تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مكانة الإمام محمد بن عبدالوهاب عند الإمام ابن باديس مناقشة موضوع (لو حافظنا على فكر ابن باديس لما انتشرت الوهّابية في الجزائر) المنشور في (الشروق)



أبو أنس بشير بن سلة الأثري
07-Feb-2014, 02:01 AM
مكانة الإمام محمد بن عبدالوهاب عند الإمام ابن باديس مناقشة موضوع (لو حافظنا على فكر ابن باديس لما انتشرت الوهّابية في الجزائر)

المنشور في (الشروق)


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الكرام
أما بعد :
فقال الإمام الألباني في ( سلسلة الهدى والنور )(ش 955 / د2 ـ 4) : (( الآن السياسة التي لا دين لها تعمل عملها .. كنت أذكر في بعض المناسبات أننا حينما بدأت أفهم شيئا من هذا العلم الشريف علم الحديث النبوي وعرفت أنه هناك كجماعة كذابين ، وضاعين وأنهم أنواع وكانت بواعثهم مختلفة ، فألقي في نفسي يومئذ أن دور وضع الحديث انتهى ، هكذا كان ألقي في نفسي ، لكن مع استمرار في مخالطة الناس تبين لي أن الوضع لا يزال يعمل عمله ، ونفس الأسباب السابقة هي كما يقال التاريخ يعيد نفسه ، الآن السياسة التي كما قلت آنفا لا دين لها هي الآن تستغل الخلاف القائم بين الدول العربية وتكتل وتحزب بعضهم لهؤلاء وبعضهم لهؤلاء لإيجاد أثار وأحاديث قد تكون مما يقال أكل الدهر عليها وشرب ، ثم تثور بعض الحوادث والفتن فيجدون بعض التطابق الصوري والشكلي بين هذا الواقع وبين تلك الآثار ، فيثيرها أهل الأهواء غير مفرقين بين ما صح مما لا يصح ، وبين ما هو حديث مرفوع إلى الرسول عليه السلام ، وما ليس بمرفوع ))
قلت ( بشير) : هذه مقدمة بين يدي موضوع قد نشر في (الشروق) بعنوان (لو حافظنا على فكر ابن باديس لما انتشرت الوهّابية في الجزائر ) ، تشير إلى جناية السياسة العمياء وأقلام أهلها الجهلة وأفكارهم العوجاء على دعوة الإسلام الحكيمة النزيهة النقية وأئمتها الطاهرة الزكية ، ومن ذلك ما أدعته كاتبة هذا الموضوع الذي شحن بالمغالطات والجهل بحقيقة دعوة الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ ومدى ارتباط وموافقة دعوة الإمام ابن باديس ـ رحمه الله ـ لدعوته في أصلها ومضمونها وشكلها وصورتها .
فقالت : (( أنا أقول اليوم لو احتفظنا بفكر بن باديس ونمِّيناه وشرحناه وحللناه لما وصل إلينا الإرهاب ولما وصل إلينا التطرف الديني الوهابي الذي جاء من المشرق.))
أقول
إن هذا الكلام لا يخرج وينبثق إلا من أعمى الله بصيرته وجهل بحقيقة دعوة الإمام ابن باديس وإخوانه المصلحين علماء الجزائر في أرض الجزائر ، التي ما هي إلا دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب في الجزيرة العربية
قال العلامة القدوة ربيع المدخلي في ( أهل الحديث هم الطائفة المنصورة الناجية)(ص 111 ـ 113)
((ثم يجب أن نعرف أن أحوال الأمة الإسلامية تردت إلى الحضيض، وعاد الإسلام غريباً كما بدأ، وسادت الخرافات الشركية، وأطبقت ظلمات الجهل والتقليد الأعمى وعبادة القبور، فبعث الله دعوات تجديدية كلها على أيدي أهل الحديث .
