المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل على المخطئ إذا تاب أن يبين خطأه بالتفصيل أو تكفيه التوبة ؟؟؟



أبو بكر يوسف لعويسي
04-Jun-2014, 04:47 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل : {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ } فهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ، وهو الذي أمر المؤمنين جميعا بالتوبة إليه فقال { وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون }.
وأصلي وأسلم على عبده ورسوله الذي كان يتوب ويستغفر ربه أكثر من سبعين مرة في اليوم وهو رسول مجتبى ونبي مصطفى ، معصوم من الذنوب قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ومع ذلك يستغفر ويتوب فأين المذنبين من هذا الخلق العظيم؟
كما أصلي وأسلم على آله وصحبه سادات التائبين الأبرار الحائزين مراتب الفخار وعلى من تبعهم بإحسان إلى دار القرار .
أما بعد :
إن الرجوع للحق خير من التمادي في الباطل ،والرجوع إلى الحق فضيلة ، ومزية يحبها الله تعالى ويحبها رسوله والمؤمنون الصادقون ، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ، ويفرح بتوبة عبده إذا تاب واستغفر وأناب ، فكيف لا يحرص المذنب المخطئ على هذا الفضل المحبب إلى أعظم محبوب ويرغب إليه ولا يلتفت إلى لوم اللائمين وعتاب المعاتبين فإن الرجوع للحق خير من التمادي في الباطل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (10/61) وَالْمُحِبُّ التَّامُّ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ لَوْمُ اللَّائِمِ ، وَعَذَلُ الْعَاذِلِ بَلْ ذَلِكَ يُغْرِيهِ بِمُلَازَمَةِ الْمَحَبَّةِ كَمَا قَدْ قَالَ أَكْثَرُ الشُّعَرَاءِ فِي ذَلِكَ وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ الْمَلَامِ الْمَحْمُودِ وَهُمْ الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ مَنْ يَلُومُهُمْ عَلَى مَا يُحِبُّ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ مِنْ جِهَادِ أَعْدَائِهِ ((والتوبة إليه )). فَإِنَّ الْمُلَامَ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرٌ.
وَأَمَّا الْمُلَامُ عَلَى فِعْلِ مَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ أَوْ تَرْكِ مَا أَحَبَّهُ فَهُوَ لَوْمٌ بِحَقِّ وَلَيْسَ مِنْ الْمَحْمُودِ الصَّبْرُ عَلَى هَذَا الْمَلَامِ بَلْ الرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ خَيْرٌ مِنْ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ. انتهى كلامه .
وكتب عمر رضي الله عنه إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ : ((..وَلَا يمنعنك قَضَاء قَضيته راجعت فِيهِ رَأْيك وهديت فِيهِ لرشدك أَن ترجع إِلَى الْحق فَإِن الرُّجُوع إِلَى الْحق خير من التَّمَادِي فِي الْبَاطِل )) الدارقطني في سننه (4471)وتاريخ المدينة لابن شبة (2/775) .
هذه القاعدة العظيمة تبين بوضوح عَلَى أَنَّ شُؤْمَ السَّيِّئَاتِ يَجُرُّ صَاحِبَهُ إِلَى التَّمَادِي فِي السَّيِّئَاتِ ، ولا بد ، فالتمادي على الباطل يجر إلى الولوغ والإبحار في الشر ، ودليلها من القرآن َقَوْلُهُ تَعَالَى: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} وقوله {فَلَمَّا زَاغُواْ أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}وغيرها من الآيات .
ومن السنة ما قَالَه حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: << تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ >>.
وعكس ذلك صحيح فإنَّ فِعْلَ الْخَيْرِ يُؤَدِّي إِلَى التَّمَادِي فِي فِعْلِ الْخَيْرِ، ومن لازم التقوى ، واهتدى بخير هدى ، زاده الله هدى وتوفيقا وأتاه تقواه فكان ذلك من أكبر من المحفزات لفعل الخير والطاعات ..
وَقَدْ دلَّت عليه هَذِهِ الْآيَاتُ قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ} ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
واعلم وفقني الله وإياك أن الذنوب ليست على نوع واحد بل هي على أنواع وقد أمر الله تعالى بالتوبة منها جميعا فقال عز من قائل :{ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (31)سورة النور .
والتوبة الصادقة الصحيحة الصريحة هي ما توفرت فيها شروط التوبة المعروفة ، فمن حقق هذه الشروط وتاب إلى الله قبلت توبته .
