المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (الأجوبة السلفية على الأسئلة القطرية)لفضيلة الشيخ: عبيد الجابري-حفظه الله- أسئلة منهجية (منقول )



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
05-May-2010, 11:46 PM
(الأجوبة السلفية على الأسئلة القطرية)
لفضيلة الشيخ: عبيد الجابري-حفظه الله-
أسئلة منهجية قيمة جدًا
منقول للفائدة





بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين، سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:فيسرنا في هذه الليلة المباركة إن شاء الله، ليلة الثلاثاء العشرين من شهر جمادى الأولى، لعام واحد وثلاثين وأربعمائة وألف، من هجرة النبي-صلى الله عليه وسلم-، أن نستضيف عبر الهاتف فضيلة الشيخ(عبيد بن عبد الله الجابري)-حفظه الله تعالى-.
وسوف يجيب الشيخ مشكورًا على مجموعة من الأسئلة المنهجية المهمة، والتي أعدها بعض طلاب العلم القطريين، وذلك ضمن اللقاءات السلفية القطرية، ويسرنا أن نرحب بالأخوة الذين يستمعون إلينا، عبر البث الحي والمباشر من(شبكة سحاب السلفية)-حرسها الله وزادها توفيقًا-.
ونشكر للشيخ إتاحة هذه الفرصة، ونسأل الله-عز وجل-أن يجري الحق على لسانه، وأن ينفعنا بهذه الإجابات، وأن يجعلها خالصةً في موازين حسنات شيخنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


السؤال الأول:
هل الامتحان بعلماء السنة في هذا العصر، وخاصة بمن له ردود على المخالفين عمومًا، وعلى الحزبيين خصوصًا؟.
وهل يعتبر من يطعن فيهم أو من يغمزهم من أهل البدع والأهواء؟.
وهل هذا خاص بالرؤوس أم بكل داعٍ اشتهر بدعوته سواء في السنة أم البدعة؟.
وما تعليقكم على من يقول: (حتى الشيخ ابن باز ينظر هل يمكن أن يمتحن به أم لا، فيتردد في ذلك)؟
ويستدل البعض بكلام شيخ الإسلام في الفتاوى: بعدم جواز الامتحان أو نصب شخص يوالى ويعادى عليه، وكذلك بكلام للشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-.
وأما قول بعض السلف: (امتحنوا الناس بفلان، فمن أحبه فهو صاحب سنة، ومن أبغضه فهو صاحب بدعة).
فيقول البعض: هذا خاص بالأئمة الكبار فقط، وليس لكل علماء السنة، حتى ولو كان من المكثرين من الرد على المخالفين، والدفاع عن أهل السنة، حتى اشتهر بذلك.
نرجو بسط الكلام والتفصيل في المسألة؟.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهالحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد:

فإن الامتحان حالما تكون الريبة، أو عدم وضوح أمر شخص أو الجهل به، فإنه سائغ شرعًا، وأول امتحان وقفت عليه ووقف عليه غيري من طلاب العلم وأهل العلم، ما أخرجه مسلم في قصة معاوية بن الحكم-رضي الله عنه-مع جاريته.
وخلاصتها: أنه عدى الذئب على الغنم فاختطف واحدة منها، فلما جاء معاوية أخبرته الجارية الخبر فلطمها، ثم ندم فجاء إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فأخبره الخبر، فتغير وجه النبي-صلى الله عليه وسلم-، ثم قال معاوية-رضي الله عنه-: (يا رسول الله إن على رقبة أفأعتقها؟)، فقال-صلى الله عليه وسلم-: (جئني بها أنظر أمؤمنة؟)، فجاء بها سيدها، فقال لها-صلى الله عليه وسلم-: (أين الله؟)، قالت: (في السماء)، وفي رواية أنها أشارت إشارة، قال: (من أنا؟)، قالت: (أنت رسول الله)، وفي رواية أشارت، قال: (أعتقها فإنها مؤمنة)، فاختبرها النبي-صلى الله عليه وسلم-.
ولا يزال الناس يمتحنون امتحانًا عامًّا وامتحانًا خاصًا، فمن الامتحانات العامة عند التزاحم على وظائف، فيكون المتقدمون أكثر من الوظائف، فإن رئيس المصلحة أو من ينوب عنه، يجري امتحانًا للناس تحريريًا وأحيانًا شفويًا وأحيانًا من كليهما، حتى يحصلوا على الكفء الذي يغلب على ظنهم أنه قادرٌ على هذه الوظيفة ومسؤولياتها.
وكانوا قديمًا يقولون: (امتحنوا أهل المدينة بمالك بن أنس، وأهل الكوفة بسفيان، وأهل الموصل بالمعافى بن عمران، وأهل الشام بالأوزاعي، وأهل مصر بالليث بن سعد).
ولا يزال العلماء سواءً كانوا أئمة أو دونهم، إذا كانت الفتن واختلط أمر الناس، يمتحنون الوافدة بعلماء القطر، يمتحنون الوافدة من قطر بعلمائه، فإن وجدوا منه ثناءً وشكرًا فإنهم يقربونه، وإن وجدوا منهم ذمًا ومقتًا ولومًا وتشنيعًا فغنهم يبعدونه، وهكذا أهل السنة على هذا إلى اليوم.
وبهذا تعلمون أن القاعدة التي تضمنها السؤال قاعدة باطلة، وما هي إلا من ترويج المتلوثة بالفكر القطبي أو ألسروري أو ألإخواني أو غير ذلك من الأفكار المنحرفة.
وإذا نظرت إلى تلك المقالة و ما شابهها، ظهر لك أنها من إفرازات قاعدة المعذرة والتعاون، (نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه)، وهذا الشطر الأخير هو الشطر الفاسد، ومراد القوم أنه لا ينكر أحد على أحد، ولا يرد أحد على أحد.
ولهذا فإن أصحاب هذه القاعدة يفتحون الباب على مصراعيه، أمام كل محنة ضالة منحرفة، سواءً كانت تلكم النحلة منتسبة إلى الإسلام كالرافضة، أو غير منتسبة إلى الإسلام كاليهودية والنصرانية.
وقد تكلمت على هذه القاعدة ومؤسسها في مواطن كثيرة، ليس هذا مقام البسط فيها، بل يراجع تلك المواطن منكم من شاء، والمقصود أن أهل السنة لا يزالون في حرب ضروس مع المخالفين ولن ينتهي ذلك، وأعني: أهل البدع على اختلاف نِحَلِهم.
فقد صح عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أن الخوارج كل ما قطع منهم(قِرْن)، وفي رواية(فِرْق)يخرج فِرقٌ آخر أو قِرْنٌ آخر حتى يخرج في عراضهم الدجال.
بقي من يطعن فيمن عرف بالعلم والفضل ومحاربة البدعة وأهلها، هل هو على سنة؟
نقول هذا أحد رجلين:
إما أنه ضال مضل يريد أن يتشفى من أهل السنة، ويريد أن يحرفهم عن السنة، وهذا من خلال ما يطرقه من عبارات المنحرفة المسمومة الكاذبة المفتراة.
أو رجل جاهل يقول سمعت الناس قالوا فقلت، وسواءً كان ذا أو ذاك فيجب الحذر منه، فإن كان جاهلًا نوصح وعُلِّم، وغن كان من أهل الأهواء يجتنب.
وأما ما نقل عن الإمامين شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ محمد ابن عثيمين، فأولًا نوقف القول فيه على صحته، وثانيًا على فرض صحته فإن مَن عَلِمَ وحَفِظَ حجة على مَن لم يعلم ولم يحفظ، وقد ذكرت لكم ما ذكرتم من الأدلة.

