المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدفاع عن الشيخ ربيع المدخلي بإبطال ما افتراه بعض الحدادية المتعصبين رد على العنابي والعدني



أبو الوليد خالد الصبحي
16-Aug-2013, 05:56 AM
الدفاع عن الشيخ ربيع المدخلي بإبطال ما افتراه بعض الحدادية المتعصبين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد اطلعت على كتابات بعض المتعصبين للمبتدع يحيى الحجوري، يحاولون جاهدين الدفاع عن بدع شيخهم وضلالاته بالتأصيلات الفاسدة، والطعون الجائرة في بعض علماء السنة وخاصة الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ورعاه .
لا سيما وأن الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي معروف بنصرته للسنة، وقد كتب كتابات يرد فيها على ما قام به الحجوري من تأصيلات فاسدة، وطعن قبيح في الصحابي الجليل المبجل عثمان بن عفان رضي الله عنه، حيث زعم الحجوري-فض الله فاه- أن عثمان رضي الله عنه ابتدع الأذان الأول يوم الجمعة، وأن ذلك الأذان بدعة وضلالة، ورغم ما نقله الأئمة الفحول من إجماع الصحابة الأكارم رضي الله عنهم على مشروعية ذلك الأذان الأول، إلا أن هذا لم يعجب الحجوري وحجارته الصماء، وعاندوا وكابروا، وزعموا أن عثمان رضي الله عنه فعل بدعة وضلالة، وأنه مجتهد في ذلك الابتداع!! وزعموا أن عبد الله بن عمر رضي الله عنها خالف الصحابة جميعاً، وأنكر على عثمان رضي الله عنه، ووصف ذلك الأذان الذي اتفق عليه الصحابة بالبدعة والضلالة، فنسبوا عبدالله بن عمر رضي الله عنهما لمخالفة الإجماع!
فسلكوا الصعب والذلول في الدفاع عن بدعة شيخهم الحجوري، ولو كان ذلك فيه الطعن في الصحابة الأجلاء جميعاً رضي الله عنهم، المهم أن يتحملوا رضي الله عنهم التبعة، ولا يتحمل الحجوري تبعة بدعته وضلالته، فقلبوا الحق باطلاً، والباطل حقاً، وسلكوا مسلك الروافض في الطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم، وسلكوا مسلك الكوثري في الطعن في الصحابة وأئمة المسلمين في دفاعه عن أخطاء أبي حنيفة رحمه الله وعفا عنه.
فقد كان بعض خصوم الكوثري يلقبونه بمجنون أبي حنيفة، فحق للسلفيين أن يطلقوا على الحجاورة مجانين يحيى الحجوري!
وسأبين في هذه الرسالة جملة من تخاليطهم، وبعضاً من أكاذيبهم وافتراءاتهم على علم الحديث، وعلى علَمٍ من أعلام أهل الحديث.



مخالفة الحجوري والحجاورة في زعمهم وقوع عثمان رضي الله عنه في البدعة، وأن من أقره قد أقر بدعة!
وهذه المسألة قد تكلم فيها العلماء السلفيون، وبينوا أن الأذان الأول مسألة إجماعية، وأن من زعم أنه بدعة فقد أخطأ وزلَّ، وقوله هو البدعة.
ثبوت الإجماع بنقل الأئمة الفحول:
اتفق علماء الأمة قاطبة على سنية أذان عثمان رضي الله عنه:
قال الإمام المحدث الفقيه صاحب الاطلاع الواسع على الآثار وأقوال الأئمة والعلماء ابن المنذر في كتاب الأوسط(4/63) : «أَمَرَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ بِالنِّدَاءِ الثَّالِثِ فِي الْعَدَدِ، وَهُوَ الْأَوَّلُ الَّذِي بَدَأَ بِهِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَلَمْ يَكْرَهْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلِمْنَاهُ، ثُمَّ مَضَتِ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا».
وقال الحافظ ابن القطان الفاسي في كتاب الإجماع (2/451): «فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء على الزوراء، وهو نص في الأذان بين يدي الإمام، وعليه العمل عند جميع العلماء في أمصار الإسلام بالحجاز والعراق وغيرها من الآفاق».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى(1/ 165) -وهو في مجموع الفتاوى(24/ 193)- : «ويتوجه أن يقال هذا الأذان لما سنه عثمان، واتفق المسلمون عليه صار أذانا شرعيا» انتهى المقصود منه.
وقال في منهاج السنة(6/293): «ثم من العجب أن الرافضة تنكر شيئا فعله عثمان بمشهد من الأنصار والمهاجرين ولم ينكروه عليه واتبعه المسلمون كلهم عليه في أذان الجمعة».
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين: «قال بعض المتحذلقين الذين يدعون أنهم سلفيون سنيون إن أذان الجمعة الأول لا نقبله لأنه بدعة لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهذا القول منهم قدح للنبي صلى الله عليه وسلم وقدح بالخلفاء الراشدين وقدح بالصحابة رضي الله عنهم وهؤلاء المساكين وصلوا إلى هذا الحد من حيث لا يعلمون أما كونه قدحا بالرسول صلى الله عليه وسلم فلأن النبي قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي وبإجماع المسلمين أن عثمان رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين وأما كونه قدح بالخلفاء الراشدين فهو قدح بعثمان رضي الله عنه وهو منهم والقادح في واحد منهم قادح في الجميع كما أن المكذب للرسول الواحد مكذب بجميع الرسل وأما كونه قدحا في الصحابة فلأن الصحابة لم ينكروا على عثمان رضي الله عنه مع أنه لو أخطأ لأنكروا عليه كما أنكروا عليه الإتمام في ( منى ) في الحج لكن في أذان الجمعة الأول لم ينكروا عليه فهل هؤلاء المتحذلقون المخالفون أعلم بشريعة الله ومقاصدها من الصحابة ؟ لكن صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إن آخر هذه الأمة يلعن أولها آخرها والعياذ بالله ويقدح فيهم فالأذان الأول للجمعة أذان شرعي بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وبإجماع الصحابة الإجماع السكوتي ولا عذر لأحد وقطع الله لسان من يعترض على خلفاء هذه الأمة الراشدين وعلى الصحابة».
فتبين مما سبق:
أولاً: أن العلماء أجمعوا على سنية أذان عثمان رضي الله عنه، وأنه ليس بدعة ولا ضلالة.
ثانياً: أن ما روي عن ابن عمر رضي الله عنه إما أنه ليس صحيحاً عنه، وإما أنه أراد به البدعة في اللغة فقط، ومن زعم أن أثر ابن عمر رضي الله عنه صحيح، يفيد أن عثمان وقع في بدعة فقد ابتدع في الدين، وخالف سبيل المؤمنين، والله يقول: { وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } [النساء: 115].
ثالثاً: أن الروافض تفردوا بالطعن في وصف أذان عثمان رضي الله عنه بالبدعة، وهذا مما فاق به الروافضُ الخوارج المارقين، فيكون تشبه الحجوري بالروافض بينا واضحاً.
رابعاً: أن الأئمة لم يكن بينهم نزاع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان من الموافقين لأذان عثمان، والمقرين له، ولم يؤثر عن السلف وأئمة الدين منازعة لعثمان رضي الله عنه في أذانه الأول، ولا عرف عالم من العلماء احتج بما يروى عن ابن عمر رضي الله عنهما في وصف ذلك بالبدعة، مما يؤكد أحد أمرين: إما إنكار الأئمة لتلك الرواية، وإما فهمها على أن المراد بها البدعة اللغوية فقط لا غير.
خامساً: أن الإجماع على سنية أذان عثمان، هو نقل عن ابن عمر رضي الله عنهما بالموافقة عليه، وفي ذلك أعظم معارض لما روي عنه مما قد يخالفه، مما يؤكد ما سبق ذكره من نكارة الرواية سنداً ومتناً، أو نكارة الفهم الحجوري له.
سادساً: أن الإصرار على القول ببدعية أذان عثمان ضلال وخسران، ومن يقول ذلك فهو من المارقين، ويخشى عليه أن يكون من الطاعنين في رسول الله صلى الله عليه وسلم، المخاصمين له يوم القيامة.
سابعاً: أن الاحتجاج بالأثر الذي لا يدل دلالة ظاهرة على البدعة في الدين، على معارضة الإجماع، والطعن في نقل أئمة الدين لذلك الإجماع هو من منهج المعتزلة والجهمية، الذين يردون الإجماع، ولا يحتجون به.
ثامناً: أن الحجوري ومن تعصب له فارقوا جماعة المسلمين، ووالوا وعادوا على بدعتهم، وطعنوا في علماء السنة، وقدحوا في نقلهم الإجماع، وقدحوا في دفاعهم عن عثمان رضي الله عنه في تبرئته من فرية الحجوري، ولزم على قولهم عند شيخنا ابن عثيمين رحمه الله القدح في النبي صلى الله عليه وسلم، والقدح في عموم الصحابة رضي الله عنه، ولزمهم موافقة الروافض الأنجاس، والجهمية الأرجاس، فلا يشك عاقل في ضلالهم، ومروقهم من السنة، وولوجهم في البدعة والضلالة.
ولا يدافع عنهم وعن بدعتهم إلا ضال مرتكس، أو مارق منتكس.


