المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفنان في اللغة العربية بمعنى حمار / للشيخ صالح السحيمي



أبو أنس بشير بن سلة الأثري
22-Sep-2013, 03:12 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
فقد نقل الأخوة في شبكة سحاب السلفية عن الشيخ صالح السحيمي ـ حفظه الله ورعاه ـ أنه قال في (شرح الأصول الثلاثة)( الشريط الثاني) : (( وبالمناسبة الفنان في اللغة العربية بمعنى حمار ، لو رجعتم للسان العرب لوجدتم ذلك
فنان بمعنى حمار وهم حمير فعلا الذين يسمونهم المغنيين والمغنيات والممثلين والممثلات
والله الحمير خيرٌ منهم ، والله الذي لا إله غيره إن الحمير خير ٌ منهم لأن الحمير نستفيد منها : تركب ، تمتطى سخرها الله لنا { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} لكن هذا لا يركب ولا يمتطى ولا يستفاد منه . إنما هو عالة على المجتمع ، على المسلمين .))

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
22-Sep-2013, 03:14 PM
قلت معلقا :
بارك الله في الشيخ المفضال صالح السحيمي ونفع الله به أهل الإسلام

وحق ما وصف به القوم الفسقة ، فقد وفق وأجاد وأفاد وأصاب في وصفهم بما يستحقون وينطبق على أخلاقهم وأعمالهم وتصرفاتهم لغة وواقعا .
فأفعالهم وتصرفاتهم أشبه بالحمار الوحشي وأليق بإلحاقهم به في الاسم والوصف ، ومما يؤكد ذلك ـ وهذا أعجب ما يكون ـ اشتراكهما في لفظ الفنان ، وكما هو معلوم عند أرباب اللغة وفقهائها ، أنه هناك علاقة بين اللفظ ومعناه ، فالألفاظ قوالب للمعاني ، والأسماء أَقْوَال المسميات
وَقل إِن أَبْصرت عَيْنَاك ذَا لقب ... إِلَّا وَمَعْنَاهُ إِن فَكرت فِي لقبه ([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=71360#_ftn1))
والذي يوضح ذلك ويبينه :
الوجه الأول : الفنان هو الذي يتفنن في حركاته وأساليبه وكلامه ويزين صوته ويحسنه ويبدع صنعته ويظهر مهارته فيها ليثير المشاعر والعواطف ، فلو رجعنا إلى مادة ( ف ن ن ) لوجدناها تدل على هذه المعاني ، وترجع إليها ، فالأساليب التحسينية هذه و إن كانت يحسن بها المشاريع والأعمال الخيرية ، فهي أيضا مما يحسن بها أهل الشر والفساد فسادهم وباطلهم من الرسامين والمغنيين والممثلين .
الثاني : الحمار الوحشي من أسمائه المسحل : وهو الَّذِي يَسْحَل نُهاقَه كَأَنَّهُ يحسِّنه ([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=71360#_ftn2))
وجاء في (تهذيب اللغة)(4/ 178) :
(( قَالَ اللَّيْث: المِسْحَلُ: الْحمار الوَحْشِي وسَحِيلُه: أَشَدُّ نَهِيقِه.))
وجاء في ( شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم)(5/ 2998)
(( المِسْحَل: حمار مِسْحل: أي نَهّاق.))
فعلو صوت الفنان وارتفاعه وحركته لا يخرج عن حركة ونهيق الحمار الذي ذمه الله تعالى في قوله :{ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}
قال الإمام ابن كثير في ( تفسيره)(6/ 303)
((وَقَوْلُهُ {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} أَيْ لَا تُبَالِغْ فِي الْكَلَامِ وَلَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ فِيمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَلِهَذَا قال إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّ أَقْبَحَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ، أَيْ غَايَةُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ أَنَّهُ يُشَبَّهُ بِالْحَمِيرِ فِي عُلُوِّهِ وَرَفْعِهِ، وَمَعَ هَذَا هُوَ بَغِيضٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا التَّشْبِيهُ فِي هَذَا بِالْحَمِيرِ، يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ وَذَمَّهُ غَايَةَ الذَّمِّ))
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في (جامع المسائل)(1/ 88 ـ 89)
(( فمن سلك مسلكَ المبتدعين الضالّين لم يكن من أولياء الله المتقين وحزبِه المفلحين وعبادِه الصالحين ... مثل الرقص على الغناء والمزامير، ورفع الأصوات بالخُوار كما يخور الثور، وقد قال تعالى: {واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} ، وهؤلاء الضُّلاَّل الغُواة حزبُ الشيطان لا يقصدون في مشيهم، ولا يغضّون من أصواتهم، بل يرفعون الأصوات المنكرات، ويرقصون كرقص الدِّباب ونحوها من الحيوانات، ويُعرِضون عن كتاب الله وسنة رسوله، فلا يرغبون في سماع كلامِ الله وكلامِ رسوله وكلامِ الصحابة كما يرغبون في سماع مزامير الشيطان، بل سماع مزامير الشيطان أحبُّ إليهم من سماع كلام الملك الرحمن. ))
فبهذا تبينت العلاقة والمناسبة بين الحمار الوحشي والحمار المغني من حيث الأفاعيل والصفات المشتركة فيما بينهما .
وكما قال الشيخ : (( والله الحمير خيرٌ منهم ، والله الذي لا إله غيره إن الحمير خير ٌ منهم ))
فهم يستفاد بهم قضاء حوائج دنيوية بل ودينية ، بل أصواتهم تذكر بالطاعة لقوله صلى الله عليه وسلم ك «إذا سمعتم أصوات الديكة فسلوا الله من فضله فإنها رأت ملكا وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا» (صحيح) ([3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=71360#_ftn3)) ، أما صوت المغنيين فهو يصد عن ذكر الله ويفسد قلوب عباد الله ، والحمد لله رب العالمين




