المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجزء الثاني من سلسلة الرد على منصرة التكفيري الثائر الطاعن في الشيخ ربيع ومشايخ الجزائر



أبو بكر يوسف لعويسي
31-May-2014, 12:17 AM
الجزء الثاني من السلسلة :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم .
قال مناصرة – هداه الله - في " قوله المظلم في بيان عقيدة الشيخ ربيع المدخلي " (ص07) : قال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي أثناء رده على عدنان عرعور : (.. لعنة الله على أحد منكم إذا تعلق بخطاٍ من أخطائي – بارك الله فيكم – وأنا أحذر السلفيين في كل مكان من أخطائي ومن أخطاء ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب من أي واحد ما أقر مسلم وأبرأ إلى الله من أي أحد يأخذ خطأ من أخطائي ..) شريط بعنوان " جلسة في بيت الشيخ ربيع بن هادي المدخلي (9/ 9/ 1423)تسجيلات مجالس الهدى الجزائر العاصمة )).
وقال في شريط (( النقد منهج شرعي )) وكتبي هذه خذوها واقرؤوها وأنا لا أقول لكم إن كل ما فيها لا بد – وأؤكد لكم أن فيها أخطاء - ... إلى آخر كلامه ..
الرد : أولا : اتخذ مناصرة هذا الكلام الطيب من الشيخ الفاضل مطية للجرأة والتشنيع والتبديع والتكفير وحب الظهور ، فزعم بما ظن - والظن منه أكذب الحديث - أن الشيخ خرج عن منهج السلف في مسائل كثيرة .. ولا يستغرب هذا من جاهل مثله لم يثن ركبتيه يوما أمام شيخ عالم سلفي يجنبه الفتن والردى ويربيه على الآداب وأخلاق طلب العلم ، وإنما الغريب فيمن ينسب إلى العلم ويدعي أنه على منهج الحق كيف يشيخه ويثني على بحثه الذي خلط فيه وخبط خبطة عشواء ويقدم له ويسكت عن كذبه وافترائه بل يقرره ، ولكن إذا عرف السبب بطل العجب ، إنهم الحدادية ، والطيور على أشكالها تقع ..
ثانيا : هذا الكلام من الشيخ – حفظه الله – شرف ورفعة له ، وفيه رد عليك يا بدر الضلالة في قولك أنه ربى أتباعه على السمع والطاعة ، فهل من يصدع بهذا الكلام ويشدد فيه على سامعيه وهم من طلابه يربيهم على السمع والطاعة ، فقد أخبرك الدكتور الجربوع أنه استفاد ذلك من الشيخ ربيع كما استفاد منه الصدع بكلمة الحق ورفع الرأس بها وعدم التقليد المذموم لأي كان وتخطئة المخطئ - راجع كلامه – ولست أدري هل يسكت عنك أم يخطأك بعدما يقرأ رسالتك ؟؟؟فلو كنت منصفا عدلا لما قلت ذلك الكلام لأنك تعلم أنه كذب ، ولو كنت منصفا تحب الحق وأهله لما قلت ذلك وأنت تنقل عن الشيخ أنه يطلب من طلابه ومخالفيه أن يبينوا أخطاءه ، ولا يسكتوا عنه ، ولكنك أوردته لتبين أن الشيخ لا يقبل النصح ويقول ما لا يفعل ..
ولكن واقع الشيخ يكذبك ، ليظهر كذبك وسوء قصدك ، فقد فعل -والحمد لله - تحقيقا لذلك ، فقد ذُكّر الشيخُ ببعض الكلمات التي صدرت منه في بعض الصحابة وما أن علم أنها مخالفة للحق حتى أعلن تراجعه عنها وبين أنه أخطأ فيها ، واستغفر منها ، ولكنك تناقلتها لتطعن بها عليه وكان هذا منك بعد بيانه بمدة طويلة وليس من شك أنك اطلعت على ذلك ، لأنك جردت نفسك للتنقيب عن عيوبه وأخطائه ومع ذلك لم ترفع رأسا به .
فقد نشر في سحاب الخير بتاريخ (أول ذي الحجة 1432هـ) إعلانه عن رجوعه عما صدر منه من كلمات موهمة محتملة للتنقيص من قدر الصحابة فقال : أما بعد : فيعلم الله مني وأشهده وكفى بهش يهدا أنني أحب أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – جميعا وأعظمهم جميعا ، وأدب عنهم جميعا طول حياتي باطنا وظاهرا ، وافديهم بنفسي وأولادي بل بالأمة جميعا إن كان ذلك بيدي ، وأشهد الله أنه ما كان ولا يكون مثلهم ( بعد الأنبياء ).
وأعادي من يعاديهم وأوالي من يواليهم وأبغض من يبغضهم أو أحدا منهم ، والعبارات التي قلتها في خالد وسمرة خلال فتنة هوجاء أدافعها عن الشباب .فأقول في خالد : أنه الصحابي الجليل وأنه سيف من سيوف الله سله الله على المشركين والمرتدين والمنافقين ؛ القائد الظفر قامع الردة وصاحب الفتوحات العظمى وهادم عروش الأكاسرة والقياصرة وأفنديه بنفسي ومالي وأحبه وأستميت في الذب عنه وأعادي وأوالي من أجله .
وسمرة بن جندب أقول فيه : أنه صحابي جليل وعظيم في عيني وأحبه وأوالي وأعادي من أجله . وما صدر مني عبارات في حقهما فإنه من سبق اللسان قطعا مثل قول في خالد – رضي الله عنه – يلخبط ؛ أستغفر الله أستغفر الله وأتوب إلى الله منه، وما قلته في حق سمرة خلال استنباطي من قول عمر -رضي الله عنه-: ((قاتل الله سمرة]]: يعني أن سمرة حصلت عنده حيلة تشبه حيلة اليهود، فهذه العبارة مني سيئة، أستغفر الله وأتوب إليه منها، وأحذر الناس منها ومن أمثالها.
ولا شك أن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم- خير أمة أخرجت للناس لا كان ولا يكون مثلهم، وإني لعلى مذهب السلف فيهم، وإني لعلى مذهب ابن المبارك لما قيل له: أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبدالعزيز؟ فقال: لغبار في أنف معاوية وهو يجاهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- خير من عمر بن عبد العزيز.
وأدين الله بأنه لو أنفق أحد خيار المسلمين مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه.وإن قلبي ليتعصر ألماً من تلك العبارات وأرجو أن أكون من الوقافين عند كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلّم-.
وإني لآسف أشد الأسف أن الذي بحث عنها وفرح بها وأخرجها للناس لم يفعل ذلك غيرة على دين الله ولا محبة وإجلالاً لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وإنما حمية جاهلية لأناس تافهين لا يساوون غبار نعل صحابي من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم- وإن هذا ليدل على مدى الانحدار الذي وصلت إليه هذه الأصناف التي توالي وتعادي من أجل أناس تافهين ساقطين وأصحاب مناهج فاسدة ولا يوالون ويعادون من أجلمنهج الله ومنهج أنبيائه ورسله ومنهج الصحابة العظام والسلف الكرام الذي ندين الله به وندعو إليه ونذب عنه وعنهم.