أولى هذه الدعوات : دعوة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب، الذي جدَّد الله به معالم الإسلام والإيمان والتوحيد في الجزيرة العربية، وامتدت أنوار وإشعاعات هذا التجديد إلى آسيا وإفريقية .
فقد تردَّت الأوضاع في الجزيرة العربية إلى حضيض الجهل المُطبق والشرك القاتل، إلا من سلم الله منهم حتى عُبِدَت القبور والأحجار والأشجار والأنهار، وسادت الفوضى الاجتماعية والأخلاقية والسلب والنهب وسفك الدماء، وعادت الغارات والمعارك القَبَلِيَّةُ إلى أشد مما كانت عليه قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، فشَمَّر هذا الإمام الشجاع العالم المجاهد عن ساعد الجد، فدعا إلى التوحيد وإلى إخلاص العبادة لله وحده، وحارب الشرك والبدع وأهلها، وناضل وكافح، حتى هيأ الله له الجنود والأنصار، فنهضوا بدعوة الحق دعوةً وتعلماً وجهاداً بالعلم والبيان وبالسيف والسنان، حتى قامت دولة الإسلام على قواعد التوحيد والسنة، ترفع راية التوحيد والسنة، وتطبق شريعة الله على أكمل الوجوه، وما يعيشه العالم الإسلامي اليوم من وعي ويقظة إنما هو عند الإنصاف أثر من آثار هذه الدعوة العلمية الجهادية، ومدارس هذا البلد وجامعاته وأعماله يضيء منها نور التوحيد والإسلام، فيستضيء به المسلمون إلى يومنا هذا وإلى أن تقوم الساعة إن شاء الله .
ثانيتها : دعوة أهل الحديث في الهند : لقد مَرَّت على مسلمي الهند قرون لا يعرفون فيها من العلوم إلا الفلسفة والمنطق والكلام والتعصب المذهبي الأعمى، ولا توجد للحديث والتفسير السلفي والمنهج السلفي عين ولا أثر، فأطبقت عليهم ظلمات الجهل والشرك والبدع، حتى هيأ الله أسرة الدهلوي، فبدأت تهتم بالسنة النبوية ونشرها، وبارك الله في هذه الدعوة، فترعرعت على أيدي أحفاد هذه الأسرة تعليماً ودعوةً وجهاداً، فكان منهم الدعاة والمبرزون، والمناظرون، والمؤلفون البارزون، فأسلم على أيدي دعاتهم ومناظريهم ألوف الألوف من الوثنيين، وعاد إلى الإسلام الحقِّ مئات الألوف من القبوريين والمبتدعين، ونفخوا روح الجهاد في القارة الهندية، فأحيوا سنة الجهاد ضد السيخ والإنجليز، وكان جهادهم جهاداً إسلاميّاً قائماً على التوحيد والسنة، فأقاموا للإسلام دولة في شمال غرب القارة الهندية آنذاك، طبقوا فيها الشريعة الإسلامية، غاظت كلاًّ من المبتدعين والقبوريين والإنجليز الصليبيين، فتآمروا عليها، فاغتالوا قادة هذه الدولة المسلمة، وقضوا على جيشها، وكان أمر الله قدراً مقدوراً.
ورغم ذلك؛ فقد قامت لهم جامعات ومدارس في الهند وباكستان وبنغلاديش ونيبال وجنوب شرق آسيا وأفغانستان، يشع منها نور التوحيد والسنة والإيمان في هذه الأزمان، وأهلها يعانون من أذى وعنت الوثنين والقبوريين الخرافيين والحزبيين ما يلاقيه الدعاة المصلحون في كل زمان ومكان .
لا يستطيع عاقل منصف أن يقول عن حركات تناهض هذه الطائفة المؤمنة وتتعاطف مع الروافض والصوفية والأحزاب العلمانية وتتحالف معها وتقف إلى جانبها تؤيدها حينما تَدْلَهِمُّ الخطوب على المسلمين أن يقول : إن لها أي نصيب من التجديد الذي أشار إليه الحديث النبوي ويعتبره المنصفون العالمون تجديداً .
ثالثتها : دعوة الصنعاني في اليمن، وحركة الشوكاني ومدرسته امتداد لها، والدعوة السلفية اليوم تعتبر امتداداً لهما ولدعوة الإمام المجدد محمد ابن عبدالوهاب .