رواية هشام بن الغاز بين منهج أهل الحديث ومنهج الحجاورة المتحزبين
هشام بن الغاز من علماء أهل الشام، وعُبَّادهم، وقد طلب العلم، وتصدر للتعليم، وقد أثنى عليه أهل العلم.
ولقد تداول العلماء توثيقه، والثناء عليه، ورووا له في كتبهم ومصنفاتهم، وعلَّق له البخاري في صحيحه، ولم يخرج له مسلمٌ شيئاً.
والشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي كغيره من علماء السنة، والمتخصصين في الحديث كانوا يثنون على هشام بن الغاز، وينقلون كلام العلماء في تزكيته، ولم يكن عند شيخنا الشيخ ربيع ما يجعله يراجع موقفه مما كان ينقله من توثيق لهشام بن الغاز، حتى وقف على الأثر الذي رواه هشام بن الغاز عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما في وصف أذان عثمان رضي الله عنه بالبدعة، فاستعظم شيخنا الشيخ ربيع حفظه الله هذه الرواية، ورأى أنها صارت مستنداً لبعض المنتسبين إلى السنة ليقدحوا في أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويطعنوا في إجماع الأمة.
فحمله هذا الأمر على إعادة النظر في ترجمة هشام بن الغاز لكون مدار الأثر عليه، ولكونه اشتمل على أمر منكرٍ صار متكئاً لبعض أهل البدعة والانحراف.
فوصف فعل خليفة راشد وافقه عليه جميع الصحابة رضي الله عنهم، بمن فيهم ابن عمر رضي الله عنهما، بأنه بدعة، ثم يأتي راوٍ وينقل عنه ما يقدح في سلف الأمة وأئمتها لهو أمر حري بالمراجعة والتدقيق، والبحث والتنقير عن علة لهذه الرواية التي تعود على الصحابة رضي الله عنهم بالجناية.
وهذا ما لم يفهمه أولئك الحجاورة المتهوكون، ولم يفرقوا بين فعل نقاد الحديث، وفعل المتسلقين على أكتاف أهل الحديث من المليبارية.
فمن راجع كتب العلل وجد أنهم يحكمون على أحاديث ظاهرها الصحة، ورجالها ثقات بالاتفاق، لأجل علة غامضة خفية اطلعوا عليها بواسع علمهم، وقد تكون هذه العلة متنية، أو إسنادية.
ومن المعلوم أن أئمة الحديث قاطبة يمشُّون عنعنة الزهري، والثوري، وأضرابهما من كبار المحدثين الثقات، والذين يندر روايتهم ما لم يسمعوه من أشياخهم، ولكن إذا وجد الأئمة في الحديث نكارة فإنهم يعلون بتلك العنعنة، كما سمعت هذا من شيخنا الألباني رحمه الله.
وقد أعل أبو حاتم وأبو زرعة حديث عثام بن علي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تعار من الليل فقال: «لا إله إلا الله الواحد القهار..» بسبب رواية جرير عن هشام بن عروة عن أبيه قوله، مع أن عثام ثقة، ولكنهما اعتبرا حديثه منكراً.
والأمثلة كثيرة جداً، ولا يتعامل أهل الحديث مع أولئك الأئمة برميهم بالمليبارية، ولكن بترجيح ما يعضده الدليل، مع احترام الأئمة، وتقديرهم، والتسليم لأحكامهم إذا لم يختلفوا.
لذلك لما نظر الشيخ ربيع لرواية هشام بن الغاز وجد أنها معلولة بالنكارة، وتلمَّس الشيخ لها مدخلاً إسنادياً، فوجد أن هشام بن الغاز قد ورد من كلام الأئمة ما يجعل القدح في روايته هذه أمراً لازماً، دفاعاً عن أئمة الدين، وصحابة خير المرسلين صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم.
فصنيع الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي جارٍ على عمل المحققين من أهل الحديث، ونقاد الأثر، وهذا ما لا يعلمه الحجاورة وأهل الجهالة من مبدِّعة فعل أهل السنة المجمعين على مشروعية الأذان العثماني.
ما هو وجه الكلام في هشام بن الغاز؟ وهل هناك سلف في الكلام في روايته؟لقد حظي هشام بن الغاز بثناء علماء الحديث، ووصفه بالعلم والديانة، ولكن ألفاظهم في بيان منزلته مختلفة، والمدخل إلى نقد بعض مرويات هشام بن الغاز، وتحميله الخطأ من جهتين:
الجهة الأولى: من ناحية منزلته العامة في الرواية.
الجهة الثانية: من ناحية روايته عن نافع خاصة.
أما الجهة الأولى: فقد تتابع العلماء على توثيقه توثيقاً عاماً، بل وصفه دحيم باستقامة الحديث، ووصفه ابن حبان بالإتقان.
ولكن في المقابل نجد أن الإمام أحمد قال فيه:«صالح»، أو «صالح الحديث»، وقال ابن معين في رواية الدوري: «لا بأس به».
وأحكام العلماء إخبار عن حال الراوي، وما توصلوا إليه إما عن سبر وتتبع، أو متابعة لمن سبقهم من الأئمة، أو مشاهدة ومشافهة.
فإذا تعارضت الأخبار، فإما أن يلجأ إلى الجمع بينها، والتوفيق بين مدلولها، وإما بالترجيح عند التعارض وعدم إمكان الجمع، أو كونه متكلفاً.
فالباحث ابتداء يجد الجمع يسيراً بين الأقوال في هشام، فيحمل لفظ «صالح» على العدالة، ولفظ «صالح الحديث» على أنه خاص برواياته عن المكثرين، أي أنه ثقة ولكن عن المكثرين صدوق.
أو يرجح التوثيق المطلق لكون الموثقين أكثر، ومنهم شاميون فهم أهل بلده، ومنهم من هو معروف بتشدده وتحرزه في إطلاق التوثيق كابن معين، بل ابن خراش الرافضي يمدحه وهشام شامي، وعادة الروافض تسمية الشاميين نواصب، ومع ذلك لم تمنعه بدعته من الثناء على السلفي هشام بن الغاز.
ويحمل كلمة ابن معين «لا بأس به» على ما ذكره عنه ابن شاهين أن من قال فيه ابن معين لا بأس به فهو ثقة، ونحو ذلك عن النسائي.
لكن قد يكون بعض نقاد الحديث عندهم رأي آخر، بسبب وقوفهم على بعض الروايات المنكرة لهشام بن الغاز، فيحملهم ذلك على جعل كلمة الإمام أحمد توصيفاً دقيقاً راجحاً، وأن الإمام أحمد قال ذلك بناء على ما وقف عليه عند هشام من أخطاء جعلته يصفه بهذا الوصف.
وكذلك ابن معين ما ترك لفظ التوثيق إلا عن عمد، وأنزله إلى مرتبة «لا بأس به»، مع كونه في مناسبة أخرى أطلق عليه لفظ التوثيق إما لعبادته، أو مقارنة مع راوٍ آخر أنزل منه رتبه، أو غير ذلك من الأسباب.
مع ما يجده أولئك النقاد من مقارنة أو قرن هشام بن الغاز ببعض من فيهم ضعف يسير، وجعلهم من بابتهم، كما فعل أبو حاتم حيث قرنه بعتبة بن أبي حكيم، مع كونه شبهه أيضاً بمن قال فيه: «لا بأس به صالح الحديث، هو من ثقات الحمصيين».
لا سيما مع ما يجده أولئك النقاد من وصف العلماء له من الجهة الثانية وهي حالة هشام الخاصة.
فيرون إمامين نقادين من أئمة العلل وهما علي بن المديني والنسائي، حيث لم يذكره ابن المديني من طبقات الرواة عن نافع، وذكره النسائي في الطبقة السادسة، وقرنه فيها بمن هو كثير الخطأ.
فهذه الأمور تحمل بعض النقاد على إنزال رتبة هشام بن الغاز، والتقليل من شأنه، مع ما يرون من توثيق أكثر الأئمة له توثيقاً عاماً.
ويرون أن هذا الإنزال لرتبته يسوغ تعصيب الجناية به، وتخطئته في رواية هذا الأثر.
ولكن قد يبرز هنا سؤال: هل للشيخ ربيع سلف فيما ذهب إليه؟
الجواب: لقد سبق ذكر كلام من أنزله عن رتبته من الأئمة، وكذلك قد خطَّأ الإمام الدارقطني وغيره عدة مرويات له، مما يجعل نقده، والكلام في بعض مروياته، والحكم على بعض تلك المرويات بالنكارة من صنيع أئمة الحديث، ونقاد الأثر.
إضافة إلى أن الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي قد سبقه إمام ناقد من أهل الاستقراء التام، وهو الإمام الذهبي، فقد حكم عليه في كتابه الكاشف بأنه صدوق، بل أبلغ من ذلك أنه ذكره في كتابه: ميزان الاعتدال في نقد الرجال(4/304-البجاوي)، وجعل عبارة الإمام أحمد مسوغة له في جعله ممن مُسَّ بجرح، مع أن الناظر لأول وهلة يتعجب من صنيع الحافظ الذهبي هذا، لكون هشام بن الغاز لم يمس بجرح صريح، ولا ذكر الذهبي ما يدل على موجب إيراده في الميزان سوى كلمة الإمام أحمد!
وبعض الحجارة الصماء كغلام السوء المبتدع يوسف العنابي الجهول الحقود يعدّ اختلاف اجتهاد العالم في الراوي من توثيق إلى تجريح أو العكس بأنه تناقض، وأن ذلك دليل على الهوى! إذا لم يجد ما يسوغ ذلك!!
والأمثلة على نقض هذا الظن السيء كثيرة، ولكن في موقف الإمام الذهبي من هشام بن الغاز كفاية.
فالذهبي رحمه الله في بعض كتبه ينزله إلى رتبة صدوق كما صنع في الكاشف، وكما فعل في الميزان حيث ذكره من جملة من مُسَّ بجرح، وفي التاريخ لم يصفه بوصف خاص، وإنما نقل الأقوال فيه، وكذلك في سير النبلاء وصفه بالإمام المقرئ المحدث، وهذه ألفاظ تبجيل يطلقها الذهبي كثيراً، لكن يخص من يراه ثقة بلفظ الحافظ أو الثقة أو نحو ذلك، وهذا كله يختلف نوعاً ما عن كتبه في العبر في خبر من غبر حيث اقتصر على قوله: «وكان من ثقات الشاميين وعلمائهم».
وهذا ليس تناقضاً، وإنما اختلاف اجتهاد، ولم يوجبه الهوى، ولكن ما ينقدح في نفس المحدث من حال توجب تنزيل رتبة الراوي عن رتبة كان قد وصفه بها في مكان آخر.
وهذا بنفسه ما حصل مع شيخنا الشيخ النقاد ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله.



