أبو سعد رضوان المغربي
17-Aug-2013, 07:32 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فإني أقدم إخواني بين أيديهم اتصالا هاتفيها من بعض الشباب السلفي بمدينة الناضور المغربية حرصها الله بالشيخ أبي بكر يوسف العويسي - حفظه الله - والدي هو عبارة عن سؤال بخصوص أمر الجمعيات والخلاف الحاصل بين الشباب بين من يقول الشيخ الفلاني أفتى بالجواز والشيخ الفلاني أفتى بالمنع .سنستمع - بإذن الله - في هذا الاتصال جوابا كافيا شافيا لهذا الخلاف الحاصل من الشيخ - حفظه الله - عسى أن يرفعه وأن تجد هده الكلمات آذانا صاغية وقلوبا مفتوحة واعية .
من هنا السؤال بارك الله فيكم (http://www.shy22.com/dldhnl10518.amr.html)
والجواب من هنا بارك الله فيكم (http://www.shy22.com/dldvg510878.amr.html)
واليك أخي التفريغ لهذه المكالمة الطيبة النافعة .
السائل: من المعلوم يا شيخ ما أفتى به العلماء الأكابر من عدم جواز الجمعيات بسبب ما تجره من مفاسد وفتن على وحدة الصف السلفي و قد سمعنا و قرأنا و لله الحمد الكلام الطيب الذي قدمتموه للشباب ناصحين لهم محذرين لهم من مفاسد الجمعيات مستدلين بأدلة قوية و صريحة يكفي الواحدة منها لعدم جوازها ، و لما سمعنا هذه الأدلة خاصة كلام الشيخ ربيع الإمام - وفقنا الله و إياه و حفظه - وفقنا الله - ولله الحمد- للصدع بهذا الحق المبين و نشره بين إخواننا السلفيين إلا أنه قد تمت ردود فعل تخالف الأصول والنصائح التي جاء بها أهل العلم و منها.
أولا: اتهام من يروج كلام العلماء من باب التعاون على نشر السنة. مقاطعة من الشيخ: لا تقول من يروج يا رجل العلماء.هذا ليس ترويجا؛ الترويج هو للباطل و إنما قل من ينشر ؛ قل من ينشر لا تقول كلمة ترويج .
السائل: أولا اتهام من ينشر كلام العلماء من باب التعاون على نشر السنة و التحذير من البدعة أنه فتان و معرقل لنشر الدعوة ومفرق الجماعة .
ثانيا.أن العلماء الذين حذروا من الجمعيات لم يكن تحذيرهم من دور الحديث - زعموا - بل من الجمعيات الحزبية مع العلم أن دور الحديث هذه الأصل في إنشائها أن يكون على أساس نظام الجمعيات أي نظام القانون الجمعوي . .
ثالثا: يروجون ويلبسون على الشباب بمسألة الخلاف العصري في هذا الأمر أي أمر الجمعيات بين العلماء الأكابر فيأخذون بقول دون قول لإتباع رخصة الجواز مع العلم أن الشيخ ربيع حفظه الله يقول أن بدعية الجمعيات لا يصوغ فيها الخلاف.
رابعا: يوالون من يأتي إلى الجمعيات و يحضر ويعادون من لا يأتي ويصفونه بأنه فتان غير متعاون .
خامسا : لما نشرنا كلام العلماء و الكلام الطيب الذي كان بينكم و بين شباب ( توقرت ) دائرة تابعة لولاية ورقلة ، نشرنا هذا الكلام ادعوا علينا أن صاحب هذا الكلام طالب علم صغير و قالوا هذا يطعن في العلماء المجيزين.بارك الله فيكم يا شيخ هذه الأمور نود من فضيلتكم أن تبينوا لنا الصورة الحقيقية و كيف نتعامل مع هذه العراقيل و هذه الردود التي تعرقل الصف و تعرقل وحدة الصف و التآلف ونشر الدعوة نرجو منكم يا شيخ كلمة طيبة لعل الله عز و جل ينفع بها الشباب وجزاكم الله خيرا.
الشيخ :
أولا : أقول الحمد لله و الصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم الذين نشروا الدين وضحوا بالغالي والنفيس من أجله ، بل باعوا أنفسهم في سبيل ذلك ؛ ولم تكن لهم جمعيات ، والخير كل الخير في منهجهم وسبيلهم ولو كان خيرا ما سبقناهم إليه .لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول :<< ما بعث الله نبيا إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه ويحذرهم عن شر ما يعلمه >> رواه مسلم .
ثانيا : قولهم أن من ينشر كلام أهل العلم أنه فتان .....
