المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المنتخب من سيرة وأخبار الأئمة الأربعة الكبار ، وبيان ما لهم من العناية الكبيرة بالتربية والإصلاح في أصقاع المعمورة



أبو أنس بشير بن سلة الأثري
28-Oct-2013, 02:53 PM
المنتخب من سيرة وأخبار الأئمة الأربعة الكبار ، وبيان ما لهم من العناية الكبيرة بالتربية والإصلاح في أصقاع المعمورة

الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي علم بالقلم, علم الإنسان ما لَم يعلم, وأشهد أن لا إله إلا الله الذي أرسل رسله بالدعوة إلى العلم النافع والعمل الصالح، وجعل لهم من عباده عبر تاريخ زمانِهم حواريين وأصحابًا يهدون بِهديهم ويستنون بسنتهم ويدعون إليها في حال حياتِهم وبعد مماتِهم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم, وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، ومصطفاه من بريته, المبعوث رحمة للعالمين, والمرسل إلى كافة الثقلين، فهدى الله به بعد الضلالة, وبصر به بعد العمى، وجمع به بعد الفرقة، وأغنى به بعد العيلة, وأقام به الحجة، وأنار به المحجة, وختم به الرسل, وأتم به النعمة وأكمل لنا بواسطته الدين, اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين، وارض اللهم عن صحابته أجمعين وعن من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، واجعل لنا ولهم قدم صدق عندك يا خير الراحمين، وذكرًا حسنًا في عبادك الصالحين .([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=140710#_ftn1))
أما بعد :
فقد راسلني وطلب مني الأخ الكريم أبوعبدالمصور مصطفى الجزائري أن أجمع له ما لعلمائنا المعاصرين الكبار، قدوة أهل الإسلام ومشايخهم في جميع الأقطار ، من الجهود في الدعوة إلى الله تعالى وتبصير الخليقة ، والمكابدة على استقبال أسئلتهم ورسائلهم عبر الهاتف وغيره من وسائل الاتصال والمواصلة والرد عليها كتابيا أو سمعيا ، وما لهم من الاهتمام والعناية بقضاء حاجاتهم وحل مشاكلهم في مجتمعاتهم ، وما لهم من الصبر على ذلك وتحمل المشاق والصعاب في التنفيذ والتحقيق هذه المهمة العظيمة ، فلتلبية طلبه والرد على رسالته ، استعنت بالله تعالى على الجمع ما ثبت وجاء عنهم في ذلك من الأخبار والآثار مما هو في مؤلفاتهم وسمعياتهم والكتب التي ترجمت لهم ، مما هي في حوزتي ، وإن كان هذا العمل الشريف لا يحال ويكلف به أمثالي العبد الضعيف ، لما يحتاج إلى الكفاءة العلمية الغزيرة والجهود الكبيرة والمصادر الكثيرة ، لتكون فائدتها غزيرة ، ولكن كما يقال :" ما لا يدرك كله لا يترك جله"، فرمت أن أتي فيه ولو بقطرة وفائدة يسيرة ، فتكون لي ولمن وقف على هذه الرسالة نبراسا ونورا نستضيء به في دعوتنا إلى الله في هذه الأزمنة المتأخرة ، ونكون في أمورنا على بصيرة .


فضيلة الدعوة إلى الله تعالى ومقامها الشريف الكبير

إن الدعوة إلى الله تعالى وظيفة رسل الله أجمعين، الذين بعثهم الله مبشرين ومنذرين , مبشرين من أطاع الله برضاه والجنة، ومنذرين من عصى الله بسخطه والنار، كما قال سبحانه: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء:165] ، وكما قال -عز شأنه-: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْط[ [الحديد: من الآية25] ، وكما قال عز وجل : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت[ [النحل: من الآية 36].
وقال أيضًا: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا} [المؤمنون: من الآية 44].
فهذه الآيات الكريمات تدل بوضوح على أن الله عز وجل لَم يكل الخلق إلى عقولهم ليعبدوه، بل أنعم عليهم بأعظم النعم حيث أنزل عليهم كتبًا فيها بيان لهم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون، وأرسل إليهم رسلاً ينيرون لهم طريق الحق ويدعونَهم إليها ويحذرونَهم من سبل الهلاك التي تفضي بسالكيها إلى حضيض الدركات.
ولله الحكمة في خلقه والتصرف المطلق فيهم، فمن اهتدى فبفضل الله ورحمته اهتدى، ومن ضل فبعدل الله وحكمته ضل وغوى.
ولقد دعا ويدعو بدعوة الرسل الكرام والأنبياء العظام أتباعهم من أهل العلم النافع، والعمل الصالح في كل زمان ومكان، إذ هم وارثو علمهم والآخذون بسنتهم فقد أقام الله بِهم الحجة على أقوام وأمم، ورحم بِهم أقوامًا وأمَمًا آخرين، فلهم من كل من جاء بعدهم الثناء العاطر ولسان الصدق، والدعوات المباركات على جهودهم الخيرة وتضحياتِهم الموفقة، وعليهم من ربِّهم صلوات ورحمة، ولهم منه الجزاء الأوفى والدرجات العلى.
حقًّا لقد كان لهم في رسل الله أسوة حسنة، وقدوة صالحة رشيدة عضوا عليها بالنواجذ، وضحوا في سبيل تحقيقها بالنفس والنفيس، لقد دعو إلى الله بقلوب مخلصة وألسنة صادقة وجوارح متحركة في أداء الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، بلا ملل, ولا فتور، ولا يأس، ولا تردد ولا تقصير: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الألبَابِ} [الزمر: من الآية 18] ، ولا غرو أن يكونوا كذلك، فهم الذين قال في حقهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم :"وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لَم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا وإنَّما ورثوا العلم، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر" أخرجه البخاري بمعناه في كتاب العلم .
وهم الذين أشاد الرسول الأمين بفضلهم وعظيم أجرهم في طلبهم للعلم وعملهم به ونشرهم له، فقال: " من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سلك الله به طريقًا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم، وإن فضل العالم على العابد، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض وكل شيء حتى الحيتان في جوف الماء، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لَم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنَّما ورَّثوا العلم، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر" حديث حسن .
وهم الذين ظفروا بصلاة الله وملائكته عليهم، بل وصلاة أهل السموات وأهل الأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت في البحر، كما جاء في حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير" حديث صحيح.
قلت (العلامة زيد ): وكفى بذلك فضلاً وشرفًا للعلماء العاملين والدعاة إلى الله المخلصين الصادقين، وهنيئًا لهم بما حباهم به ربُّهم رب العالمين وأرحم الراحمين.([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=140710#_ftn2))
ومن هؤلاء العلماء العالمين والدعاة المخلصين ممن لهم نصيب أوفر وحظ أكبر من ميراث النبي صلى الله عليه وسلم المتمثل في الدعوة إلى الله تعالى عملا وتعليما وتربية: ابن باز والألباني وابن عثيمين ومقبل بن هادي الوادعي ـ رحمهم الله ـ فهؤلاء النخبة الطاهرة قد ظهرت جهودهم المثمرة وأعمالهم الخيرة في الأمة بما قاموا به من تربية الناشئة وبذل الوسع في تبصير البرية وتوجيههم إلى السنة النقية والعقيدة السلفية الصافية ، وهآ أنا ذا أقدم للقراء الكرام بعض جهودهم النيرة من سيرتهم العطرة ، فإن في ذكر آثارهم وتذكر سيرهم إحياء ما كانوا عليه من الأعمال الجليلة والأخلاق النبيلة .
قال ياقوت الحموي في مطلع كتابه (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)(1/ 10) (( فهذه أخبار قوم أخذ عنهم علم القرآن المجيد، والحديث المفيد...وبصناعتهم تنال الإمارة، وببضاعتهم يستقيم أمر السلطان والوزارة، وبعلمهم يتمّ الإسلام، وباستنباطهم يعرف الحلال من الحرام.))
قال الغبريني في مقدمة كتابه ( عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية): (( وذلك بحيث يعلم طالب العلم الأئمة الذين بهم يقتدى وبسلوك سننهم السوي يهتدى )) ([3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=140710#_ftn3))

حرصهم على التمسك بالسنة والعمل بها

الإمام ابن باز ـ رحمه الله ـ
جاء في كتاب ( الإمام ابن باز رحمه الله ، دروس ومواقف وعبر)(ص 39 ـ 40) : (( كان الشيخ يهتم بإحياء السنن فالذي يجلس معه في بيته أو في درسه وهو مهمل لبعض السنن سرعان ما يتأثر إذا رأى محافظة الشيخ عليها والمواظبة على تطبيقها يتأثر من ذلك الرائي والسامع
ومن تلك السنن التي أهملها الكثير من الناس :
حدثني الشيخ سعد الداود ([4] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=140710#_ftn4) ) قال : خدمت الشيخ أحد عشر عاما وحفظت من عمله وتطبيقه سننا كثيرة ، ثم ذكر مثالا يتعلق بلبس اليمين عند التنعل .

