المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم بيع التورق (العينة)؟؟ للشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
25-Dec-2013, 08:46 PM
حكم بيع التورق (العينة)للشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله

السؤال
ما حكم بيع التورق، وهو أن يشتري الرجل بضاعة من غير نقد من التاجر وهو يريد النقد ثم يبيعها لغير التاجر نقداً بثمنٍ أقل؟

الجواب
الحقيقة هذه التسمية هي كتسمية الربا بالفائدة، التورق اسم مبتدع، أما الذي سماه الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق فهو العينة، والصورة كما سمعتم: رجل يريد مالاً، ولتفكك عرى المودة والمحبة بين المسلمين فلا يجد هذا المسلم من يقرضه قرضاً حسناً، فيذهب لا يريد أن يذهب إلى البنك؛ لأن هذا ربا مكشوف، أن يأخذ -مثلاً- ألفاً على أساس أن يوفيها بعد مدة مسماة ألفاً ومائة أو أقل أو أكثر، وإنما يذهب عند التاجر فيشتري منه حاجة بألف ليس بالنقد، وإنما كما يقولون اليوم: بالتقسيط، ثم بعد أن يشتريها بألف يعود فيبيعها للبائع له بثمانمائة، فيسجل عليه المقدار الذي اشتراه من قبل بألف وزيادة، ويأخذ مقابل الألف وزيادة ثمانمائة، هذا ربا، ويصح لي أن أقول: ألعن من الربا، لماذا؟ لأن الفرق شاسع جداً، ففي البنك تأخذ مائة على أن توفي مائة وخمسة أو مائة وعشرة، أما هنا فالفرق باهظ جداً، فهذا النوع من الاحتيال على ما حرم الله عز وجل، ولذلك فبيع العينة أو التورق هذا أشد حرمة من الربا المكشوف، لا نريد أن نبيح الربا المكشوف فهو ملعون كما سمعتم وحسبه إثماً، لكن الاحتيال على أكل الربا تلحق بصاحبه لعنة أخرى؛ لأنه: أولاً: يأكل الربا، فهو ملعون بنص الحديث السابق.
ثانياً: يحتال على أكل الربا، وهذه لعنة أخرى، من أين جاءت هذه اللعنة؟ من قوله عليه الصلاة والسلام: ( لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه ) الحديث أولاً: يشير إلى عقوبة كان الله عز وجل فرضها على اليهود بسبب ظلمهم لأنفسهم، وتعديهم على شريعة ربهم، من ذلك كما قال عز وجل: { فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } [النساء:160] حرم الله على اليهود بسبب ظلمهم، وقتلهم الأنبياء بغير حق، حرم عليهم أشياء هي في أصلها حلال، قال تعالى: { فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } [النساء:160]، منها الشحوم، فقال عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق: ( لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها ) ما معنى جملوها؟ أي: أذابوها، وضعوها في القدور وأوقدوا النار من تحتها فساخت وذابت، فصارت في شكل آخر غير الشكل الأول، زين لهم الشيطان بأن تغيير الشكل يخرج المحرم إلى دائرة الحلال، وهذا لعب على الأحكام الشرعية واحتيال عليها، لذلك قال عليه الصلاة والسلام: ( لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها -أي أذابوها- ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه ).
إذاً: أكل الربا محرم، والاحتيال على أكل الربا محرم مرة أخرى، وآكل الربا ملعون، والمحتال على أكل الربا ملعون مرة أخرى، لذلك فالتورق هذا أو بيع العينة لا يجوز مضاعفةً أولاً: لأنه يطعم الربا، وذلك البائع يأكل الربا.
وثانياً: لأنهما تواطأا واتفقا على استحلال ما حرم الله، فوقعا في نفس الحيلة التي وقعت اليهود فيها من قبل

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
26-Dec-2013, 08:10 AM
الفتوى رقم: 907