قضية سبر المرويات بين صنيع المحدثين وجهالات المبتدعين
إن مما قرره أئمة الحديث أهمية سبر مرويات الراوي لمعرفة ضبطه، وثقته، وليس السبر هو الطريقة اليتيمة في معرفة ضبط الراوي، ولكنها من أشهر الطرق، وهي لا تعتمد على لقاء الراوي ومشافهته، وامتحانه.
وقد استخدم الأئمة الحفاظ السبر والتتبع والجمع لمرويات الرواة لمعرفة مقدار موافقتهم ومخالفتهم للأئمة الحفاظ، الذين لهم لسان صدق في الأمة، وأطبقت الأمة على حفظهم وإمامتهم، حتى صاروا ميزاناً لغيرهم من الرواة.
وقد كان بعض الأئمة يطلقون على بعض الرواة التوثيق لكونهم سبروا جملة من مروياتهم فرأوها موافقة لرواية الثقات فوثقوهم، ورأى غيرهم من الحفاظ جملة من الروايات التي أخطؤوا فيها فاختلف موقفهم من هؤلاء الرواة إما بتنزيلهم عن رتبة الثقة، وإما بتضعيفهم ورد روايتهم، وقد يكون هذا الإنزال، أو هذا التضعيف مقبولاً عند غيرهم لكفاية أدلته، وقد لا يكون كافياً، لعدم كفاية الأدلة، حيث إنهم وجدوا تلك الأخطاء في جنب رواياتهم الكثيرة جداً غير كافية في التضعيف أو الإنزال عن رتبته.
والعبرة بالدليل والبرهان، وكثرة الرواية من قلته، وكثرة الأخطاء من قلتها، ونوع الأخطاء حيث إن بعض الأخطاء تسقط حديث الراوي، وبعضها يدل على الغفلة الشديدة، بل بعضها يدل على الكذب أو سرقة الحديث.
وقد يتوارد بعض الأئمة المتقدمين على توثيق راوٍ، مع وجود من غمزه منهم بما لا يضعفه تضعيفاً صريحاً، ثم نجد بعض المتأخرين عن أولئك المتقدمين من يسبر مروياته فيخالف من سبقه من الأئمة، ويكون الصواب معه.
وسأضرب مثالاً توضيحياً وهو شهر بن حوشب الأشعري.
فقد وثقه الإمام البخاري، وقال ابن معين: ثقة، بل قال فيه: ثبتٌ، وقال يعقوب بن سفيان: شهر وإن تكلم فيه ابن عون فهو ثقة، وقال الإمام أحمد: ما أحسن حديثه، ووثقه. وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، طعن فيه بعضهم.
ووثقه العجلي، وقال أبو زرعة والإمام أحمد في رواية: لا بأس به، وروى عنه عبدالرحمن بن مهدي، وعلي بن المديني ورضيه، وكان يحيى القطان لا يحدث عنه، ومع ذلك كان يقول: من أراد حديث شهر فعليه بعبدالحميد بن بهرام.
وقال أبو حاتم الرازي: «شهر بن حوشب أحب إلي من أبي هارون العبدي، وبشر بن حرب، وليس بدون أبي الزبير، لا يحتج بحديثه» ، فهنا قرنه بأبي الزبير محمد بن مسلم، وهو معروف بالصدق، ويوصف بحفظ أيضاً، ومن رجال مسلم.
والكلام فيه فيما يتعلق بضبطه عند المتقدمين مجمل، فقال ابن عون: نزكوه، أي طعنوا فيه، وشعبة لم يرو عنه، ولا القطان.
أما المتأخرون أي الطبقة التي بعدهم فقد سبروا مروياته، ووجدوا فيها اضطراباً مانعاً من التوثيق الذي أطلقه أئمة حفاظ، هم من أهل السبر والتتبع، ومن أئمة هذا الشأن.
فقد ضعفه الجوزجاني، وابن حبان، وابن عدي، ورموه بالاضطراب، ورواية المنكرات.
والعمل عند علماء الحديث في زماننا على تضعيف حديث شهر بن حوشب، وقبوله في المتابعات والشواهد.
فلا ينكر على ابن عدي سبره لمروياته لأجل أنه خالف الأئمة المتقدمين عنه.
فإذا اختلف الأئمة في راوٍ ما بين مادح وقادح، فإن من وسائل الترجيح عند أهل الحديث هو سبر المرويات، وهذا ما نص عليه العلماء سلفاً وخلفاً، وهو صنيعهم الذي استمروا عليه.
أما لو أجمعوا على توثيقه، أو على تضعيفه، فرد أحكامهم، وزعم أنه يتتبع مروياته، وينشئ حكماً جديداً فهذا هو المنكر.
وهذا ذكره العلامة المعلمي، والعلامة الألباني رحمهما الله.
سئل شيخنا الألباني رحمه الله: «ما رأيك في سبر أحوال الرواة عن طريق تتبع مروياتهم للحكم عليهم بحكم قد يوافق قول بعض الأئمة في ذلك الرجل وقد يخالفه، وبالذات الرواة المختلف فيهم ونحوهم؛ كشريك القاضي، وإذا ما سُبِرَت مروياته وتُتُبِّعَت ورأينا أنه حسن الحديث وهكذا؟»
فأجاب الشيخ الألباني رحمه الله: لا أرى مانعًا من هذا التتبع؛ بل هو بلا شك يفيد ما دام منضبطًا ومقيدًا بالقيد المذكور فيه، أي: بشرط ألا يخرج عن قول من أقوال الأئمة المتقدمين؛ فإذا كان المقصود من هذا التتبع لأحاديث الراوي هو أن يساعده على ترجيح قول على آخر فنِعِمَّا هو، أما أن يبتدع قولاًلم يسبق إليه فقد عرفنا جوابه من قبل، وكما نقول في كثير من المناسبات سواء ما كان منها حديثيًا أو فقهيًا: أننا نستدل بعموم قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (1).
عندنا نصٌّ عن الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أنه يقول: "ليس لأحد من المتأخرين أن يأتي بقول يخالف كل أقوال المتقدمين؛ لأنه يكون محدثًا، ويكون مبتدعًا، ويكون مخالفًا لسبيل المؤمنين".
فسبيل المؤمنين في المسألة الفقهية الفلانية مثلاً فيها قولان فلك أن تختار أحدهما، أما أن تأتي بقول آخر لا هو موافق للقول الأول، ولا هو موافق أيضًا للقول الآخر، هذا مخالفة لسبيل المؤمنين.
ضربت مثلاً منذ أمد بعيد: الفقهاء -كما تعلمون- بالنسبة لأكل لحم الجزور هل هو من نواقض الوضوء أم لا، لهم قولان:
أحدهما: ينقض وهذا هو الصحيح -دليلاً أو استدلالاً-.
والآخر: لا ينقض؛ لكن هؤلاء الذين يقولون لا ينقض يستحبون الوضوء من لحم الجزور، وجدنا قولاً لم يقل به أحدٌ ممن سبق أو لحِقَ؛ وإنما تفرد به ذلك الصُّوفي الذي يعرف بمحيي الدين؛ فقد كنت بزماني قرأت كثيرًا من كتبه، وبخاصة كتابه الضخم: (الفتوحات المكية) سبحان الله! هذا الرجل يحمع بين متناقضات فهو في الفقه ظاهري جامد، وفي التصوف ملحد يقول بوحدة الوجود، سبق الظاهرية في الجمود؛ وهنا الشاهد فقال: (من أكل لحم الجزور فعليه أن يتوضأ لكنه إن لم يتوضأ فصلاته صحيحة)! أي: لم يعتبره من النواقض! أمر الرسول بالوضوء من لحم الجزور -إذن- ننفذه؛ لكن لا ارتباط بين هذا وبين الصلاة، حكم مستقل تمامًا.
على هذا نحن نقول دائمًا ننطلق في الفقه وفي الحديث من هذه القاعدة القرآنية: "أن لا يتبع غير سبيل المؤمنين؛ وإنما أن يتبع سبيل المؤمنين".
فإذا كان -إذن- مقصود من هذا الاستقراء والتتبع لحديث الراوي هو أن يتخذ ذلك سبيلاً لترجيح قول من أقوال العلماء المتقدمين في هذا الراوي فنعِمَّا هُو» انتهى كلام شيخنا الألباني رحمه الله.
فهل سبر وتتبع مرويات هشام بن الغاز من صنيع الأئمة أم من المحدثات؟
مما سبق يتبين أن سبر مروياته لترجيح قول الإمام أحمد، وأبي حاتم، وترجيح صنيع النسائي، مما هو مشروع، وهو من منهج أهل النقد، بخلاف ما عليه الحجاورة الضالين.