([1]) (تحفة المودود بأحكام المولود)(ص 51) للإمام ابن القيم
وانظر ( الدراسات اللغوية والنحوية في مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية)(ص 60)

([2]) (جمهرة اللغة)(3/ 1312)

([3]) (صحيح الجامع )(1/ 166)

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
22-Sep-2013, 03:15 PM
فائدة : لا يستغرب إذا وصف هؤلاء القوم الفسقة بالحمير لما بينهما من التشابه في الطبع والأخلاق .

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في (مدارج السالكين)(1/ 403 ـ 406) : (( فَأَمَّا مَشْهَدُ الْحَيَوَانِيَّةِ وَقَضَاءِ الشَّهْوَةِ فَمَشْهَدُ الْجُهَّالِ الَّذِينَ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سَائِرِ الْحَيَوَانِ إِلَّا فِي اعْتِدَالِ الْقَامَةِ وَنُطْقِ اللِّسَانِ، لَيْسَ هَمُّهُمْ إِلَّا مُجَرَّدَ نَيْلِ الشَّهْوَةِ بِأَيِّ طَرِيقٍ أَفْضَتْ إِلَيْهَا، فَهَؤُلَاءِ نُفُوسُهُمْ نُفُوسٌ حَيَوَانِيَّةٌ لَمْ تَتَرَقَّ عَنْهَا إِلَى دَرَجَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ فَضْلًا عَنْ دَرَجَةِ الْمَلَائِكَةِ، فَهَؤُلَاءِ حَالُهُمْ أَخَسُّ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ، وَهُمْ فِي أَحْوَالِهِمْ مُتَفَاوِتُونَ بِحَسَبِ تَفَاوُتِ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي هُمْ عَلَى أَخْلَاقِهَا وَطِبَاعِهَا.
1 ـ فَمِنْهُمْ مَنْ نَفْسُهُ كَلْبِيَّةٌ، لَوْ صَادَفَ جِيفَةً تُشْبِعُ أَلْفَ كَلْبٍ لَوَقَعَ عَلَيْهَا وَحَمَاهَا مِنْ سَائِرِ الْكِلَابِ وَنَبَحَ كُلَّ كَلْبٍ يَدْنُو مِنْهَا، فَلَا تَقْرَبُهَا الْكِلَابُ إِلَّا عَلَى كُرْهٍ مِنْهُ وَغَلَبَةٍ، وَلَا يَسْمَحُ لِكَلْبٍ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَهَمُّهُ شِبَعُ بَطْنِهِ مِنْ أَيْ طَعَامٍ اتَّفَقَ: مَيْتَةٍ أَوْ مُذَكًّى، خَبِيثٍ أَوْ طَيِّبٍ، وَلَا يَسْتَحِي مِنْ قَبِيحٍ، إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ، إِنْ أَطْعَمْتَهُ بَصْبَصَ بِذَنَبِهِ وَدَارَ حَوْلَكَ، وَإِنْ مَنَعْتَهُ هَرَّكَ وَنَبَحَكَ.
2 ـ وَمِنْهُمْ مَنْ نَفْسُهُ حِمَارِيَّةٌ لَمْ تُخْلَقْ إِلَّا لِلْكَدِّ وَالْعَلَفِ، كُلَّمَا زِيدَ فِي عَلَفِهِ زِيدَ فِي كَدِّهِ، أَبْكَمُ الْحَيَوَانِ وَأَقَلُّهُ بَصِيرَةً، وَلِهَذَا مَثَّلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ مِنْ حَمْلِهِ كِتَابَهُ فَلَمْ يَحْمِلْهُ مَعْرِفَةً وَلَا فِقْهًا وَلَا عَمَلًا، وَمَثَّلَ بِالْكَلْبِ عَالِمَ السُّوءِ الَّذِي آتَاهُ اللَّهُ آيَاتِهِ فَانْسَلَخَ مِنْهَا وَأَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعْ هَوَاهُ، وَفِي هَذَيْنِ الْمَثَلَيْنِ أَسْرَارٌ عَظِيمَةٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهَا.
3 ـ وَمِنْهُمْ مَنْ نَفْسُهُ سَبُعِيَّةٌ غَضَبِيَّةٌ هِمَّتُهُ الْعُدْوَانُ عَلَى النَّاسِ وَقَهْرُهُمْ بِمَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ قُدْرَتُهُ، طَبِيعَتُهُ تَتَقَاضَى ذَلِكَ كَتَقَاضِي طَبِيعَةِ السَّبُعِ لِمَا يَصْدُرُ مِنْهُ.