وهذا هو الظن بصنيعك في إيرادك هذا الكلام في مقدمة كتابك ، أنك تعتقد أن الشيخ يقول ما لا يفعل ، وإلا فهذا المثال من الشيخ في رجوعه عن الخطأ وصدعه به أكبر دليل على أنك ما أردت بإيرادك ذلك النصح ووجه الله تعالى ، وإنما كان قصدك كما قال الشيخ حفظه الله في بيانه آنفا :وإني لآسف أشد الأسف أن الذي بحث عنها وفرح بها وأخرجها للناس لم يفعل ذلك غيرة على دين الله ولا محبة وإجلالاً لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وإنما حمية جاهلية لأناس تافهين لا يساوون غبار نعل صحابي من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم.
فلو كنت تريد النصح ووجه الله ما كنت تذكر زلة عالم تاب وأناب ورجع منها ، ليدل ذلك على أنك بعيد كل البعد عن منهج السلف الصالح الصحابة والتابعين وأتباعهم بإحسان الذين كانوا يفرحون برجوع من أخطأ وتاب واستغفر وأناب وما أظنك تجهل فرح الصحابة بتوبة كعب بن مالك وصاحبيه ، وإنما هذا منهج المنافقين الذين يفرحون ويعيبون المسلم حتى بعدتوبته ورجوعه إلى الحق ، ويجعلون ذلك وصمة عار على جبينه إلى الموت بل حتى بعد الموت .فهل ترضى أن تكون منهم ؟؟
ثانيا : قال مناصرة – هداه الله وبصره بالحق – بناء على ما تقدم جمعت بعض الأقوال للشيخ ربيع ، وهي في ظني من الأخطاء ، بل – قطعا- منها ما هو واضح ، ومن وقف عليها جزم بذلك إذا كان متحررا من التقليد ، أما من وضع الشيخ ربيعا في درجة العصمة ، فهذا يرى كل عيب حسنة كما هو المشاهد عندنا في الجزائر ، حيث أصبحنا في زمن يعسر أن تقول الشيخ ربيع أخطأ أو الألباني أو ابن عثيمين ... لأن الأتباع تربوا على عدم التلفظ بلفظة " لا" لهذا أصبحنا في عالم كنهوتي إلا من رحم الله تعالى .
الرد : أ - أبدأ فيه من حيث توقف كلامه وهو قوله : لهذا أصبحنا في عالم كنهوتي إلا من رحم الله تعالى .
أليس هذا تكفير بالجملة يا مناصرة ، ألا تعلم أن عالم الكهنوت كفار ، فألحقت السلفيين في الجزائر وعلى رأسهم المشايخ والعلماء أنهم عالم كنهوتي ، أتلوم الشيخ ربيعا بعدها على أن قال فيك أنك أفجر خلق الله ، وتقول أن هذا تكفير منه ، وتقترف ما هو أعظم وأشنع وأغلظ منه ، سبحان الله ما يفعل الهوى بصاحبه ؟؟؟
ب – أما قولك : قد جمعت بعض الأقوال للشيخ ربيع ، وهي في ظني من الأخطاء بل – قطعا - منها ما هو واضح ، ومن وقف عليها جزم بذلك إذا كان متحررا من التقليد ..
إذا كانت تلك الأقوال يا مناصرة أخطاء في ظنك ، وأن منها ما هو واضح ، كما تقول ، والباقي .. يعني غير واضح ، فكم هو الواضح عندك وكم هو غير الواضح ؟؟ كم نسبة الواضح من غيره ، فربما ثمانين أو تسعين غير واضح ، والواضح عندك ما هو إلا ظن بل هو افتراء وكذب .وسأبين بعضا منه وإلا فالوقت لا يتسع لبيان كل ما جريت عليه وتلبست به..
وإذا كان منها ما ليس بواضح كما يتضمنه كلامك فأنت إذا غير متأكد منها ؛ بل هو مجرد ظن عندك فلم ذكرتها ؟؟ ولِمَ شغبت بها على الشيخ ، ألا تعلم أن الظن لا يغني من الحق شيئا ؟؟
ج – أما قولك : ومن وقف عليها ( أي على البعض الواضح ) جزم بذلك إذا كان متحررا من التقليد ...
أقول لقد وقف العلماء الكبار على كتابات الشيخ ربيع - حفظه الله - وردوده وأثنوا عليه وسددوا ردوده ، وعرفوا له قدره ، وزكوه ، وكذلك طلاب العلم ، والموافقة على الحق وأخذ الحق بدليله ليس تقليدا ، وإذا كان كذلك فأنت جل كتاباتك ونقولك تقليدا أترمي غيرك بما أنت واقع وغارق فيه إلى نخاعك ؟؟وقد بين لك الأخ خالد حمودة جزاه المولى خيرا شيئا من تقليدك في رده عليك فأغنى عن إعادته؟؟فالموافقة للحق ليس تقليدا يا مناصرة فأنت لا تفرق بين أنواع التقليد وبين الاتباع .. ومتى يجوز التقليد ومتى لا يجوز وإليك كلام ابن القيم الذي تستدل بكلامه على كفر المقلدة مطلقا دون تفصيل أو بيان ..
قال ابن القيم في أعلام الموقعين (2/191) [الرِّوَايَةُ غَيْرُ التَّقْلِيدِ] : الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ: قَوْلُكُمْ " كُلُّ حُجَّةٍ أَثَرِيَّةٍ احْتَجَجْتُمْ بِهَا عَلَى بُطْلَانِ التَّقْلِيدِ فَأَنْتُمْ مُقَلِّدُونَ لِحَمَلَتِهَا وَرُوَاتِهَا، وَلَيْسَ بِيَدِ الْعَالِمِ إلَّا تَقْلِيدُ الرَّاوِي، وَلَا بِيَدِ الْحَاكِمِ إلَّا تَقْلِيدُ الشَّاهِدِ، وَلَا بِيَدِ الْعَامِّيِّ إلَّا تَقْلِيدُ الْعَالِمِ، إلَى آخِرِهِ ".جَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ مِرَارًا مِنْ أَنَّ هَذَا الَّذِي سَمَّيْتُمُوهُ تَقْلِيدًا هُوَ اتِّبَاعُ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَوْ كَانَ هَذَا تَقْلِيدًا لَكَانَ كُلُّ عَالِمٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَعْدَ الصَّحَابَةِ مُقَلِّدًا، بَلْ كَانَ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ أَخَذُوا عَنْ نُظَرَائِهِمْ مُقَلِّدِينَ.
