المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نسف شبهة أن أهل السنة انشغلوا إلا بالرد على المأربي والحلبي والحجوري ، وأعداء الإسلام من اليهود والنصارى والرافضة يتكالبون على المسلمين



أبو أنس بشير بن سلة الأثري
16-Oct-2013, 10:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

فقد اطلعت على كلمة مريضة مهيضة قبيحة تنبئ على جهل صاحبها بمقاصد الشريعة مفادها ـ وقد قال غيره أيضا هذا فنسوغ عبارتهم على العموم ليشملهم الرد ـ : كيف أهل السنة انشغلوا إلا بالرد على المأربي والحلبي والحجوري ، وأعداء الإسلام من اليهود والنصارى والرافضة يتكالبون على المسلمين ويتربصون بهم في مشارق الأرض ومغاربها، فهذا ليس بوقت للانشغال بهذه التفاهات والردود !!؟

أقول
هذا باطل وهراء ومغالطة ومجازفة لا يتفوه به إلا من جهل بأصول الشريعة ومقاصدها المرعية التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم وسار عليها من بعده صحبه الكرام وأئمة الحديث العظام وخلفاء الإسلام ، وأعملوها في حياتهم العملية ، ومن ذلك ما جاء في حديث أبي واقـد اللّيثيّ قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى حُنَيْنٍ وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ ، ولِلْمُشْرِكِينَ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا ، ويَنُوطُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يُقَالُ لَهَا : ذَاتُ أَنْوَاطٍ ، فَمَرَرْنَا بِسدْرَةٍ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : " اللَّهُ أَكْبَرُ ، إِنَّهَا السُّنَنُ ، قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بنو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف : 138 - 140]»
قال العلامة المبجل القدوة عبيد الجابري ـ حفظه الله ورعاه ـ في شرحه ( رسالة القواعد الأربع)(19) : (( الفائدة الثّالثة: إنكار المنكر في وقته والتّشديد والتّغليظ في ذلك، وفي هذا ردّ على بعض المتفلسفة والضّعفاء كذلك من السّلفيين: "هذا ليس وقته ، هذا ينبغي تأجيله ، الوقت لا يناسب الآن ، المصلحة تقتضي أن يُؤخَّر " فإذا نظرنا إلى الوضع من النّاحية الاجتماعيّة ومن ناحية الزّمن الحادث:
فمن النّاحية الاجتماعيّة :هؤلاء – أعني القائلين: يا رسول الله اجعل لَنا ذات أنواط..إلى آخره – يمثّلون سدس الْمعسكر أو خمس الْمعسكر .
ومن النّاحية الحاليّة الزّمنيّة هم في حال غزو ، لم يكونوا متجهّزين إلى مسير بل هم في مسير إلى هوازن وثقيف حتّى يدخلوا في حظيرة الإسلام، اتّضح لكم الأمران يا إخوان ؟
هاه اتّضح الأمران ؟ ومع هذا زجرهم النّبـيّ – صلّى الله عليه وسلّم – بهذه الزّجرات العظيمة ، لم يقل : نؤجّل هذا الأمر حتّى نعود ، لا ، ولم يقل : هؤلاء قوم كُثر لو شدّد النّكير عليهم ربّما انصرفوا وتركونا ،(بل) أعلن أنّ هذا الأمر مخالف لدين الله الذي دخلوا فيه ، زجرات قويّة اقتلعت الطُّلبة من قلوبهم ،الطُّلبة الشّركيّة اقتلعتها من قلوبهم ، نعم.)) ا.هـ
أيضا ما جاء عن الخليفة الراشد الإمام أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ أنه قاتل مانعين الزكاة ، وقال حينها مقولته المشهورة العظيمة :" وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا."
وما منعه ذلك أن جيوش الإسلام في الثغور ، وأن أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والروم والفرس يتكالبون على دولته ، ويسعون في تحطيم الإسلام .
وكذا ما جاء عن الخليفة الراشد علي رضي الله عنه من أنه قاتل الخوارج ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم وصفهم لأصحابه ـ رضي الله عنهم ـ من أنهم :" تَحْقِرُونَ صَلاتَكُم مع صَلاتهم وصِيامَكُم مع صِيامهم وعَملَكُم مع عملهم "، ومع هذا ما منعت السنة رغم ما هم عليه من هذه الأعمال من حث وترغيب على قتالهم ، وما قال علي ـ رضي الله عنه ـ : أن الجيوش في الثغور في العراق والشام وفي كل مكان تقاتل ، ونحن نحتاج إلى قوة وإلى صوت هؤلاء الخوارج لنحارب المشركين والكفار والعدو الخارجي ، لعلمه أن المضرة والضعف والانهزام يدخل على المسلمين بوجود هؤلاء في الصف والثغور ، فالهزائم والمحن ما تدخل على المسلمين إلا من بوابة أهل البدع والمخالفة .
ثم كلامهم هذا يدل على أن أهل السنة لا يردون على الرافضة الأنجاس ، و لا على غيرهم من المخالفين من أهل البدع والأهواء والملل الكفرة !!
مع أن منتدياتهم ومواقعهم مليئة بالردود على الرافضة وغيرهم من أهل البدع والأهواء القديمة والحديثة ، وعلى اليهود والنصارى ونحلهم وأحزابهم وجمعياتهم ومنتدياتهم ، فلماذا هذه المغالطة وقلب الحقائق والكذب !؟
واعلم أنه ما دخل البلاء على الأمة الإسلامية إلا بتصدر الأحداث وخوضهم ومنافستهم علماء الأمة للكلام فيما يستجد في الأمة من القضايا والنوازل والأحداث وإصدار الأحكام فيها ، وتقدمهم عليهم ، فالذي تكلم في الحجوري والحلبي والمأربي وغيرهم من أهل الفساد والفتن في الأمة هم علماء وأئمة يرجع عليهم في مثل هذه القضايا، وهم يقدرون المصالح والمفاسد ، وهم على إطلاع بما يحدث في الأمة ، فأحكامهم مبنية على علم وخبرة وواقع ، وإلا فالذي يقول كيف يُتكلم في الحجوري والحلبي وعبدالرحمن عبدالخالق وأعداء الإسلام يتكالبون على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وأن هذا الوقت ليس هو بوقت للتكلم في مثل هذه القضايا وإثارتها ، فهو يتهم العلماء ويطعن في إمامتهم وديانتهم من أنهم لا يقدرون مصالح الأمة ، وأنهم يبنون الأحكام على غير علم ومعرفة بما يحيط بالأمة من الفتن والضعف ، فهذا من بلاء الحزبية وجهلهم بمقاصد الشريعة والله المستعان ، فهذا التنبيه مني على عجالة فيما يخص بيان هذه الشبهة الملعونة ، والحمد لله رب العالمين