والذنب الذي يقع فيه العبد إما أن يكون بينه وبين الله تعالى وليس لأحد فيه حق ، أو يكون بينه وبين عباد الله من ظلم وعدوان أو تكون في الحق والعلم والدين والمنهج ، وضرره متعد إلى الغير ...غير مقتصر على نفسه فيما بينه وبين الله ...
فالتوبة فيما كان منه بينه وبين ربه ..عليه ..فإذا تاب العبد فيما وقع منه فيما بينه وبين الله تاب الله عليه وما عليه إلا الإقلاع والندم والعزم على عدم العود وإصلاح مستقبل عمره بالإيمان والعمل الصالح ..
وقال تعالى :{ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }(54).الأنعام .
قال ابن كثير رحمه الله – وقوله {ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ} أَيْ: رَجَعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَعَاصِي، وَأَقْلَعَ وَعَزَمَ عَلَى أَلَّا يَعُودَ وَأَصْلَحَ الْعَمَلَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
فهذه التوبة فيما بينه وبين ربه ولا حق عليه لغيره فهذا مطالب أن يحسن فيما استقبل من عمره فإذا أصلح وأحسن فيما بقي غفر له ما تقدم إن الله غفور رحيم .والإصلاح المقصود فيها هو العمل الصالح جاء مبينا في آيات أخرى منها قوله تعالى :{ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا } (60) مريم .
ومنها :{ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }(70)الفرقان . ومنها قوله تعالى :{فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ }(67) القصص .
وأما إن كانت التوبة من حق آدمي وفيه حق لله كحد مثل سرقة ونحوها فهذا لابد أن يتوب وأن يصلح ما أفسد بظلمه وعدوانه برد الحقوق إلى أصحابها أو بدلا عنها ما استطاع إلى ذلك سبيلا..
قال تعالى :{فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }(39)المائدة .
فالآية واضحة جاءت بعد ذكر جريمة السرقة وإيقاع الحد على فاعلها ، وإنه حتى لو قطعت يده فعليه التوبة وعليه أن يصلح ما أفسده وظلم به من حقوق الآخرين فإن تاب فيما بينه وبين الله فإن الله غفور رحيم .
قال ابن كثير (3/110) : قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أَيْ: مَنْ تَابَ بَعْدَ سَرِقَتِهِ وَأَنَابَ إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَأَمَّا أَمْوَالُ النَّاسِ فَلَا بُدَّ مِنْ رَدِّهَا إِلَيْهِمْ أَوْ بَدَلِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» مسلم (2582) والبخاري في الأدب المفرد (183).وأحمد (9333).
أما إن كانت في الدين أو حق عام أو خاص بالنبي أو أحد أصحابه أو ورثته وتعدّ ضررها إلى الغير كم يقع في شرك أو كفر أو ينشر بدعة أو خرافة أو ضلالة في الناس ، أو يخرج على أولياء الأمور أو يطعن في ورثة الأنبياء الربانيين فهذا لابد من الإصلاح والبيان فلا تكفي التوبة فيما بينه وبين الله .
وفي سورة البقرة ذكر سبحانه وتعالى زيادة على الإصلاح البيان للحق الذي كتموه في قوله تعالى :{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) البقرة .
قال أبو جعفر بن جرير : القول في تأويل قوله تعالى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) }:يعني تعالى ذكره بذلك: أن الله واللاعنين يَلعنون الكاتمين الناس ما علموا من أمر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصفته ونعته في الكتاب الذي أنزله الله وبَيَّنه للناس، إلا من أناب من كتمانه ذلك منهم؛ ورَاجع التوبة بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، والإقرار به وبنبوّته، وتصديقه فيما جاء به من عند الله، وبيّن ما أنزل الله في كتبه التي أنزل إلى أنبيائه، من الأمر باتباعه؛ وأصلح حالَ نفسه بالتقرب إلى الله من صَالح الأعمال بما يُرضيه عنه؛ وبيَّن الذي عَلم من وَحي الله الذي أنزله إلى أنبيائه وعهد إليهم في كتبه فلم يكتمه، وأظهرَه فلم يُخفِه "فأولئك"، يعني: هؤلاء الذين فَعلوا هذا الذي وصفت منهم، هم الذين أتوب عليهم، فأجعلهم من أهل الإياب إلى طاعتي، والإنابة إلى مَرضَاتي.انتهى كلامه .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنَ الْحَدِيثِ وَاللَّهِ لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا، ثُمَّ تَلَا هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 160] أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .فهذا أبو هريرة رضي الله عنه يتأثم بكتمان العلم ويتخوف من الوعيد المترتب على ذلك في الآيتين المذكورتين فكيف بمن وقع في زلة من شرك أو بدعة أو ضلالة أو كذب على رسول الله وورثته العلماء الربانيين فلا بد أن يبين ما أخطأ فيه خوفا من هذا الوعيد الشديد ورغبة في فضل الرجوع للحق ومزيته .