منزلة مصنف ابن أبي شيبة
كتاب ابن أبي شيبة من كتب السنة المعتمدة، وكذلك مصنف عبدالرزاق، وكذلك كتب السنة المشهورة المتداولة كالصحيحين، والسنن الأربعة، وغيرها من كتب السنن المشورة، والمسانيد، والمعاجم، وغيرها من كتب الحديث التي تداولها الأئمة، وشهدوا بصحة نسبتها لأصحابها، وهي مراجع معتمدة عند أهل السنة، ومنها ما هو صحيح تلقته الأمة بالقبول كأحاديث الصحيحين، ومنها ما هو محل نظر وبحث في إسناده، فمنه ما يكون صحيحاً، ومنها ما يكون حسناً، ومنها ما يكون ضعيفاً أو موضوعاً.
والشيخ الإمام الألباني، والشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي، وغيرهما من أئمة أهل السنة يعرفون منزلة تلك الكتب، ولكن لا يمنعهم ذلك من نقد حديث، أو بيان أن هذا الحديث أو الأثر مما أقحمه بعض النساخ، أو دسوه، ونحو ذلك.
فالشيخ الألباني رحمه تكلم على أثر يزيد بن خصيفة عن السائب في عدد التراويح، وذكر ما يقدح في رواية عبدالرزاق لكونه من رواية الدبري، والذي عليه مدار المُصَنَّف، ومع أن الصحيح أن الكتاب صحيح إلى عبدالرزاق، فإن العلماء السلفيين حفظوا للشيخ الألباني مكانته، ولم يتهموه بالطعن في كتب السنة.
وكذلك المزي وغيره تكلموا في ضبط كتاب سنن ابن ماجه عند حديث: «أصليت قبل أن تجيء»، وأن هذا خطأ، والصواب: قبل أن تجلس.
ومصنف ابن أبي شيبة تأخرت عناية المتخصصين بالتحقيق في زماننا، ولم يول العناية الكافية، فطبع في الهند طبعة سقيمة، ثم طبعه رجل من فرقة الأحباش صوفي خبيث هو كمال يوسف الحوت، وميلهم إلى الرافضة معلوم، ثم طبع بتحقيق عوامة وهو صوفي حنفي متعصب كذلك، أُثِرَ عن أمثاله الدس والتحريف، ثم طبع بتحقيق اللحيدان والجمعة.
ومعلوم أن بعض الكذابين كانوا يحاولون الدس في كتب الثقات، سواء كانت صحفاً أو مصنفات، ولكن يُقَيِّضُ الله رجال الحديث لنفي هذه الدخائل.
وكون العالم يذكر هذا في حديث أو أثر مخصوص لنكارته وفساد معناه لا يعني طعنه في جميع الكتاب، فضلاً عن لزوم الطعن في جميع كتب السنة.
وهذا الإمام البخاري ذكر عن خالد بن نجيح الكذاب أنه كان يدس أكاذيبه في كتب الحافظ سعيد بن أبي مريم، ومع ذلك لم يتهم الإمام البخاري برده حديث ابن أبي مريم، أو أنه يطعن في الثقات بالهوى!
وقد ثبت عن كثير من أهل البدع محاولة دسهم في بعض الكتب، كما حاولوا الدس في كتب شيخ الإسلام، والدس على الإمام الذهبي، والدس على الشيخ محمد بن عبدالوهاب، بل حتى دسوا على السيوطي!
ويكون الدس بنسبة كتب موضوعة لغير أصحابها، أو التحريف أو الزيادة في كتب بعض العلماء، أو في التحقيق لبعض الكتب، كما طبع كتاب مسند ابن أبي شيبة بتحريفات لبعض المعتزلة، وخلط المحقق بين المتن وشرح الشارح المعتزلي.
والله عز وجل يهيء أهل السنة وحفاظ الحديث، وأئمة النقد للدفاع عن السنة، ورد هذه الدسائس على أصحابها.
فمصنف ابن أبي شيبة كتاب معتمد، ولا يُمْنَعُ استنكار أثر خرجه لما يشتمل عليه من باطل، ولا يكون القول باحتمال دس هذا الأثر من الطعن في المصنف، بل من محاولة الشيخ ربيع حمايته، والذب عنه، ونفي ما يراه دخيلاً عليه، وهو إمام ناقد فقيه، متخصص في علم العلل، بارع في علم الرجال والحديث.