السؤال الثاني:
ما تعليقكم-حفظكم الله-على من يقول: (لا تحذر من بعض من ظهرت منه مخالفات السلف، وتأصيله لقواعد باطلة، مع ضعف في التأصيل العلمي، ما دام أنه لم يخرجه أحد من السلفية.
مع العلم أنه قد يكون رد عليه بعض أهل العلم وبين خطأه، وهو يصر ويعاند ولا يرجع، ويقولون: ما دام أنه لم يخرجه أحد من السلفية فلا نحذر منه، ولو كان داعية لمخالفاته وقواعده الباطلة؟).

يظهر أن هذه القواعد لها حظٌ كثير من جلستي هذه الليلة يا أخي محمد، والله المستعان فتحملونا.
أقول:
أولًا: هذه كسابقتها، من حيث إنها ضمن إفرازات قاعدة(المعذرة والتعاون)، وقد ذكرتها لكم .
ثانيًا: أن أهل السنة على خلاف ذلك.
فقد أخرج الذهبي في الميزان على ما أظن، وفي بعض كتبه الأخرى حكايةً طريفة، وهي في الحقيقة قوية، تلكم الحكاية عن عاصم الأحول-رحمه الله-، قال: (كنت في مجلس قتادة فذكر عمر بن عبيد)-هذا معتزلي جلد-(فوقع فيهم، قلت ما أرى أهل العلم يقع بعضهم في بعض، فالتفت إلي)يعني: قتادة(فقال: أما تدري يا أحول أن الرجل إذا ابتدع بدعة يجب أن يذكر ليعلم) وأهل العلم على هذا.
بقي التنبيه إلى أمرين:
أولًا: باب الرد مفتوح، فرد المخالفة سائغ، وهو مُتَعَيِّن على مَن بلغته وكان قادرًا على ردها، سواءً كان المخالف من أهل السنة أو من أهل البدعة، إلا أن صاحب السنة يحترم ويوقر ويثنى عليه خيرًا، ليس في رد المخالفة ولكن في مجالس أخرى، ولا يتابع على زلته ولو شنَّعوا عليه.
بخلاف المبتدع الضال،فإنه مع رد مخالفته يشنَّع عليه ويشدد عليه النكير، إلا إذا ترتبت مفسدة تضر بالدعوة في ذلك القطر، ولو لا خشية الضرر عليكم لسميت رجالًا عندكم، ولكني سميتهم في مجالس أخرى خارج قطر، حرس الله قطر، وجمع الله خواصَّها و عوامَّها على ما رضيه للعباد والبلاد من الإسلام والتوحيد والسنة.
فإذا ترتبت مفسدة يدارى، وقد ترجح المصلحة في رد البدعة وعدم مس ذلك المبتدع بشيء، بأنه رئيس المحاكم أو قاضي البلد أو وزير مسئول في الدولة أو غير ذلك من الاعتبارات.
ثانيًا: أن التحذير شيء والتبديع شيء آخر، التحذير لا يستوجب التبديع، قد يحذر من شخص هو في نفسه طيب وحسن وسليم، لكن عنده تخليطات، يخلط في كلامه ما بين سنة وبدعة، فهذا ترد بدعته.
وأما التبديع لا نرى أن يقوم به إلا من هو أهل لذلك وله مكانة، ويختلف من قطر إلى قطر.
فعلى سبيل المثال: أنا في بلدي أحذر من رجال ومن أهل بلدي، ولا استطيع التحذير من رجال آخرين، ولو كنت خارج السعودية قد لا أحذر في ذلك البلد، لكن أرد البدعة والمبتدعة، ولا أبدع صاحبها، وقد أوضحت هذه المسألة في أشرطة لي، منها: (الحد الفاصل)فليراجعها منكم من شاء.

