تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا العلماء يسكتون عند حلول بعض النوازل ؟؟ الشيخ أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي.حفظه الله.



أبوبكر بن يوسف الشريف
07-Apr-2014, 12:48 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

لماذا العلماء يسكتون عند حلول بعض النوازل ؟؟

~*-*-*~


السؤال:

نسمع بعض طلبة العلم أحياناً يطعنون في العلماء بحجة أنهم يسكتون عند حصول بعض الحواجز أو عند حلول بعض النوازل فما هو تعليقكم يا فضيلة الشيخ ؟

الجواب:

أحياناً يكون السكوت هو المصلحة وأحياناً يكون الكلام هو المصلحة، فالعلماء يُراعون المصالح ودرء المفاسد، فلا يتكلمون إلا حيث يُفيد الكلام وينفع، ولا يسكتون إلا حيث يكون السكوت أولى، فالعلماء بالمعنى الصحيح لا يسكتون إلاّ إذا كان السكوت له مجال، ولا يتكلمون إلا إذا كان الكلام له مجال،

والأمور إذا حدثت لا يصلح لكل واحد أن يتكلم فيها وإنما تُوكَل ﻷهل العلم وأهل الرأي وأهل الكلمة كما قال جل وعلا: ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم )،

فالأمور التي تتعلق بمصالح المسلمين بالأمة هذه لا يتولاها إلا أهل الحَل والعقد أهل العلم والبصيرة الذين يلتمسون لها الحلول الصحيحة.

وأما أن يتولاها يتكلم فيها كل من هب ودب فهذا من الضرر على المسلمين ومن الإرجاف والتخويف ولا يصل المسلمون من وراء ذلك إلى نتيجة.

وهذه أيضاً أمورٌ قد تكون أموراً سرية تُعالج بالسرية ولا تُعالج علانية أمام الناس وإنما تُعالج مع السرية ومع الطرق الصحيحة.

فالأمور تحتاج إلى روية وإلى تَعَقُّلْ والواجب على العامة أن يرجعوا إلى أهل العلم وأهل الرأي والبصيرة في هذه الأمور.نعم . انتهى.

العلامة بقية السلف الشيخ /
صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله .
http://t.co/McgrQ5gF

~*-*-*~

التعليق:

حفظ الله شيخنا بقية السلف على هذا النصح والتوجيه، وزاده فقهاً واتباعا للسنة، كيف لا يكون فقيهاً وهو المتبع للآثار وهدي السلف التي لا تُعدُ ولا تُحصى، أذكر منها ما تيسر باختصار.

~*-*-*~

قال النبي صلى الله عليه وسلم:
( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ).
متفق عليه.

بين صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الصمت وفي زمن الفتن خاصة؛ من الإيمان.

~*-*-*~

قال الله صلى الله عليه وسلم:
( رحم الله عبدا تكلم فغنم، أو سكت فسلم ).
حسنه الألباني بمجموع طرقه في "الصحيحة".

~*-*-*~

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
( مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ ).
أخرجه: مالك، أحمد، الترمذي، وابن ماجه.

~*-*-*~

قال الحسن البصري رحمه الله:
" إن هذه الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل ".
"ابن سعد".

المعنى: أن الفتنة إذا أقبلت لا يعرف حقيقتها وخطرها وما تؤُول إليه؛ إلا العالم العارف بالكتاب والسنة، وينخدع بالفتنة كل جاهل وكل من ليس بعالم.

~*-*-*~

عن خلف بن تميم، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، قال: كان إبراهيم بن أدهم، رحمه الله ، يطيل السكوت، فإذا تكلم ربما انبسط قال: فأطال ذات يوم السكوت، فقلت: لو تكلمت فقال:

" الكلام على أربعة وجوه:

فمن الكلام كلام ترجو منفعته وتخشى عاقبته ، والفضل في هذا السلامة منه.

ومن الكلام كلام لا ترجو منفعته ولا تخشى عاقبته فأقل ما لك في تركه خفة المؤنة على بدنك ولسانك.

ومن الكلام كلام لا ترجو منفعته، ولا تأمن عاقبته، فهذا قد كفى العاقل مؤنته.

ومن الكلام كلام ترجو منفعته وتأمن عاقبته فهذا الذي يجب عليك نشره".

قال خلف : فقلت لأبي إسحاق : أراه قد أسقط ثلاثة أرباع الكلام .

قال : " نعم ". انتهى.

فهذا إبراهيم بن أدهم علم من الأعلام وعالم من فحول العلماء يُفضِّل السكوت على الكلام، فلَمْ يعبه شيئا.

~*-*-*~

قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه:
"دع ما لست منه في شيء، ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخزن لسانك كما تخزن ورِقك". "الصمت".

والمعنى: اترك كل ما لا يخصك ولا تدخل بالكلام في أمور لا تهمك ولا تعنيك بشيء، واحفظ لسانك واجعله كأنه في خزانه مغلقة محافظاً عليه من فضول الكلام كما تحافظ وتهتم بتخزين الفضة والمال.

~*-*-*~

قال ابن مفلح الحنبلي:
وَرَوَى الْخَلَّالُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ:

"عَجِبْتُ مِنْ اتِّفَاقِ الْمُلُوكِ الْأَرْبَعَةِ كُلِّهِمْ عَلَى كَلِمَةٍ.

قَالَ كِسْرَى : إذَا قُلْتُ نَدِمْتُ وَإِذَا لَمْ أَقُلْ لَمْ أَنْدَمْ.

وَقَالَ قَيْصَرُ: أَنَا عَلَى رَدِّ مَا لَمْ أَقُلْ أَقْدَرُ مِنِّي عَلَى رَدِّ مَا قُلْتُ.

وَقَالَ مَلِكُ الْهِنْدِ: عَجِبْتُ لِمَنْ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ إنْ هِيَ رُفِعَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ ضَرَّتْهُ ، وَإِنْ هِيَ لَمْ تُرْفَعْ لَمْ تَنْفَعْهُ.

وَقَالَ مَلِكُ الصِّينِ: إنْ تَكَلَّمْتُ بِكَلِمَةٍ مَلَكَتْنِي وَإِنْ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِهَا مَلَكْتُهَا ".

~*-*-*~

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ:
( حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وِعَاءَيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ ).
البخاري.

من فقه الحديث: أن لا يتكلم المرء إلا إذا وجد في الكلام منفعة، ويُمسك عن الحديث إذا وجد في الكلام والنشر ضرراً عاماً كان أو خاصا.

فهذا الصحابي الجليل الفقيه رضي الله عنه، فَقِهَ دين الله تعالى، فحدث ونشر العلم الذي يحتاجه الناس، وأمسك عما كان في نشره ضرر وفتنة ولم يكن فيه شيء من الأحكام التي يحتاجها الناس.

~*-*-*~

وهكذا العلماء يسيرون على هذا المنهج السلفي، ولا عبرة بكلام وانتقاد السفهاء والجهلة من الناس لهم .

والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين،،

~*-*-*~

كتب التعليق
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
15/ 10 / 1433هـ.

المصدر: منتديات نور اليقين
رابط الصفحة من هنا
(( http://vb.noor-alyaqeen.com/t27379/ ))
__________