المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ((الجواب الأثري على سؤال السلفي بما يتعلق بقنوت رمضان والصلاة وما ينبغي )) الشيخ أبي بكر يوسف لعويسي حفظه الله .



أبو هنيدة ياسين الطارفي
29-Jul-2013, 01:44 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
حياكم الله يا شيخ ، و الأخوة في مدينة بلعباس يقرؤوك السلام .
وعندي سؤال أريد الجواب عنه : فضيلة الشيخ نرى في رمضان بعض الأئمة يطول في دعاء القنوت ، فهل هذا من هدي النبي وما هو الدعاء المأثور والثابت بارك الله فيكم .
--------------
بسم الله الرحمن الرحيم
من أبي بكر يوسف لعويسي إلى الأخ الفاضل أبو أمامة حمليلي - وفقه الله ورعاه -وعليكم السلام ورحمة الله.
أما بعد:
هذه رسالة كنت أرسلتها إلى أحد الأئمة هنا عندنا في مدينة الجزائر تعالج نفس الموضوع الذي شاع وذاع ليس في الجزائر فحسب ، وإنما في كثير من بلاد المسلمين والدافع لهم هو تقليد بعض أئمة الحرمين وغيرهم دون دليل ولا سند ، وإنما هو محض الاستحسان لما وقع فيه من قلدوهم .فانظر فيها أخي ؛ وصحح ما فيها من أخطاء فقد كتبتها على عجل ، وأنا الآن على أهبة السفر سأنطلق بعد ساعة من الآن ، ثم إن رأيتم أن الإمام المذكور فيه خير وينصاع للحق فأعطوها له وإلا فلا تتعبوا أنفسكم فكثير من أئمة هذا الزمان قد أُشربت قلوبهم حب البدعة فلا يتبع أكثرهم إلا وهم مبتدعون ، نسأل الله تعالى السلامة .. قلت فيها :
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الأخ الفاضل إمام مسجد .... - حفظه الله ورعاه -السلام عليكم ورحمة الله .
أما بعد :جزاك الله خيرا وبارك فيك على ما تبذله من جهد طيب في الحرص على نفع إخوانك بتلك القراءة الطيبة ، والصوت الشجي ، وفي الحقيقة لقد منّ الله عليك فأتاك مزمارا من مزامير داود ، فأسأل الله تعالى أن يجعلك من أهل القرآن وخاصته.آمين .
ثانيا: إنه لمن دواعي السرور أن أتواصل معك بهذه الرسالة ، وأنا لا أعرفك معرفة حقيقية –كما لا تعرفني - إلا من خلال الاستماع إلى قراءتك والصلاة وراءك ، وهذا يشرفني أن أصلي وراء سني ظاهره الحرص كل الحرص على تطبيق السنة وتجنب المحدثات ، وهذا يفرح كل سني سلفي يصلي وراءك ، لكن ثمة أمور أحببت أن أنبهك إليها حتى تكتمل فرحتنا .
ثالثا : أستسمحك أخي عذرا إن رأيت مني نبوة قلم شاذة ، أو نبرة فهم حادة ، فربما طاش اللسان فجرها القلم ، والعذر من شيم أهل الجود والكرم ، فكيف به عند أهل الله وخاصته ؟؟أخي الكريم ، تعلم أن الصلاة عمود الدين وأنها ركنه الثاني ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مات وهو يوصي بها << الصلاة ، الصلاة وما ملكت إيمانكم >> أخرجاه ، وقال :<< صلوا كما رأيتموني أصلي>> . رواه البخاري ونحن لم نره ، وإنما نقل لنا الثقات الأثبات صلاته كأننا نراها من التكبير إلى التسليم ، وتعلم أخي الفاضل أن جمهور المسلمين أخلوا بهذه الشعيرة العظيمة ، سواء في إقامتها أو أدائها على الوجه المشروع ، وتعلم أخي ما أعده الله تعالى لمن ينوب عن النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ دينه ، وإمامته للناس ، وتعليم الناس سنة رسول الله في الدين عموما وفي الصلاة خصوصا ، أعظم شعيرة بعد التوحيد ، وتعلم أخي أيضا أن إرضاء الناس كافة غاية لا تدرك ، ولذلك على من تولى هذا المنصب العظيم أن يُرضي الله سبحانه وتعالى ولا يلتفت إلى الخلق فإنهم لن يغنوا عنه من الله شيئا ، فعليه أن يسدد ويقارب ولا يخل بالصلاة حتى يذهب بجمالها وأركانها وكمالها ، من خشوع وطمأنينة وسنن ، ولا يفتن الناس بالإحداث فيها وإطالتها حتى يخرجها عن حد العدل والقصد .