السؤال الثالث:
هل الاحتياط في عدم الترويج لبعض من ظهرت منه مواقف وكلمات فيها نظر حتى يتضح أمره، هل يعتبر هذا الفعل صواب أم لا؟.

أرى إن شاء الله أن يوسع له، حتى يفتضح في أمره ويعلم، ثم ما كان من مخالفات ردت، وأنا أدعوا أبنائي في قطر وخارجها وبناتي أن يراجعوا مقالة لي، ومعاذ الله أن أزكي نفسي، لكن هذا أمر متبع عند علماءنا وهو أمر: (الإحالة)، إلى مقالة لي بعنوان: (الإسعاف لإيضاح الحق حال الاختلاف)هذه منشورة في سحاب،.

السؤال الرابع:
شيخنا-حفظكم الله-هل الأصل في المسلم العدالة أم الجهالة، وهل يكفي من أراد أن يحضر عند شيخ تعليله بأنه لم يظهر له منه شيء، وهل يُفَّرَقُ بين من كان في السعودية أو خارجها، وهل يجب التحري والسؤال قبل تلقي العلم من شخص مستور الحال، أم يكفي ظاهر الحال، أم يجب سؤال أهل العلم عنه وعمن يعرف حاله من أهل بلده؟.

أولًا: كثير من بلدان المسلمين سواءً من داخل العالم الإسلامي أو خارجه، هم في حاجة لمن يعلمهم العبادات العملية، كالصلاة والصيام والحج، بل والوضوء والغسل في حاجة، فهؤلاء إذا أتاهم من يعلمهم هذه الأمور أخذوها عنه، وإذا أتاهم من يعلمهم أمور العقيدة.
فإن كان يستند فيما يقرره من أمور السنة، أمور العقيدة أمور التوحيد، فهذا إن ظهر للحذاق منه مخالفات وتخليطات وجب عليهم اجتنابه، وإن لم يظهر شيء أخذوا منه ما ليس فيه مخالفات، ثم إن سئل أهل العلم العارفون به عن حاله فهو أحوط وأبرأ للذمة، ومع هذا فإني أقول مع مسيس حاجتهم إلى أمثاله، يأخذون عنه ما ليس فيه مخالفات.
لكن لا فرق بين ما كان في السعودية أو خارجها، لأنه الآن طحش الغث والسمين والتخليط في كل مكان، وإن كانت السعودية ولله الحمد أقل، ولكن يوجد من بني جلدتنا من هو على غير الإسلام والسنة.
بقي البلد الذي ينتشر فيه أهل العلم وأهل الفضل، فإنهم لا يأخذون عن هذا المستور، إلا أمورًا عادية أمور واضحة، ويكتفي بأهل الفضل والعلم.

السؤال الخامس:
يحتج بعض طلاب العلم بعدم التقليد في الحكم على الرجال والطوائف، فيرد كثيرًا من أحكام العلماء، وجرحهم للأشخاص والجماعات والجمعيات، مع كون العالم المجرح قد ذكر الأدلة الكافية التي تبين المخالفة والانحراف، فيقول هذا المخالف: (الأدلة غير مقنعة)فما تعليقكم على ذلك؟.