فقال : في زحمه الشيخ ، وبعد الفراغ من المحاضرة ومع كثرة السائلين ، وتوافد الناس عليه ، تعمدت فوضعت نعله الشمال عند قدمه الشمال ، قال : فبدأ يرفع قدمه اليمين يبحث عن نعله اليمين ، قال : فوضعت الشمال مرة ثانية ، فبحث الشيخ عن اليمين ، وفي المرة الثالثة رأيت الشيخ يطأ النعل الشمال بشماله ، ثم بحث عن النعل اليمين حتى يبتدأ بلبسها .
وأخبرني ابنه أحمد في ذكر مرض الشيخ الأخير ، فقال : كان رحمه الله إذا خلع الجورب الذي يرتديه ، بدأ بالأيسر تطبيقا للسنة حتى في مرض الموت رحمه الله .
وكذلك - رحمه الله - كان يبدأ باليمين في لبس المشلح .
حدثني الشيخ عبدالرحمن بن جلال قال : إن الشيخ رحمه الله قدم الدلم عصر يوم الخميس في شهر شعبان عام 1357هـ ، وكان في استقباله أمير الدلم رحمه الله ومعه بعض الأعيان وجمع من الناس .
فلما قدم الشيخ ونزل من سيارته دعاه القائم على شئون البلد إلى تناول القهوة ، فقال : أين المسجد دلوني على المسجد ، قال : فبدأ فصلى ركعتين )) ا.هـ
وقال في ( ص 19) : (( إن سماحة الشيخ عبدالعزيز رحمه الله يتأثر الرائي له إذا رأى أخلاقه ورأى تمسكه بالسنة ، فهو قدوة في صلاته وفي لباسه ، وقدوة في كلامه وقدوة في رقته ولينه ، وقدوة في شدته في الحق فحقا إنه مبارك في أي مكان حل فيه أو ارتحل إليه قال الله تعالى :{وجعلني مباركا أين ما كنت }))
وقال في ( ص 74) : (( وسماحة الشيخ رحمه الله قدوة ومثال يحتذى به في حرصه على العبادة ، وفي تبكيره إلى المسجد ومحافظته على السنن الرواتب ومحافظته على الأذكار وقد قال لي ابنه أحمد :" منذ عرفت والدي وهو يقوم قبل يقوم قبل الفجر بساعة ويصلي إحدى عشرة ركعة "))
الإمام الألباني رحمه الله
جاء في ( الإمام الألباني دروس ومواقف وعبر)(ص 88) : (( كان الشيخ رحمه الله من أحرص الناس على أن تكون عبادته موافقة للسنة في صفتها وفي عددها وفي وقتها ، حريصا على تطبيق السنة في مأكله ومشربه وملبسه وفي معاملاته ويشهد بذلك من جالسه أو زاره أو حضر دروسه ولقاءاته العامرة ، حتى قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله "فالذي أعرفه من الشيخ من خلال اجتماعي به ـ وهو قليل ـ أنه حريص جدا على العمل بالسنة ومحاربة البدعة سواء في العقيدة أم في العمل "))
الإمام ابن عثيمين رحمه الله
جاء في ( الدر الثمين في ترجمة فقيه الأمة العلامة ابن عثيمين )(ص 312 ـ315 )
(( قال الشيخ عبدالعزيز بن حمين الحمين ( رئيس محكمة محافظة الرس) :" كان رحمه الله يركز تركيزا على تطبيق العملي للسنة النبوية والتربية العملية عليها .
ولشيخنا رحمه الله سجل حافل في هذا الميدان يعرفه القريب والبعيد والقاصي والداني ، ولعل مما يذكر في هذا المقام وعرف عن الشيخ ، ولمسته شخصيا منه رحمه الله ما يلي :
أ ـ رفع صوته بالذكر والاستغفار بعد السلام من الصلاة تطبيقا عمليا للسنة وتعليما لطلبته على الصدع بها في كل مقام وتربية للجميع على هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في الانصراف من الصلاة .
ب ـ إفشاء السلام على الصغير والكبير حتى على عمال النظافة والباعة في الأسواق ، في رحمة وألفة عجيبة تخرج بلا تكلف ولا عناء ، مع ابتسامة إيمانية تأخذ القلوب ، تطبيقا لقوله صلى الله عليه وسلم ( أفشوا السلام ...) الحديث ، وهو أسلوب تربوي دعوي لا يكلف شيئا لكنه عظيم الأثر عميق التأثير .
ج ـ إرساله من يسوي الصفوف ويتفقدها بعد إقامة الصلاة ، اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي سنة مهجورة تركها كثيرون ... )) ا.هـ
وقال أيمن بن عبدالعزيز أبانمي : (( من أخلاق الشيخ رحمه الله وصفاته : تمسكه الشديد بالسنة والعمل بها
ومن تمسكه بالسنة أنه ينبه في كل وقت على ما هو سنة وما هو بدعة ، ومن ذلك أنه قد يأتي أحد يسلم عليه فيقبل رأسه ويصافحه ، فينبه أن ذلك بدعة ، ويأمر بالمصافحة حتى إنه كان يأمر بذلك وهو على السرير في المستشفى ، والذهاب إلى المسجد ماشيا ، مع إن بيته بعيد عن المسجد ومع ذلك يذهب ماشيا
ومن عمله بالسنة المشي حافيا أحيانا إلى المسجد ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتفي أحيانا .))
قال خالد بن صالح النزال : (( ومن حرص الشيخ على السنة ما عرف عنه من عدم جلوسه للتعزية ، واعتبارها بدعة ، فقد نشر فتوى له في مجلة الدعوة بعنوان ( فتح الأبواب والجلوس للتعزية بدعة) ، وكان الشيخ عند وفاة أبيه ووالدته لم يفتح الباب للتعزية ، بل إنه لما توفي والده صلى عليه بعد صلاة الظهر ، وبعد صلاة المغرب حضر للمسجد لإلقاء الدرس ))
الإمام مقبل الوادعي رحمه الله
قالت أم عبدالله بنت الشيخ في كتابها ( نبذة مختصرة من نصائح والدي العلامة مقبل بن هادي الوادعي وسيرته العطرة )( ص 25 ـ 26) : (( هو من أحرص الناس على التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لهذا أعلى الله ذكره ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إن الله يرفع الشخص بقدر تمسكه بالسنة .

ومن كلامه : سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لن نتركها ولو تعاضضنا بالأسنان .
وكان يشق عليه ويؤلمه أن تعرض الدعوة للإهانة ، ويحذر من ذلك ، ويقول : يجب أن نتقي الله في الدعوة ولا نعرضها للإهانة .
وكان مسرورا بما عليه كثير من الناس في هذا الزمن من الاستجابة للحق وبما عليه أهل السنة من القيام بواجبهم ويقول : أهل السنة بحمد الله سدوا فراغا ، وأعداء الإسلام يهابونهم ، وأمريكا مستعدة أن تساعد الصوفي والشيعي والكافر ، لكن أهل السنة لا . ))

عنايتهم بالشباب والصغار وتربيتهم برفق وصبرهم عليهم وتحذيرهم من الجلوس إلى أهل البدع وتلقي العلم على أيديهم

