المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التحذير من أخطاء عقدية في كتاب أثنى عليه بعض أهل العلم لا يعد قدحا فيهم



أبو أنس سفيان المغربي
08-Oct-2013, 01:20 PM
لحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد تناقل الناس كتاب أبي بكر الطرطوشي "الحوادث والبدع"، وكذلك كتاب "الباعث على إنكار البدع والحوادث" لأبي شامة، وكتاب "الاعتصام" للشاطبي، بل حتى كتاب "الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع" المنسوب للسيوطي، وهي كتب في مجملها مفيدة، وأثنى عليها أهل العلم، رغم علمهم ببعض ما فيها من الأخطاء والمخالفات ..
وكانوا ينبهون في بعض الأحيان على هذه الأخطاء والمخالفات، ويشكرون لمن يبين هذه الأخطاء، لا سيما في الأخطاء التي وقعوا فيها في العقيدة، مع إنزال المخطئ منزلته التي بينها أهل العلم، من غير إفراط ولا تفريط..
ولكن المصيبة أن يأتي مدعٍ للسلفية فيوافقهم على أخطائهم، ويسكت عليها، أو ينصرها ..
لذلك قام شيخنا الإمام العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله بالرد على الدَّعي علي الحلبي بمقال عنونه بـ: "الحلبي يؤيد وينشر أخطر أصول الجهمية"
وقد كتبت تعليقاً، رأيت إفراده في هذا المقال وهو:
جزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم على ما كتبتم -رعاكم الله- من التوضيح والبيان، لا سيما تنبيهكم الكريم على أخطاء جسام موجودة في كتاب يتداوله أهل السنة، ويحتفون به، وقد عزَّ في هذا الزمان العلماء الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر، على بصيرة واهتداء، الذين يبينون للناس الحق والهدى، ولا يخافون في الله لومة لائم -أحسبكم كذلك والله حسيبكم- ..
ونحسبكم من العلماء السلفيين الأعلام الذين اختصهم الله جل وعلا ليكونوا قدوة للناس، وقائمين بالحق، تحقيقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة)) ..
وكتاب الطرطوشي مع عظيم فائدته في الرد على الصوفية والقبوريين إلا أنه وقع في موافقة الجهمية والأشاعرة في بعض المواضع، ولم يقتصر هذا على كتابه الحوادث والبدع، بل حتى في كتابه سراج الملوك، وغيره من كتبه ..
ولم يقتصر الوقوع في موافقة بعض أصول الجهمية على الطرطوشي بل إن الشاطبي على عقيدة الأشاعرة، رغم تأليفهما في البدع والتحذير منها ..
وكتاب الشاطبي مع فائدته، ونصيحة العلماء به، لم يمنع أهل العلم من بيان الأخطاء التي فيه حتى يكون السلفي على حذر وتنبه عند الاستفادة من هذا الكتاب لا سيما في الرد على أهل البدع ..
وقد كنا نسمع كثيراً من مشايخنا التنبيه على أن الشاطبي من زمرة الأشاعرة، ويوافقهم في عقيدتهم في كثير من أبواب المعتقد، وقد بيَّن ذلك الأخ عبدالرحمن آدم علي رحمه الله الذي توفي بعد أن أنهى رسالته الماجستير "الإمام الشاطبي عقيدته وموقفه من البدع وأهلها" ، وطبعت عام 1418هـ ..
ومعلوم أن عقيدة الأشاعرة تتوافق مع أصول الجهمية في عدة أبواب ..
فبيان ما عند الشاطبي من مخالفات عقدية وأصول باطلة قد جرى عليه عمل أهل السنة، واعتمدت رسالة علمية في صرح علمي معروف في بيان عقيدة الشاطبي..
ولم يقتصر الوقوع في موافقة بعض أصول الجهمية على الطرطوشي والشاطبي، بل إن أبا شامة، أيضاً على عقيدة الأشاعرة، رغم تأليفه في البدع والتحذير منها ..
ومن أشدهم وقوعاً في البدع رغم اهتمامه بها أشد الاهتمام تحذيراً وتنفيراً: ابن الحاج المالكي صاحب المدخل ..
فالاستفادة من تلك الكتب، أو حث بعض العلماء على الاستفادة منها لا يدل على أنهم سلفيون، أو أن من حذر من أصولهم التي وافقوا فيها الجهمية يكون متهما لمن مدح تلك الكتب بموافقة الشاطبي في مخالفاته ..