أولًا: نرى من المصلحة مقدمة في التقليد، الناس في التقليد قسمان:
القسم الأول: لا يسوغ له التقليد، وهو العالم المتمكن المجتهد، الذي يستطيع الوصول إلى اليقين أو غالب الظن إلى حكم الله ورسوله من هذه المسألة، من خلال ما يظهر له من الأدلة، فإذا عجز قلد من هو أعلم منه، قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (النحل:43)، وقد عرفنا كثيرًا من الأئمة قلدوا من قبلهم في مسائل خفيت عليهم.
القسم الثاني: من يسوغ له التقليد، وهو: العامِّي المتعلم الذي لم يصل إلى درجة الاجتهاد، وهذا يسوغ له تقليد أهل العلم، الذين بنو الأحكام على الأدلة، فإذا تقرر هذا فثمة قاعدة أخرى، وهي تتألف من فرعين:
الفرع الأول: وهذه القاعدة: من علم حجة على من لم يعلم، سواءً كان هذا الذي يعلم فوق من لم يعلم أو مساويًا له أو دونه، ما دام أنه أقام الدليل.
الفرع الثاني: إذا تكلم عالم جرحًا أو تعديلًا في رجل، وهذا الرجل لم يسبق أحد أن تكلم فيه، فقوله مقبول ما دام أنه جرب فيه الخبرة، والحذق، وسعة الاطلاع، وجودة التحقيق، حتى ولو لم ينسب أدلة.
أما إذا كان قد سبق قوله تجريحًا أو تعديلًا، فمثلًا جَرَّحَ الْمُعَدِّل أو عَدَّ لَ الْمُجَرِّح، فهنا نطلب منه الدليل لأنه خالف من سبقه، فإذا أقام الدليل على جرح من عدله غيره.
وهذا له ثلاثة مصادر ثبتت في الاستقراء هذا العصر:
أحدها: كتبه: فكتبه خير دليل على الشخص من حيث الإصابة والخطأ.
الثاني: نقل الثقات العدول عنه.
الثالث: الأشرطة المسجلة عليه، إذا كانت جهة التسجيل مأمونة وموثوقة، فإن قوله يقبل.
ومن أمثلة الأول: (سيد بن قطب المصري)، فإن الشيخ ربيع-حفظه الله وسدده وبارك له في عمره-جرح الرجل لا من تلقاء نفسه، بل بالأدلة من كتب الرجل، ومن خبر كتب الرجل الكفر والكفريات والضلالات التي لا تحصى.
ولا أكتمكم سرًا بل أذعته قبلكم، أنا لا أنكر على من كَفَّرَ ابن قطب، لأنه هجم بشراسة على أمور معلومة من الدين بالضرورة، ومن ذلك تطاوله على موسى-صلى الله عليه وسلم-، ووصفه بما تنفر منه الطباع، حتى في عوام الناس المتدينين، فكيف بنبي من الأنبياء؟، هذا(**).
فإن الشيخ ربيع-حفظه الله- كما قدمت، أقام الدليل من كتب الرجل، بل بعض الكتب يحيل إلى عدة طبعات.
وأمثلة الثاني والثالث كثيرة لا يتسع المقام لذكرها، لكن هذه القاعدة، وإذا كانت المسألة تعديل مجرح، يعني: هو عَدَّلَ رجلًا جرحه غيره، فننظر هنا في الأدلة، في أدلة الفريقين، فإن(**)التعديل وهنا قاعدة: (الجرح المفسر مقدم على التعديل المجمل).
وتذكرت أنه كانت فقرة لا أدري في هذا السؤال أو سابقه:
هل الأصل في المسلم العدالة أم الجهالة؟.
أقول: هذه قاعدة يزلزل بها المتحزبة، لا سِيَّمَا المتلوثون بفكر قطب أو الإخوان يرددونها، وهذه ليست بصحيحة، بل الأصل جهالة الحال.
ويدلك على هذا:
أولًا: كتب التراجم، فإنها مليئة بالجرح والتعديل، فلو كان الأصل في المسلم العدالة ما احتيج إلى كتب التراجم.
ثانيًا: واقع الحال، ومن ذلكم أن القاضي إذا أثبت المدَّعي دعواه ببينة، فإنه يطلب مزكيه لشهود الْمُدَّعي، فلو كان الأصل العدالة ما احتاج القاضي إلى هذا.


السؤال السادس:
ما الواجب إذا اختلف أهل العلم في جرح أو تعديل شخص أو جماعة أو جمعية، ومتى يجوز الأخذ بأي القولين، وهل لصاحب أحد القولين ومن أخذ به إلزام أصحاب القول الثاني؟.

هذا أجبت عنه بارك الله فيك، بالإشارة العبرة بالدليل، فمن أقام الدليل على جرح أو تعديل وجب قبول قوله، من أقام الدليل الذي لا يقبل التأويل وجب قبول قوله، وإن كان مخالفه أجل منه.

السؤال السابع:
يقول البعض: لماذا يمنع الشيخ ربيع وغيره من المشايخ، من المحاضرة والتدريس في(جمعية إحياء التراث الكويتية)، وغيرها من الجمعيات الحزبية لأجل دعوتهم، وقد كان الشيخ ربيع يحاضر في مساجد الصوفية لما كان في السودان، وما هي الضوابط للمحاضرة في مراكز وجمعيات المخالفين للسلفيين؟.

هذا له حالتان:
إحداهما: أن تكون الدروس والمحاضرات في المساجد العامة للمسلمين، وهذه المساجد العامة يرتادها السنِّي والبدعي، فهذا لا مانع منه، وإن كنت أنا لا أحب أن أعمل تحت مظلة جمعية منحرفة، تحت مظلتها يعني: عملًا صريحًا، لكن لو أن بلدًا أهل السنة لا يعطون تصريح لمحاضرات، إلا عن طريق جماعة وهذه الجماعة منحرفة، فأتوا بالتصريح من الجهة المختصة في الدولة، أنا أعمل ولا أجدها ضابطًا في ذلك.
الثانية: أن تكون الدروس والمحاضرات في معاقل المنحرفين، سواءً كان المنحرفون جماعات أو أفرادًا، بمعاقلهم الخاصة بهم، المنغلقة عليهم، فهذا الذي يمنع منه، نمنع منه لما في ذلك من تكثير سواد المبتدعة وتقوية شوكتهم، حتى لو وجهوا الدعوة لعموم الناس في البلد، أنا لا أرى العمل في هذا المعقل الخاص للجهة المنحرفة الضالة المضلة، سواءً كانت جماعة أو كانوا أفرادًا.