رابعتها : دعوة الشيخ عثمان بن فودى في شمال نيجيريا .
خامستها : دعوة أنصار السنة في مصر والسودان .
سادستها : دعوة أهل الحـديث السلفيــة القائمـة الآن في الشام على يد الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني .
سابعتها : دعوة السلفيين القائمة الآن في الكويت ودول الخليج .
ثامنتها : دعوة السلفية التي حركت الجهاد في دول المغرب، ولا سيما الجزائر، وهي التي نفخت روح الجهاد ضد الاستعمار الأوروبي، وكلها دعوات تجديدية قائمة على الكتاب والسنة و منهج أهل الحديث .))
هذا الأمر الأول .
الأمر الثاني : قد أشاد علماء الجزائر وعلى رأسهم الإمام ابن باديس بدعوة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب ودافعوا وذبوا عنها بأقلامهم وألسنتهم عند كل مناسبة تقتضي ذلك
قال الإمام ابن باديس : (( ولا يزال ابن سعود مع ذلك مسلما قوي الإيمان، وأساس اعتقاده أن كل ما يحدث من الله، ولذلك يمثل الرأي القائل بأن كل تقدم في الأمور المادية لا فائدة منه إذا لم يصحبه التعمق في العقيدة. فمن الطبيعي أن يبني حكمه على القواعد الدينية. وابن سعود يعتنق معتقدات (الوهابية) وهي حركة إصلاح في الإسلام ترجع إلى العلامة النجدي العظيم (محمد بن عبد الوهاب) الذي عاش في بداءة القرن الثامن عشر ، وترمي إلى تطهير الإسلام من جميع البدع والخرافات التي لصقت به مع مر الزمن والسمو به عن عبادة الأولياء.
والوهابية أشد طوائف الإسلام ومبدؤها الأعلى أن على المؤمنين أن يتمثلوا في البساطة والنظام.)) ([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=142237&st=0&p=683585#_ftn1))
الأمر الثالث : قد رميت الدعوة الإصلاحية السلفية الأثرية في بلاد الجزائر إبان الاستعمار الفرنسي الغشوم بهذا اللقب الجائر ، وما أرادوا به إلا تنفير الأمة الجزائرية الإسلامية من هذه الدعوة التجديدية الشريفة وتشويه سمعة أئمتها ودعاتها الأتقياء .
قال الإمام بشير الإبراهيمي ـ رحمه الله ـ : (( ويقولون عنّا إننا وهّابيون، كلمة كثر تردادها في هذه الأيام الأخيرة حتى أنست ما قبلها من كلمات: عبداويين وإباضيين وخوارج. فنحن بحمد الله ثابتون في مكان واحد وهو مستقر الحقّ، ولكن القوم يصبغوننا في كل يوم بصبغة ويسموننا في كل لحظة بسمة، وهم يتخذون من هذه الأسماء المختلفة أدوات لتنفير العامة منّا وإبعادها عنّا وأسلحة يقاتلوننا بها وكلّما كلّت أداة جاءوا بأداة، ومن طبيعة هذه الأسلحة الكلال وعدم الغناء، وقد كان آخر طراز من هذه الأسلحة المفلولة التي عرضوها في هذه الأيام كلمة "وهابي" ولعلّهم حشدوا لها ما لم يحشدوا لغيرها وحفلوا بها ما لم يحفلوا بسواها ولعلّهم كافأوا مبتدعها بلقب (مبدع كبير).
إن العامة لا تعرف من مدلول كلمة "وهابي" إلا ما يعرفها به هؤلاء الكاذبون، وما يعرف منها هؤلاء إلا الاسم وأشهر خاصة لهذا الاسم وهي أنه يذيب البدع كما تذيب النار الحديد، وأن العاقل لا يدري ممَّ يعجب: أمن تنفيرهم باسم لا يعرف حقيقته المخاطب منهم ولا المخاطب أم من تعمّدهم تكفير المسلم الذي لا يعرفونه نكاية في المسلم الذي يعرفونه، فقد وجّهت أسئلة من العامة إلى هؤلاء المفترين من علماء (السنّة) عن معنى الوهابي- فقالوا هو الكافر بالله وبرسوله {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}.