وهذا أمر معروف وظاهر، وطالما رأينا دفاع أئمة السنة عن الحافظ ابن حجر لخدمته السنة، ونكلوا بالحدادية، رغم بيانهم أن عنده أخطاء ومخالفات وموافقات لأهل البدع من الأشاعرة وغيرهم ..
فالذي يحذر من بعض أخطاء الحافظ ابن حجر لا يكون طاعنا في أولئك العلماء الذين اثنوا عليه أو على كتبه كما يعرف بأدنى تأمل ..
والمصيبة أن يأتي شخص يدعي السلفية، والرد على الجهمية والأشاعرة ثم يأتي في تحقيقاته لكتب أناس عندهم مخالفات عقدية فلا يعلق عليها، ولا ينصح للناس، بل يزداد الأمر سوءا عندما يوافقهم ويعضد بدعتهم بجهله وتسلقه وتعالمه كما حصل مع المبتدع الضال الحلبي ..
ولم يقتصر ذلك على تحقيقه لكتاب الطرطوشي بل حتى في طبعته لكتاب النهاية لابن الأثير الأشعري، وفي طبعته لمختصر البخاري للزبيدي، ثم لما نبه وبيَّن له أعلن تراجعه عن أخطائه في تعليقاته الأشعرية على كتاب الزبيدي، فكان الواجب عليه أن يعلن تراجعه عن موافقته لأصول الجهمية في تحقيقه لكتاب الطرطوشي، بدل أن يسب مُراجِعَه ومنبِّهه!!
ومن تتبع مسيرة الحلبي التسلقية وجد أنه مصلحي، تزيا بزي العلم وظيفة يقتات منها، وكانت تنازعه نفسه بين اتباع المنهج السلفي حقيقة، وبين اتباع هواه واللهث وراء الدنيا، فكانت تمر عليه مرحلة أو مراحلة يقف فيها مع أهل السنة، وتمر عليه مرحلة أو مراحل يقف فيها مع أهل البدعة والضلال، وهذا ما تمحض عنده أخيراً، وأصبح يسير وفق هواه، وعادى أهل السنة، وتملق لأهل البدعة والضلال، وصار من اللاهثين وراء أهل الدنيا وأهل الفتن والضلال ..
وهذا المقال الذي بين فيه الشيخ العلامة ربيع المدخلي موافقة الحلبي لبعض أصول الجهمية، ليتنبه السلفيون لأخطاء الطرطوشي، ويتبهوا لأخطاء وضلالات الحلبي، وليعرفوه على حقيقته، وأنه متعالم، متسلق، دجال، مخرف..
وقد كشف هذا المقال عن حقيقة أتباع الحلبي، ومدى تعصبهم له رغم وضوح الأخطاء والضلالات، ولكن أبى تحزبهم إلا أن يفضحهم ..
وكشف غباء وضلال الفارسي الجهول الذي استغل المقال للطعن في الشيخ ربيع أيضاً بالجهل والهوى، وأبان أنه لا يفهم عقيدة السلف ولا منهجهم في إطلاقاتهم لا سيما إطلاقهم القدرية على من انحرف عن عقيدة أهل السنة في باب القدر.
وأبان الفارسي عن قلة أدبه مع العلماء، وتجنيه عليهم، ففي الوقت الذي يثني فيه على رؤوس الفتنة والضلال من التكفيريين الخوارج كعبدالرحمن عبدالخالق، نجده يكيل السب والشتم والتضليل والتبديع لعلم من أعلام أهل السنة، لا يعرف عن أهل العلم إلا الثناء عليه، والنصيحة بالاستفادة منه.
فالفارسي مبتدع يدافع عن أهل البدع، ويطعن في علماء السنة ..
وطعونه في الحلبي بما بينه أهل السنة من حال الحلبي مما لا ينتقد عليه الفارسي، لكن ينتقد عليه تناقضه في تعامله مع الحلبي فتارة يثني عليه مع أنه باق على إرجائه وضلالاته، ثم لما طعن فيه الحلبيون نكص على عقبيه وزاد في حربه على الحلبي، وأخذ يقرنه بالشيخ العلامة الإمام السلفي ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ..
فالفارسي صاحب هوى ضال منتكس ..
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه الشيخ



أبو عمر أسامة العتيبي