الجواب عليها أن يعلموا أن هذه قيلت في رسول الله صلى الله عليه و سلم وقيلت في أفضل خلق الله قالوا عنه ساحر ، وقالوا كذاب ، وقالوا يفرق بين المرء وزوجه وبين الابن وأبيه أي فتان بمفهومهم .
وحقا هو فرق بينهم أي بين من اتبعه ومن كابر وعاند وعارض واعترض ولذلك سماه الله سبحانه مفرق فهو يفرق بين الحق والباطل وبين الخير والشر ، وأنزل عليه كتاب اسمه الفرقان قال فيه جل في علاه :{ إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا } أي تفرقون به بين الحق والباطل ، وبين السنة والبدعة ، وبين الإتباع والابتداع فقولهم ذلك ووصفهم لمن ينشر فتاوى العلماء وعلمهم أنه من شأن أهل الأهواء وأهل الباطل الذين لا يقبلون الحق و يكابرون عليه و لا يقبلون الحق ممن جاء به .
وأما قولهم أن أهل العلم حذروا من الجمعيات البدعية و لم يحذروا من دور الحديث ....
فهذا كلام حق أريد به باطل .فإذا كان هناك دورا للحديث ومدرسة للحديث ومعاهد للتعليم الشرعي هذا نعم.هذا صالح على أساس أن من يديرهم ( أي تلك المؤسسات التعليمية )) أناس إداريون أو موظفون عند الحكومة ليس إلا ، هذا على هذا الوجه نعم، أما أن تأسس جمعية تنسب للدين وهي للثقافة المعروفة والمعهودة و تنشأ هذه الجمعية للنشاط في مراكز الثقافة و دور الثقافة أو في بعض المساجد أو تبنى لها بيوت يكون لها هيكل ونظام يقوم على الديمقراطية ، وفيه انتخابات رئيس حتى لو كان جاهلا ، وما شابه ذلك ، من الفاسد التي تقوم عليها مما بينه العلماء وطلاب العلم فهذه هي التي حذر منها.
أما الخلاف العصري الذي جرى فيها فقد تكلمت عليه غير ما مرة و قلت لطالب العلم أن يتحرى ، وينبغي عليه أن يثبت في هذا الخلاف ، ؛ وأن يحرره ويبغي الصواب فيما اختلف فيه فقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :دعاء في هذا حيث كان يدعو به فيقول : << اللهم جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا يختلفون ، أهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم >>أخرجه مسلم .
على هذا الدليل النبوي ينبغي أن يتعامل طالب الحق في المسائل التي اختلف فيها . وقد تكلمت في مقدمة المقال الذي قدمته ""مفاسد الجمعية بين المجيزين و المانعين" على كيفية الخروج من الخلاف ،وذكرت أنه ينبغي على طالب العلم إن وجد خلافا وأشكل عليه فيه أن يسلك فيه أربعة طرق .الطريق الأول : هو أن يعرف المسألة الخلافية
الطريق الثاني : هو أن يعرف أدلة الفريقين
الطريق الثالث : أن يدرس الأدلة من حيث القبول والرد والقوة والضعف والعموم والخصوص والناسخ والمنسوخ وغير ذلك ..
الطريق الرابع : أن يخرج بالنتيجة ، وأن يكون قصده في ذلك طلب الحق وأن يتخلى على حظوظ نفسه ويتجرد من ذاتيته ، وأن يعمل بالقاعدة السلفية التخلية و التحلية بمعنى أن يخلي نفسه من حظوظها و هواها وأن يطلب الحق و يكون ديدنه الحق لا غير من أجل نصرة الحق وإظهار الحق وإقامة الحجة على من خالف الدليل الحق لا غير.
أما قولهم: يوالي عليها و يعادي عليها ...
فجوابه أن يقال لهم : نحن ليس لنا جمعيات حتى نوالي عليها ونعادي عليها بل نحن نتبع العلماء ونلزم غرزهم بعد تحرير المسألة ، ونحن لا نعادي ولا نبغض إلا على البدع وأهلها ولا نوالي إلا على السنة و الكتاب ولا نوالي ولا نعادي على ضوء الوحي ، و ليس بيننا و بين أحد من علماء وطلبة العلم ودعاة إلى الله إلا العلم و ليس بيننا وبينهم إلا الحق فمن اتبع الحق بدليله فنواليه ونحبه وننصره ومن ابتعد عن الحق فيختلف باختلاف الناس في قربهم وبعدهم عن الحق ، وكرههم و ولائنا لهم يكون حسب قربهم و بعدهم عن منهج الله و سبيل رسوله و سبيل المؤمنين .