أما نحن فلا يعسر علينا فهم هذه العقدة من أصحابنا بعد أن فهمنا جميع عقدهم، وإذ قد عرفنا مبلغ فهمهم للأشياء وعلمهم بالأشياء، فإننا لا نرد ما يصدر منهم إلى ما يعلمون منه ولكننا نردّه إلى ما يقصدون به وما يقصدون بهذه الكلمات إلا تنفير الناس من دعاة الحق ولا دافع لهم إلى الحشد في هذا إلا أنهم موتورون لهذه الوهابية التي هدمت أنصابهم ومحت بدعهم فيما وقع تحت سلطانها من أرض الله وقد ضجّ مبتدعة الحجاز فضجّ هؤلاء لضجيجهم والبدعة رحم ماسّة، فليس ما نسمعه هنا من ترديد كلمة وهابي تقذف في وجه كل داع إلى الحق إلا نواحًا مرددًا على البدع التي ذهبت صرعى هذه الوهابية، وتحرّقًا على هذه الوهابية التي جرفت البدع، فما أبغض الوهابية إلى نفوس أصحابنا وما أثقل هذا الاسم على أسماعهم ولكن ما أخفّه على ألسنتهم حين يتوسلون به إلى التنفير من المصلحين، وما أقسى هذه الوهابية التي فجعت المبتدعة في بدعهم وهي أعزّ عزيز لديهم ولم ترحم النفوس الولهانة بحبّها ولم ترث للعبرات المراقة من أجلها.
وإذا لم يفهم أصحابنا من معنى الوهابية إلا أنه محو البدع، فقد استقام لهم هذا المنطق الغريب على هذا النحو الغريب وهو أنه ما دامت الوهابية هي محو البدع، وما دامت وصفًا لا رجلًا وما دام كل وصف ككل كسوة عسكرية كل من يلبسها فهو عسكري يُعرف بها ولا تُعرف به، وما دام المصلحون ينكرون البدع فهم وهابيون وإن لم يؤمنوا للحجاج سبيلًا ولم يأتوا بابن سعود وقومه قبيلًا اهـ. من كتاب ابن قشوط....
يا قوم- إن الحق فوق الأشخاص وإن السنّة لا تسمىّ باسم من أحياها، وإن الوهّابيين قوم مسلمون يشاركونكم في الانتساب إلى الإسلام ويفوقونكم في إقامة شعائره وحدوده ويفوقون جميع المسلمين في هذا العصر بواحدة وهي أنهم لا يقرون البدعة، وما ذنبهم إذا أنكروا ما أنكره كتاب الله وسنة رسوله وتيسّر لهم من وسائل الاستطاعة ما قدروا به على تغيير المنكر؟
أإذا وافقنا طائفة من المسلمين في شيء معلوم من الدين بالضرورة وفي تغيير المنكرات الفاشية عندنا وعندهم- والمنكر لا يختلف حكمه بحكم الأوطان- تنسجوننا إليهم تحقيرًا لنا ولهم وازدراء بنا وبهم، وإن فرّقت بيننا وبينهم الاعتبارات، فنحن مالكيون برغم أنوفكم، وهم حنبليون برغم أنوفكم، ونحن في الجزائر وهم في الجزيرة. ونحن نعمل في طريق الإصلاح الأقلام، وهم يعملون فيها الأقدام. وهم يعملون في الأضرحة المعاول ونحن نعمل في بانيها المقاول.
وما رأيكم في أوروباوي لم يفارق أورباه إلا مرة واحدة طار فيها بطيارة فوقعت به في الهند، فرأى هنديًا يصلّي، ثم طار بها أو طارتْ به فوقعتْ به في مراكش فرأى مراكشيًا يصلّي فقال له: أنت هندي لأنك تصلي، ألا تعدون هذا القياس منه سخيفًا؟ إلّا لا تعدوه كذلك فقد جئتم بأسخف منه في نسبتنا إلى الوهابية.)) ([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=142237&st=0&p=683585#_ftn2))