وَمِثْلُ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ لَا يَصْدُرُ إلَّا مِنْ مُشَاغِبٍ أَوْ مُلَبِّسٍ يَقْصِدُ لَبْسَ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، وَالْمُقَلِّدُ لِجَهْلِهِ أَخَذَ نَوْعًا صَحِيحًا مِنْ أَنْوَاعِ التَّقْلِيدِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى النَّوْعِ الْبَاطِلِ مِنْهُ لِوُجُودِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَغَفَلَ عَنْ الْقَدْرِ الْفَارِقِ، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الْبَاطِلُ الْمُتَّفَقُ عَلَى ذَمِّهِ، وَهُوَ أَخُو هَذَا التَّقْلِيدِ الْبَاطِلِ، كِلَاهُمَا فِي الْبُطْلَانِ سَوَاءٌ.وَإِذَا جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ خَبَرَ الصَّادِقِ حُجَّةً وَشَهَادَةَ الْعَدْلِ حُجَّةً لَمْ يَكُنْ مُتَّبِعُ الْحُجَّةَ مُقَلِّدًا، وَإِذَا قِيلَ: إنَّهُ مُقَلِّدٌ لِلْحُجَّةِ فَجَهْلًا بِهَذَا التَّقْلِيدِ وَأَهْلِهِ، وَهَلْ تُدَنْدِنُ إلَّا حَوْلَهُ؟ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.وَفَرَّقَ آخَرُونَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَسَائِلَ الْأُصُولِ هِيَ مَا لَا يَسُوغُ التَّقْلِيدُ فِيهَا، وَمَسَائِلُ الْفُرُوعِ يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهَا، وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ دَوْرٌ مُمْتَنِعٌ فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ: مَا الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ التَّقْلِيدُ؟ فَيَقُولُونَ: مَسَائِلُ الْفُرُوعِ، وَالَّذِي لَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهِ مَسَائِلُ الْأُصُولِ، وَهُوَ أَيْضًا فَاسِدٌ طَرْدًا وَعَكْسًا، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ مَسَائِلِ الْفُرُوعِ لَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهَا كَوُجُوبِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَالرِّبَا وَالْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِذَلِكَ وَشَكَّ فِيهِ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ رَسُولٌ، كَمَا أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ جَاءَ بِالتَّوْحِيدِ وَتَصْدِيقِ الْمُرْسَلِينَ وَإِثْبَاتِ مَعَادِ الْأَبْدَانِ وَإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَالْعُلُوِّ وَالْكَلَامِ، لَمْ يَعْرِفْ كَوْنَهُ مُرْسَلًا فَكَثِيرٌ مِنَ الْمَسَائِلِ الْخَبَرِيَّةِ الطَّلَبِيَّةِ يَجُوزُ فِيهَا التَّقْلِيدُ لِلْعَاجِزِ عَنِ الِاسْتِدْلَالِ، كَمَا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمَسَائِلِ الْعَمَلِيَّةِ لَا يَجُوزُ فِيهَا التَّقْلِيدُ.
فَتَقْسِيمُ الدِّينِ إِلَى مَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ تَقْسِيمٌ غَيْرُ مُطَّرِدٍ، وَلَا مُنْعَكِسٍ وَلَا عَلَيْهِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ.
وَأَيْضًا فَالتَّقْلِيدُ قَبُولُ قَوْلِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَمَنْ قَبِلَ قَوْلَ غَيْرِهِ فِيمَا يَحْكِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَاءَ بِهِ خَبَرًا أَوْ طَلَبًا، فَإِنَّمَا قَبِلَ قَوْلَهُ لَمَّا أَسْنَدَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ حُجَّةٌ لَكِنَّ تَقْدِيرَ مُقَدِّمَاتِهَا وَدَفْعَ الشُّبَهِ الْمُعَارِضَةِ لَهَا قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ، فَمَا كُلُّ مَنْ عَرَفَ الشَّيْءَ بِدَلِيلِهِ أَمْكَنَهُ تَقْرِيرُهُ بِجَمِيعِ مُقَدِّمَاتِهِ وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ وَلَا دَفْعُ الْمُعَارِضِ لَهُ، فَإِنْ كَانَ الْعَجْزُ عَنْهُ تَقْلِيدًا كَانَ جُمْهُورُ الْأُمَّةِ مُقَلِّدِينَ فِي التَّوْحِيدِ وَإِثْبَاتِ الرِّسَالَةِ وَالْمَعَادِ، وَإِنْ يَكُنِ الْعَجْزُ عَنْهُ تَقْلِيدًا لَمْ يَكُونُوا مُقَلِّدِينَ فِي التَّوْحِيدِ وَإِثْبَاتِ الرِّسَالَةِ وَالْمَعَادِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَجْزُ عَنْهُ تَقْلِيدًا لَمْ يَكُونُوا مُقَلِّدِينَ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ الْعَمَلِيَّةِ الَّتِي يَحْتَاجُونَ إِلَيْهَا، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، فَإِنَّ جُمْهُورَ الْأُمَّةِ مَبْنَى تَعَبُّدَاتِهَا وَتَحْرِيمِهَا وَتَحْلِيلِهَا عَلَى مَا عَلِمَتْهُ مِنْ نَبِيِّهَا بِالضَّرُورَةِ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِهِ، وَلَوْ سُئِلَتْ عَنْ تَقْرِيرِهِ لَعَجِزَ عَنْهُ أَكْثَرُهُمْ كَمَا يَجْزِمُ بِالتَّوْحِيدِ، وَأَنَّ اللَّهَ فَوْقَ خَلْقِهِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُهُ، وَأَنَّهُ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَلَوْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ لَعَجِزَ عَنْهُ أَكْثَرُهُمْ.وهو كلام لشيخ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله .
قال مناصرة (ص 10): الشيخ ربيع يسمي المتلبس بالشرك الأكبر مسلما ..
عنون بهذا العنوان ليعلم القارئ أن الشيخ ربيع – حفظه الله جاهل لحقيقة التوحيد ، ثم جاء بكلام الشيخ ربيع – حفظه الله – ليدلل على ذلك فقال : قال الشيخ ربيع :( من وقع في بدعة إن كانت ظاهرة واضحة كالقول بخلق القرآن ، أو دعا غير الله ، أو الذبح لغير الله ، أو شيء من هذه الأمور الواضحة ؛ فهذا يبدع بالبدعة الواحدة ) (الفتاوى 1/158).
عقب عليه مناصرة بقوله : تأمل قوله : أو( دعا غير الله ...، فهذا يبدع .." الداعي غير الله مبتدع عند الشيخ ربيع حتى تقام عليه الحجة ، أي يعتبر مسلما .
الرد : عنوانه يقول : الشيخ ربيع يسمي المتلبس بالشرك الأكبر مسلما، فهذا كلام الشيخ ربيع الذي جاء به ليدلل على أنه يمسي المتلبس بالشرك مسلما ، فانظر أيها القارئ بنفسك وقارن بين كلام الشيخ ربيع وبين عنوانه فهل تجد أن الشيخ سمى المتلبس بالشرك مسلما ، لتعرف أن هذا الرجل يُقوِل الشيخ ربيعا ما لم يقل ويحمل الكلام ما لا يحتمل ويفتري عليه ويلبس على القارئ ، وغاية ما في كلامه أنه تكلم عمن وقع في بدعة مكفرة فإنه يبدع ويكفر بالواحدة منها لأنها من البدع المكفرة ، ولكن لجهل مناصرة بتقسيم البدع بحسب ما يخل بالإسلام حملَ بدعة (من دعا غير الله )( أو ذبح لغير الله )(أو قال بخلق القرآن ) على البدعة غير المكفرة ، ولأنه يجهل ضابط البدعة المكفرة أنها إذا أطلقت تحمل على الكفر فلا يحتاج أحد من العلماء وطلبة العلم أن يسأل عنها هل هي مكفرة أو غير مكفرة ؟ ونتيجة لهذا يلزم منه وصف مناصرة بالإرجاء الذي يرمي به السلفيين وهو أنه جعل هذه البدع غير مكفرة إذ لم يحملها على التكفير في نظره وظنه المزعوم فقد رمى الشيخ بأن الوقوع في هذه البدع لا يكفر صاحبها ، إذا هو فهم أن هذه البدع غير كفرة ، فمن هو الذي يسمي الأشياء بغير حقائقها يا مناصرة ؟؟
وإليك ومن قدم لك ووافقك على هذا الكلام ، ضابط البدعة المكفرة وغير المكفرة يا مناصرة لعلك تتقي الله وترجع إلى ربك وتسير على طريق العلماء ولا تتسرع وتتقدم بين أيديهم .