وأزيدك شيئا هنا اعلم بارك الله فيكم أن طالب العلم هو طالب حق من الكتاب و السنة من الوحي ولا يطلب الحق من غيره ، فالسلفي ينبغي أن يعرف الحق بدليله من مظانه وهو الوحي وبذلك يعرف من هو الذي على الحق ممن خالفه .
وأزيدك أيضا أن السلفي السني يكفيه دليل واحد أما الذي في نفسه شيء من الهوى وشيء من حظوظ النفس و شيء من حب الدنيا والزعامة و التصدر هذا لا يكفيه ألف دليل و لذلك تلقاه يتخبط و يورد الإيرادات و الاعتذارات و يلف و يدور ويتمسك و لو بقشة، يريد أن ينتصر لوجهته وفكرته و طريقته بتأويل أو شبهة أو بأي شيء لأن فتوى العالم التي خالفته تهدم ما بناه وما يسعى إليه .
أما قولهم أن هذا طالب علم صغير يطعن على العلماء الذين أجازوا الجمعيات ..
أولا : ليس في العلم صغير أو كبير فرب صغير قوم عالم يكون كبيرا ، ورب كبير قوم جاهل يكون صغيرا ، فالعلم هو الحجة والدليل وهو مع من كانت معه . فقد يفتي عالم كبير ويفوته شيء من السنة وهذا صديق الأمة أبو بكر (ومن هو في العلم والإيمان والصدق ؟) فاتته سنن وكذلك الفاروق عمر أمير المؤمنين وهكذا غيرهما ...
ثانيا : ماذا تقولون في العلماء الذين منعوها ، أليسوا بعلماء أم يبينوا أدلة هذه المسألة ؟؟
ثالثا : إن العلماء الذين أجازوها إنما أجازوها بقيود ، وهذه القيود غير متوفرة ، فاذكروا لنا قيدا واحدا مما ذكره العلماء ..
رابعا : هل الشيخ العلامة ربيع -حفظه الله - الذي منع الجمعيات يطعن في هؤلاء العلماء هل منع الشيخ مقبل و الشيخ الألباني - رحمهما الله - للجمعيات يعد طعنا ، في العلماء الذين أجازوها على حد تعبيرهم ؟ إذا كان ذلك طعنا عندكم أولائك المجيزين و اتبع طالب العلم ذلك ووقف عنده لأنه صادر من أئمة علماء فما ذنبه ،ما ذنبه إلا أنه أخذ بالحق من العلماء الكبار وقال به و نشره؟خامسا : فليعلموا أنني أقولها صراحة ، أنا أتبرأ ممن يطعن في الشيخ السحيمي أو يطعن في ابن رمزان أو يطعن في الشيخ عبيد الجابري أو يطعن في الشيخ ربيع أنا أتبرأ من هؤلاء الذين يطعنون فيهم و نحن نجل علماءنا ؛ و إذا أخطأ العالم السني فخطأه مردود و لكن كرامته وقدره محفوظ عندنا، نحفظ كرامته و نعرف شأنه و قدره .واعلموا أننا كلنا نخطئ و الشيخ ربيع يخطئ و الشيخ السحيمي يخطئ و الشيخ العباد يخطئ الشيخ الألباني يخطئ من منا لا يخطئ<< كل بني آدم خطاء و خير الخطاءين التوابون>>وإذا اجتهدوا في مسألة فهم مأجورون حتى لو أخطئوا، أما أنتم فما عذركم أمام الله تعالى ما عذركم عند الله تعالى وأنتم تعتمدون على خطأ العالم الفلاني و العالم الفلاني و قد بين العلماء الكبار الذين يعترف بفضلهم أهل السنة ومنهم أولئك العلماء و عللوا وبينوا المفاسد التي في الجمعيات ، و الأدلة التي تمنع مثل هذه الجمعيات وأنتم في قرارة أنفسكم تقرون بهذه العلل والمفاسد وتقرون بهذه لأدلة التي جاء بها المانعون ولكنكم تلفون و تدورون لمصالحكم فقط للمحافظة على الكراسي و على المسؤوليات و على الأموال التي تجنيها الجمعيات و على حظوظ النفس.
