مقرر في كتب الأحكام ([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn1)) ، وهو عين ما استدل به شيخ الإسلام ، ومع هذا هما قد قيد السعي إلى تحقيق هذه المصلحة وإعمالها ، إذا كان لم يترتب عليها مفسدة أعظم منها، والناظر في العمل والدراسة في الاختلاط يترتب عليها مفاسد، وما مصلحتها المزعومة ما هي إلا وهمية نسجتها رعونات النفس المذمومة ، وما أكثرها لا كثرها الله تعالى ، وقطع فسادها وكشف أهلها، بل شهد الواقع بتكذيبهم في مصلحتهم الخيالية المصطنعة والله المستعان. يقول الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ :(( ولما كان تحريمه تحريم الوسائل فيباح للمصلحة الراجحة ويحرم إذا خيف منه الفساد ولم يعارضه مصلحة أرجح من تلك المفسدة لم يأمر سبحانه بغضه مطلقا بل أمر بالغض منه وأما حفظ الفرج فواجب بكل حال لا يباح إلا بحقه فلذلك عم الأمر بحفظه)) ا.هـ ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ (( ثم إن ما نهى عنه لسد الذريعة يباح للمصلحة الراجحة كما يباح النظر إلى المخطوبة والسفر بها إذا خيف ضياعها كسفرها من دار الحرب مثل سفر أم كلثوم وكسفر عائشة لما تخلفت مع صفوان بن المعطل فإنه لم ينه عنه إلا لأنه يفضى إلى المفسدة فإذا كان مقتضيا للمصلحة الراجحة لم يكن مفضيا إلى المفسدة وهذا موجود فى التطوع المطلق فانه قد يفضى إلى المفسدة وليس الناس محتاجين إليه)) ا.هـ ويقول ـ رحمه الله ـ في (الفتاوى الكبرى )(6/ 172 ـ 181)(( الْوَجْه الرَّابِع وَالْعُشْرُونَ أَنْ اللَّه وَرَسُوله سَدّ الذَّرَائِع الْمُفْضِيَة إلَى الْمَحَارِم الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَرَسُولَهُ سَدَّ الذَّرَائِعَ الْمُفْضِيَةَ إلَى الْمَحَارِمِ بِأَنْ حَرَّمَهَا وَنَهَى عَنْهَا.وَالذَّرِيعَةُ مَا كَانَ وَسِيلَةً وَطَرِيقًا إلَى الشَّيْءِ، لَكِنْ صَارَتْ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةً عَمَّا أَفَضْت إلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ، وَلَوْ تَجَرَّدَتْ عَنْ ذَلِكَ الْإِفْضَاءِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَفْسَدَةٌ، وَلِهَذَا قِيلَ الذَّرِيعَةُ الْفِعْلُ الَّذِي ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَهُوَ وَسِيلَةٌ إلَى فِعْلِ الْمُحَرَّمِ، أَمَّا إذَا أَفْضَتْ إلَى فَسَادٍ لَيْسَ هُوَ فِعْلًا كَإِفْضَاءِ شُرْبِ الْخَمْرِ إلَى السُّكْرِ وَإِفْضَاءِ الزِّنَا إلَى اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ أَوْ كَانَ الشَّيْءُ نَفْسُهُ فَسَادًا كَالْقَتْلِ وَالظُّلْمِ فَهَذَا لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، نَعْلَمُ إنَّمَا حُرِّمَتْ الْأَشْيَاءُ لِكَوْنِهَا فِي نَفْسِهَا فَسَادًا بِحَيْثُ تَكُونُ ضَرَرًا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ ، أَوْ لِكَوْنِهَا مُفْضِيَةً إلَى فَسَادٍ بِحَيْثُ تَكُونُ هِيَ فِي نَفْسِهَا فِيهَا مَنْفَعَةٌ وَهِيَ مُفْضِيَةٌ إلَى ضَرَرٍ أَكْثَرَ مِنْهَا فَتَحْرُمُ،([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn2)) فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْفَسَادُ فِعْلَ مَحْظُورٍ سُمِّيَتْ ذَرِيعَةً وَإِلَّا سُمِّيَتْ سَبَبًا وَمُقْتَضِيًا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمَشْهُورَةِ، ثُمَّ هَذِهِ الذَّرَائِعُ إذَا كَانَتْ تُفْضِي إلَى الْمُحَرَّمِ غَالِبَا فَإِنَّهُ يُحَرِّمُهَا مُطْلَقًا ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ قَدْ تُفْضِي وَقَدْ لَا تُفْضِي لَكِنَّ الطَّبْعَ مُتَقَاضٍ لِإِفْضَائِهَاوَأَمَّا إنْ كَانَتْ إنَّمَا تُفْضِي أَحْيَانًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى هَذَا الْإِفْضَاءِ الْقَلِيلِ، وَإِلَّا حَرَّمَهَا أَيْضًا، ثُمَّ هَذِهِ الذَّرَائِعُ مِنْهَا مَا يُفْضِي إلَى الْمَكْرُوهِ بِدُونِ قَصْدِ فَاعِلِهَا. وَمِنْهَا مَا تَكُونُ إبَاحَتُهَا مُفْضِيَةً لِلتَّوَسُّلِ بِهَا إلَى الْمَحَارِمِ فَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي يُجَامِعُ الْحِيَلَ بِحَيْثُ قَدْ يَقْتَرِنُ بِهِ الِاحْتِيَالُ تَارَةً وَقَدْ لَا يَقْتَرِنُ كَمَا أَنَّ الْحِيَلَ قَدْ تَكُونُ بِالذَّرَائِعِ وَقَدْ تَكُونُ بِأَسْبَابٍ مُبَاحَةٍ فِي الْأَصْلِ لَيْسَتْ ذَرَائِعَ. فَصَارَتْ الْأَقْسَامُ ثَلَاثَةً. الْأَوَّلُ: مَا هُوَ ذَرِيعَةٌ وَهُوَ مِمَّا يُحْتَالُ بِهِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ، وَكَاشْتِرَاءِ الْبَائِعِ السِّلْعَةَ مِنْ مُشْتَرِيهَا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ تَارَةً وَبِأَكْثَرَ أُخْرَى، وَكَالِاعْتِيَاضِ عَنْ ثَمَنِ الرِّبَوِيِّ بِرِبَوِيٍّ لَا يُبَاعُ بِالْأَوَّلِ نَسَئًا، وَكَقَرْضِ بَنِي آدَمَ. الثَّانِي: مَا هُوَ ذَرِيعَةٌ لَا يُحْتَالُ بِهَا كَسَبِّ الْأَوْثَانِ فَإِنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى سَبِّ اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ سَبُّ الرَّجُلِ وَالِدَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى أَنْ يَسُبَّ وَالِدَهُ وَإِنْ كَانَ هَذَا لَا يَقْصِدُهُمَا مُؤْمِنٌ. الثَّالِثُ: مَا يَحْتَالُ بِهِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ فِي الْأَصْلِ كَبَيْعِ النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ وَكَإِغْلَاءِ الثَّمَنِ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ.وَالْغَرَضُ هُنَا أَنَّ الذَّرَائِعَ حَرَّمَهَا الشَّارِعُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْمُحَرَّمَ خَشْيَةَ إفْضَائِهَا إلَى الْمُحَرَّمِ، فَإِذَا قَصَدَ بِالشَّيْءِ نَفْسَ الْمُحَرَّمِ كَانَ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِنْ الذَّرَائِعِ وَبِهَذَا التَّحْرِيرِ يَظْهَرُ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ فِي مَسَائِلِ الْعِينَةِ وَأَمْثَالِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْبَائِعُ الرِّبَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ يَغْلِبُ فِيهَا قَصْدُ الرِّبَا فَيَصِيرُ ذَرِيعَةً فَيَسُدُّ هَذَا الْبَابَ لِئَلَّا يَتَّخِذَهُ النَّاسُ ذَرِيعَةً إلَى الرِّبَا وَيَقُولُ الْقَائِلُ لَمْ أَقْصِدْ بِهِ ذَلِكَ، وَلِئَلَّا يَدْعُو الْإِنْسَانُ فِعْلَهُ مَرَّةً إلَى أَنْ يَقْصِدَ مَرَّةً أُخْرَى، وَلِئَلَّا يَعْتَقِدَ أَنَّ جِنْسَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ حَلَالٌ وَلَا يُمَيِّزَ بَيْن الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ، وَلِئَلَّا يَفْعَلَهَا الْإِنْسَانُ مَعَ قَصْدٍ خَفِيٍّ يَخْفَى مِنْ نَفْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ.وَلِلشَّرِيعَةِ أَسْرَارٌ فِي سَدِّ الْفَسَادِ وَحَسْمِ مَادَّةِ الشَّرِّ لِعِلْمِ الشَّارِعِ مَا جُلِبَتْ عَلَيْهِ النُّفُوسُ وَبِمَا يَخْفَى عَلَى النَّاسِ مِنْ خَفِيِّ هُدَاهَا الَّذِي لَا يَزَالُ يَسْرِي فِيهَا حَتَّى يَقُودَهَا إلَى الْهَلَكَةِ، فَمَنْ تَحَذْلَقَ عَلَى الشَّارِعِ وَاعْتَقَدَ فِي بَعْضِ الْمُحَرَّمَاتِ أَنَّهُ إنَّمَا حُرِّمَ لِعِلَّةِ كَذَا وَتِلْكَ الْعِلَّةُ مَقْصُودَةٌ فِيهِ فَاسْتَبَاحَهُ بِهَذَا التَّأْوِيلِ فَهُوَ ظَلُومٌ لِنَفْسِهِ جَهُولٌ بِأَمْرِ رَبِّهِ وَهُوَ إنْ نَجَا مِنْ الْكُفْرِ لَمْ يَنْجُ غَالِبًا مِنْ بِدْعَةٍ أَوْ فِسْقٍ أَوْ قِلَّةِ فِقْهٍ فِي الدِّينِ وَعَدَمِ بَصِيرَةٍ.([3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn3)) ))قلت ( بشير) : فلو سلطنا ضوء شيخ الإسلام ابن تيمية على الإختلاط ودعاياته العريضة والطويلة ، لانكشف لنا ما في ظلام العمل والدراسة في الاختلاط من الغبش والفساد ، إذ أن الدراسة والعمل في الاختلاط ذريعة إلى الزنا ومواقعة مقدماتها وإختلاط المياه ، وفساد المجتمعات المسلمة وانحطاط التعليم وتخريب الاقتصاد وأنه عثرة في طريق تطور الأمة الإسلامية ، فآل أمره إلى فساد ومضرة محققة .وأيضا : قد اتخذت ضرورة الاسترزاق والتعلم والتعليم في الاختلاط حيلة يتوصل بها إلى مواقعة الحرام ، وتنفيذ مخططات الماسونية في المجتمعات الإسلامية .وهذا مما يوجب ويتأكد على الأمة سد طرقه وغلق أبوابه المفضية إليه وحسم مادة فساده .ثانيا : إن المصلحة التي تكلم عليها الشيخان ، ودلل لتقريرها وتوضيحها بتلك النصوص القرآنية والنبوية، هي عين ما شهد الشارع بصلاحها ونص على نفعها ، وأنى للعبد معرفتها ووقوف على أسرارها ، إلا ما كان من خالقها وواضعها ، وهذا لا يتأتى مع العمل والدارسة في الاختلاط، إذ أن حقيقة مصلحتها ما هي إلا من نسيج واصطناع العبد ، ولهذا ظهرت مفاسدها وبانت مضارها وانكشفت حقيقة دعاياتها الزائفة، لما هي عليه من المخالفة الصريحة للنصوص الواضحة .يقول الإمام الشاطبي ـ رحمه الله ـ في (الموفقات)(1/ 537 ) : (( إن المصالح التي تقوم بها أحوال العبد لا يعرفها حق معرفتها إلا خالقها وواضعها وليس للعبد بها علم إلا من بعض الوجوه والذي يخفى عليه منها أكثر من الذي يبدو له فقد يكون ساعيا في مصلحة نفسه من وجه لا يوصله إليها أو يوصله إليها عاجلا لا آجلا أو يوصله إليها ناقصة لا كاملة أو يكون فيها مفسدة ترني في الموازنة على المصلحة فلا يقوم خيرها بشرها)) ا.هـ وقال الإمام شيخ شيوخ الإسلام محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ في ( فتاوى ورسائل)(7/ 151)(( وأما قول ابن القيم: ما حرم لسد الذرائع يباح للمصلحة الراجحة. فليس المراد به فتح باب إباحة ما دعت الحاجة إلى إباحته مما حرم سداً للذرائع لكل أحد، بل مراده أن الشريعة هي التي تتولى الإباحة ))قال الشيخ عطية محمد سالم ـ رحمه الله ـ في مقدمة رسالة الإمام الحبر محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ (المصالح المرسلة): (( حقيقة المصلحة هي المصلحة الشرعية التي تتمشى مع منهج الشرع في عمومه وإطلاقه، لا خاصة ولا نسبية... فهي التي يشهد لها الشرع الذي جاء لتحقيق مصالح جميع العباد، ومراعاة جميع الوجوه، لأن الشرع لا يقر مصلحة تتضمن مفسدة مساوية لها أو راجحة عليها ظهر أمرها أو خفي على باحثها، لأن الشارع حكيم عليم...كما أن المصلحة الشرعية تراعي أمر الدنيا والآخرة معاً، فلا تعتبر مصلحة دنيوية إذا كانت تستوجب عقوبة أخروية... وفي هذا يكمن الفرق الأساسي بين المصلحة عند القانونيين الذين يقولون: حيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله. وبين الأصوليين الشرعيين الذين يصدق على منهجهم أنه حيثما وجد الشرع فثم مصلحة العباد)) ا.هـ فبناء على هذا التقرير والتنصيص يتبين للقارئ الكريم أن المصلحة فيما نحن في صدد بيانه وتوضيحه ، هو سد الطرق المفضية إلى الاختلاط وغلق كل ما يؤتي إليه ، لا التكلف والتحايل على تسويغه وتجويزه في المجتمعات المسلمة بتلك العلل العليلة والآراء الباطلة التي شهدت النصوص الشرعية والقواعد المرعية وأحكام الأئمة الزكية على بطلانها ووهائها وفسادها، وأنى لها أن تُقيم نفسها ، فضلا أن تقاوم وتنازع غيرها !!وخاصة إذا عرفنا أن الاختلاط مضاره وخيمة ومفاسده عظيمة في المعاش والمعاد ، وأنه مفسد العباد ، ومخرب البلاد ، وإن أدعى أصحابه ودعاته أن العمل والدراسة فيه يحقق مصلحة !!فمصلحتهم المزعومة الوهمية هي من جنس "مِمَّا ابْتَدَعَهُ النَّاسُ مِنْ الْعَقَائِدِ وَالْأَعْمَالِ مِنْ بِدَعِ أَهْلِ الْكَلَامِ وَأَهْلِ التَّصَوُّفِ وَأَهْلِ الرَّأْيِ وَأَهْلِ الْمُلْكِ حَسِبُوهُ مَنْفَعَةً أَوْ مَصْلَحَةً نَافِعًا وَحَقًّا وَصَوَابًا، وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْ الْخَارِجِينَ عَنْ الْإِسْلَامِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ وَالصَّابِئِينَ وَالْمَجُوسِ يَحْسَبُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْعِبَادَاتِ مَصْلَحَةً لَهُمْ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَمَنْفَعَةً لَهُمْ ، {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} وَقَدْ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ عَمَلِهِمْ فَرَأَوْهُ حَسَنًا" ([4] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn4)) وإلا فليعلم " أَنَّ الشَّرِيعَةَ لَا تُهْمِلُ مَصْلَحَةً قَطُّ بَلْ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَكْمَلَ لَنَا الدِّينَ وَأَتَمَّ النِّعْمَةَ فَمَا مِنْ شَيْءٍ يُقَرِّبُ إلَى الْجَنَّةِ إلَّا وَقَدْ حَدَّثَنَا بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَكَنَا عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلِهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدَهُ إلَّا هَالِكٌ لَكِنْ مَا اعْتَقَدَهُ الْعَقْلُ مَصْلَحَةً وَإِنْ كَانَ الشَّرْعُ لَمْ يَرِدْ بِهِ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَازِمٌ لَهُ1 ـ إمَّا أَنَّ الشَّرْعَ دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ هَذَا النَّاظِرُ .2 ـ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَصْلَحَةِ وَإِنْ اعْتَقَدَهُ مَصْلَحَةً؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ هِيَ الْمَنْفَعَةُ الْحَاصِلَةُ أَوْ الْغَالِبَةُ وَكَثِيرًا مَا يَتَوَهَّمُ النَّاسُ أَنَّ الشَّيْءَ يَنْفَعُ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَيَكُونُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَرْجُوحَةٌ بِالْمَضَرَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ: {قُلْ فِيهِمَا إثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}" ([5] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn5))قال الإمام ابن القيم ــ رحمه الله ــ في ( إعلام الموقعين)(3/ 11) (( إِنَّ الشَّرِيعَةَ مَبْنَاهَا وَأَسَاسُهَا عَلَى الْحِكَمِ وَمَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَهِيَ عَدْلٌ كُلُّهَا، وَرَحْمَةٌ كُلُّهَا، وَمَصَالِحُ كُلُّهَا، وَحِكْمَةٌ كُلُّهَا؛ فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ خَرَجَتْ عَنْ الْعَدْلِ إلَى الْجَوْرِ، وَعَنْ الرَّحْمَةِ إلَى ضِدِّهَا، وَعَنْ الْمَصْلَحَةِ إلَى الْمَفْسَدَةِ، وَعَنْ الْحِكْمَةِ إلَى الْبَعْثِ؛ فَلَيْسَتْ مِنْ الشَّرِيعَةِ وَإِنْ أُدْخِلَتْ فِيهَا بِالتَّأْوِيلِ)) ا.هـ بيان فساد قولهم : إن الكلام في مسألة العمل والدراسة في الاختلاط من المسائل الاجتهادية فلا يشنع على من أفتى بها وأجازها ، لما هو مقرر أنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد
أقول