الصنف: فتاوى البيوع والمعاملات المالية


في حكم بيع التورق




السـؤال:
يَرِدُ كثيرًا في كتب العلماء جملة «بيع التورق»، فما هي صورته؟ وما هو حكمه؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فصورةُ مسألة بيع التورُّق هي عند قيام الحاجة إلى مالٍ وتعذُّر الاقتراض يقوم المحتاج بشراء سلعةٍ تساوي ألفَ دينارٍ حالاً بألفٍ وعشرين دينارًا نسيئةً لغير قصد الانتفاع بها، وإنَّما ليبيعَها المشتري من آخرَ بما يساويها حالاً،( أي: بألف دينار)، فينتفعَ بثمنها؛ لأن غرضه الورق أي الدراهم لا السلعة.
وقد اختلف العلماء في حكم بيع التورُّق بين مجيزٍ ومانعٍ، والجواز هي الرواية الأولى عن الإمام أحمد، مستدلِّين بحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي رضي الله عنه قَالَ: «جَاءَ بِلاَلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مِنْ أَيْنَ هَذَا»؟ قَالَ بِلاَلٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيءٌ، فَبِعْتُ مِنْهَ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِمَطْعَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عِنْدَ ذَلِكَ: «أَوِّهٍ أَوِّهٍ، عَيْنُ الرِّبَا، عَيْنُ الرِّبَا، لاَ تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ»(١)، خلافًا للرواية الأخرى القائلة بأنَّ بيع التورُّق مكروه، وهذا الحكم مرويٌّّ عن ابن عباسٍ وعمر بن عبد العزيز، وهو قول مالك(٢) ونَصَرَهُ ابنُ تيمية(٣)، والمراد بالمكروه في بيع التورق إنما هو الكراهة التحريمية، لما نقله ابن تيمية عن عمر بن عبد العزيز من أنَّ التورُّق آخِيَّةُ الرِّبا، أي: أصل الربا. ويمكن ترجيحُ القولِ بالمنع إذا ما تقيَّد البيعُ بمقصود المتعاقد للوصول إلى الرِّبا عن طريق هذه المعاملة سدًّا لذريعة المحرَّم، وهي صورةٌ تتحقَّق غالبًا عند الحاجة إلى الدراهم مع تعذُّر الاقتراض، وإلاَّ فالظاهرُ أنَّ الرواية الأولى أقوى؛ لأنَّ عموم النصوص تدلُّ على الجواز؛ ولأنَّه لا فرق في مقصود المشتري بين أن ينتفع بالسلعة من استهلاكٍ أو استعمالٍ أو تجارةٍ وبين أن يشتريها لينتفع بثمنها، وليس فيه محذورٌ شرعيٌّ قائمٌ، ولا تحيُّلٌ على الرِّبا بوجهٍ من الوجوه، لذلك وجب الرجوعُ إلى الأصل وهو الحلُّ والإباحة، الذي تقتضيه النصوص العامَّة والاعتبار.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.


الجزائر في: 14 جمادى الأولى 1429ﻫ
الموافق ﻟ: 19 مـاي 2008م
١- متفق عليه: أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الوكالة، باب إذا باع الوكيل شيئًا فاسدًا فبيعه مردود: (2188)، ومسلم في «صحيحه» كتاب المساقاة، باب بيع الطعام مثلاً بمثلٍ: (4083)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

٢- «بداية المجتهد» لابن رشد: (2/162).

٣- «مجموع الفتاوى»: (29/442-446)، «الاختيارات الفقهية»: (129).

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
30-Dec-2013, 08:56 PM
من يزد على هذا من كلام العلماء الدعوة السلفية

هي مسألة التورق.. للشيخ العثيمين رحمه الله
أن يحتاج إلى دراهم ولا يجد مَن يقرضه فيشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيع السلعة على شخص آخر غير الذي اشتراها منه،
فهذه هي مسألة التورق.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في جوازها، فمنهم مَن قال: إنَّها جائزة؛ لأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إمَّا عين السلعة وإمَّا عوضهَا وكلاهما غرض صحيح.
ومن العلماء مَن قال: إنها لا تجوز؛ لأن الغرض منها هو أخذ دراهم بدراهم ودخلت السلعة بينهما تحليلاً، وتحليل المحرم بالوسائل التي لا يرتفعُ بها حصول المفسدة لا يُغني شيئاً. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: "إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكل امرأ ما نوى"1.والقول بتحريم مسألةالتورق هذه هو اختيار شيخ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البخاري، كتاب بدء الوحي "1"، ومسلم، كتاب الإمارة "1907".