الإمام ابن باز رحمه الله
جاء في ( الإمام ابن باز دروس ومواقف وعبر)( ص 103) : (( قد كان سماحة الشيخ رحمه الله تعالى كثير الملاطفة والتعليم للصغار ، ومن شواهد ذلك :
كثرة استقباله لطلاب المدارس .
عرف عنه أنه عندما يصافحه أحد الصغار يأخذ في سؤاله عن ربه وعن دينه وعن نبيه .
تقول إحدى بناته : إنها عندما كانت صغيرة كانت تخطئ في ترتيب الوضوء واختلفت مع أحد إخوانها فأخبروا سماحته ، فجمعهم ثم أمر بإحضار أحد كتب الفقه وطلب مبحث صفة الوضوء ، وطلب منها القراءة .
قالت : فعرفت خطئي ثم شرح لي صفة الوضوء ، فقال : هل عرفت ؟ فقلت : نعم ، فحمد الله ))
وقال في ( ص 16) : (( دروس سماحة الشيخ رحمه الله تعالى تغشاها الهيبة من حيث وقار الشيخ وتعظيمه للعلم وجلوسه الطويل للطلاب ، وحسن طرحه للدرس ، وسعة صدره صدره ورحابة نفسه في قبول السؤال ، وتحمل تكرار السؤال عليه ، والإنصات من طلابه والمواظبة على المتابعة في أثناء الدرس والإصغاء التام لكلام سماحته ...
ومن الهيبة والوقار أن الطالب إذا حضر في درس سماحته يشعر بشعور روحاني ، ولعل ذلك من نزول السكينة وغشيان الرحمة وحف الملائكة بتلك الحلقة .))
ومن صبره ولينه وتواضعه مع الطلبة والسائلين ما ذكره في (ص 82 ـ 90) : أنه كان يتحمل السائلين ، فمع كثرتهم وكثرة أسئلتهم ، إلا أنه كان يتصف بسعة الصدر لهم وعدم الضجر والسآمة وهذا يعطي طالب العلم منهجا في تحمل السائلين .
وأعجب من هذا : أن السؤال قد يتكرر عليه عشرات المرات كما يحصل ذلك في مخيمه في الحج حتى إن الجالس عنده قد يمل من سماع الجواب ، فكيف بمن يجيب ؟ ! ولكن هذا العالم الرباني ، يتواضع للجهال من المسلمين والفقراء منهم فيستمع إليهم .
ورحم الله الشيخ ابن سعدي عندما قال شاكرا للسائل ومبينا فائدة السؤال : " .. ونحن ممنونون في كل ما يقع لكم من الإشكالات ، لأنها قد تصير سببا لبحث أمور لم تخطر على البال ، ومراجعة محالِّها وهذا من طرق العلم فلا تحرمونا ذلك ..."( الفتاوى السعدية)(103)
وقال هشام بن مسلم القرشي :" لولا المسائل لذهب العلم "(سنن الدارمي)(1/48)
و مرة سأله شخص عن أخذ ما تحت اللحية ووضع السائل يده تحت لحية الشيخ فأبعد أحد المرافقين للشيخ يد السائل ، فقال الشيخ للمرافق : هل وضعها على رقبتك ؟ ثم أخذ الشيخ يد السائل ووضعها على رقبته مرة أخرى .
ومن تواضع الشيخ رحمه الله : أن سائلا أغلظ على الشيخ فقال : يا شيخ ، صلى إمامنا المغرب ، فقام إلى ركعة رابعة ، فقال الشيخ : ما سبحتم به ؟ فقال السائل : اصبر يا شيخ ، وهذا السائل رجل كفيف البصر ، كان متكئا على عمود جوار الشيخ .
فرد السؤال مرة أخرى ، فكأن الشيخ رحمه الله أراد الاستيضاح ، فقال السائل : اصبر يا شيخ حتى أكمل سؤالي ، فرد سؤاله ثالثة ، فقال في الثالثة ما معناه : يا شيخ لا تعجل أنت مفت تأكد من السؤال ثم أجب .
فأرخى الشيخ سمعه فقال السائل : إن إمامنا قام إلى الركعة الرابعة في صلاة المغرب ، فلما سألناه عن ذلك قال : لم أقرأ الفاتحة في الركعة الثالثة .
فقال له الشيخ فيما أذكر : أمهلنا ثلاثة أيام حتى نبحث هذه المسألة .
ومن ـ تواضعه للطلبة ـ، محبته للمغتربين من طلبة العلم : قال الخطيب البغدادي ـ رحمه الله تعالى ـ في أثناء كلامه عن أخلاق المحدث : ( إِكْرَامُهُ الْغُرَبَاءَ مِنَ الطَّلَبَةِ وَتَقْرِيبُهُمْ ) ثم ساق بإسناده عن أبي هارون العبدي قال : كُنَّا إِذَا جِئْنَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَبْسُطُ لَنَا رِدَاءَهُ فَيَقُولُ: اجْلِسُوا عَلَى هَذَا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّهُ سَيَأْتِيكُمْ أَقْوَامٌ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ وَيَطْلُبُونَ حَدِيثِي، فَإِذَا جَاءُوكُمْ فَأَكْرِمُوهُمْ»
وعَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ، يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ، يُقَرِّبُهُمْ إِذَا أَتَوْهُ وَيَقُولُ: «أَنْتُمْ دَوَاءُ قَلْبِي»
وكتب أبويعقوب البويطي إلى الربيع بن سليمان :" أَنْ أَصْبِرْ نَفْسَكَ لِلْغُرَبَاءِ، وَأَحْسِنْ خُلُقَكَ لِأَهْلِ حَلَقَتِكَ "
إن مما شاع واشتهر كثرة الوافدين إلى دروس الشيخ رحمه الله من طلبة العلم المغتربين ، وهذا الأمر ليس جديدا بل عرف من خلال دروسه في مدينة الدلم لما كان قاضيا فيها .
شاهد المقال : أن مما زاد أولئك المغتربين من طلبة العلم محبة للشيخ وملازمة لدروسه والتردد إلى مجالسه : ما لمسوه من تقديره لهم وترحيبه بهم ومساعدة من يحتاج إلى المساعدة منهم ، وقد نفع الله أولئك المغتربين ونفع بهم ، فأصبح عدد منهم من طلية العلم ومن الدعاة والمحققين وغيرهم ، زادهم الله من فضله وبارك في جهودهم ))
قلت ( بشير) : هذا بخلاف ممن يدعي المشيخة والعلم والتنسك والتسلق إلى هذه المراتب ، وهو إذا رحل إليه طلبة العلم من المسافات الطويلة وكابدوا الصعاب ، لزيارته والاستفادة منه وما ذاك إلا لحسن ظنهم به من أنه من أهل العلم ، يغلق بابه ويفر من لقائهم . والله المستعان على غربة العلم وأخلاقه عند هذا الصنف المتشبع بما لم يعط ، وإلا فهذه الأخلاق التي تصدر من هذا الصنف هي مما تنفر الشباب عنهم وتزهدهم فيهم ، وتكون سببا لإهمالهم وهجر ما عندهم من العلم ، بل أكبر من ذلك وأفحش ، إذا كانت مجتمعاتهم فقيرة من العلماء الأبرار وطلبة العلم الكبار إلا هم وأهل البدع الأشرار ، فأخلاقهم هذه مما تصد الشباب عن العلم وتبعدهم عنهم ، فيستحوذ عليهم أهل البدع ويجرفونهم إليهم ويطمعون فيهم ويستغلون ظرفهم هذا ، والأصل في هذا ما جاء في قصة كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ مع ملك غسان ، إذ يقول كعب بن مالك رضي الله عنه : "فَبَيْنَا أَنَا أمْشِي في سُوقِ الْمَدِينة إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ نَبَطِ أهْلِ الشَّام مِمّنْ قَدِمَ بالطَّعَامِ يَبيعُهُ بِالمَدِينَةِ ، يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إلَيَّ حَتَّى جَاءنِي فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ ، وَكُنْتُ كَاتبًا ، فَقَرَأْتُهُ فإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنا أنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللهُ بدَارِ هَوانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ، فَالْحَقْ بنَا نُوَاسِكَ " .
فنذكر هذا الصنف ونقول له : اتق الله وأعلم أن مسؤولية الشباب الإسلامي والدعوة وتربية المجتمع على الصلاح هي في أعناقكم ، فإن لم تسدوا ثغراتها هجم واستولى عليها أهل البدع والأهواء وجمعيات ونوادي الكافرة ، فأهل البدع من الإخوان والتبليغ وما تفرع عنهما وممن تخرج في مدارسهم ، لهم نشاط وصبر وجلد على ذلك ، فهم يبذلون النفس والنفيس وكل ما يملكون من الطاقات المعنوية والمادية لاكتساب الناس والسيطرة على عقولهم وخاصة شباب الأمة الإسلامية ممن التمسوا فيهم النجابة والذكاء والنشاط ، فهم أحرص على الاكتساب هذا الصنف من غيره ، والله المستعان .
وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن باز ـ رحمه الله ـ لما سئل: يتعرض الإسلام اليوم، وفي هذه الأيام بالذات إلى النيل منه عن طريق بعض جماعات التصوف والدجل والشعوذة والأساطير والخرافات، فما هو المنهج الذي ينبغي على علماء الإسلام أن يواجهوا به هذه الدعوات الكاذبة والبدع المضللة؟
فأجاب : للأسف أن أعداء الإسلام يستعينون بمن ينتسبون إلى الإسلام من الخرافيين والصوفيين، وسائر أهل البدع، ليروجوا باطلهم وليشغلوا المسلمين بما يضرهم ويسبب افتراقهم واختلافهم، حتى يتمكنوا من الحصول على مرادهم، والاستيلاء على ثروات البلاد، وتمزيق شمل المسلمين.
مقاومة أهل البدع والضلالات:
ولا سبيل إلى السلامة من ذلك، إلا بأن يقوم العلماء العارفون بدين الله سبحانه وتعالى، والمتبصرون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بتوجيه المسلمين إلى التمسك بحقيقة دينهم، ونبذ كل بدعة وكل خرافة من طرق التصوف المختلفة والمتنوعة والمخالفة لشرع الله ومن سائر أنواع البدع التي روجها كثير من الناس، والواجب على علماء المسلمين أيضا أن يحثوا المسلمين ويؤكدوا عليهم أنه لا سبيل إلى نجاتهم، وإلى اجتماع شملهم إلا بالتمسك بكتاب الله العظيم وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام، وترك ما خالف ذلك من سائر الأهواء والبدع. ( [5] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=140710#_ftn5))
وقال في (محاضرة التي ألقاها في كلية الشريعة بجامعة الإمام بالرياض عام 1410 هـ) :
((مسئولية طالب العلم : ... مسئولية طالب العلم مسئولية كبيرة، وهي متفاوتة على حسب ما عنده من العلم، وعلى حسب حاجة الناس إليه، وعلى حسب قدرته وطاقته.
