المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حرص السلف على الرواية من الكتاب وتجويزهم الرواية عن الحفظ لمن كان متقنآ لها



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
06-May-2010, 09:48 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.


أما بعد :


قال الحافظ الخطيب البغداديفي كتابه الجامع لأخلاق الراوي (الجزء الخامس )(1)


"مبحث"
اختيار الرواية من أصل الكتاب لأنه أبعد من الخطأ وأقرب للصواب

الاحتياط للمحدث والأولى به أن يروي من كتابه ليسلم من الوهم والغلط ويكون جديرا بالبعد من الزلل.
*فقد أنا عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي ، في كتابه أنا أبو الميمون عبد الرحمن بن راشد البجلي ، أنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو البصري ، وأنا أبو بكر البرقاني ، أنا محمد بن عثمان بن عبد الله ، أنا أبو الميمون البجلي ، نا أبو زرعة ، قال : سمعت أبا نعيم ، وذكر ، عنده حماد بن زيد وابن علية وأن حمادا حفظ عن أيوب وابن علية كتب ، فقال : « ضمنت لك أن كل من لا يرجع إلى كتاب لا يؤمن عليه الزلل ».
*أنا محمد بن الحسين القطان ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، حدثني الفضل بن زياد ، قال : قال أحمد بن حنبل : « ما كان أحد أقل سقطا من ابن المبارك كان رجلا يحدث من كتاب ومن حدث من كتاب لا يكاد يكون له سقط كبير شيء وكان وكيع يحدث من حفظه ولم يكن ينظر في كتاب فكان يكون له سقط كم يكون حفظ الرجل؟ »