الإسلام ابن تيمية، وهو رواية عن الإمام أحمد.
بل جعلها الإمام أحمد في رواية أبي داود من العينة كما نقله ابن القيم في "تهذيب السنن" "5/801".
ولكن نظراً لحاجة الناس اليوم وقلَّة المقرضين ينبغي القول بالجواز بشروط:
1 ـ أن يكون محتاجاً إلى الدراهم، فإن لم يكنْ محتاجاً فلا يجوزُ كمن يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره.
2 ـ أن لا يتمكَّن من الحصول على المال بطرقٍ أخرى مباحة كالقرض والسَّلم، فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة لأنَّه لا حاجة به إليها.
3 ـ أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الرِّبا مثل أن يقول: بعتك إيَّاها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك، فإن اشتمل على ذلك فهو إمَّا مكروه أو محرم، نقل عن الإمام أحمد أنه قال في مثل هذا: كأنه دراهم بدراهم لا يصحّ. هذا كلام الإمام أحمد. وعليه

فالطريق الصحيح أن يعرف الدائن قيمة السلعة ومقدار ربحه ثم يقول للمستدين: بعتك إيَّاها بكذا وكذا إلى سنة.
4 ـ أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم. فإذا تمَّت هذه الشروط الأربعة فإن القول بجواز مسألة التورق متوجهٌ كيلا يحصل تضييقٌ على الناس. وليكن معلوماً أنَّه لا يجوز أن يبيعها المستدين على الدائن بأقل مما اشتراها به بأي حال من الأحوال؛ لأن هذه هي مسألة العينة السابقة في القسم الرابع.
القسم السادس: طريقة المداينة التي يستعملها كثير من الناس اليوم،
وهي أن يتفق المستدين والدائن على أخذ دراهم العشرة أحد عشر أو أقل أو أكثر، ثم يذهبا إلى الدكان فيشتري الدائن منه مالاً بقدر الدراهم التي اتفق والمستدين عليها، ثم يبيعه على المستدين، ثم يبيعه المستدين على صاحب الدكان بعد أن يخصم

عليه شيئاً من المال يسمونه السعي، وهذا حرام بلا ريب، وقد نصَّ شيخ الإسلام ابن تيمية في عدَّة مواضع على تحريمه، ولم يحك فيه خلافاً مع أنه حكى الخلاف في مسألة التورُّق.
والمواضع التي ذكر فيها شيخ الإسلام تحريم هذه المسألة هي:
1 ـ يقول في ص74 من المجلد28: "و... والثلاثية مثل أن يدخلا بينهما محلِّلاً للربا يشتري السلعة منه آكل الربا، ثم يبيعها المعطي للرِّبا إلى أجلٍ ثم يعيدها إلى صاحبها بنقص دراهم يستفيدها المحلِّل. هذه المعاملات منها ما هو حرام بإجماع المسلمين مثل التي يجري فيها شرط لذلك، أو التي يباع فيها المبيع قبل القبض الشرعي، أو بغير الشروط الشرعية، أو يقلب فيها الدِّينَ على المعسر. ومن هذه المعاملات ما تنازع فيها بعض العلماء لكن الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وصحابته الكرام أنها حرام.
2 ـ وفي ص437 مجلد29 قال: "...وقول

القائل لغيره أدينك كل مائة بكسب كذا وكذا حرام... إلى أن قال: وبكل حال فهذه المعاملة وأمثالها من المعاملات التي يقصدُ بها بيع الدراهم بأكثر منها إلى أجل هي معاملة فاسدة ربوية".
3 ـ وفي ص439 من المجلد 29 المذكور قال: "أمَّا إذا كان قصد الطالب أخذ دراهم بأكثر منها إلى أجلٍ، والمعطي بقصد إعطاء ذلك، فهذا ربا لا ريب في تحريمه، وإن تحايلا على ذلك بأي طريق كان،. "فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرأ ما نوى". وذكر نحو هذا في ص430 وص433 وص441 من المجلد المذكور وذكر نحوه في كتاب: إبطال التحليل في ص109.
وبعد، فإنَّ تحريم هذه المداينة التي ذكرنا صورتها في أول هذا القسم لا يمتري فيه شخص تجرَّد عن الهوى وعن الشح وذلك من وجوه:
* الأول: أن مقصود كل من الدائن والمدين دراهم بدراهم، ولذلك يقدِّران المبلغ بالدراهم، والكسب