وعليه يقال ، إذا كان الأمر يتعلق ببيان الحق بالمنهج ، بالتوحيد ، بالإسلام ، وأنه كتمه في موضع لا يجوز له كتمانه ، ولا يجوز تأخير البيان فيه عن وقت الحاجة كمن نزلت فيهم الآية ومن ذلك أيضا كتمان شهادة أو نشر باطل بين الناس فيما يتعلق بإعراضهم من غير موجب شرعي أو دعوة إلى بدعة أو إلى ضلالة من خرافة أو شرك أو كفر تعدى ضررها إلى الغير ..أو خروج على ولاة الأمر فهذا لا يكف في حقه التوبة من ذلك حتى يبين بوضوح ويصلح ما أفسده من ذلك ؛ لِأَن من نشر بَاطِلا بَين النَّاس وَنسبه إلى الدّين لم تصح تَوْبَته مِنْهُ إِلَّا بإعلانها وإظهارها حَتَّى يعلم النَّاس رُجُوعه عَن كذبه وتكذيبه لنَفسِهِ لقَوْل الله عز وَجل الآية السابقة { إِلَّا الَّذين تَابُوا وَأَصْلحُوا وبينوا }.
قال الشيخ العلامة والورع الزاهد ابن باز في التحذير من البدع (1/57)فأوضح الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة أن من كتم شيئا من الحق لم تصح توبته من ذلك إلا بعد الإصلاح والتبيين، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين، وأتم عليهم النعمة ببعث رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وما أوحى الله إليه من الشرع الكامل، ولم يقبضه إليه إلا بعد الإكمال والتبيين، كما قال عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة/ 3].
وقال الشيخ العلامة صالح الفوزان في شرحه مسائل الجاهلية (1/282)عند آية البقرة المذكورة آنفا : شَرط في قبول توبتهم: البيان لما كتموه، فلا تكفي التوبة المجملة، ولكن لا بد من البيان، فيجب على من علم الحق أن يبيّنه للناس، ولا يشتري به ثمناً قليلاً، فيكتمه من أجل أن يحصل على مصلحة من مصالح الدنيا، أو من أجل أن يرضي الناس، فالله أحق أن يخشاه -عز وجل - وأن يرضيه، فلا يجوز كتمان الحق لمن قدر على بيانه وإظهاره، أما من لم يقدر، أو خاف بالبيان فتنة أكبر، فإنه معذور، لكن من لم يكن عنده مانع من البيان، وإنما كتم الحق من أجل رغبته هو ومصلحته هو، فهذا يلعنه الله ويلعنه اللاعنون.فهذه صفة اليهود، وهي منطبقة على كل من كتم الحق، من أجل اتباع الهوى، ولم يبينه للناس، وإذا سئل عن حكم مسألة أجاب بغير الحق وهو يعرف الجواب الصحيح، فهذا من كتمان الحق، والله جل وعلا أمر بقول الحق ولو على النفس: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: 135] ، فيجب بيان الحق في الشهادات وفي غيرها.
وأشد من كتمان الشهادة: كتمان العلم، الذي هو حياة الناس وهدايتهم إلى الصراط المستقيم، فالواجب بيان الحق، وعدم المداهنة، ومن ذلك: إذا رأى الناس على باطل أو خرافات أو شرك، فإنه لا يسكت، بل يجب عليه أن يبين، ولا يترك الناس يقعون في عبادة القبور، وعبادة الأضرحة، ومزاولة البدع المضلة، ويسكت ويقول: ليس لي شأن بالناس، أو يرى الناس يتعاملون بالمعاملات المحرّمة ويسكت، فهذا كتمان للعلم وخيانة للنصيحة، فالله لم يعطك هذا العلم من أجل أن تسكت عليه، وإنما حمّلك إياه من أجل أن تبينه للناس، وأن تدعو إلى الله على بصيرة، وأن تحاول إخراج الناس من الظلمات إلى النور.انتهى كلامه .
وإذا كان الله تعالى شرط في توبة الكاتمين لما أنزله من البينات والهدى- بيان ما كتموه وإصلاح ما أفسدوه لأن ذنبهم لما كان بالكتمان، كانت توبتهم منه بالبيان.فليعلم أن ذنب المبتدع غير ذنب الكاتم لأن هذا كتم الحق، وذاك كتمه ودعا إلى خلافه مما يكرهه الله ورسوله ، ويضر بغيره في دينه ضررا بالغا ، إذا فلا بد للمبتدع أولا أن يعلم أن ما يفعله بدعة ، وأن عليه أن يعلم السنة ويعمل بها، ثم عليه أن يبين للناس فساد ما كان عليه من بدعة حسب الاستطاعة وأن يستقيم على ملازمة السنة ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه حتى تزول عنه حجب البدعة وتشرق عليه شمس السنة . انظر: مدارج السالكين (1 / 370)بتصرف يسير .