4 ـ وَمِنْهُمْ مَنْ نَفْسُهُ فَأْرِيَّةٌ فَاسِقٌ بِطَبْعِهِ مُفْسِدٌ لِمَا جَاوَرَهُ، تَسْبِيحُهُ بِلِسَانِ الْحَالِ: سُبْحَانَ مَنْ خَلَقَهُ لِلْفَسَادِ.
5 ـ وَمِنْهُمْ مَنْ نَفْسُهُ عَلَى نُفُوسِ ذَوَاتِ السُّمُومِ وَالْحُمَاتِ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَغَيْرِهِمَا، وَهَذَا الضَّرْبُ هُوَ الَّذِي يُؤْذِي بِعَيْنِهِ فَيُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ وَالْجَمَلَ الْقِدْرَ، وَالْعَيْنُ وَحْدَهَا لَمْ تَفْعَلْ شَيْئًا وَإِنَّمَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ السُّمِّيَّةُ تَكَيَّفَتْ بِكَيْفِيَّةٍ غَضَبِيَّةٍ مَعَ شِدَّةِ حَسَدٍ وَإِعْجَابٍ، وَقَابَلَتِ الْمَعِينَ عَلَى غِرَّةِ مِنْهُ وَغَفْلَةٍ وَهُوَ أَعْزَلُ مِنْ سِلَاحِهِ فَلَدَغَتْهُ كَالْحَيَّةِ الَّتِي تَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعٍ مَكْشُوفٍ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ فَتَنْهَشُهُ، فَإِمَّا عَطَبٌ وَإِمَّا أَذًى ...
6 ـ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ طَبْعُهُ طَبْعُ خِنْزِيرٍ يَمُرُّ بِالطَّيِّبَاتِ فَلَا يَلْوِي عَلَيْهَا، فَإِذَا قَامَ الْإِنْسَانُ عَنْ رَجِيعِهِ قَمَّهُ، وَهَكَذَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَسْمَعُ مِنْكَ وَيَرَى مِنَ الْمَحَاسِنِ أَضْعَافَ أَضْعَافِ الْمَسَاوِئِ فَلَا يَحْفَظُهَا وَلَا يَنْقُلُهَا وَلَا تُنَاسِبُهُ، فَإِذَا رَأَى سَقْطَةً أَوْ كَلِمَةً عَوْرَاءَ وَجَدَ بُغْيَتَهُ وَمَا يُنَاسِبُهَا فَجَعَلَهَا فَاكِهَتَهُ وَنُقْلَهُ.
7 ـ وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ عَلَى طَبِيعَةِ الطَّاوُسِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا التَّطَوُّسُ وَالتَّزَيُّنُ بِالرِّيشِ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ.
8 ـ وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ عَلَى طَبِيعَةِ الْجَمَلِ أَحْقَدِ الْحَيَوَانِ، وَأَغْلَظِهِ كَبِدًا.
9 ـ وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ عَلَى طَبِيعَةِ الدُّبِّ أَبْكَمُ خَبِيثٌ وَعَلَى طَبِيعَةِ الْقِرْدِ.
9 ـ وَأَحْمَدُ طَبَائِعِ الْحَيَوَانَاتِ طَبَائِعُ الْخَيْلِ الَّتِي هِيَ أَشْرَفُ الْحَيَوَانَاتِ نُفُوسًا، وَأَكْرَمُهَا طَبْعًا وَكَذَلِكَ الْغَنَمُ، وَكُلُّ مَنْ أَلِفَ ضَرْبًا مِنْ ضُرُوبِ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ اكْتَسَبَ مِنْ طَبْعِهِ وَخُلُقِهِ .
فَإِنْ تَغَذَّى بِلَحْمِهِ كَانَ الشَّبَهُ أَقْوَى فَإِنَّ الْغَاذِيَ شَبِيهٌ بِالْمُغْتَذَى.
وَلِهَذَا حَرَّمَ اللَّهُ أَكْلَ لُحُومِ السِّبَاعِ وَجَوَارِحِ الطَّيْرِ لِمَا تُورِثُ آكِلَهَا مِنْ شِبْهِ نُفُوسِهَا بِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أَصْحَابَ هَذَا الْمَشْهَدِ لَيْسَ لَهُمْ شُهُودٌ سِوَى مِثْلِ نُفُوسِهِمْ وَشَهَوَاتِهِمْ لَا يَعْرِفُونَ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ الْبَتَّةَ. )) ا.هـ

