المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : والتاجُ مَعْقُوْدٌ برأسِ الهدهدِ ...



أبو يوسف عبدالله الصبحي
10-Oct-2013, 10:31 PM
هذا الطائر جميل المنظر ورد ذكره في سورة ( النمل ) مع نبي الله سليمان _على نبينا وعليه الصلاة والسلام _ قال تعالى :

((وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) )) .

فهذا الهدهد يذهب الى ديار اليمن ويرى قوماً يمارسون القبائح ، إلا أنَّه ما أتعبَه شيءٌ كما أتعبه ( الشرك ) وهو عبادة غير الله ، فقد رأى مخالفاتٍ غير الشرك إلا أنه ذكر لسيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ذنب ( الشرك ) لأن الشرك أعظم الذنوب وهو الذي يخلِّدُ صاحبَه في النار ، قال لقمان وهو يعظُ ابنَه : (( يا بني لا تشرك بالله إنَّ الشركَ لظلمٌ عظيم )) ، وهَدّد الله بعدم المغفرة لمن جاء بذنب الشرك قال تعالى : (( إنَّ اللهَ لا يغفرُ أن يُشْرَكَ به ، ويغفرُما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما )) .

وهذا الطائر جاء النهي في السنة عن قتله أخرج ابن ماجة في سُنَنِه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : (( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الصرد والضفدع والنملة والهدهد .))

وتُكَنِّيْه العربُ : بأبي الأخبار ، وأبي ثمامة ، وأبي الربيع ، وأبي روح ، وأبي سجاد ، وأبي عباد ...
وتقول له العرب أيضا : ( الهَدَاهِد ) .

وهو طائر مُنْتِنُ الريح ؛ لأنَّه يبني ( أُفْحُوصَهُ ) في الزبل .

وقد جاء في الأمثال :

( أبصرُ من هدهد ) ؛ لأنّهم زعموا أنَّه يرى الماء من تحت الثرى !

( أسجدُ من هدهد ) يضربونه لمن يُرْمى بالأُبْنَةِ !

وممَّا يُزْعَمُ أن ( التاجَ ) الذي على رأس الهدهد إنَّما جاءه بسببِ برِّهِ بأُمِّه ، فمما يُحْكى أن أمَّهُ كَبِرَتْ عنده ، وكان يجلب لها الطعام والشرب ، فلما ماتت أراد الرحيل فكان يحمل ( عظام أُّمِّهِ ) فوق رأسه ؛ فكافأه اللهُ بهذا ( التاج ) جزاءً لبِرِّه لأُمِّهِ .

وعلى ذكر التاج الذي يُزَيِّنُ رأسَ الهدهد ، ولا نراه على رأس ( البازي ) وهو نوع من الصقور الجارحة ، قال علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - :

1 – لا تُنْكِري يا (عَزُّ ) إنْ ذَلَّ الفتى .... ذو الأصلِ واستعلى خَسِيْسُ المَحْتَدِ .

2 – إنَّ ( البُزَاةَ ) رُؤوسُهُنَّ عَوَاطِلٌ .... والتاجُ مَعْقُوْدٌ بِرَأْسِ الهُدْهُدِ .

فشاعرُنا يتحَدَّثُ عن تَبَدُّلِ الزَّمانِ ، وارتفاع الأراذل ، واختفاء الفتيان ذوي الأصول الكريمة ، ثم يضرب ذلك بطائر الهدهد فهو مُزَيَّنٌ بالتاج ، وهو طائر لا قيمة له ولا صولة ولا جولة ، في حين أن ( الصقر ) - وهو البازي - لا يوجد على رأسه تاجٌ يُزَيِّنُه ، فهو عاطِلٌ من هذه الزينة ( التاج ) الذي على رأسِ حقيرِ الطيرِ ...