فهناك مسئولية من جهة نفسه: من جهة إعداد هذه النفس للتعليم والدعوة، وأداء الواجب، ومن جهة العناية بالعلم والتفقه في الدين، ومراجعة الأدلة الشرعية، والعناية بها، فإن طالب العلم بحاجة شديدة إلى أن يكون لديه رصيد عظيم من الأدلة الشرعية، والمعرفة بكلام أهل العلم وخلافهم، ومعرفة بالراجح في مسائل الخلاف بالدليل من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بدون تقليد لزيد وعمرو، فالتقليد كل يستطيعه، وليس من العلم في شيء... وأن يجتهد في معرفة براهين المسائل، وبراهين الأحكام من الكتاب العزيز والسنة المطهرة، ومن القواعد المعتبرة. . وأن يكون على بينة كبيرة، وعلى صلة وثيقة بكلام العلماء، فإن معرفته بكلام أهل العلم تعينه على فهم الأدلة، وتعينه على استخراج الأحكام، وتعينه على التمييز بين الراجح والمرجوح.
ثم عليه مسئولية أخرى من جهة الإخلاص لله سبحانه، ومراقبته وأن يكون هدفه إرضاءه عز وجل، وأداء الواجب وبراءة الذمة، ونفع الناس، فلا يهدف إلى مال وعرض عاجل، فذلك شأن المنافقين وأشباههم من أهل الدنيا، ولا يهدف للرياء والسمعة، ولكن هدفه أن ينفع عباد الله، وأن يرضي ربه قبل ذلك، وأن يكون على بينة فيما يقول، وفيما يفتي به، وفيما يعمل به ولا يجوز له التساهل؛ لأن طالب العلم متبع متأسى بتصرفاته وأعماله. فإن كان مدرسا تأسى به الطلبة، وإن كان مفتيا أخذ الناس فتواه، وإن كان داعية كذلك خطره عظيم، وإن كان قاضيا فالأمر أعظم...
وهناك مسألة مهمة، وهي المسئولية الملقاة على طالب العلم من جهة البلاغ والتعليم للناس، فإن العلماء هم خلفاء الرسل، وهم ورثتهم، ولا يخفى مرتبة الرسل، وأنهم هم القادة. وهم الهداة للأمة، وهم أسباب سعادتها ونجاتها، فالعلماء حلوا محلهم، ونزلوا منزلتهم في البلاغ والتعليم؛ لأنهم ختموا بمحمد عليه الصلاة والسلام، فلم يبق إلا البيان والتبليغ لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، والدعوة إليها وبيانها ونشرها بين الناس، وليس لذلك أهل إلا أهل العلم، هم الذين أهلهم الله لهذا الأمر دعاة وقادة بأقوالهم وأفعالهم وسيرتهم الظاهرة والباطنة ، فواجبهم عظيم، والخطر عليهم عظيم، والأمة في ذمتهم؛ لأنها بأشد الحاجة إلى البلاغ والبيان بالطرق الممكنة.
والطرق اليوم كثيرة: منها وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية. . فلها آثارها العظيمة في إضلال الناس، وفي هدايتهم. . وهكذا الخطب في الجمع والأعياد والمناسبات والندوات، والاحتفالات لأي سبب، لها أثرها أيضا. والنشرات المستقلة والمؤلفات والرسائل لها أثرها العظيم.
فالطرق بحمد الله اليوم ميسرة وكثيرة، وإنما المصيبة ضعف الطالب، وقلة نشاطه، وإعراضه وغفلته. . هذه هي المصيبة العظمى. . فالله يقول عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[ فصلت: 33] فليس في الوجود من هو أحسن قولا من هؤلاء، وعلى رأسهم الرسل الكرام والأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، ثم يليهم أهل العلم.
فكلما كثر العلم، وكملت التقوى والخوف من الله عز وجل، والإخلاص له سبحانه صار النفع أكثر، وصار التبليغ عن الله وعن رسوله أكمل. وكلما ضعفت التقوى، أو قل العلم، أو قل الخوف من الله، أو بلي العبد بمشاغل الدنيا والشهوات العاجلة - قل هذا العلم وقل هذا الخير...
ثم طالب العلم بعد ذلك حريص جدا أن لا يكتم شيئا مما علم، حريص على بيان الحق والرد على الخصوم لدين الإسلام، لا يتساهل ولا ينزوي، فهو بارز في الميدان دائما حسب طاقته، فإن ظهر خصوم للإسلام يشبهون ويطعنون - برز للرد عليهم كتابة ومشافهة وغير ذلك لا يتساهل ولا يقول هذه لها غيري، بل يقول: أنا لها. . أنا لها. . ولو كان هناك أئمة آخرون يخشى أن تفوت المسألة، فهو بارز دائما لا ينزوي، بل يبرز في الوقت المناسب لنصر الحق، والرد على خصوم الإسلام بالكتابة وغيرها. . من طريق الإذاعة، أو من طريق الصحافة، أو من طريق التلفاز، أو من أي طريق يمكنه، وهو أيضا لا يكتم ما عنده من العلم، بل يكتب ويخطب، ويتكلم ويرد على أهل البدع، وعلى غيرهم من خصوم الإسلام بما أعطاه الله من قوة، حسب علمه وما يسر الله له من أنواع الاستطاعة. . قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}[ البقرة: 159] ، {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[ البقرة :160]..
وهنا أمر آخر يتعلق بطالب العلم أمام الله سبحانه أولا، ثم بعد هذا أمام إخوانه وزملائه ومجتمعه، وهو أن يتقي الله في نفسه. . فكلما علم شيئا بادر بالعمل لا يتساهل: يعلم ويعمل. لا بد من العلم، ولا بد من العمل، فهو يحاسب نفسه أبدا، ويجتهد في تطبيق أحكام الله على نفسه، الواجب واجب، والمستحب مستحب، حتى يمثل العلم في أخلاقه وأعماله وسيرته، وحلقات علمه وخطبه وأسفاره وإقامته في البر والبحر والجو، بل في كل مكان؛ لأن هذا الأمر يهمه ويحرص على أن يأخذ عنه إخوانه وزملاؤه وطلبته، ليعطيهم مما لديه من العلم: من قول وعمل. . وهكذا كان نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام، كانت دعوته كاملة في القول والعمل، فسيرته أحسن السير، وكلامه أطيب الكلام بعد كلام الله عز وجل، وأخلاقه أحسن الأخلاق، كما قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[ القلم: 4] وكان خلقه القرآن كما قالت عائشة رضي الله عنها. . يأتمر بأوامره، وينتهي عن نواهيه، ويتأدب بآدابه، ويعتبر بما فيه من الأمثال والقصص العظيمة، ويدعو الناس إلى ذلك.
وأهل العلم عليهم أن يتأسوا به عليه الصلاة والسلام في هذا الخلق العظيم، وأن يصدقوا الله في أقوالهم وأعمالهم، وأن يبلغوا عن الله أمره ونهيه، وأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، حسب الطاقة وأن يبذلوا المستطاع والنصائح لولاة الأمور بالتوجيه والإرشاد والتنبيه. . ولأهليهم ولجيرانهم ولسائر مجتمعهم، وللناس جميعا بكل وسيلة حسب الطاقة. لا يجوز التساهل في هذه الأمور ولا سيما في عصرنا هذا لقلة العلماء وانتشار الشرور وكثرة الرذائل والمنكرات في أرجاء الدنيا في الدول الإسلامية وغيرها.
وكل ذي بصيرة يعلم ما ينشر في هذا العصر من الشرور العظيمة، في الإذاعات والصحافة، والتلفاز وفي النشرات الأخرى. وفي المؤلفات الداعية إلى النار.
وهذا الجيش المتنوع الذي يدعو إلى طرق النار، يحتاج إلى جيش مثله، وقوة مثله. بل وأكثر منه. هذه الجيوش التي يسوقها أعداء الإسلام إلى المسلمين، وهذه الوسائل الخطيرة المتنوعة الكثيرة، كلها يسوقها وينشرها أعداء الإسلام إلى المسلمين، وإلى غير المسلمين، لإهلاكهم وقيادتهم إلى النار. وأن يكونوا معهم في أخلاقهم الخبيثة، وسيرتهم الذميمة، وأن يكونوا معهم في النار؛ لأن قائدهم يريد هذا كما قال الله سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[ فاطر : 6]
فلا يليق بطالب العلم أن ينزوي ويقول: حسبي نفسي، لا، فإن عليه واجبات. . حسبه نفسه من جهة عمله أن يعمل. . وعليه واجبات من جهة البلاغ والبيان والدعوة فربنا يقول سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[ النحل: 125] ويقول سبحانه: {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ}[ الحج: 67] فالله سبحانه يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة، وأمره له أمر لنا جميعا، ليس المقصود له وحده عليه الصلاة والسلام. . فإذا وجه له الأمر فليس له وحده بل هو له ولنا ولأهل العلم جميعا إلا ما خصه الدليل به.
فعليك يا عبد الله أن تبتعد عن الخمول والانزواء وأن تبلغ أمر الله إلى عباد الله، وعليك أيضا أن تنصح من استطعت نصيحته في كل مكان: أمير القرية، وعالم القرية، وقاضي القرية، وعريف القرية، ومن له شأن في القرية، وفي المدينة وفي القبيلة وفي كل مكان تتصل به اتصالا حسنا، وتناصحه وتوجهه إلى الخير، وتتعاون معه على البر والتقوى بالأساليب الحسنة، بالعظة والتذكير بالكلام الطيب، بالرفق لا بالعنف.
وهكذا مع الإمام الأعظم في الدولة، ومع الوزراء في مسئولياتهم، ومع القضاة ومع الدعاة ومع إخوانك في الله جميعا تتعاون معهم ، هكذا يكون طالب العلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم » ، أخرجه مسلم في صحيحه. وفي الصحيحين عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: «بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم» ، وقال عليه الصلاة والسلام: «نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع» ، وفي لفظ: «رب حامل فقه ليس بفقيه» ،