جاء في أعلام السنة المنشورة للحكمي (1/121)[أقسام البدعة باعتبار إخلالها بالدين]
س: إلى كم قسم تنقسم البدعة باعتبار إخلالها بالدين؟
جـ: تنقسم إلى قسمين: بدعة مكفرة وبدعة دون ذلك.
س: ما هي البدع المكفرة؟
جـ: هي كثيرة وضابطها من أنكر أمرا مجمعا عليه متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة؛ لأن ذلك تكذيب بالكتاب، وبما أرسل الله به رسله كبدعة الجهمية في إنكار صفات الله عز وجل، والقول بخلق القرآن أو خلق أي صفة من صفات الله عز وجل، وإنكار أن يكون الله اتخذ إبراهيم خليلا، وكلم موسى تكليما وغير ذلك، وكبدعة القدرية في إنكار علم الله وأفعاله وقضائه وقدره، وكبدعة المجسمة الذين يشبهون الله تعالى بخلقه وغير ذلك من الأهواء، ولكن هؤلاء منهم من علم أن عين قصده هدم قواعد الدين وتشكيك أهله فيه فهذا مقطوع بكفره بل هو أجنبي عن الدين من أعدى عدو له، وآخرون مغرورون ملبس عليهم فهؤلاء إنما يحكم بكفرهم بعد إقامة الحجة عليهم، وإلزامهم بها.ومختصر معارج القبول (1/427).
وسئل فضيلة الشيخ العثيمين كما فتاوى نور على الدرب (4/2)ما هي البدع التي تخرج عن ملة الإسلام؟ وما هي البدع التي دون ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الضابط في هذا: أن البدعة إذا كانت تناقض الإسلام، أو تستلزم القدح في الإسلام فإنها بدعة مكفرة، وأما إذا كانت دون ذلك فهي بدعة مفسقة.. إلى أن قال : وأما البدع المكفرة التي تسلتزم نقص الخالق أو نقص الرسول أو نقص نقلة الشريعة كالصحابة رضي الله عنهم فإن هذه بدع مكفرة. والمهم: أن ما يناقض الإسلام من البدع فهو بدعة مكفرة، وما لا يناقضه فهو بدعة دون التكفير.
وسئل فضيلته كما في مجموع فتاويه (2/293)(347): كيف يتعامل الإنسان الملتزم بالسنة مع صاحب البدعة؟ وهل يجوز هجره؟
فأجاب بقوله: البدع تنقسم إلى قسمين:بدع مكفرة، وبدع دون ذلك. وفي كلا القسمين يجب علينا نحن أن ندعو هؤلاء الذين ينتسبون إلى الإسلام ومعهم البدع المكفرة وما دونها إلى الحق؛ ببيان الحق دون أن نهاجم ما هم عليه إلا بعد أن نعرف منهم الاستكبار عن قبول الحق؛ لأن الله -تعالى- قال للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} فندعو أولًا هؤلاء إلى الحق ببيان الحق وإيضاحه بأدلته، والحق مقبول لدى كل ذي فطرة سليمة، فإذا وجد العناد والاستكبار فإننا نبين باطلهم، على أن بيان باطلهم في غير مجادلتهم أمر واجب.انتهى كلامه . فهل الشيخ ابن عثيمين يسمي الواقع في البدع المكفرة كدعاء غير الله والذبح لغيره مسلما لما قال وفي كلا القسمين يجب علينا نحن أن ندعو هؤلاء الذين ينتسبون إلى الإسلام ومعهم البدع المكفرة وما دونها إلى الحق؛ ببيان الحق دون أن نهاجم ما هم عليه إلا بعد أن نعرف منهم الاستكبار عن قبول الحق . وهل تتجرأ أن ترميه بذلك ؟؟فهل عرفت الآن ضابط البدعة المكفرة ، وأن كلام الشيخ على هذا ، لأنه قال في تتمة الكلام وإذا كانت البدعة من الأمور الخفية ..
فالشيخ - حفظه الله - على تقرير تقسيم البدعة إلى مفسقة ومكفرة ففي (ص150/ 1)من الفتاوى قبل الصفحة التي نقلت عنها أنت قال الشيخ جوابا على سؤال : هل يعتبر في التقسيم الصحيح للبدعة أنها تنقسم إلى بدعة كفرية وبدعة مفسقة إلى بدعة في الأصول وبدعة في الفروع .
فأجاب : قد تكون في الأصول وقد تكون في الفروع ، وتكون مفسقة، وتكون مكفرة ، قد تكون في الفروع مكفرة ..إلخ .
وفي الصفحة التي بعدها (1/151) أيضا كلامه يكذبك ليتحقق كلامه فيك ؛ فالشيخ يسمي ((دعاء غير الله)) ((والذبح لغيره ))بدعة مكفرة .
وإليك البيان .السؤال : هل هناك فرق بين البدع المفسقة والبدع المكفرة ؟الجواب :نعم فيه بدع مكفرة مثل : إنكار رؤية الله ، إنكار علو الله ، دعاء غير الله ، الذبح لغير الله ، هذه بدع مكفرة ، لكن نحن ما نكفر أصحابها حتى نقيم عليهم الحجة لأن بعضهم تراكمت عليه الشبه وبعدوا عن عهد النبوة وعن نوره فيقعون في مثل هذه البدع وهي كفرية .
فالشيخ : سمى (دعاء غير الله) (والذبح لغير الله ) بدعة مكفرة ، وأما قوله : لكن نحن ما نكفر أصحابها حتى نقيم عليهم الحجة ..
معناه لا نكفرهم بمجرد الوقوع فيها حتى تقام عليهم الحجة ، والكلام على إقامة الحجة على المشركين الخلص والكفار الأصليين هو قوله الله تعالى ورسوله ، فما أرسل الله الرسل وأنزل الكتب إلا ليقطع الحجة عليهم وسيأتي مزيد بيان ذلك بالتفصيل في وقته – إن شاء الله - .وقد قامت عليهم الحجة بذلك .
وإنما الخلاف جرى بين العلماء في المشركين الذين كانوا في الفترة كما اختلفوا في أولاد المشركين والمعتوه والمجنون ومن خرف على أن هناك من قال من أهل العلم : لا يعذرون ومنهم من قال يعذرون ومنهم من قال يمتحنون ، ومنهم من توقف فيهم وقد بسط ابن كثير المسألة في تفسيره ونقلها عنه الأمين الشنقيطي في أضواء البيان ونصر ما رجحه ابن كثير من أنهم يمتحنون قائلا جمعا بين الأدلة فراجعه عند تفسير قوله تعالى :{ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا }.
فهل ظهر لك يا مناصرة أنك تكذب على الشيخ ، وما أخذت ذلك إلا لتغشب به عليه وتلبس على ضعاف العلم والسذج حتى توقعهم في شراك ما وقعت فيه من التكفير والرمي بالبدعة وبالجهل ..