بالدراهم، قبل أن يعرفا السلعة التي يكون التحليل بها؛ لأنهما يتفقان أولاً على دراهم: العشرة كذا وكذا ثم يأتيان إلى صاحب الدكَّان فيشتري الدائن أي جنس وجده من المال، فربما يكون عنده سكر أو خام أو أرز أو هيل أو غير ذلك، فيشتري الدائن ما وجد ويأخذه المستدين، وبهذا علم أن القصد الدراهم بالدراهم، وأن السلعة غير مقصودة للطرفين. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرأ ما نوى"1.
ويدلُّ على ذلك أنَّ الدائن والمستدين كلاهما لا يقلِّبان السلعة ولا ينظران فيها نظر المشتري الرَّاغب، وربما كانت معيبة أو تالفاً، منها ما كان غائباً عن نظرهما مما يلي الأرض أو الجدار المركونة إليه وهما لا يعلمان ذلك ولا يباليان به.
إذن فالبيع بيع صوريٌّ لا حقيقي، والصور لا تغيِّر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سبق تخريجه "ص7".

الحقائق ولا ترتفع بها الأحكام. ولقد حُدِّثت أنه إذا لم يكف المال الموجود عند صاحب الدُّكان للدراهم التي يريدها المستدين. فإنَّهم يعيدون هذا البيع الصُّوري على نفس المال وفي نفس الوقت، فإذا أخذه صاحب الدُّكان من المستدين باعه مرة أخرى على الدائن، ثم باعه الدائن على المستدين بالربح الذي اتفقا عليه من قبل، ثم باعه المستدين على صاحب الدكان، فيرجع الدائن مرة أخرى فيشتريه من صاحب الدكان، ثم يبيعه على المستدين بالربح الذي اتفقا عليه. وهكذا أبداً حتى تنتهي الدراهم، فربما يكون المال الذي عند صاحب الدكان لا يساوي عُشرَ مبلغِ الدراهم المطلوبة، ولكن بهذه الألعوبة يبلغون مرادهم والله المستعان.
* الوجه الثاني: مما يدل على تحريم هذه المداينة أنه إذا كان مقصود الدائن والمدين هي الدراهم، فإن ذلك حيلة على الربا بطريقة لا يرتفع بها مقصود الرِّبا، والتحايل على محارم الله تعالى جامع بين مفسدتين:

مفسدة المحرم التي لم ترتفع بتلك الحيلة.
ومفسدة الخداع والمكر في أحكام وآيات الله تعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور.
ولقد أخبر الله عن المخادعين له بأنَّهم يخادعون الله وهو خادعهم، وذلك بما زيَّنه في قلوبهم من الاستمرار في خداعهم ومكرهم فهم يمكرون، ويمكر الله والله خير الماكرين.
قال أيوب السختياني: يخادعون الله كما يخادعون الصِّبيان، ولو أتوا بالأمر على وجهه لكان أهون.
وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلّم أمَّته من التحايل على محارم الله فقال: "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلُّوا محارم الله بأدنى الحيل"1. وقال صلى الله عليه وسلّم: "لعن الله اليهود، حُرِّمت عليهم الشُّحومُ فباعوها وأكلوا أثمانها"2.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 "إرواء الغليل"، للألباني "5/1535".
2 رواه البخاري، كتاب البيوع "2236"، ومسلم، كتاب المساقاة "1581"،