وفي لفظ: «ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه » . وقال في إحدى خطبه عليه الصلاة والسلام: «فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع» ، والناس بخير ما تعاونوا على البر والتقوى، مع ملوكهم وأمرائهم، ومع قضاتهم ومع الدعاة إلى الله، وجميع المسلمين، لكن مع مراعاة الأساليب الحسنة، والرفق والحكمة، وقد جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:« من يحرم الرفق يحرم الخير كله» ، رواه في الصحيح عن جرير بن عبد الله، وعن عائشة رضي الله عنهما ، وفي رواية له عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: «إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه» . ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه » ، ويكفي في هذا قول الله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[ النحل :125] وقول الله تبارك وتعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[ آل عمران: 159] وفي قصة موسى وهارون عندما بعثهما الله إلى فرعون يقول الله سبحانه لهما: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[ طه: 44] )) ا.هـ ([6] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=140710#_ftn6))
وأيضا مما جاء عن الشيخ من حرصه على نشر العلم ونفع الخلق ما جاء في (الإمام ابن باز دروس ومواقف وعبر)( ص 93 ـ 94) : (( ومن عجيب حرص الشيخ ـ رحمه الله ـ على نشر العلم والخير وعدم مبالاته بكثرة الجمع أو قلته ما حدثني به الشيخ عبدالمحسن العباد ـ أثابه الله ـ أن الشيخ عمر فلاته ذكر أنه عندما كان سماحة يدرس في المسجد النبوي وكان يحضر حلقته عدد قليل بينما يجتمع الحشد الكثير عند غيره من الوعاظ . فذكر له أن الحضور عنده قليل فقال سماحته : كم الحضور ؟ عشرة؟ ثم قال : عشرة وبهم بركة إن شاء الله أو كلمة نحوها ))
الإمام الألباني رحمه الله
جاء في ( الإمام الألباني دروس ومواقف وعبر)(ص 156ـ 164)
(( فمرحلة الشباب هي أخصب مراحل العمر ومن خلالها يبني المرء شخصيته ويشق طريقه في معترك الحياة لما كان الأمر كذلك عني علماء الإسلام والمربون بعلم وبصيرة بشباب الإسلام وعقدوا لهم ـ بخاصة واغيرهم بعامة ـ الدروس العلمية والتربوية التي تحفظ الشباب من فتن الشبهات والشهوات ، فأخرج الله على أيديهم ثمارا يانعة نفعت نفسها وبيوتها ومجتمعاتها .
شاهد المقال : أنه كان للإمام الألباني رحمه الله تعالى عناية كبرى بشأن الشباب وبخاصة من تلوث ببعض الشبهات وغيرها مما يعترى الشباب من حماسة غير منضبطة أو سوء خلق فكان رحمه الله رحيما بهم واسع البال طويل النفس ، يسمع منهم ويجيب على شبهاتهم أو أسئلتهم ويوجههم بما ينفعهم دون ضجر أو ملل أو كلمة نابية .
وإليك شواهد قليلة من أمثلة كثيرة :
قال باسم فيصل الجوابرة : " ... فقد كنت طالبا في المرحلة الثانوية ، وكنت في ذلك وكنت في ذلك الوقت مع مجموعة من الشباب نكفر المسلمين ولا نصلّي في مساجدهم بحجّة أنّهم مجتمع جاهليّ !
وقد كان المخالفون لنا في الأردن يُهدّدوننا دائمًا بالشّيخ محمّد ناصر الدّين الألباني، وبأنّه هو الوحيد الّذي يستطيع أن يُناقشنا، ويقنعنا، ويرجعنا إلى الطّريق المستقيم، فعندما قدم الشّيخ ناصر إلى الأردن من دمشق حُدّث أنّ مجموعة من الشّبّان تكفّر المسلمين، فرغب في لقائنا، فأرسل صهره - نظام سكّجها - إلينا، فنقل إلينا رغبة الشّيخ ناصر بلقائنا، فأجبناه : من يريدنا فليأتِ إلينا، ولن نذهب إليه !
ولكن شيخنا في التّكفير أخبرنا أنّ الشّيخ ناصراً من علماء المسلمين وله فضلٌ لعلمه، وكبر سنّه، ويجب أن نذهب إليه، فذهبنا إليه في بيت صهره - نظام -، وكان قُبَيل العشاء، فأذّن أحدنا، ثمّ أقمنا الصّلاة .
فقال الشّيخ ناصر الدّين : نصلّي بكم أم تصلّون بنا !
فقال شيخنا التّكفيري : نحن نعتقد كفرك !
فقال الشّيخ ناصر الدّين: أمّا أنا فأعتقد إيمانكم .
ثمّ صلّى شيخنا بنا جميعًا، ونحن معه، ثمّ جلس الشّيخ ناصر في نقاش معنا، استمر حتى ساعة متأخّرة من اللّيل، فكان أكثر النّقاش مع شيخنا، أمّا نحن الشّباب فكنّا نقوم ونجلس، ثمّ نمدّد أرجلنا، ثمّ نضطجع على جنوبنا، وأمّا الشّيخ ناصر فهو على جلسة واحدة من أوّل الجلسة إلى آخرها، لم يغيّرها أبدًا، في نقاش دائم مع هذا وهذا وذاك، فكنت أستغرب من صبره وجلده !! .
ثمّ تواعدنا أن نلتقي في اليوم التّالي، وقد رجعنا إلى بيوتنا نجمع الأدلّة الّتي تدلّ على التّكفير بزعمنا، وجاء الشّيخ ناصر في اليوم الثّاني إلى بيت أحد إخواننا، وقد جهّزنا الكتب والرّدود على أدلّة الشّيخ ناصر، واستمرّ النّقاش والحوار من بعد العشاء إلى قُبَيل الفجر، ثمّ تواعدنا بالذّهاب إليه في محلّ إقامته، فذهبنا إليه بعد العشاء في اليوم الثّالث، واستمرّ النّقاش حتّى أذّن المؤذّن لصلاة الفجر، ونحن في نقاش وحوار دائم نذكر الآيات الكثيرة الّتي تدلّ على التّكفير في ظاهرها، وكذلك نذكر الأحاديث الّتي تنصّ ظاهرًا على تكفير مرتكب الكبيرة، والشّيخ ناصر كالطّود الشّامخ يردّ على هذا الدّليل، ويوجّه الدّليل الآخر، ويجمع بين الأدلّة المتعارضة في الظّاهر ويستشهد بأقوال السّلف وبالأئمّة المعتبرين عند أهل السّنّة والجماعة، وبعد أذان الفجر ذهبنا جميعنا تقريبًا مع الشّيخ ناصر الدّين إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، بعد أن أقنعنا الشّيخ ناصر بخطأ وضلال المنهج الّذي سرنا عليه ورجعنا عن أفكارنا التّكفيريّة - بحمد الله - إلاّ نفرًا قليلاً آل أمرهم إلى الرّدّة عن الإسلام بعد ذلك بسنين - نسأل الله العافية –"ا.هـ
ومن توجيهات الشيخ رحمه الله لطلاب العلم من الشباب قوله في (السلسلة الضعيفة)(4/ 8)
" أنصح لكل من يكتب في مجال التصحيح والتضعيف، أن يتئد، ولا يستعجل في إصدار أحكامه على الأحاديث؛ إلا بعد أن يمضي عليه دهر طويل في دراسة هذا العلم في أصوله، وتراجم رجاله، ومعرفة علله، حتى يشعر من نفسه أنه تمكن من ذلك كله؛ نظراً وتطبيقاً، بحيث يجد أن تحقيقاته- ولو على الغالب- توافق تحقيقات الحفاظَ المبرزين في هذا العلم، كالذهبي، والزيلعي، والعسقلاني، وغيرهم.
أنصح بهذا لكل إخواننا المشتغلين بهذا العلم، حتى لا يقعوا في مخالفة قول الله تبارك وتعالى:{ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا }[الإسراء : 36]. ولكي لا يصدق عليهم المثل المعروف: (تَزَبَّبَ قبلَ أن يتحصرم )! ولا يصيبهم ما جاء في بعض الحكم: ( من استعجل الشيء قبل أوأنه؛ ابتُلي بحرمانه) ، ذاكراً مع هذا ما صح من قول بعض السلف: (ليس أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ويؤخذ من قوله وُيترك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ). انظر (صفة الصلاة)( ص 28)
أسأل الله تبارك وتعالى أن يُسدد خطانا، ويصلح أعمالنا ونوايانا؛ إنه سميع مجيب. " ا.هـ
ومن لطيف كلامه وصادق نصحه للشباب ـ أحسبه كذلك والله حسيبه ـ قوله رحمه الله ـ :" ..لذا فإني ناصح أمين لطلاب العلم الشُّداة بثلاث :
1 ـ أن يتعلموا العلم لأنفسهم .
2 ـ أن يكون هو شاغلهم وهمهم .
3 ـ وأن لا يعجلوا في أمر لا ينال إلا بالتريث وإدامة البحث والنظر في خوافيه وقوادمه .
ثم ليعلموا رابعا : أن التصحيح والتضعيف في هذا العلم الشريف يدور بين الصدق والكذب ، وما لم يكن مريد الاشتغال بهذا العلم حاذقا فيه فإنه يلبس عليه فيه فيقع في الكذب وهو يريد الصدق وكفى بذلك إثما ، والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس ككذب على أحد ، إنه أقرب إلى الكفر ، بل هو بالتعمد كفر بواح "([7] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=140710#_ftn7)) ))
وقال في ( ص 168 ـ 169) : (( حدث بعض تلامذته أنه كان يتصل بالشيخ كل يوم ، وفي يوم من الأيام لم يفعل ذلك ، فما هو إلا أن يدق جرس الهاتف ويتبين للأخ أنه الشيخ الإمام الألباني ، وأنه افتقد هذا الأخ لعدم اتصاله فسارع للسؤال عنه .
ودخل هذا الطالب نفسه المستشفى لحادث وقع له ، وإذا بالشيخ الإمام يأتي لزيارته في المستشفى ، قال : فأثرت هذه الزيارة فيّ وفي أهلي الشيء الكثير .
ومما ذكر عنه رحمه الله أنه كان يمر على بيوت تلامذته بنفسه يوقظهم لصلاة الفجر .
وقال حسن بن خالد عشيش : أن الشيخ قد عرف بالتواضع الجم الذي لا يدانيه فيه أحد ، فأذكر في عام 1965م أو 1966م كان عمري يومها بين الخامسة عشرة والسادسة عشرة بعثت له برسالة أنا وأخ سلفي ندعوه فيها أن يقدم علينا ، ولا نتخيل أن الشيخ يلبي نظرا لصغر السن وأنه لا يعرفنا ، فما هي إلا أيام وإذا بالشيخ الألباني يأتي إلى بيت الأخ الذي أشرت إليه ، وإذا بالأخ يأتيني ويقول : بشراك ، قلت له : ماذا ؟
قال : إن الشيخ الألباني قد لبى دعوتنا ، فذهبنا في الشارع كالمجنونين "))
وقال في ( ص 170) ناقلا عن أحد تلامذته : (( وكم كان يتصل ببعض تلاميذه يستشيرهم ويسألهم عن أمور علمية وحديثية وسألني عدة مرات عن أمور لغوية مع إنه هو مرجعي في اللغة وغيرها ))
وقال في ( ص 96 ـ 97) : (( قال عصام هادي : ذهب شيخنا ـ الألباني ـ مرة لتصليح سيارته وبينما هو في الكراج إذ تقدم منه شاب فسلم عليه وقال : يا شيخنا ، أنا طالب في المعهد الشرعي وعندنا الدكاترة يتكلمون عليك ويطعنون بك وخصوصا فلان وفلان ، فقال شيخنا : يا أخي كفى بالرجل كذبا أن يحدث بكل ما سمع ، وإذا هبت رياحك فاغتنمها ، سل عما يفيدك في دينك ))
ومن نصائحه رحمه الله لطلبة العلم أن لا يجلسوا إلى أهل البدع والأهواء أو أن يناظروهم

