المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل الكفر والشرك مترادفان أم مختلفان؟ إليك البيان



أبو ريحانة عصام الليبي
28-Sep-2013, 07:16 PM
بسم الله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
قال أبو هلال العسكري –رحمه الله تعالى- كما في الفروق اللغوية ص 189: " الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)اسم يقع على ضروب من الذنوب فمنها: الشرك بالله، ومنها: الجحد للنبوة، ومنها استحلال ما حرم الله، وهو راجع إلى جحد النبوة، وغير ذلك مما يطول الكلام فيه، وأصله التغطية".
وقال أيضاً في المصدر ذاته ص191: " الفرق بين الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)والشرك (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)أن الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)خصال كثيرة على ما ذكرنا، وكل خصلة منها تضاد خصلة افيمان؛لأن العبد إذا فعل خصلة من الكفر، فقد ضيَّع خصلة من الإيمان، والشرك (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)خَصلة واحدة، وهو إيجاد ألوهية مع الله،أو دون الله، واشتقاقه ينبيء عن هذا المعنى، ثم كَثُرَ حتى قيل لكل كفر شركاً، على وجه التعظيم له والمبالغة في صفته" .
وقال الحافظ النووي –رحمه الله تعالى- في شرحه على صحيح مسلم (2/71): " إن الشرك والكفر قد يُطلقان بمعنى واحدٍ، وهو: الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)بالله تعالى، وقد يُفرَّق بينهما، فيخص الشرك بعبدة الأوثان وغيرهما من المخلوقات مع اعترافهم بالله تعالى ككفار قريش، فيكون الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)أعم من الشرك، والله أعلم ". أ.هـــ
يقول العلاَّمة زيد بن محمد المدخلي –حفظه الله تعالى- في كتابه الشروق على الفروق ص187-188:
وقد جرى الخلاف بين العلما في الكُفر والشِّرك ألا فليُعلما
فقيل بالفرق وهذا الظاهرُ إذ بعموم الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)جزماً أخبروا
وقيل كلَّا بل كِلاهُما أتى لمعنى صنوه فحقِّق يا فتى
هذه الثلاثة الأبيات تتضمن بيان مسألة واحدة ألا وهي:
هل الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)والشرك (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)مترادفان (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)أو متباينان مع بيان القول الراجح بدليله، وقد أشرتُ إلى ذكر الخلاف ووجوده في البيت الأول وأشرتُ إلى قولي في البيتين اللذين بعده.
القول الأول لبعض العلماء: أن الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)والشرك (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)من قبيل المترادف، ومعنى المترادف عند الأصوليين تعدد اللفظ مع اتحاد المعنى، وعلى هذا القول: يطلق لفظ الشرك على الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)والعكس صحيح قاعدة مطَّردة.
والقول الثاني لبعضهم : وهو التفريق بين الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)وبين الشرك، كما افترقا في المعنى اللغوي والشرعي فيكون الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)أعم من الشرك لتضمنه الشرك وزيادة، إذ يعتبر الشرك أكبر شُعبةٍ من شُعب الكفر، فيقال بينهما عموم وخصوص، فالشرك أخصُّ من الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)والكفر أعمُّ منه ، وبعرض بعض الأمثلة يتضح عموم الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)وشموله ودخول الشرك في عموم الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)وأنه شُعبة من شُعبه كما تقدم.
فمثلاً سبُّ الله –جلَّ ثناؤه- وسبُّ الرسول الكريم-عليه من ربه أزكى الصلاة والتسليم -، والاستهزاء بدين الإسلام، ووضع المصحف في المزبلة إهانة له - أهان الله صانعي ذلك-، وهذه المفردات لا يتناولها تعريف الشرك، ولا تندرج تحت معناه اللغوي ولا الشرعي، بخلاف اندراجها تحت معنى الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)لكونه يتضمن معنى الشرك و أكثر، ولهذا يظهر رجحان المعنى الثاني وهو أن الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)أعم من الشرك.
وأما ما يتعلق بإطلاق أحدهما على الآخر لأمر يقتضيه المقام فهو وارد وأمثلته كثيرة في القرآن، فمن إطلاق الشرك على معنى الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)قول الله جل ثناؤه عن صاحب الجنَّتين:  يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي~ أَحَداً  [الكهف:42]، فأطلق الشرك هنا على معنى الكفر.
وأما إطلاق الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)على معنى الشرك فقد مثَّل له العلماء بقول الله –تبارك وتعالى- :  وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتخِذُوا الْمَلَئِكَةَ وَالنَّبِيينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ  [آل عمرن: 80].
وهذا كما سبق من باب إطلاق الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)على بعض شُعبه، وقد عرفنا مما سبق أن الشرك بعض شُعب الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)العظمى.
ومن خلال هذا البحث المختصر يتضح لنا بين لفظ الكفر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)والشرك (http://vb.noor-alyaqeen.com/t30176/)وإمكان إطلاق أحدهما على الآخر.أ.هــــــــ
وسُئل العلَّامة صالح بن فوزان الفوزان-حفظه الله تعالى- عقب شرحه لكتاب نواقض الإسلام للإمام المجدِّد محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى- عن الفرق بين الكافرين والمشركين ، فأجاب بقوله: " بينهما عموم وخصوص، الشرك أعمّ من الكفر، فكل مشرك كافر، وليس كل كافر مشركاً، فالمشرك يعبد الله ويعبد غيره، وأما الكافر فإنه يجحد وجود الله –جلَّ وعلا- ولا يعترف بالله  ، ولا يعترف بدين من الأديان، هذا هو الكافر الجاحد، أما المشرك فهو يعترف ويعتقد، ولكن يعبد الله ويعبد غيره، فهو مشرك كافر،فكل مشرك فإنه كافر،وليس كل كافر يكون مشركاً؛ لأن الكافر قد يكون ملحداً جاحداً" .أ.هــــ
هذا والله أعلم .