فاتقوا الله سبحانه و تعالى، السلفي منقاد يقول سمعت وأطعت ، ويكفيه دليل واحد ، و العلماء الحمد لله قد تكلموا في هذه الجمعيات ، العلماء الذين تكلموا وحذروا علماء كبار كالشيخ مقبل مجد القطر اليمني ، و الشيخ الألباني مجدد الأمة السنة للأمة ، و الشيخ ربيع حامل راية الجرح والتعديل ، و الشيخ الفوزان بقية السلف والشيخ محمد ابن هادي العالم الرباني وغيرهم كثير تكلموا في هذه الجمعيات و بينوا ما فيها ، ومن أجازها فبقيود وهذه القيود لا نراها متوفرة لذلك يمكن أن يقال أن العلماء متفقون على منعها لأن الشروط التي قيدت بها منفية فيرجع الحكم إلى قوم من منعها ويحصل الاتفاق .و إذا أردتم أن تقولوا بالخلاف ولم ترضوا بفتاوى العلماء الذين منعوا فنحن ما بدعناكم ولا بدعنا من يقول بذلك ولا قلنا أنهم مبتدعة ولا قلنا أنه ليس لديهم علم ، قلنا أنهم مخطئون عليهم بالرجوع عن هذه الجمعيات لأنها هي السبب بل هي من أعظم الأسباب التي تفرق بين السلفيين و بين السنيين و الواقع أكبر دليل و أكبر شاهد على هذا .. فإذا بان هذا فمن الذي يفرق إذا ؟؟ الذي لا يقبل الحق أم الذي يقول بالحق ؟ أنتم لم تقبلوا الحق ولم تسلكوا في بقائكم على ما أنتم عليه لم تسلكوا سبيل أهل الحق في التحرير و التحقيق و التدقيق و لم تسلكوا سبيل أهل العلم في دراسة المسألة و معرفة أدلة الفريقين ثم لخروج بالراجح في المسألة و إنما أنتم مقلدة تقلدون هكذا ....!فإذا قال العالم الفلاني قلدتموه وخاصة إذا وافق قوله ما في نفوسكم و هواكم أخذتم به و عضيتم عليه بالنواجذ و لم تقبلوا غيره ، هذا هو عين التقليد و التعصب. أما غيركم - و الحمد لله - فإنهم درسوا المسألة وحققوها و حرروها و أخذوا بالقول الراجح الذي تقوم عليه الأدلة من الكتاب و السنة و قول أهل العلم الكبار و بينوا العلل و المفاسد التي في هذه الجمعيات ، إذن من المخطئ.؟؟و لكم أن تحكموا بأنفسكم وللقارئ الكريم المنصف أن يحكم بالحق ....
نسأل الله سبحانه و تعالى أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و يرينا الباطل باطلا و يجنبنا اتباعه ، وأنصح أبنائي وإخواني أن يتقوا الله سبحانه و تعالى و أن يتركوا مثل هذه الجمعيات و أن يرجعوا إلى بعضهم البعض و أن يتقوا الله و أن يصلحوا ذات بينهم فالصلح خير لهم و التعاون على البر و التقوى ، التعاون على الحق ونشره بين الناس كما أمر سبحانه وتعالى و أن هذه الجمعيات لا خير فيها، و بيننا و بينكم الأيام و إن طالت بنا و بكم سترون ما تؤول إليه هذه الجمعيات و أنتم بأنفسكم سترون ذلك , و هناك جمعيات أخرى سبقتكم إلى الميدان وكان قصدها في الأول الخير والاتباع ثم آلت إلى ما آلت إليه و هذا مآلها و حالها اليوم لا يخفى عليكم ، فقد بدأت بالخير و انظروا إلى أي شيء انتهت في كثير من بلاد الإسلام فخذوا العبرة منهم واتعضوا ، واتقوا الله سبحانه و تعالى وعودوا إلى رشدكم و اقبلوا الحق من العلماء و تعاونوا فيما بينكم وسبيل الدعوة لن يتوقف على الجمعيات و حتى لو كان فيكم من يدعوا فرديا، و الدعوة الفردية فيها خير كثير وكبير وأعظم مثال بين أيديكم الشيخ الألباني والشيخ مقبل رحمهما الله .وأسأل الله سبحانه و تعالى أن يوفقني و إياكم إلى ما يحبه و يرضاه و سبحانك اللهم و بحمدك لا إله إلا أنت سبحانك أستغفرك و أتوب إليك
وصلى الله على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليما
محبكم أبو سعد رضوان المغربي
تنبيه مهم :أبا أبو بكر يوسف لعويسي اشكر شكرا جزيلا الأخ الفاضل أبا مقبل رضوان المغربي على هذا الجهد الطيب ..
وقد قرأت هذا التفريغ وقمت بتصحيح ما فيه من الخطاء وعدلت شيئا فيه ، وأضفت عليه بعض الإضافات حتى يرفع الإشكال واللبس فربما يسمع الصوتية والمادة والمفرغة فيظن أنها مختلفة .
