المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما هو الكُفْرُ البواحُ؟



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
17-Jan-2014, 02:10 AM
ما هو الكُفْرُ البواحُ؟


في سؤال وجه للإمام العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله، قال السائل: «جاء في حديث عُبادة بن صامت " الصحيح " : «دعانا النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا : أن بايعنا على السمعِ والطاعةِ،في منشطِنا ومكرهِنا، وعسرِنا ويسرِنا وأثرةٍ علينا، وأن لا ننازعَ الأمرَ أهلَه، قال: إلاأن تروا كُفرًا بَواحًا، عندكم من اللهِ فيه برهانٌ»، فالسؤال المطروح : هو توضيحُ معنى الكفر البواح؟».

قال الإمام الألبانيّ –رحمه الله تعالى-:
«يعْني : كفْرٌ صَرِيْحٌ الذي ليس عِنْدَ صَاحِبِهِ حُجْةٌ يَقْتَنَعُ بِها في نَفْسِهِ فَضْلًا عنْ أنْ يَسْتَطِيعَ أنْ يُقْنِعَ بِها غَيْرَهُ فالحُجْةُ هُنا هي الحُجْةُ القاطِعَةُ البَيّنةُ ، أنْ يأتيَ بالحُجْةِ على الكُفْر الذي نُسَمْيهِ نَحْنُ ،أمّا إذَا كانَ جاءَ بِحُجْةٍ هو مُقْتَنِعٌ بِها فلا يَجوزَ الخُرُوج عليهِ لأنّهُ خالفَ مَعْهودنا ، وخالفَ مَعْلوُماتِنا ، وبِهذا نُعَلل فِتْنة المأمون العباسيّ ، حيثُ خَرَجَ على العَالمِ الإسْلَاميّ في خلافَتِهِ بِقَوْلِهِ: بأنّ القُرْآنَ مخلوقٌ، فهم ما خَرَجوا عليهِ ، فنَجْد العالم الإسْلامي يومئذٍ وفيهِ العُلَماءُ الفطاحِلُ مِنَ المُحَدِثينَ ومِنَ الفُقَهاءِ ومِنَ الأئمْةِ ما خَرَجوا عليْهِم وهم كانوا –بلا شَك- أقوى مِنْا اليَومَ في الخُرُوجِ عليْهِم ، لكِنْهم لمّ كانوا يَتَبَنْونَ هذا الحُكْمَ ، وهو أنّه لا يَجوزُ للمُسْلِمِينَ أنْ يَخْرُجوا على حُكْامِهِم وأُمرائهِم إلا إذَا رأوا مِنْهم كُفْرًا بواحًا ، مارأوا مِنْهم كُفْرًا بواحًا ، لأنّ الكُفْرَ البواحَ يُمْكَن أنْ نَفْهَمَهُ بِما يُعَبْر عَنْهُ بَعْضُ العُلماءِ – في بَعْضِ المناسَباتِ – بــ "ما كانَ مَعْلومًا مِنَ الدِّينِ بالضَرورةِ".

يَعْني : حُكْمٌ يَشْتَرِكُ في مَعْرِفَتِهِ الخاصَةُ والعامَةُ ، العالمُ والجاهِلُ فإذَا أعْلَنَ الحَاكِمُ يَوْمًا ما "اسْتِباحةَ أمرٍ مقْطوعٍ تحْرِيمُهُ مثلًا مِنَ الدِّينِ بالضَرورَةِ، حينئذٍ تسْقُطُ البَيْعَةَ التي بُويَعَ بِها لأنّهُ ارتَكَبَ كُفْرًا بَواحًا صريحًا".

