المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا ينقمون على أهل المنهج السلفي إذا أهانوا من أهانهم الله ، و أقصوا من أقصاهم الله حوار مع الشيخ عبدالمالك الرمضاني في مقولته ( هؤلاء إقصائيُّون، يريدون أن لا يبقى في السَّاحة إلا هم، ثم هم أنفسُهم سيرجع بعضُهم على بعض )



أبو أنس بشير بن سلة الأثري
03-Sep-2013, 04:37 PM
ماذا ينقمون على أهل المنهج السلفي إذا أهانوا من أهانهم الله ، و أقصوا من أقصاهم الله حوار مع الشيخ عبدالمالك الرمضاني في مقولته ( هؤلاء إقصائيُّون، يريدون أن لا يبقى في السَّاحة إلا هم، ثم هم أنفسُهم سيرجع بعضُهم على بعض )

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الكرام
أما بعد :
فإن من أشد الفتن والمحن على الإسلام والمسلمين في هذا العصر ظهور فئة تدَّعي أنها على منهج أهل السنة والجماعة ، ولكنها مع الأسف لا تعمل إلا ضد هذا المنهج وأهله ظاهراً تارة ، وخلف أقنعة تارة أخرى وقد وضعت على عاتقها عبئاً ثقيلا ألا وهو الدفاع عن أهل البدع والضلال، فألفوا في ذلك الكتب ، ودبجوا فيه المقالات وأشاعوا هذا الدفاع في العالم تحت شعار العدل والإنصاف أو منهج الموازنات ، وغلوا في فقه الواقع وطعنوا به في علماء المنهج السلفي ؛ بل وانتقصوا به منهجهم وكثر به الطعن في المنهج وأهله ، ولا ترى لمنهج العدل والإنصاف أي أثر في خصومتهم لأهل المنهج السلفي ولا في تمجيدهم وإطرائهم لأهل البدع ، ثم إنهم مع تلفعهم بالمنهج السلفي لا ترى اهتمامهم به إلا بقدر ما يخدعون به من ينخدع بهم وبلباسهم لكي يجتالوهم إلى تنظيماتهم الحزبية الفاسدة ويقتلوا فيهم حب المنهج السلفي والدعوة إليه والذب عنه والسير فيه على منهج السلف الصالح ولاءً وبراءً وتحذيراً من أهل البدع، فصرفوا أجيالاً عن المنهج الحق والولاء الصادق له إلى الولاء الحار لأهل البدع والذب عنهم وعن بدعهم وأباطيلهم أو التهوين من شأن بدعهم إلى أن أوصلوهم إلى أحط من غلاة المرجئة في نظرتهم إلى كبريات البدع والمخالفات الكبيرة لدين الله الحق .
فكانوا بهذه الأعمال المخزية والأفعال المنحطة من أشد الناس حرباً للمنهج السلفي وأهله وأشد الناس صداً عنهما ، وأشد الناس ذباً عن جماعات البدع وجماعات الفتن وعن زعاماتهم ومناهجهم ، ولهم في ذلك مؤلفات ([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn1)) ، و أنشأوا لذلك منتديات ، كما هو شأن فتنة عبدالرحمن عبدالخالق ، والمأربي ، وفالح الحربي ، ويحيى الحجوري والحلبي ، ونحن على يقين أن وجود هذه الفرقة طبيعي، ومن سنن الله التي لا تقاوم، وسيكتسحها الزمن وتقلباته لعدم صلاحية ما هي عليه لهذه التقلبات، فقصارى صنعنا مع هذه الطائفة أن نتربّص بها صنع الله.([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn2))
فكان كذلك ، فقد أحبط الله تعالى مكائدهم وهتك أستارهم ، وكشف عوارهم ، ومن ذلك ما رجف وتفوه به الشيخ عبدالمالك الرمضاني ـ هداه الله وعفى عنه ـ، ورمى به أهل السنة والحديث بمقولته المشؤومة الآتية :
(( هؤلاء إقصائيُّون، يريدون أن لا يبقى في السَّاحة إلا هم، ثم هم -أنفسُهم- سيرجع بعضُهم على بعض، وحصل هذا! )) ([3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn3))
فهذه المقولة من أخبث وأفجر المقالات الباطلة التي وجه بها أهل السنة ومنهجهم المبارك في هذه المرحلة، وخاصة إذا عرفنا الظروف التي قيلت فيها ، وهو عهد الصراع بين أهل السنة والحديث الخلص ، أهل النقاوة والصفاء ، وبين المميعة المتسلفة ، أهل الكدرة والأهواء ، فما أراد بها صاحبها إلا ستر عوار وعيوب بضاعة المميعة ، ويرقع بها مخترعاتهم المبتدعة ، ولكن خاب وخسر بمقولته الفظيعة ، وخالف الشريعة ، و تتمثل مخالفته في الأمور التالية :
أولا : إن الكلام في المناهج والرجال لا يجوز إلا لتام المعرفة ، تام الورع ، ويكون صاحبه نقيا وبريئا من الهوى والميل والعصبية والحمية والمذهبية ، ويكون على خبرة كاملة بأحوال ممن يتكلم فيهم ، مع فحص أقوالهم فحصا تاما ، وإلا وقع في الكذب والانحراف والإجحاف لمن تكلم فيهم بغير علم وإنصاف .
قال العلامة عبد السلام بن برجس آل عبدالكريم ـ رحمه الله ـ في محاضرته (الجرح والتعديل)
(( إن أهل العلم رحمهم الله مجمعون على أن تزكية من ليس أهل للتزكية وجرح من ليس أهل للجرح خيانة للأمة وغش لها وجريمة شنيعة وظلم من كل وجه وذلك لما يترتب على هذا الجرح وعلى هذا التعديل من مفاسد عظيمة في شؤون الدين والدنيا ، ولذلك كان السلف ـ رحمهم الله ـ في غاية الورع عند التكلم في هذه القضايا لعلمهم لما يلحقهم من التبعية إذا تكلموا بغير عدل وبغير علم ، فتراهم لا يصدرون الأحكام إلا بعد التروي والمشاورة والنظر ، وقبل ذلك مراقبة الله سبحانه وتعالى ورؤية وقوف بين يديه سبحانه تعالى ، وقد سطر الذهبي ـ رحمه الله ـ كلاما نفيسا وضابطا جليلا في هذا الباب يجب أن يكون نصب عين كل من تكلم فيه قال ـ رحمه الله ـ في كتابه( تذكرة الحفاظ ) ([4] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn4)) عند ترجمة أبي بكر صديق رضي الله عنه : "فحق على المحدث أن يتورع في ما يؤديه وأن يسأل أهل المعرفة والورع ليعينوه على إيضاح مروياته، ولا سبيل إلى أن يصير العارف الذي يزكى نقلة الأخبار ويجرحهم جهبذا إلا بإدمان الطلب والفحص عن هذا الشأن وكثرة المذاكرة والسهر والتيقظ والفهم مع التقوى والدين المتين والإنصاف والتردد إلى مجالس العلماء والتحري والإتقان وإلا تفعل:

فدع عنك الكتابة لست منها..... ولو سودت وجهك بالمداد

قال الله تعالى عز وجل: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] فإن آنست يا هذا من نفسك فهما وصدقا ودينا وورعا وإلا فلا تتعن وإن غلب عليك الهوى والعصبية لرأى والمذهب فبالله لا تتعب وإن عرفت إنك مخلط مخبط مهمل لحدود الله فأرحنا منك فبعد قليل ينكشف البهرج وينكب الزغل ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله " ))
وقال العلامة ابن الوزير ـ رحمه الله ـ في (إيثار الحق على الخلق)(ص 27)
(( وَإِنَّمَا جمعت هَذَا الْمُخْتَصر الْمُبَارك إِن شَاءَ الله تَعَالَى لمن صنفت لَهُم التصانيف وعنيت بهدايتهم الْعلمَاء وهم من جمع خَمْسَة أَوْصَاف معظمها الإخلاص والفهم والإنصاف وَرَابِعهَا وَهُوَ أقلهَا وجودا فِي هَذِه الاعصار الْحِرْص على معرفَة الْحق من أَقْوَال الْمُخْتَلِفين وَشدَّة الدَّاعِي إِلَى ذَلِك الْحَامِل على الصَّبْر والطلب كثيرا وبذل الْجهد فِي النّظر على الإنصاف ومفارقة العوائد وَطلب الأوابد فان الْحق فِي مثل هَذِه الاعصار قَلما يعرفهُ إِلَّا وَاحِدًا بعد وَاحِد وَإِذا عظم الْمَطْلُوب قل المساعد فان الْبدع قد كثرت وَكَثُرت الدعاة اليها والتعويل عَلَيْهَا وطالب الْحق الْيَوْم شَبيه بطلابه فِي أَيَّام الفترة وهم سلمَان الْفَارِسِي وَزيد بن عَمْرو بن نفَيْل وأضرابهما رحمهمَا الله تَعَالَى فإنهم قدوة الطَّالِب للحق وَفِيهِمْ لَهُ أعظم أُسْوَة فإنهم لما حرصوا على الْحق وبذلوا الْجهد فِي طلبه بَلغهُمْ الله إِلَيْهِ وأوقفهم عَلَيْهِ وفازوا من بَين العوالم الجمة فكم أدْرك الْحق طَالبه فِي زمن الفترة وَكم عمي عَنهُ الْمَطْلُوب لَهُ فِي زمن النُّبُوَّة فَاعْتبر بذلك واقتد بأولئك فان الْحق مَا زَالَ مصونا عَزِيزًا نفيسا كَرِيمًا لَا ينَال مَعَ الإضراب عَن طلبه وَعدم التشوف والتشوق إِلَى سَببه وَلَا يهجم على المبطلين المعرضين وَلَا يفاجئ أشباه الأنعام الغافلين وَلَو كَانَ كَذَلِك مَا كَانَ على وَجه الأَرْض مُبْطل وَلَا جَاهِل وَلَا بطال وَلَا غافل ))
قلت ( بشير ) : هل الشيخ عبدالمالك أحكم هذا الأصل الأصيل وأعمله في حكومته هذه الجائرة ، التي رمى فيها أهل السنة مما هي منه طاهرة ؟!
فنترك له الجواب ، وإلا فقد عرف ووقف عقلاء الأمة الإسلامية ما وصل إليه الجماعات المميعة والمتحزبة من المأربية والحدادية والحلبية الذين كشف عوارهم أهل السنة ، ما هم عليه من الحزبية والضياع والانحطاط مما يندى له الجبين ، واستصعب على كل طبيب علاجه .
ثانيا : قد صنف مشايخنا وعلماؤنا كتبا ومقالات كثيرة ، وسجلوا أشرطة ، وعقدوا مجالس عديدة ، في بيان مخالفات رؤوس الفتنة الجديدة ، فكشفوا باطلهم ، وحصدوا ضلالهم بالأدلة الساطعة والبراهين القاطعة والإجماعات المقنعة ، مما يفضح ما هم عليه من البدع الفظيعة ، وينسف أقوالهم الشنيعة ، وهم في ذلك قد قاموا بما أوجب الله تعالى عليهم ، واتبعوا آثار أهل الشريعة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في (مجموع الفتاوى)(3/ 250)
(( وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ أَمَرَ فِي كِتَابِهِ عِنْدَ تَنَازُعِ الْأُمَّةِ بِالرَّدِّ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، لَمْ يَأْمُرْ عِنْدَ التَّنَازُعِ
إلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَصْلًا.))
وقال أيضا في (مجموع الفتاوى)(3/ 229)
(( مَعَ أَنِّي فِي عُمْرِي إلَى سَاعَتِي هَذِهِ لَمْ أَدْعُ أَحَدًا قَطُّ فِي أُصُولِ الدِّينِ إلَى مَذْهَبٍ حَنْبَلِيٍّ وَغَيْرِ حَنْبَلِيٍّ، وَلَا انْتَصَرْت لِذَلِكَ، وَلَا أَذْكُرُهُ فِي كَلَامِي، وَلَا أَذْكُرُ إلَّا مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا. وَقَدْ قُلْت لَهُمْ غَيْرَ مَرَّةٍ: أَنَا أُمْهِلُ مَنْ يُخَالِفُنِي ثَلَاثَ سِنِينَ إنْ جَاءَ بِحَرْفِ وَاحِدٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ يُخَالِفُ مَا قُلْته فَأَنَا أُقِرُّ بِذَلِكَ. وَأَمَّا مَا أَذْكُرُهُ فَأَذْكُرُهُ عَنْ أَئِمَّةِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ بِأَلْفَاظِهِمْ وَبِأَلْفَاظِ مِنْ نَقْلِ إجْمَاعِهِمْ مِنْ عَامَّةِ الطَّوَائِفِ. هَذَا مَعَ أَنِّي دَائِمًا وَمَنْ جَالَسَنِي يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنِّي: أَنِّي مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ نَهْيًا عَنْ أَنْ يُنْسَبَ مُعَيَّنٌ إلَى تَكْفِيرٍ وَتَفْسِيقٍ وَمَعْصِيَةٍ، إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الرسالية الَّتِي مَنْ خَالَفَهَا كَانَ كَافِرًا تَارَةً وَفَاسِقًا أُخْرَى وَعَاصِيًا أُخْرَى ))
قلت ( بشير) : نشهد الله تعالى أن علماءنا ومشايخنا لم يخرجوا عن هذا المنهج القويم والطريق السليم الذي نبه عليه شيخ الإسلام في معاملة وتفحيص مقالات وأقوال وأفعال القوم ، فكل ما بينوه فكان مبنيا على الأدلة والبراهين والإجماع ، مما تقوم بها الحجة ، و يشهد على من خالفها بالضلال والزيغ والبدعة .
ثالثا : إن هذه المقولة لا تخرج إلا ممن ضاق صدره من النقد ، وأزعجته أقلام الحراسة ، وهذه الجعجعة لا تخفى عليه هو أولا فضلا عن غيره ، من أن مضرتها ترجع إلى وأد شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإخلاء أعظم ثغور المسلمين من مرابط ، ويكفي في بيان فسادها ، والرد عليها ما قاله وقرره في كتابه (مدارك النظر)(85 ـ 95/ ط : دار الكتاب لبنان ) ـ بنصه وطوله ـ، مما ينقض هذه المقولة ، ونحن في ذلك نذكره وننبهه بمنهجه القديم الذي كان يسير عليه .
قال ـ رده إلى الحق ردا جميلا عاجلا غير آجل ـ : ((ولمّا كان جلّ الأحزاب الإسلامية يعمل على وَأْد ما يسمّى ( بالنّقد الذّاتيّ )، وإجهاض الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وإخلاء أعظم ثغور المسلمين من مرابط، بحجّة السّتر على المسلمين تارة، وجمع الكيد للكافرين تارة أخرى، وغيرها من الحجج العاطفيّة التي تجعل العقول تُتخطّف من أصحابها في زمن الوهن العلميّ، كان لابدّ من ردّ الحق إلى نصابه {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ويَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}[الأنفال :42]
" والذين يَلْوُون ألسنتهم باستنكار نقد الباطل وإن كان في بعضهم صلاح وخير، ولكنّه الوهن وضعف العزائم حينا، وضعف إدراك مدارك الحق والصّواب أحيانا، بل في حقيقته من التّولي يوم الزحف عن مواقع الحراسة لدين الله والذّب عنه ([5] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn5) )، وحينئذ يكون الساكت عن كلمة الحق كالنّاطق بالباطل في الإثم، قال أبو علي الدّقاق : " الساكت عن الحق شيطان أخرس، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق ".
والنبيّ صلى الله عليه وسلم يخبر بافتراق هذه الأمّة إلى ثلاث وسبعين فرقة، والنّجاة منها لفرقة واحدة على منهاج النّبوّة، أيريد هؤلاء اختصار الأمّة إلى فرقة وجماعة واحدة مع قيام التّمايز العقديّ المضطرب؟!.
أم أنها دعوة إلى وحدة تصدِّع كلمة التّوحيد، فاحذروا.
وما حجّتهم إلا المقولات الباطلة :
لاتصدِّعوا الصفّ من الدّاخل!
لا تثيروا الغبار من الخارج!
لا تحرّكوا الخلاف بين المسلمين!
" نلتقي فيما اتّفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه !" وهكذا.
وأضعف الإيمان أن يقال لهؤلاء : هل سكت المبطلون لنسكت، أم أنهم يهاجمون الاعتقاد على مرأى ومسمع، ويُطلب السّكوت؟ اللهمّ لا...([6] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn6))
ونُعيذ بالله كل مسلم من تسرّب حجّة اليهود، فهم مختلفون على الكتاب، مخالفون للكتاب، ومع
هذا يظهرون الوحدة والاجتماع ([7] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn7)) ، وقد كذّبهم الله تعالى فقال سبحانه : {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وقُلُوبُهُمْ شَتَّى}[الحشر :14]، وكان من أسباب لعنتهم ما ذكره الله بقوله :{كانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُ}"[المائدة :79] .
" ولهذا فإذا رأيت من ردّ على مخالف في شذوذ فقهيّ أو قول بدعيّ، فاشكر له دفاعه بقدر
ما وَسِعه، ولا تخذِّله بتلك المقولة المهينة ([8] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn8) ) ( لماذا لا يردّ على العلمانيّين؟! )، فالناس قدرات ومواهب، وردّ الباطل واجب مهما كانت رتبته، وكل مسلم على ثغر من ثغور ملّته "
وأصل هذا الباب النّصوص الواردة في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر كقوله تعالى:{ولْتَكُن مِنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلى الخَيْرِ ويَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ}[آل عمران : 104] .
قال ابن تيمية: " والأمر بالسنّة والنّهي عن البدعة هو أمرٌ بمعروف ونهيٌ عن منكر، وهو من أفضل الأعمال الصالحة ... "([9] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn9)) .
ولا ينبغي للجماعات الإسلامية اليوم أن تضيق صدورها بالنّقد؛ لأنّه من القيام بالقسط والشّهادة لله الّلذين أمرنا بهما ولو مع أنفسنا وأهل ملّتنا كما قال تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِين آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ والأَقْرَبِين إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً}[النساء :135] ، واللَّيّ هو الكذب، والإعراض هو الكتمان كما قال ابن تيمية([10] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn10))، فكيف يطيب لمؤمن دعوةٌ مع كتمان الأخطاء تستّراً بالمجاملات السياسية بعد هذا؟!
ولا شكّ أنّ الغيرة التي أودعها الله في قلب كلِّ مؤمن على محارمه هي التي تحرّكه إلى القيام بهذا الواجب ([11] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn11)) ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :" إنّ الله تعالى يغار، وإنّ المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرّم الله عليه" متفق عليه.
وإذا كان كلما أراد المؤمن أن يقوِّم المسار قيل له: ليس ذا الوقت والكفار متربّصون!
فمتى يعرف أخطاءه؟ ومتى يحجم عنها؟ ومتى يصحّ المريض ويُقوَّى الضعيف؟ وقد روى أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يَكُفُّ عليه ضَيْعتَه، ويَحُوطُه من ورائه " رواه أبوداود (2 /304) وهو صحيح ....
قال ابن تيمية في هذا المعنى: " ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم أو ذبّ عنهم أو أثنى عليهم أو عظّم كتبهم أو عُرِف بمساعدتهم ومعاونتهم أو كره الكلام فيهم أو أخذ يعتذر لهم، بأنّ هذا الكلام لا يُدرَى ما هو؟ أو من قال إنّه صنّف هذا الكتاب؟ وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق، بل تجب عقوبة كل من عَرَف حالهم ولم يعاون على القيام عليهم، فإنّ القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادا ويصدُّون عن سبيل الله "([12] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn12)).
وفي الردّ على المخالف دفاع عن الإسلام من جبهتين:
" الأولى: الخطر الخارجيّ وهو الكافر المتمحِّض، الذي لم يعرِف نور الإسلام، بما يكيده للإسلام والمسلمين من غزو يحطِم في مُقَوِّماتهم العقديّة والسّلوكيّة والسياسية والحكميّة ...
الثانية: مواجهة التّصدُّع الدّاخليّ في الأمة بفشُوِّ فِرق ونحل طاف طائفها في أفئدة شباب الأمّة ... إذ التّصدُّع الدّاخليّ تحت لباس الدين يمثِّل انكسارا في رأس المال : المسلمين، وقد كان للسّالكين في ضوء الكتاب والسنّة ـ الطّائفة المنصورة ـ الحظّ الوافر والمقام العظيم في جبر كسر المسلمين بردّهم إلى الكتاب والسنّة، وذلك بتحطيم ما قامت عليه تلك الفرق المفرّقة من مآخذ باطلة في ميزان الشرع "([13] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn13)).
ومن ضنائن العلم ما قرأته لابن تيمية في التّمييز بين معاملة الخوارج ومعاملة الكفار، وهو يرفع اللّبس المتبادر إلى الأذهان الكليلة من بعض الأحاديث التي يظهر منها أنّ الخوارج شرّ من الكفار مطلقا، مع أنّ الصّحابة لم يكفّروهم، قال ـ رحمه الله ـ: " وما زالت سيرة المسلمين على هذا، ما جعلوهم مرتدّين كالذين قاتلهم الصدّيق - رضي الله عنه - ، هذا مع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتالهم في الأحاديث الصحيحة، وما رُوِيَ من أنهم" شرّ قتلى تحت أديم السماء، خير قتيل من قتلوه " ، في الحديث الذي رواه أبو أمامة، رواه التّرمذيّ وغيره ؛
أي أنهم شرٌّ على المسلمين من غيرهم؛ فإنّهم لم يكن أحد شرّا على المسلمين منهم: لا اليهود ولا النّصارى؛ فإنّهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم وقتل أولادهم، مكفِّرين لهم، وكانوا متديّنين بذلك لعظم جهلهم وبدعتهم المضلّة ..."([14] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn14)) أي أنّ الخوارج أقلّ جريمة من الكفار في الميزان العامّ الأخير، يكفي أنهم " من الكفر فرّوا "، لكن بالنسبة لما يعاني منهم المسلمون وما يوقعون بهم من المحن والبلايا فهم أعظم شرّا من الكفار، بل لا يخلص الكفار إلى المسلمين كما يخلص إليهم هؤلاء، ولذلك قد تُقَدَّم عقوبتهم في الدنيا قبل غيرهم، وتأمّل فقه ابن تيمية حين قال بعد كلامه السّابق بصفحتين: " والعقوبة في الدنيا تكون لدفع ضرره عن المسلمين، وإن كان في الآخرة خيرا ممّن لم يُعاقَب، كما يُعَاقَب المسلم المُتَعَدِّي للحدود ولا يُعَاقَب أهل الذِّمّة من اليهود والنّصارى، والمسلم في الآخرة خير منهم ".
فاحفظ هذا، وعضَّ عليه بالنّواجذ تتهاوى بين يديك عساكر الباطل المعطّلة لمجاهدة البدع وأهلها، كأولئك القائلين: " إن لم تكونوا معنا فأنتم معهم!! "، أو كأولئك القائلين: " تُوَجِّهون سهامكم إلى إخوانكم، والعلمانيون والشيوعيون أنشط ما يكونون في نشر الخلافات بينكم؟! ".([15] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn15))
قال ابن تيمية : " إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم،وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) "([16] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn16)) ...
إذن فمواجهة هؤلاء حماية لديار المسلمين من أن تُغتال من تحتها، بجهاد المنافقين الذين يتسللون الصفوف لِواذا، قال الله تعالى: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ}[التوبة :73]
قال ابن القيم: " وكذلك جهاد المنافقين إنما هو بتبليغ الحجة .. "
إلى أن قال: " فجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار، وهو جهاد خواصّ الأمة وورثة الرسل. والقائمون به أفراد في العالم، والمشاركون فيه والمعاونون عليه ـ وإن كانوا هم الأقلِّين عدداً ـ فهم الأعظمون عند الله قَدْراً .. "([17] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn17)).
ولما كان هؤلاء منضوين تحت صفوف المسلمين، فإن أمرهم قد يخفى على كثير من الناس([18] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn18)) ، فكان بيان حالهم ـ لمن ولاؤنا لهم فرض علينا ـ آكد، ولذلك قال ابن تيمية: " وإذا كان أقوام ليسوا منافقين ولكنهم سمّاعون للمنافقين، قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقا، وهو مخالف للكتاب، وصاروا دعاة إلى بدع المنافقين، كما قال تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}[التوبة :47]، فلا بد من بيان حال هؤلاء، بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم، فإن فيهم إيمانا يوجب موالاتهم، وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين، فلا بد من التحذير من تلك البدع، وإن اقتضى ذلك ذِكْرُهم وتعيينُهم، بل ولو لم يكن قد تَلَقَّوْا تلك البدعة عن منافق، لكن قالوها ظانِّين أنها هدى وأنها خير وأنها دين، ولو لم تكن كذلك لوجب بيان حالهم "([19] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn19)).
وأما مواجهتهم من الخارج؛ فلأن العدو لا يدخل عليك بيتك إلا إذا كانت منافذه مفتوحة أو ضعيفة، والفرق الإسلامية المنحرفة عن الناجية هم منافذ الكفار، وهل يجهل المسلمون أثر المتصوفة في استعمار البلاد الإسلامية وإعانتهم الكفار على ذلك؟ ...
قلت: ولذلك كان أئمتنا أفقه من أن يداهنوا المنحرفين عن منهج السلف، بل رأوا جهادهم أكبر الجهادين، كما قال يحيى بن يحيى شيخ البخاري ومسلم:" الذبّ عن السنة أفضل من الجهاد "([20] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn20))، رواه الهرويُّ بسنده إلى نصر بن زكريا قال سمعتُ محمد بن يحيى الذهلي يقول سمعتُ يحيى بن يحيى يقول: " الذّبُّ عن السُّنّة أفضلُ من الجهاد في سبيل الله، قال محمد: قلتُ ليحيى: الرجلُ ينفِقُ مالَه ويُتْعِبُ نفسَه ويجاهد، فهذا أفضلُ منه؟! قال: نعم بكثير! "([21] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn21)).
وقال الحميدي شيخ البخاري : " والله! لأن أغزو هؤلاء الذين يَرُدُّون حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحبُّ إلي من أن أغزو عِدَّتهم من الأتراك "، يعني بالأتراك: الكفار. ))