وكتب :
أبو بكر يوسف لعويسي
الجزائر 6 /8/1435 هـ الموافق ل/4/6/2014م

أبو ريحانة عصام الليبي
07-Jun-2014, 10:26 PM
سئل الإمام أحمد بن حنبل عن رجل من أهل العلم كانت له زلة وقد تاب منها؟
فقال: " لا يقبل الله ذلك منه حتى يُظهر توبته، والرجوع عن مقالته، وليعلمن أنه قال مقالته كيت وكيت، وأنه تاب إلى الله تعالى من مقالته ورجع عنه.، فإذا ظهر ذلك منه حينئذٍ تُقبل، ثم تلا قوله تعالى: (( إلا الذين تابوا وأصلحوا وبيَّنوا)). "أ.هــ
ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (300/1).

أبو ريحانة عصام الليبي
17-Jun-2014, 12:57 AM
بيان رجوع العلامة الربيع إلى الحق إذا بُيَّن له ذلك
مع ذكر الأخطاء ونقدها وبيان الحق فيها

أولا : قال الشيخ ربيع في إحدى محاضراته ( إذا تبرأ منك رسول الله على لسان ربنا ) .

ثم كتب حفظه الله بياناً شافياً قال فيه : " فقد اطلعت على ما نشرته بعض الشبكات العنكبوتية من كلام نسب إلي وهو أني قلت في إحدى محاضراتي " إذا تبرأ منك رسول الله على لسان ربنا " قلتها عندما استدللت بقول الله تبارك وتعالى (( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء)) على تحريم التفرق ثم قلت: كيف ما نخاف يا إخوتاه ونختار هذا التفرق ونعيش عليه قروناً وأحقاباً...".

أستغفر الله من هذه الكلمة القبيحة الباطلة مئات المرات.

وأطلب حذفها من كل شريط توجد فيه، وأشدد في ذلك على كل من يملك شريطاً توجد فيه هذه الكلمة أن يقوم بحذفها.

وأقول:

إن هذا الكلام قبيح وباطل، وتعالى الله عنه وتنـزه عنه، فهو تعالى منـزه عن مشابهة المخلوقين.

كما قال سبحانه (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)).
وكما قال عز وجل(( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد))
وقال تعالى (( هل تعلم له سمياً)).
ففي هذه الآيات الكريمات إثبات لصفات كماله ونعوت جلاله وتنـزيه له عن صفات وسمات النقص ومشابهة المخلوقين، فلا يشبهه ولا يكافؤه أحد في ذاته ولا في صفاته ولا في شيء من صفاته العظيمة.
وأهل السنة والجماعة يثبتون كل صفاته الواردة في الكتاب والسنة من غير تشبيه ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل لأي شيء من صفاته، كاستوائه على عرشه فوق جميع مخلوقاته، والعلو والنزول والسمع والبصر والقدرة والإرادة والعلم والكلام والحكمة وكونه تعالى الخالق الرازق المحيي المميت إلى آخر ما ثبت من أسمائه الحسنى وصفاته العليا، يثبتها أهل السنة من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تعطيل، مخالفين فيها أهل الأهواء من الجهمية والخوارج والمعتزلة والروافض والأشعرية .
وأنا والحمد لله ممن أكرمه الله بهذا المنهج وأومن به في قرارة نفسي وأدرِّسه وأدعو إليه وأذب عنه طالباً ومدرساً وداعياً إليه بكل ما أستطيعه وأوالي عليه وأعادي عليه من أول حياتي.