* الوجه الثالث: أنَّ هذه المعاملة يربحُ فيها الدائن على المستدين قبل أن يشتري السلعة، بل يربحُ عليه في سلعة لم يعرفا نوعها وجنسها فيربحَ في شيء لم يدخلْ في ضمانه.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ربح ما لم يضمنْ، وقال: "الخراجُ بالضّمانِ"1، وقال: "لا تبعْ ما ليس عندك"2. وهذا كله بعد التسليم بأنَّ البيع الذي يحصل في المداينة بيع صحيح، فإنَّ الحقيقة أنَّه ليس بيعاً حقيقيًّا، وإنما هو بيعٌ صوريٌّ، بدليل أن المشتري لا يقلِّبه ولا ينظرُ فيه ولا يماكسُ في القيمة، بل لو بيع عليه بأكثر من قيمته لم يبال بذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه أبو داود، كتاب البيوع "3510"، والترمذي كتاب البيوع "1285"، وصحيحه، والنسائي، كتاب البيوع "4490"، وابن ماجة، كتاب التجارات
"2243"، وأحمد "6/49".
2 رواه أبو داود، كتاب البيوع "3503"، والترمذي، كتاب البيوع "1232"، والنسائي، كتاب البيوع "4613"، وابن ماجة، كتاب التجارات "2187"،
وصححه الألباني في الإرواء "5/1292".

* الوجه الرابع: أنَّ هذه المعاملة تتضمنُ بيع السلعة المشتراة قبل حيازتها إلى محلِّ المشتري ونقلها عن محلِّ البائع.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن بيع السلع حيث تُشترى حتى يحوزها التجار إلى رحالهم.
فعن زيد بن ثابت رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن تُباعَ السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم.رواه أبو داود1.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كانوا يتبايعون الطعام جزافاً بأعلى السوق فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلّم أن يبيعوه حتَّى ينقلوهُ. رواه الجماعة إلا الترمذي وابن ماجه2.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سنن أبي داود، كتاب البيوع "3499".
2 رواه البخاري، كتاب البيوع "2131"، مسلم، كتاب البيوع "1527"، أبو داود، كتاب البيوع "3498"، والنسائي، كتاب البيوع "4605 – 4608"، وابن ماجة، كتاب التجارات 2229 وأحمد 2/7

المصدر:

عنوان الكتاب
المداينة



نقله الاخ ابو عبد الرحمن المرساوي

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
07-Jan-2014, 07:55 PM
حكم بيع التورق (الوعدة)
السؤال: السؤال الأخير الذي نعرضه من أسئلة أخينا عن حكم بيع التورق؟







-03:26





الجواب: التورق معاملة معروفة عند أهل العلم فيها خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا بأس بها، فالمعاملة التي يسمونها التورق ويسميها العامة الوعدة هي أن يبيع الإنسان سلعة على إنسان محتاج إلى أجل معلوم، وهذا المشتري يبيعها بعدما يقبضها يبيعها بنقد ويقضي بها حاجته من زواج أو قضاء دين أو بناء سكن أو غير ذلك، فيأتي زيد وهو محتاج إلى عمرو وهو من التجار ويقول له: أريد سيارة، أو أريد أكياس من أرز أو من السكر أو كذا تبيعني إياها إلى أجل معلوم فيقول: نعم، فيتفقان على ثمن معلوم وعلى أقساط معلومة فيتم البيع على ذلك، وهذا المشتري بعدما يقبضها ويحوزها إليه يتصرف فيها كما يشاء يبيعها بثمن معجل حتى يقضي حاجته من زواج أو قضاء دين أو غير ذلك.
ولكن يقع في هذا أخطاء لهؤلاء ولهؤلاء ينبغي التنبيه عليها بل يجب التنبيه عليها، وقد نبهنا عليها كثيرًا في هذا البرنامج وفي غيره، وهي أن البائع قد يبيع ما ليس عنده، التاجر قد يبيع سيارة ما هي بعنده عند التجار، أو عند الشركات، قد يبيع أكياس من الرز ما هي بعنده وبعد البيع يذهب يشتريها هذا لا يجوز، النبي ﷺ قال: لا تبع ما ليس عندك وقد صح عنه عليه السلام: أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم وجاءه حكيم بن حزام  فقال: يا رسول الله! الرجل يأتيني يريد السلعة فأبيعها عليه ثم أذهب فأشتريها، قال: لا تبع ما ليس عندك.
فالحاصل أن البائع قد يخطي والمشتري قد يخطي، فالبائع قد يبيع ما ليس عنده ثم يذهب يشتري، وهذا لا يجوز، بل لا يبيع سيارة ولا أكياس ولا خام ولا كذا إلا إذا كان عنده في حوزته في ملكه في بيته في دكانه، والمشتري المحتاج ليس له أن يبيع أيضًا حتى يقبض، لا يبيعها على الذي باع عليه، ولا يبيعها وهي عنده، بل يقبضها وينقلها إلى بيته أو إلى السوق أو إلى بيت فلان أو دكان فلان، يعني: ينقلها من بيت البائع من محل البائع ثم يتصرف بعد ذلك، هكذا يجب على هذا وهذا، فإذا باع أحدهما قبل أن يقبض فهذا هو الذي لا يجوز وهو الذي يخل به كثير من الناس وتأتي المشكلة من هذا الجانب، والله ولي التوفيق، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، إذا كان هناك اتفاق سماحة الشيخ بين هذا البائع وبين المتورق أو الذي في حاجة إلى نقود على أن العشرة تكون بثلاثة عشر أو بخمسة عشر أو ما أشبه ذلك، هل ترون جواز هذا؟
الشيخ: ما يضر، الاتفاق ما يضر لكن لا يتم بيع إلا بعد ذلك.
المقدم: لا يتم البيع.
الشيخ: إلا بعد ذلك، إلا بعد القبض والحوز، لو جاءه قال أنا ..............