السؤال الثامن:
أحسن الله لكم شيخنا، هل هناك فرق بين الحكم على الشخص، بأنه من أهل الأهواء والبدع، وبين الحكم عليه بأنه مبتدع، وهل وصف المخالفين بالحزبين والحركيين صحيح، وما المراد به، وهل يلزم من الحكم على الشخص بأنه ليس سلفيًا، أو أنه حزبي أو إخواني بأنه مبتدع، نرجو تأصيل المسألة وذكر الأدلة؟.

أولًا: كثير من الناس من لا يغبط الحزبية والتحزب، لأنه لم يفقه المسألة، فقد يطلق هذا على أشخاص أبرياء اجتهدوا فأخطئوا، هذا الأمر قد أحكمه شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-فقال: (ومن نصب للناس رجلًا يوالى ويعادي فيه، فهو من الذين (فرقوا دينهم وكانوا شيعا)(الأنعام:159).
أقول: لأن الانحياز ليس للأشخاص لذواتهم، تجد الانحياز للسنة والأشخاص ينحازوا إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-لأن الله اصطفاه، فقال فيه: (وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى(4))(النجم)، فهو ينحاز إليه لأنه هو يبلغ عن الله، عباد الله، شرع الله، أمرًا ونهيًا، أو خبرٌ في معناهما، أو غير ذلك مما بلَّغه-صلى الله عليه وسلم-الأمة.
وكذلك يكون الانحياز إلى الصحابة-رضي الله عنهم-، لأنهم خير الناس بعد الأنبياء، وهم خير هذه الأمة، لِما فضلهم الله وشرفهم به من صحبة النبي-صلى الله عليه وسلم-،وتحمل الشرع عنه، وينحاز خاصة إلى الخلفاء الأربعة، لقوله-صلى الله عليه وسلم-: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)الحديث.
التحزب إذًا هو: التحيز إلى إنسان لشخصه أصاب أو أخطأ، وهذا يستدعي من القول الموالاة فيه والمعاداة فيه، فمن كان على ذلك؟ يقال له: (حزبي)يوصف بهذا، على سبيل الزجر والاستنكار، وحتى يعرفه من لا يعرفه، والحزبية بدعة، وهذا المتحزب، وغيره ممن ركب بدعة له عند أهل السنة حالان:
الحالة الأولى: أن يوصف بالبدعة، يقال: (مبتدع)وهذا حينما تقام عليه الحجة الرسالية.
ولها طريقان:
أحدهما: أن يخالف أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة، وجوب إيجابًا أو تحريمًا، ويعاند في ذلك ويأبى ويصر عليه، قلت: هذا لأنه قد يزل فإذا تبين له رجع.
الحال الثانية: أن يركب بدعة ويصر عليها، مع قيام الحجة عليه من الناصحين الحاذقين الذين يحسنون مجادلته بالتي هي أحسن، ويقيمون له الدليل على خطأه، فإن رجع كان على السنة، وإلا فهو مبتدع ضال.
هناك حالة وهي: وصف إنسان بأنه غارق في البدع، أو واقع في البدع أو مفتون، فهذا سائغ ولا يلزم منه التبديع.

السؤال التاسع:
ما حكم الدخول في جماعة من الجماعات الدعوية المعاصرة، لأجل إصلاحهم؟

هذا كالذي يسبح في خيال، أو كالذي يطلب الماء من السراب.
ثبت بالتجربة: أنه مستحيل إصلاح جماعة، فلا يمكن أن تصلح جماعة الأخوان، ولا جماعة التبليغ، ولا من تفرع عنهم، لأن هذه الجماعات لها أصول وقواعد مؤصلة لهم، توارثها خلفهم عن سلفهم.
لكن، يعني أشخاص معينين يخالطون ويدعون وتبين لهم الأمور والمخالفات بالأدلة، هذا جُرِّبَ نفعه ونتائج هذا.
فكثير من الجماعات الدعوية الحديثة الضالة المضلة، وليست جماعة دعوية حديثة هي على السنة، كثيرٌ من أفرادها نفعهم الله بالنصح والإرشاد وحسن التوجيه، فتابوا وحَسَّنوا توبتهم في الظاهر، وأصبحوا يعرفون من حال جماعاتهم التي تركوها أكثر منَّا، ويعرفون من أسرارهم وخفايا أمورهم ما لا نعرفه نحن، نحن نعرف إجمالًا، نعرف بعض التفصيلات، لكن هناك أشياء يعرفها من عاشر المبتدع سنين طويلة.

السؤال العاشر:
ما الجواب عمن يقول: (إن كثيرًا من المشايخ السلفيين المعاصرين، ينهجون في ردودهم على بعض المعاصرين، منهج التسرع والإسقاط، لا منهج النصح والإرشاد، فلا يراعون حال المردود عليه ولا يتلطفون معه، لكسبه وكسب أتباعه؟).

