أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
04-Aug-2013, 02:15 AM
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه الصادقين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:أخي السني السلفي ، إنه قد يقع من أحد من أهل السنة - عن غفلة وجهل ساعة - تأويل لكلام أو تحريف له ، أو نسبة مقالة لعالم أو زيادة عليه ، والخطب سهل وميسور إن تراجع وتبرأ منها وتحلل من أصحابها تائبا إلى الله منيبا، ولكن الخطب كل الخطب والعيب كل العيب أن يفعل ذلك عن قصد ، وأن يتحرى الكذب على إخوانه أو على بعضهم البعض ، وهو يعلم ذلك؛ وأسوأ منه أن يتحرى السلفي الكذب على العلماء الفضلاء ، ويعلم حقيقةً أنه كاذب وينسب إليهم ما هم منه براء براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، إما اختلاقا أو تحريفا أو زيادة أو تأويلا لكلام على خلاف المراد ، هذه صفة من لا خلاق لهم من أهل الكتاب من اليهود الكفار والمنافقين فلا تليق بسلفي ولا بسني ينتسب إلى خيرية ووسطية هذه الأمة وفي مقدمتها الطائفة المنصورة والفرقة الناجية ، فإن من أبرز سمات ووصفات هذه الطائفة –أهل الحديث والعلم- الصدق وتحريه وأقبح الصفات التي يسقطون بها عدالة الشخص حتى يخرج من دائرة منهجهم هي الكذب.
أخي - الفاضل - إن الكذب من أقبح الذنوب بل هو رأسها قال عبد الله بن المقفع في كتابهالأدب الصغير والأدب الكبير( 1/41): رأس الذنوب الكذب: هو يؤسسها، وهو يتفقدها، ويثبتها، ويتلوَّن ثلاثة ألوان : بالأمنية، والجحود، والجدل، يبدو لصاحبه بالأمنية الكاذبة فيما يزين له من الشهوات، فيشجعه عليها بأن ذلك سيخفى، فإذا ظهر عليه قابله بالجحود والمكابرة، فإن أعياه ذلك ختم بالجدل، فخاصم عن الباطل ، ووضع له الحجج، والتمس به التثبت، وكابر به الحق حتى يكون مسارعًا للضلالة، ومكابرًا بالفواحش.
وقد وصف الله تعالى به أهل الكتاب وهم قوم بهت يكذبون على الله وعلى رسله ويحرفون الكلم عن ومواضعه ، ويلوونه على غير وجهه ، وينسبونه إلى الله وهم يعلمون.
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾[آل عمران: 75].
وقال عز وجل: ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُون﴾[البقرة:75]،
وقال سبحانه وتعالى يبين ذلك: ﴿إِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُون﴾[البقرة: 78].
قال أبو جعفر(6/535): يعني بذلك جل ثناؤه: وإنّ من أهل الكتاب وهم اليهود الذين كانوا حَوالي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده، من بني إسرائيل.
و((الهاء والميم)) في قوله: ((منهم))، عائدة على(( أهل الكتاب)) الذين ذكرهم في قوله: (( ومن أهل الكتاب مَنْ إن تأمنه بقنطار يؤدّه إليك)).
وقوله (( لفريقًا))، يعني: جماعة (( يلوون))، يعني: يحرِّفون ((ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب))، يعني: لتظنوا أن الذي يحرّفونه بكلامهم من كتاب الله وتنزيله. يقول الله عز وجل: وما ذلك الذي لوَوْا به ألسنتهم فحرّفوه وأحدثوه من كتاب الله، ويزعمون أن ما لووا به ألسنتهم من التحريف والكذب والباطل فألحقوه في كتاب الله (( من عند الله))، يقول: مما أنزله الله على أنبيائه ((وما هو من عند الله)) يقول : وما ذلك الذي لووا به ألسنتهم فأحدثوه، مما أنزله الله إلى أحد من أنبيائه، ولكنه مما أحدثوه من قِبَل أنفسهم افتراء على الله.