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
13-May-2018, 09:14 PM
السلام عليكم ورحمة وبركاته
للفائدة

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
29-May-2018, 02:40 AM
رقم السؤال :15
رقم الشريط :518
السلسة : الهدى و النور
التوقيت : (00:45:10).
15- شرح حديث: ((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ فِيِ سَبِيلِ اللهِ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ عَنْكُمْ؛ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)). وتعريف بيع العِينة.

نأتي إلى حكم آخر: الرِّبا مجمعٌ على تحريمه بين علماء المسلمين، بدلالة الكتاب والسنة الصحيحة وإجماع الأمة، ما رأيكم؟
أيضًا -أرجو أن يكون الجواب بشيء من الدقة- أكثر التجار -أو لنقل: -قبل ما نحدد أكثر وأقل- تجار المسلمين اليوم هل فيهم من لا يتعاطَّى الرِّبا؟
السائل:
لا، ما يوجد!
الشيخ: يمكن يقول قائل: أنه أكثرهم يتعاطى.
السائل:
لا، يا شيخ! لا أحد
الشيخ: ها؟
السائل:
لا أحد ينجو.
الشيخ:
لا أحد ينجو، هذه هي الحقيقة.
إذن، لماذا؟ في سبب ثاني إذن.
نحن قلنا -جوابًا عن سؤال الأخ: بماذا تنصح؟-: بالعلم والعمل. هؤلاء التجار يعلمون أن الرِّبا محرم؛ ولكنهم لا يعملون بما يعلمون، لماذا؟ لأنه حُقَّ فيهم قول نبيهم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: ((سَتَدَاعَى عَلَيْكُم الأُمَمُ)) وهذا تَمثَّل أخيرًا مع الأسف بالحرف الواحد: ((سَتَدَاعَى عَلَيْكُم الأُمَمُ، كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا))؛ قَالُوا: أَوَ مِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللهِ!؟ قَالَ: ((لاَ؛ بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ؛ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ الرَّهْبَةَ مِنْ صُدُورِ أَعْدَئِكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ فِى قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ))؛ قَالُوا: وَمَا الْوَهَنُ يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: ((حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ)).
لماذا أكثر التُّجَّار -خلينا نقول: مش كلهم التُّجَّار- لماذا أكثر التُّجَّار يتعاملون بالرِّبا؟ تحكَّم في قلوبهم حبُّ الدنيا، وكراهية الموت؛ كأنهم مخلَّدون في الدنيا.
جاء الحديث الآخر يوضِّح الموضوع بصورة أكثر؛ فيقول: ((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ فِيِ سَبِيلِ اللهِ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ عَنْكُمْ؛ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)).
هذا الحديث من الأحاديث المهمة جدًّا جدًّا في العصر الحاضر؛ لأنه وصف الداء مقرونًا بالدواء؛ وصف الدواء بهذه العلل الأربعة: كان عن تعامل الربا بالعينة -بيع العينة-؛ ولعلكم تعلمون -جميعًا- ما هو بيع العينة، أو على الأقل نحتاط -أيضًا- في الكلام حتى ما نظلم الناس؛ لابد يكون واحد اثنين بيناتكم [بينكم] -إن شاء الله- يكون بهالعدد القليل- لا يعلم ما هو بيع العينة، والرَّسول يقول -يخاطب العرب أمثالكم-: ((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ)).