قال مناصرة –هداه الله – وقال أيضا ( الشيخ ربيعا ) (( قل إن صلاتي ونسكي ، ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك الله وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين "، ... وله الذبح وحده –سبحانه وتعالى – ولا شريك له في شيء من ذلك ، ومن صرف شيئا من هذه لغير الله وقع في الشرك ، فمن كان وقع فيها ، وهو يعلم فهو كافر ، وقامت عليه الحجة ، ومن كان جاهلا تقام عليه الحجة ، فإن عاند يكفر ، ويخرج من الإسلام ... إن كان عالما ذلك وجب عليك أن ترجه من الإسلام ، وإن كان جاهلا فأنت تخرجه من دائرة الإسلام بعد إقامة الحجة عليه ) عون الباري ببيان ما تضمنه شرح السنة للبربهاري (1/290).
علق عليه مناصرة قائلا : تأمل قوله :(( كان جاهلا ، فأنت تخرجه من دائرة الإسلام بعد إقامة الحجة عليه )) أي هو مسلم مع وقوعه في الشرك الأكبر ، وهذا مخالف لإجماع المسلمين ..
ثم ذكر عن ابن القيم أنه نقل الإجماع على أن المقلد في المكفرات ليس مسلما ...في كلام طويل سيأتي ليظهر للقارئ خلطه في ذلك .
والرد عليه يقال : كلامه هذا تابع للعنوان الذي ذكر فيه أن الشيخ ربيعا يسمي عباد القبور مسلمين هكذا بإطلاق، وهذا بهتان وكذب على الشيخ كما بيته آنفا .
ثانيا : الشيخ في الكلام هذا بين المسألة وفصل فيها ، فكلامه واضح جدا، وغاية ما فيه أن من وقع في بدعة مكفرة أو شيء من الشرك جهلا منه فلا يخرج من الإسلام بمجرد وقوقعه حتى تقام عليه الحجة ؟؟
فهذا الجاهل الذي لا يخرج من الإسلام إلا بإقامة الحجة قد يكون عالما في مسائل كثيرة إلا أنه في مسألة عقدية أو مسالتين أو ثلاث جهلها وغابت عنه فاعتقدها بجهله ذلك أو قال فيها بجهله ، ولم يقلد أحدا فهل هذا عندك تخرجه من الإسلام ؟؟ أم تقيم عليه الحجة فإن عاند تخرجه كما قال الشيخ حفظه الله ، فليس من شرط الجاهل أن يكون جاهلا بجميع التوحيد مقلدا فيه ، وليس من شرط المقلد أن يكون جاهلا ، بل ربما هو من العلماء وضاق عليه الوقت ولم يستطع الوصول إلى دليل فقلد فهل هذا عندك إذا قلد أحدا أخطأ في مسألة عقدية كالصورة والهرولة وغيرها مما شغبت به على الشيخ يكفر؟؟
أم لابد من إقامة الحجة عليه ؟هذا هو موطن النزاع الذي كان ينبغي عليك أن تحرره في دعواك على الشيخ أنه يحكم بالإسلام للجاهل ولم يتطرق الشيخ إلى المقلد لتعلم أن كلام الشيخ في واد وأنت في واد ، وأنت تهرف بما لا تعرف وتخبط خبط عشواء ؟؟
ثالثا : استدل له بكلام ابن القيم ولكنه عمّى على القارئ ولم يذكر له المصدر الذي فيه كلام ابن القيم ليلبس على القارئ ، فقد بتر كلام ابن القيم في بدايته وفي آخره ولم يأت إلا بما يقرر هواه مما يدل أنه متلاعب أو مقلد ولا يرجع إلى الأصول ؛ فعل ذلك إما للتمويه على القارئ ، وإما أنه نقله عن غيره بواسطة فيكون مقلدا وقع فيما وقع فيه مقلده مما يذمه على غيره والذم به أولى فهذا من التقليد المذموم ...
وكلام ابن القيم طويلا وهذا بعضه من التتمة : ...والعاقل المكلف لا يخرج عن الإسلام أو الكفر. وأما من لم تبلغه الدعوة فليس بمكلف في تلك الحال، وهو بمنزلة الأطفال والمجانين. طريق الهجرتين وباب السعادتين (1/411).
فقوله : العاقل المكلف لا يخرج عن الإسلام يعني إلى الكفر كما أن العاقل الكافر لا يخرج عن الكفر إلى الإسلام ، وقد يكون هذا العاقل عالما وقد يكون جاهلا ..
على أن ابن القيم –رحمه الله - يتكلم في هذا الفصل عن الكفار الحقيقيين الأصليين عن عناد وولاية وحب وخوف من رؤساء الشرك والكفر من الطواغيت والجبابرة ، يتكلم عمن عرف وجاءه من خبر الرسول شيئا وعاند ولم يكن عاجزا بل كان معرضا مقلدا للآباء والأجداد فتقليد العاقل المكلف منهم لا يخرجه من الكفر ، وتقليد العاقل المكلف من المسلمين لا يخرجه من الإسلام إلا إذا كان كذلك بتلك الأوصاف ، أما من كان جاهلا مقلدا فقد فصل فيه ولم يطلق ما بين الجاهل المعرض القادر على طلب الحق ومعرفة الحجة وبين الجاهل المحب العاجز عن معرفة الحق وطلب المحجة ، فقد قرر أن الله لا يظلم أحدا ، حتى تقام عليه الحجة وكذلك لا يعذب أحدا حتى تقام عليه الحجة .
قال - رحمه الله - : الطبقة السابعة عشرة:
طبقة المقلدين وجهال الكفرة وأتباعهم وحميرهم الذين هم معهم تبعاً لهم يقولون: إنا وجدنا آباءَنا على أُمة، ولنا أُسوة بهم. ومع هذا فهم تاركون لأهل الإسلام غير محاربين لهم، كنساءِ المحاربين وخدمهم وأتباعهم الذين لم ينصبوا أنفسهم لنا ما نصب له أُولئك أنفسهم من السعي في إطفاءِ نور الله وهدم دينه وإخماد كلماته، بل هم بمنزلة الدواب.وقد اتفقت الأُمة على أن هذه الطبقة كفار وإن كانوا جهالاً مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم. وقد تقدم الكلام عليهم. والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاءَ به، فما لم يأْت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافراً معانداً فهو كافر جاهل. فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين، وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفاراً فإن الكافر من جحد توحيد الله وكذب رسوله إما عناداً وإما جهلاً وتقليداً لأهل العناد.فهذا وإن كان غايته أنه غير معاند فهو متبع لأهل العناد، وقد أخبر الله في القرآن في غير موضع بعذاب المقلدين لأسلافهم من الكفار، وأن الأتباع مع متبوعيهم وأنهم يتحاجون في النار وأن الأتباع يقولون: {رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ، قَالَ لِكُلِّضِعْفٌ وَلِكِنْ لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 38] .
وقال تعالى: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ النَّار قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلّ فِيهَا إِن اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} [غافر: 47-48] ، وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجَعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ القَوْلَ يَقُولُ الذين اسْتُضْعِفُوا لِلِّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لوْلا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ قَالَ الَّذِينَ استكبروا للذين اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُجْرِمِينَ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأمُرُونَنَا أن نَكْفُرِ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَاداً} [سبأ: 31- 33] .
فهذا إخبار من الله وتحذير بأن المتبوعين والتابعين اشتركوا في العذاب ولم يغن عنهم تقليدهم شيئاً. وأصرح من هذا قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُا مِنَّا} [البقرة: 166-167] .