أبو هنيدة ياسين الطارفي
22-Sep-2013, 04:11 PM
بارك الله فيك أخي الفاضل بشير وحفظ الله الشيخ صالح السحيمي ...
وأضيف كذلك موضوع لشيخ يوسف لعويسي ـ حفظه الله ـ للعام الفارط حيث له صلة بلموضوع ولتعم الفائدة وهو بعنوان :

((أيهما أفضل صوت الفنانين المخانيث المآشير أو صوت الحمير الحقير ؟؟ فوائد ونكت ..))

الحمد وكفى والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم :
أما بعد :
يطلق في العصر الحديث على المغنيين المخنثين اسم الفنانين النجوم ، لما جمعوا في شتى مجالات الضلالة من أنواع الكلام الباطل المزين ، ومن رفع الصوت المستحسن - زعموا - وما علموا أن الفنان في لغة العرب هو نوع من الحمير .
جاء في لسان العرب (13/326) والفَنَّانُ في شعر الأَعشى هو : الحمارُ الوحشي الذي يأْتي بفُنُونٍ من العَدْوِ.
قال ابن بري وبيت الأَعشى الذي أَشار إِليه هو قوله :
وإِنْ يَكُ تَقْرِيبٌ من الشَّدِّ غالَها = = = بمَيْعَةِ فَنَّانِ الأَجارِيِّ مُجْذِمِ .
وفي القاموس المحيط (1/1577)وتاج العروس (35/518)هو : الحِمارُ الوَحْشِيُّ له فُنونٌ من العَدْوِ .
والفَنُّ : الحالُ والضَّرْبُ من الشيءِ كالأُفْنُون ج : أفْنانٌ وفُنونٌ ...والأُفْنونُ بالضم : الحَيَّةُ .. والكلامُ المُثَبَّجُ والجَرْيُ المُخْتَلِطُ...القاموس المحيط (1/1577)تاج العروس (1/62). والتَّفْنينُ التخليط يقال ثوبٌ فيه تَفْنين إِذا كان فيه طرائق ليست من جِنْسه . لسان العرب (13/326).
والقاسم المشترك بين الفنان المغني المخنث ، والحمار الوحشي هو العدو والجري المختلط بالالتواء كالحية ، والتخليط في الجري والنهيق ، فذلك في البراري والسحاري الشاسعة تمثيلا ولعبا أو هروبا من الخطر ، وهذا في المجتمعات الواسعة يعدو ، ويلهث جريا وراء الشهرة والمال ..والغواية والإضلال .. ولكن صوت الحمير وأن كان مستنكرا فهو أفضل من صوت المغنين كما سأبينه .
لقد استنكر الله تعالى صوت الحمير الذي ينزعج منه الشيطان ، وجعله من أقبح وأشنع الأصوات فقال تَعَالَى : { إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ } ؛ أي أقبحُ الأصواتِ صوتُ الحميرِ ؛ وأشنعها ، لأن أوَّلَهُ زفيرٌ وآخرهُ شهيقٌ. وقال سُفيان : (صِيَاحُ كُلِّ شَيْءٍ تَسْبيحُهُ اللهَ إلاَّ الْحِمَارُ فَإنَّهُ يَنْهَقُ بلاَ فَائِدَةٍ). قال ابن زيدٍ : (لَوْ كَانَ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ خَيْراً مَا جَعَلَهُ اللهُ لِلْحَمِيْرِ) ..ذكرها ابن جرير في تفسيره .قلت : ذلك غير صحيح بل فيه خير وفوائد ..
الفائدة الأولى :
وأي فائدة أعظم من كشفه عن الشيطان حين يراه فينهق عليه ليدفع ذلك المؤمنين إلى العبادة المتمثلة في التعوذ بالله منه ، فهذا فائدة عظيمة للمؤمنين من سماعهم لصوت الحمير جاء في الحديث عن رسول الله أنه قال : قال: << إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانًا>>. أخرجه البخاري برقم (3301) وصحيح مسلم برقم (2779) وسنن أبي داود برقم (5102) وسنن الترمذي برقم (3459).