العينة: أن يأتي الرجل إلى التَّاجر، يتظاهر بأنه يريد أن يشتري حاجة؛ لنفترض يريد أن يشتري سيارة، والحقيقة لا يريد أن يشتري سيارة، الحقيقة يريد قرضًا؛ لكن هو يعلم أنه يعيش في مجتمع إسلامي اسمًا وليس إسلاميًا فعلاً؛ بدليل أن المجتمع الإسلامي وصفه الرَّسول عليه السَّلام في الحديث المشهور في الصحيح: ((مَثَلُ المُؤْمِنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ؛ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالحُمَّى وَالسَّهَر)).
إذن، المفروض في المجتمع الإسلامي أنه إذا وقع فرد من أفراده في ملمَّة، في مصيبة، واقتضت هذه المصيبة أن يستقرض مالاً أن يجد من يقرضه قرضًا لوجه الله حسنًا. لا يجد اليوم من يقرض هذا القرض الحسن! لماذا؟ لتفكك المجتمع بعضه عن بعض؛ ولذلك فهو يحتال: يذهب إلى التَّاجر؛ يقول: أنا أريد أن أشتري هذه الحاجة -نقول هي السيارة- بكام؟ التاجر يبدأ بمخالفة الشريعة: بعرض بيعتين في بيعة؛ يقول: هذه نقدًا بعشرة آلاف، وتقسيطًا: بزائد خمسمائة أو ألف. يقول له: لا، أنا ما عندي فلوس! بيقول له: إذن، إحدى عشر ألفًا، وهو ما عنده ولا ألف، هو أتى ليأخذ مالاً، بيقول له: أنا اشتريت بأحد عشر ألفًا، وبعد قليل: إجراء العمليات والكمبياليات وما شابه ذلك، بيرجع الشاري بايعًا، والبائع شاريًا! فيقول الشاري: أنا الحقيقة -يا أخ!- أنا أريد أن أبيعك هذه السيارة، اشتريها مني! يعرف التاجر أنه بحاجة إلى فلوس؛ فيبيعه بأبخس الأثمان، لنفترض أنه رأس مال السيارة على التَّاجر: تسعة آلاف؛ نقدًا بيربح ألف، تقسيطًا ألف ونص مثلاً، فهو بيرجع بيشتريها منه بثمانية آلاف، بيربح بقى ربيحين الآن!
هو بياخد ثمانية آلاف وينصرف في سبيله، هذه بيع العيينة، وهذا موجود في بعض البلاد العربية، التي كانت الآمال معقودة فيها أن ينبع الإسلام الصحيح من هناك.
بيع العيينة، أكياس من الأرز، ومن السكر تشترى بهذه الطريقة، ثم تباع ولم تتحرك هذه الأكياس من مخازنها!
فالرسول يقول: ((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ))؛ أي: أكلتم الربا، ((وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ))؛ يعني: التهيتم بوسائل الدنيا وكسب المال، كذلك: ((وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ فِيِ سَبِيلِ اللهِ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ عَنْكُمْ)) هاي اليهود احتلوا البلاد العربية الفلسطينية، ((لاَ يَنْزِعُهُ عَنْكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)).
الرجوع إلى الدِّين هو الجواب السابق: العلم النافع والعمل الصالح.
أما الرُّجوع إلى الدِّين -كما هو اليوم مفهوم- فيما يُسمُّونه بالحيل الشرعية، وفيما يُسمُّونه بالبنوك الإسلاميَّة، وفيما يُسمُّونه بالأناشيد الدينية، والفنون الإسلاميَّة؛ كلها تأخذ صبغة إسلاميِّة، وهي ليس لها صلة بالإسلام لا من بعيد ولا من قريب. والله المستعان.
فإذن، ï´؟وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَï´¾[1] (http://www.tasfiatarbia.org/vb/#_ftn1).
والله المستعان. غيره.
السائل: جزاك الله خيرًا.
الشيخ: وإيَّاك.
[1] [التوبة: 105].