المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [تفريغ] وَصِيَّةُ الإِمَامِ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِكُمَيْل بْنِ زِيَاد تَعْلِيقُ الشَيْخِِ زَيْد المَدْخَلِي



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
23-Jan-2014, 08:22 PM
وَصِيَّةُ الإِمَامِ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِكُمَيْل بْنِ زِيَاد





تَعْلِيقُ الشَيْخِِ زَيْد المَدْخَلِي




قَالَ الإِمَامُ شَمْسُ الدِينِ ابْنُ قَيِّمِ الجَوْزِيَّة – رَحِمَهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى - فِيمَا رَوَاهُ كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ[1] النَخَعِي قَالَ: " أَخَذَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه بِيَدِي فَأَخْرَجَنِي إِلَى نَاحِيَةِ الْجَبَّانُة[2]، فَلَمَّا أَصْحَرَ جَعَلَ يتَنَفَّسُ ثُمَّ قَالَ: " يَا كُمَيْلُ بْنَ زِيَادٍ، الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ خَيْرُهَا أَوْعَاهَا، احْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ، النَّاسُ ثَلَاثَةٌ: فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةِ، وَهَمَجٌ رِعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ، الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ، الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ، الْعِلْمُ يَزْكُو عَلَى الإنفاق وفي رواية على الْعَمَلِ وَالْمَالُ تُنْقِصُهُ النَّفَقَةُ، الْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ، وَمَحَبَّةُ الْعَالِمِ دِينٌ يُدَانُ بِهِ، العِلْمُ يُكسِبُ العَالِمَ الطَّاعَةَ فِي حَيَاتِهِ وَجَمِيلَ الْأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَصَنيعَةُ الْأَمْوَالِ تَزُولُ بِزَوَالِهِ، مَاتَ خُزَّانُ الْأَمْوَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ، أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَأَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ، هَاه هَاهْ إِنَّ هَا هُنَا وَأَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ عِلْمًا لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً[3]، بَلْ أَصَبْتُ لَقِنًا غَيْرَ مَاْمُونٍ عَلَيْهِ يَسْتَعْمِلُ آلَةَ الدِينِ للدُنْيَا يَسْتَظْهِرُ حُجَجَ اللهِ عَلَى كِتَابِهِ وبِنِعَمِهِ عَلَى كِتَابِهِ أَوْ مُنْقَادًا لِأَهْلِ الْحَقِّ لَا بَصِيرةَ لَهُ فِي إِحْيَائِهِ، يَنْقَدِحُ الشَّكُ فِي قَلْبِهِ بِأَوّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ لَا ذَا وَلَا ذَاكَ أَوْ مَنْهُومًا لِلذَّاتِ سَلِسَ القِيَادِ لِلشَّهَوَاتِ أَوْ مغرى بِجَمْعِ الأَمْوَالِ وَالاِدِّخَارِ لَيْسَا مِنْ دُعَاة الدِّينِ أَقْرَب شَبَهًا بِهِمْ الأَنْعَام السَّائِمَة لذَلِك يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْت حَامِلِيهِ اللَّهُمَّ بِلَى لَنْ تَخْلُو الأَرْضُ مِنْ قَائِم للهِ بِحُجَّتِهِ لِكَيْلَا تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وَبَيِّنَاتُهُ أُولَئِكَ الأَقَلُّونَ عَدَدًا، الأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللهِ قيلا بهم يدْفع الله عَن حُجَجِهِ حَتَّى يُؤَدُّوهَا إِلَى نُظَرَائِهِم ويزرعوها فِي قُلُوب أشابههم هَجَمَ بِهِم الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَة الأَمْرِ فاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَ مِنْهُ المُتْرَفُون وأَنِسوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الجَاهِلُونَ صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالمَلَأ الأَعْلَى أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللهِ فِي أَرْضِهِ وَدُعَاتُهُ إِلَى دِينِهِ هَاهْ هَاهْ شَوْقًا إِلَى رُؤْيَتهمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكَ إِذَا شِئْتَ فَقُمْ[4]. اهـ