وهذه الكلمة البغيضة إليَّ التي صدرت مني خلال محاضرة أدعو فيها إلى هذا المنهج وأدعو من خالفه إلى الرجوع إليه.

وهذه الكلمة القبيحة إنما كانت مني فلتة لسان ولو نبهني إنسان في اللحظة التي قلتها فيها لرفضتها ولتبرأت منها، وما يحق لأحد اطلع عليها أن يسكت عنها.

وهي مثل قول ذلك الرجل الذي مثل به النبي صلى الله عليه وسلم والذي قال من شدة الفرح " اللهم أنت عبدي وأنا ربك " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" أخطأ من شدة الفرح" ومع ذلك فأنا أتألم منها أشد الألم وأستنكرها من نفسي ومن غيري أشد الاستنكار.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يغفر لي ذنوبي جميعا ما أسررت منها وما أعلنت وأن يغفر لي زلاتي وأخطائي: زلات القلم واللسان والجوارح والجنان.
و"كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"،أسأل الله أن يجعلني من التوابين ومن المتطهرين.
وقبول النصح واتباع الحق من أوجب الواجبات على المسلمين جميعاً من أي مصدر كان، ولا يجوز للمسلم أن يستصغر الناصح أو يحتقره مهما كان شأنه.
وأعوذ بالله أن أرد نصيحة أو أدافع عن خطأ أو باطل صدر مني فإن هذا الأسلوب المنكر إنما هو من طرق أهل الفساد والكبر والعناد، ومن شأن الذين إذا ذكروا لا يذكرون وأعوذ بالله من هذه الصفات القبيحة.
وأسأل الله أن يجعلني ممن قال فيهم (( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا)).ط اهـ
راجع ما كتبه الشيخ في ( قبول النصح والانقياد للحق من الواجبات العظيمة على المسلمين جميعاً )

http://sahab.net/for...ad.php?t=310691 (http://sahab.net/forums/showthread.php?t=310691)

ثانيا : قال الشيخ ربيع في إحدى محاضراته (خالد ! يصلح للقيادة ... ما يصلح للسياسة !! وأحيانا يلخبط ) .

قال الشيخ حفظه : " هذه الكلمة إشارة إلى ما ورد في أنه قتل بني جذيمة ، وقد قال شيخ الإسلام –رحمه الله-: " و نقل الشيخ كلامه من السياسة الشرعية (ص:19-20)، ط.المكتبة العلمية
ثم قال بعدها " ومع هذا فأنا أستغفر الله من كلمة (يلخبط) فإنها كلمة سيئة. " اهـ

ثالثا : قال الشيخ ربيع في إحدى محاضراته ( فقال عمر : قاتل الله فلانا ألم يسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها . يعني أن سمرة حصل عنده حيلة تشبه حيلة اليهود ) .

قال الشيخ : " ... ومع كل هذا فأنا أرى أن عبارتي سيئة وهي من سبق اللسان وأستغفر الله منها كثيراً، ولو نبهني أحد وقت نطقي بها لحذفتها.
وقد رضي الله عن هذا الصحابي الجليل وإخوانه من الصحابة أجمعين كما في محكم التنزيل وفي سنة رسوله الكريم وهو عقيدة أهل السنة والجماعة وهو الذي أدين الله به باطناً وظاهراً وعليه أوالي وأعادي. " اهـ

راجع ما كتبه الشيخ في (الكــر على الخيانة والمكــر )

http://sahab.net/for...ad.php?t=281637 (http://sahab.net/forums/showthread.php?t=281637)

وقد قال حفظه الله في ذلكم المقال " فيعلم الله مني وأشهده وكفى به شهيداً أنني أحب أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم- جميعاً وأعظمهم جميعاً وأذب عنهم جميعاً طول حياتي باطناً وظاهراً، وأفديهم بنفسي وأولادي بل بالأمة جميعاً إن كان ذلك بيدي، وأشهد الله أنه ما كان ولا يكون مثلهم.