الأمر الرابع : قد صدقت الكاتبة في قولها أنه لو شرحنا للأمة الجزائرية شرقا وغربا دعوة الإمام ابن باديس التي كانت مبنية وقائمة على الكتاب والسنة وتحكيم أصولهما ونبذ البدعة والخرافات وأهلها ، لما تجرأت هي وأمثلها أن تتفوه وتطعن في دعوة الإسلام الحقة التي يحترمها ويعظم من شأنها الإمام ابن باديس .
ولما انتشر وظهر وترعرع الفكر التكفيري الإخواني القطبي السروري الإرهابي في بلاد الجزائر .
ولما رفع عقيرته الفكر الصوفي الخرافي في هذه الفترة والآونة بعدما قهرته ألسنة وأقلام أهل السنة والجماعة إبان الاستعمار الفرنسي الذي كان شعاره ( أمُّنا باري [3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=142237&st=0&p=683585#_ftn3) أحفظها يا باري ) ([4] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=142237&st=0&p=683585#_ftn4)) .
وفضحت عقيدته وأظهرت مصالحه ومطامعه الدنيئة ودكت حصونه وكشفت عورته ، أما الآن ـ والله المستعان ـ أصبح يدعو إلى الوعدة وطقوسه وعقيدته على المنابر ويتكاثر ويفتخر بذلك .
الأمر الخامس : قول الكاتبة : ((وصل إلينا التطرف الديني الوهابي الذي جاء من المشرق.))
ماذا تريد الكاتبة بهذا الكلام ؟ هل تقصد الإخوان و القطبية والسرورية والجزأرة ؟
إن كان كذلك فالوهابية ـ على زعمها ـ هم من أشد الناس محاربة لهؤلاء ، بل ما عرفت الأمة الإسلامية جرائمهم ومعتقداتهم إلا بألسنة وأقلام علماء السنة والجماعة الذين رموا بالوهابية .
أما إن كانت تقصد بكلامها هذا أهل السنة والجماعة والسلفية فهذا من المضحكات المبكيات ، وسقوطه يغني عن إسقاطه .
وذلك لما علماء أهل السنة والحديث من مشاركة كبيرة نافعة مثمرة في إطفاء نار الفتنة في الجزائر ، وذلك لما قدموه من النصائح والتوجيهات السديدة للشباب الجزائري من الاعتصام بالكتاب والسنة وتحكيم أصولهما ومن ذلك احترام حكامهم وعدم الخروج عليهم وكف عن إزهاق دماء المسلمين وتخريب ممتلكات الدولة والتوبة من ذلك ، وهذا الأمر نبه عليه عبدالمالك رمضاني الجزائري في كتابه ( فتاوى العلماء الأكابر فيما أهدر من دماء في الجزائر)(ص 40) قال : ((ومِن هؤلاء هذا الثلاثي الطيِّب الذي أَقَضَّ مضاجعَ المتفلِّتين من نصوصِ الشرع.
ثمَّ إنَّه في الوقت الذي كان يَبذُل فيه الثوريُّون جهدَهم لسَتْرِ جَرائِمِهم في الدِّماء والأعراضِ بفَتاوى مُختَرَعة من عند أنفسهم، ويَنسبُونها إلى الثلاثي الطيِّب؛ تَمْريرًا لشَناعاتهم، وتكثيرًا لسَوادِهم، فقد أبى اللهُ إلاَّ أن يُتمَّ نورَه ويُظهِرَ كلمتَه على ألْسِنَةِ هؤلاء الأفاضل.
وإنَّ فتنَةَ الجزائر قد أَخذت اليومَ في انْحسارٍ سريعٍ ـ والحمد لله ـ بعد أن أُذيعَت فتاواهم في تلكَ الرُّبوعِ الموحِشَةِ.
ذَكَر لي أحدُ الثقات أنَّه أتاه رَجُلٌ، فقال له: أنا كنت مع الجماعة المسلَّحة في جبال الجزائر، ثمَّ تُبتُ لا خوفًا من الدولةِ، ولكنَّنِي تُبتُ عن اعتقادٍ جازم، قال: وسألتُه: وما سبب توبتِك؟ فقال: قرأتُ مَجلة (السلفية) السعودية، وكان فيها موضوع الجزائر، ومن موضوعاتها عنوان كبير فيه: لا جهاد في الجزائر، إنَّما هي ثورة خوارج!