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل أوزار من اتبعه، لا ينقص من أوزارهم شيئاً"، وهذا يدل على أن كفر من اتبعهم إنما هو بمجرد اتباعهم وتقليدهم.نعم لا بد في هذا المقام من تفصيل به يزول الإشكال، وهو الفرق بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه، ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه، والقسمان واقعان في الوجود، فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله، وأما العاجز عن السؤال والعلم الذي لا يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان أيضاً أحدهما مريد للهدى مؤثر له محب له، غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده، فهذا حكمه حكم أرباب الفترات، ومن لم تبلغه الدعوة.
الثاني: معرض لا إرادة له، ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه.
فالأول يقول: يا رب لو أعلم لك ديناً خيراً مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره، فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي.
والثاني: راض بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته، وكلاهما عاجز وهذا لا يجب أن يلحق بالأول لما بينهما من الفرق:
فالأَول كمن طلب الدين في الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع فى طلبه عجزاً وجهلاً.
والثاني كمن لم يطلبه، بل مات في شركه وإن كان لو طلبه لعجز عنه، ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض.
فتأمل هذا الموضع، والله يقضى بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله، ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل، فهذا مقطوع به في جملة الخلق.
وأما كون زيد بعينه وعمرو بعينه قامت عليه الحجة أم لا، فذلك مما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه، بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر، وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول.
هذا في الجملة والتعيين موكول إلى علم الله [عز وجل] وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب. وأما في أحكام الدنيا [فهي جارية مع ظاهر الأمر فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا] لهم حكم أوليائهم. وبهذا التفصيل يزول الإشكال في المسألة.
وهو مبنى على أربعة أُصول:
أحدها: أن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذَّبِينَ حَتَّى نبعث رَسُولاً} [الإسراء: 15] ، وقال تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165] ، وقال تعالى: {كُلَّمَا أَلْقِى فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزْنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فكَذَّبْنَا وَقُلنَا مَا نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك: 8- 9] ، وقال تعالى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 11] .وقال تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنْكُمْ يَقُصّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَىَ أَنْفُسِنَا وَغَرّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَىَ أَنْفُسِهِمْ أَنّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ} [الأنعام: 130] .
وهذا كثير في القرآن، يخبر أنه إنما يعذّب من جاءه الرسول وقامت عليه الحجة، وهو المذنب الذي يعترف بذنبه، وقال تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} [الزخرف: 76] ، والظالم من عرف ما جاءَ به الرسول أو تمكن من معرفته، وأما من لم [يكن عنده من الرسول خبراً أصلاً ولا يمكن من معرفته بوجه] وعجز عن ذلك فكيف يقال إنه ظالم؟
الأصل الثاني: أن العذاب يستحق بسببين، أحدهما: الإعراض عن الحجة وعدم [إرادة العلم] بها وبموجبها. الثاني: العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها. فالأول كفر إعراض والثاني كفر عناد. وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل.
الأصل الثالث: أن قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص فقد تقوم حجة الله على الكفار في زمان دون زمان وفى بقعة وناحية دون أُخرى كما أنها تقوم على شخص دون آخر، إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون وإما لعدم فهمه كالذي لا يفهم الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له. فهذا بمنزلة الأصم الذي لا يسمع شيئاً ولا يتمكن من الفهم، وهو أحد الأربعة الذين يدلون على الله بالحجة يوم القيامة كما تقدم في حديث الأسود وأبى هريرة وغيرهما.فهذا الكلام في غاية الوضوح في تفصيل المسألة على خلاف ما هو عليه هذا الدعي الكذاب .
مناصرة يومئ إلى تكفير الشيخ ربيع - حفظه الله - قال مناصرة – هده الله – المتتبع لأقوال الشيخ ربيع المدخلي يجده يثبت الإسلام للمشركين ، وهذه من الطامات العظيمة ، لأنه يترتب عليها كفر وإيمان ، وتوحيد وشرك ، وسأتركك أيها القارئ تعيش الحدث مع فتاوى الشيخ لتعلم أن الأمر جلل ، لأن هناك أقوالا لو عومل صاحبها بالمنظار الشرعي لأدى إلى الردة – والعياذ بالله – ومثال ذلك عدم تكفير عباد القبور ، حيث ثبت بالإجماع أنهم كفار كما سترى – إن شاء الله- .
هكذا ينسب هذا الظالم لنفسه أن الشيخ يثبت الإسلام للمشركين بإطلاق دون تفصيل في ذلك ، وهو في ذلك كذاب لأنه يحكم بالهوى والظنون ولا يحكم بالحكم الشرعي ، فمناصرة حكم على نفسه بنفسه أنه صاحب حكم بالهوى والظن وليس صاحب حكم بالحكم الشرعي فانظر إلى كلامه السابق في قوله : لأن هناك أقوالا لو عومل صاحبها بالمنظار الشرعي لأدى إلى الردة – والعياذ بالله – إذن هو لا يعامل أهل السنة السلفيين بمنظار الشرع على حد تعبيره وإنما بمنظار أهل البدع والأهواء وفي مقدمتهم الشيخ ربيع ، فمن كان هذا حاله فماذا ينتظر منه ؟؟
قال مناصرة - هداه الله – وينبغي علينا أن نعلم أن الذي درس أدلة المكفرين لعباد القبور وغيرهم وكذا أدلة المانعين ، ثم رجح أدلة المانعين ، فإنه مرتد ، حيث قال ابن عبد الوهاب – رحمه الله – كما في الدرر السنية (10/94)( إذا علمت ذلك ، فإن الذي أنتم فيه كفر : الناس يعبدون دين الطواغيت ، ويعادون دين الإسلام فيزعمون أنه ليس ردة )).
وهذا الكلام فيه طوام يا مناصرة فخذها .
أ- قعد مناصرة بكلامه هذا قاعدة باطلة زائغة للتكفير وهي أن كل من درس مسألة من المسائل الجزئية سواء كانت في الأصول أو الفروع ثم اطلع على أدلة الفريقين المختلفين فيها ورجح أدلة المانعين من التكفير فهو كافر مرتد هكذا بإطلاق ، ثم يذهب بمكر ودهاء إلى كلام بعض أهل العلم فيأخذ ألفاظ وكلمات على قدر مقصوده ليستدل على باطله وبدعته هذه التي جاء بها .
ب – ها أنت يا مناصرة تخرق الإجماع وتثبت الخلاف في كلامك هذا في هذه المسألة وتهدم الإجماع الذي تدندن حوله ، فأنت تذكر من كيسك وجيبك أن من درس أدلة المكفرين وأدلة المانعين ؛ إذا ففي المسألة قولان ؛ وهناك أدلة للفريقين في المسألة ، ولكن من رجح باجتهاد عن علم فهو مرتد عندك ، وهذا ينقض إجماعك الذي تدعيه ؟؟ فأنت خارق للإجماع ؟ أيها المتحذلق .