وأعادي من يعاديهم وأوالي من يواليهم وأبغض من يبغضهم أو أحداً منهم، والعبارات التي قلتها في خالد وسمرة خلال فتنة هوجاء أدافعها وأدفعها عن الشباب.

فأقول في خالد: أنه الصحابي الجليل وأنه سيف من سيوف الله سلّه الله على المشركين والمرتدين والمنافقين القائد المظفر قامع الردة وصاحب الفتوحات العظمى وهادم عروش الأكاسرة والقياصرة وأفديه بنفسي ومالي وأحبه وأستميت في الذب عنه وأعادي وأوالي من أجله.

وسمرة بن جندب أقول فيه: أنه صحابي جليل وعظيم في عيني وأحبه وأوالي وأعادي من أجله.

وما صدر مني من عبارات في حقّهما فإنه من سبق اللسان قطعاً مثل قولي في خالد -رضي الله عنه- يلخبط، أستغفر الله وأتوب إلى الله منه،

وما قلته في حق سمرة خلال استنباطي من قول عمر -رضي الله عنه-: ((قاتل الله سمرة)): يعني أن سمرة حصلت عنده حيلة تشبه حيلة اليهود، فهذه العبارة مني سيئة، أستغفر الله وأتوب إليه منها، وأحذر الناس منها ومن أمثالها.

ولا شك أن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم- خير أمة أخرجت للناس لا كان ولا يكون مثلهم، وإني لعلى مذهب السلف فيهم، وإني لعلى مذهب ابن المبارك لما قيل له: أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبدالعزيز؟ فقال: لغبار في أنف معاوية وهو يجاهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- خير من عمر بن عبدالعزيز.
وأدين الله بأنه لو أنفق أحد خيار المسلمين مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه.
وإن قلبي ليعتصر ألماً من تلك العبارات وأرجو أن أكون من الوقافين عند كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلّم-."اهـ

-------------------
المقالة منقولة من شبكة السلفية على هذا الرابط:
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=108686#entry525200

أبو ريحانة عصام الليبي
17-Jun-2014, 01:05 AM
تأمل يا طالب العلم ! قصة عجيبة جداً مليئة بالفوائد فيها بيان تجرد السلف للحق (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)



قصة عجيبة (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)جداً (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)مليئة (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)بالفوائد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)فيها (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)بيان (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)تجرد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)السلف (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)للحق (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)



نقل الأمام أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله (ت 543هـ)عن محمد بن قاسم العثماني غير مرة قال: وصلتُ الفُسْطاط مرةً فجئت مجلس الشيخ أبي الفضل الجوهري, وحضرت كلامه على الناس فكان مما قال في أول مجلس جلستُ إليه: ( إن النبي -صلى الله عليه وسلم- طلق وظاهر وآلى فلما خرج تَبِعْتُه حتى بلغتُ معه إلى منزله في جماعة وجلس معنا في الدِّهْلِيز وعرَّفهم أمري فإنه رأى شارة(1) الغربة ولم يَعرف الشخص قبل ذلك في الواردين عليه فلماانفض عنه أكثرهم قال لي: أراك غريباً هل لك من كلام؟ قلت: نعم. قال لجلسائه أفرجوا له عن كلامه.
فقاموا وبقيت وحدي معه. فقلت له: حضرتُ المجلس اليوم متبركاً بك(2), وسمعتك تقول آلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصدقت, وطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وصدقت, وقلتَ: وظاهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا لم يكن ولا يصح أن يكون؛ لأن الظهار منكر من القول وزور, وذلك لايجوز أن يقع من النبي -صلى الله عليه وسلم- فضمني إلى نفسه وقَبَلَ رأسي وقال لي: أنا تائبٌ من ذلك جزآك الله عني من معلمٍ خيراً!!. ثم انقلبت عنه وبكَّرت إلى مجلسه في اليوم الثاني فألفيته قد سبقني إلى الجامع وجلس على المنبر فلما دخلتُ من باب الجامع ورآني نادى بأعلى صوته: مرحباً بمعلمي! أفسحوا لمعلمي!!, فتطاولت الأعناق إليَّ وحدقت الأبصار نحوي-وتعرفني ياأبابكر(3) يشير إلى عظيم حيائه فإنه كان إذا سلَّم عليه أحد أو فاجأه خجل لعظيم حيائه واحمر حتى إن وجهه طلي بجلَّنارٍ(4) قال: وتبادر الناس إليَّ يرفعونني على الأيدي ويتدافعونني حتى بلغت المنبر -وأنا لعظيم الحياء لاأعرف في أي بقعة أنا من الأرض والجامع غاصٌ بأهله وأسال الحياء بدني عرقاً- وأقبل الشيخ على الخلق فقال لهم: أنا معلمكم وهذا معلمي!, لمَّاكان بالأمس قلت لكم آلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطلق وظاهر فماأحدٌ منكم فَقُهَ عني ولا ردَّ عليَّ فاتبعني إلى منزلي وقال لي: كذاوكذا, -وأعاد ما جرى بيني وبينه- وأنا تائب عن قولي بالأمس راجعٌ عنه إلى الحق فمن سمعه ممن حضر فلا يعوِّل عليه ومن غاب فليبلغه من حضر فجزاه الله خيراً, وجعل يحفل في الدعاء والخلق يؤَمنون.