قال: وقرأتُ فيها فتاوى لكبار العلماء: الألباني وابن باز، وكانت مقنعة، مع الأسف فقد كنَّا من قبلُ لا نشكُّ أنَّ العلماء كلَّهم معنا؛ لأنَّ رؤوس جماعتنا كانوا يزعمون ذلك!! قال: وأمثالي كثير.
قلت: وقد كان لهذه الفتاوى الأثر البالغ في توبة الكثير من هؤلاء الثوار؛ فإنَّه بعد أن قام بعض المسؤولين في الجزائر بسعي مشكور في إذاعة هذه الفتاوى على شاشة التلفزيون، رجع بسببها آلاف، حتَّى إنَّه اتَّصل بي واحد من هؤلاء التائبين، وذكر لي أنَّ ألفًا منهم قد وضعوا أسلحتهم، وسلَّموا أنفسهم، هذا في أول دفعة! نسأل اللهَ الهدايةَ للجميع. )) ا.هـ
ولمزيد الوقوف على فتاوى أئمتنا العظام الأبرار الخيار فيما يخص هذه القضية فليرجع إلى الكتاب، لتقف يا أيها القارئ الكريم المنصف على الجهود الكبيرة الجبارة التي بذلها أئمة السنة والجماعة في إطفاء نار الفتنة في الجزائر ومدى تألمهم لما كان يقع للأمة الجزائرية من القتل وسفك دماء الأبرياء والتخريب على يد الخوارج كلاب النار ، ثم تأتي هذه الكاتبة وأمثلها الذين يحركون من وراء الكواليس ، فتقلب الموازين وتخفي الحقيقة وتدعي أن أولئك العلماء الأفاضل هم سبب للفتنة في الجزائر ، فلا ندري ماذا قدمت هي وأمثالها للأمة الجزائرية إن كانت تدعي أنها من أبنائها وتغير على أرضها وتاريخها ؟!!
الأمر السادس : قالت : ((فكر ابن باديس ))
أقول
هذا تعبير محدث وفيه تنقص من دعوة الإسلام والمنهج السلفي الذي دعا إليه الإمام ابن باديس ، ونسبته إلى ( الفكر) ، الذي هو قابل للأخذ والرد ، وحاشا دعوة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من ذلك .
فدعوتهم قائمة على الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة الصالح التي تنافي وتناقض جميع زبالات وأفكار أهل الأهواء والبدع والأفكار المحدثة التي تمس بالتشريع وأحكامه .
سئل الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : عن مصطلح " فكر إسلامي " و" مفكر إسلامي "؟
فأجاب : (( كلمة " فكر إسلامي " من الألفاظ التي يحذر عنها، إذ مقتضاها أننا جعلنا الإسلام عبارة عن أفكار قابلة للأخذ والرد، وهذا خطر عظيم أدخله علينا أعداء الإسلام من حيث لا نشعر.)) ([5] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=142237&st=0&p=683585#_ftn5))
فهذا ما تيسر من بيانه على عجالة مما جاء من فساد قول تلك الكاتبة التي أساءت إلى دعوة الإسلام وشرف ونزاهة أئمتها أيما إساءة ، بنسبة إلى الإمام ابن باديس ـ رحمه الله ـ مما هو منه بريء ويناقض دعوته الإصلاحية السلفية التي تلتقي في مضمونها وصورتها وأصولها مع دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب .
وما عمل هذه الكاتبة إنْ هو إلا صورة من صور التلبيس على الأمة وكذب على أئمتها ، وهي بهذا العمل قد ضرت بنفسها ولم تغير شيئا ولم تفعل شيئا والأمر الأخير الختامي في شأنها وأعداء الدعوة السلفية وأئمتها وأنصارها ومدارسها ومراكزها كما قال الإمام البشير الإبراهيمي ـ رحمه الله ـ : (( أما والله لو استقبل الكائدون لجمعية العلماء من أمرهم ما استدبروا لما فعلوا فعلتهم الأخيرة ولتابوا التوبة النصوح من هذه المحاولات الفاشلة التي ما جرت لهم إلا الخزي والخيبة.