قولهم هذا ما هو إلا اشغال الأمة الإسلامية ،وصرفها من مواطن الاتفاق وسبيل الصراط المستقيم، وما يرجع عليها بالخير العميم في الدنيا والآخرة ، إلى سبل الضلال والتيه ، وتوليد النزاعات والفرقة في الأمة باسم العلم والمباحثة والمطارحة ، وهذا الذي يريده أعداء الإسلام ، اليهود والنصارى من المسلمين ، أن تثار بينهم المسائل الخلافية قديمة كانت أو حديثة ، وينشب بينهم الصراع والاقتتال والحمية والعصيبة ، في انتصار كل طائفة إلى قول معظميها ، وبالتالي تحدث الفرقة ويقع التمزق وتضعف الأمة ويضحك عليها الأعداء وتشوه سمعتها في العالم ، ولهذا تجد العدو اليهودي والنصراني يهتم بهذه الجزئية أيما إهتمام ، فهم كثير ما ينقبون على الخلافات القديمة ويثرونها في الأمة باسم أن هذا هو تاريخ المسلمين ، ليزهدوا اتباعهم عن الإسلام وليشككوا أبناء المسلمين في إسلامهم ، وليشوهوا صورة سلفهم ونقلة دينهم في أذهانهم ، ومن ذلك ما جاء في (بروتوكولات حكماء صهيون )( البرتوكول السادس عشر) أنهم قالوا : (( وسنقوم بدراسة المستقبل بدلاً من الكلاسيكيات وبدراسة التاريخ القديم الذي يشتمل على مثل سيئة أكثر من اشتماله على مثل حسنة ، وسنطمس في ذاكرة الإنسان العصور الماضية التي قد تكون شؤما علينا، ولا نترك إلا الحقائق التي ستظهر أخطاء الحكومات في الوان قائمة فاضحة.))
وأيضا : الذي لبس مسألة العمل والدارسة في الاختلاط ، لباس أنها من المسائل الخلافية ، ما أراد منها إلا أن يغلق ألسنة أهل الحق لكي لا ينكروا عليه فعلته الشنيعة هذه ، ولكي لا يهجموا عليه بالنقد والانكار ، وهذا كما ترون وتتأملون ـ بارك الله فيكم ـ ما هو إلا واحدة من وحدات الحيل التي اخترعت لتعطيل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتسليك الإختلاط ومقدمات الزنا في المجتمعات الإسلامية باسم ذلك اللباس الفضفاض الواسع .
وإلا فعلماء السنة ممن شأنهم التحقيق وعرفوا بالتدقيق ، لم يختلفوا من أن الدراسة في الاختلاط حرام ولا يجوز مواقعته والقرب منه ويجب سد الطرق المفضية إليه بكل حال ، لما قد قامت الأدلة الدالة على ذلك .
ثانيا : قولهم ( لا إنكار في مسائل الاجتهاد ) ، هذه قاعدة صحيحة، لكن هل يسلم لهم استدلالهم بها في هذا النزاع المتضاد ؟
الجواب :([7] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn7)) الأمر ليس كما يريد هؤلاء، فثم ضوابط، وآداب لمسائل الاجتهاد ، وفي إعمال هذه القاعدة إعمالا صحيحا سليما من الحيل واللعب بالأحكام ، ومن أهم هذه الضوابط
فالأمر الأول: أن مسائل الاجتهاد موكولة إلى أهل الاجتهاد، وهم العلماء قال الشاطبي: في (الموافقات) (4/167) : (( الاجتهاد المعتبر شرعاً، هو الصادر عن أهله الذين اضطلعوا بمايفتقر إليه الاجتهاد)) ا.هـ