الملاحظة الأولى : عدم العدل فيها ، وهو أنك تطيل القراءة في صلاة العشاء وتقصر الركوع والسجود فيها ، وقد كانت صلاته صلى الله عليه وسلم متقاربة متساوية .. وأنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل القيام ؛ ويطيل الركوع والسجود ويكثر من الدعاء في الركوع والسجود حتى إنه كما في حديث حذيفة قرأ بالبقرة والنساء وآل عمران ، وكان يقرأ مترسلاً وكان يدعو عند آيات الرحمة ويستعيذ عند آيات العذاب وإذا مرَّ بآية فيها تسبيح سبح عليه الصلاة والسلام وكان ركوعه نحوًا من قيامه أي قريبًا من قيامه وكان سجوده قريبًا من قيامه ، وهذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته في الليل عمومًا والتهجد بعد النوم .
2- تقصير السجود بحيث لا تترك من وراءك أن يدعو ولو بدعاء واحد ، بل في الركعتين الأخيرتين منها لا يكاد المرء ينتهي من التسبيح فضلا عن الدعاء إلا وأنت قد قمت ، وأيضا في التشهد الأخير لا يكاد المصلي ينتهي منه إلا وأنت سلمت . وكذلك في صلاة التراويح فأنت تكاد تقرأ الربع في الركعة ولكن في الركوع والسجود لا تعطيهما حقهما .. وقد قال صلى الله عليه وسلم :<< <<إِذَا قُمْتَ
إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا>> أخرجه الستة ومالك وأحمد .
ومعناه أنه يجب على المصلي كان إماما أو مأموما أن يطمئن حتى يرجع كل عضو إلى مكانه مستقرا استقرارا تاما وسكينة لا اضطراب معها . وقال صلى الله عليه وسلم : (( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء)) رواه مسلم وأحمد وأبو داود وغيرهم .
وهو موضع الدعاء ، والإسرار به والتضرع إلى الله ، مع أنك تفعل العكس تماما ففي المكان الذي ينبغي أن ندعو فيه تترك الدعاء ، وفي المكان الذي لا ينبغي أن ندعو فيه أو ندعو ولا نطيل فيه تدعو، وتدعو وتطيل..كما في دعاء القنوت الذي تفعله وسيأتي الكلام عليه .
3- الاستراحة بين كل ركعتين ، وهذا ما كان عليه السلف الصالح ولذلك سميت بصلاة التراويح أي من الاسترواح ، بين كل ركعتين ، وهذا حال السلف ، فقد كان منهم من يطوف بين الركعتين والإمام لم يبدأ في الركعتين التاليتين ، وهكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يصلونها حتى يدركهم الثلث الأخير من الليل ، بل جاء في بعض الروايات أنهم ينصرفون منها عند فروع الفجر ، قال ابن حجر بدايته ، وقد خاف بعضهم فوات الفلاح أي السحور، أما اليوم فأحسن الأئمة حالا من يصلي ساعة وربع أو ساعة ونصف مع الدعاء ، ودون ترويح ، مما يجعل كثير من الناس يشق عليهم ، ولا يستطيعون الصلاة .