رابعا : قوله : (( هؤلاء إقصائيُّون ))
أقول :
ما ذنب أهل السنة إذا أبعدوا من أبعده الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم و أهانوا من أهانه الله تعالى ، وكان هو السبب في استحواذ الشيطان عليه وبعده عن جماعة المسلمين ، ونفرته عن أهل الصلاح !!، لما ثبت من حديث أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ "([22] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn22)). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
قال الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في (شرح رياض الصالحين)(5/ 79)
(( وفي قوله :"وعليكم بالجماعة إنما يأكل الذئب القاصية من الغنم "
دليل على أنه لا ينبغي للمسلمين الافتراق والاختلاف وأنه واجب عليهم الاجتماع وأن الشرود عن الجماعة سبب في الهلاك لأن النبي صلى الله عليه وسلم شبه ذلك بالقاصية من الغنم البعيدة يأكلها الذئب فتهلك فهكذا الذي يشذ عن الجماعة حتى لو برأي ينفرد به ويظن أن النصوص معه وتدل عليه ))
فكيف لو ابتدع وأصل الأصول التي تخالف المنهج السلفي وتفسد أهله كما هو صنيع المأربي والحلبي والعيد شريفي وبن حنفية ومن سلك مسلكهم وانتهج منهجهم ، أليس من كان هكذا أحق بالإقصاء والإبعاد لما هو عليه من الفساد و الهلاك المتحقق ؟
وإلا فأهل السنة قد عرفوا بغيرتهم على الدين وتجردهم للحق والذب عنه ، ولا تأخذهم في ذلك لومة لائم ، ولا تمنعهم في ذلك شجنة رحم ، ولا صلة مال من بيان الحق والقول والصدع به .
قال الحافظ البيهقي ـ رحمه الله ـ في (دلائل النبوة)(1/ 47) : (( ومن أنعم النظر في اجتهاد أهل الحفظ في معرفة أحوال الرواة، وما يقبل من الأخبار، وما يردّ- علم أنهم لم يألوا جهدا في ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ الابن يقدح في أبيه إذا عثر منه على ما يوجب ردّ خبره، والأب في ولده، والأخ في أخيه، لا تأخذه فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، ولا تمنعه في ذلك شجنة رحم ولا صلة مال. والحكايات عنهم في ذلك كثيرة ))
فبهذه الميزة التي ميزهم الله تعالى بها حفظت السنة ، وحافظ أهل الديانة والصدق على عدالتهم وصدقهم مدى حياتهم وبالغوا في ذلك ، إذ "كان الرجل من أصحاب الحديث يرشح لطلب الحديث وهو طفل، ثم ينشأ دائباً في الطلب والحفظ والجمع ليلاً ونهاراً ويرتحل في طلبه إلى أقاصي البلدان ويقاسى المشاق الشديدة كما هو معروف في أخبارهم ويصرف في ذلك زهرة عمره إلى نحو ثلاثين أو أربعين سنة وتكون أمنيته الوحيدة من الدنيا أن يقصده أصحاب الحديث ويسمعوا منه ويرووا عنه، وفي (تهذيب التهذيب) (11/ 183) :" قال عبد الله بن محمود المروزي: سمعت يحيى بن أكثم يقول: كنت قاضياً وأميراً ووزيراً ما ولج سمعي أحلى من قول المستملي من ذكرت؟ رضي الله عنك ."
وفيه (6 / 314) : "روي عن عبد الرزاق أنه قال: حججت فمكثت ثلاثة أيام لا يجيئني
أصحاب الحديث فتعلقت بالكعبة وقلت : يا رب مالي أكذاب أنا؟ أمدلس أنا؟ فرجعت إلى البيت فجاءوني " .
وقد علم طالب الحديث في أيام طلبه تشدد علماء الحديث وتعنتهم وشدة فحصهم وتدقيقهم حتى إن جماعة من أصحاب الحديث ذهبوا إلى شيخ ليسمعوا منه فوجدوه خارج بيته يتبعوا بغلة له قد انفلتت يحاول إمساكها وبيده مخلاة يريها البغلة ويدعوها لعلها تستقر فيمسكها فلاحظوا أن المخلاة فارغة فتركوا الشيخ وذهبوا وقالوا أنه كذاب كذب على البغلة بإيهامها أن المخلاة شعيراً والواقع أنه ليس فيها شيء.
وفي (تهذيب التهذيب)(11/ 284) :" وقال هارون بن معروف: قدم علينا بعض الشيوخ من الشام فكنت أول من بكر عليه فسألته أن يملي علي شيئاً فأخذ الكتاب يملي فإذا بإنسان يدق الباب فقال الشيخ من هذا؟ ... فإذا بآخر يدق الباب قال الشيخ من هذا؟ قال: يحيى بن معين، فرأيت الشيخ ارتعدت يده ثم سقط الكتاب من يده"
وقال جعفر الطيالسي عن يحيى بن معين: «قدم علينا عبد الوهاب ابن عطاء فكتب إلى أهل البصرة: وقدمت بغداد وقبلني يحيى ابن معين والحمد لله» .
فمن تدبر أحوال القوم بان له أنه ليس العجب ممن تحرز عن الكذب منهم طول عمره وإنما العجب ممن اجترأ على الكذب، كما أنه من تدبر كثرة ما عندهم من الرواية وكثرة ما يقع من الالتباس والاشتباه وتدبر تعنت أئمة الحديث بان له أنه ليس العجب ممن جرحوه بل العجب ممن وثقوه."([23] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn23))
فيا لغربة هذا المنهج الرباني السلفي في هذه الأزمنة عند من يدعي العلم والمشيخة ، وأنه من حملة منهج أهل الحديث ومحيي تراثهم !! إذ أصبح منهجا إقصاء ، وأنه لم يدع أحد وإلا وأسقطه !!
ماذا يريدون ؟! ، يريدون منهجا جديدا يتماشى مع هوائهم وآرائهم وعصرنتهم ، ويحافظ على معاشهم ومكانتهم ، ما بقيت حياتهم .
ولكن أنى لهم ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تزال طائفةٌ من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا مَن خالفهم حتى تقوم الساعة " ، فلا اكتحلت عيونهم بمداهنة أهل السنة لهم ، والسكوت عن أخطائهم .
خامسا : قوله :(( يريدون أن لا يبقى في السَّاحة إلا هم ))
أقول :
هذا من أقوال ممن عري عن الحجج والبراهين التي يقيم بها ما هو عليه ، وهي دالة على عجز موردها عن الإتيان بما يرد القول الذي جاء به خصمه ، وهي من تمويهات وأراجيف أهل الجاهلية والضلال التي رموا بها أهل الحق وأتباع الرسل قديما وحديثا .
قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ في ( مسائل الجاهلية) : (( المسألة الثانية بعد المائة : رميهم أتباع الرسل بعدم الإخلاص وطلب الدنيا ، فأجابهم بقوله :{ما عليك من حسابهم من شيء }[الأنعام :52] وأمثالها ))
قال الإمام السعدي ـ رحمه الله ـ عند تفسير قوله تعالى :{ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ }
(( أي: وجئتمونا لتكونوا أنتم الرؤساء، ولتخرجونا من أرضنا. وهذا تمويه منهم، وترويج على جهالهم، وتهييج لعوامهم على معاداة موسى، وعدم الإيمان به.
وهذا لا يحتج به، من عرف الحقائق، وميز بين الأمور، فإن الحجج لا تدفع إلا بالحجج والبراهين.
وأما من جاء بالحق، فرد قوله بأمثال هذه الأمور، فإنها تدل على عجز موردها، عن الإتيان بما يرد القول الذي جاء خصمه، لأنه لو كان له حجة لأوردها، ولم يلجأ إلى قوله: قصدك كذا، أو مرادك كذا، سواء كان صادقًا في قوله وإخباره عن قصد خصمه، أم كاذبًا، مع أن موسى عليه الصلاة والسلام كل من عرف حاله، وما يدعو إليه، عرف أنه ليس له قصد في العلو في الأرض، وإنما قصده كقصد إخوانه المرسلين، هداية الخلق، وإرشادهم لما فيه نفعهم. )) ([24] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn24))
سادسا : قوله : (( ثم هم أنفسُهم سيرجع بعضُهم على بعض، وحصل هذا ))
أقول
يكفينا في رد هذه الثرثرة و المقولة البائرة ، ما بينه الحافظ البيهقي ـ رحمه الله ـ في قوله الأتي
: (( ومن أنعم النظر في اجتهاد أهل الحفظ في معرفة أحوال الرواة، وما يقبل من الأخبار، وما يردّ علم أنهم لم يألوا جهدا في ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ الابن يقدح في أبيه إذا عثر منه على ما يوجب ردّ خبره، والأب في ولده، والأخ في أخيه، لا تأخذه فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، ولا تمنعه في ذلك شجنة رحم ولا صلة مال. والحكايات عنهم في ذلك كثيرة ))
إن ما ذكره الحافظ البيهقي قد تجلت حقيقته بتطبيق أهل الحديث والسنة له على أرضية الواقع
ومن ذلك ما قاله الإمام الحافظ علي بن المديني في والده : من أنه ضعيف ([25] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn25))
وقال عبيد الله بن عمرو: قال لي زيد بن أبي أنيسة: لا تكتب عن أخي، فإنه كذاب.([26] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn26))
وأيضا رد الإمام ابن باديس على شيخه وصديقه ابن عاشور ، ومن ذلك قوله في أثناء الرد عليه :
(( شيخ الإسلام يقاوم السنة- ويؤيد البدعة-! ويغري (السلطة) بالمسلمين!! هذا- والله- عظيم وإن كان القارىء يود أن يعرف من هو هذا الذي تحلى بهذا اللقب وأتى بهذه الشنع التي لا يأتي بها من ينتمي انتماء صادقا للإسلام من عامة المسلمين فكيف بشيخ الإسلام؟
نعم كل أحد يتعجب نهاية العجب أن يصدر هذا من شيخ الإسلام. ويزيد كاتب هذه السطور عجبا آخر فوق عجب كل أحد أن شيخه وأستاذه وصديقه الشيخ الطاهر بن عاشور هو الذي يأتي بهذا الباطل ويرتي هذا الذنب.
إنني امرؤ جبلت على حب شيوخي وأساتذتي وعلى احترامهم إلى حد بعيد، وخصوصا بعضهم، وأستاذي هذا من ذلك الخصوص، ولكن ماذا أصنع إذا ابتليت بهم في ميدان الدفاح عن الحق ونصرته؟ لا يسعني وأنا مسلم أدين بقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}،
إلا مقاومتهم ورد عاديتهم عن الحق وأهله.)) ([27] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn27))
فهذه ثلاثة أمثلة تبرز تلك الحقيقة السنية التي تبين تجرد أهل الحق للحق وتعظيمهم وتقديمهم له على كل معظم عندهم ، ولو كانوا آباءهم وأبناءهم وإخوانهم وشيوخهم وأصدقاءهم ، وهم في ذلك قد أذعنوا و امتثلوا قول الله تعالى {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ }[المجادلة:22]
قال العلامة القرطبي ـ رحمه الله ـ في (الجامع لأحكام القرآن)(17/ 308)
(( اسْتَدَلَّ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مُعَادَاةِ الْقَدَرِيَّةِ وَتَرْكِ مُجَالَسَتِهِمْ.
قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: لَا تُجَالِسِ الْقَدَرِيَّةَ وَعَادِهِمْ فِي اللَّهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} .
قُلْتُ: وَفِي مَعْنَى أَهْلِ الْقَدَرِ جَمِيعُ أَهْلِ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ. ))
ولم يقل ، أو يخطر ببال أحدهم يوما من الأيام أن بيان المخالفات ولو كان الواقع فيها أقرب الناس إليهم ، أن ذلك يعد إقصاء ، ورجوع بعضهم على البعض ، بل إن هذا القول لهو من نعرة قومية وعصبية وقبائلية وحزبية التي يتبرأ منها الإسلام ، ومن ذلك ما جاء عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: " اجتمعت قريش يوماً فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت شملنا وعاب ديننا، فليكلمه وينظر ماذا يرد عليه؟ فقالوا: ما نعلم أحداً غير عتبة بن ربيعة. فقالوا: أنت يا أبا الوليد، فأتاه عتبة، فقال: يا محمد أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: إن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك، فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم، فتكلم، حتى نسمع قولك، إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومك منك، فرقت جماعتنا وشتتت أمرنا، وعبت ديننا وفضحتنا في العرب، حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحراً، وأن في قريش كاهناً، والله ما ننظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى. " ([28] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn28))
فاتركها يا عبدالمالك فإنها منتنة .
سابعا : إذا وجد هناك مجاوزة في الخصومة أو مبالغة في العداوة بين بعض أهل السنة والجماعة، فلا يجعل ذلك ذريعة للطعن في المنهج السلفي وأصوله ومن أعظمه الرد على المخالف وبيان المخالفات، وأن ما عليه الحلبي وشرذمته هو الحق ، فإن هذا من أبرز أقوال أهل الضلال والجاهلية التي واجهوا بها أهل الحق ، وردوا بها الحق .
قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ في رسالته ( مسائل الجاهلية ) : (( المسألة التاسعة عشرة : قدحهم في بعض الصالحين بفعل بعض المنتسبين إليهم كقدح اليهود في عيسى وقدح اليهود والنصارى في محمد - صلى الله عليه وسلم -. ))
قال الشيخ صالح آل الشيخ ـ حفظه الله ـ : (( أصحاب الهوى يقدحون في الحق؛ في العقيدة بفعل الأتباع، وهذا لا يجوز؛ لأن الحق ينظر إليه من جهة نصوصه لا من جهة أتباعه ))([29] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn29))
وإن كنا لا نقر بتلك المناوشات التي تقع بين بعض طلبة العلم والشباب السلفي والتي مبعثها وأصلها مبينة على جهل وظلم وتسرع في إصدار الأحكام على أهل الإسلام ، وعدم الرجوع فيها إلى الأئمة الأعلام ، إذ أن عملهم هذا سبب وذريعة لتنقيص أهل الحق ومنهجهم وسلفهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في( مجموع الفتاوى)(4/ 155) : (( وَإِنْ كَانَ مِنْ أَسْبَابِ انْتِقَاصِ هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعَةِ لِلسَّلَفِ مَا حَصَلَ فِي الْمُنْتَسِبِينَ إلَيْهِمْ مِنْ نَوْعِ تَقْصِيرٍ وَعُدْوَانٍ وَمَا كَانَ مِنْ بَعْضِهِمْ مِنْ أُمُورٍ اجْتِهَادِيَّةٍ الصَّوَابُ فِي خِلَافِهَا فَإِنَّ مَا حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ صَارَ فِتْنَةً لِلْمُخَالِفِ لَهُمْ: ضَلَّ بِهِ ضَلَالًا كَبِيرًا))
فالعاقل والحكيم والنبيل لا يحمل الجماعة وزر وإثم غيرها ممن ينتسب إليها ، فليقتصر الذم على من وقع في ذاك الوزر وينصح ، وإن كانت تلك الخصومات الحادثة بينهم لا تنجس مياههم، و هي أهون بكثير وكثير ما عليه الحدادية والمميعة والمتحزبة من البدع الكبيرة الغليظة التي نجست محل أهلها ، لما هم عليه من الابتداع وخروج عن منهج السلف الصالح ، وشذوذ عن جماعة المسلمين
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في (مجموع الفتاوى)(4/ 51 ـ 53)
(( وَبِالْجُمْلَةِ: فَالثَّبَاتُ وَالِاسْتِقْرَارُ فِي أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ أَضْعَافِ مَا هُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ؛ بَلْ الْمُتَفَلْسِفُ أَعْظَمُ اضْطِرَابًا وَحَيْرَةً فِي أَمْرِهِ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ.
لِأَنَّ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي تَلَقَّاهُ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْمُتَفَلْسِفِ وَلِهَذَا تَجِدُ مِثْلَ " أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ " وَأَمْثَالِهِ أَثْبَتَ مِنْ مِثْلِ " ابْنِ سِينَا " وَأَمْثَالِهِ. وَأَيْضًا تَجِدُ أَهْلَ الْفَلْسَفَةِ وَالْكَلَامِ أَعْظَمَ النَّاسِ افْتِرَاقًا وَاخْتِلَافًا مَعَ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمْ أَنَّ الَّذِي يَقُولُهُ حَقٌّ مَقْطُوعٌ بِهِ قَامَ عَلَيْهِ الْبُرْهَانُ. وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ أَعْظَمُ النَّاسِ اتِّفَاقًا وَائْتِلَافًا وَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ الطَّوَائِفِ إلَيْهِمْ أَقْرَبَ كَانَ إلَى الِاتِّفَاقِ والائتلاف أَقْرَبَ ...
وَأَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ قُتَيْبَةَ - فِي أَوَّلِ كِتَابِ مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ - لَمَّا ذَكَرَ أَهْلَ الْحَدِيثِ وَأَئِمَّتَهُمْ وَأَهْلَ الْكَلَامِ وَأَئِمَّتَهُمْ: كَفَى بِذِكْرِ أَئِمَّةِ هَؤُلَاءِ وَوَصْفِ أَقْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ؛ وَوَصْفِ أَئِمَّةِ هَؤُلَاءِ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ بِمَا يُبَيِّنُ لِكُلِّ أَحَدٍ: أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ هُمْ أَهْلُ الْحَقِّ وَالْهُدَى وَأَنَّ غَيْرَهُمْ أَوْلَى بِالضَّلَالِ وَالْجَهْلِ وَالْحَشْوِ وَالْبَاطِلِ. وَأَيْضًا الْمُخَالِفُونَ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ هُمْ مَظِنَّةُ فَسَادِ الْأَعْمَالِ: إمَّا عَنْ سَوْءِ عَقِيدَةٍ وَنِفَاقٍ وَإِمَّا عَنْ مَرَضٍ فِي الْقَلْبِ وَضَعْفِ إيمَانٍ. فَفِيهِمْ مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ وَاعْتِدَاءِ الْحُدُودِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِالْحُقُوقِ وَقَسْوَةِ الْقَلْبِ مَا هُوَ ظَاهِرٌ لِكُلِّ أَحَدٍ وَعَامَّةُ شُيُوخِهِمْ يُرْمَوْنَ بِالْعَظَائِمِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ مَعْرُوفٌ بِزُهْدِ وَعِبَادَةٍ فَفِي زُهْدِ بَعْضِ الْعَامَّةِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَعِبَادَتِهِ مَا هُوَ أَرْجَحُ مِمَّا هُوَ فِيهِ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعِلْمَ أَصْلُ الْعَمَلِ وَصِحَّةُ الْأُصُولِ تُوجِبُ صِحَّةَ الْفُرُوعِ وَالرَّجُلُ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ فَسَادُ الْعَمَلِ إلَّا لِشَيْئَيْنِ: إمَّا الْحَاجَةُ؛ وَإِمَّا الْجَهْلُ فَأَمَّا الْعَالِمُ بِقُبْحِ الشَّيْءِ الْغَنِيُّ عَنْهُ
فَلَا يَفْعَلُهُ اللَّهُمَّ إلَّا مَنْ غَلَبَ هَوَاهُ عَقْلَهُ وَاسْتَوْلَتْ عَلَيْهِ الْمَعَاصِي فَذَاكَ لَوْنٌ آخَرُ وَضَرْبٌ ثَانٍ. ))
فلأقتصر على هذا البيان المختصر لما يحمله ذلك القول من الفساد والضلال الذي لا يقر به النقل والعقل ، وما ذكر في هذا المختصر ينبه على ما لم يذكر ، فنسأل الله تعالى أن يبصر الشيخ عبدالمالك بفساد هذا القول وما يترتب عليه من الضلال وتسفيه للمنهج السلفي وأهله قديما وحديثا والحمد لله رب العالمين .