الأمر الثاني: مصلحة ائتلاف الأمة على علمائها،
واتفاقهم عليهم خير من شذوذ طالب العلم عنه قال ابن أبي العز الحنفي: في (شرح الطحاوية) (2/534-535) : (( وقد دلت نصوص الكتاب، والسنة وإجماع سلف الأمة أن ولي الأمر، وإمام الصلاة، والحاكم، وأمير الحرب، وعامل الصدقة، يطاع في مواضع الاجتهاد، وليس عليه أن يطيع أتباعه في موارد الاجتهاد، بل عليهم طاعته في ذلك، وترك رأيهم لرأيه، فإن مصلحة الجماعة والائتلاف، ومفسدة الفرقة والاختلاف أعظم من أمر المسائل الجزئية))

وهذا عين الفقه، فإن العلماء أحد صنفي ولاة الأمر الذين أمرنا الله بطاعتهم، وإذا لم تجب طاعتهم في النوازل، فمتى تجب طاعتهم؟!
قلت ( بشير) : ومسألتنا هذه لم تحظ بهذين الضابطين حتى نعذر أصحابها ، إذ أن درجتهم في العلم والاجتهاد أقل بكثير وكثير ممن قد خالفوهم من أئمة الإجتهاد والمشيخة في الإسلام، ولا يبلغون كعبهم ، بل تعد مخالفتهم لهم منقصة ومذمة وقاضية على صاحبها بالشذوذ والمخالفة ، وقد أنكار أئمتنا على أبي الحسن المأربي صنيعه هذا ، وخروجه عن العلماء في هذه المسألة ، وعد ذلك من مخالفاته التي انكرت عليه .