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فإني أقدم إخواني بين أيديهم اتصالا هاتفيها من بعض الشباب السلفي بمدينة الناضور المغربية حرصها الله بالشيخ أبي بكر يوسف العويسي - حفظه الله - والدي هو عبارة عن سؤال بخصوص أمر الجمعيات والخلاف الحاصل بين الشباب بين من يقول الشيخ الفلاني أفتى بالجواز والشيخ الفلاني أفتى بالمنع .سنستمع - بإذن الله - في هذا الاتصال جوابا كافيا شافيا لهذا الخلاف الحاصل من الشيخ - حفظه الله - عسى أن يرفعه وأن تجد هده الكلمات آذانا صاغية وقلوبا مفتوحة واعية .
من هنا السؤال بارك الله فيكم (http://www.shy22.com/dldhnl10518.amr.html)
والجواب من هنا بارك الله فيكم (http://www.shy22.com/dldvg510878.amr.html)
واليك أخي التفريغ لهذه المكالمة الطيبة النافعة .
السائل: من المعلوم يا شيخ ما أفتى به العلماء الأكابر من عدم جواز الجمعيات بسبب ما تجره من مفاسد وفتن على وحدة الصف السلفي و قد سمعنا و قرأنا و لله الحمد الكلام الطيب الذي قدمتموه للشباب ناصحين لهم محذرين لهم من مفاسد الجمعيات مستدلين بأدلة قوية و صريحة يكفي الواحدة منها لعدم جوازها ، و لما سمعنا هذه الأدلة خاصة كلام الشيخ ربيع الإمام - وفقنا الله و إياه و حفظه - وفقنا الله - ولله الحمد- للصدع بهذا الحق المبين و نشره بين إخواننا السلفيين إلا أنه قد تمت ردود فعل تخالف الأصول والنصائح التي جاء بها أهل العلم و منها.
أولا: اتهام من يروج كلام العلماء من باب التعاون على نشر السنة. مقاطعة من الشيخ: لا تقول من يروج يا رجل العلماء.هذا ليس ترويجا؛ الترويج هو للباطل و إنما قل من ينشر ؛ قل من ينشر لا تقول كلمة ترويج .
السائل: أولا اتهام من ينشر كلام العلماء من باب التعاون على نشر السنة و التحذير من البدعة أنه فتان و معرقل لنشر الدعوة ومفرق الجماعة .
ثانيا.أن العلماء الذين حذروا من الجمعيات لم يكن تحذيرهم من دور الحديث - زعموا - بل من الجمعيات الحزبية مع العلم أن دور الحديث هذه الأصل في إنشائها أن يكون على أساس نظام الجمعيات أي نظام القانون الجمعوي . .
ثالثا: يروجون ويلبسون على الشباب بمسألة الخلاف العصري في هذا الأمر أي أمر الجمعيات بين العلماء الأكابر فيأخذون بقول دون قول لإتباع رخصة الجواز مع العلم أن الشيخ ربيع حفظه الله يقول أن بدعية الجمعيات لا يصوغ فيها الخلاف.
رابعا: يوالون من يأتي إلى الجمعيات و يحضر ويعادون من لا يأتي ويصفونه بأنه فتان غير متعاون .
خامسا : لما نشرنا كلام العلماء و الكلام الطيب الذي كان بينكم و بين شباب ( توقرت ) دائرة تابعة لولاية ورقلة ، نشرنا هذا الكلام ادعوا علينا أن صاحب هذا الكلام طالب علم صغير و قالوا هذا يطعن في العلماء المجيزين.بارك الله فيكم يا شيخ هذه الأمور نود من فضيلتكم أن تبينوا لنا الصورة الحقيقية و كيف نتعامل مع هذه العراقيل و هذه الردود التي تعرقل الصف و تعرقل وحدة الصف و التآلف ونشر الدعوة نرجو منكم يا شيخ كلمة طيبة لعل الله عز و جل ينفع بها الشباب وجزاكم الله خيرا.
الشيخ :
أولا : أقول الحمد لله و الصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم الذين نشروا الدين وضحوا بالغالي والنفيس من أجله ، بل باعوا أنفسهم في سبيل ذلك ؛ ولم تكن لهم جمعيات ، والخير كل الخير في منهجهم وسبيلهم ولو كان خيرا ما سبقناهم إليه .لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول :<< ما بعث الله نبيا إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه ويحذرهم عن شر ما يعلمه >> رواه مسلم .
ثانيا : قولهم أن من ينشر كلام أهل العلم أنه فتان .....