([1]) مقدمة كتاب ( بيان فساد المعيار ) للعلامة ربيع المدخلي

([2]) (آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي)(1/ 272)

([3]) ( منتديات كل السلفيين )(07-07-2013)
([4]) (1/4)
([5]) فأين قلمك يا شيخ عبدالمالك في بيان غلو الحدادية ، وترهات المأربي ، وتمييع الحلبي التي أفسدت الصف السلفي ، ومزقته ، وأضعفت قوته ؟!
أليست هذه المرحلة الشديدة التي تمر عليها السنة هي أشد ما تحتاج إلى رجالها ، وأقلام فرسانها ، مرحلة تكالب فيها أعداء السنة بشتى نحلهم ومللهم عليها وعلى أهلها من كل صوب وحدب ، مع قلة الأنصار لها ، فإنه لمن التخذيل و التّولي يوم الزحف يا عبدالمالك أن ترجف بتلك الكلمات السيئة في يوم السنة هي أحوج ما تحتاج إلى أقلامكم وثباتكم ، نسأل الله تعالى الثبات على نهجه القويم إلى يوم نلقاه

([6]) فأين أنت يا عبدالمالك من هذا الكلام المتين في هذه الآونة التي هاجم فيها المأربي والحلبي وحزبهم على أصول السنة بالتخريب والإفساد ، وتحريف أصولها ومعانيها وتطبيقاتها عن ما وضعت له !!
فعن خالد بن سعد مولى أبي مسعود قال: دخل أبو مسعود على حذيفة وهو مريض، فأسنده إليه، فقال
أبو مسعود: أوصنا، فقال حذيفة: " إن الضلالة حقّ الضلالة أن تعرف ما كنتَ تنكِر وتنكِر ما كنتَ تعرِف،وإيّاك والتلوُّن في الدين!! "، وفي رواية: " فإن رأَى حلالاً كان يراه حراماً ... "، وقال إبراهيم: " كانوا يَرَون التلوّن في الدين مِن شكِّ القلوب " ارجع إلى ( مدارك النظر )( ص 166)
([7]) وهذا حال كل من اجتمع على أصول فاسدة ، وقواعد باطلة تنخر في جسم الأمة الإسلامية ، فأهلها ـ ولابد ـ {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وقُلُوبُهُمْ شَتَّى} ، فلا يغتر بظاهر ما عليه حزب التمييع والتجميع وتزعمهم الائتلاف، فمآل أمرهم إلى التفرق والاختلاف ، لما هم فيه من الابتداع ومخالفة منهج السلف الصالح في أصوله كثيرة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في (مجموع الفتاوى)(4/ 51) : (( وَبِالْجُمْلَةِ: فَالثَّبَاتُ وَالِاسْتِقْرَارُ فِي أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ أَضْعَافِ مَا هُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ؛ بَلْ الْمُتَفَلْسِفُ أَعْظَمُ اضْطِرَابًا وَحَيْرَةً فِي أَمْرِهِ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ.
لِأَنَّ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي تَلَقَّاهُ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْمُتَفَلْسِفِ وَلِهَذَا تَجِدُ مِثْلَ " أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ " وَأَمْثَالِهِ أَثْبَتَ مِنْ مِثْلِ " ابْنِ سِينَا " وَأَمْثَالِهِ. وَأَيْضًا تَجِدُ أَهْلَ الْفَلْسَفَةِ وَالْكَلَامِ أَعْظَمَ النَّاسِ افْتِرَاقًا وَاخْتِلَافًا مَعَ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمْ أَنَّ الَّذِي يَقُولُهُ حَقٌّ مَقْطُوعٌ بِهِ قَامَ عَلَيْهِ الْبُرْهَانُ. وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ أَعْظَمُ النَّاسِ اتِّفَاقًا وَائْتِلَافًا وَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ الطَّوَائِفِ إلَيْهِمْ أَقْرَبَ كَانَ إلَى الِاتِّفَاقِ والائتلاف أَقْرَبَ .))

([8]) وأشر منها مقولتك هذه التي توهن جهاد وأعمال أهل الحديث الرشيدة ، وتخذل أقلامهم السديدة ، وتشد من عضد أهل البدعة الجديدة ، الذين هم أضر على المنهج السلفي من العدو الخارجي ، و أهل البدع البعيدة ، ممن قد وجهت نقدك إليهم في تلك المرحلة غير البعيدة ، لتوغلهم في المنهج السلفي ، واكتسابهم ثقة جماهير شبابه ، وخطورة تأصيلاتهم الباطلة على عقولهم وعقيدتهم السلفية .
يقول العلامة المعلمي ـ رحمه الله ـ في التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل)(1/ 419)
(( ومن تأمل حال كثير من علماء المذاهب رأى أن كثيراً منهم قد تكون حالهم عند التحقيق شراً من حال أصبغ وذلك أنهم يظهرون التدين بقبول الحديث وتعظيم (الصحيحين) ويزيد بعضهم حتى من أهل عصرنا هذا فيقول: إن الحديث إذا كان في (الصحيحين) أو أحدهما فهو مقطوع بصحته، فإذا جاءوا إلى حديث مخالف لمذهبهم حرفوه أقبح تحريف، فالرد الصريح أخف ضرراً على المسلمين وأهون مؤنة على أهل العلم والدين من إثارة الشبه والتطويل والتهويل الذي يغتر به كثير من الناس ويضطر العالم إلى صرف وقته في كشف ذلك. والله المستعان. ))

([9]) ( منهاج السنة)(5/253)

([10]) ( مجموع الفتاوى)(28/235)

([11]) فلماذا لا تظن بإخوانك أهل السنة هذا الظن الحسن في هذه الآونة وتحمل جهادهم للطائفة المميعة الجائرة على هذا المحمل الحسن ، وفيهم علماء أكبر منك علما وسنا ممن تعترف بديانتهم ومشيختهم وعلمهم ، وهم قد انتقد المأربي والحلبي والعيد شريفي وبن حنفية وشرذمتهم ديانة وحسبة، وبعلم وعدل ، فما الذي تغير ؟!!

([12]) (مجموع الفتاوى)(2/132)
قلت ( بشير) : فما أعظم هذا الكلام من شيخ الإسلام ، وأنفعه لأهل الإسلام والعمل به في هذه الأيام .

([13]) اختصار من كتاب (حكم الانتماء إلى الأحزاب)( ص 53 ـ 54 )

([14]) ( منهاج السنة)(5/248)

([15]) قد وقعت اليوم يا شيخ عبدالمالك فيما أنكرته بالأمس ، إذ جعلت إنكار المخالفات وبيانها ، وتحذير الأمة منها ، أنها من باب نشر الخلاف بين المسلمين وتفريق جماعتهم ، وإشاعة الفاحشة وعدم سترها ، وذهبت تستدل على ذلك الانحراف بالنصوص الحاثة على الأخوة بين المؤمنين وستر عوراتهم ، معرضا ومتغافلا عن قول القائل :

القدح ليس بغيبة في ستة ... متظلم ومعرف ومحذر
ومجاهر فسقاً ومستفتٍ ومن ... طلب الإعانة في إزالة منكر

فأين أنت من كتب العقائد والجرح والتعديل التي صنفها أئمة الحديث والسنة في بيان أحوال أهل البدع وممن عرف بالكذب وظهرت عليه المخالفات ، وإن كان من العباد والزهاد وينتسب إلى السنة ومدرسة أهل الحديث والفقه ، فلم يمنعهم ما هم عليه من العبادة والانتساب إلى الإسلام ، وما هم عليه من المشيخة والعلم ، من أن يشهروا بهم ، ويبينوا ويحذروا من مخالفاتهم ، لأن الخلاف الحاصل بالردود أهون من انتشار البدع والأخطاء !!

([16]) ( مجموع الفتاوى)(28/232)

([17]) (زاد المعاد)(3/5)

([18]) بل تخفى فتنتهم ، وأصولهم الفاسدة ومقالاتهم الكاسدة حتى على كثير من علماء السنة كما دل على ذلك التاريخ وشهد به الواقع ، فلو تتبع أحدنا من العهد الأول إلى يومنا هذا من أثنى عليهم علماء السنة وهم في حيز الترك والسقوط والبدعة لجمع في ذلك المجلدات ، إنما العبرة في ذلك والميزان الذي لا يختل ولا يتغير هو : أن من علم حجة على من لم يعلم .

([19]) ( مجموع الفتاوى)(28/233)

([20]) (مجموع الفتاوى)(4/13)

([21]) (ذم الكلام)(ق 111)

([22]) ( حسن) انظر ( مشكاة المصابيح) (1/ 335)

([23]) (التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل)(1/ 212)

([24]) (تيسير الكريم الرحمن)(ص: 371)

([25]) ( ميزان الاعتدال )(2/401)

([26]) (ميزان الاعتدال)(4/ 364)

([27]) (آثار الإمام ابن باديس)(3/73 ـ 74)

([28]) قال العلامة ربيع المدخلي ـ حفظه الله ـ في ( منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة والعقل)(ً 96) في تخريج هذا الحديث : المنتخب من مسند عبد بن حميد (ص:208)، رقم(1141)، ومسند أبي يعلى الموصلي (ل101)، كلاهما عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن محمد عن الأجلـح عـــن = الذيال بن حرملة الأسدي عن جابر رضي الله عنه مرفوعاً.
قال ابن كثير في تفسيره (7/151) بعد أن ساق الحديث بإسناده عن عبد بن حميد وأبي يعلى: وقد ساقه البغوي في تفسيره بسنده عن محمد بن فضيل عن الأجلح وهو ابن عبد الله الكندي وقد ضعف بعض الشيء عن الذيال ... .
لكن الحافظ قال عنه في التقريب (1/46): صدوق شيعي من السابعة، وقال الذهبي في الكاشف (1/99): وثقه ابن معين وغيره وضعفه النسائي وهو شيعي.
وشيخه الذيال قال الحافظ عنه في تعجيل المنفعة (ص:84): ((عن جابر وابن عمر والقاسم بن مخيمرة، وعنه فطر بن خليفة وحصين والأجلح وحجاج بن أرطأة: وثقه ابن حبان)). وبقية رجال الإسناد ثقات.

([29]) (شرح مسائل الجاهلية)(ص145)

أبو العباس بن عبدالله السلفي
03-Sep-2013, 08:30 PM
حفظكم الله يا شيخ بشير وزادكم الله من فضله
ولقد أضحى عبد المالك رمضاني غير مرضي عند السلفيين الأثبات .

عبدالله بن العيد عدونة
04-Sep-2013, 02:29 AM
بارك الله فيك وفي علمك أخي بشير ونفع الله بك

أبو هنيدة ياسين الطارفي
04-Sep-2013, 05:18 PM
بارك الله فيك أخي الكريم ووفقك .
وهذا النفس ممن عرفوا بطعن واللمز في الشيخ الفاضل ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله من كل سوء ـ والمشايخ وإخوانه الأفاضل ،من وقفوا وبينوا تخبطاط وفساد تلك القواعد والتأصيلات المخالفة بلباس جديد عصري في زعمهم ، وما هذه الألفاظ والجمل إلا سراب لتشكيك في الأصول الصحيحة والعلماء وزعزعة الشاب السلفي لغلق أذنه عن المخالفين والمخالفات.... ونصبوا أنفسهم العارفين والمدركين والناصحين ناظرين من فوق جبل مطلين ومتكلمين بعد كل فتنة مما زادوا في الفتنة ، بإسم الإعتدال والتغير .....والله المستعان .

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
11-Sep-2013, 11:52 PM
بارك الله في الأخوة الأفاضل
أبي رعد ابن عبدالله
وعبدالله ابن أخينا الفاضل أبي محمد عدونة
وياسين
ثم أقول للأخ الكريم أبي رعد لست بالشيخ وأرجو منك أن تحذف هذه اللفظة فلها أهلها الذين يستحقونها وهم أهل لها ، ويكفي أني أخ لك في ذات الله .
والله ما أنا إلا طالب للحق ، حتى طالب العلم لا أدري من وضعها لي !!
نسأل الله تعالى الإخلاص في الأقوال والأعمال

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
11-Sep-2013, 11:57 PM
قد يتساءل الكثير من القراء الكرام ، وأهل الإسلام ما السبب والحامل الذي جعل و أوصل المردود عليه ومن كان على شاكلته أن يتحول هذا التحويل ويتبدل هذا التبديل ، ويتنكر السبيل ، ويعمى عن الدليل ، وينخدع بترهات أهل التضليل ؟


الجواب :

فإن أحسن من بيّن ذلك وأبدع ، فنصح ونفع ، العلامة محمد بن هادي المدخلي حفظه الله في كلمته (تناقضات المخالفين) التي جمعته بالشيخ عبد المحسن العبيكان

حيث قال في (د :01 ـ 12) (( ... أن الناس أحد رجلين:

الرجل الأول: ظاهرة مخالفته للسنة وواضح أمره في هـٰذا الباب، ولا يزعم لنفسه أنه على طريق السلف الصالح رضي الله عنهم ، فهٰذا أمره واضح والجواب عليه لا يحتاج فيه إلى كثير جهد وإتعاب في إعداد الرد ، وإنما الشأن في :

الثاني: وهو الذي ذكره أخونا الشيخ عبد المحسن ـ جزاه الله خيراً ـ في تعليقه النافع، ذلكم الرجل هو الذي يدعي أنه على السنة ويدعو ، كما يدعي إلى مذهب أهل السنة، فهٰذا ينبغي أن يُنظر إليه، وهو الذي غزِي أبناؤنا وفلذات أكبادنا من طريقه أو على يديه ، كيف ذلك؟

لأن صاحب الهوى الواضح والاعتقاد الفاضح المخالف لما عليه أهل السنة كما قلنا هـٰذا لا يحتاج إلى كثير عناء ، بل أمره واضح لكل من يعرف طريقة أهل السنة والجماعة التي كان عليها أئمة السلف رضي الله عنهم ، لكن الشأن في الثاني.