أمّا مسألة خَلْق القُرآن صحيح أنّها خطأٌ لكنْ وينْ الدّليل ، علماءُ السلفِ ، الصحابةُ الأولونَ، ما تكَلّموا في هذه القَضِّيَةِ ، لكنْ لمّا خَرَجَتْ المُعْتَزِلةُ بهَذهِ العَقِيْدَةِ الباطِلَةِ، المُنْحَرِفَةِ – طَبْعًا – عَنِ الأدِلّةِ الشَرْعِيّةِ فقالوا : إنّ كلامِ اللهِ مَخْلوقٌ ، فاضْطَرَ عُلَماءُ السُنّةِ ، وبخاصةٍ مِنْهم "عُلَماء الحديثِ" أنْ يُقابِلوا هذا القَوْلُ بنَقِيْضِهِ وهو الصواب وأنْ يَقولوا :كلام اللهِ صِفَة مِنْ صِفاتِهِ ، ولا يُعْقَلُ أنْ يَكونَ مَخْلوقًا ، لكن هذا أشْبه شيء بما يُسمى بــ "علمِ الكلامِ " ولِنَقُلْ عبارة أُخْرى : "أشْبِه شيء بالفلسفة" ، مَنْ يَفْهم أنّ هذه الصفةَ، والصفة تبَع للذاتِ ، والذات قديمة والصفات قديمة فيلّزم مِنْهُ أنّ الكلامَ ما هو مخلوق لأنّه هذا صفةٌ للخالق ، هذه أمور اجتهادية استنباطية ، وليستْ كلُّ الأمورِ الاجْتهادية الاستنْباطية باطلةً ، ولا هي كُلُّها صوابٍ ، لكنْ يَخْتَلِف الأمر بينَ ما هو مَنْصوصٌ عليهِ وبينَ ما هو بطريقِ الاجتهادِ والاسْتِنْباطِ ، لذلكَ نَجِدّ العُلماءَ يومئذٍ ما قابلوا [دلالة] بالخروجِ عليهِ ، لأنّه – صحيح – جاء بأمْرٍ مُنْكرٍ ، لكنْ ما جاء كُفْرًا بواحًا ، ولذلكَ لقوا ما لقوا مِنَ التَعْذيبِ والسِجْنِ والموتِ والقَتْلِ وما خَرَجوا عليهم ، وهنا الآن نحنُ بَعْدَ أنْ تَبَيّنَ لنا "ما هو الكُفْرُ البواحُ" وضرَبْنا بَعْد الأمثلة ، ما فائدة فَهْم هذا الحَدِيث في هذا العَصْرِ حيثُ لا بَيْعَةِ ؟،أنا أعْتَقِدُ أنّ الذينَ يُثيرونَ هذا السؤالَ وأمثالَهُ ، هُم مِنَ الجماعَةِ الخوارِجِ المُحْدَثينَ هُم يَحَمِلونَ الفِكْر الجَدِيْدِ الذي تَبَنتهُ جماعَة سُمْوا – بِحَقٍ أو بباطِلٍ – بجماعة التَكْفيرِ والهِجْرَةِ ، هؤلاء يُرِيدونَ " أنّنا نرى الكُفْرَ البواحَ مِنْ كثيرٍ مِنْ حُكامِ المُسلمينَ إذًا يَجوز الخُروجِ عليهم ، نَحْنُ بنقول لهم [نَقولُ لهم] : أنتم في الأصل ما بايعْتم المسألة أهْون مِمّا يَتَصَورونَ لكنّها أخطر ممّا يظنون ، في الأصلِ ليسَ هُناكَ إمامٌ بِيِعَ لحتى [ حتى ] نسْحبَ البَيْعَةَ مِنْهُ التي نرى فيها الكُفر البواح لا ما فيه – مرتاحين جميعًا – ما في أصل مرتاحين ، ولا يمكننا إلا بأنْ نتحملَ ظلمَهُ وطُغْيانَهُ و، و إلى آخِرِهِ إلا نرى - أيش ؟- هذا الكُفْرَ الصريحَ "ففي الأصل [... ] ما في عنّا [عندنا] بيعة ، لكنْ الأمر أخْطر" هلْ يَجوزُ الخُروج ولو رأينا الكُفْرَ البواحَ؟".

في هذا الزمانِ الحديثِ يسمَحُ لنا لو كُنّا مبايعينَ ورأينا الكُفْرَ الصريحَ يُسْمحُ لنا بالخُروجِ عليهِ ، وبعدَمِ – أيش؟- [ ماذا ؟] طاعتِهِم ، ومِنْ بابِ أولى يُسْمحُ لنا بالخُروجِ وليس لنا بيْعَة ، ولكنْ هل يَسْمَحُ لنا الآن دِّينُنا أنْ نَخْرُجُ على هذا الحاكمِ أو ذاكَ – أظنُ عرفْتم جوابَ المسألةِ – لأنّ هذا الخُروجَ ستَكونُ عاقِبتُةُ شَرًّا مِنْ هذا الوضْعِ الذي نَعِيشُهُ الآن ، "نَعَم ، عاقِبَةُ الخروجِ" [ العلامة الألباني – رحمه الله - يوضح لمتسائل على ماهو الذي " عاقبته شرّ"؟ ] فهذا - كما أشرنا آنفًا –وقائعٌ وقَعَتْ – مع الأسف - بسَبَبِ الخروجِ غَيرِ المأذونَ فيهِ فِقْهًا، فهؤلاء جماعة الهجرة والتكْفير عرفُوا شيئًا مِنَ الإسْلامِ وتَحَمْسوا لهُ ، وانطلقوا يعْملونَ لهُ بمفْهومِهم الذي انحرفوا فيه كثيرٌ منْ جوانبِه مِن وحْيِه، فكانتْ عاقبتُهم الأذى، وفتنةً صماءَ ،بكماءَ ، وأخَروا الدّعوةَ في كثيرٍ مِنَ البلادِ عشرات السنينَ».

ملاحظات:

هذا تفريغٌ لي لجزءٍ مخصوص مِن الشريط رقم «211» السؤال التاسع مِنه وهو الأخير بالشريط منه وبداية الشريط «212» بعنوان: «ما هو الكفرُ البواحُ؟».
التفريغ لا يوجد على الشبكة يعني أنّي لم أُسبَقْ بتفريغِه – الله أسألُ أنْ ينفعَ به.
للاستماع للمادة الصوتية: https://archive.org/download/alkofr_albawa7_shiekh_alalbany/alkofr_albawah_shiekh_alalbany.mp3
لتحميل المادة الصوتية [من هنا (https://archive.org/download/alkofr_albawa7_shiekh_alalbany/alkofr_albawah_shiekh_alalbany.mp3)].
لمشاهدة اليوتيوب الأمين [من هنا (http://safeshare.tv/w/XHPhtrgxvw)].