ولو كان لخصوم هذه الجمعية بقية من إدراك لكان في تجاربهم المتكررة ما يَزَعُهُم عن الكيد لها والمكر بها، ويلزمهم بالإقلاع عن حربها وتغيير الرأي فيها وتخلية الطريق لها، ولكنهم قوم أكل الحقد قلوبهم وغطّى الهوى على بصائرهم، فكلما خابوا في مكيدة جاوز بهم الهوى موطن الاتعاظ بها وحرّكهم إلى سعي ضائع في أختها أو في أكبر منها.
هم يريدون بما يمكرون شيئًا واحدًا ويرمون بما يكيدون إلى هدف واحد، وهو القضاء على جمعية العلماء بهذه المكائد التي يستفرغون فيها الوسع ويحكمون لها التدبير ويجمعون عليها الرأي بعد أن بذلوا أضعاف ذلك في صدّ الناس عنها وتنفيرهم منها فلم يفلحوا. وقد كانوا في هذه المرة أقوى ما كانوا أملًا في النجاح، وتوهّموا أن الظروف خدمتهم بتمهيد أسباب المكيدة وتهيئة الجو الصالح لها، فجاءتهم الخيبة من مبعث الأمل، وكانت صدمة الفشل عنيفة ومرارته لا تطاق، وأراد ربّك الحق أن تبقى هذه الجمعية شجى في حلوقهم، وان يكون من أسباب بقائها وتثبيتها ما تريده هي من بناء وما يراد بها من هدم، وأن يكون من دلائل حيويتها أن يرجع المناضلون لها في ميدان العلم بالرأي المحجوج، وأن يرجع المنازلون لها في ميدان العمل بالرأس المشجوج، وهذا شأن الحق والباطل مهما اصطرعا فلا تكون قوة الباطل إلا مزيدًا في قوة الحق. )) ([6] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=142237&st=0&p=683585#_ftn6))
والحمد لله رب العالمين

كتبه
بشير بن عبدالقادر بن سلة


الجمعة 7 ربيع الثاني 1435 هـ / 07 فبراير 2014 م

([1]) (آثار الإمام ابن باديس)(4/ 236)

([2]) (آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي)(1/ 123ـ124 )

([3]) أي : باريس

([4]) (آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي)(1/ 40)

([5]) (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)(3/ 120 ـ 121)

([6]) (آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي)(1/ 275)

أبو هنيدة ياسين الطارفي
07-Feb-2014, 12:07 PM
بسم الله : جزاك الله خـيرا أخي الفاضل بشير، وبشرك الله بكل خيرووفقك ...اللهم آمـين .
*يدعون بهتانا وزورا في إتباعهم وفهمهم لما دعى إليه وجاهد ابن باديس الجزائري ـ رحمه الله تعالى ـ ،ومثل ما قال الشاعر:
كَلٌّ يَدَّعـي وّصْـلاً بـلَيـْلَي *** ولـيلي لا تُقْـرُ لهـم بذاكـا .
وحقيقة أن يقال لها: كاذبـة عوض كاتبـة .