الحافظ الناقد ابن معين وتغريد الحجاورة خارج السرب!
الإمام ابن معين حافظ نقاد، وممن هيأه الله لنصرة دينه، والذب عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وكان أهل الحديث وما زالوا يعرفون منزلته في الإسلام، لا سيما في نقد الرجال.
والشيخ ربيع المدخلي حفظه الله ممن يُشَبَّهُ بذلك الحافظ في نقده لأهل الأهواء والبدع، ومعرفة بأحوال المجروحين، وتخصصه في معرفة السلفي من الدخيل.
وشهد له بذلك أئمة هذا الشأن من شامها إلى يمنها، ومن شرقها إلى غربها.
والشيخ العلامة ربيع المدخلي ممن يعرف منزلة الإمام ابن معين، وممن يرفع مكانته، وينزله قدره الذي يعرفه له أهل الحديث.
ولا يعني هذا أن الإمام ابن معين لا يخطئ في حكمه على الرجال، أو لا يزل في نقده لبعض الرواة.
ولكن بعض أهل الأهواء لما يريدون نصرة ما يوافق هواهم يتشبثون بخيوط العنكبوت لنصرة ما هم عليه.
فالشيخ ربيع المدخلي أراد تقرير أمر بدهي عند أهل الحديث وهو أن ابن معين قد يخطئ في حكمه على بعض الرواة، فقد يحكم على راوٍ ضعيف بأنه ثقة، وراوٍ ثقة بأنه ضعيف، وراوٍ مجهول بأنه ثقة، وإن كان هذا قليلاً نسبياً، ولكنه معلوم.
وضرب الشيخ حفظه الله على ذلك أمثلة معروفة، فماذا صنع العنابي الكذاب، والعدني الأصم؟!
أخذوا يدافعون عن هشام بن الغاز بأنه ليس مجهولاً؟!!
أقول: ومن الذي زعم أنه مجهول؟!!
فالشيخ ربيع حفظه الله يتكلم في شأن، وهم يتكلمون في أمر آخر
سارت مشرقة وسرت مغربا شتان بين مشرق ومغرب