4- القراءة في بعض سورها بالمقامات ، وأقل ما يقال فيه أنه لم يكن من فعل الصحابة ولا التابعين ، والخير كل الخير في اتباع من سلف .وسيأتي مزيد بيان لها .5 - رفع الصوت في بعض الآيات دون الأخرى أو تخصيص بعض الآيات دون الأخرى برفع الصوت والتجاوز بالمد عن حده المشروع ، وهذا ليس من العدل مع آيات كتاب الله تعالى .. كما أفاده الشيخ فقيه الأمة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله .
6- تلحين والتغني وتجويد وترتيل دعاء القنوت كالقرآن تماما فالذي يجهل القرآن يقول أنك تقرأ في آيات من كتاب الله ، تغُن حيث الغنة وتمد حيث المد وتراعي فيه أحكام التلاوة ،. وهذا لم يكن من الأمر الأول ..قال الشيخ بكر في رسالته دعاء القنوت : إنّ التلحين، والتطريب، والتغني، والتقعر، والتمطيط في أداء الدعاء، منكر عظيم، ينافي الضراعة، والابتهال، والعبودية، وداعية للرياء، والإعجاب، وتكثير جمع المعجبين به وقد أنكر أهل العلم على من يفعل ذلك في القديم والحديث.فعلى من وفقه الله - تعالى - وصار إمامًا للناس في الصلوات، وقنت في الوتر، أن يجتهد في تصحيح النية، وأن يلقي الدعاء بصوته المعتاد، بضراعة وابتهال متخلصًا مما ذكر، مجتنبًا هذه التكلفات الصارفة لقلبه عن التعلق بربه .قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى –ولهذا نرى ونسمع في عصرنا الترنم والتلحين في الدعاء من سيمات الرافضة والطُّرقية، فعلى أهل السنة التنبه للتوقِّي من مشابهتهم.
7- الاعتداء في الدعاء بتجاوز الحد المأثور ، والإطالة فيه ، والتشقيق والتفصيل وأدعية غير مأثورة كقولك مثلا : اللهم جمد الدم في عروقهم ، وكقولك : اللهم زوج شباب المسلمين اللهم ارزقنا الحج هذا العام وغير ذلك ..
8- التخشع فيه ورفع الصوت إلى حد البكاء فنرى كثيرا من المصلين تؤثر فيهم بعض الأدعية وربما هي غير مأثورة بل هي من كلام الإمام الداعي الذي يرتلها ويتخشع فيها ، ولا يتأثرون وهم يسمعون كلام الله ، وأنت لا شك أنك تتلو عليهم آيات فيها قوارع ومواعظ تهتز لها الجبال ..كما قال تعالى : (( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خشعا متصدعا من خشية الله ..))وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عن ظاهرة ارتفاع الأصوات بالبكاء؟
الجواب:
لقد نصحت كثيرًا ممن اتصل بي بالحذر من هذا الشيء وأنه لا ينبغي، لأن هذا يؤذي الناس ويشق عليهم ويشوش على المصلين وعلى القارئ، فالذي ينبغي للمؤمن أن يحرص على أن لا يسمع صوته بالبكاء، وليحذر من الرياء فإن الشيطان يجره إلى الرياء، فينبغي له أن لا يؤذي أحدًا بصوته ولا يشوش عليهم، ومعلوم أن بعض الناس ليس ذلك باختياره بل يغلب عليه من غير قصد وهذا معفوٌ عنه إذا كان بغير اختياره، و قد ثبت عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه إذا قرأ يكون لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء و جاء في قصة أبي بكر رضي اللّه عنه أنه كان إذا قرأ لا يُسمِع الناس من البكاء و جاء عن عمر رضي اللّه عنه أنه كان يسمع نشيجه من وراء الصفوف و لكن هذا ليس معناه أنه يتعمد رفع صوته بالبكاء و إنما شيء يغلب عليه من خشية اللّه عز و جل فإذا غلبه البكاء من غير قصد فلا حرج عليه في ذلك.
