المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طيش الشبان شرد السنوان.



أبو عبد الله بلال الجزائري
26-Jul-2013, 01:11 PM
طيش الشبان شرد النسوان

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:


فقد حذر العلماء من فتنة الخروج و فتنة المظاهرات و فتنة تفريق الأمة إلى شيع و أحزاب متناحرة فلم يستجب لهم إلا القليل و اتهم أهل العلم الأجلاء حفظهم الله و رحم منهم الأموات بالعمالة لليهود و النصارى كذبا و زورا و بهتنا و الله حسيبهم على ما يصفون ، و ها قد مضى ما مضى من الزمن و الناس في فوضى و اضطراب و خوف و فزع و عدم استقرار و ما هذا إلا نتيجة طيشهم وعدم حمدهم لربهم تبارك و تعالى على نعمة الأمن ، و من واجب النصيحة لعلنا نذكر هؤلاء بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي قال فيه : (من أصبح منكم آمنا في سربه ، معافي في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا) ([1] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftn1)) ، قال المناوي في فيض القدير : (''من أصبح منكم آمنا في سربه'' بكسر السين على الأشهر أي في نفسه وروي بفتحها أي في مسلكه وقيل بفتحتين أي في بيته (معافى في جسده) أي صحيحا بدنه (عنده قوت يومه) أي غذاؤه وعشاؤه الذي يحتاجه في يومه ذلك، يعني : من جمع الله له بين عافية بدنه ، وأمن قلبه حيث توجه ، وكفاف عيشه بقوت يومه ، وسلامة أهله ، فقد جمع الله له جميع النعم التي من ملك الدنيا لم يحصل على غيرها ، فينبغي أن لا يستقبل يومه ذلك إلا بشكرها ، بأن يصرفها في طاعة المنعم ، لا في معصية ، ولا يفتر عن ذكره ، (فكأنما حيزت) بكسر المهملة (له الدنيا) أي ضمت وجمعت (بحذافيرها) أي بجوانبها أي فكأنما أعطي الدنيا بأسرها، ومن ثم قال نفطويه :
إذا ما كساك الدهرُ ثوبَ مصحَّةٍ *** ولم يخل من قوت يُحَلَّى ويَعذُب.
فلا تغبطنّ المترَفين فإنه *** على حسب ما يعطيهم الدهر يسلب.
و قال :
و إذا القوت يأتي لك و الصحة و الأمن *** و أصبحت أخا حزن فلا فارقك الحزن.)([2] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftn2))
فتحقيق الأمن يعد من أسمى المقاصد ومن أجلها، و أعظم مطلب يسعى إليه جميع الناس ، و الذي لا يحب الأمن فاعلم أنه عاشق للفتن و الفساد ، و الذين لا يحبون الأمن هم شواذ من الناس يسعون لإثارة الفتن و الخراب كما يحدث هذه الأيام في مصر و في العالم الإسلامي عموما ، و انظر لطيش الشبان في سوريا الذي خلف من ورائه تشرد النسوان في كل مصر من الأمصار حتى صارت الحرائر السوريات يتكففن أمام المساجد و الذئاب البشرية تستعد للإنقضاض عليهن ، و كلما رأيتهن في ذاك المقام تقطعت أحشائي حزنا و تألمت تألما شديدا ، و يحك هذا الطيش و العبث أدى إلى عدم استقرار الأمن الداخلي لبلدك ، فأنت فعلتها عن طيش و عناد فشردت أختك و أمك و عمتك و خالتك و أخرجتها من دار العفة إلى الدار الذل و الهوان ، و يحك أما علمت أيها الطائش و من معك من الجهلة الأغرار أن الأمن من النعم التي أنعم الله عزوجل بها على عباده؟ أما علمت أن [ الأمن منة إلهية و منحة ربانية و عطية من الله جل و علا]([3] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftn3)) ، أما علمت أنه فيجب عليك المحافظة عليها و عدم تضييعها بطيشك و تقليدك للغرب؟، أما علمت معنى الأمن و أنه ضد الخوف ؟، قال المناوي : عدم توقع مكروه في الزمن الآتي ، و أصله : طمأنينة النفس و زوال الخوف ([4] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftn4)) ، فكان لزاما عليك أيها الطائش أن تحافظ على هذه النعمة وتسعى في تحقيقها فحاجتك للأمن أكثر من ضرورة ، بل أعظم من حاجتك للأكل و الشراب ، و خير دليل على كلامي أنه لما تكون البلاد في حالة خوف من فتن و حروب فلا يفكر الناس ساعتئذ إلا في تأمين أنفسهم و لو لم تشبع بطونهم ، و لهذا جاء في القرآن الكريم ذكر الأمن قبل الرزق و لا يوجد أدل من قول الله جل و علا : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ)[ البقرة 126]. فالشاهد من الآية الكريمة أن إبراهيم عليه السلام دعا بأمرين هما الأمن و الرزق فبدأ بالأمن قبل الرزق ذلك أن الأمن متى كان حصل به الخير و قامت به مصالح العباد .
و قال الشيخ السعدي رحمه الله : ( فرغد الرزق و الأمن و المخاوف من أكبر النعم الدنيوية ، الموجبة لشكر الله تعالى ، فلك اللهم الحمد و الشكر على نعمك الظاهرة و الباطنة)([5] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftn5))
و يحك هلا راجعت نفسك و قلت ما هذا إلا بسبب ذنوبي و استغفرت و رجعت إلى ربك عوض تقليد الكفار في همجهم و رمي كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم وراء ظهرت ، و يحك أما علمت أن الذي أذنب لا ينكر العقوبة ، أما علمت أن بشار ما هو إلا نقمة الله عليك ؟ و رحم الله الحسن البصري القائل : ( اعلم _عافاك الله _ أن جور الملوك نقمة من الله تعالى ، و نقم الله تعالى لا تلاقى بالسيوف ، و إنما تتقى و تستدفع بالدعاء و التوبة ، و الإقلاع عن الذنوب ، إن نقم الله متى لقيت بالسيف كانت هي أقطع ....'' . و سمع رجلا يدعو على الحجاج فقال : '' لا تفعل رحمك الله ، إنكم من أنفسكم أتيتم ، إنما أخاف إن عزل الحجاج أو مات أن تليكم القردة و الخنازير ، و لقد بلغني أن رجلا كتب إلى بعض الصالحين يشكو إليه جور العمال فكتب إليه : '' يا أخي و صلني كتابك تذكر ما أنتم فيه من جور العمال ، و إنه ليس ينبغي لمن عمل بالمعصية أن ينكر العقوبة ، و ما أظن الذي أنتم فيه إلا من شؤم الذنوب ، و السلام)([6] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftn6)).
هذا و إني اسأل الله عزوجل بأسمائه الحسنى و صفاته العلى أن يفرج عن إخواننا في الشام و ألا يؤاخذهم بما فعل السفهاء منهم ، ربنا تجاوز عنهم و انصرهم و اغفر لهم ، ربنا بدل خوفهم أمنا و رزقهم العقل السليم ، ربنا اغفر لنا و ارحمنا فأنت مولانا و نعم الوكيل ، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.