قال ابن العربي معلقاً: فانظروا رحمكم الله إلى هذا الدين المتين والاعتراف بالعلم لأهله على رؤوس الملإ من رجلٍ ظهرت رياسته واشتهرت نفاسته لغريبٍ مجهول العين لا يعرفمَنْ؟ ولا مِنْ أين؟ فاقتدوا به ترشدوا!!

"أحكام القرآن, لابن العربي المالكي" (1/182)

الحواشي:

1-الصواب (شارة) مادة: (ش و ر) أي: اللباس والهيئة. مختار الصحاح (ص147).
2- أي بالجلوس لك وأخذ العلم (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)منك. فالبركة هي: من الزيادة والنماء. [النهاية في غريب الحديث (1/120)].
3- هو أبو بكر بن العربي المالكي, راوي القصة.
4-الجُلَّنار: بضم الجيم وفتح اللام المشددة: زهرُ الرمان. القاموس المحيط (ص344).

الفوائد المستنبطة من هذه القصة ما يلي:

وفي هذه القصة من الفوائد ما رأيت أنه ينبغي أن يقف طالب (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)العلم (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)عليها وأن يتنبه لها وهي ما يلي:

1-البحث عن حِلَقِ العلم (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)فهي رياض الجنة كما ثبت عن النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-.

2-أن الحق قد يخفى أو لا يتنبه له الجماعة من الناس ويظهر لواحد من أفرادهم فالحق أحق أن يتبع, ولذا قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-(852هـ): عند حديث ابن عمر-رضي الله عنهما-( أمرت أن أقاتل الناس...) في قصة مناظرةأبي بكر وعمر في قتال مانعي الزكاة, قال: "وفي القصة دليلٌ على أن السنة قد تخفى على بعض أكابر الصحابة ويطَّلع عليها آحادهم, ولهذا لا يُلْتَفَتُ إلى الآراء-ولو قويت- مع وجود سنة تخالفها, ولا يقال: كيف خفي ذا على فلان؟! " ا.هـ فتح الباري, لابن حجر, (1/96) .
وقال أيضاً عند استشارة عمر -رضي الله عنه- للصحابة في إملاص المرأة وجواب المغيرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى بالعبد أو الغرة قال: "وفيه أن الوقائع الخاصة قد تخفى على الأكابر ويعلمها من دونهم, وفي ذلك رد على المقلد إذا اُستدل عليه بخبر يخالفه فيجيب لو كان صحيحاً لعلمه فلان مثلاً فإن ذلك إذا جاز خفاؤه عن مثل عمر فخفاؤه عمن بعده أجوز". فتح الباري, لابن حجر (12/262).

3-أنه لا بد من قبول الحق من أي إنسان كائناً من كان.

4-أن الأولى للشيخ أن يعرف حاضريه فيعرف المستجد الغريب من القديم.

5 -إيجاد الشيخ لمجلس خاصٍ به يحضره من كان له حاجة أو إشكال, ويكون ذلك إما في بيته أو في مكانٍ آخر معلوم.