الأمر الثالث: مشاورة العلماء: وهي دليل على علم المشاور وإتباعه لأمر الله ، وهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وترك مشاورة العلماء نقص في علم المعرض عنهم.
قال ابن القيم رحمه الله في (إعلام الموقعين) (4/256): (( وإن كان عنده من يثق بعلمه، فينبغي له أن يشاوره، ولا يستقل بالجواب ذهاباً بنفسه، وارتفاعاً بها أن يستعين على الفتاوى بغيره من أهل العلم!وهذا من الجهل، فقد أثنى الله سبحانه على المؤمنين بأن أمرهم شورى بينهم، وقال تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {وشاورهم في الأمر}، وقد كانت المسألة تنزل بعمر بن الخطاب رضي الله عنه فيستشير لها من حضر من الصحابة، وربما جمعهم وشاورهم، حتى كان يشاور ابن عباس رضي الله عنهما وهو إذ ذاك أحدث القوم سناً، وكان يشاور علياً رضي الله عنه، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبدالرحمن ابن عوف، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين )) ا.هـ
وقال ابن عباس رضي الله عنهما في ([8] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn8) ): (( إن كنت لأسال عن المر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم ))
قلت ( بشير) : الذي يفتي بهذا الحكم الجائر هل رجع إلى العلماء الموثوق بديانتهم وعلمهم من الأمثال ابن باز والألباني والفوزان وربيع المدخلي وغيرهم ، وسألهم عن تقريراته وتأصيلاته الهجينة المبيحة للإختلاط ، والمفضية إلى مواقعته ؟! وإن كان كذلك من هم ؟

الأمر الرابع: بعض النوازل والمسائل المستجدة، الخطأ فيها واضح بين، فلا يتجه الاعتراض على منكرها بدعوى: أن مسائل الاجتهاد لا إنكار فيها!
قال شيخنا العلامة محمد الصالح العثيمين في ورده على من جوز المظاهرات، ومنع من إنكارها بدعوى: مسائل الاجتهاد لا إنكار فيها! قال حفظه الله : (( مسائل الاجتهاد قسمان: قسم نعلم خطأها فتنكر. وقسم يكون الأمر فيها متردداً؛ فهذا هو الذي لا ينكر )) ا.هـ([9] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn9))
قال الشيخ محمد بازمول ـ حفظه الله ـ في رسالته ( عبارات موهمة) (( ومن العبارات الموهمة :قولهم: "لا إنكار في مسائل الخلاف".
وهذه عبارة يتوهم بعضهم أن المراد بها: أي مسألة فيها خلاف لا يجوز الإنكار فيها! وعليه فلا يجوز إنكار المنكر إلا إذا كان مجمعاً عليه! وهذا الفهم خطأ، ويلزم عليه أن يغلق باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن أكثر مسائل الشرع فيها خلاف بين العلماء؟ والصحيح أن مراد أهل العلم بهذه العبارة: "لا إنكار في مسائل الخلاف" : أن المسائل التي لم يظهر فيها دليل يجب المصير إليه فلا يشدد في الإنكار و لا يعنف في الإنكار فيها، وذلك مبني على أساس أن المسائل الخلافية على نوعين:
النوع الأول : مسائل خلافية، ظهر فيها دليل يلزم المصير إليه، فهنا لابد من الأخذ بالدليل، وطرح القول المخالف له، ومن اتبع القول الذي قام الدليل على خلافه فإنه ينكر عليه.
النوع الثاني : مسائل خلافية لم يظهر فيها دليل يلزم المصير إليه، فهي مسألة تتجاذبها الأدلة، وتتنازعها الأنظار، فهذه مسألة اجتهادية، لا إنكار و لا تعنيف فيها على المخالف، إنما يناصح في معرفة القول الراجح. وهذا النوع الثاني هو المقصود في هذه العبارة التي يفهمها بعض الناس على إطلاقها.)) ا.هـ
قلت ( بشير) : مسألتنا المطروحة مخالفتها ظاهرة واضحة لأصول الشريعة وللقواعد الجامعة ، وخاصة إذا عرفنا ما ترتب عليها من الأضرار الكبيرة العظيمة من يوم ولدت فيه إلى يومنا هذا ، فهذا مما يوجب طرحها ونسف ضلالها وغلق أبواب فسادها .

الأمر الخامس : وهو أن مسائل الاجتهاد إذا صارت شعارا لأمر لا يسوغ ولا يجوز ، فإنه لابد من إنكارها لما يترتب على ترك الإنكار من المفاسد والشرور .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ( منهاج السنة)(1/44) : (( المسألة الاجتهادية لا تنكر إلا إذا صارت شعارا لأمر لا يسوغ ، فتكون دليلا على ما يجب إنكاره وإن كانت نفسها يسوغ فيها الاجتهاد ))
قلت ( بشير) : فليتأمل القارئ الكريم إلى هذا التوضيح القوي المتين ، ويتأمل في خطورة الاختلاط ودعاته من الماسونية وغيرهم ، الذين حملوا راية الدعوة إلى الاختلاط وجعلوه من أهم المقدمات ومرتكز تنفيذ وإنجاح مخططاتهم ، إذ أنهم أدعوا أن الاختلاط المرأة بالرجل ضرورة من أجل تهذيب الأخلاق والرقة وحسن المعاشرة ولطف الحديث ودماثة الطبع ، فاخرجوا المرأة من بيتها بتلك الدعايات الزائفة الباطلة ، وزجوا بها في ميادين الرجال لمنافستهم ومحاكاتهم في أعمالهم الخارجية ، ولعلمهم أن مزاحمة النساء للرجال في أعمالهم وميادينهم لا تمنع الرجال من مخالطتهن والافتتان بهن ، فيقع من الشر ما كانوا يتوقعونه وينتظرونه وكان كذلك .
أليس هذا مما يؤكد على المسلمين أن يسدوا الطرق المفضية إلى الاختلاط ويحسموا مادته ويشتد نكيرهم على من جامل وساير أعداء الإسلام في ذلك ، ومد لهم يد العون بتأصيلاته الباطلة وتقعيداته الجائرة ، وخدمهم خدمة عظيمة التي مآلها وخيمة والله المستعان ؟