يقول عز وجل:﴿ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون﴾، يعني بذلك: أنهم يتعمدون قِيلَ الكذب على الله، والشهادة عليه بالباطل، والإلحاقَ بكتاب الله ما ليس منه، طلبًا للرياسة والخسيس من حُطام الدنيا.ثم ساق بسنده إلى قتادة (7292).
قال :﴿وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب﴾، حتى بلغ:(( وهم يعلمون))، هم أعداء الله اليهود، حرَّفوا كتابَ الله، وابتدعوا فيه، وزعموا أنه من عند الله.
قال ابن كثير رحمه الله (2/65): يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْيَهُودِ، عَليهم لَعَائِنُ اللَّهِ، أَنَّ مِنْهُمْ فَرِيقًا يُحَرِّفون الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ويُبَدِّلون كَلَامَ اللَّهِ، وَيُزِيلُونَهُ عَنِ الْمُرَادِ بِهِ، ليُوهِموا الْجَهَلَةَ أَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ كَذَلِكَ، وَيَنْسُبُونَهُ إِلَى اللَّهِ، وَهُوَ كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا وَافْتَرَوْا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: ﴿يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ﴾ يُحَرِّفُونَهُ.
وَهَكَذَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُمْ يُحَرِّفُونَ وَيَزِيدُونَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ، لَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ: يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ.
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم : عن هذه الأمة أنها ستأخذ مأخذ أولئك القوم البهت ، بل ربما زادت عليهم في الانغماس في سبل الغواية والضلالة وما سبب ذلك إلا بالكذب والتأويل والتحريف ، والبغي والظلم ، ولذلك أخبر صلى الله عليه وسلم أنه سيفشو الكذب في أمته وسيظهر وأنه من علامات الساعة ..
فقال : فداه أبي وأمي : ((أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف ويشهد الشاهد ولا يستشهد ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين)) وفي رواية بلفظ : ((ويظهر الكذب)) صحيح الجامع (2546) ((الصحيحة)) (430 و 1116).
ولا عجب في كل ذلك ، فإذا كان الله أخبرنا وبين لنا أن من عباده من يكذب عليه وعلى رسله ويُكذّب بما جاءت به الرسل وبما أرسلهم الله به وهو يعلم بذلك أنه كاذب مكذب ، ماكر مُجرب مخادع مُدرب ، ومنافق متذبذب وغير ذلك من أنواع الكذب ...
فلا تعجب حينها أن يُكذب على أتباع رسله وورثة الأنبياء ويحاربونهم بالكذب والبهتان وهم يعلمون أنهم كذبة خونة أصحاب أفك وافتراء ، فقد كذبوا على أفضل الخلق بعد الرسل والأنبياء أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ، وكذلك كذبوا على باقي الصحابة الأخيار ، وعلى التابعين لهم بإحسان والقائمة من العلماء ودعاة الحق طويلة جدا ممن كذبوا عليهم عبر تاريخ هذه الأمة وحاربوهم بالإفك والكذب والمكر والكيد والزور والبهتان ، ولكنهم صبروا وفي الأخير انتصروا ، فكان لهم الثناء والذكر والخير ، وكان لأولئك الذم والوزر .
وهكذا يواصل الأفاكون في عصرنا افتراءاتهم على العلماء وخاصة علماء الدعوة السلفية ورموزها فقد كذبوا على مجدد الدعوة السلفية الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الحجاز وتلامذته ، وكذبوا ابن الوزير والشوكاني والصنعاني وغيرهم في اليمن ..
وكذبوا على على الشيخ ابن باديس في الجزائر وإخوانه الإبراهيمي والتبسي والميلي وغيرهم ..