قال في (سلسلة الهدى والنور)(ش637/ ب) : ((لا أنصح أي أخ منا من إخواننا أن يلتقي مع هؤلاء إلاّ إذا كان مليئا بالعلم الصحيح من الكتاب والسنة، لأنهم أهل أهواء وأهل شبهات فإذا لم يكن من يريد أن يناظرهم وأن يقيم الحجة عليهم قد جمع بين العلم والعقل معاً فيُخشى أن يصاب في نفسه في عقيدته بشيء من أهواءهم ولذلك كان السلف الصالح يبالغون كل المبالغة في نهي المسلمين عن مجالسة أهل الأهواء ))

الإمام ابن عثيمين رحمه الله
جاء في ( الدر الثمين)(ص 321 ـ 332) : (( قال خالد المصلح صهر الشيخ :" شيخنا رحمه الله كان أبا حانيا على تلاميذه ، حريصا عليهم غاية الحرص ، كان رحمه الله يخصهم بعناية فائقة من حيث تزويدهم بالعلم والجوانب العلمية ، بل حتى في قضاء حوائجهم الخاصة ، فكان رحمه الله حريصا على تهيئة المكان المناسب لهم وما يتعلق بذلك مما يحتاجون إليه .
وكان رحمه الله يرتب لهم مكافآت شهرية سوى ما يعطيهم لسد حوائجهم من شراء الكتب أو إنهاء المعاملات وغير ذلك ....
وبعد هذا يتناول معه رحمه الله طعام العشاء على مائدة واحدة يتزاحمون على القرب منه ولا يخلو المجلس من مداعباته ، يدخل بها السرور على تلاميذه ويشعرهم بقربه منهم وأنه لهم كالأب"
وفي مجال التدريس عرف عن الشيخ أسلوبه المميز في توصيل المعلومة بأسهل طريقة إلى المتعلمين والسامعين ، فلم يكن من أنصار أسلوب التلقين ، بل كان يتبع أسلوب التفاعل عبر السؤال والجواب الأمر الذي يشد انتباه الطلاب ، ويضمن دوام المتابعة ...
رأى أحد طلابه شاردا في الدرس ، فأوقفه وسأله : هل أنت فاهم ؟ فأجاب الطالب : إن شاء الله ، فسأله الشيخ : هل على رأسك (شماغ) ؟فأجاب : نعم ، فقال الشيخ : لِم لم تقل إن شاء الله ؟
وأعاد الشيخ المسألة حتى تأكد من فهم الطالب لها .
ولم تكن علاقة شيخنا بتلاميذه مجرد علاقة علمية ، فهو مربٍّ قبل أن يكون معلما يزور تلاميذه ، ويتفقد غائبهم ، ويعين محتاجهم .
أهدى إليه الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله عمارة ، فأوقفها لسكن طلابه مجانا ، فافتتح لهم مطعما وفرغ لهم عاملا ليعد لهم الطعام ، وهيأ لهم مكتبة للكتب وأخرى للأشرطة .
يقول الطالب يحيى ستيفن ( من أمريكا) : " قد جئت هنا منذ سنة ونصف ودرست على يد الشيخ مدة سنة كاملة ، لقد كان الشيخ رحيما رؤوفا بي لأنه يعرف حالي ، فأنا قد أكون أضعف على الثبات من غيري ، فإذا أخطأت سامحني ، ولا يؤاخذني ، رغم أنه قد يعاقب غيري وأنا ألمس ذلك ، وأظن الجميع يلاحظه ، ففرق المعاملة بيني وبين غيري واضح .
ومن أعظم ما استفدته من الشيخ هو معرفة أهمية الدين والثبات عليه والعمل بالعلم والتربية .
وأذكر أنني عندما جئت لأول مرة قال لي : أنتم من أحق الناس لهذا ، يقصد طلب العلم ، ومن هذه الحقيقة كان اهتمام الشيخ بي واضحا "
وقال الطالب خالد الجرعاوي ( تشادي) : " كان الشيخ خلال جلساته حريصا على طلابه ويقوم بتوجيههم وحثهم على الآداب مع الكبير والصغير والعامي وخاصة مع العلماء ومع الطلبة فيما بينهم .
وكان يدعونا إلى كل خير وكنا نعتبره أبا لنا ومربيا "
قال العقيد الركن علي بن محمد الخشان عن اهتمامه باللغة العربية : " هو يشرح باللغة العربية الفصيحة وينبه الطلاب للتكلم بها ، وإذا لحن القارئ طلب منه إعراب ما لحن فيه ، وإذا كثر اللحن نقل القراءة إلى غيره"
قال تلميذه خالد بن صالح النزال :" كان يكره الجدال في العلم والمخاصمة فيه ، وإيراد الإيرادات على النصوص الشرعية وربما حصل ذلك من بعض الطلاب فيزجره زجرا شديدا ، وكان ينهانا أن نذكر عنده رأي أحد العلماء المعاصرين الأحياء خوفا من الفتنة وتنقيصا لرأيهم وفي ذلك مفاسد لا تخفى .
وكان يفرح فرحا شديدا حينما يعلم أن أحدا من طلابه ألقى محاضرة أو أقام درسا وشاهدت ذلك مرارا ، وكيف أن الشيخ تظهر السعادة على محياه عندما يخبر بذلك "
قال صالح بن إبراهيم آل الشيخ :" حضر إلى الشيخ رجل أمريكي وأنا عنده ،فقال للشيخ : تتلمذت عليك في العقيدة ، فقال الشيخ : لم أرك ، فقال : عن طريق سماع الأشرطة التي سجلت فيها بعض شروحك لكتب العقيدة ، فسأله الشيخ بعض الأسئلة الدقيقة ، فأجاب إجابة تدل على فهمه واستيعابه فسر الشيخ بذلك " )) ا.هـ
وقال في ( ص 314 ـ 315) : (( قال خالد بن صالح النزال :" أذكر أني استأذنته في السفر إلى إحدى المدن للدراسة على أحد علمائها ممن قدموا من خارج هذه البلاد في أصول الفقه ، وكان هذا العالم قد عرف بجهله بعقيدة السلف الصالح ، فنهاني الشيخ رحمه الله من السفر إلى ذلك الرجل ، وقال : ائت لي بالمتن الذي تريد دراسته على ذلك الرجل وسأشرحه في طريقي إلى البيت بعد صلاة الفجر من كل يوم .
وكان ذلك في سنة 1414 هـ
فهذا من حرصه رحمه الله على عقيدة السلف وكان يأمر ألا تؤخذ إلا ممن عرف بالعقيدة السليمة "))
قال في ( ص 282 ـ 283) : (( قال إبراهيم الخضيري :" كان يتحمل كثيرا من الانتقادات التي كانت توجه إليه من بعض الطلبة أذكر موقفا طريفا أنه رحمه الله صلى في عنيزة فسجد للسهو بعد السلام ، فقام أعرابي وقال : يا أخي إذا كنت لا تعرف تصلي فلا تتقدم ، فهم طلبته بالأعرابي ن فاعتذر له الأعرابي بعد ذلك "
وقال حمد بن عبدالله الجطيلي :" كان لنا معه أحد مواقف كثيرة ، فقد درست عنده وخلال ثلاثين عاما في حلقات الجامع الكبير بعنيزة ، حتى أنه لم يكن في بعض حلقات الدرس إلا أنا وآخر فقط ، وصبر على ذلك حتى أصبحت الحلقة بالمئات "
وقال أحمد بن عبدالرحمن القاضي :" كان حريصا على دوام الدرس بين العشاءين فلم يفت في عضده انتظام الناس وندرة الطلبة في فترة من الفترات ، فلقد رأيته رحمه الله أكثر من مرة في أواخر التسعينات الهجرية وليس أمامه إلا طالبان فقط ، فما يمنعه ذلك من الشرح والاستقراء والتفصيل ، وكأن المكان غاصا بطلاب العلم ، فقد علم الله صدق نيته وحسن قصده فجعل أفئدة الطلاب تهوي إليه من أصقاع الأرض ، فلربما اجتمع في بعض دروس الفقه 500 أو يزيدون " )) ا.هـ
قال في ( ص 353 ـ356 ) : (( إن الشيخ رحمه الله قد خصص للفتوى وقتا معينا إلا أن المتتبع للأمر لا يكاد يحصرها بوقت معين فقد كانت في المسجد أو في طريقه إلى المنزل أو في سفره وتنقلاته وحتى في حضور المناسبات وبعد دروس المسجد الحرام مع أنه قد خصص وقتا للفتوى عبر الهاتف من بعد صلاة الظهر حتى إذا جاء وقت غدائه قرب الهاتف عنده ، فهو وإن كان يغذي جسمه بما يحتاج لما يقيمه إلا أنه في الوقت نفسه يغذي بل يشفي غليل سائليه بما أشكل عليهم .
وكان بعض النساء يأتين إلى الجامع ليسألن الشيخ عن بعض أمورهن ، فيخرج لهن عند باب المسجد وربما أخر الدرس أحيانا حتى تقضي المرأة مسألتها ، وإذا سافر من عنيزة سجل في هاتفه الرقم الذي سيكون عليه في البلد الآخر حتى يسهل الاتصال به ..
اعتاد الشيخ أن يذهب إلى المسجد ويعود منه على قدميه ـ مع بعد المسجد عن بيته ـ وإن كان هذا الوقت من الزمن قد لا يأبه به كثير من الناس إلا أن شيخنا رحمه الله قد رأى لهذا الوقت قيمته ، ففي ذهابه خصصه لنفسه ، وفي إيابه جعله للناس ، فكم من كتاب قد صحح عليه وقرئ عليه ، ناهيك عن أصحاب الحاجات والفتاوى الذين يرافقونه حتى يصلوا إلى بيته ، بل يقف عند الباب أحيانا حتى ينهي حاجة سائليه
ولما للشريط من سهولة في التداول والاستماع فقد أولى رحمه الله الشريط عناية خاصة ، حيث إن جميع دروسه وفتاواه السابق ذكرها قد سجلت إلا ما ندر ، حتى إنه خص إحدى دور التسجيل بإخراج دروسه وفتاواه لتتوحد العناية بها ، وهي مؤسسة الاستقامة الإسلامية بعنيزة )) ا.هـ
قلت ( بشير) : ومما اعتنى به الشيخ في هذا الباب ما ألفه وشرحه من المتون العلمية ، فحق أن الشيخ رحمه الله بهذه المشاريع العلمية التي قام بها وقدمها للأمة الإسلامية يعد مدرسة إسلامية بجميع مراحلها ،
لا يستغنى عنها أهل الإسلام كبيرهم وصغيرهم .
يقول عصام بن عبدالمنعم المري في ( الدر الثمين )( ص 358 ـ 364) :
(( قال الشيخ عن التأليف والمؤلفات : " مَنْ ألّف فقد استهدف ، ولكن الذي شجعنا على التأليف أمران : أحدهما : أن المؤلف يحرص غاية الحرص على أن يتعمق في المادة التي يريد التأليف فيها .
وهذه فائدة عظيمة للمؤلف .
أضف إلى ذلك أنه إذا تعمق فيها وقيّد ما تعمّق به في هذه المؤلفات فستمكث في نفسه أكثر "
وقال شيخنا عبد المحسن بن حمد العباد البدر عن مؤلفات الشيخ :
" كثيرة، صغيرة الحجم، عظيمة الفائدة، أغلبها تتعلّق بالعقيدة والفقه"
من آثار الشيخ [ مما ألفه أو جُمع له ] :
01- فتح ربّ البريّة بتلخيص الحمويّة ، ( أول كتاب ألّفه ) .
02- الأصول من علم الأصول .
03- مصطلح الحديث .
04- رسالة في الوضوء ، والغسل ، والصلاة .
05- تسهيل الفرائض .
06- المنهج لمريد الحجّ والعمرة .
07- رسالة في كفر تارك الصلاة .
08- رسالة في الأضحية والزّكاة .
09- مجالس شهر رمضان .
10- شرح العقيدة الواسطية ، لشيخ الإسلام ابن تيمية .
11- القول المفيد شرح كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمّد بن عبد الوهّاب .
12- شرح بلوغ المرام ( مجلّد واحد ) لم يكتمل .
13- عقيدة أهل السنة والجماعة .
14- القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى .
15- رسالة في الحجاب .
16- رسالة في صلاة أهل الأعذار وطهارتهم .
17- رسالة في مواقيت الصلاة .
18- رسالة في المداينة وأقسامها .
19- رسالة في وجوب زكاة الحليّ .
20- الضياء اللامع من الخطب والجوامع .
21- رسالة في علاج الوسواس في ضوء الكتاب والسنة .
22- رسالة في مشكلات الشباب .
23- رسالة في المسح على الخفّين .
24- رسالة في الدّماء الطبيعية للنساء .
25- رسالة في زاد الدّاعية إلى الله .
26- حقوق دعت إليها الفطرة وقرّرتها الشريعة .
27- رسالة في الخلاف بين العلماء ، أسبابه وموقفنا منه .
28- رسالة في سجود السهو .
29- اثنان وخمسون سؤالاً عن أحكام الحيض .
30- مجموع فتاوى الحرم المكّي .
31- مختارات من اقتضاء الصّراط المستقيم .
32- مختارات من زاد المعاد لابن القيّم .
33- مختارات من إعلام الموقعين .
34- رسالة في الوصول إلى القمر .
35- نبذة في العقيدة الإسلاميّة ( وهي نفيسةٌ جداً ) .
36- رسالة في أصول التفسير .
37- كتاب الدّعوة .
38- إزالة الستار عن الجواب المختار ( فتاوى في العقيدة ) .
39- فتاوى التّعزية .
40- أسئلة من بعض بائعي السيارات .
41- الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات .
42- شرح ثلاثة الأصول .
43- شرح كشف الشبهات .
44- المنتقى من فرائد الفوائد .
45- فتاوى نورٌ على الدّرب .
46- قتاوى أركان الإسلام .
47- ألفاظ ومفاهيم في ميزان الشريعة .
48- الشرح الممتع شرح زاد المستقنع ( 1-8 ) .
49- من أحكام القرآن ( جزء ) .
50- فقه العبادات .
51- فتاوى منار الإسلام .
52- لقاء الباب المفتوح ( 1-70 ) .
53- شرح رياض الصالحين ( 1-7 ) .
54- اللقاء الشهري ( 1-74 ) لم يطبع كلّه .
55- مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين ، جمع وترتيب الشيخ فهد بن ناصر السليمان ، وفيه أكثر الرسائل السابقة .
56- الصيد الثمين في رسائل ابن عثيمين .
57- فتاوى ابن عثيمين ، جمع أشرف عبد المقصود .
58- تفسير آية الكرسي .
59- شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد ، لابن قدامة المقدسي.
60- تعليق على العقيدة الواسطية ( مبسّط غير الشرح الموسّع ) .
61- الإبداع في كمال الشرع وخطر الابتداع .
62- رسالة في أحكام الميّت وغسله .
63- منظومة في أصول الفقه ، وقواعد فقهيّة ، ط: دار المحمدي بجدة . قال في أولها :
الحمْدُ لله المعِيد المبْدي معطِي النّوال كلّ مَن يستَجْدي
وهَاك مِن هَذي الأصُول جُملاً أَرجُو بِها عالِ الجِنان نُزلاً
قَواعدُ مِن قوْل أَهلِ العلْمِ وَلَيْسَ لي فِيهَا سِوى ذا النّظمِ
64- رسالة في الرّبا وصوره ، وأقسام الناس فيه .
65- رسالة في الحكمة من إرسال الرّسل .
66- رسالة في شرح أصول الإيمان .
67- رسالة في الزواج .
68- شرح نظم الورقات للعمريطي ( مكتوب على الحاسب ومصوّر ).
69- شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري ( مكتوب على الحاسب ومصورّ ) .
70- كتاب العلم .
71- فتاوى وتوجيهات في الأجازة والرحلات .
72- رسالة في القضاء والقدر .
73- تفسير الفرائض ( وهو غير تسهيل الفرائض )
74- حكم الطلاق بالثلاث ( مخطوط ) .
75- نيل الأرب من قواعد ابن رجب ( مخطوط ) .
76- تخريج أحاديث الرّوض المربع ( مخطوط ) .
77- شرح عمدة الأحكام ( مخطوط ) .
78- أحكام قصر الصلاة للمسافر ( مخطوط ) .
79- نبذ في الصيام .
80- تقريب التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية .
81- شرح الأصول الستّة للشيخ محمد بن عبد الوهاب .
82- مجالس رمضان .
83- جلسات الحج .
84- فتاوى الصّيد .
85- الاختيارات والترجيحات .
86- فتاوى سؤال من حاجّ .
87- 70 سؤالاً في أحكام الجنائز .
88- الإخلاص .
89- الوصايا العشر .
90- العقيدة وأثرها .
91- المتابعة وقبول العمل .
92- بعثة الرسول
93- شرح حديث جبريل .
94- التوحيد ومعنى الشهادتين .
95- دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر .
96- رسالة في مكارم الأخلاق . )) ا.هـ
الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله
قالت أم عبدالله في ( نبذة مختصرة من نصائح والدي العلامة مقبل بن هادي الوادعي )(ص 42 ـ )