*أنا ابن رزق ، نا عثمان بن أحمد ، نا حنبل ، قال : قال أبو عبد الله : « إذا اختلف وكيع وعبد الرحمن فعبد الرحمن أثبت لأنه أقرب عهدا بالكتاب »
*أنا أحمد بن محمد بن غالب ، أنا أبو بكر الإسماعيلي ، قال : قال لنا عبد الله بن محمد بن سيار الفرهياني : « كل من يقول أعرف حديثي كله فأنا أتهمه وبلغني أن إسحاق بن إبراهيم وكان من أحفظ أهل الدنيا وجد له سبعمائة حديث خطأ مما سمع الناس منه من ظهر قلبه »
*وأنا ابن رزق ، أنا محمد بن أحمد بن الحسن ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : سمعت أبي يقول ، قال عفان: « نا يوما همام ، قال : فقلت له إن يزيد بن زريع نا عن سعيد عن قتادة ذكر خلاف ذلك الحديث قال : فذهب فنظر في الكتاب ثم جاء فقال : يا عفان ألا تراني أخطئ وأنا لا أعلم قال عفان : فكان همام إذا حدثنا بقرب عهد بالكتاب فقلما كان يخطئ قال : أبي ومن سمع من همام بأخرة فهو أجود لأن هماما كان في آخر عمره أصابته زمانة فكان يقرب عهده بالكتاب فقلما كان يخطئ »
*أنا علي بن أبي علي البصري ، أنا علي بن محمد بن أحمد الوراق ، نا محمد بن الحسين بن مكرم ، نا أبو حفص عمرو بن علي نا أبو عاصم ، نا عثمان بن الأسود ، عن ابن أبي مليكة ، : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم قال أبو حفص : فلما كان بعد قال عن عائشة فقلت لأبي عاصم : أنت أمللته علينا من الدفتر وليس فيه عائشة فقال : دعوا عائشة حتى أنظر فيه »
*أنا أبو بكر البرقاني ، قال : قرئ على أحمد بن جعفر بن حمدان وأنا أسمع حدثكم عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : قال يحيى بن معين : قال لي عبد الرزاق : « اكتب عني ولو حديثا واحدا من غير كتاب فقلت : لا ولا حرفا ".
*حدثني عبد العزيز بن علي الوراق ، أنا علي بن عبد العزيز البرذعي ، نا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، نا الحسين بن الحسن الرازي ، قال : سمعت علي بن المديني ، يقول : « ليس في أصحابنا أحفظ من أبي عبد الله أحمد بن حنبل وبلغني أنه لا يحدث إلا من كتاب ولنا فيه أسوة »
*أنا محمد بن أحمد بن يعقوب ، أنا محمد بن نعيم الضبي ، نا محمد بن صالح بن هانئ ، نا يحيى بن محمد بن يحيى ، قال : سمعت علي بن المديني ، يقول : « عهدي بأصحابنا وأحفظهم أحمد بن حنبل فلما احتاج أن يحدث ، لا يكاد يحدث إلا من كتاب »
*أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق ، نا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف ، نا أحمد بن فارس الشيرازي ، قال : سمعت أبا يعلى عبد المؤمن بن خلف ، يقول : سمعت سهل بن المتوكل البخاري ، يقول : سمعت علي بن المديني ، يقول : « قال لي سيدي أحمد بن حنبل : لا تحدثني إلا من كتاب »
*حدثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني ، لفظا بأصبهان نا علي بن محمد بن أحمد الفقيه ، نا محمد بن عبد الله بن أسيد ، نا علي بن روحان ، حدثني إبراهيم بن جابر المروزي ، قال : « كنا نجالس أبا عبد الله أحمد بن حنبل قال : فيذكر الحديث ونحفظه ونتقنه فإذا أردنا أن نكتبه قال : » الكتاب أحفظ قال : فنكتب صفحة ويجيء بالكتاب "
*أنا أبو نعيم الحافظ ، قال : سمعت أبا علي بن الصواف ، يقول : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل ، يقول : « ما رأيت أبي في حفظه حدث من غير كتاب إلا بأقل من مائة حديث »
*أنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي ، نا محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني ، بالكوفة نا الحسن بن محمد بن شعبة ، حدثني محمد بن إبراهيم مرتع الحافظ قال : « قدم علينا أبو بكر بن أبي شيبة فانقلبت به بغداد ونصب له المنبر في مسجد الرصافة فجلس عليه فقال من حفظه نا شريك ثم قال : » هي بغداد وأخاف أن تزل قدم بعد ثبوتها يا أبا شيبة هات الكتاب "
*كتب إلي ابن علي بن الحسن العلوي من الكوفة ، وحدثنيه مكي بن إبراهيم الشيرازي عنه قال : أنا أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي قال : سمعت أبا محمد الحسن بن إبراهيم ، بشيراز يقول : سمعت جعفر بن درستويه يقول : « أقعد علي بن المديني بسامرا على منبر فقال : يقبح بمن جلس هذا المجلس أن يحدث من كتاب فأول حديث حدث من حفظه غلط فيه ، ثم حدث سبع سنين من حفظه لم يخطئ في حديث واحد ».
ثم قال الخطيب البغدادي رحمه الله في المبحث الذي يلي هذا مباشرة:
الرواية عن الحفظ جائزة لمن كان متقنا لها متحفظا فيها .
*وقد أنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي الفارسي ، نا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي ، نا فضل يعني ابن سهل الأعرج ، نا علي بن عبد الله ، قال : حدثني أيوب بن المتوكل ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، قال : « الحفظ الإتقان » .
وينبغي مع هذه الحال أن لا يغفل الراوي عن مطالعة كتبه وتعاهدها والنظر فيها.
*فقد أخبرنا محمد بن عبيد الله الحنائي ، أنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الصديق المروزي ، أنا أبو رجاء محمد بن حمدويه السنجي أنا رقاد بن إبراهيم ، عن أبي عصمة ، عن إبراهيم بن ميمون الصائغ ، عن نافع ، عن ابن عمر ، « أنه كان لا يخرج كل غداة حتى ينظر في كتبه » .
*وأخبرني الحسين بن محمد ، أخو الخلال نا أبو صادق أحمد بن محمد بن عمر القزاز بإستراباذ أنا أبو نعيم بن عدي الحافظ ، نا عمار بن رجاء ، حدثني علي بن شفيق ، أنا أبو حمزة ، أنا إبراهيم الصائغ ، أنا نافع ، « أن ابن عمر ، كان إذا خرج إلى السوق نظر في كتبه قال عمار : قلت لعلي في الحديث ؟قال : نعم".
*أنا محمد بن علي الحربي ، أنا عمر بن إبراهيم المقرئ ، نا عبد الله بن محمد ، نا أبو خيثمة ، نا جرير ، عن الأعمش ، عن الحسين ، قال : « إن لنا كتبا نتعاهدها » ويجب أن ينظر من كتبه فيما علق بحفظه . قلت ويتعاهد المحفوظ أولى والمراعاة له أعم نفعا.
*حدثني أبو القاسم الأزهري ، أنا عبيد الله بن عثمان الدقاق ، أنا علي بن الحسين الأصبهاني ، نا محمد بن خلف وكيع ، أخبرني محمد بن يزيد ، حدثني عمرو بن بحر ، حدثني الأصمعي ، عن الخليل بن أحمد ، قال : « تعهد ما في صدرك أولى بك من تحفظ ما في كتبك » ويحدث بما لا يداخله فيه الشك وما شك في حفظه لزمه أن يمسك عنه. انتهى المقصود.


ولمن أراد الاستزادة فليرجع الى الكتاب السابق الذكر(الجزء الخامس).


(1)هو الحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي ، المصنف في قوانين الرواية وآدابها ، وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابآ مفردآ فكان كما قال الحافظ أبوبكربن نقطة : كل من أنصف، علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه ، فرحمه الله وغفر له.