على خلاف صوت المخنث المغني فإنه إذا سمعه المؤمن تعوذ بالله من شره وشر الشيطان وجنده .
ولذلك لا شيء أبغض وأزعج للشيطان من نهيق الحمار ..ولا شيء أفرح له من مزمار الفّنان الفتان .
فالحمار يزعج بصوته الشيطان ، والمغني يطرب لصوته شياطين الإنس والجان فأيهما أفضل بالله عليكم من يزعج صوته الشيطان ، أو من يفرح له ويتخذه مزمارا له يغوي به بني الإنسان ؟؟
الثانية :
ومن فوائد صوت الحمير أنه يدل على خطر محذق ، مما يدفع الحيوانات ، إلى الفرار كما ينذر بوقوع زلزال فإنه ثبت بالتجربة أن الحيوانات – ومنها الحمير - تشعر بحدوث الزلازل كما ثبت بالشرع أنها تسمع وتبصر مالا يسمعه ولا يبصره الإنسان ..
الثالثة :
ومن فوائده أنه يدل على مكانه إذا تاه أو ضاع عن صاحبه ، يقول بعض الفقهاء : نهق الحمار فانتقض الوضوء وبطلت الصلاة .هذه سمعتها يوما من أحد الأئمة وأنا أدخل المسجد قبيل صلاة العشاء وهو يدرس ، فضحكت لها ، ثم إنه سرد قصة تبين المقصود من المقولة ، فقال :سافر رجل ومعه حماره وعليه زاده وفيه الماء فلما تعب أرسل حماره يرعى ونام تحت شجرة ، فلما استيقظ بحث عن حماره فلم يجده ،حتى أعياه ذلك ، وقد حانت الصلاة بل كاد يفوت وقتها ، فتيمم وصلى حيث للم يجد الماء ، وبعد أن كبر نهق الحمار فخرج من الصلاة لأن وضوءه بالتيمم انتقض وصلاته بطلت إذ علم بمكان حماره وعليه الماء ، فقلت هذا من فقهه ، وهذا من فوائد صوت الحمار ...
أما صوت المخانيث من المغنين والمغنيات فلا فائدة من وراءه إلا الدعوة إلى الفواحش والحسد والبغضاء ، ومرض العشق والتحريض والتحريش والتبذير والإسراف وغير ذلك من أنواع الفساد والإفساد والأذى للمسلمين.. وخاصة في أوقات السحر كما هو مشاهد ممن يبيتون للشيطان قياما يرقصون ويطربون على صوت هذا المخنث .
هذا وإن الحمار ينهق دقائق معدودة ، ولكن الفنان المخنث يبقى الأوقات إلى الأسحار ممدودة .
قال ابن كثير – رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية : قال مجاهد وغير واحد: إن أقبح الأصوات لصوت الحمير، أي: غاية مَنْ رفع صوته أنه يُشَبه بالحمير في علوه ورفعه، ومع هذا هو بغيض إلى الله تعالى.
قلت : إذا كان ذلك كذلك في صوت الحمار الذي هو أزعج شيء للشيطان ويتعوذ عند سماعه أهل الإيمان من عدوهم الفتان، فكيف بمن يرفع صوته بالغناء الماجن الساقط وينهق نهيق الحمير بل أكثر منهم ، وقد علمتم أضراره وأبعاده في الفساد والإفساد فلا شك أنه شر الحمير وقد جاء هذا في كتاب الله تعالى في قوله : {{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }}(179).
نسأل الله تعالى السلامة الهداية والعفو والعافية ، وأن يجنبنا طريق الغواية آمين ، آمين والحمد لله رب العالمين .