(( فهو رحيم بالكبار والصغار وبالذكر والأنثى والأطفال يحبونه كثيرا لمنزلته ولإحسانه إليهم فهو جدير أن يقال فيه وبدون أي مبالغة : لقد كان خير الناس للناس في هذا الزمن ، وخصوصا لطلبة العلم فهو يرى طلبة العلم أبناءه .
وكان يجد مشقة إذا نقصت حوائج الطلاب بل كان يقول : إنه لا يجد مشقة أكبر من هذا عليه .
وكان أمرني رحمه الله أن أكون أما لطالبات العلم ، وأن أشفع عنده لمن كانت محتاجة منهن إما لعلاج أو قوت ضروري وما شابه ذلك .
ومن رحمته أنه يغضب إذا امتنع أحد عن التدريس لإخوانه .
ومن رحمته أنه يستغل جلوسه بين الناس بالوعظ والإرشاد والفوائد والنوادر والمذاكرة فلا يكاد يخرج منهم أحد إلا وقد استفاد .
ووعظه مرغوب فيه جدا ويختار ما يناسب القوم وأفهامهم ولا يطيل ، كلمات موجزات لا يملها أحد .
ومن رحمته بالناس أنه يرسل الدعاة إلى الله في اليمن وخارج اليمن لنشر دين الله وتعليم الناس الخير ، وتحذيرهم من الشر .
ومن رحمته أنه يغرس في القلوب محبة العلم ، فيذكر ما كان عليه سلفنا الصالح من الصبر على المشاق في تحصيل العلم ..
ويذكر فضل العلم النافع وأنه سبيل إلى الجنة فكل من سمعه وهو حي بقلبه يرغب في العلم رغبة شديدة ويتحمس جدا للخير وتعلو همته .
ومن رحمته قوله للطلاب : يا أبنائي والله لو كان العلم يسقى في كأس لأسقيتكموه ، ولكن لا يتحصل عليه إلا بكد وحك الركب ، وقد قال يحيى بن أبي كثير لولده عبدالله : " لا يستطاع العلم براحة الجسم " أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الصلاة .
ومن رحمته اهتمامه بالإخوة الأعاجم خصوصا ، فيقوم بعض الأحيان بتعليمهم شيئا من الكلمات العربية ، ويقول : ما يضرك لو تجلس معه ، أي : في تعليمه .
ومن رحمته أنه ذات مرة وهو في السعودية في مرضه المعروف أعطي مبلغا من المال ، فأرسله للنساء المهاجرات ، في مركز دار الحديث بدماج .
ومن رحمته أنه لا يريد أن يضيق صدر أحد من طلبة العلم وفي ذات مرة جعل أحد الأقرباء يتنازع مع بعض طلبة العلم فسمعته رحمه الله يقرأ قوله تعالى :{ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا ...} الآية )) ا.هـ
ومن نصائحه وتوجيهاته للطلبة ، تقول أم عبدالله في ( ص 56 ـ 67) : (( ـ ينصح كثيرا بالاهتمام بالعقيدة ، فقد قال : الاهتمام بشأن العقيدة أمر مهم جدا ، فالمسلم بدون العقيدة لا يستطيع أن يثبت أمام أعدائه, ولا أن يتصرف تصرفا إسلاميا, من أجل هذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بدأ بالعقيدة، وحياته كلها دعوة إلى العقيدة والأحكام متخللة لذلك والأعمال .
ـ يوصي بالاستقامة فيقول: لو استقمنا لنصرنا, فقد وعدنا الله بالنصر. قال تعالى:{ إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم }[محمد : 7] ، وقال تعالى :{ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ}[مُحَمَّدٍ: 17] ،
وأنت يا طالب العلم من أحق الناس بالاستقامة حتى لا تطمس بصيرتك :{ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[الصف :5] ، وقال تعالى :{ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ}[التوبة :127]
ـ يحث على الصبر على المدعوين, قال: منهم الجاهل, ومنهم المعاند, ومنهم الحاسد, ومنهم الفاسق, قال تعالى : { و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما }[الفرقان :63]، وقال تعالى :{ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}[القصص :55] ، فعلم السنة حتى ييسر الله لك بأنصار: { فاصبر صبرا جميلا }
ـ كما أنه يوصي بالتيسير على الناس, وعدم التنفير عن دين الله ، فيقول : ينبغي لطالب العلم أن ييسر, وليس معناه أنه مفوض في دين الله, ولكن إذا وجد رخصة يفرح بها للمسلمين ، كما قال سفيان الثوري : إنما العالم الذي ييسر للناس ، وأما التشديد والتعسير فكل يحسنه .
وهكذا الأمور العاديات ينبغي أن يربط الناس بالكتاب والسنة ، ولا يجعلها أكبر همه ويحبب إلى الناس الكتاب والسنة ، وإذا أحبوا ذلك استسلموا وابتعدوا عن المحظورات ، ويخشى على المتشدد أن ينفر الناس عن دين الله فيحمل شيئا من الإثم ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول :" يسروا ولا تعسروا "
, و يقول صلى الله عليه وسلم : { بعثت بالحنيفية السمحة }
ـ ولما كانت الغربة عن الوطن عزيزة على النفس, تراه يصبر الطلاب, ويذكر لهم فوائدها ، فمن كلامه : الغربة عن الوطن تخرج رجالا, فالنبي صلى الله عليه وسلم تغرب وكذلك أصحابه.
وقد قال بعض العلماء : العلم غريب .
والرحلة فيها خير وبركة ، والشيء الذي يحصل بتعب يكون الشخص حريصا عليه ، ولكن الذي يكون موافقة ربما لا يحرص عليه ، إلا إذا كان كالإمام الشوكاني لم يرحل بسبب والديه ، ولكنه رحمه الله سمع من علماء اليمن ، ونفع الله به.
ونحن الآن في زمن الغربة ، فربما يسخر الأب بابنه فما أكثر المستضعفين وما أكثر المظلومين .
ـ يوصي طلابه بالوثوق بمدرسيهم, حتى يستفيدوا منهم.
ـ يحذر من الحزبية المقيتة, والبدع النتنة, ومجالسة أهلها فيقول رحمه الله : إن التعاون مع أهل البدع هو الذي ميِّع الدعوة, وهو الذي جعل أفغانستان مجزرة المسلمين بسبب أنهم كانوا خليطا, فهذا حزبي, وهذا صوفي, وهذا إخواني, فلابد من تميز وابتعاد عن كل مبتدع ، فالذي ننصح به هو الابتعاد عنهم ، فهم من ذوي الزيغ كما قال أبوقلابة : لا تجالسوا أهل الأهواء والبدع فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالهم ويلبسوا عليكم بعض ما تعرفون .
وقد رأيت أن الذي يقصم ظهور المبتدعة أمرين : الأمر الأول : الجرح والتعديل .
والأمر الثاني : التميز ، أي : الانفصال عنهم ، فلا يجالسون ولا يحضر محاضراتهم .
ـ يوصي بعدم التقليد في الدين عموما, وعن تقليده خصوصا فيقول: إياكم وتقليدي فمن أنا حتى تقلدوني, ولو كنا مقلدين لقلدنا أحمد بن حنبل, بل لقلدنا أبابكر الصديق.
ويقول : لا يقلدني إلا ساقط .
وقد أجمع العلماء على أن المقلد ليس من أهل العلم ، قاله ابن عبدالبر .
وقال ابن حزم : مثل المقلد كمثل رجل في ليلة مظلمة فأعطي مصباحا ، وقال : أنا لا أحتاج إلى مصباح فأطفأ المصباح وبقي يتخبط .
فهذا أعطاه الله نورا ثم بعد ذلك يقول : أنا أقلد .
فينبغي لطالب العلم أن يكون أحسن من الصيرفي ، فالصيرفي يعد فلوسه وهو ينظر إلى شيء آخر ويعرف الزيف من غيره .
فهكذا طالب العلم ينبغي أن يكون بصيرا يعرف الحق من الباطل والزيف من غيره ، وأعظم داء دخل على المسلمين التقليد .ا.هـ
ـ يحذر من الاختلاط, و يقول :إن الاختلاط في المدارس إساءة إلى التعليم.
ـ يحث على الحياء, ويقول : الحياء خلق فاضل, والذي يستحي يترك كثيرا من المنكرات,"إذا لم تستحي فاصنع ما شئت".
ـ ينصح إعانة المرأة على الخير وطلب العلم, بحيث يهيأ لها ما يعينها على طلب العم, ويأخذ الأب أبناءه الكبار معه. )) ا.هـ بالاختصار
ومن حرص الشيخ رحمه الله على الدعوة و تفقد أحوال شبابها ما قاله في كتابه ( المصارعة)(ص 85)
(( إنه لن يقف أمام هذه الأباطيل إن شاء الله إلا أهل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اتحدوا ، ويا حبذا لو وقف علماؤنا للقيام بزيارة للدعاة إلى الله المخلصين ، فالداعية الذي باليمن لا يعرف ما حال أخيه الذي بالسودان أو الذي بمصر لا يعرف حال أخيه الذي في الخليج ، وهكذا هذا أمر نحن مفرطون فيه ، وألا ترون كيف أهل الدنيا يسافرون ويقطعون الفيافي والقفار ! ونحن الدعاة إلى الله محتاجون إلى أن يتفقد بعضنا بعضا وإلى أن يوجه بعضنا بعضا ، والمؤمن مرآة أخيه فينبغي لأهل السنة أن يعرفوا أحوال بعضهم بعض فمن وجدوا أنه ينقصه رجال في التعليم أمدوه برجال ومن وجدوا أنه ينقصه عدم قدرة على الدعوة إلى الله وجهوا إليه الدعاة إلى الله ومن وجدوا أنه ينقصه شيء من المال مدوه .
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيح :" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ها هنا بحسب أمريء من الشر أن يحقر أخاه ، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه "
رواه مسلم ، وفي الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " .. هكذا الواجب على أهل السنة أن يتفقد بعضهم بعضا ، ولقد أهملنا ، حتى إخواننا باليمن نحن مقصرون فيهم ، فكم من قرية بها رجل يحمل بها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يبقى وحيدا ويظن أهل قريته أنه أتى بدين جديد فيحارب ، فإذا أتاه الدعاة إلى الله هذا يأتيه من صعدة وذاك يأتيه من الحديدة ، وذاك يأتيه من تعز وذاك يأتيه من مأرب وذاك يأتيه من البيضاء ، شعر أهل بلده بأن الرجل ليس وحده ، هم يظنون يا إخواني في الله أننا أتينا بدين جديد ، لكن إذا تعاونا وأظهرنا لهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أهل الباطل سينكفون ويتقمعون )) ا.هـ
ومن تواضع الشيخ لطلبة العلم وتشجيعه لهم على الطلب والتحصيل أنه سئل رحمه الله : هل من حقي أن أقول عن الشيخ مقبل بن هادي أنه شيخي بمجرد سماع الأشرطة أو قراءة كتبه؟
فأجاب : الله سبحانه وتعالى يقول : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } فالأولى أن تقول إنه أخي ويقول الله سبحانه وتعالى: { فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } والنبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول :"الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ " ، ويقول: " وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا "، فأنا أخوك في الله وهذا هو الأولى أما هل يجوز هذا أم لا يجوز نحن نذكر هذا لأنه ما كان يقال عن الشيخ علي بن أبي طالب وعن الشيخ أبي بكر وعن الشيخ فلان وفلان { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } أما مسألة الجواز نحن أرشدنا إلى ما هو الأولى مسألة الجواز الذي يظهر أنه جائز من حيث الوجادة فأنت وجدت كتاباً يباع في السوق ولم أنكره وعليه اسم مقبل بن هادي فلا بأس أن تقول بهذا إنه يعتبر شيخاً لي ويعتبر معلماً لي لأنني استفدت من كتبه.
وها أنا أيضاً ألحق الوجادة الإيجازة , و الإيجازة تزيد الوجادة قوة لأن الوجادة هي تعتبر أدنى مراتب التحمل فالإيجازة تزيدها قوة : والحمد لله رب العالمين وها أنا أجيزكم جميعاً بل أشكر لمن تعاون في نشر كتب السنة وجزاه الله خيراً .
ثم بعد ذلك نحن ننصح أخانا في الله للإقبال على طلب العلم وأن لا يبقى عالة على فلان ولا على فلان وينبغي أن تحدثه نفسه أن يكون إن شاء الله أعلم من الشيخ ناصر ، وأعلم من فلان وفلان فإن لم تحدثه نفسه أن يكون أعلم فلتحدثه نفسه أن يكون مشاركا له في طلب العلم ويأخذ من حيث أخذ أهل العلم ، فإننا نحن الآن ننقل من كلام أهل العلم ومن كتب أهل العلم حتى إن كتبي لو أعطيت كل كلمة جناحا وطارت إلى موضعها لبقيت الصفحات بيضاء ننقل من كلام أهل العلم والحمد لله .
فنحن ننصح أخانا جزاه الله خيرا أن يتفقه في دين الله وأن يحرص كل الحرص على مجالسة أهل الخير وأن يكون له مكتبة ... فاحرص كل الحرص بارك الله فيك على مجالسة العلماء الصالحين الذين يعملون لوجه الله وإن لم يتيسر لك ذلك فاحرص على اقتناء الكتب الطيبة واجتهد وإن شاء الله إنك ستكون بإذن الله أعلم من فلان وفلان والحمد لله )) ( إجابة السائل على أهم المسائل)(ص 564 ـ 565)
ومن نصائحه وتوجيهاته للطلاب ما قاله في ( الفواكه الجنية في الخطب والمحاضرات السنية)( ص 138)
(( إن من إخواننا أهل السنة وإن من إخواننا المسلمين من يحب العلم لكن يريد أن يجعل العلم تابعا للدنيا ، نحن نريد أن نجعل الدنيا تبعا للعلم ، ولا يفلح أحد من طلبة العلم إلا إذا جعل الدنيا لوقت فراغه ، أما أن يجعل العلم لوقت فراغه .. فينبغي يا إخواننا في الله إذا عرفنا قدر العلم وعرفنا قدر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفنا الخيرات التي نحن فيها بحمد الله ينبغي أن نجعل أوقاتنا لطلب العلم ولست أدعو الناس كلهم أن يتعلموا فإن هذه دعوة محال لا يكون الناس كلهم علماء ولكننا ندعو من رزقه الله فهما ومن رزقه الله غيرة على هذا الدين )) ا.هـ
من صبره وحلمه على طلابه ما ذكره في ( قمع المعاند)(ص 139) : (( عبدالله بن غالب عند أن كان صغيرا كان لعابا وتحملناه لذكائه ، فلم نستطيع ثم طردناه ، بعد أن طردناه مكث ما شاء الله ورأيت قصيدة له في الرد على الشيعة ، وقلت : مثل هذا ينبغي أن يغض الطرف عنه ، ارجع يا عبدالله بن غالب ، ورجع عبدالله بن غالب ... ثم خرجت رحلة مكثت فيها قدر شهر ،ما رجعت إلا والإخوة قد انقسموا إلى حزبين ، عبدالله مع طائفة ، وطائفة أخرى فبقيت قدر شهر لعلي أعالج الموضوع ولا نحتاج إلى طرد ، ثم اضطررنا إلى الطرد مرة أخرى بعد أن طردته ، أقرأ عليكم القصيدة التي أرسلها إليّ ، وكثيرا ما أقرؤها وأبكي ، أسأل الله العظيم أن يهديك يا عبدالله بن غالب ...
ونحن لم نطرد الإخوة ، ولم نفارق الإخوة إلا من أجل الحزبية ، لم نفارقهم من أجل الدنيا ، ولم نفارقهم لأجل أن نكون الرؤساء عليهم ، لكن فارقناهم من أجل الحزبية ، والخلاف بيننا وبينهم من قبل أن تنشأ جمعية الحكمة من قبلها بأربع أو خمس سنين ، منذ أتى عبدالله السبت من الكويت فما زال الخلاف من ذلك الوقت وأنا أغض الطرف ، وأقول : لعل ، ولعل ...)) ا.هـ
قلت ( بشير) : فأين صبر وشفقة يحيى الحجوري ـ هداه الله ـ على الدعوة السلفية وأهلها وهو يدعي أنه خليفة الإمام مقبل الوادعي ـ رحمه الله ـ ، حتى أصبح من أمره أنه يؤلب ويحرض الصبيان والأحداث والسفهاء على الطعن والسخرية من مشايخ الإسلام وقدوة الأنام الذين هم مشايخه وأكبر منه سنا وعلما !!
ومن نصائحه للناشئة والمبتدئين أن ينشغلوا بالطلب والتحصيل وحفظ القرآن ، وأن لا يضيعوا الوقت فيما هو سائر من الخلاف بين العلماء أو مجادلة الحزبية ، يقول رحمه الله في (غارة الأشرطة)(1/ 73)
(( ما حدث بين أهل العلم الذي ليس تجريحا من قبل العقيدة فينبغي أن ينزل كما قلت منزلته ، ثم إنني أنصح طلبة العلم بالإقبال الكلي على طلب العلم وعدم الالتفات إلى هذه الأمور التي ليست بضائرة ، فلا تشغل نفسك بالتعصب لفلان ولا التعصب لفلان ، بل أقبل على طلب العلم ))
ومن صبره وتواضعه للطلبة وجوابه على أسئلتهم وإن تكررت ما قاله في(غارة الأشرطة)(1/ 406)
(( فهذه أسئلة قد تكررت مرارا ، ولكن من باب الدعوة ونشر العلم والخير نجيب عليها فرب سائل يسأل من الجزائر ، وربما لا يصل الشريط إلى صاحب شبوة ، أو آخر يسأل من نجد وربما لا يصل الشريط إلى صاحب البيضاء ، فنضطر إلى الإجابة عن الأسئلة ))