أبو عبد الله بلال القسنطيني الجزائري.



[1] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftnref1): رواه الترمذي برقم (2346) و ابن ماجة برقم (4141) و صححه الألباني في الصحيحة برقم ( 2318) وقال : (وبالجملة ، فالحديث حسن إن شاء الله بمجموع حديثي الأنصاري وابن عمر . و الله أعلم) ، و صححه كذلك في صحيح سنن الترمذي (2/542).

[2] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftnref2): فيض القدير (6/68) طبعة دار المعرفة.


[3] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftnref3): أمن البلاد أهميته و وسائل تحقيقه و حفظه للشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله تعالى (ص:6)


[4] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftnref4):تاج العروس (34/184).


[5] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftnref5):تفسير السعدي ( ص :395).


[6] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftnref6): آداب الحسن البصري لابن الجوزي ( ص : 119-120).

آبو عبد الرحيم محمد عيساوي
26-Jul-2013, 11:02 PM
أسال الله العظيم ان يحفظ بلاد الاسلام

أبو عبد الصمد محمد بن عبد الله
26-Jul-2013, 11:20 PM
بارك الله فيك أبو عبد الله و إني اسأل الله عزوجل بأسمائه الحسنى و صفاته العلى أن يفرج عن إخواننا في الشام و ألا يؤاخذهم بما فعل السفهاء منهم ، ربنا تجاوز عنهم و انصرهم و اغفر لهم ، ربنا بدل خوفهم أمنا

أبو عبد الله بلال الجزائري
27-Jul-2013, 01:53 AM
و فيك بارك

أبو ياسر إسماعيل بن علي
27-Jul-2013, 04:02 AM
قال تعالى : { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [الأنعام : 153 ، 154]
قال السعدي رحمه الله :
{ فَاتَّبِعُوهُ } لتنالوا الفوز والفلاح، وتدركوا الآمال والأفراح. { وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ } أي: الطرق المخالفة لهذا الطريق { فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } أي: تضلكم عنه وتفرقكم يمينا وشمالا
تفسير السعدي - (1 / 280)
قال أبوعبد الله بلال جزاه الله خيرا:هذا و إني اسأل الله عزوجل بأسمائه الحسنى و صفاته العلى أن يفرج عن إخواننا في الشام و ألا يؤاخذهم بما فعل السفهاء منهم ، ربنا تجاوز عنهم و انصرهم و اغفر لهم ، ربنا بدل خوفهم أمنا و رزقهم العقل السليم ، ربنا اغفر لنا و ارحمنا فأنت مولانا و نعم الوكيل ، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
قلت :آمين

أبو عبد الله بلال الجزائري
27-Jul-2013, 09:07 PM
جزاك الله خيرا أخي على تعليقك الطيب