([1]) أي فقه النكاح ,والمصلحة المحققة من هذه النظرة قد بينها النبي صلى الله عليه وسلم ـ بأبي هو وأمي ـ حيث قال :" فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " ، وقد تحقق ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث قال الراوي وهو صاحب القصة " فنظرت إليها ثم تزوجتها فما وقعت عندي امرأة بمنزلتها ، ولقد تزوجت سبعين أو بضعا وسبعين امرأة )) ( السلسلة الصحيحة)(1 / 198 ) فأين هم دعاة الاختلاط من هذا الهدي النبوي الشريف ، ومن دعوته إلى تحقيق المصالح الزكية ، وتكميل المطالب العلية التي ترجع منفعتها على الأفراد والمجتمعات الإسلامية وللأمة بأجمعها من الألفة والمحبة والمودة وتقوية أوصال العائلة المسلمة حيث باجتماعها تجتمع الأمة وتقوى شوكتها ويمتن جدارها ، ودعوة إلى الاجتماع والائتلاف ونبذ الفرقة والاختلاف هذا من أسمى مطالب الشريعة الإسلامية التي اتفقت عليها جميع الشرائع ، ولا يرى العاقل أن الاختلاط إلا هدم وحرب لهذا الأصل الأصيل ، لهذا جاءت الشريعة بسد طرقه المفضية إلى مواقعته . أما الاختلاط فهو بعكس هذا رأسا على عقب ، بل يعد من المضادات في تحقيق هذا المطلب النبيل ودعوة إلى تشتيت العائلة المسلمة وتشريد أبنائها وإضعاف قوى الأمة الإسلامية وإضاعة النسل الذي أمر الشارع بحفظه وصونه ، فأي مصلحة متحققة هنا وكبيرنا وصغيرنا يري من البلاوي والمصائب ما في هذه المدارس المختلطة ما يندى له الجبين ، لا ينفع بارك الله فيكم التمويه والتلبيس في الواقع المرّ الذي نعيشه ، وهو أكبر شاهد على ما نقول ، فالعامي البليد يعرف ما وصلت إليه الأمة الإسلامية من التقهقر والانحطاط في الأخلاق بسبب هذا الاختلاط .
([2]) فليتأمل القارئ الكريم إلى هذا الكلام المتين والتقرير الرصين ، ويزن به ما نحن بصدد كشفه وتفتيت شبه أهله ، يجد أنه لا يخرج عن هذا التقرير
([3]) أين هم دعاة الاختلاط من هذا التقعيد السلفي القوي !؟فليكسروا أقلامهم ولتخرس ألسنتهم ، ويتوبوا ما هم فيه من الفساد والإفساد للمجتمعات الإسلامية من دعوتهم إلى الاختلاط ، وليصلحوا ما أفسدوا .
([4]) (مجموع الفتاوى)(11/345) لشيخ الإسلام ابن تيمية
([5]) (مجموع الفتاوى)(11/344 ـ 345)
([6]) انظر إلى كتاب ( الصوارف عن الحق)(96 ـ 98)
([7]) قد استفد هذا الفصل من كتاب ( دراسة نقدية لقاعدة المعذرة والتعاون )(ص 111ـ 115) للشيخ حمد العثمان
([8]) (سير أعلام النبلاء) (3/344)، وقال الذهبي بعده: إسناده صحيح
([9]) (شريط رقم 5738) تسجيلات ابن القيم الإسلامية – الكويت

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
01-Aug-2013, 10:59 PM
بيان بطلان ما استدلوا به على تسويغ وتجويز العمل والدارسة في الاختلاط ما هو حاصل من مشاركة النساء للرجال في أماكن العبادة ومواضع الصلاة مع الإحتشام والبعد عن الاختلاط وما هو واقع ومشاهد في مناسك الحج والعمرة في الحرمين من الإختلاط غير مقصود بسبب كثرة الزحام الذي لا يستطاع السيطرة عليه وإن سعي إلى تقليل من حدته


أقول

إن ما ستدل به أهل الاختلاط هنا على تسويغ العمل والدراسة في الاختلاط، لما هو حاصل من الاختلاط في أماكن العبادة ، هو من أكبر شبه الاختلاطين التي رجفوا بها في المجتمعات المسلمة على إباحة وتجويز الاختلاط .

وهذه هي بضاعة كل من أفلس من الحجج ، تجده أنه إذا ضاقت عليه طرق الاستدلال ، وضعف على مواجهة الحق ، يتشبث بكل ساقطة لاقطة ، وقولة باطلة ، يشغل بها نفسه ، وينفس بها عن ما هو فيه من الضيق ، ويتسلى بها ، ويضحك بها على اتباعه .

وبالمناسبة إني ابتهل الفرصة وانبه على أن هذه المنهجية في الاستدلال ، هي من أفسد المناهج التي سلكها أهل البدع والأهواء قديما وحديثا في تقرير باطلهم وبناء معتقداتهم، إذ أنهم بنوا دينهم ومعتقداتهم على قاعدة " اعتقد ثم استدل"، فوقعوا ([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn1)) في تحريف النصوص ، وجمعوا بين سوأتين عظيمتين :

1 ـ التقدم بين يدي الله ورسوله

2 ـ وتحريف كلام الله ورسوله

قال الإمام الشاطبي في (الاعتصام للشاطبي)(1/ 177) (( فَالْمُبْتَدِعُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ; إِنَّمَا ضَلَّ فِي أَدِلَّتِهَا، حَيْثُ أَخَذَهَا مَأْخَذَ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ لَا مَأْخَذَ الِانْقِيَادِ تَحْتَ أَحْكَامِ اللَّهِ ، وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُبْتَدِعِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّ الْمُبْتَدِعَ جَعَلَ الْهَوَى أَوَّلَ مَطَالِبِهِ، وَأَخَذَ الْأَدِلَّةَ بِالتَّبَعِ ))

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (منهاج السنة)(5/ 274) (( ... وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي كُلِّ مَنْ صَنَّفَ فِي الْكَلَامِ وَذَكَرَ النُّصُوصَ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا وَيُحْتَجُّ بِهَا عَلَيْهِ ; تَجِدُهُ يَتَأَوَّلُ النُّصُوصَ الَّتِي تُخَالِفُ قَوْلَهُ تَأْوِيلَاتٍ لَوْ فَعَلَهَا غَيْرُهُ لَأَقَامَ الْقِيَامَةَ عَلَيْهِ، وَيَتَأَوَّلُ الْآيَاتِ بِمَا يَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يُرِدْهُ، وَبِمَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ أَصْلًا، وَبِمَا هُوَ خِلَافُ التَّفْسِيرِ الْمَعْرُوفِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَخِلَافُ نُصُوصٍ أُخْرَى.))

وقال في (مجموع الفتاوى)(13/ 62 ـ 63) (( فَعَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ الدِّينِ إلَّا تَبَعًا لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَلَا يَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ بَلْ يَنْظُرُ مَا قَالَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ تَبَعًا لِقَوْلِهِ وَعَمَلُهُ تَبَعًا لِأَمْرِهِ فَهَكَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يُعَارِضُ النُّصُوصَ بِمَعْقُولِهِ وَلَا يُؤَسِّسُ دِينًا غَيْرَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَإِذَا أَرَادَ مَعْرِفَةَ شَيْءٍ مِنْ الدِّينِ وَالْكَلَامِ فِيهِ نَظَرَ فِيمَا قَالَهُ اللَّهُ وَالرَّسُولُ فَمِنْهُ يَتَعَلَّمُ وَبِهِ يَتَكَلَّمُ وَفِيهِ يَنْظُرُ وَيَتَفَكَّرُ وَبِهِ يَسْتَدِلُّ فَهَذَا أَصْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَأَهْلُ الْبِدَعِ لَا يَجْعَلُونَ اعْتِمَادَهُمْ فِي الْبَاطِنِ وَنَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى مَا تَلَقَّوْهُ عَنْ الرَّسُولِ؛ بَلْ عَلَى مَا رَأَوْهُ أَوْ ذَاقُوهُ ثُمَّ إنْ وَجَدُوا السُّنَّةَ تُوَافِقُهُ وَإِلَّا لَمْ يُبَالُوا بِذَلِكَ فَإِذَا وَجَدُوهَا تُخَالِفُهُ أَعْرَضُوا عَنْهَا تَفْوِيضًا أَوْ حَرَّفُوهَا تَأْوِيلًا. فَهَذَا هُوَ الْفُرْقَانُ بَيْنَ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالسُّنَّةِ وَأَهْلِ النِّفَاقِ وَالْبِدْعَةِ )) ا.هـ

وهذا الذي حصل لمن اغتر بتلك الشبهة هنا ، فلما استقل بقوله هذا ، وتقدم بين يدي أهل العلم الكبار المشهود لهم بالاضطلاع والرسوخ ، وقع في حيص وبيص وخالف الأدلة الصحيحة والأقوال الصريحة الناهية عن الاختلاط ، فشذ عن فهم أهل السنة والجماعة في تقرير هذه المسألة ، وأقام شبهة المخالف على أنها هي السنة والحق والمصلحة التي يجب المصير إليها ، والركون لها .