أولًا: أهل السنة وسط وعدول وأهل تؤدة ورفق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: (أهل السنة هم أعرف الناس بالحق ، وهم أرحم الناس بالخلق).
ثانيًا: من رفق أهل السنة للمخالفين، أنهم يسلكون في الرد مسار المخالفة، فإذا كانت المخالفة في النفس ناصحو، وإذا كانت في مجلس بينوا الحق، وإذا انتشرت نشروا الرد بنفس المسائل.
وهذه الردود مبنية على الأدلة العلمية، ومؤصلة طبق القواعد الشرعية، ليس فيها شطط أبدًا، ولكن هذا السؤال يحكي قاعدة، أو ذكرني بقاعدة يقعدها القوم.
وهي كما يزعمون: (التحذير من الدخول في نِيَّات الناس)، ويعنون به أهل العلم الذين ردوا المخالفات، وحاشا أهل السنة، أهل السنة حكمهم على الظاهر قولًا أو فعلًا، وهذا هو هدي الرسول-صلى الله عليه وسلم-، من ذلكم أنه قال للمسيء صلاته: (ارجع فصلي فإنك لم تصلي)، حكم على الفعل الظاهر، والحديث في صحيح البخاري وغيره، وهو حديث مشهور، أظن أن أبنائنا وبناتنا في الصفوف الابتدائية يحفظونه، وقال-صلى الله عليه وسلم-لرجل قال: (ما شاء الله وشئت يا رسول الله)، قال: (ويحك!!أجعلتني لله ندًا)، ولكن لا يزال المخالفون يسومون أهل السنة بما يعلم الله أنهم برآءاء منه، إما أهل السنة ليس لهم هدف في المردود عليه، بل الهدف تصفية السنة مما خلطها هذا المردود عليه.
وقولهم: (أنهم لا يراعون حال المردود عليه)، هذا ليس بصحيح، فإنه إذا كانت المصلحة الراجحة في عدم ذكر اسم المردود عليه فإنهم لا يذكرونه، إذا كان في مصلحة راجحة في عدم ذكر اسمه، أبدًا، ومن خَبُرَ أهل السنة وجد ذلك في منهجهم ومسلكهم في الذب عن السنة ورد المخالفة.
بل أهل السنة يسلكون أحيانًا المداراة، يسلكون المداراة ويتألف هذا المخالف بالثناء عليه من أهل السنة وليس ولاءً عامًا مطلقًا، لكن يهشون له ويبشون له إذا لقوه، ويحاولون الرفق في الكلام عليه، إذا أخطأ الشيخ فلان، ما كنا أن الشيخ فلان أو فضيلة الشيخ فلان يقول كذا وهو معروف بالعلم، ما كنا نظنه يقع في مثل هذه الزلة الخطيرة.
فهم لا يسلكون قاعدة الموازنة، ولكن يدارون أحيانًا، وأسوتهم رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، ففي صحيح البخاري أنه استأذن عليه رجل، فقال: (ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو بن العشيرة)، فلما دخل ألان له الكلام، قالت عائشة-رضي الله عنها-: (قلت يا رسول الله قلتَ الذي قلت، ثم ألنت له الكلام)، قال: (أي عائشة إن شرَّ الناس من تركه الناس-أو ودعه الناس-اتقاء فحشه).

السؤال الحادي عشر:
ما تعليقكم على من يقول: (لا يمكن جمع الناس على دعوة سلفية صافية خالصة، بل لا بد من غض الطرف عن بعض من عنده بعض الأخطاء، مع بيان الأخطاء وردها، حتى تتنتشر الدعوة السلفية، كما قد وجدت أخطاء عند كثيرٍ من العلماء بر التاريخ، فبين أهل العلم أخطاءهم ولم يشنعوا عليهم؟).

أولًا: هذا السؤال ككثير من الأسئلة السابقة له، هو من إفرازات المعذرة-ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه-.
ثانيًا: لم نؤمر أن نقهر الناس ونأطُرَهم على السلفية، بل أمرنا الله بهذه الدعوة، التي هي دعوة محمدٍ-صلى الله عليه وسلم-، توارثها عنه أصحابه-رضي الله عنهم-وعملوا بمقتضى أمر الله لنبيه-صلى الله عليه وسلم-(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)(النحل:125)، ثم توارثها الأئمة بعدهم-أئمة التابعين ومن بعدهم-إلى اليوم وهم على هذا، الدعوة إلى السنة الخالصة.
والنبي-صلى الله عليه وسلم-فيما تواتر من سنته، حرض الناس على السنة وحذرهم من ما يخالفها، ومن تلكم الأحاديث المتواترة، ما أخرجه أحمد ومسلم من حديث عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنهما-.
وهو حديث طويل وفيه: (إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لها، وأن ينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرون....)الحديث.
قول السائل: (لا بد من غض الطرف وبيان الأخطاء، وكان كثير من أهل العلم عبر التاريخ يخطئون)، هذا من الإجمال، وهو شر المسالك، وأهل البدع يغتنمون هذا الإجمال، فيوقعون من يوقعون في شراكه من أهل السنة حتى يرتكس في البدعة أو يلبس عليه الأمر.
فأهل السنة ينظرون إلى المخالفة والمخالف، فالمخالفة لا يقبلونها بحال، سواءً كانت المخالفة في العبادات العلمية ألاعتقاديه أو في العملية، أو حتى في المعاملة المنصوص عليها لا يقبلون بها، بل يردونها.
ولقد ذكرت لكم مسلكهم في رد المخالفات، كما أنهم ينظرون إلى المخالف، وقد أشرت إلى ذلك، ومن أراد الاستزادة فليراجع كتابنا(تنبيه ذوي العقول السليمة)طبعة الفرقان، أو(الإسعاف)وهو منشور في شبكة سحاب، ولست مدونًا من عندي ولا من جيبي ولا من كيسي، بل هو ما ورثته عن علماءنا ولله الحمد والمنة.
فإن كان المخالف من أهل السنة، عاملوه معاملة أخيهم الذي زلت به القدم، وإن كان من أهل البدع شنَّعوا عليه وأغلظوا القول فيه وشددوا النكير.
وأيضًا أكرر مراجعة(الإسعاف)الذي نشر عندنا في سحاب العام الماضي أو قبله، ولست قائلًا شيئًا من عندي، هذا أمر.
أمر آخر وهو: أن الأخطاء التي حدثت من أهل السنة ليست في أصول الدين أبدًا، بل هي في أمور من الفروع، من فروع العقيدة ومن فروع العبادات العملية، وغالب هذا من موارد الاجتهاد، وما خرج فإن أهل السنة يردونه، أما أصول الدين بقسميه العلمي والعملي فلم يكن هناك ولله الحمد خلاف.