الشَيْخ زَيْد: مَا شَاءَ اللهُ مَا شَاءَ اللهُ، وَصِيّةٌ عَظِيمَةٌ يُسْتَفَادُ مِنْهَا الجِدُّ والاِجْتِهَادُ فِي تَحْصِيلِ الْعِلْمِ الشَرْعِيِّ، أُصُولًا وَفُرُوعًا وَمَسَائِلَ وَالْعِنَايَةَ بِذَلِكَ إِذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا إْلَّا بَعْدَ أَنْ يَبْذُلَ جُهْدَهُ فِي الطَلَبِ وَمَنْ سَارَ عَلَى الدَرْبِ وَصَلَ، مَنْ وَاصَلَ الطَلَبَ طِيلَةَ حَيَاتِهِ نَفَعَ نَفْسَهُ وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِعِلْمِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ وَمَنَحَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْأَجْرَ الْوَفِيرَ وَالذِكْرَ الحَسَنَ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَمَا خَلَّفَهُ مِنْ تُرَاثٍ يَنْفَعُ اللهُ بِهِ النَاسَ فَأَجْرُهُ كَائِنٌ وَبَاقِي، وَكَمْ آيَةً كَرِيمَةً جَاءَتْ فِي الثَّنَاءِ عَلَى العُلَمَاءِ الذِينَ بَذَلُوا جُهُودَهُمْ حَتَّى حَصَّلُوا الْعِلْمَ، حَصَّلُوا نَصِيبًا وَافِرًا مِنَ الْعِلْمِ وَكَذَلِكَ الثَّنَاءُ عَلَى الْعِلْمِ كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ﭽ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯩ ﭼ فاطر: ٢٨ فَحَصَرَ الخَشْيَةَ فِيهُم عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ وَذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ لَهُمْ مِيزَةً عَلَى الآخَرِينَ ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﰀ ﭼ الزمر: ٩ وَالجَوَابُ لَا يَسْتَوِيَانِ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭼ الرعد: ١٩ فَذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ الْعَالِمَ مُبْصِرٌ يُبْصِرُ الطَّرِيقَ إِلَى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى نَيْلِ كَرَامَتِهِ وَأَنَّ الجَاهِِلَ لَا يُبْصِرُ، يَتَخَبَّطُ وَقَدْ يَقَعُ فِي الشِرْكِ وَفِي الْبِدَعِ المُضِلَّةِ وَيَقَعُ فِيمَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ بِسَبَبِ جَهْلِهِ وَقَدْ ذَمَّ اللهُ الجَهْلَ وَالجَاهِلِينَ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﭽ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﭼ الأنعام: ٣٥ إِرْشَادٌ إِلَى الْعِلْمِ وَالْبَرَاءَةِ مِنَ الجَهْلِ وَالسَعْيِ فِي رَفْعِهِ عَنِ الإِنْسَانِ وَالتَحَلِّي بِحِلْيَةِ الْعِلْمِ الذِي هُوَ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلْعَبْدِ فِي دُنْيَاهُ وَبَرْزَخِهِ وَأُخْرَاهُ.
http://www.ajurry.com/vb/images/styles/ChitChat/misc/paperclip.png الملفات المرفقة

http://www.ajurry.com/vb/images/styles/ChitChat/attach/docx.gifوصية الإمام علي لكميل مع تعليق الشيخ زيد المدخلي (2).docx‏ (http://www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachmentid=37243&d=1390487541)
http://www.ajurry.com/vb/images/styles/ChitChat/attach/pdf.gifوصية الإمام علي لكميل مع تعليق الشيخ زيد المدخلي.pdf‏ (http://www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachmentid=37244&d=1390487541)



[1] كُمَيْلُ بْنُ زِيَادِ بْنِ نَهِيكِ النَّخَعِيُّ، تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ، مِنْ أَصْحَابِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ، وَقَتَلَهُ الْحَجَّاجُ سَنَةَ 82 هـ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ، انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 8/447 - 448، الْأَعْلَامِ 6/93


[2] الجبان في الأصل الصحراء، وأهل الكوفة يسمون المقابر جبانة، كما يسميها أهل البصرة المقبرة.
معجم البلدان (2/99-100) ، ومراصد الاطلاع (1/310) .



[3] قال شيخ الإسلام ابن تيمية الحفيد كما في منهاج السنة 5/512: عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَكُنْ يَقُولُ هَذَا بِالْمَدِينَةِ، لَا فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَقُولُ هَذَا فِي خِلَافَتِهِ فِي الْكُوفَةِ ; لِيُعَلِّمَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ مَا يَنْبَغِي لَهُمْ عِلْمُهُ، وَكَانَ هَذَا لِتَقْصِيرِهِمْ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَأْمُرُهُمْ بِطَلَبِ الْعِلْمِ وَالسُّؤَالِ.

[4] الأثر أخرجه أبو بكر الأبهري في "فوائده" (ص32-34/رقم16) ، وابن الشجري في "الأمالي" (1/66).
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (1/79-80) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (24/220-222) ، والذهبي في "تذكرة الحفاظ" (1/11).
قال الخطيب بعد إيراده لهذا الأثر في "الفقيه والمتفقه" (1/184) : "هذا الحديث من أحسن الأحاديث معنى، وأشرفها لفظاً، وتقسيم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الناس في أوله تقسيم في غاية الصحة، ونهاية السداد، لأن الإنسان لا يخلو من أحد الأقسام الثلاثة التي ذكرها مع كمال العقل، وإزاحة العلل، إما أن يكون عالماً، أو متعلِّماً، أو مُغفَّلاً للعلم وطلبه، ليس بعالم، ولا طالب له".