فهٰذا كما قال أخونا الشيخ عبد المحسن ننظر إلى واقعه العملي، هل يوافق قوله ودعواه القولية أو لا يوافق؟

فإن وافق عمله قوله فذلكم هو الصادق، والصادق ولله الحمد له علامات جلية واضحة تبرهن على صدقه لما يقول .

وإما أن يخالف عمله قوله وهٰذا الذي ابتلينا به في هـٰذه الفترات الأخيرة ، فتنظر إلى كثرة المدعين لهٰذا الذي تقدم ذكره وإذا ما نظرت إلى أفعالهم وجدتها على خلاف أقوالهم ([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn1)) ، فمثلاً منذ أن جاءت حرب الخليج الثانية قبل سبعة عشر عاماً وتكلم من لا يحق له أن يتكلم، وادعى وزعم ما ادعاه وما زعمه، نظرنا إلى أقواله التي يدعي فيها أموراً يزعم أنه عليها ونظرنا إلى أفعاله وإذا الأفعال تخالف الأقوال ([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn2) ) ، فمثلاً يزعم أنه على طريقة أهل السنة والجماعة ، ويأنف من أن يقول هو على الطريقة السلفية!! ([3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn3))

وما هي طريقة أهل السنة والجماعة؟ هي الطريقة السلفية، ولم يزل ولا يزال علماء الإسلام إلى يوم الناس هـٰذا يرددون هـٰذه الكلمة لا يرون فيها نكارة ولا غضاضة ولا عيباً .

هؤلاء لو قالوا بهٰذا الذي قلت لكُشفوا كشفاً واضحاً بيّناً كما كُشف المبتدع الواضح الأصلي البيّن الذي لم يزعم أنه على طريقة أهل السنة.

كيف ذلك؟

الجواب : أنه لو قال إنه على ما عليه السلف الصالح فتأخذ مواقفه موقفا موقفا :

فمنها هـٰذا الذي ذكرنا، السلف لا ينكرون النسبة إليهم ، بل وفي حينه قبل سبعة عشر عاما، قبل أن يتكلم كثير من المتكلمين ، وليس ذلك مما نفخر به ، ولكن مما نقول هـٰذا من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ، فنسأل الله جل وعلا أن يرزقنا شكر نعمته. نقول في حينه وقلنا ما رأيكم في شيخ الإسلام؟

ما يستطيعون أن يتكلمون فيه ، طيب أنتم تقولون من أوجب على الناس أو على شخص معين أنه يكون سلفيا فإنه يستتاب ، فإن تاب وإلا ضُربت عنقه .([4] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn4))

شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: ( لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه أو اعتزى إليه؛ بل يجب .. قبول ذلك منه بالاتفاق ، فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا )

فما رأيك يا من تقول أنك على مذهب أهل السنة؟!

لا يستطيع، يُلقم حجرا ، ومن أراد أن يدافع عنه يُلقم حجرا ....

إن مثل هـٰذا كمثل الجمل الأعور الذي مر بأرض ذات ربيع وجانب منها قد أكل ورعي ، ولكن العين السليمة في الجانب الذي قد أكل ورعي فلا يرى إلا هـٰذا ويترك الخير الكثير لأنه لا يراه ([5] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn5)) ، .. ورويدا ، فكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كله ربيع، أرض مخضرة ، فإنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال:"مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا ، فكان منها طائفة نقية قبلت الغيث ، فأنبتت العشب والكلأ الكثير" ، فكلامه - عليه الصلاة والسلام- كله ربيع ، ولكن الأرض النقية هي قلوب من يَرِد عليها هـٰذا الكلام فتنتفع في نفسها وتنفع غيرها ، وهٰذا الذي مثلناه بالجمل الأعور لا يرى إلا كلام مُعظّميه الذين يعظمهم وشبههم التي قد أطلقوها فذهب يتمسك بها وهو لا يعرف ([6] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn6)) ))




([1]) فكان شأنهم ومصيبتهم ومحنتهم على أهل الإسلام كما قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه القيم( الفوائد )(ص 97 / ط : دار ابن حزم ) : (( عُلَمَاء السوء جَلَسُوا على بَاب الْجنَّة يدعونَ إِلَيْهَا النَّاس بأقوالهم ويدعونهم إِلَى النَّار بأفعالهم فَكلما قَالَت أَقْوَالهم للنَّاس هلمّوا قَالَت أفعالهم لَا تسمعوا مِنْهُم فَلَو كَانَ مَا دعوا إِلَيْهِ حَقًا كَانُوا أول المستجيبين لَهُ فهم فِي الصُّورَة أدلاء وَفِي الْحَقِيقَة قطّاع الطّرق ))

([2]) ومن اضطرابهم وتذبذبهم وكذبهم ، أنهم بعد تحولهم ، وبداية انحرافهم ينكرون ما كانوا يقرون به قبل التغير أنه هو الحق ، قال عامر بن عبدالله :" ... ما ابتدع رجل بدعة إلا أتى غدا بما ينكره اليوم " ( بداية الإنحراف ونهايته )( ص 92) للشيخ محمد بن عبدالله الإمام

([3]) بل اليوم كلهم اجتمعوا على رمي أهل الحديث والأثر ، وأصحاب الدعوة السلفية النقية بأنهم غلاة ، وحدادية ، وفرقة الجرح والتجريح ، و في مقابل ذلك ما رأينا لهم ردودا على الحدادية الغلاة ، والمميعة الجفاة !!

وهذا مما تعجب منه من هذه الفئة ، فتجدها إذا كتبت في أهل السنة الخلص تطول ، وتثرثر فتهول ، أما نحو جرائم الحدادية المعروفة فتجد أقلامها نحوها ساكنة ، وأعصابها هادئة ، وكأنها لا يعنيها ما عليه الحدادية من التخريب والإفساد لأصول السنة والطعن في أهلها قديما وحديثا !!

([4]) ترى من القوم ما ترى من الأباطيل والأضاليل ، والتكلف في إقصاء الحق وإسكات أهله ، وإذا تكلم أهل الحق ودافعوا عن سنتهم وشرعهم قالوا : لماذا ؟ لا تفرق !

فمما جاء ما ذكره العلامة محمد بن هادي في هذا الباب ، ما قاله بن حنفية الجزائري في رسالته( هل الحزبية وسيلة للحكم بما أنزل الله )(ص 146): (( على أنني أغتنم الفرصة لأذكر أني لا أرى إطلاق اسم السلفية على فريق من الأمة وإقرار وصف الأفراد أنفسهم بها ...)) و إلخ ذلك من اضطراباته وتناقضاته كعادته .

([5]) وهذا من كيد الشيطان لهم ، وكيده كما يقول الإمام ابن القيم في كتابه ( إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان)(1/ 222 ـ 224 / ط : دار ابن الجوزي ) (( ومن كيده العجيب: أنه يشام النفس، حتى يعلم أي القوتين تغلب عليها: قوة الإقدام والشجاعة، أم قوة الانكفاف والإحجام والمهانة؟.

فإن رأى الغالب على النفس المهانة والإحجام أخذ في تثبيطه وإضعاف همته وإرادته عن المأمور به، وثقله عليه، فهون عليه تركه، حتى يتركه جملة، أو يقصر فيه ويتهاون يه.

وإن رأى الغالب عليه قوة الإقدام وعلو الهمة أخذ يقلل عنده المأمور به، ويوهمه أنه لا يكفيه، وأنه يحتاج معه إلى مبالغة وزيادة فيقصر بالأول ويتجاوز بالثاني، كما قال بعض السلف: "ما أمر الله سبحانه بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما إلى تفريط وتقصير، وإما إلى مجاوزة وغلوّ. ولا يبالى بأيهما ظفر".

وقد اقتطع أكثر الناس إلا أقل القليل في هذين الواديين: وادي التقصير، ووادي المجاوزة والتعدي.

والقليل منهم جدا الثابت على الصراط الذي كان عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه. ))

قلت ( بشير) : وكذا شأن المميعة فقد جمعوا بين التقصير والتعدي ، التقصير في توظيف وإعمال نصوص السنة الحاثة على زجر وإهانة أهل البدع ، والتعدي على أهل الحق برميهم من أنهم غلاة وفرقة الجرح والتجريح ، وتسفيه منهجهم السلفي وأحكامه

([6]) يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في (الصفدية)( 293) : (( وإنما جماع الشر تفريط في حق أو تعدي إلى باطل وهو تقصير في السنة أو دخول في البدعة كترك بعض المأمور وفعل بعض المحظور أو تكذيب بحق وتصديق بباطل ولهذا عامة ما يؤتى الناس من هذين الوجهين فالمنتسبون إلى أهل الحديث والسنة والجماعة يحصل من بعضهم كما ذكرت تفريط في معرفة النصوص أو فهم معناها أو القيام بما تستحقه من الحجة ودفع معارضها فهذا عجز وتفريط في الحق وقد يحصل منهم دخول في باطل إما في بدعة ابتدعها أهل البدع وافقوهم عليها واحتاجوا إلى إثبات لوزامها وإما في بدعة ابتدعوها هم لظنهم أنها من تمام السنة ))

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
12-Sep-2013, 12:00 AM
قد تكالبت الأحزاب البدعية والطوائف المميعة والملل الضالة ، وأكل الحقد قلوبهم لما رأوا انتشار الدعوة السلفية الطاهرة ، وطلوع فجر منهج أهل الحديث وانتشار نوره في أرجاء المعمورة ، وإذعان شباب الأمة الإسلامية له ، وتحكيم أصوله ، فأجمعوا كيدهم ، واستفرغوا جهدهم ، في اصطناع ذلك الضباب الذي أرادوا أن يخفوا به هذا النور ورونقه ، والتشكيك في أصوله ، والتنفير من أهله ، وكانوا في هذه المرة أقوى وأسعد وأحظى ما كانوا أملا من غيرها ، وظنوا أن الظروف الحالية في صالحهم لما رأوه من تمزق الصف السلفي وتناطح أهله فيما بينهم ، ودخول في صفهم من ليس منهم ، ممن لبس ثياب الصادقين ، فافتضح أمره ، وبان اضطرابه ، وظهر وذاع كذبه ، فكان بتصرفاته السيئة ، وأعماله الرديئة على المنهج السلفي نقمة ، "وربّ نقمة في طيّها نعمة."([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139664#_ftn1)) ، والتي منها :

ـ إن العصمة في المنهج السلفي لا في أفراده وممن ينتسب إليه .
ـ ظهور أصالة الرجوع إلى السند العالي الذي أشادت به الأخبار ، وبروز فضيلة الارتباط بالعلماء الكبار .
ـ إن هذه التقلبات والاضطرابات والانتكاسات التي ظهرت على ممن يدعي العلم والمشيخة فضلا عن غيرهم ، مما تؤكد على زيادة الاحتياط وشدة التنقيب والتفتيش والتفحيص لأقوال وأعمال الرجال وتحكيمها إلى الكتاب والسنة ، وعرضها على فهم سلف الأمة ، فما وافقت فيه الحق حمد أهلها ، وما خالفته فلا ينفع أهلها انتسابهم إلى المنهج السلفي ، وتزكية من زكاهم ، وكَمَا قَالَ الإمام الحَسَن رحمه الله : "لَيْسَ الْإِيمَانُ بِالتَّمَنِّي، وَلَا بِالتَّحَلِّي، وَلَكِنْ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ، وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ."
ـ إن هذه الفترة أشد ما يمر عليها أهل المنهج السلفي الخلص من الشدة والغربة ، لقلة المناصر لهم وكثرة خصومهم ، وقوة مكرهم ، وخاصة أن أولئك الخصوم ممن كانوا بالأمس يتظاهرون بالموافقة لأهل الحق ويتمسحون بعلمائه العظام وأئمته الكرام ، فلما ظهرت غربة الحق وأشدد أمره ، أنحاز أولئك المتظاهرة والمتلاعبة إلى أعداء السنة .
ـ قد تجلت وظهرت حقيقة ما ذكره الإمام الخطيب البغدادي ـ رحمه الله ـ في كتابه ( الجامع لأخلاق الراوي )( ص 113 ـ 114) : (( عن شعيب بن حرب أنه قال :" كنا نطلب الحديث أربعة آلاف فما أنجب منا إلا أربعة ".
وقال أبو داود الطيالسي : "كنت يوما بباب شعبة وكان المسجد ملآن قال فخرج شعبة فاتكأ علي وقال يا سليمان ترى هؤلاء كلهم يخرجون محدثين قلت لا قال صدقت ولا خمسة قلت خمسة قال نعم يكتب أحدهم في صغره ثم إذا كبر تركه ويكتب أحدهم في صغره ثم إذا كبر يشتغل بالفساد قال فجعل يردد علي قال أبو داود ثم نظرت بعد فما خرج منهم خمسة "
وقال الفريابي : "قال لي سفيان الثوري يوما وقد اجتمع الناس عليه فقال لي يا محمد ترى هؤلاء ما أكثرهم ثلث يموتون وثلث يتركون هذا الذي تسمعونه ومن الثلث الأخر ما أقل من ينجب ". وقال إسرائيل : " كثر من يطلب الحديث في زمن الأعمش فقيل له يا أبا محمد ما ترى ما أكثرهم قال لا تنظروا إلى كثرتهم ثلثهم يموتون وثلثهم يلحقون بالأعمال وثلثهم من كل مائة يفلح واحد"))
وقال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ في (فتاوى جدة) (00:44:11)
(( وأنا ألمح شيئًا ربما لا يلمحه غيري، اقتباسًا من قوله عليه السلام: "إن لكل عملٍ شِرَّه ولكل شِرَّه فتره، فمن كانت فَترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فَترته إلى بدعةٍ فقد ضَلَّ".
مضى على علم الحديث -مع الأسف الشديد- قرون لا أحد من أهل العلم يرفع رأسه إليه إلَّا أفراد قليلين جدًا، وكأن هذا العلم دُرِسَ وانتهى أمره. الآن فاء الناس لهذا العلم و[..] كانت فيئتهم أمرًا طبيعيًا مع الفيئة الأخرى التي أنقذتهم من الجمود المذهبي -من التقليد المذهبي- فاستلزم هذه اليقظة إلى الاهتمام بعلم الحديث لأن الفقه الذي يُراد تمييز الأقوال المختلفة فيه، لا شك أنه لا سبيل إليه إلا بعلم الحديث، فتنبهوا إلى خطورة علم الحديث ولأهميته، فاهتموا بذلك اهتمامًا كبيرًا، وبخاصة في بعض الجامعات. وأنا أذكر حينما كنت أستاذًا في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة أن الطلاب كانوا يقبلون على علم الحديث بصورة خاصة -الذي كنت أدرسه- وكانوا يلاحقوننا كما تلاحقوننا تمامًا، لماذا؟ لشعورهم أنهم بحاجة إلى هذا العلم. وأذكر جيدًا أن الحركة التي جدت في الجامعة الإسلامية كانت حركة عجيبة وعجيبة جدًا بحيث أن الأساتذة أنفسهم قد اضطروا إلى أن لا يتوسعوا في رواية الأحاديث إلا متحفظين؛ لأنهم وجدوا أمامهم طلابًا كلما أورد شيخ الفقه أو التفسير أو الأصول حديثًا؛ قالوا: يا أستاذ! هذا الحديث من رواه؟ وما صحته؟ وهذا لم يكن في أي جامعة في الدنيا من قبل! فصار هناك حركة ..... والشاهد أن هذه النهضة وهذه اليقظة هي ردة فعل للقرون السابقة، فالآن فيه هذه الثورة؛ لكن هذه الثورة أيضًا ستستقر فيما بعد إن شاء الله تدخل في الوضع الطبيعي، ويظهر فيه المجدون والمحققون في هذا العلم على قاعدة قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾ .)) ([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139664#_ftn2))
فهذه الحقيقة لا تخفى على أهل السنة الأذكياء ، لما هناك من الفضائح و الاضطرابات والتذبذبات والانقلابات والانتكاسات العوجاء التي ظهرت على من كان يدعي العلم وحرصه عليه ، فأصبح اليوم من أعدائه الألداء ، طعانا في أهله الفضلاء ، "اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ القلوب، ثبت قلوبنا على دينك".