9 – اليوم ليلة الجمعة جئت بجمل في الدعاء ذكرتها بصيغة الجمع فقلت فيها : ونشهد أن لا إله إلا أنت ، ونشهد أن محمدا عبدك ورسولك ونشهد أن الجنة حق ونشهد أن النار حق .. وهذا خطأ وغلط لأن النيابة في الشهادة بالإيمان لا تجوز أخي ولذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم في خطبة الحاجة قال :<< نحمده ونستعينه، ونستغفره .. >> ولما جاء إلى الشهادة أفردها وقال:<< وأشهد أن لا إليه إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ..>>وأصح ما ورد في دعاء القنوت : هو ما علمه صلى الله عليه وسلم لحفيده الحسن حيث قال :علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: << اللهم أهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت >>.ولا بأس من الزيادة عليه من غير إطالة مفرطة بلعن الكفرة ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للمسلمين في النصف الثاني من رمضان ، لثبوت ذلك عن الأئمة في عهد عمر رضي الله عنه ، لكن بالمأثور عنهم فقد جاء في آخر حديث عبد الرحمن بن عبيد القاري : " وكانوا يلعنون الكفرة في النصف : اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ، ويُكذبون رسلك ، ولا يؤمنون بوعدك ، وخالف بين كلمتهم ، وألق في قلوبهم الرعب ، وألق عليهم رجزك وعذابك ، إله الحق ) ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير ، ثم يستغفر للمؤمنين.قال : وكان يقول إذا فرغ من لعنة الكفرة وصلاته على النبي واستغفاره للمؤمنين والمؤمنات ومسألته : ( اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، ونرجو رحمتك ربنا ، ونخاف عذابك الجد ، إن عذابك لمن عاديت ملحق " ثم يكبر ويهوي ساجداً . صحيح ابن خزيمة (1100).وقال شيخنا الألباني صحيح قيام رمضان (ص31/32).ومن السنة أن يقول في آخر وتره قبل السلام أو بعده:"اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك".
1- المبالغة في رفع الإمام صوته في الدعاء، حتى يصل أحياناً- إلى حد الصياح والصراخ. هذا يحدث مع أن الله - عز وجل - يقول: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} فسمَّى الله - سبحانه وتعالى - رفع الصوت في الدعاء اعتداء، ويقول - سبحانه -: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيْلاً}ْوفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: (( أربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصمّاً ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً بصيراً...)). ورفع الصوت بالدعاء بالإضافة إلى مخالفته للسنة، فهو مُذهبٌ للخشوع مجلبٌ للرياء والعياذ بالله.2- المبالغة في رفع الصوت بالبكاء ينبغي للإمام إذا تأثر بالقرآن أو بالدعاء أن يدافع البكاء، فلم يكن من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبكي في الصلاة بصوت عالٍ ليبكي من خلفه، كما يفعله بعض الأئمة- هداهم الله- اليوم فيستدعون ببكائهم بكاء غيرهم، ناهيك أنهم يبكون بنحيب وعويل وشهيق، بل كان - صلى الله عليه وسلم - يكتم بكاءه في صدره حتى يصبح له أزيز كأزيز المرجل- أي كغلي القدر -. قال ابن القيم - رحمه الله - عن هديه - صلى الله عليه وسلم - في البكاء: ((وأما بكاؤه - صلى الله عليه وسلم - فكان من جنس ضحكه لم يكن بشهيق ورفع صوت))، ولم يشعر ابن مسعود - رضي الله عنه - ببكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قرأ عليه طرفًا من سورة النساء، إلا بعد أن نظر إليه فوجد عينيه تذرفان، والقصة في صحيح البخاري، فمدافعة البكاء إتباعٌ للسنة ومدعاة للإخلاص.