ابن سعد وكتابه الطبقات
الحافظ ابن سعد معلوم المنزلة عند المحدثين، ولا يدفعونه عن الحفظ والصدق، ولكنه ليس من الأئمة الفحول الذين في مرتبة القطان أو ابن مهدي أو شعبة أو ابن معين أو ابن المديني أو أحمد أو أبي زرعة، وأبي حاتم، أو البخاري أو مسلم وأضرابهم.
فهو ليس من أئمة النقاد، هذا من جهة، ومن جهة أخرى هو كاتب محمد بن عمر الواقدي الحافظ المتروك، وذكر العلامة المعلمي أن معظم مادته من الواقدي.
وسأكتفي بكلام العلامة المعلمي في بيان منزلة ابن سعد .
قال في التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل (1/ 290) : «ومع ذلك فليس ابن سعد في معرفة الحديث ونقده ومعرفة درجات رجاله في حد أن يقبل منه تليين من ثبته غيره أنه في أكثر كلامه إنما يتابع شيخه الواقدي، والواقدي تالف، وفي (مقدمة الفتح) في ترجمة عبد الرحمن بن شريح: «شذ ابن سعد فقال: منكر الحديث، ولم يلتفت أحد إلى ابن سعد في هذا فإن مادته من الواقدي في الغالب والواقدي ليس بمعتمد» .
وفيها في ترجمة محارب بن دثار: «قال ابن سعد: لا يحتجون به، قلت: بل احتج به الأئمة كلهم ... ولكن ابن سعد يقلد الواقدي» .
وفيها ترجمة نافع بن عمر الجمحي: «قد قدمنا أن تضعيف ابن سعد فيه نظر لاعتماده على الواقدي» . انتهى كلام العلامة المعلمي.
بين المليبارية وتخاليط الحجاورة
المليبارية نسبة لحمزة المليباري الطالب العاق، الذي عق شيوخه، والذي أحدث في علم الحديث ما أحدث، وتجرأ على الطعن في صحيح مسلم، وجعله كتابَ عِلَلٍ، وعنده كثير من الفلسفة بسبب عجمته، وجهله، وتعالمه، وكبره، وعناده.
ومن بدعه: الفصل التام بين المتقدمين والمتأخرين، ثم احتقار العلماء المتأخرين، ثم الافتراء على الأئمة المتقدمين، وبدَّل وغيَّر في قواعد علوم الحديث تشبهاً بإخوانه متعصبة الأحناف، الذين قعدوا القواعد الباطلة نصرة لأهوائهم.
وممن تصدى له وكشف ألاعيبه: الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي منذ نحو ثلاثين سنة، وتدارس الناس كتب الشيخ ربيع ومؤلفاته في كشف زيف منهج المليباري.
ولكن بلية الحجاورة من عنابي وعدني وغربان سوء أنهم لا يفقهون علم الحديث، ولا يفهمون منهج أهله، ولكنهم متسلقون، ومع ذلك ينتفخون
كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد
أولاً: من ذلك: تسوية بعض الحجاورة بين قول المليباري المُحْدَث فيما يتعلق بالعدالة: «ولا يعني من توثيق من وثقه أنه عدل، كلا، وإنما معناه فقط: أن ما رواه من الحديث صحيح، لا أكثر ولا أقل».
فقال المليباري ما لم يقله أهل الحديث، لأن الأصل في الحكم على الراوي بالثقة هو الحكم بعدالته وضبطه، بل هي إلى تزكيته في عدالته أليق، وبها ألصق، فأطلق بعضهم على راوٍ بأنه: ثقة سيء الحفظ!
وقول الشيخ ربيع المدخلي الجاري على سَنَنِ أهل الحديث: «أثبت بالبراهين أن كل مَنْ نقلتَ عنهم توثيق هشام أنهم قد قاموا بتتبع أحاديث هشام واعتبارها، فوجدوا أن كلها مستقيمة، فوثقوه بناء على هذا التتبع والاعتبار.
أما أنا فأعتقد أن كثيراً منهم، ولا سيما المتأخرين إنما تابعوا المتقدمين مثل ابن معين ودحيم بدون تتبع ولا اعتبار».
فهنا الكلام حول مسألة الضبط، وهو على وفق ما قاله العلامة المعلمي، والعلامة الألباني سواء.

ثانياً: ومن ذلك: تعلقهم بكلام العلامة المعلمي في توثيق ابن حبان لمن عرفه، لرد كلام الشيخ حول ابن حبان.
وهذا مما يؤكد أنهم لا يفهمون، فالشيخ لا يرد توثيق ابن حبان مطلقاً، ولكنه يبين وقوع التساهل منه في كتابه الثقات، وأنه يخطئ كما يخطئ غيره، فإذا كان إمام جبل مثل ابن معين يخطئ، فابن حبان من باب أولى، لا سيما مع تساهله المعهود.
ولا يقتصر تساهل ابن حبان في توثيق المجاهيل، بل أحيانا يتساهل في توثيق بعض الضعفاء، بل وثق وصحح حديث بعض المتروكين.
وتساهله في كتاب مشاهير علماء الأمصار أشد، ولا يعني ذلك أنه مطَّرح، لكنه عرضة للخطأ أكثر من كتابه الثقات، لا سيما في المتقدمين قليلي الحديث، فبعض الرواة ليس له من الحديث إلا النادر، ولم يوثق، ومع ذلك يصفه ابن حبان بأنه من المتقنين!
مثال ذلك: أبو اليمان عامر بن عبد الله الهوزني.
ذكره في الثقات(5/ 188) وقال: «عَامر بْن عَبْد اللَّه بن لحى أَبُو الْيَمَان الْهَوْزَنِي من أهل الشَّام يَرْوِي عَن سلمَان وَصَفوَان بْن أُميَّة روى عَنهُ أَبُو عبد الرَّحْمَن الحبلى والشاميون».
وقال في مشاهير علماء الأمصار (ص: 184) : «من جلة أهل الشام وصالحيهم مات بها وكان ثبتا».
وأما ابن القطان فقال: لا يعرف، وقال الحافظ في التقريب: مقبول، وذكره الذهبي في الميزان لكونه لم يرو عنه سوى صفوان بن عمرو، ولم يوثقه سوى ابن حبان أي ذكره في الثقات.
ومن ذلك: عنبسة بن أبي سفيان صخر بن حرب رضي الله عن أبي سفيان، ورحم عنبسة، لم يوثقه أحد سوى ابن حبان ذكره في الثقات، وروى له مسلم، ولكن قال ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار: كان ثبتاً.
رغم أنه قليل الرواية، ولم يسبق ابن حبان في هذا الوصف، وإلا فتوثيقه معتمد لإخراج مسلم في صحيحه له.
ومن ذلك: زياد بن سيار، لم يوثقه أحد، وهو قليل الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، أما في مشاهير علماء الأمصار فقال: أحاديثه مستقيمة إذا كان دونه ثقة.
ومع قلة أحاديثه فقد روى أحاديث منكرة.
وتتبع ما في كتاب مشاهير علماء الأمصار يطول، فهو فيه أشد تساهلاً من الثقات.