ـ إن ثائرة الباطل وتجلد أهله في مواجهة الحق ، وقوة شبهه التي يزرعها أهله في الأمة الإسلامية ، ما هي إلا دليل على قوة الحق وأهله وظهوره في الأمة ، فكم دمر من أوكار الباطل ، وانهزم من جنود الضلال ، منذ قامت الدعوة السلفية ، وصمود رجالها الأبطال .

قال العلامة البشير الإبراهيمي ـ رحمه الله ـ : (( من دلائل حيويتها ـ أي : الحق ـ أن يرجع المناضلون لها في ميدان العلم بالرأي المحجوج، وأن يرجع المنازلون لها في ميدان العمل بالرأس المشجوج، وهذا شأن الحق والباطل مهما اصطرعا فلا تكون قوة الباطل إلا مزيدًا في قوة الحق.)) ([3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139664#_ftn3))
وفي الخاتمة نسلي أهل الحق بكلمة عظيمة قالها العلامة الشيخ البشير الإبراهيمي (( لسنا نجهل هذا من سنن الله فلم نشك لحظة منذ وضعنا قدمنا في طريق الإصلاح الديني ورفعنا الصوت بالدعوة إليه في أن الله سيديل للحق من الباطل، وأنه يبتلي أولياءه بالأذى والمحنة ليمحصهم ويكمل إعدادهم للعظائم. ولم نزل على يقين تتجدّد شواهده أن في المصائب التي تصيبنا في سبيل الإصلاح شحذًا لهممنا وإرهافًا لعزائمنا، وتثبيتًا لأقدامنا، وإلفاتًا للغافلين عنّا إلى موقعنا من الأمة وموقفنا من أعدائها، وقد ألفنا هذه المكائد التي تنصب لنا حتى ما نبالي بها وأصبح حظنا من "الكشف" أن نعلم من أوائلها أواخرها، ومن مقدّماتها نتائجها ... وإننا لنبتهج بالمصيبة تصيبنا في سبيل الإصلاح أضعاف ما يبتهج غيرنا بالطيبات والمسار، ونعد كبيرها- مهما أعضل وآذى- صغيرًا هينًا، وخفيها- مهما أفظع وبغت- ظاهرًا جليًا، ونأسى لإغبابها عنا كما يأسى الممحل للجدب، ونرتقب إلمامها بساحتنا كما يرتقب غيرنا النعم والخيرات، لعلمنا ان المعاني التي تتركها في نفوسنا هي المعاني التي نصبو إليها، وأن تمرسنا بها باب من أبواب الرجولة وسبيل من سبلها.)) (1/ 276)



([1]) (آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي)(1/ 274)

([2]) موقع الشيخ الألباني

([3]) (آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي)(1/ 275)

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
20-Sep-2013, 06:20 PM
قال الرمضاني : (( هؤلاء في الحقيقة الآن ينتهجون حزبية جديدة ، لأن الحزبية تنقسم إلى قسمين .

فيه حزبية تقوم على أصول غير أصول الإسلام ، وتريد من الناس أن يكونوا معهم فيها ، فإذا خالفهم أحد ، قالوا : هذا ليس من أهل السنة ، أصول غير أصول الإسلام !
كما يذكر ابن تيمية هذا كثير في أهل البدع ، يؤصلون أشياء ، ثم يقيمون ولاءهم وبراءهم عليها ، وهي ليست من أصول الإسلام .
وفيه حزبية ثانية ، هي على معنى هذا ، لكنها وجه أخر ، وهو أنهم يأتون إلى أشياء من الدين ، لكن يجعلونها من المسلمات وهي مختلف فيها ، ويريدون أن يوافقوا عليها ، إذا خلفوا فيها لم يقولوا ، خلاف قديم ، لا ، قالوا : من خالفنا تركناه وأخرجناه من السنة ، يعني أشياء من فروع هذا الدين ، هي من الدين ، لكن لم يقم الإجماع عليها ، فأرادوا من الناس أن يتحزبوا حول هذه الأشياء ، إذا لم يتحزبوا حولها ، قالوا : ليسوا من أهل السنة ، هذه الحزبية الآن الموجودة مع الأسف ، وهذا من سوء فهمهم للسنة ، ومن سوء فهمهم لطريقة السلف في علاج البدعة ....
وأكثر الأسباب هي حظوظ النفس ، وعدم الإخلاص لله في الدفاع عن السنة والرد على المبتدعة .. هذا أكبر دافع ، يعني حب الظهور وحب الترؤس ، الرئاسة الدينية ، لهي أشد فتنتين ، فيه رئاسة مالية ورئاسة دينية، فالرئاسة الدينية التي يطمحون إليها ، ليرجع الناس إليهم فقط ، هو الذي جعلهم يبلبلون أوضاع السلفية ، يفتنونها باسم الدفاع عن السنة ... أنا أنصح إخواني على كل حال ، الحق ليس عندي ، الحق في الكتاب والسنة وعند العلماء .. يعني يتربوا على الكتاب والسنة ، لكن انصحهم بأن يطلبوا العلم على أهل العلم ، أن يلزموهم ، أن يذهبوا على أنفسهم هذا التشويش ، أن هذا الفعل حقيقة سيحرمهم من العلم ، وأكثر الأخوة الذين يستمعون إلى هذا التشويش ، سينقطعون عن العلم ويتركونه ، لا سيما وسامحوني أنتم يأتون من البلاد الأوربية يصعب عليكم أن تتأقلموا مع البيئة غير البيئة الأوربية ، لأن رأينا كثيرا من الأخوة الطيبين تركوا ، هم طيبون وتركوا ، فكيف إذا كانوا من أول فهمهم على غير الفهم الصحيح ))
المادة الصوتية
http://ar.salafishare.com/920
أقول :
هذا من مغالطات وتمويهات الرمضاني الكبيرة ، ومحنته وفتنته العسيرة ، التي ركب أمواجها المتلاطمة في هذه الآونة الأخيرة ، وقوى فيها شوكة المميعة وأهل التشكيك والاضطراب والتذبذب والحيرة .
وقد تأسف أهل السنة تأسفا شديدا وتألمت قلوبهم كمدا ، ما وصلت إليه حالة عبدالمالك الرمضاني من التبديل والتغيير المشين وركونه ودخوله في فتنة شعارها الظلم والتمويه والتلبيس وقلب الحقائق والتشكيك والكذب ، " ومن أوتي الكذب فقد أوتي الأسلحة كلها "، فدخل في فتنة ، وعقد صفقة مع أهلها بوساطة أو بغير وساطة في ظلام ، عن غفلة أهل السنة ، لكن صفقتهم هذه باءت بالفشل والبوار وأنتجت عكس ما أرادوا ، أرادوا وأد أصول السلفية ، وتشويه سمعة أئمتها ، وتشتيت شمل أهلها ، وظنوا أن أهلها سهل الانقياد للكائد ، ولشباك الصائد ، فكشفت لهم الأيام ما لم ينتظروا .
فكان من آثار هذه الفتنة الجائرة والزوبعة البائرة ، أن علّمت الأمة السنية " كيف تصبر في الشدائد، وكيف تقضي على كيد الكائدين بالعلم والعدل والصبر وعلّمتها أن أعداءها لا يقفون في مضارتها عند حد، وعلّمتها أن لا تعتمد في النهوض على من لا يرضى لها أن تنهض وأن لا تستند في حياتها إلى من لا يقنع منها إلّا بالموت وأن لا تسأل البقاء ممن يسعى في إفنائها، وأوقفتها على نوع من الأسلحة التي يحاربها بها أعداؤها وأرتها كيف يستعمل هذا السلاح فلم تعد تأبه له ولا للمتسلّح به، وكشف لها هذا الدرس البليغ عن جانب خفي طالما تعب الناصحون في بيانه، وهو أن هذه الأمة تشارك في مضاربة بلا ربح، وتقاد في ليل بلا صبح، وتضطرب بين أهواء متعاصية عن الكبح، وأنها تُساس في عصر العلم والنور بصور من سياسة عصور الجاهلية المظلمة، وأنها تقات بالتضليل والتخذيل والتجهيل والتعليل ..كل هذا فهمته الأمة وفهمت معه أن لا ثقة إلا بالله ثم بالحق الذي جعله نظامًا للوجود، وأن لا اعتماد إلا على الله ثم على نفسها، وأن لا خوف إلا من الله ثم مما اجترحت الأيدي ، وهذا ما أملاه هذا الدرس البليغ على الأمة السنية، فكان لها عبرة وذكرى ... ([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn1) ) ، فلا نستغرب ما لقيته الأمة السلفية من الرمضاني وأضرابه من التشكيك والتشغيب ، فنحن على يقين أن وجود هذه الفرقة طبيعي، ومن سنن الله التي لا تقاوم . ([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn2)) ، و لا يعيق فعلهم هذا أهل الحق ويضعف أقلامهم ، بل يزدهم قوة وتمكينا وبيانا لما هم عليه من الحق
فأقول مبينا أغلوطات الرمضاني مستعينا بالله في ذلك :
البيان الأول : قوله : (( هؤلاء في الحقيقة ينتهجون حزبية جديدة ، لأن الحزبية تنقسم إلى قسمين .
فيه حزبية تقوم على أصول غير أصول الإسلام ، وتريد من الناس أن يكونوا معهم فيها ، فإذا خالفهم أحد ، قالوا : هذا ليس من أهل السنة ، أصول غير أصول الإسلام ! ...))