3- الإطالة المفرطة في الدعاء: بعض الأئمة ربما جعل دعاء قنوته أطول من صلاته، وهذا خلاف هديه - صلى الله عليه وسلم - إذ كان يدعو بجوامع الكلم، بخلاف ما عليه كثير من الأئمة في هذه الأيام، فمنهم من يجعل الدعاء موعظة يذكر فيها الجنة وصفاتها، والنار وما فيها من أهوال، وعذاب القبر وما فيه من وحشة وظلمة ، في سجع متكَلفٍ يستثير به عواطف الناس ويستدعي بكاءهم لا تجد معشاره أثناء قراءة القرآن، كل هذا مع أنه لم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعاء القنوت إلا حديث الحسن بن علي - رضي الله عنهما -: ((اللهم أهدنا فيمن هديت... )) على خلاف في صحة ثبوت ذكر الوتر فيه، وقد ورد الدعاء على الكفرة بعد النصف من رمضان من فعل أبيّ بن كعب في عهد عمر - رضي الله عنهما - ولست بمحرِّج على مَن دعا بغير ذلك لكنّ الكلام هنا في الإطالة المفرطة في الدعاء بصورة تشق على كثير من المصلين مع أن الغالب أن فيهم المريض والكبير والمرأة .
4- الاعتداء في الدعاء وتكلف السجع فيه: من الآثار السيئة لترك السنة و الاكتفاء بالدعاء بالمأثور والعدول عن ذلك باستعمال غرائب الأدعية المسجوعة والمتكلفة، ما يقع فيه بعض الأئمة من عبارات تُعد اعتداء في الدعاء، فمن ذلك قول بعضهم: ((يا من لا تراه العيون ولا يصفه الواصفون)) وإن كان هذا اللفظ قد ورد عند الطبراني في الأوسط إلا أن إسناده ضعيف وهو مخالف لما أجمعت عليه الأمة من وصف الله - جل وعلا - بما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك أيضًا قول بعضهم: اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه، فهذا معارِض لما في الحديث الحسن: ((لا يرد القضاء إلا الدعاء)) فكيف لا ندعو الله برد القضاء؟! وهو من القضاء .. وفي صحيح البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ((فانظر السجع من الدعاء، فاجتنبه فإني عهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب)). وقد يدخل التشقيق والتفصيل في الدعاء والذي يفعله كثير من الأئمة في هذه الأيام في هذا الاعتداء ففي سنن أبي داود أن ابناً لسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - كان يدعو، فسمعه سعد وهو يقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها فقال: يا بني إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: سيكون قوم يعتدون في الدعاء فإياك أن تكون منهم، وإنك إن دخلت الجنة نلت ما فيها من الخير، وإن أُعذت من النار نجوت مما فيها من الشر)) حسنه الحافظ ابن حجر والألباني، فسمى التفصيل في الدعاء اعتداءً.
5- المبالغة في التلحين والتطريب والتغني في الدعاء. إن مما يبعث على الأسى والحزن لجوءُ كثيرٍ ممن يُظن أنهم من مقتفي الأثر إلى المبالغة في الترنيم والتلحين والتطريب بل والتجويد أحياناً حتى كأن أحدهم يقرأ السورة من القرآن، فتجده يطبق أحكام التجويد كالإدغام والإخفاء والمدّ حتى يظن الظان أنه يتلوا آيات من الكتاب العزيز، وما هو من الكتاب، ويزداد الطين بله إذا ضمن دعاءه آياتٍ من كلام الله بحيث يعسر على العوام التفريق بينهما، ونتيجة لذلك فإن بعض الناس يتأثر بتلحين الإمام أكثر من تأثره بالدعاء نفسه، ولا يفهم من هذا أن لا يحسن الداعي صوته، فهذا لا بأس به، لكن الذي نراه اليوم من كثير من الأئمة مبالغة في التلحين والتطريب، بصورة إذا جمعت معها رفع الصوت وخفضه، واعتداء مذموم، ثم أخطاء قد تكون عقدية، ذكرك ذلك بدعاء بعض أهل البدع في مناسباتهم.