وكذبوا على العلماء المعروفين بصحة المعتقد وسلامة المنهج في عصرنا منهم الشيخ ابن باز والشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين ، والشيخ محمد آمان الجامي ، والشيخ مقبل بن هادي الوادعي ، والشيخ صالح الفوزان ، والشيخ ربيع السنة حامل لواء الجرح والتعديل بشهادة الكبار ، والشيخ عبد المحسن العباد ، والشيخ محمد علي فركوس وحاربوا دعوتهم السنية السلفية بالكذب والبهتان ..
فلا تعجب أخي أن يصدر ذلك من أهل الزيغ والضلال وأهل البدع والأهواء الذين سلكوا طريق المغضوب عليهم والضالين ، ولكن العجب كل العجب الذي يطول وربما أورثة الحيرة ، والغرابة كل الغرابة التي تورثك الريبة(1) أن يصدر ذلك من أناس ينتسبون إلى الطائفة المنصورة والفرقة الناجية ، وقد تلبسوا وتدثروا باللباس السلفي ليصلوا أغراضهم الدنيئة أو إلى تمزيق الصف من داخله حيث عجزوا عن اختراقه من الخارج.
فترى الدعي الأفاك يفتري ويفري في أعراض العلماء الربانيين وإخوانه هو يعلم أنه كذاب - بصيغة المبالغة - وأسوأ منه من يتلون كالحية ويتقلب كالحرباء ويسعى بالفساد والإفساد بين السلفيين وهو يعلم أنه كاذب أفاك في كل مسعاه ، فلا من الله خاف ولا من المخلوق استحي مع أنه هو الذي ربما نصح بعض إخوانه بترك الكذب في مواعظه ودروسه وكتاباته ، وإن لم يكن من أهل الوعظ والكتابة فهو يذم الكذب ويشينه ولكنه إذا جاءت مصلحته أو موقف من المواقف بينه وبين بعض إخوانه ممن يخالفونه في مسألة أو مسائل ما تراه يطلق للسانه العنان ويكذب عليهم ويقسم دروعا من الأيمان الكاذبة على ذلك ، ليتخذها جنة ، ونسي أو تناسى أن الذي خلق الظلام يراه ويسمعه وقد سجل عليه ذلك في صحيفته.
فأين الحياء أيها الظالم لنفسه ، وكأنه لم يمر به حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إن لم تستح فاصنع ما شئت)) وقوله : ((.. ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)).
ارحم نفسك أيها السني واترك عنك خلة وخصلة وصف الله بها أخس وأحقر خلق الله اليهود والمنافقين وكذلك وصف النبي بها المنافقين من هذه الأمة ، وذمها ذما شديدا وكانت أبغض الأخلاق إليه فإياك وإياها ..
وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: ((مَا كَانَ خُلُقٌ أَبْغَضُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْكَذِبِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَكْذِبُ عِنْدَهُ الْكَذْبَةَ فَمَا تَزَالُ فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ مِنْهَا تَوْبَةً)).
وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: ثنا مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ثنا أَيُّوبُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((مَا كَانَ شَيْءٌ أَبْغَضَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْكَذِبِ، وَمَا جَرَّبَ عَلَى أَحَدٍ كَذِبًا فَرَجَعَ إلَيْهِ مَا كَانَ حَتَّى يَعْرِفَ مِنْهُ تَوْبَةً)(2).
واعلم رحمني الله وإياك أن الكذب على العلماء ورثة الأنبياء أمر كبير وقبيح وخطير فهو كالكذب على الشرع المطهر ؛ وإن الكذب على الشرع فهو كالكذب على الذي جاء به ، والكذب على الذي جاء به فهو كالذب على الذي أرسله سبحانه فلا تشارك من يكذب على الله وعلى رسله وعلى خير خلقه بذنب قبيح لا يليق باستقامتك ومنهجك ، وأنت تعلم فلا تفعل ، واستحي من ربك فإنك بلا شك ستقف أمامه وينكشف عنك غطاء الكذب وربما حشرت مع الكذابين لقوله تعالى: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾[الصافات: 22].