وإلا فأئمة الإسلام العظام لهم فهم في فقه الأدلة التي نصت على مشاركة النساء للرجال في مواطن وأماكن العبادة ، على غير ما فهمه دعاة الاختلاط منها ، إذ أنهم فهموا منها أنها تدل على النهي عن الاختلاط ومقاربته ، وسد الذرائع المفضية إليه ، لا أنها داعية إلى الإختلاط ومواقعته ، واعملوا جميع نصوصها وما جاء في بابها على وفق ما جاءت به الشريعة ، ونصت عليه القواعد الجامعة ، من سد الأبواب المفضية إلى الزنا وإختلاط المياه وحسم مادة الشرور و الفتن في الأمة ، وهم قد راعوا في ذلك إعمال قاعدة " الضرر يزال " والتي يعبر عنها بـ" لا ضرر ولا ضرار " وما يندرج تحتها من فروعها الكثيرة ، وفي مقابل ذلك ردوا تحريف من استدل بهذه النصوص على مواقعة الاختلاط .

قال الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ رحمه الله ـ كما في فتاوى اللجنة الدائمة : (( ... رواه مسلم والترمذي وغيرهما بأسانيدهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير صفوف الرجال أولها وأشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وأشرها أولها " قال الترمذي بعد إخراجه : حديث صحيح .

وجه الدلالة أن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للنساء إذا أتين للمسجد أنهن ينفصلن عن المصلين على حدة ثم وصف أول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخير وما ذلك إلا لبعد المتأخرات من الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك ووصف آخر صفوف الرجال بالشر إذا كان معهم النساء في المسجد لفوات التقدم والقرب من الإمام وقربه من النساء اللائي يشغلن البال وربما أفسدن عليه العبادة وشوشن النية والخشوع فإذا كان الشارع توقع حصول ذلك في مواطن العبادة مع أنه لم يحصل اختلاط وإنما هو مقاربة ذلك فكيف إذا وقع الاختلاط.

روى أبو داود الطيالسي في سننه وغيره عن نافع عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل باب للنساء وقال :" لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد" ، وروى البخاري في التاريخ الكبير له عن ابن عمر رضي الله عنهما عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا تدخلوا المسجد من باب النساء "

وجه الدلالة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال بالنساء في أبواب المسجد دخولا وخروجا ومنع أصل اشتراكهما في أبواب المسجد سدا لذريعة الاختلاط فإذا منع الاختلاط في هذه الحالة ففيما سوى ذلك من باب أولى.

روى البخاري في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث النبي صلى الله عليه وسلم يسيرا" وفي روايه ثانية له :"كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وفي رواية ثالثة :"كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال " ، وجه الدلالة أنه منع الاختلاط بالفعل وهذا فيه تنبيه على منع الاختلاط في غير

هذا الموضع )) ا.هـ

وقال شيخ الإسلام عبد العزيز ابن باز ـ رحمه الله ـ في (فتواه رقم 23) من (مجموع الفتاوى ) وكتاب( فتاوى النظر والخلوة والاختلاط) :

(( كان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لا يختلطن بالرجال لا في المساجد ولا في الأسواق ،الاختلاط الذي ينهى عنه المصلحون اليوم ويرشد القرآن والسنة وعلماء الأمة إلى التحذير منه حذرا من الفتنة ،بل كان النساء في مسجده صلى الله عليه وسلم يصلين خلف الرجال في صفوف متأخرة عن الرجال وكان يقول :"خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " حذرا من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء وكان الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم يؤمرون بالتريث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المساجد مع ما هم عليه جميعا رجالا ونساء من الإيمان والتقوى فكيف بحال من بعدهم ؟

وكانت النساء ينهين أن يتحققن الطريق ويؤمرن بلزوم حافات الطريق حذرا من الاحتكاك بالرجال والفتنة بمماسة بعضهم بعضا عند السير في الطريق وأمر الله سبحانه وتعالى نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يغطين بها زينتهن حذرا من الفتنة بهن ونهاهن سبحانه عن إبداء زينتهن لغير من سمى الله سبحانه في كتابه العظيم حسما لأسباب الفتنة وترغيبا في أسباب العفة والبعد عن مظاهر الفساد والاختلاط )) ا.هـ

وقال في رده على مدير جامعة صنعاء عبد العزيز المقالح الذي قال : " والواقع أن المسلمين من عهد الرسول كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد الرجل والمرأة ولذلك فإن التعليم لابد أن يكون في مكان واحد "

فاجاب الشيخ ـ رحمه الله ـ : (( أن يقال هذا صحيح لكن كان النساء في مؤخرة المسجد مع الحجاب والعناية والتحفظ مما يسبب الفتنة والرجال في مقدم المسجد فيسمعن المواعظ والخطب ويشاركن في الصلاة ويتعلمن أحكام دينهن مما يسمعن ويشاهدن ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في يوم العيد يذهب إليهن بعدما يعظ الرجال فيعظهن ويذكرهن لبعدهن عن سماع خطبته ، وهذا كله لا إشكال فيه ولا حرج فيه وإنما الإشكال في قول مدير جامعة صنعاء هداه الله وأصلح قلبه وفقهه في دينه ( ولذلك فإن التعلم لابد أن يكون في مكان واحد) .

فكيف يجوز له أن يشبه التعليم في عصرنا بصلاة النساء خلف الرجال في مسجد واحد مع أن الفرق شاسع بين التعليم المعروف اليوم وبين واقع صلاة النساء خلف الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم ولهذا دعا المصلحون إلى إفراد النساء عن الرجال في دور التعليم وأن يكن على حدة والشباب على حدة حتى يتمكن من تلقى العلم من المدرسات بكل راحة من غير حجاب ولا مشقة لأن زمن التعليم يطول بخلاف زمن الصلاة ولأن تلقي العلوم من المدرسات في محل خاص أصون للجميع وأبعد لهن عن أسباب الفتنة وأسلم للشباب من الفتنة بهن، ولأن إنفراد الشباب في دور التعليم عن الفتيات مع كونه أسلم لهم من الفتنة فهو أقرب إلى عنايتهم بدروسهم وشغلهم بها وحسن الاستماع إلى الأساتذة وتلقي العلم عنهم بعيدين عن ملاحظة الفتيات والانشغال بهن وتبادل النظرات المسمومة والكلمات الداعية إلى الفجور ......ونصيحتي لمدير جامعة صنعاء أن يتقي الله عز وجل وأن يتوب إليه سبحانه مما صدر منه ، وأن يرجع إلى الصواب والحق فإن الرجوع إلى ذلك هو عين الفضيلة والدليل على تحري طالب العلم للحق والإنصاف ([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn2) ) )) ا.هـ ([3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887#_ftn3))

وقال الإمام ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ في ( سلسلة الهدى والنور)(ش440):

(( قال عليه الصلاة والسلام لما سئل عن خير البقاع وشر البقاع ؟ قال :"خير البقاع المساجد وشر البقاع الأسواق" خير البقاع يحرم فيها اختلاط الرجال بالنساء فلا تجوز المرأة المسلمة أن تصف مع الرجل في صف واحد ، ويقفان بين يدي الله تعالى، بل يقول عليه الصلاة والسلام كما هو معلوم لدى الجميع :"خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها" ، فإذا كان الإسلام يأمر المرأة أن تصلي في آخر الصف حتى تبتعد عن الرجال في جو التقوى والصلاح والتوجه إلى الله عز وجل ثم ليس هذا فقط ،بل قال عليه الصلاة والسلام ذات يوم ومعه عبد الله بن عمر :" لو تركنا هذا الباب للنساء" .... وليس هذا فقط بل جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم من الصلاة مكث هنيهة فقال الراوي " فكنا نرى أنه يمكث لكي تنصرف النساء قبل الرجال " وما يصير فيه الاختلاط في الطريق ، وفي سنن أبي داود حديث يقول فيه " ليس للنساء حق في وسط الطريق ".