الجواب عليها أن يعلموا أن هذه قيلت في رسول الله صلى الله عليه و سلم وقيلت في أفضل خلق الله قالوا عنه ساحر ، وقالوا كذاب ، وقالوا يفرق بين المرء وزوجه وبين الابن وأبيه أي فتان بمفهومهم .
وحقا هو فرق بينهم أي بين من اتبعه ومن كابر وعاند وعارض واعترض ولذلك سماه الله سبحانه مفرق فهو يفرق بين الحق والباطل وبين الخير والشر ، وأنزل عليه كتاب اسمه الفرقان قال فيه جل في علاه :{ إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا } أي تفرقون به بين الحق والباطل ، وبين السنة والبدعة ، وبين الإتباع والابتداع فقولهم ذلك ووصفهم لمن ينشر فتاوى العلماء وعلمهم أنه من شأن أهل الأهواء وأهل الباطل الذين لا يقبلون الحق و يكابرون عليه و لا يقبلون الحق ممن جاء به .
وأما قولهم أن أهل العلم حذروا من الجمعيات البدعية و لم يحذروا من دور الحديث ....
فهذا كلام حق أريد به باطل .فإذا كان هناك دورا للحديث ومدرسة للحديث ومعاهد للتعليم الشرعي هذا نعم.هذا صالح على أساس أن من يديرهم ( أي تلك المؤسسات التعليمية )) أناس إداريون أو موظفون عند الحكومة ليس إلا ، هذا على هذا الوجه نعم، أما أن تأسس جمعية تنسب للدين وهي للثقافة المعروفة والمعهودة و تنشأ هذه الجمعية للنشاط في مراكز الثقافة و دور الثقافة أو في بعض المساجد أو تبنى لها بيوت يكون لها هيكل ونظام يقوم على الديمقراطية ، وفيه انتخابات رئيس حتى لو كان جاهلا ، وما شابه ذلك ، من الفاسد التي تقوم عليها مما بينه العلماء وطلاب العلم فهذه هي التي حذر منها.
أما الخلاف العصري الذي جرى فيها فقد تكلمت عليه غير ما مرة و قلت لطالب العلم أن يتحرى ، وينبغي عليه أن يثبت في هذا الخلاف ، ؛ وأن يحرره ويبغي الصواب فيما اختلف فيه فقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :دعاء في هذا حيث كان يدعو به فيقول : << اللهم جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا يختلفون ، أهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم >>أخرجه مسلم .
على هذا الدليل النبوي ينبغي أن يتعامل طالب الحق في المسائل التي اختلف فيها . وقد تكلمت في مقدمة المقال الذي قدمته ""مفاسد الجمعية بين المجيزين و المانعين" على كيفية الخروج من الخلاف ،وذكرت أنه ينبغي على طالب العلم إن وجد خلافا وأشكل عليه فيه أن يسلك فيه أربعة طرق .الطريق الأول : هو أن يعرف المسألة الخلافية
الطريق الثاني : هو أن يعرف أدلة الفريقين
الطريق الثالث : أن يدرس الأدلة من حيث القبول والرد والقوة والضعف والعموم والخصوص والناسخ والمنسوخ وغير ذلك ..
الطريق الرابع : أن يخرج بالنتيجة ، وأن يكون قصده في ذلك طلب الحق وأن يتخلى على حظوظ نفسه ويتجرد من ذاتيته ، وأن يعمل بالقاعدة السلفية التخلية و التحلية بمعنى أن يخلي نفسه من حظوظها و هواها وأن يطلب الحق و يكون ديدنه الحق لا غير من أجل نصرة الحق وإظهار الحق وإقامة الحجة على من خالف الدليل الحق لا غير.
أما قولهم: يوالي عليها و يعادي عليها ...
فجوابه أن يقال لهم : نحن ليس لنا جمعيات حتى نوالي عليها ونعادي عليها بل نحن نتبع العلماء ونلزم غرزهم بعد تحرير المسألة ، ونحن لا نعادي ولا نبغض إلا على البدع وأهلها ولا نوالي إلا على السنة و الكتاب ولا نوالي ولا نعادي على ضوء الوحي ، و ليس بيننا و بين أحد من علماء وطلبة العلم ودعاة إلى الله إلا العلم و ليس بيننا وبينهم إلا الحق فمن اتبع الحق بدليله فنواليه ونحبه وننصره ومن ابتعد عن الحق فيختلف باختلاف الناس في قربهم وبعدهم عن الحق ، وكرههم و ولائنا لهم يكون حسب قربهم و بعدهم عن منهج الله و سبيل رسوله و سبيل المؤمنين .