ففي مسند ابن الجعد( 2169) قال : حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، وَخَلَفٌ قَالَا: أنَا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ، ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾[الصافات: 22] قَالَ: وَأَشْبَاهَهُمْ، زَادَ خَلَفٌ قِيلَ لِشَرِيكٍ: شَرْبَةُ [ص:319] الْخَمْرِ مَعَ شَرْبَةِ الْخَمْرِ وَالزُّنَاةِ مَعَ الزُّنَاةِ قَالَ: نَعَمْ .
وفي البخاري : وَقَالَ عُمَرُ: ﴿النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾[التكوير: 7]: "يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾[الصافات: 22](3).
واعلم أن فضيحة الآخرة على رؤوس الأشهاد ليست كالفضيحة في الدنيا فاتقي الله فإنك اليوم في سعة من أمرك قبل أن لا تستطيع أن تخرجت مما قلت وتسقى من ردغة الخبال وتحبس على حسر فوق جنهم ؛ وعد على فسك كم كذبة كذبة على العلماء وكم افتراء نلت به وسام الكذب عليهم لتنال شيئا من حطام الدنيا كحال اليهود والنصارى الذين فضلوا العاجل على الآجل فاقبل نصحي ولا تتمادى في ذلك فلعلك تحمل وزر غيرك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى بقلب سليم.
قَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ () أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[المجادلة: 14 - 15]، فمن يستطيع عذاب ساعة في نار الدنيا فكيف بالعذاب الشديد في نار جهنم؟؟
___________________________
الهوامش:
(1) قولي : تورثك الحيرة ، والريبة ، فعندما تسمع كلاما غريبا منسوبا إلى عالم أو شيخ سلفي تنتابك الحيرة والريبة من صدوره منه حتى إذا راجعته غرفت حقيقته ، وأنه كذب أو تحريف أو تأويل على غير وجهه الذي أراده ، ومن ذلكم ما حصل ليمع أحدهم في المدة الأخيرة ، فقد نسب للشيخ الفاضل محمد علي فركوس كلاما فلما راجعته بنفسي أخبرني أن منه ما هو على غير وجهه وأغلبه اول مرة يسمه الشيخ فقلت سبحان الله ، ليس لي إلا أن استرجع من هذه المصيبة التي ابتلي بها السلفيون التزايد والكذب على أهل العلم .
(2) حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيق ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب 2941.
(3)أخرجه أبو داود في الزهد (1/77) وأخرجه الحاكم (2/467) وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي .والبغوي في شرح السنة (15/120)والبيهقي في شعب الإيمان (1/433).
أخي - الفاضل - إن الكذب من أقبح الذنوب بل هو رأسها قال عبد الله بن المقفع في كتابهالأدب الصغير والأدب الكبير( 1/41): رأس الذنوب الكذب: هو يؤسسها، وهو يتفقدها، ويثبتها، ويتلوَّن ثلاثة ألوان : بالأمنية، والجحود، والجدل، يبدو لصاحبه بالأمنية الكاذبة فيما يزين له من الشهوات، فيشجعه عليها بأن ذلك سيخفى، فإذا ظهر عليه قابله بالجحود والمكابرة، فإن أعياه ذلك ختم بالجدل، فخاصم عن الباطل ، ووضع له الحجج، والتمس به التثبت، وكابر به الحق حتى يكون مسارعًا للضلالة، ومكابرًا بالفواحش.
وقد وصف الله تعالى به أهل الكتاب وهم قوم بهت يكذبون على الله وعلى رسله ويحرفون الكلم عن ومواضعه ، ويلوونه على غير وجهه ، وينسبونه إلى الله وهم يعلمون.
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾[آل عمران: 75].
وقال عز وجل: ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُون﴾[البقرة:75]،
وقال سبحانه وتعالى يبين ذلك: ﴿إِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُون﴾[البقرة: 78].