ج - كيف تحكم بالردة على من معه أدلة خالفت أدلتك وهو من العلماء المعروفين والمزكين عند كبار علماء السنة ولو كانت مرجوحة أو ضعيفة ..؟؟؟ أليس هذا تكفير وحكم بالهوى ؟؟ فهل كل من خالفك في مسألة وأخذ بدليل قام عنده يكفر؟
ت – نقلك هذا الكلام عن الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب فيه بتر وتحريف وكذب وهو في غير محله ، ولم تأخذ منه إلا ما يخدم مقصودك السيئ مما يثبت لنا أنك متلاعب كذاب تتبع الهوى شأنك شأن الروافض الذين يأخذون رؤوس كلمات أو بعض الجمل من أهل السنة يثيرون بها الشبه على عامة المسلمين ثم يرمونهم بالعظائم ؟فهذا كلام الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب وليس فيه أن من درس أدلة المكفرين وأدلة المانعين ثم رجح أدلة المانعين فأنه مرتد .. خذه أيها القارئ كاملا لتعلم ما أخذ منه مناصرة فقط ليظهر بذلك حقيقة كذبه وافترائه على العلماء .
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب :إلى الإخوان ، سلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته وبعد : ما ذكرتم من قول الشيخ ، كل من جحد كذا ، وكذا ، وقامت عليه الحجة وأنكم شاكون في هؤلاء الطواغيت وأتباعهم ، هل قامت عليهم الحجة ، فهذا من العجب كيف تشكون في هذا وقد وضحته لكم مراراً، فإن الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام والذي نشأ ببادية بعيدة أو يكون في مسألة خفية مثل الصرف والعطف فلا يكفر حتى يعرف، وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه فإن حجة الله في القرآن فمن بلغه فقد بلغته الحجة وبلوغها نوع وفهمهم إياها نوع آخر، وكفرهم الله ببلوغها إياهم مع كونهم لم يفهموها.وإن أشكل عليكم ذلك فانظروا قوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج: "أينما لقيتوهم فاقتلوهم" مع كونهم في عصر الصحابة ويحقر معهم الإنسان عمل الصحابة، ومع إجماع الناس أن الذي أخرجهم من الدين هو التشديد والغلو والاجتهاد وهم يظنون أنهم مطيعون لله وقد بلغتهم الحجة ولكن لم يفهموها، وكذلك قتل علي رضي الله عنه الذين اعتقدوا فيه وتحريقهم بالنار مع كونهم تلاميذ الصحابة، ومع عبادتهم وصلاحهم وهم أيضاً يظنون أنهم على حقن وكذلك إجماع السلف على تكفير أناس من غلاة القدرية وغيرهم مع كثرة علمهم، وشدة عبادتهم، وكونهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً، ولم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم لأجل أنهم لم يفهموا فإن هؤلاء كلهم لم يفهموا انتهى كلامه.فالشيخ في كلامه هذا يتكلم على من قامت عليهم الحجة وجحد من الطواغيت وأتباعهم ويستنكر على من عرف ذلك ثم شكك في كفرهم ، على أن الطواغيت في كلامه أعم من الأصنام وعبادتها، فالطواغيت كثيرة كما يقرره الشيخ نفسه في كتبه ..ثم الشيخ نفسه في هذا الكلام يثبت العذر بالجهل على من لم تقم عليه الحجة ممن كان حديث عهد بالإسلام أو قام ببادية بعيدة أو يكون ذلك في مسألة خفية مثل الصرف والعطف فلا يكفر ..
هذا كلامه واضحا ، لا يكفرمن نشأ في بادية بعيدة جاهلا جهلا ما بعده جهل وكذلك من خفيت عليه مسائل فجهلها فهذا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة بخلاف من جهل الأصول التي أوضحها الله وأحكمها وكانت واضحة معلومة من الدين بالضرورة وبلغته الحجة وهي القرآن – ولا شك أنها أبلغ حجة - فهذا يكفر لأنه معرض عن الواضحات ، ثم فرق الشيخ - رحمه الله - بين قيام الحجة فهو نوع وبين بلوغها وبين فهمها ثم ضرب مثالا بالخوارج الغلاة والقدرية الغلاة ..
والذي يتمعن في كلام الشيخ أن هؤلاء الغلاة ما كفروا إلا لغلوهم وتشددهم وذلك عن علم وعبادة قد بلغتهم الحجة لكنهم ما فهمومها وهنا يقال لمناصرة الشيخ لا يكفرهم إلا بعد بلوغ الحجة ولم يشترط فهمها فقط .
فأين الدليل من كلامه على قاعدتك التكفيرية الضالة ؟؟فالشيخ ربيع فصل في المسألة ولم يطلق في مسألة العذر بالجهل لمن وقع في مكفر بمجرد الوقوع فيه ، ولم يدر أن ذلك شرك أو كفر حتى يبين له ، فمن بين له فهو كافر مرتد وكلامه هو نفس كلام الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب لمن تأمله .
قال مناصرة بعده : نقلا عن الشيخ المجدد : وقال أيضا في رده على أحمد بن عبد الكريم الذي لا يكفر عباد القبور وغيرهم من المرتدين لأنه أخبر ابن الوهاب أنه قد اطلع على كلام لابن تيمية ومن ثم رجح عدم تكفير عباد القبور ، فرد عليه شيخ الإسلام النجدي قائلا: ( فلو قدّرنا أنها لم تقم الحجة على غالبهم ، قامت الحجة على هذا المعين الذي يحكي المذهبين ) الدرر السنية (10/70).
الرد : أ- تكرر في كلام مناصرة جملة : (( وغيرهم من المرتدين )) ولم يبين ما نوع ردتهم ومن هم ؟، ولعله يقصد بذلك تكفيره للحكام المسلمين ، أو من درس أدلة المكفرين لعباد القبور وأدلة المانعين ثم رجح أدلة المانعين فهم عنده مرتدين على قاعدته المشئومة ..
ب- أخذ من كلام شيخ الإسلام ما يخدم قصده فقط فبتر ما قبله وما بعده وأخذ هذه الجملة : (( فلو قدّرنا أنها لم تقم الحجة على غالبهم ، قامت الحجة على هذا المعين الذي يحكي المذهبين )).
فقصده جملة يحكي المذهبين ليستدل لقاعدة التكفيرية أن من درس أقوال المكفرين للعباد القبور والمانعين ثم رجح أدلة المانعين فهو مرتد ؟ بالله عليك أيها القارئ كن منصفا وأحكم له أو علي هل تجد في كلام الشيخ الإسلام مبررا ودليلا لهذه القاعدة وسأنقل لك كلامه رحمه الله كاملا .
وأما عبارة الشيخ التي لبسوا بها عليك، فهي أغلظ من هذا كله، ولو نقول بها لكفرنا كثيراً من المشاهير بأعيانهم؛ فإنه صرح فيها بأن المعين لا يكفر إلا إذا قامت عليه الحجة. فإذا كان المعين يكفر إذا قامت عليه الحجة، فمن المعلوم أن قيامها ليس معناه أن يفهم كلام الله ورسوله مثل فهم أبي بكر رضي الله عنه، بل إذا بلغه كلام الله ورسوله، وخلا من شيء يعذر به، فهو كافر، كما كان الكفار كلهم تقوم عليهم الحجة بالقرآن مع قول الله: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} سورة الأنعام آية: 25..وقوله: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} سورة الأنفال آية: 22.. وإذا كان كلام الشيخ ليس في الشرك والردة، بل في المسائل الجزئيات، سواء كانت من الأصول أو الفروع، ومعلوم أنهم يذكرون في كتبهم في مسائل الصفات أو مسألة القرآن أو مسألة الاستواء أو غير ذلك مذهب السلف، ويذكرون أنه الذي أمر الله به ورسوله، والذي درج عليه هو وأصحابه، ثم يذكرون مذهب الأشعري أو غيره، ويرجحونه ويسبون من خالفه.