وأزيدك شيئا هنا اعلم بارك الله فيكم أن طالب العلم هو طالب حق من الكتاب و السنة من الوحي ولا يطلب الحق من غيره ، فالسلفي ينبغي أن يعرف الحق بدليله من مظانه وهو الوحي وبذلك يعرف من هو الذي على الحق ممن خالفه .
وأزيدك أيضا أن السلفي السني يكفيه دليل واحد أما الذي في نفسه شيء من الهوى وشيء من حظوظ النفس و شيء من حب الدنيا والزعامة و التصدر هذا لا يكفيه ألف دليل و لذلك تلقاه يتخبط و يورد الإيرادات و الاعتذارات و يلف و يدور ويتمسك و لو بقشة، يريد أن ينتصر لوجهته وفكرته و طريقته بتأويل أو شبهة أو بأي شيء لأن فتوى العالم التي خالفته تهدم ما بناه وما يسعى إليه .
أما قولهم أن هذا طالب علم صغير يطعن على العلماء الذين أجازوا الجمعيات ..
أولا : ليس في العلم صغير أو كبير فرب صغير قوم عالم يكون كبيرا ، ورب كبير قوم جاهل يكون صغيرا ، فالعلم هو الحجة والدليل وهو مع من كانت معه . فقد يفتي عالم كبير ويفوته شيء من السنة وهذا صديق الأمة أبو بكر (ومن هو في العلم والإيمان والصدق ؟) فاتته سنن وكذلك الفاروق عمر أمير المؤمنين وهكذا غيرهما ...
ثانيا : ماذا تقولون في العلماء الذين منعوها ، أليسوا بعلماء أم يبينوا أدلة هذه المسألة ؟؟
ثالثا : إن العلماء الذين أجازوها إنما أجازوها بقيود ، وهذه القيود غير متوفرة ، فاذكروا لنا قيدا واحدا مما ذكره العلماء ..
رابعا : هل الشيخ العلامة ربيع -حفظه الله - الذي منع الجمعيات يطعن في هؤلاء العلماء هل منع الشيخ مقبل و الشيخ الألباني - رحمهما الله - للجمعيات يعد طعنا ، في العلماء الذين أجازوها على حد تعبيرهم ؟ إذا كان ذلك طعنا عندكم أولائك المجيزين و اتبع طالب العلم ذلك ووقف عنده لأنه صادر من أئمة علماء فما ذنبه ،ما ذنبه إلا أنه أخذ بالحق من العلماء الكبار وقال به و نشره؟خامسا : فليعلموا أنني أقولها صراحة ، أنا أتبرأ ممن يطعن في الشيخ السحيمي أو يطعن في ابن رمزان أو يطعن في الشيخ عبيد الجابري أو يطعن في الشيخ ربيع أنا أتبرأ من هؤلاء الذين يطعنون فيهم و نحن نجل علماءنا ؛ و إذا أخطأ العالم السني فخطأه مردود و لكن كرامته وقدره محفوظ عندنا، نحفظ كرامته و نعرف شأنه و قدره .واعلموا أننا كلنا نخطئ و الشيخ ربيع يخطئ و الشيخ السحيمي يخطئ و الشيخ العباد يخطئ الشيخ الألباني يخطئ من منا لا يخطئ<< كل بني آدم خطاء و خير الخطاءين التوابون>>وإذا اجتهدوا في مسألة فهم مأجورون حتى لو أخطئوا، أما أنتم فما عذركم أمام الله تعالى ما عذركم عند الله تعالى وأنتم تعتمدون على خطأ العالم الفلاني و العالم الفلاني و قد بين العلماء الكبار الذين يعترف بفضلهم أهل السنة ومنهم أولئك العلماء و عللوا وبينوا المفاسد التي في الجمعيات ، و الأدلة التي تمنع مثل هذه الجمعيات وأنتم في قرارة أنفسكم تقرون بهذه العلل والمفاسد وتقرون بهذه لأدلة التي جاء بها المانعون ولكنكم تلفون و تدورون لمصالحكم فقط للمحافظة على الكراسي و على المسؤوليات و على الأموال التي تجنيها الجمعيات و على حظوظ النفس.