قال أبو جعفر(6/535): يعني بذلك جل ثناؤه: وإنّ من أهل الكتاب وهم اليهود الذين كانوا حَوالي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده، من بني إسرائيل.
و((الهاء والميم)) في قوله: ((منهم))، عائدة على(( أهل الكتاب)) الذين ذكرهم في قوله: (( ومن أهل الكتاب مَنْ إن تأمنه بقنطار يؤدّه إليك)).
وقوله (( لفريقًا))، يعني: جماعة (( يلوون))، يعني: يحرِّفون ((ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب))، يعني: لتظنوا أن الذي يحرّفونه بكلامهم من كتاب الله وتنزيله. يقول الله عز وجل: وما ذلك الذي لوَوْا به ألسنتهم فحرّفوه وأحدثوه من كتاب الله، ويزعمون أن ما لووا به ألسنتهم من التحريف والكذب والباطل فألحقوه في كتاب الله (( من عند الله))، يقول: مما أنزله الله على أنبيائه ((وما هو من عند الله)) يقول : وما ذلك الذي لووا به ألسنتهم فأحدثوه، مما أنزله الله إلى أحد من أنبيائه، ولكنه مما أحدثوه من قِبَل أنفسهم افتراء على الله.
يقول عز وجل:﴿ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون﴾، يعني بذلك: أنهم يتعمدون قِيلَ الكذب على الله، والشهادة عليه بالباطل، والإلحاقَ بكتاب الله ما ليس منه، طلبًا للرياسة والخسيس من حُطام الدنيا.ثم ساق بسنده إلى قتادة (7292).
قال :﴿وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب﴾، حتى بلغ:(( وهم يعلمون))، هم أعداء الله اليهود، حرَّفوا كتابَ الله، وابتدعوا فيه، وزعموا أنه من عند الله.
قال ابن كثير رحمه الله (2/65): يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْيَهُودِ، عَليهم لَعَائِنُ اللَّهِ، أَنَّ مِنْهُمْ فَرِيقًا يُحَرِّفون الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ويُبَدِّلون كَلَامَ اللَّهِ، وَيُزِيلُونَهُ عَنِ الْمُرَادِ بِهِ، ليُوهِموا الْجَهَلَةَ أَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ كَذَلِكَ، وَيَنْسُبُونَهُ إِلَى اللَّهِ، وَهُوَ كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا وَافْتَرَوْا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: ﴿يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ﴾ يُحَرِّفُونَهُ.
وَهَكَذَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُمْ يُحَرِّفُونَ وَيَزِيدُونَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ، لَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ: يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ.
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم : عن هذه الأمة أنها ستأخذ مأخذ أولئك القوم البهت ، بل ربما زادت عليهم في الانغماس في سبل الغواية والضلالة وما سبب ذلك إلا بالكذب والتأويل والتحريف ، والبغي والظلم ، ولذلك أخبر صلى الله عليه وسلم أنه سيفشو الكذب في أمته وسيظهر وأنه من علامات الساعة ..
فقال : فداه أبي وأمي : ((أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف ويشهد الشاهد ولا يستشهد ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين)) وفي رواية بلفظ : ((ويظهر الكذب)) صحيح الجامع (2546) ((الصحيحة)) (430 و 1116).
ولا عجب في كل ذلك ، فإذا كان الله أخبرنا وبين لنا أن من عباده من يكذب عليه وعلى رسله ويُكذّب بما جاءت به الرسل وبما أرسلهم الله به وهو يعلم بذلك أنه كاذب مكذب ، ماكر مُجرب مخادع مُدرب ، ومنافق متذبذب وغير ذلك من أنواع الكذب ...