6- مواظبة بعض الأئمة على دعاء معين في كل قنوت: ومن ذلك تجد أن كثيراً منهم يُلحق دعاء ((اللهم اهدنا فيمن هديت... )) بدعاء ((اللهم اقسم لنا من خشيتك.. )) لا يكاد يترك ذلك ليلة واحدة، و لا يختم دعاءه إلا بقوله: ((اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك.... )) حتى ظنَّ كثيرٌ من العامة -بل من الأخيار- أن هذا من السنة، وهذا البدء والختم بهذه الطريقة والمواظبة عليها أول من ابتدأه أحد أئمة المسجد الحرام الفضلاء - رحمه الله - فتتابع الناس عليه، فالدعاء الأول سبق الكلام عليه والثاني لم يصح مطلقاً أنه من أدعية القنوت، والثالث ثبت من حديث عائشة عند مسلم أنه كان يقوله في سجوده، فقالت: فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان -عند النسائي وأبي داود والترمذي: وهو ساجد- وهو يقول اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك)). وورد عند أحمد وغيره من أصحاب السنن أنه كان يقوله في آخر وتره ومعلوم أن القنوت في أول الوتر وليس في آخره، وعند النسائي وغيره: إذا فرغ من صلاته وتبوأ مضجعه، لذلك قال بعض العلماء في آخر وتره أي بعد السلام منه واستبعد ابن تيميه أنه كان يقوله في الوتر فقال في الفتاوى (17/91): ((وروى الترمذي أنه كان يقول ذلك في و تره لكن هذا فيه نظر))، فإذا كانت المواظبة على القنوت كل ليلة فيها إيهامٌ للعامة أنها السُّنَّة المستقرة، مع أن تركه أحياناً أفضل، فكيف بالمواظبة على دعاء معين في أوله وآخره؟7- تخصيص بعضهم ليلة السابع أو التاسع والعشرين بدعاء مخصوص ربما سماه البعض دعاء ختم القرآن: وهذا مما أحدثه الناس، وليس عليه في داخل الصلاة سواء في القنوت أو غيره، دليل صحيح لا من فعله - صلى الله عليه وسلم - ولا من فعل أصحابه - رضي الله عنهم - أجمعين، ولعل ذهاب بعض كبار العلماء إلى جوازه دون دليل صحيح فيه اختبار وامتحان لمقتفي الأثر ومتبعي السنة؛ أيتبعون صاحبها أم يقلدون علماءهم؟ أمَّا العوام فحدِّث ولا حرج عن حرصهم على هذا الدعاء فهو يفوق حرصهم على فريضة العشاء نفسها والله المستعان.وختاماً أدعو الأئمة الذين وفقهم الله فهيأ لهم إمامة صلاة التراويح، أن يقتفوا سنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - حتى نرى المساجد وقد اكتظت بالمصلين والإمام يدعو لهم بدعاء مأثور لا يطيل فيه ولا يعتدي؛ يدعوه بقراءته المعتادة دون تلحين ولا تطريب ولا تجويد كتجويد القرآن، وإن تأثر فبكى وذرفت عيناه كتم بكاءه أو أخفاه فغلبه حتى خرج منه كأزيز المرجل بلا نحيب ولا شهيق لا يكاد يشعر به إلا القريبون منه، كما أدعوهم أن لا يغفلوا عن الدعاء على الكفرة من أهل الكتاب وأن ينصر الله المسلمين عليهم، وخاصة في النصف الأخير من رمضان، كما ثبت عن الصحابة في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - أجمعين. والله أعلم. وهذا ليس لي فيه إلا الجمع والترتيب بارك الله فيكم .بلغ سلامي وتحياتي الحارة للإخوة عندكم والسلام عليكم وكتب محبكم أبو بكر يوسف لعويسي .ــــــــــــــــــــــــــ
م : أخي الفاضل أبو أمامة حمليلي الجزائري ـ حفظه الله تعالى ـ/ الآجري .
ـ بتصرف مني في العنوان أبو هنيدة .

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
29-Jul-2013, 12:40 PM
جزا الله السائل وحفظ الله الشيخ لعويسي بارك الله فيك اخي ياسين