6-أن من استبان له الحق فلا يجوز له أن يحيد عنه.

7-أن الحياء لا يكون مانعاً من قول الحق والصدع به!.

8 -عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

9-الاعتراف لأهل الفضل بفضلهم ولو كانوا أقل منزلة.

10-الرجوع عن الخطأ علانيةً إذا قد ذيع علانية, فزلة العَالِم زلةٌ للعالَم.

11-تفصيل التوبة للناس بذكر الخطأ والصواب.

12-وجوب الحياء من الله تعالى.

13-عدم انتظار شكرٍ أو ثناءٍ على إهداء نصحٍ.

14-التواضع لله تعالى وإن كان الحق معك فهو فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء.

15-عدم محبة الشهرة.

16-تعويد النفس على إذلالها للحق (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)وعدم التعالي عليه.

17-الرفق في النصح وتعريف المخطئ بصوابه وخطأه إذا خلط بين الحق والباطل.

18-عدم النصيحة في العامة مع التفريق بين خطأ العالم والجاهل.

19-التلطف مع الغريب والتحدث معه وتقديمه على غيره في السؤال لكونه عابر سبيل, كما في حديث جبريل المشهور.

20-تعليل الخطأ وعدم التخطئة بدون ذكر الدليل عليه.

21-وجوب التفاف الناس حول علمائهم.

22-مكافأة من صنع لك معروفاً بالدعاء إذا لم يوجد غيره. للحديث في هذا الباب.

23-بيان عظيم هذا الدين المتين وعظيم حملته.

24-التشمير لساعد الجد في طلب العلم (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)النافع مع التواضع فيه, فهما شيئان لا ينفكان أبداً؛ فمن تواضع لله رفعه.

25-وجوب الاقتداء بسلفنا الصالح في علمهم وعملهم ومعاملتهم.

26-تنزيه النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ما يقدح فيه.

27-بركة التدريس في المساجد فيحضرها كل أحد المعلوم والمجهول.

28-احتساب الأوقات لله تعالى. فانظر كيف أنه انتظر حتى انفض أكثرهم بل حتى رأى الشيخ أنه يريد شيئاً دون مبادرته لذلك.

29-ثناء الناصح للمنصوح وتعريفه بفضله إن كان أهلاً لذلك؛ توطئةً لنصيحته.

30-أمرٌ مهم للغاية! أن لا تظن أن إصابتك للحق (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)تجعلك أفضل منه!!, فلتحمد الله على الهداية وتسأله المزيد دون التألي على الله, وليكن نصب عينيك حديث أبي هريرة: " قد غفرتُ له وأحبطت عملك".

31-أن مقارفت أحد شيوخ السنة لخطأٍ ما لا يكون ذلك مسوغاً لترك هذاالشيخ, بل الواجب نصيحته فكما قال ابن المديني: " ولا من شرط الثقة أن يكون معصوماً من الخطايا والخطأ". ميزان الاعتدال (141/3).

32-بيان جريمة الظهار وأنها من منكر القول والزور الذي نهينا عنه.

33-أن حضور هذه المجالس العلمية تكون لطلب الزيادة في العلم (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)ونماءه لا لتتبع العثرات ولذلك شفع لنفسه بقوله: (متبركاً).

34-بيان رفع العلم (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)لأهله ولو كانت مسألة واحدة!.

35-نقلُ السلف (http://vb.noor-alyaqeen.com/t17892/)لمثل هذه المواقف لا شك أنها لأخذ العبرة والعظة!

والله أعلم وصلى الله وسلم على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

منقول من سحاب السلفية (http://www.sahab.net/forums/showthread.php?p=811118#post811118)

المصدر: منتديات نور اليقين (http://vb.noor-alyaqeen.com/)

أبو الوليد خالد الصبحي
21-Oct-2014, 09:20 PM
جزاك الله خيرا

سلمان بن جعفر الصادق الهندي
25-Oct-2014, 12:48 PM
ما شاء الله،
فوائد عظيمة
جزاكم الله خيرا
أسأل الله التواب الرحيم أن يتوب علينا و يغفرلنا و يرحمنا

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
01-Oct-2015, 07:12 PM
للرفع

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
02-Dec-2017, 06:47 PM
ومن السنة ما قَالَه حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: << تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ >>.