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
22-Sep-2013, 05:11 PM
يقول الإمام قوام السنة الأصبهاني في (الحجة في بيان المحجة)(2/ 239)
((وَمِمَّا يدل عَلَى أَن أهل الحَدِيث هم عَلَى الْحق، أَنَّك لَو طالعت جَمِيع كتبهمْ المصنفة من أَوَّلهمْ إِلَى آخِرهم، قديمهم وحديثهم مَعَ اخْتِلَاف بلدانهم وزمانهم، وتباعد مَا بَينهم فِي الديار، وَسُكُون كل وَاحِد مِنْهُم قطرا من الأقطار، وَجَدتهمْ فِي بَيَان الِاعْتِقَاد عَلَى وتيرة وَاحِدَة، ونمط وَاحِد يجرونَ فِيهِ عَلَى طَريقَة لَا يحيدون عَنْهَا، وَلَا يميلون فِيهَا، قَوْلهم فِي ذَلِكَ وَاحِد ونقلهم وَاحِد، لَا ترى بَينهم اخْتِلَافا، وَلَا تفَرقا فِي شَيْء مَا وَإِن قل، بل لَو جمعت جَمِيع مَا جرى عَلَى ألسنتهم، ونقلوه عَن سلفهم، وجدته كَأَنَّهُ جَاءَ من قلب وَاحِد، وَجرى عَلَى لِسَان وَاحِد، وَهل عَلَى الْحق دَلِيل أبين من هَذَا؟))

لله در هذه الطائفة المنصورة ، والله ما رأيت ولا اطلعت على مقالة الشيخ يوسف لعويسي ـ حفظه الله ـ التي نزلها الآن الأخ الفاضل الحبيب ياسين إلا في هذه اللحظة وفي هذه الساعة ، مع إني ما بينته وأشار إليه الشيخ السحيمي وبينه الشيخ يوسف كأنه خرج من قلب ولسان رجل واحد ، فصدق الإمام الأصبهاني في وصف الطائفة المنصورة ، لله درها