ثالثاً: الأحكام الاستقلالية بين الحجاورة والمليبارية.
إن قول الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله ورعاه في مشروعية أذان عثمان رضي الله عنه، والرد على من طعن فيه، ووصف أذانه بالبدعة، والترجيح بين أقوال العلماء في منزلة هشام بن غاز جارٍ على سنن أهل الحديث، وليس مخالفاً لهم.
أما تبديع الأذان العثماني، ومن يتابع عثمان رضي الله عنه عليه، ووصف الصحابة رضي الله عنهم الذين وافقوا وأقروه وهم أهل الإجماع بأنهم وافقوه على بدعة سوى ما تخيلوه من مخالفة ابن عمر رضي الله عنهما هو حقيقة الاستقلالية، وهذا هو ما عليه الحجوري وحجارته الصماء أخزاهم الله.

رابعاً: والحجاورة لا يتورعون عن الكذب والبهتان بدون شبهة، إلا ما عندهم من خيال أو هبال، كما وصف بعض ناعقيهم الشيخ ربيعاً حفظه الله بـ: « عدم الاعتراف بأحكام المتأخرين على الأحاديث، عدم الاعتداد بأقوال أئمة الجرح والتعديل في توثيق رواة الأحاديث، التجاهل المزري بعلماء هذا الشأن المتقدمين منهم والمتأخرين، لم يسلم أحد من أهل العلم وأئمة الجرح والتعديل وقف أمامه في توثيق هشام بن الغاز».

وهذه كلها أكاذيب، وهم يعلمون ذلك، ولكنها المكابرة، فالشيخ لم ينكر وجود توثيق لابن الغاز، ولكنه رجح قول بعض النقاد على البعض الآخر، وما لم يثبت حسب اجتهاد الشيخ بين عدم ثبوته.
وهو حفظه الله يحتفي بكلام الأئمة، وذكر نقدهم للأحاديث، وبين أقوالهم في هشام بن الغاز، وعليها بنى ترجيحه، ولم يأت بشيء من عنده، إلا ما يحاول بيانه من تخريج لرواية أو تفنيد لشبهة، أو ترجيح للفظ، أو بيانه لخطأ راوٍ.

خامساً: زعموا أن الشيخ ربيعاً حفظه الله ضعف الحسين بن ادريس الانصاري ليرد نقله عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي لتوثيق هشام بن الغاز!
والشيخ ما ضعفه من عنده، بل تبع فيه ابن أبي حاتم.
وسبط بن العجمي مع علمه بكلام من تقدمه ذكره في الكشف الحثيث بمن رمي بوضع الحديث(ص/97) وعقب عليه بتوثيق ابن حبان وقول ابن حبان: كان ركناً من أركان السنة في بلده.
والصحيح أنه ثقة، لكن إرساله لابن أبي حاتم ببعض حديثه ويبدؤه بأحاديث مكذوبة فهذا صنيع خاطئ.
والطعن في نية الشيخ ربيع حفظه الله، وأنه تعمد تضعيفه ليرد توثيق ابن عمار مبني على سوء الظن، وعلى فساد المنهج الحجوري، وسوء أدبهم مع علماء السنة.

سادساً: زعم الحجاورة أن الشيخ حفظه الله رد توثيق الحافظ ابن حجر-رحمه الله- وطعن فيه حيث رماه بالقصور!
وهذا كذب ظاهر، وافتراء قبيح، فالشيخ لم يصف الحافظ ابن حجر بالقصور، وهو حفظه الله يحتفي بالحافظ ابن حجر لما له من المنزلة في علم الحديث، ويكثر من النقل عنه، عن علم وفهم.
والشيخ حفظه الله ذكر أن الحافظ ابن حجر لم يجمع بين أقوال العلماء في هشام بن الغاز، ولكنه اختار ما رآه راجحاً، وعادة الحافظ ابن حجر أن يجمع بين أقوال العلماء فيلخصه بعبارة جامعة، أو يختار أحد الألفاظ دليلاً على ترجيحه لذلك الوصف، وهذا ما فعله مع هشام بن الغاز، حيث صار إلى الترجيح.
والشيخ تعامل مع توثيق الحافظ ابن حجر كما تعامل مع توثيق من سبقه ممن ثبت عنهم، وجعل السبر والتتبع هو الفاصل بين الأقوال المختلفة في الراوي، وجنح إلى ترجيح ما رآه صواباً، فكان ماذا؟!!

سابعاً: زعم بعض الحجارة الصماء أن الشيخ ربيعاً حفظه الله قام بإسقاط عدالة الصدوق وعدم اعتماد أقواله!
وهذا من أكاذيب هؤلاء القوم، وجهالاتهم التي لا حصر لها، ففهموا من تعامل الشيخ مع ابن سعد أنه ساقط العدالة!! وأنه لا يعتمد قوله!!!
فالشيخ يناقش أقوال العلماء في هشام بن الغاز، ويبين ما هو صحيح من عدمه، ثم ما هو حجة من عدمه، وما يكون حجة في حال دون حال آخر.
فالشيخ لم يسقط عدالة ابن سعد، ولا رد أحكامه كلها، بل جعلها لا تنتهض لمقابلة من خالفه من أئمة النقد كالإمام أحمد والنسائي وأبي حاتم رحمهم الله.
وذكر العلامة المعلمي أنه لم يقف على من وصف ابن سعد بالإمامة قبل الكوثري!! وهؤلاء الحجاورة يعاندون العلامة المعلمي، ويتشبثون بقول الكوثري!
فابن سعد له منزلة لا يرفع إلى منزلة ليست له، كما سبق في كلام العلامة المعلمي.