كتبه وجمعه الفقير إلى الله

بشير بن عبدالقادر بن سلة


يتبع إن شاء الله بالجزء الثاني ...



([1]) مقدمة كتاب ( الشيخ حافظ الحكمي حياته وجهوده العلمية والعملية) للعلامة زيد المدخلي ـ حفظه الله ـ
([2]) ( المنهج القويم في التأسي بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم)(ص 17 ـ 20) للعلامة زيد المدخلي
([3]) ( الإمام الألباني دروس ومواقف وعبر)(ص 7)
([4]) سعد الداود هو رئيس الحرس الخاص بسماحة الشيخ رحمه الله
([5]) (مجموع فتاوى ابن باز) (3/ 130)
([6]) (مجموع فتاوى ابن باز)(7/214 ـ 225)
([7]) من ضمن الكلمة التي ألقيت عنه رحمه الله بمناسبة فوزه بجائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية .

أبو بكر يوسف لعويسي
28-Oct-2013, 05:40 PM
جزاك الله خيرا جهد طيب مشكور عليه واصل بارك الله فيك .

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
28-Oct-2013, 08:55 PM
جزاك الله خيرا أخي وبارك الله في عملك

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
29-Oct-2013, 10:03 AM
بارك الله في الشيخ المفضال أبي بكر يوسف على مروره وتشجيعه لنا ونسأل الله تعالى له الدرجات العلى
وجزى الله خيرا الأخ الحبيب مصطفى ونفع الله به ، بنقولاته ومشاركاته في المنتديات السلفية وبأسئلته

أبو هنيدة ياسين الطارفي
29-Oct-2013, 12:32 PM
جزاك الله خيرا أخي الفاضل أبو أنس بشير، ونفع الله بما كتبته يديك، وجعلها في ميزان حسناتك وموفق ...

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
30-Oct-2013, 02:35 PM
بارك الله في الأخ الكريم الحبيب ياسين ونفع الله به

أبو الوليد خالد الصبحي
04-Nov-2013, 07:45 AM
بارك الله فيك ونسأل الله عزوجل ان يكتب لكم الأجر ويجعل ذلك في موازين حسناتك

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
07-Nov-2013, 12:19 AM
جزاك الله خيرا أخي المفضال