فاتقوا الله سبحانه و تعالى، السلفي منقاد يقول سمعت وأطعت ، ويكفيه دليل واحد ، و العلماء الحمد لله قد تكلموا في هذه الجمعيات ، العلماء الذين تكلموا وحذروا علماء كبار كالشيخ مقبل مجد القطر اليمني ، و الشيخ الألباني مجدد الأمة السنة للأمة ، و الشيخ ربيع حامل راية الجرح والتعديل ، و الشيخ الفوزان بقية السلف والشيخ محمد ابن هادي العالم الرباني وغيرهم كثير تكلموا في هذه الجمعيات و بينوا ما فيها ، ومن أجازها فبقيود وهذه القيود لا نراها متوفرة لذلك يمكن أن يقال أن العلماء متفقون على منعها لأن الشروط التي قيدت بها منفية فيرجع الحكم إلى قوم من منعها ويحصل الاتفاق .و إذا أردتم أن تقولوا بالخلاف ولم ترضوا بفتاوى العلماء الذين منعوا فنحن ما بدعناكم ولا بدعنا من يقول بذلك ولا قلنا أنهم مبتدعة ولا قلنا أنه ليس لديهم علم ، قلنا أنهم مخطئون عليهم بالرجوع عن هذه الجمعيات لأنها هي السبب بل هي من أعظم الأسباب التي تفرق بين السلفيين و بين السنيين و الواقع أكبر دليل و أكبر شاهد على هذا .. فإذا بان هذا فمن الذي يفرق إذا ؟؟ الذي لا يقبل الحق أم الذي يقول بالحق ؟ أنتم لم تقبلوا الحق ولم تسلكوا في بقائكم على ما أنتم عليه لم تسلكوا سبيل أهل الحق في التحرير و التحقيق و التدقيق و لم تسلكوا سبيل أهل العلم في دراسة المسألة و معرفة أدلة الفريقين ثم لخروج بالراجح في المسألة و إنما أنتم مقلدة تقلدون هكذا ....!فإذا قال العالم الفلاني قلدتموه وخاصة إذا وافق قوله ما في نفوسكم و هواكم أخذتم به و عضيتم عليه بالنواجذ و لم تقبلوا غيره ، هذا هو عين التقليد و التعصب. أما غيركم - و الحمد لله - فإنهم درسوا المسألة وحققوها و حرروها و أخذوا بالقول الراجح الذي تقوم عليه الأدلة من الكتاب و السنة و قول أهل العلم الكبار و بينوا العلل و المفاسد التي في هذه الجمعيات ، إذن من المخطئ.؟؟و لكم أن تحكموا بأنفسكم وللقارئ الكريم المنصف أن يحكم بالحق ....
نسأل الله سبحانه و تعالى أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و يرينا الباطل باطلا و يجنبنا اتباعه ، وأنصح أبنائي وإخواني أن يتقوا الله سبحانه و تعالى و أن يتركوا مثل هذه الجمعيات و أن يرجعوا إلى بعضهم البعض و أن يتقوا الله و أن يصلحوا ذات بينهم فالصلح خير لهم و التعاون على البر و التقوى ، التعاون على الحق ونشره بين الناس كما أمر سبحانه وتعالى و أن هذه الجمعيات لا خير فيها، و بيننا و بينكم الأيام و إن طالت بنا و بكم سترون ما تؤول إليه هذه الجمعيات و أنتم بأنفسكم سترون ذلك , و هناك جمعيات أخرى سبقتكم إلى الميدان وكان قصدها في الأول الخير والاتباع ثم آلت إلى ما آلت إليه و هذا مآلها و حالها اليوم لا يخفى عليكم ، فقد بدأت بالخير و انظروا إلى أي شيء انتهت في كثير من بلاد الإسلام فخذوا العبرة منهم واتعضوا ، واتقوا الله سبحانه و تعالى وعودوا إلى رشدكم و اقبلوا الحق من العلماء و تعاونوا فيما بينكم وسبيل الدعوة لن يتوقف على الجمعيات و حتى لو كان فيكم من يدعوا فرديا، و الدعوة الفردية فيها خير كثير وكبير وأعظم مثال بين أيديكم الشيخ الألباني والشيخ مقبل رحمهما الله .وأسأل الله سبحانه و تعالى أن يوفقني و إياكم إلى ما يحبه و يرضاه و سبحانك اللهم و بحمدك لا إله إلا أنت سبحانك أستغفرك و أتوب إليك
وصلى الله على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليما
محبكم أبو سعد رضوان المغربي
تنبيه مهم :أبا أبو بكر يوسف لعويسي اشكر شكرا جزيلا الأخ الفاضل أبا مقبل رضوان المغربي على هذا الجهد الطيب ..
وقد قرأت هذا التفريغ وقمت بتصحيح ما فيه من الخطاء وعدلت شيئا فيه ، وأضفت عليه بعض الإضافات حتى يرفع الإشكال واللبس فربما يسمع الصوتية والمادة والمفرغة فيظن أنها مختلفة .