فلو قدرنا أنها لم تقم الحجة على غالبهم، قامت على هذا المعين الذي يحكي المذهبين: مذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه، ثم يحكي مذهب الأشعري ومن معه.
فكلام الشيخ في هذا النوع يقول: إن السلف كفّروا النوع، وأما المعين: فإن عرف الحق وخالف كفر بعينه، وإلا لم يكفّروا.فهذا كلام الشيخ فأين الدليل فيه على قاعدتك ، التكفيرية ، شيخ الإسلام يتكلم عن تكفير المعين ، وأنه لا يكفر حتى تقام عليه الحجة و يعرف الحق ثم خالف كفر بعينه، وإلا لم يكفّر.وهذا مذهب السلف . وكلامه في مجموع الفتاوى (2/352) .
ج- هذه القاعدة الباطلة أخذها عن الحازمي الحدادي التكفيري المتناقض في كلامه كما سأبينه قال : يقول الشيخ الحازمي موضحا قول شيخ الإسلام ابن عبد الوهاب : ( الذي يعذر بالجهل ، هذا عن كان قد وقف على كلام أهل العلم وتركه فقد كفر وارتد ، لأنه لم يكفر الكافر الذي أجمع السلف الصالح ، بل نص على كفره ، وكل من لم يكفّر كافرا مجمعا على كفره فقد كفر ، لا سيما إذا كان يقرأ بين أدلة المانعين وأدلة المجيزين )) ( شرح المستفيد في كفر تارك التوحيد ، شريط 13 مفرغ (ص9).
الرد:أ – لست أدري هل هذا الكلام بلفظه لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب أم هو كلام الشارح الحازمي الشارح والمبين لكلامه فقد بحثت عنه فيما عندي من كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب فلم اهتدي إليه وأنا مستبعد له عن الشيخ لأن فيه تناقضا ، وذلك أن فيه ( من وقف على كلام أهل العلم وتركه فقد كفر وارتد ، ثم يذكر العلة في ذلك أنه لم يكفر الذي أجمع عليه السلف الصالح ، فهل القصد من كلام أهل العلم هو إجماع السلف الصالح لمن قرأ أدلة المانعين من التكفير وأدلة مخالفيهم ، وهل يكفر لكونه ترك الإجماع وخرقه أو لكونه اطلع على كلام بعض أهل العلم في المسألة ؟ ثم قرر الإجماع فيها دون عزوه لأحد من علماء السلف الصالح أم أنه عقد إجماعا لمسألة دون مسألتنا ثم جره إلى هذه المسألة دون اطلاع على بقية كلام العلماء في كل عصر ومصر ؟؟
وليعلم مناصرة أن عقيدتنا أنه من لم يكفر كافرا في كفر مجمع على كفره أو صحح مذهبه فهذا قد كفر وارتد ، وهذا ناقض من نواقض الشهادتين ، وهذا ما قرره في ثنايا كلامه هذا ، أما أنه يكفر في مسألة متنازع فيها مختلف فيها بين العلماء وبمجرد أن يقرأ أدلة الفريقين يكفر ويرتد فهذا يناقض الكلام السابق .. لذلك نطالبه من قرر هذا الإجماع على هذه المسألة والقاعدة التي قرروها .
ب – هذا هو دليل مناصر على قاعدته التكفيرية من قول الحازمي : ((لا سيما إذا كان يقرأ بين أدلة المانعين وأدلة المجيزين )) فهو عنده مرتد ولا حول ولا قوة إلا بالله من هذه الجرأة ، لو قال : أنه كان يقرأ للمخالفين منهج السلف الصالح الذين لا يكفرون بالمسائل المعلومة من الدين بالضرورة الواضحة المحكمة والمجمع عليها ثم قرأ لعلماء السلف في تكفيرهم لهؤلاء ثم لم يكفرهم لأصاب ولكنه أبهم القراءة في أدلة المانعين والمجيزين ليدل على قصدهم السيئ أن المقصود بالمانعين هم أهل السنة السلفيين الذين يعذرون بالجهل وعدم تكفير المعين إذا وقع في شيء من المكفرات ولم تقم عليه الحجة ...والمقصود بالمجيزين هم طائفة من أهل السنة ومن أخذ من أهل الأهواء والتكفيريين ببعض أقوالهم التي ظنوا أنها موافقة لباطلهم ..
ج – وعلى هذه المقدمات والنتائج كفر مناصرة الشيخ ربيع في رسالته التي أعطاها للشيخ بيده قال فيها ( ص 10) بعد هذه المقدمة :والشيخ ربيع يقول مسألة العذر بالجهل من مسائل الخلاف أي قد اطلع على أدلة الأطراف المتنازعة فما حكمه ؟
هكذا أنهى كلامه بهذا السؤال الذي ينتج عنه بعد تلك المقدمة التي قرر فيها أن من قرأ أو درس أو اطلع على أدلة المجيزين والمانعين ثم رجح أدلة المانعين فهو مرتد.
إذا الشيخ ربيعا - حفظه الله من ذلك وسلمه - مرتد عندك يا مناصرة ، هذا هو جواب سؤاله الذي لم يأت به وترك مكانه نقاطا للقارئ يفهم ذلك إشارة حتى لا يُتهم بأنه يكفر ، ولكن هذا لا يخفى على طلبة العلم ، أم أنك لم تتعامل معه هنا بالمنظار الشرعي لذلك وقعت في تكفيره وعجزت عن كتابتها والنطق بها عاملك الله بما تستحق .
انتهى الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث وفيه العذر بالجهل وإقامة الحجة ...

أبو هنيدة ياسين الطارفي
31-May-2014, 02:14 PM
جزاك الله خير وسددك ...
ووفقك الله في الردود وبيان الحق والباطل وشبهات الحدادية... والدفاع عن العلماء والمشايخ ـ حفظهم الله تعالى ـ
فوائد طيبة مفيدة في تعرية قواعدهم المسمومة المشبوهة .

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
31-May-2014, 07:36 PM
جزاك الله خير وسددك

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
09-Oct-2015, 09:55 PM
- عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ. رواه البخاري (2444)
يقول الشيخ بن باز-رحمه الله-
هذا حديث صحيح، شرحه النبي صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، وهذه كلمة تقولها العرب، وكان العرب عندهم تعصب ينصرون أصحابهم وإن ظلموا وصار عندهم هذا انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فلما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم - قالوا يا رسول الله كيف أنصره ظالماً؟ قال: تحجره عن الظلم، فذلك نصرك إياه، نصر المظلوم واضح، ولكن نصر الظالم معناه منعه من الظلم وحجزه عن الظلم، هذا نصره، فإذا أراد أن يظلم أحد تقول لا، قف، تمسكه، إذا أراد يأخذ مال أحد تمسكه، هذا نصره، إذا كان لك استطاعة تمنعه من ذلك، هذا نصر الظالم تعينه على نفسه وعلى شيطانه، تنصره على شيطانه، وعلى هواه الباطل.
تنبيه :وضع الحديث من عندي
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل ونفع الله بعلمك

أبو الوليد خالد الصبحي
26-Oct-2015, 06:27 PM
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل ونفع الله بعلمك