فلا تعجب حينها أن يُكذب على أتباع رسله وورثة الأنبياء ويحاربونهم بالكذب والبهتان وهم يعلمون أنهم كذبة خونة أصحاب أفك وافتراء ، فقد كذبوا على أفضل الخلق بعد الرسل والأنبياء أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ، وكذلك كذبوا على باقي الصحابة الأخيار ، وعلى التابعين لهم بإحسان والقائمة من العلماء ودعاة الحق طويلة جدا ممن كذبوا عليهم عبر تاريخ هذه الأمة وحاربوهم بالإفك والكذب والمكر والكيد والزور والبهتان ، ولكنهم صبروا وفي الأخير انتصروا ، فكان لهم الثناء والذكر والخير ، وكان لأولئك الذم والوزر .
وهكذا يواصل الأفاكون في عصرنا افتراءاتهم على العلماء وخاصة علماء الدعوة السلفية ورموزها فقد كذبوا على مجدد الدعوة السلفية الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الحجاز وتلامذته ، وكذبوا ابن الوزير والشوكاني والصنعاني وغيرهم في اليمن ..
وكذبوا على على الشيخ ابن باديس في الجزائر وإخوانه الإبراهيمي والتبسي والميلي وغيرهم ..
وكذبوا على العلماء المعروفين بصحة المعتقد وسلامة المنهج في عصرنا منهم الشيخ ابن باز والشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين ، والشيخ محمد آمان الجامي ، والشيخ مقبل بن هادي الوادعي ، والشيخ صالح الفوزان ، والشيخ ربيع السنة حامل لواء الجرح والتعديل بشهادة الكبار ، والشيخ عبد المحسن العباد ، والشيخ محمد علي فركوس وحاربوا دعوتهم السنية السلفية بالكذب والبهتان ..
فلا تعجب أخي أن يصدر ذلك من أهل الزيغ والضلال وأهل البدع والأهواء الذين سلكوا طريق المغضوب عليهم والضالين ، ولكن العجب كل العجب الذي يطول وربما أورثة الحيرة ، والغرابة كل الغرابة التي تورثك الريبة(1) أن يصدر ذلك من أناس ينتسبون إلى الطائفة المنصورة والفرقة الناجية ، وقد تلبسوا وتدثروا باللباس السلفي ليصلوا أغراضهم الدنيئة أو إلى تمزيق الصف من داخله حيث عجزوا عن اختراقه من الخارج.
فترى الدعي الأفاك يفتري ويفري في أعراض العلماء الربانيين وإخوانه هو يعلم أنه كذاب - بصيغة المبالغة - وأسوأ منه من يتلون كالحية ويتقلب كالحرباء ويسعى بالفساد والإفساد بين السلفيين وهو يعلم أنه كاذب أفاك في كل مسعاه ، فلا من الله خاف ولا من المخلوق استحي مع أنه هو الذي ربما نصح بعض إخوانه بترك الكذب في مواعظه ودروسه وكتاباته ، وإن لم يكن من أهل الوعظ والكتابة فهو يذم الكذب ويشينه ولكنه إذا جاءت مصلحته أو موقف من المواقف بينه وبين بعض إخوانه ممن يخالفونه في مسألة أو مسائل ما تراه يطلق للسانه العنان ويكذب عليهم ويقسم دروعا من الأيمان الكاذبة على ذلك ، ليتخذها جنة ، ونسي أو تناسى أن الذي خلق الظلام يراه ويسمعه وقد سجل عليه ذلك في صحيفته.
فأين الحياء أيها الظالم لنفسه ، وكأنه لم يمر به حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إن لم تستح فاصنع ما شئت)) وقوله : ((.. ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)).
ارحم نفسك أيها السني واترك عنك خلة وخصلة وصف الله بها أخس وأحقر خلق الله اليهود والمنافقين وكذلك وصف النبي بها المنافقين من هذه الأمة ، وذمها ذما شديدا وكانت أبغض الأخلاق إليه فإياك وإياها ..
وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: ((مَا كَانَ خُلُقٌ أَبْغَضُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْكَذِبِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَكْذِبُ عِنْدَهُ الْكَذْبَةَ فَمَا تَزَالُ فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ مِنْهَا تَوْبَةً)).
وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: ثنا مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ثنا أَيُّوبُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((مَا كَانَ شَيْءٌ أَبْغَضَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْكَذِبِ، وَمَا جَرَّبَ عَلَى أَحَدٍ كَذِبًا فَرَجَعَ إلَيْهِ مَا كَانَ حَتَّى يَعْرِفَ مِنْهُ تَوْبَةً)(2).
واعلم رحمني الله وإياك أن الكذب على العلماء ورثة الأنبياء أمر كبير وقبيح وخطير فهو كالكذب على الشرع المطهر ؛ وإن الكذب على الشرع فهو كالكذب على الذي جاء به ، والكذب على الذي جاء به فهو كالذب على الذي أرسله سبحانه فلا تشارك من يكذب على الله وعلى رسله وعلى خير خلقه بذنب قبيح لا يليق باستقامتك ومنهجك ، وأنت تعلم فلا تفعل ، واستحي من ربك فإنك بلا شك ستقف أمامه وينكشف عنك غطاء الكذب وربما حشرت مع الكذابين لقوله تعالى: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾[الصافات: 22].
ففي مسند ابن الجعد( 2169) قال : حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، وَخَلَفٌ قَالَا: أنَا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ، ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾[الصافات: 22] قَالَ: وَأَشْبَاهَهُمْ، زَادَ خَلَفٌ قِيلَ لِشَرِيكٍ: شَرْبَةُ [ص:319] الْخَمْرِ مَعَ شَرْبَةِ الْخَمْرِ وَالزُّنَاةِ مَعَ الزُّنَاةِ قَالَ: نَعَمْ .
وفي البخاري : وَقَالَ عُمَرُ: ﴿النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾[التكوير: 7]: "يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾[الصافات: 22](3).
واعلم أن فضيحة الآخرة على رؤوس الأشهاد ليست كالفضيحة في الدنيا فاتقي الله فإنك اليوم في سعة من أمرك قبل أن لا تستطيع أن تخرجت مما قلت وتسقى من ردغة الخبال وتحبس على حسر فوق جنهم ؛ وعد على فسك كم كذبة كذبة على العلماء وكم افتراء نلت به وسام الكذب عليهم لتنال شيئا من حطام الدنيا كحال اليهود والنصارى الذين فضلوا العاجل على الآجل فاقبل نصحي ولا تتمادى في ذلك فلعلك تحمل وزر غيرك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى بقلب سليم.
قَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ () أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[المجادلة: 14 - 15]، فمن يستطيع عذاب ساعة في نار الدنيا فكيف بالعذاب الشديد في نار جهنم؟؟
___________________________
الهوامش:
(1) قولي : تورثك الحيرة ، والريبة ، فعندما تسمع كلاما غريبا منسوبا إلى عالم أو شيخ سلفي تنتابك الحيرة والريبة من صدوره منه حتى إذا راجعته غرفت حقيقته ، وأنه كذب أو تحريف أو تأويل على غير وجهه الذي أراده ، ومن ذلكم ما حصل ليمع أحدهم في المدة الأخيرة ، فقد نسب للشيخ الفاضل محمد علي فركوس كلاما فلما راجعته بنفسي أخبرني أن منه ما هو على غير وجهه وأغلبه اول مرة يسمه الشيخ فقلت سبحان الله ، ليس لي إلا أن استرجع من هذه المصيبة التي ابتلي بها السلفيون التزايد والكذب على أهل العلم .
(2) حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيق ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب 2941.
(3)أخرجه أبو داود في الزهد (1/77) وأخرجه الحاكم (2/467) وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي .والبغوي في شرح السنة (15/120)والبيهقي في شعب الإيمان (1/433).