هذه آداب إسلامية فهل يمكن تحقيق هذه الأشياء هنالك في الجامعة مهما صورتنا الموضوع ، فالشاهد يرى مالا يراه الغائب، في اعتقادي وأنت تصحح أو تضعف لا يمكن تطبيق هذا النظام في الجامعات لأن هذه الجامعات ما قامت على المنهج الإسلامي ) ا.هـ

وقال الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : في( كتاب فتاوى النظر والخلوة والاختلاط)(ص 17-23) جمع وترتيب " محمد بن عبد العزيز المسند "

(( خطر الاختلاط بين الجنسين في المدارس والجامعات ما ينبغي أن نوجهه للمسؤولين في الدول الإسلامية حيث مكنوا شعوبهم من الدراسة في مدارس مختلطة لأن هذا الوضع مخالف للشريعة الإسلامية وما ينبغي أن يكون عليه المسلمون وقد قال صلى الله عليه وسلم :"خير صفوف النساء آخرها و شرها أولها" وذلك لأن الصف الأول قريب من الرجال والصف الآخر بعيد منهم فإذا كان التباعد بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط بينهم مرغبا فيه حتى في أماكن العبادة كالصلاة التي يشعر المصلي فيها بأنه بين يدي ربه بعيدا عما يتعلق بالدنيا فما بالك إذا كان الاختلاط في المدارس أفلا يكون التباعد وترك الاختلاط أولى ؟!

إن اختلاط الرجال بالنساء لفتنة كبرى زينها أعداؤنا حتى وقع فيها الكثير منا وفي صحيح البخاري عن أم سلمة رضي الله عنها قالت :"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه وهو يمكث في مقامه يسيرا قبل أن يقوم قالت : نرى والله أعلم أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال" )) ا.هـ

قال الإمام صالح الفوزان ـ حفظه الله ـ :(( وأما استدلال من يبيح الاختلاط بين النساء والرجال في الحفلات والمنتديات وغيرها بكون النساء الآن يختلطن بالرجال في الطواف والسعي

ـ فالجواب عن ذلك:

1 ـ أن الأدلة السابقة دلت على تحريم الاختلاط وتصرفات الناس إذا خالفت الأدلة لا يحتج بها. بل يحتج عليها.

2 ـ أن حالة الناس في المسجد الحرام حالة ضرورة لكثرة الناس كثرة تخرج عن السيطرة مع حرص القائمين على شؤون المسجد الحرام وفقهم الله على منع ذلك ما أمكن ، والله تعالى يقول:{فاتقوا الله ما استطعتم}.

3 ـ إذا حرم اختلاط النساء بالرجال من غير ضرورة في مواطن العبادة وهي المساجد فلأن يحرم ذلك في غير مواطن العبادة من باب أولى. لما في ذلك من الفتنة وإتاحة الفرصة للمفسدين.

4 ـ أن الاختلاط الذي قد يحصل في المسجد الحرام لشدة الزحام غير مقصود وإنما ألجأ إليه الزحام الشديد الذي لا يمكن منعه. أما ما يمكن منعه من الاختلاط فإنه لا يجوز كما دلت عليه الأدلة...)) (الموقع الرسمي للشيخ صالح الفوزان) ا.هـ

قال العلامة عبدالمحسن العباد ـ حفظه الله في مقاله (لماذا الكلام الموهمفي فتنة اختلاط الجنسين يا حفية شيخ الإسلام ؟) :

(( أقول: لا ينبغي أن يخلط بين الاختلاط في الأسواق ودور العبادة مع الاحتشام والاحتجاب والبعد عن أسباب الفتنة بين الرجال والنساء، فالنساء في دور العبادة لا يختلطن بالرجال فإنهن يصلين في أماكن منفصلات عن الرجال لقوله صلى الله عليه وسلم: "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، وكذا ذهابهن للأسواق لحاجتهن إلى ذلك مع ابتعادهن عن الامتزاج بالرجال .

أقول: لا ينبغي أن يخلط بين هذا وبين وجود النساء مع الرجال في مكاتب العمل وقاعات الدراسة فإن هذا وإن لم يكن فيه خلوة في الغالب إلا أن فيه ذهاب الاحتشام والحياء والوقوع في الاختلاط المذموم الذي لا تؤمن معه الفتنة على الجانبين لاسيما مع كون النساء كاشفات الوجوه ينظر بعضهم إلى بعض ويتحدث النساء مع الرجال وقد يتضاحكن معهم، والبلاد التي ابتليت بالاختلاط في مكاتب العمل وقاعات الدراسة يعاني عقلاؤها الأسى والألم، ويتمنون أن يجدوا السلامة منه لما فيه من فقد الحياء وسهولة الوصول إلى المحرمات وهذا هو الذي يريده المستغربون والتغريبيون الذين أعجبهم ما شاهدوه في بلاد الغرب من الاختلاط المذموم، وقد ذكر الكاتب ضوابط للاختلاط الجائز، في بعضها )) ا.هـ

فهذه هي فهوم علماء السنة لتلك الأدلة ، وقد شهد لصحة فهمها ورجحانها العقل والنقل ، فنرجو من خالفهم أن يتأمل فيها حق التأمل ، ويقف عندها ولا يتجاوزها ، ولا يغتر بتلك الشبهة التي نسجها أهل الضلال ، فحلت وانحلت واضمحلت .





([1]) انظر إلى كتاب ( الصوارف عن الحق)(96 ـ 98)


([2]) وهذه النصيحة الغالية الذهبية توجه إلى كل من سلك مسلك المدير

([3]) الفتوى : 23 من( مجموع الفتاوى) و(كتاب فتاوى النظر والخلوة والإختلاط)

مؤسسة الحرمين الخيرية ، جمع وترتيب: محمد عبد العزيز المسند ص07-16

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
11-Aug-2013, 02:59 PM
بيان زيف قولهم : إن الاختلاط الحاصل في المدارس وأماكن العمل لا يخرج أمره عن ما هو حاصل من الاختلاط في الأسواق والأماكن العمومية الذي عمت به البلاوى واضطر إليه المسلم مع مجانبة فتنته وشره على قدر المستطاع