ثامناً: زعم بعض الحجاورة أن مما قام به الشيخ : التشكيك في الثقات العدول بانهم يتلقنون من بعض أعداء عثمان الروايات المنكرة.
وهذا كذب من هؤلاء الجهال، فالكلام على رواية مخصوصة، وهذا لدفع الباطل عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الحجاورة يصرون على الافتراء على عثمان رضي الله عنه، وإلصاق البدعة به تبعاً للروافض أخزاهم الله.
وكون الراوي للرواية المنكرة يحتمل منه أخذ الرواية عن كذاب، أو من دس كذاب ليس فيه طعن في الثقات العدول. وهذا الإمام علي بن المديني ذكر أن إسماعيل بن أمية أخذ حديث: «إن الله خلق التربة يوم السبت» من إبراهيم بن أبي يحيى الكذاب!
وسبق أن ذكرت كلام الإمام البخاري في أن خالد بن نجيح الكذاب كان يضع الحديث في كتب سعيد ابن أبي مريم الحافظ الثقة، وقد روى له الجماعة، وهو حجة، ومع ذلك قال الذهبي: «كان ثقة كثير الحديث له غرائب وافراد مغمورة في سعة ما روى».

تاسعاً: وزعم بعضهم أن الشيخ حفظه الله قام بـالطعن في هشام بن الغاز ورميه بالعظائم واتهامه بأنه يأخذ عن الروافض!
وهذا كذب وتهويل، فالشيخ حفظه الله ذكر أنه ربما سمع هذا الكلام من رافضي يعني-والله أعلم-: أثناء طلبه للعلم، ولا يلزم أنه يكون يعلم أنه رافضي، أو يكون نقله آخر عن رافضي، فنسي مع الوقت، وحدث به وهماً وغلطاً عن نافع.
فالشيخ حفظه الله لا يطعن في ديانة هشام بن الغاز، ولا يتهمه بالرفض، ولا الأخذ عن الروافض، ولكن يبين الشيخ شدة نكارة الرواية، وأنها تحمل شيئاً من عقيدة الرافضة التي فيها إزراء على عثمان رضي الله عنه، وقد أخطأ هشام بن الغاز في الرواية، ويذكر أنه وهم فيها.

عاشراً: من جهل الحجاورة بمنهج المليبارية زعم بعضهم أن من أصول المليبارية: «موقفهم من الراوي الذي قالوا فيه بأنه:"صدوق"حيث كان من منهج المليباري أن حديث الصدوق في درجة الضعيف ينظر في أحاديثه على الرغم من قبوله عند العلماء وتصحيح روايته».
وهذا جهل بمنهج المليبارية، فإنهم لا يردون حديث الصدوق مطلقاً، ولا يجعلونه في درجة الضعيف دائماً، بل يرون أنه على نوعين:
نوع يردونه مطلقاً، وذلك إذا تفرد عن حافظ مكثر كالزهري وابن عيينة.
ونوع ثانٍ لا يردونه مطلقاً، بل ينظرون فيه، ويحتمل قبوله عندهم حسب القرائن.
والصحيح أن الأصل في الراوي الصدوق أنه مقبول، ولكن في أحوال لا يقبل تفرده ككونه تفرد عن راوٍ مكثر، وهو ليس ملازماً له، وليس معروفاً بالحفظ، بل فيه لين لا يوصله إلى مرتبة الضعفاء، ولم يتابع، فمثل هذا قد يعد تفرده عند العلماء منكراً.
ولأهل الحديث في كل حديث حكم خاص، وعندهم ملكة وفراسة ودقة فهم ليست لغيرهم من غير المختصين بالحديث، والقرائن لها أثر بالغ في الحكم على الحديث بالثبوت من عدمه.
والله أعلم.

وبعض المليبارية قد يقول برد الصدوق مطلقاً، فعجائبهم لا تنقضي!

حادي عشر: زعم بعض الحجاورة أن الشيخ ربيعاً يسلك منهج المليبارية في تتبع أحكام الشيخ الألباني ونقضها!

وهذا كذب له قرون، وهو خلاف ما عليه الشيخ ربيع، ومن افتراءات هؤلاء المجانين.
فاحترام الشيخ ربيع للشيخ الألباني، ومعرفة قدره، وذبه عنه مما لا ينكره إلا مكابر.
وأما أن يخالف الشيخ ربيع الشيخ الألباني في بعض أحكامه فهذا مما لا غضاضة فيه، ولا ينكره إلا متعصب جهول.

ثاني عشر: زعم بعض الحجارة الصماء أن الشيخ ربيعاً لا يعرف حال الرواة من خلال أحكام الأئمة، ولكن من خلال السبر والتتبع.
ووصف بعض الحجاورة سبر المرويات بالبدعة!
وهذا من ضلالهم، وقفوهم ما ليس لهم به علم.
وذلك أن حفظ الراوي يعرف بملازمته وسماع الرواية عدة مرات في أوقات مختلفة على نفس النسق، مما يدل حفظه لروايته، كذلك بسرد الروايات عن ظهر قلب بعد سماعها، وكذلك عن طريق المذاكرة، وكذلك عن طريق الامتحان، وكذلك عن طريق التحديث من الحفظ مع المقارنة بالأصل، وكذلك بسبر مروياته.
فالزعم بأن الشيخ ربيعاً حفظه الله لا يعتد إلا بالسبر، لكونه أراد الترجيح بين أقوال الأئمة في هشام بن الغاز، وسبر مروياته للترجيح بين أقوال العلماء يدل على جهل أولئك المتطفلين على علم الحديث،وأنهم متعالمون فجرة، لا يخافون الله، ولا يلزمون حدوده، بل همهم الدفاع عن أخطاء وظلمات يحيى الحجوري بالباطل، والبهتان والأكاذيب.
والله من ورائهم محيط.


الخاتمة
فتبين مما سبق أن أولئك الحجاورة لا يروجون بضاعتهم إلا بالكذب والدجل والتهويل، وعندهم من الجهل بعلم الحديث، والتخليط فيه، وخلط الحابل بالنابل، ما الله به عليم.
ومع ذلك عندهم غرور، وعناد، ومكابرة، ووقاحة يندر لها نظير.
ويكثرون من سرد النقول لتعمية الحقيقة، وإيهام أتباعهم من عميان البصائر أن ردودهم علمية، وأنهم أهل تحقيق، وهم في الحقيقة حاطبو ليل، يجمعون حطباً وحيَّات، ويقدمونها للناس على أنها براهين وبَيِّنات، وقد لفقوا ولبَّسوا الحق بالأمور الباطلات، وأكثروا من التلبيسات والتمويهات.
وقد خصصت رسالتي هذا لرد تلك الترهات والأمور الباطلة، راجياً من الله أن يحفظ شيخنا الشيخ ربيع بن هادي المدخلي،وأن يعلي مكانته، وأن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خيراً على ما يقدمه من ذب ودفاع عن دين الله بالحجج والبراهين.
والله أسأل أن يتقبل عملي، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه في جلسة متواصلة من الساعة العاشرة ليلة الثلاثاء إلى الساعة التاسعة من صباح يوم الثلاثاء 6/ شوال/ 1434 هـ :
أسامة بن عطايا العتيبي.
في سفري إلى مدينة رابغ