السؤال الثاني عشر:
ما قولكم في كتاب علي حسن عبد الحميد الحلبي(منهج السلف الصالح)، وما الحكم في من يوافقه على ما جاء في كتابه، وينكر على من يرد عليه، وما تقيمكم لموقع(كل السلفيين)، وما نصيحتكم لمن يروج له ويدافع عنه؟.

الشيخ علي بن حسن الحلبي رضي لنفسه-عفا الله عنا وعنه-أن يشابه(مسافع جهينة)الذي حجر عليه عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-، فقال فيه: (رضي مسيفع جهينة أن يكون سائقًا للحاج)، -فعفا الله عنا وعنه-رضي لنفسه أن يكون تُكعةً وترسًا للمتلوثين بالفكر الأخواني عامة والفكر القطبي والسروري خاصة، فجمع شتاتهم حوله بتزكياته، ثم أخيرًا أحدث هذا الموقع.
فنصيحتي:
أولًا: أن الرد عليه سائغ هو وغيره، الصحابة-رضي الله عنهم-رد بعضهم على بعض، والتابعون كذلك إلى اليوم.
ثانيًا: من أنكر الرد على الأخ الشيخ علي-عفا الله عنا وعنه، وأحسن الله حالنا وحاله، ورده على ما كان عليه مع إخوانه ردًا جميلًا، ومفاصلة المتلوثة بالانحراف-، هذا المستنكر إما أنه جاهل بالدعوة السلفية، أو أنه صاحب هوى، أبدًا لا ثالث لهذين الأمرين.
وهذا أمرٌ مُطَّرِد سواءً في كتابه أو في الموقع نفسه، بل يجب الحذر من أخطاء الشيخ علي ومن هذا الموقع.
وكان الشيخ علي معنا أول الأمر، أدَّينا إن شاء الله ما يجب له علينا آنذاك من الذكر الحسن، والثناء الجميل، وتقريب الأخ لأخيه، مع أنه لم يربطنا به نسب ولا صهر، وإن لرابطنا به ما أظهره من السنة بصوته وفي بعض الكتب التي وقفنا عليها.
ثم حدثت منه تزكيات للمنحرفين، فدافعنا عنه والتمسنا له الأعذار، وقلنا أخونا لم يعلم، وأول ما وقفت عليه تزكيته(لعدنان بن أحمد عرعور)أظنه سوريًا، وهو جلد في نشر الفكر القطبي لا سيَّما في أوروبا، ولا أدري أوصل لأمريكا أو لا.
فكان يزكيه ويقول: (أن ما بينه وبين الشيخ ربيع هو من كلام الأقران)، وهذا كلام فاسد ليس بصحيح، عدنان ليس قرين للشيخ ربيع أبدًا، ثم الشيخ ربيع رد عليه ردود علمية، كيف هذا يكون من الأقران؟.فلما كثرت تزكيات الرجل المنكرة رفعنا أيدينا عنه.
وأنا أدعوا أبا الحارث الشيخ علي: إلى أن يفاصل هؤلاء المتلوثين بالفكر القطبي، وأن يعود إلى إخوانه، دعك من عبيد الجابر، إلى إخوانه الذين كانوا معه وكان معهم، والذين لهم رسوخ قدم وسعة باع قي نشر السلفية والذب عنها، فهذا والله فريضة عليه ومنقبة له وسيكون إخوانه إن شاء الله معه، حتى الذي رد عليه سيرجع إلى سابقة العهد بينه وبين الشيخ علي بن حسن الحلبي.

السؤال الثالث عشر:
هل قول: (إن الشيخ ربيعًا حامل راية الجرح والتعديل في هذا العصر، وهو إمام في الرد على المخالفين، يعتبر غلوًا؟).

ما كان ينبغي أن أسأل عن هذا وقد زكَّاه المحدث إمام الحديث في هذا العصر الشيخ ناصر-رحمه الله-فما عندي أي تعقيب على هذا.