أقول

بيان هذه الشبهة يكون على الأوجه التالية :
الوجه الأول : قد قامت أدلة الكتاب والسنة على تحريم الاختلاط والنهي عن مقاربته ، وما خرج عنها من تصرفات الناس فلا يحتج به ، وأنى لها أن تقام مقام الأدلة فتعارض بها نصوص الوحيين .
الوجه الثاني : إن ذلك الاختلاط الواقع في الأسواق والأماكن العمومية ، كل عاقل يعلم أنه لا تقره الشريعة ، وخاصة إذا استصحبه السفور والتبرج والخضوع في القول ، ولهذا شدّد في إنكاره أئمة الإسلام ونهوا عنه ، وعن مقاربة أماكنه إلا من كان يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ، مع التحرز من خلوته والخضوع في القول ، وأن يكون على قدر قضاء حاجة صاحبه وضرورته وينصرف ، ومع ذلك إن وجد غيره وأفضل منه فلا يتسامح في ارتياد أماكنه ومواقعته ([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887&hl=#_ftn1))، وهذا لا يتأتى كما لا يخفى ، مع ما هو حاصل من الاختلاط في المدارس وأماكن العمل التي لا يعدم صاحبها من الخلوة والخضوع في القول والجلوس في أماكنها بالساعات الطويلة ، مع إن ارتيادها ومواقعتها كان باختيار صاحبها ، وهو غير مضطر إليها ، لوجود غيرها والبديل عنها مما هو مشروع غير ممنوع سواء ما كان أمره في ميدان العلم والتعلم أو ما كان في ميدان التكسب ،"ومن لم يفرق بين حالي الاختيار والاضطرار، فقد جهل المعقول والمنقول."([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=138887&hl=#_ftn2)) . وخاصة إذا عرفنا أن ذلك الأمر الذي أوقع العبد المسلم في فتنة الاختلاط ، هو في غنية عنه وليس بحاجة إليه ، وأقل أحواله أن يكون من فروض الكفاية التي لا ينبغي تحصيلها بمعصية الله تعالى إمتثالا وتطبيقا لقاعدة "الغاية تبرر الوسيلة "، والتي لا ينبغي أن يكون فيها المؤمن كبش الفداء .

قال العلامة عبدالمحسن العباد في مقاله (لماذا الكلام المُوهِم في فتنة اختلاط الجنسين يا حفيد شيخ الإسلام؟) : (( أقول: لا ينبغي أن يخلط بين الاختلاط في الأسواق ودور العبادة مع الاحتشام والاحتجاب والبعد عن أسباب الفتنة بين الرجال والنساء، فالنساء في دور العبادة لا يختلطن بالرجال فإنهن يصلين في أماكن منفصلات عن الرجال لقوله صلى الله عليه وسلم: "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه (985)، وكذا ذهابهن للأسواق لحاجتهن إلى ذلك مع ابتعادهن عن الامتزاج بالرجال .

أقول: لا ينبغي أن يخلط بين هذا وبين وجود النساء مع الرجال في مكاتب العمل وقاعات الدراسة فإن هذا وإن لم يكن فيه خلوة في الغالب إلا أن فيه ذهاب الاحتشام والحياء والوقوع في الاختلاط المذموم الذي لا تؤمن معه الفتنة على الجانبين لاسيما مع كون النساء كاشفات الوجوه ينظر بعضهم إلى بعض ويتحدث النساء مع الرجال وقد يتضاحكن معهم، والبلاد التي ابتليت بالاختلاط في مكاتب العمل وقاعات الدراسة يعاني عقلاؤها الأسى والألم، ويتمنون أن يجدوا السلامة منه لما فيه من فقد الحياء وسهولة الوصول إلى المحرمات وهذا هو الذي يريده المستغربون والتغريبيون الذين أعجبهم ما شاهدوه في بلاد الغرب من الاختلاط المذموم، وقد ذكر الكاتب ضوابط للاختلاط الجائز، في بعضها تداخل وفي بعضها خفاء وغموض وبعضها واضح وأوضحها وأحسنها .)) ا.هـ






([1]) سئل الإمام المبجل ابن باز ـ رحمه الله ـ :
هل يجوز للمسلم أن يدخل سوقا تجاريا وهو يعلم أن في السوق نساء كاسيات عاريات وأن فيه اختلاطا لا يرضاه الله عز وجل؟ .
فأجاب ـ رحمه الله ـ : مثل هذا السوق لا ينبغي دخوله إلا لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أو لحاجة شديدة مع غض البصر والحذر من أسباب الفتنة حرصا على السلامة لعرضه ودينه وابتعادا عن وسائل الشر، لكن يجب على أهل الحسبة وعلى كل قادر أن يدخل مثل هذه الأسواق لإنكار ما فيها من المنكر عملا بقول الله سبحانه وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[ التوبة :71]، وقوله سبحانه وتعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[ آل عمران:104] والآيات في هذا المعنى كثيرة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه» رواه الإمام أحمد وبعض أهل السنن عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه بإسناد صحيح. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » رواه الإمام مسلم في صحيحه والأحاديث في هذا المعنى كثيرة والله ولي التوفيق. ا.هـ(مجموع فتاوى ابن باز)(27/ 529)
ـ وسئل الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ :
وسائل النقل في بلدنا جماعية ومختلطة وأحياناً يحدث ملامسة لبعض النساء دون قصد أو رغبة في ذلك ولكن نتيجة الزحام فهل نأثم على ذلك؟ وما العمل ونحن لا نملك إلا هذه الوسيلة ولا غنى لنا عنها؟
فاجاب ـ رحمه الله ـ : الواجب على المرء أن يبتعد عن ملامسة النساء ومزاحمتهن بحيث يتصل بدنه ببدنهن ولو من وراء حائل، لأن هذه مدعاة للفتنة والإنسان ليس بمعصوم قد يرى من نفسه أنه يتحرز من هذا الأمر ولا يتأثر به ولكن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فربما يحصل منه حركة تفسد عليه أمره، فإذا اضطر الإنسان إلى ذلك اضطراراً لابد منه وحرص على أن لا يتأثر فأرجو ألا يكون عليه بأس. لكن في ظني أنه لا يمكن أن يضطر إلى ذلك اضطراراً لابد منه إذ من الممكن أن يطلب مكاناً لا يتصل بالمرأة حتى ولا بقى واقفاً، وبهذا يتخلص من هذا الأمر الذي يوجب الفتنة، والواجب على المرء أن يتقي الله تعالى ما استطاع وأن لا يتهاون بهذه الأمور. ا.هـ ( فتاوى النظر والخلوة والاختلاط)(ص40)
ـ وسئل الإمام صالح الفوزان ـ حفظه الله ـ :
ما حكم تحدث المرأة مع صاحب محل الملابس أو الخياط‏؟‏ مع الرجاء توجيه كلمة شاملة إلى النساء‏.‏؟
فأجاب : تحدث المرأة مع صاحب المتجر التحدث الذي بقدر الحاجة وليس فيه فتنة لا بأس به، كانت النساء تكلم الرجال في الحاجات والأمور التي لا فتنة فيها وفي حدود الحاجة‏.‏
أما إذا كان مصحوبًا بضحك أو بمباسطة أو بصوت فاتن؛ فهذا محرم لا يجوز‏.‏
يقول الله سبحانه وتعالى لأزواج نبيه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن‏:‏ ‏{‏فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي في قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا‏}‏‏[‏الأحزاب‏:‏32‏]‏، والقول المعروف ما يعرفه الناس وبقدر الحاجة، أما ما زاد عن ذلك؛ بأن كان على طريق الضحك والمباسطة، أو بصوت فاتن، أو غير ذلك، أو أن تكشف وجهها أمامه، أو تكشف ذراعيها، أو كفيها؛ فهذه كلها محرمات ومنكرات ومن أسباب الفتنة ومن أسباب الوقوع في الفاحشة‏.‏
فيجب على المرأة المسلمة التي تخاف الله عزّ وجلّ أن تتقي الله، وألا تكلم الرجال الأجانب بكلام يطمعهم فيها ويفتن قلوبهم، تجنب هذا الأمر، وإذا احتاجت إلى الذهاب إلى متجر أو إلى مكان فيه الرجال؛ فلتحتشم ولتتستر وتتأدب بآداب الإسلام، وإذا كلمت الرجال، فلتكلمهم الكلام المعروف الذي لا فتنة فيه ولا ريبة فيه‏.‏ا.هـ ( المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان )
([2]) (العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم)(8/ 174)