أحق أن نتمثل في هذا المقام بالمثل العربي : "رمتني بدائها وانسلّت "
1 ـ ما هي أصول الحزبية التي عند مشايخ السنة أحمد بن يحيى النجمي ـ رحمه الله ـ و ربيع بن هادي المدخلي وعبيد الجابري وعلماء اليمن ومحمد بن هادي وعبدالله البخاري وغيرهم الذين حذروا من فتنة المأربي وبينوا أصوله الخطيرة التي أنهك بها قوى الدعوة السلفية ؟!
وما هي أصول الحزبية التي عند اللجنة وغيرها من علماء الأمة الذين حذروا من أصول الحلبي الفاسدة الجائرة ؟!
يا عبدالمالك الرمضاني دعك من هذه المغامرة والمجازفة ، فإذا رأيت عند هؤلاء الأعلام شيئا من مخالفات فلا تبخل على الأمة الإسلامية ببيانها وتوضيحها وجمعها في مصنف لتطلع عليها الأمة ، فتحذر منها .
أما أن ترمي الأبرياء والفضلاء بما ليس فيهم ، وما هم منه أبرأ وأبعد وأنزه وأنظف وأطهر ، فهذا منهج حدادي غالي الذي تشتكي منه الأمة السنية وتتألم من غلوه وأصوله الفاسدة ، ومع ذلك يسعى أهل البدع والأهواء إلصاقه بها .
2 ـ أما رميك أهل الحق بأنهم على حزبية جديدة ، فهذه بضاعة أعداء الرسل وأتباعهم قديما وحديثا ، التي واجهوا بها أهل الحق ورموهم بها .
قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ في رسالته ( مسائل الجاهلية) : (( السادسة والستون : رميهم إياه بتبديل الدين كما قال الله تعالى : {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: 26] ))
قال الإمام صالح بن عبدالله الفوزان ـ حفظه الله ـ في (شرح مسائل الجاهلية)(ص239 ـ 240) : (( وهذا شيء مستمر في الناس إلى يوم القيامة، أهل الكفر والظلم والطغيان يسمون المصلحين بالمفسدين، وهذا منحدر من القرون الأولى من وقت فرعون وقومه، وهذا لا يضر أهل الإيمان، ولا يضر أهل الإصلاح، وإن لُقِّبوا بما لُقِّبوا، فكم لقبوا أهل الحق والدعاة إلى الله بالشناعات، لقبوا شيخ الإسلام ابن تيمية بألقاب شنيعة، ولقبوا الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بألقاب شنيعة، وأنه خارجي، وأنه يريد أن يغيّر عقيدة الناس، ويكفّر الناس، إلى آخر ما يقولون، مما هو موجود في كتبهم من الاتهامات والتزوير والشر وهذا موقفهم من كل مصلح... وهذا من قلب الحقائق، ومن الغش للراعي والرعية، وما أكثر هذا الصنف الذي يقوم بهذه المهمة الشيطانية اليوم، ممن يقودون الناس إلى الهاوية، ويقفون في وجه المصلحين، ويزوّرون الحقائق)) ا.هـ
وقال العلامة ابن باديس ـ رحمه الله ـ : (( من المعلوم عند أهل العلم أن مما حفط الله به دينه وأبقى به حجته أنه لا تنقطع الدعوة إلى الله في هذه الأمة والقيام على الحق والإعلان بالسنن والرد على المحرِّفين والمتغالين والزائغين والمبتدعين وأن أهل هذه الطائفة معروفة مواقفهم في كل جيل محفوظة آثارهم عند العلماء غير أن غلبة الجهل وكثرة أهل الضلال قد تحول دون بلوغ صوتهم إلى جميع الناس فترى أنصار الباطل كلما قام داع من دعاة الحق في ناحية اعترضوه بسكوت من سكت ممن كان قبله ، وأوهموا اتباعهم المغرورين بهم أن هذا الداعي جاء بدين جديد فيكون من أعظم ما يرد به عليهم ويبصر أولئك المغترين بهم نشر ما تقدم من كلام دعاة الحق وأنصار الهدى في سالف الزمان ([3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn3)) )) ([4] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn4))
3 ـ هاتوا برهانكم يا عبدالمالك بأنكم على الحق ، وأن ما أحدثته وابتدعته الطائفة المميعة من الأقوال الفاسدة ، والأصول الكاسدة قد شهد لها الكتاب والسنة وعمل سلف الأمة بالصحة والقبول !!
أما أن تلقي القول جزافا ، فهذا يدعيه كل أحد ، حتى اليهود والنصارى .
قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ في رسالته ( مسائل الجاهلية) : (( إنَّ كُلَّ فِرقَةٍ تَدَّعِي أَنَّها النَّاجيَةُ فَأَكْذَبَهُمُ اللهُ بقوله: { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[البقرة: 111] ))
قال العلامة صالح الفوزان في (شرح مسائل الجاهلية)(ص205 ـ 206) :(( من مسائل أهل الجاهلية: أن كل فرقة منهم تدّعي أنها هي التي على الحق، وأن غيرها على الباطل وكان هذا في اليهود والنصارى ومن شابههم {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى} [البقرة: 111] حصروا الهداية ودخول الجنة في اليهود والنصارى.
ومثلهم الفرق الضالة، كل فرقة تدّعي أنها هي التي على الحق، وأن غيرها على الباطل، وكل فرقة تدّعي أنها الفرقة الناجية التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار، إلا واحدة" ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بين العلامة الفارقة لهذه الفرقة عن غيرها لما قالوا: "من هي يا رسول الله؟ قال: "من كان على ما أنا عليه وأصحابي" ولهذا قال جل وعلا: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} [البقرة: 111] يعني: هاتوا دليلكم على ما تقولون))
الثاني : قوله : ((وفيه حزبية ثانية ، هي على معنى هذا ، لكنها وجه أخر ، وهو أنهم يأتون إلى أشياء من الدين ، لكن يجعلونها من المسلمات وهي مختلف فيها ، ويريدون أن يوافقوا عليها ، إذا خلفوا فيها لم يقولوا ، خلاف قديم ، لا ، قالوا : من خالفنا تركناه وأخرجناه من السنة ، يعني أشياء من فروع هذا الدين ، هي من الدين ، لكن لم يقم الإجماع عليها ، فأرادوا من الناس أن يتحزبوا حول هذه الأشياء ، إذا لم يتحزبوا حولها ، قالوا : ليسوا من أهل السنة ، هذه الحزبية الآن الموجودة مع الأسف ))
ما هذا التلبيس والتمويه والسفسطة يا عبدالمالك !!
هات مسألة واحدة رد عليها مشايخنا الكرام على الحدادية والمميعة ، وهي من فروع الدين ، ومما يساغ فيها الاختلاف .
وإلا فإذا كنت تعد هجران أهل البدع ورد المخالفات .
ورمي الصحابة رضي الله عنهم بالغثائية .
وتخريب أصول السلفية التي كان عليها أهل الحديث ، وإبدالها بأصول فاسدة لحماية البدع والدفاع عن أهلها .
والطعن في أهل الحديث ، وإسقاط أئمته قديما وحديثا .
وقول بأن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في العقيدة ، وهلم جرا أن ذلك من الفروع فهذه مصيبة إن كنت لا تدري ، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم .
الثالث : قوله : (( وهذا من سوء فهمهم للسنة ، ومن سوء فهمهم لطريقة السلف في علاج البدعة ))
ما أسهل هذا السلاح الذي يرمى به أهل الحق في كل زمان ومكان ، ما شاء الله يا عبدالمالك أصبح أئمة السنة الأعلام وعلماء الإسلام وقدوة الأنام أحمد بن يحيى النجمي والفوزان وغديان وربيع بن هادي المدخلي وعبيد الجابري لا يفهمون السنة وأصبحت أنت وطائفتك تفهمون السنة ، وتحسنون معالجة مشاكل الأمة !!
ماذا نعتذر لك ، ونقول عن هذه الطعنة الجائرة التي قد سبقت إليها ، وقدوتك فيها أهل الجاهلية وأعداء الرسل والصحابة من الملاحدة والرافضة والفلاسفة والمتكلمة الذين طعنوا في فهم وعلم الصحابة رضي الله عنهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في (مجموع الفتاوى)(4/ 102 ـ 103) :(( وَلِهَذَا ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ: أَنَّ الرَّفْضَ أَسَاسُ الزَّنْدَقَةِ وَأَنَّ أَوَّلَ مَنْ ابْتَدَعَ الرَّفْضَ إنَّمَا كَانَ مُنَافِقًا زِنْدِيقًا وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبَأٍ فَإِنَّهُ إذَا قَدَحَ فِي السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ فَقَدْ قَدَحَ فِي نَقْلِ الرِّسَالَةِ أَوْ فِي فَهْمِهَا أَوْ فِي اتِّبَاعِهَا. فَالرَّافِضَةُ تَقْدَحُ تَارَةً فِي عِلْمِهِمْ بِهَا وَتَارَةً فِي اتِّبَاعِهِمْ لَهَا - وَتُحِيلُ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ وَعَلَى الْمَعْصُومِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وُجُودٌ فِي الْوُجُودِ.
وَالزَّنَادِقَةُ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ وَالْنُصَيْرِيَّة وَغَيْرِهِمْ: يَقْدَحُونَ تَارَةً فِي النَّقْلِ: وَهُوَ قَوْلُ جُهَّالِهِمْ. وَتَارَةً يَقْدَحُونَ فِي فَهْمِ الرِّسَالَةِ: وَهُوَ قَوْلُ حُذَّاقِهِمْ كَمَا يَذْهَبُ إلَيْهِ أَكَابِرُ الْفَلَاسِفَةِ والاتحادية وَنَحْوِهِمْ )) ا.هـ
قال الإمام محمد بن عبدالوهاب في مسائل الجاهلية :(( المسألة العاشرة : الاستدلال على بطلان الدين بقلة أفهام أهله وعدم حفظهم كقولهم :{ بادي الرأي }[ هود : 27]))
قال الشيخ صالح آل الشيخ ـ حفظه الله ـ في شرحه ( مسائل الجاهلية )( ص 63) ((وهذه المسألة هي تلك المسائل، وهي أنهم يستدلون على بطلان الشيء بأنه لم يتبعه إلا الضعفاء، يستدلون على بطلان الشيء بأنه لم يتبعه إلا الضعفاء، وهذا تنوع من الأدلة التي يستدل بها أهل الجاهلية في الماضي، ويستدل بها كل من كان فيه شعبة من شعب أهل الجاهلية في كل زمان ومكان، يستدلون على بطلان أمر من الأمور بأنه لم يتبعه إلا الضعفاء، وذلك أنه في ظاهر أفهامهم أن أهل الشرف والسيادة وأهل الرفعة والريادة وأهل الوجاهة والمال هم أحرى بأن يكونوا أوصل للحق وأعرف للحق وأحسن استدلالا عليه، فكيف يكون الضعفاء الذين هم أضعف عقولا، وأضعف أفهاما عندهم، كيف يصلون إلى الحق دونهم؟ فاستدلوا بذلك على أن أولئك الضعفاء عقولهم ليست صائبة، وأفهامهم ليست مستنيرة، وأنهم هم أهل الأفهام وأهل العقول، وإذا كان كذلك تم لهم الدليل بأن جاءت به المرسلون إنما اقتنع به الذين ليس لهم عقول صائبة، وليس لهم عقول مستنيرة، وليس لهم أفهام جيدة وقرائح قوية، فاستدل ذلك على بطلانه، إذْ لم يقتنع به أهل الفهم، يقنع به أهل العلو، لم يقتنع به أهل الجاه، أهل المال، الرؤساء، الأشراف، الملأ، ونحو ذلك.))
الرابع : قوله : ((وأكثر الأسباب هي حظوظ النفس ، وعدم الإخلاص لله في الدفاع عن السنة والرد على المبتدعة .. هذا أكبر دافع ، يعني حب الظهور وحب الترؤس ... ))
قد بينت زيف هذه المقولة الباطلة والثرثرة العاطلة ، وذلك عند ذكر قول الإمام محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ في ( مسائل الجاهلية) : (( المسألة الثانية بعد المائة : رميهم أتباع الرسل بعدم الإخلاص وطلب الدنيا ، فأجابهم بقوله :{ما عليك من حسابهم من شيء }[الأنعام :52] وأمثالها ))
قال الإمام السعدي ـ رحمه الله ـ عند تفسير قوله تعالى :{ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ }
(( أي: وجئتمونا لتكونوا أنتم الرؤساء، ولتخرجونا من أرضنا. وهذا تمويه منهم، وترويج على جهالهم، وتهييج لعوامهم على معاداة موسى، وعدم الإيمان به.
وهذا لا يحتج به، من عرف الحقائق، وميز بين الأمور، فإن الحجج لا تدفع إلا بالحجج والبراهين.
وأما من جاء بالحق، فرد قوله بأمثال هذه الأمور، فإنها تدل على عجز موردها، عن الإتيان بما يرد القول الذي جاء خصمه، لأنه لو كان له حجة لأوردها، ولم يلجأ إلى قوله: قصدك كذا، أو مرادك كذا، سواء كان صادقًا في قوله وإخباره عن قصد خصمه، أم كاذبًا، مع أن موسى عليه الصلاة والسلام كل من عرف حاله، وما يدعو إليه، عرف أنه ليس له قصد في العلو في الأرض، وإنما قصده كقصد إخوانه المرسلين، هداية الخلق، وإرشادهم لما فيه نفعهم. )) ([5] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn5))
الخامس : قوله : ((. أنا أنصح إخواني على كل حال ، الحق ليس عندي ، الحق في الكتاب والسنة وعند العلماء .. يعني يتربوا على الكتاب والسنة ، لكن انصحهم بأن يطلبوا العلم على أهل العلم ، أن يلزموهم ))
قد أصبت في هذه المرة ، ونصحت ، وصدقت ، ولكن أين إعمالك لهذا الأصل وتطبيقه في هذه الفتنة ، والله تعالى يقول : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ } !!
وإلا فالشباب السلفي وطلبة العلم السني ما هم إلا نقلة ، وما تكلموا في الحدادية والمميعة وأهل التشغيب والتخريب إلا بكلام أئمتهم ونقلوه , وما قام الصراع بين أهل السنة والمتحزبة العصريين إلا بسبب إخلال وطعن المتحزبة في هذا المرجع الأصيل ، والركن الجليل ، وسعيهم إلى ربط شباب الأمة بالأصاغر وأهل التبديل ، وإضلالهم عن سواء السبيل .
فللقارئ الكريم أن يتأمل وينظر إلى من يستند ويرجع أهل السنة في أحكامهم ودينهم ونقلهم ، وإلى من يستند الحدادية والمميعة في فتنتهم ، ويعرف من يقود زمامها ويؤصل لهم، وأي مكانة هم عليها في العلم والسنة والسابقة .
السادس : قوله : ((وأكثر الأخوة الذين يستمعون إلى هذا التشويش ، سينقطعون عن العلم ويتركونه ، لا سيما وسامحوني أنتم يأتون من البلاد الأوربية يصعب عليكم أن تتأقلموا مع البيئة غير البيئة الأوربية ، لأن رأينا كثيرا من الأخوة الطيبين تركوا ، هم طيبون وتركوا ، فكيف إذا كانوا من أول فهمهم على غير الفهم الصحيح ))
1 ـ قد أجاد وأفاد وأشبع في نسف هذه الضلالة البائرة الشيخ الفاضل رائد آل طاهر والأخ الكريم عبدالرحمن الغنامي في الموضوع التالي :
http://www.sahab.net...howtopic=132056 (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=132056)
فليرجع إليه ليعرف وهاء هذا الكلام وفساده للشرع والعقل والأصول التي جاء بها الرسول .
2 ـ ليس أنفع للعامة والناشئة المبتدئين في الطلب والتحصيل ولعموم المسلمين، من أن يبين لهم
الشر والفساد وطرقه وحملته وأساليبهم ، وهذا الأصل هو أول ما جاء به الإسلام وقرره ، وأمر الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم ، وذلك في قوله تعالى :{ياأيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر}[المدثر1 ـ 2]
قال الشيخ صالح أل الشيخ ـ حفظه الله ورعاه ـ في شرحه ( الأصول الثلاثة )(ص 67)
عند قول الإمام محمد (بعثه الله بالنذارة عن الشرك ويدعو إلى التوحيد) : (( هو معنى لا إله إلا الله، ذكر العلماء أن ثمَّ مناسبة ها هنا وهي أن الإنذار عن الشرك هذا فيه تخلية، والدعوة إلى التوحيد تحلية، ومن القواعد المقررة أن التَّخْلِيَة تسبق التَّحْلِيَة، لهذا النهي عن الشرك والإنذار عن الشرك إخراج لكل ما يتعلق به القلب؛ لأنه قال لا يتعلق القلب بأي أحد من هذه الآلهة، ثم إذا خلا القلب من التعلق بأحد، أمره بأن يتعلق بالله جل وعلا وحده دون ما سواه.)) ا.هـ
3 ـ لا يخفى على أهل الإسلام خاصتهم وعامتهم ، كبيرهم وصغيرهم أن القرآن الكريم قد فصل سبيل المجرمين وأعمالهم وعاقبتهم ، وكان ينزل بيانه على حسب الأحداث والوقائع التي كانت تحدث وتصدر من المجرمين ، فيفضح الله تعالى أساليبهم ومكرهم للمسلمين خاصتهم وعامتهم ، وقد أطال في كشف فضائح المنافقين الذين ينتسبون إلى المسلمين ظاهراً ، ويظهرون موالاتهم لهم ومخالطتهم إياهم ، وبدأ ذكر هذا في أول سورة البقرة ، حيث ذكر فى حق المؤمنين ثلاث آيات 3-5، وفى حق الكفار آيتين 6- 7 ، فلما انتهى إلى ذكر المنافقين ذكر فيهم بضع عشرة آية 8- 20 ذمهم فيها غاية الذم وكشف عوراتهم وقبحهم وفضحهم، وأخبر أنهم هم السفهاءُ المفسدون فى الأرض المخادعون المستهزئون المغبونون في اشترائهم الضلالة بالهدى، وأنهم صم بكم عمى فهم لا يرجعون، وأنهم مرضى القلوب وأن الله يزيدهم مرضاً إلى مرضهم، فلم يدع ذماً ولا عيباً إلا ذمهم به، وهذا يدل على شدة مقته سبحانه لهم، وبغضه إياهم، وعداوته لهم، وأنهم أبغض أعدائه إليه ، وبلية المسلمين بهم أعظم من بليتهم بالكفار المجاهرين، ولهذا قال تعالى في حقهم: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون: 4] ، فهم أحق بالعدواة ممن باينهم في الدار، ونصب لهم العداوة وجاهرهم بها. فإن ضرر هؤلاءِ المخالطين لهم المعاشرين لهم- وهم في الباطن على خلاف دينهم- أشد عليهم من ضرر من جاهرهم بالعداوة وألزم وأدوم، لأن الحرب مع أولئك ساعة أو أياماً ثم ينقضي ويعقبه النصر والظفر، وهؤلاء معهم في الديار والمنازل صباحاً ومساءً، يدلون العدو على عوراتهم ويتربصون بهم الدوائر ولا يمكنهم مناجزتهم، فهم أحق بالعداوة من المباين المجاهر([6] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn6)) ([7] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn7))
فتبين بهذا أن من تمام النصح وصدق الداعية في دعوته إلى الله تعالى ، هو أن ينصح ويبين للمسلمين وخاصة عامتهم سبيل المجرمين ، ويشرح لهم أساليبهم ويوضحها ، ويحذر من أهلها ، خاصة أولئك الذين يدعون السلفية وهم يبطنون المكر والخداع لها ولأهلها ، وهو في ذلك يكون قد اقتدى بالقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم في دعوته إلى الله تعالى .
4 ـ إن خطاب وأمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : «فَمِنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي، فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» ، هو موجه لعموم الأمة ، ولا يتحقق هذا الامتثال إلا بمعرفة الخير من الشر ، ولا يستطع أحد أن يجترأ فيخرج العامة من هذا الخطاب ، فمن باب أولى طلبة العلم والناشئة، وإن تكلف له ما تكلف .
5 ـ قد شهد الشرع والتاريخ أن الذي عرف الشر واجتنبه ، هو المفلح ، وهو الذي ينتفع به الإسلام والمسلمين ، بخلاف ممن لم يعرف الشر وأهله .
قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه القيم (الفوائد)(ص157 ـ ) : (( قَاعِدَة جليلة : قَالَ الله تَعَالَى : {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرمين}[ الأنعام : 55] ، وَقَالَ {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تولى}[النساء : 115] ، وَالله تَعَالَى قد بَين فِي كِتَابه سَبِيل الْمُؤمنِينَ مفصّلة وسبيل الْمُجْرمين مفصّلة وعاقبة هَؤُلَاءِ مفصّلة وعاقبة هَؤُلَاءِ مفصّلة وأعمال هَؤُلَاءِ وأعمال هَؤُلَاءِ وأولياء هَؤُلَاءِ وأولياء هَؤُلَاءِ وخذلانه لهَؤُلَاء وتوفيقه لهَؤُلَاء والأسباب الَّتِي وفْق بهَا هَؤُلَاءِ والأسباب الَّتِي
خذل بهَا هَؤُلَاءِ وجلا سُبْحَانَهُ الْأَمريْنِ فِي كِتَابه وكشفهما وأوضحهما وبيّنهما غَايَة الْبَيَان حَتَّى شاهدتهما البصائر كمشاهدة الْأَبْصَار للضياء والظلام .
فالعالمون بِاللَّه وَكتابه وَدينه عرفُوا سَبِيل الْمُؤمنِينَ معرفَة تفصيلية وسبيل الْمُجْرمين معرفَة تفصيلية فاستبانت لَهُم السبيلان كَمَا يستبين للسالك الطَّرِيق الْموصل إِلَى مَقْصُوده وَالطَّرِيق الْموصل إِلَى الهلكة ، فَهَؤُلَاءِ أعلم الْخلق وأنفعهم للنَّاس وأنصحهم لَهُم وهم الأدلاء الهداة برز الصَّحَابَة على جَمِيع من أتى بعدهم إلى يوم الْقِيَامَة فَإِنَّهُم نشأوا فى سَبِيل الظلال وَالْكفْر والشرك والسبل الموصلة إِلَى الْهَلَاك وعرفوها مفصّلة ثمَّ جَاءَهُم الرَّسُول فَأخْرجهُمْ من تِلْكَ الظُّلُمَات إِلَى سَبِيل الْهدى وصراط الله الْمُسْتَقيم فَخَرجُوا من الظلمَة الشَّدِيدَة إِلَى النُّور التَّام وَمن الشّرك إِلَى التَّوْحِيد وَمن الْجَهْل إِلَى الْعلم وَمن الغي إِلَى الرشاد وَمن الظُّلم إِلَى الْعدْل وَمن الْحيرَة والعمى إِلَى الْهدى والبصائر فعرفوا مِقْدَار مَا نالوه وظفروا بِهِ وَمِقْدَار مَا كَانُوا فِيهِ ، فَإِن الضِّدّ يظْهر حسنه الضِّدّ وَإِنَّمَا تتبين الْأَشْيَاء بأضدادها فازدادوا رَغْبَة ومحبة فِيمَا انتقلوا إِلَيْهِ ونفرة وبغضا لما انتقلوا عَنهُ وَكَانُوا أحب النَّاس فِي التَّوْحِيد وَالْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَأبْغض النَّاس فِي ضِدّه عَالمين بالسبيل على التَّفْصِيل .
وَأما من جَاءَ بعد الصَّحَابَة فَمنهمْ من نَشأ فِي الْإِسْلَام غير عَالم تَفْصِيل ضِدّه فَالْتبسَ عَلَيْهِ بعض تفاصيل سَبِيل الْمُؤمنِينَ بسبيل الْمُجْرمين فَإِن اللّبْس إِنَّمَا يَقع إِذا ضعف الْعلم بالسبيلين أَو أَحدهمَا كَمَا قَالَ عمر بن الْخطاب :" إِنَّمَا تنقض عرى الْإِسْلَام عُرْوَة إِذا نَشأ فِي الْإِسْلَام من لم يعرف الْجَاهِلِيَّة " ، وَهَذَا من كَمَال علم عمر رَضِي الله عَنهُ فَإِنَّهُ إِذا لم يعرف الْجَاهِلِيَّة وَحكمهَا وَهُوَ كل مَا خَالف مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول فَإِنَّهُ من الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهَا منسوبة إِلَى الْجَهْل وكل مَا خَالف الرَّسُول فَهُوَ من الْجَهْل فَمن لم يعرف سَبِيل الْمُجْرمين وَلم تستبن لَهُ أوشك أَن يظنّ فِي بعض سبيلهم أَنَّهَا من سَبِيل الْمُؤمنِينَ كَمَا وَقع فِي هَذِه الْأمة من أُمُور كَثِيرَة فِي بَاب الِاعْتِقَاد وَالْعلم وَالْعَمَل هِيَ من سَبِيل الْمُجْرمين وَالْكفَّار وأعداء الرُّسُل أدخلها من لم يعرف أَنَّهَا من سبيلهم فِي سَبِيل الْمُؤمنِينَ ودعا إِلَيْهَا وكفّر من خالفها واستحل مِنْهُ مَا حرمه الله وَرَسُوله كَمَا وَقع لأكْثر أهل الْبدع من الْجَهْمِية والقدرية والخوارج وَالرَّوَافِض وأشباههم مِمَّن ابتدع بِدعَة ودعا إِلَيْهَا وكفّر من خالفها ([8] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn8)) ....
وَالْمَقْصُود أَن الله سُبْحَانَهُ يحب أَن تعرف سَبِيل أعدائه لتجتنب وتبغض كَمَا يجب أَن تعرف سَبِيل أوليائه لِتُحَبّ وتسلك وَفِي هَذِه الْمعرفَة من الْفَوَائِد والأسرار مَالا يُعلمهُ إِلَّا الله من معرفَة عُمُوم ربوبيته سُبْحَانَهُ وحكمته وَكَمَال أَسْمَائِهِ وَصِفَاته وتعلقها بمتعلقاتها واقتضائها لآثارها وموجباتها وَذَلِكَ من أعظم الدّلَالَة على ربوبيته وَملكه وإلهيته وحبه وبغضه وثوابه وعقابه وَالله أعلم )) ا.هـ
6 ـ قد أهتم واعتنى أئمة الحديث والسنة ببيان أصول البدع وأهلها ودونوها في كتب السنة والعقائد ، وهي قد صنفت للخاصة والعامة ، وليست أحكامها وفصولها خاصة إلا بالعلماء أو بفئة من المسلمين .
بل قد نبهوا طلبة العلم الناشئة في ( كتب آداب الطلب والعالم والمتعلم ) ، أنه ينبغي لهم قبل أن يقدموا على الطلب والتحصيل أن يستخيروا الله فيمن يأخذون العلم عنه ، وأن يحذروا من أن يأخذوا العلم على أيدي أهل الأهواء والبدع والكذبة والهلكة ، ورحم الله الإمام محمد بن سيرين إذ يقول : (( هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم )) ([9] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn9))
وما ذاك إلا لعلمه وفقههم أن صلاح الأمة الإسلامية وفلاح أولادها في المعاش والمعاد إلا بصلاح علمائها وصفاء المنبع الذي تستقي منه علومها .
قال العلامة عبدالحميد ابن باديس ـ رحمه الله ـ : (( لن يصلح المسلمون حتى يصلح علماؤهم فإنّما العلماء من الأمّة بمثابة القلب إذا صلح صلح الجسد كلّه وإذا فسد فسد الجسد كلّه، وصلاح المسلمين إنّما هو بفقههم الإسلام وعملهم به وإنّما يصل إليهم هذا على يد علمائهم، فإذا كان علماؤهم أهل جمود في العلم وابتداع في العمل فكذلك المسلمون يكونون. فإذا أردنا إصلاح المسلمين فلنصلح علماءهم.
ولن يصلح العلماء إلاّ إذا صلح تعليمهم. فالتعليم هو الذي يطبع المتعلم بالطابع الذي يكون عليه في مستقبل حياته وما يستقبل من علمه لنفسه وغيره فإذا أردنا أن نصلح العلماء فلنصلح التعليم ونعني بالتعليم التعليم الذي يكون به المسلم عالماً من علماء الإسلام يأخذ عنه الناس دينهم ويقتدون به فيه.
ولن يصلح هذا التعليم إلاّ إذا رجعنا به للتعليم النبوي في شكله وموضوعه في مادته وصورته فيما كان يعلم - صلى الله عليه وآله وسلم- وفي صورة تعليمه ... )) ا.هـ ([10] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn10))
7 ـ معرفة الشباب الناشئة لأخطاء ومخالفات المناهج الضالة ورجالها ، هذا لا يعني انشغالهم إلا بهذا العلم وإضاعتهم للعلوم الأخرى ، لا يقول هذا أحد من علماء السنة وعقلاء الأمة .
سئل فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ورعاه ـ :
هل ينقم على السلفيين اشتغالهم بالردود بدعوى أنهم لا يهتمون بالعلم ؟
فأجاب : الجاهل كيف يرد على أهل الباطل ، لا يرد عليهم ويدحض أباطيلهم إلا بالعلم ، قال الله تبارك وتعالى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الصحابة رضي الله عنهم ، قال السلف رحمهم الله ، قال مالك ، قال الأوزاعي ، قال فلان من الأقوال التي تنبثق من كتاب الله تبارك وتعالى ومن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ...
فيا إخوتاه تعلموا العلم , يعني كتب الردود هي جانب من جوانب العلم المهم , اقرؤا في أبواب الصلاة , وأبواب الزكاة , وأبواب الحج , وأبواب العقيدة , وأبواب المعاملات , وفي أبواب الرد علي البدع .
ما يقوله أهل الأهواء عن أهل السنة أن شغلتهم الردود غير صحيح , بل هم مشتغلون بالعلم النافع , ثم يردون على أهل الأهواء والبدع عند الحاجة إلى ذلك , وهذا شرف لهم , لأن هذا من باب النصيحة لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم , وسير منهم على طريقة السلف في حماية دين الله .
يجب أن يعرف المسلمون من باكورة حياتهم طريق الهدى من طريق الضلال , يعرف كيف يمشي من أول الطريق , وإذا كان يتعلم هكذا , ولا يعرف الشبه ولا يعرف الرد عليها يضيع .
وقد يجلس عدد من الناس إلى عالم من العلماء لا يشعر بالبدع ونقدها وبيانها فيتيه ويتيهون عن منهج علماء السلف ، الذي يعني يعلم الناس فقط الخير وما يبين لهم الشر والبدع والضلالات هذا يزرع وتأتي الحيوانات والحشرات تأكل زرعه ، ما حصل حماية ، هذه حماية ، كغيرها من الحمايات تماما مثل التطعيمات ضد الأمراض والحمايات الصحية من الأمراض البدنية ، فالأمراض القلبية والنفسية تحتاج إلى حماية أكثر .
فنوجه هذا الكلام إلى طلاب العلم وإلي العلماء أن يتقوا الله تبارك وتعالى وان يعملوا بعلمهم وأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر , كل بحسب طاقته ,لابد من إنكار المنكر.)) ([11] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=139561#_ftn11))
فهذا ما تيسر من بيانه فيما أقامه الشيخ عبدالمالك الرمضاني ـ أصلحه الله ـ من أغلوطات وتمويهات التي أراد أن يشغب بها على المنهج السلفي وحملته نسأل الله تعالى له الهداية والرجوع إلى الحق والحمد لله رب العالمين