السؤال الرابع عشر:
ما قولكم-أحسن الله لكم-في من يقول:(إن السلفية صارت عند البعض، هي حب الشيخ ربيع وأتباعه، وذم سيد قطب وأتباعه، فمن لم يمدح الشيخ ربيع ويُبَدِّعَ سيد قطب فليس بسلفي)؟.


هذا الكلام ليس بصحيح أبدًا، كذب وافتراء.
فإن السلفية هي: دين الله الحق، لم يؤسسها أحد أبدًا، حتى النبيين والمرسلين-عليهم الصلاة والسلام-لم يؤسسوها.
ومن أصولها: الحب في الله والبغض في الله، والموالاة في الله والمعاداة في الله، والمنع لله والإعطاء لله، هذا من أصولها، ولم يقل أحد هذا أبدًا ممن يعتد بقوله، لكن هذا مما يكيد به المفتونون المتلوثون بالمناهج الفاسدة، فقصدهم إسقاط أهل العلم من أهل السنة.
وقديمًا قالوا: الشيخ عبد العزيز والشيخ محمد بن عثيمين وغيرهما من هيئة كبار العلماء الفضلاء عندنا، أنهم: فقهاء حيض ونفاس، وقالوا: لا يفقهون الواقع، وقالوا: يضغط عليهم، وقالوا غير ذلك.

السؤال الخامس عشر:
ما ضوابط نصيحة المخالف لمنهج السلف، هل للنصيحة مدة محددة؟.


النصيحة أولًا: ذكرت لكم أن أهل السنة يسلكون مساق المخالفة، وفصَّلت فيه بما أرى أنه يغني عن إعادته هنا، فلا تلازم بين النصيحة والرد، لكن أهل الشطط وأهل الهوى، من كان جلدًا منهم، يعيبون على أهل السنة أنهم لم ينصحوهم بل ردوا، وهذا من تلبيساتهم.
فإذا انتشرت المخالفة ردت، والنصيحة شيء آخر، النصيحة قد تنكر وقد لا تنكر، بل بعض الناس استنكف عن النصيحة، ولا يمكن الناس به، ومنهم من لا يقبل يفتح أبوابًا من الجدل، لكن إذا كان المخالف حسن التخاطب، ليِّن العريكة، ذلف الخلق، وأمكن الجلوس إليه ومناصحته فهذا حسن.
لكن لا يلزم أن يكون طول العمر، بل إذا بلغته النصيحة على أحسن وجه بالأدلة، ولا يلزم اقتناعه، اقتناعه شيء بينه وبين ما لنا شغل فيه، لكن تبليغه النصيحة على أحسن وجه، من لين الكلام، وحسن الخطاب، وحسن المسايسة، وإيراد الأدلة بصدر واسع.
كذلك استقبال حجته بصدر واسع وردها بالدليل، فإنه يستمر معه حتى يبين له البيان الشافي، الذي تبرأ به الذمة، فإن عاد عن تلك المخالفة والمخالفات إلى ما هو الحق والهدى فَبِهِ ونعمَ، ولا يضره الرد عليه أبدًا.
بل رَدَ العلماء على رجال قد رجعوا عن مخالفاتهم، ومن هؤلاء ابن قدامه-رحمه الله-، رَدَ على ابن عقيل-رحمه الله-، مع أن ابن عقيل تاب ورجع، لكن لأن رَدَه انتشر.
إن صدق العزم هذا المخالف، وبين الحق قبل الرد عليه فإنه لا يرد عليه، ما دام بين الحق ونشر رجوعه إلى الحق بنفس المسار الذي انتشرت فيه مخالفته قدر الإمكان، كانت المخالفات في التلفزة أو الإذاعة أو صحف سلك نفس المسالك، إن كانت في خطب جمعة سلك نفس المسالك يبين الحق، لقوله-تعالى-: (إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا)(البقرة:160)هنا لا يرد عليه، أما إن سكت وترك فإنه يرد عليه، والنصيحة قد تكون قبل الرد وقد تكون بعد الرد.
لكن إن كان كما ذكرت لكم: إن كان هو صَدَقَ وبين الحق وأعلن الرجوع عن مخالفاته، فالحمد لله كفانا، وإن كان قد رد عليه، فمن كان منصفًا لا مانع من مناصحته على الوجه الذي فصلناه آنفًا.

السؤال السادس عشر:
ما شروط توبة أهل البدع، وهل تنطبق على الحزبيين والمتلونين في هذا العصر؟.


أنا فَرَّقْتُ لكم قبل عدة أجوبة عل عدة أسئلة مضت، بين التبديع وكون الشخص واقع في البدعة، المبتدع كما قال الله تعالى:(تابوا وأصلحوا وبينوا)يتوبون ويصلحون حالهم للرجوع إلى السنة وترك مخالفاتهم، ويبينون للناس الحق، وأما إن كانت المخالفات غير بدعية، فالكثير من أهل العلم له قولان يستقر على الآخر منهما.

وبهذا القدر يا أخ محمد نكتفي، لأن الوقت قد طال، ولعل الله ييسر لقاءً آخر، لكن قد يطول بكم الانتظار لكثرة مشاغلنا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.تم بحمد اللهبتصرف يسير..........قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد

الثلاثاء الموافق: 20/ جمادى الأولى/ 1431 للهجرة النبوية الشريفة

منقول للفائدة
http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t14978/ (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t14978/)