([1]) (آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي)(1/ 278) ، مع تصرف يسير

([2]) (آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي)(1/ 272)

([3]) قد شهد من نور الله قلبه بالحق ورزق الإنصاف والعقل والوسطية السنية بأن ردود علمائنا ومشايخ السنة على الطائفة الحدادية والمميعة والحزبية مبنية على نصوص الكتاب والسنة والآثار السلفية .

([4]) (آثار الإمام ابن باديس)(3/ 135)

([5]) (تيسير الكريم الرحمن)(ص: 371)

([6]) وهذا الذي قررته يا شيخ عبدالمالك في (المدارك ) ـ أصلحك الله ـ ، حيث قلت : (( ولما كان هؤلاء منضوين تحت صفوف المسلمين، فإن أمرهم قد يخفى على كثير من الناس ، فكان بيان حالهم ـ لمن ولاؤنا لهم فرض علينا ـ آكد، ولذلك قال ابن تيمية: " وإذا كان أقوام ليسوا منافقين ولكنهم سمّاعون للمنافقين، قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقا، وهو مخالف للكتاب، وصاروا دعاة إلى بدع المنافقين، كما قال تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}[التوبة :47]، فلا بد من بيان حال هؤلاء، بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم، فإن فيهم إيمانا يوجب موالاتهم، وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين، فلا بد من التحذير من تلك البدع، وإن اقتضى ذلك ذِكْرُهم وتعيينُهم، بل ولو لم يكن قد تَلَقَّوْا تلك البدعة عن منافق، لكن قالوها ظانِّين أنها هدى وأنها خير وأنها دين، ولو لم تكن كذلك لوجب بيان حالهم ".
وأما مواجهتهم من الخارج؛ فلأن العدو لا يدخل عليك بيتك إلا إذا كانت منافذه مفتوحة أو ضعيفة، والفرق الإسلامية المنحرفة عن الناجية هم منافذ الكفار، وهل يجهل المسلمون أثر المتصوفة في استعمار البلاد الإسلامية وإعانتهم الكفار على ذلك؟ ...
قلت: ولذلك كان أئمتنا أفقه من أن يداهنوا المنحرفين عن منهج السلف، بل رأوا جهادهم أكبر الجهادين))
فتذكر هذا يا عبدالمالك ، وتفكر ما وصلت إليه من التحويل والتغيير .

([7]) انظر إلى كتاب (طريق الهجرتين)(ص 402 ـ 404) للإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ

([8]) لله در الإمام ابن القيم ، هذا الكلام لا يخدم المميعة ، ويفسد عليهم جميع الحسابات ، فإن شاء الله يكون عبدالمالك الرمضاني قد أدرك فساد قوله .

([9]) ( تذكرة السامع والمتكلم)(ص 115)

([10]) (آثار ابن باديس)(3/ 217)

([11]) كتاب (فتاوى فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي)(1/264 ـ 267)