المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إعلام أهل العصر بالرد على من زعم أنْ بيعة السيسي لا تلزمه في مصر



أبو هنيدة ياسين الطارفي
10-Jun-2014, 11:10 PM
إعلام أهل العصر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t32249/)بالرد (http://vb.noor-alyaqeen.com/t32249/)على من زعم أنْ بيعة (http://vb.noor-alyaqeen.com/t32249/)السيسي (http://vb.noor-alyaqeen.com/t32249/)لا تلزمه (http://vb.noor-alyaqeen.com/t32249/)في مصر



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فقد ألزمني الأخ الفاضل / سمير بن سعيد القاهري المصري بطلبه الذي لا يسعني رده وخاصة أنّ ما سأل عنه هو حديث الساعة ، وذلك في عصر هذا اليوم ، الأحد : 10 / شعبان / 1435هـ ، بالجواب على تساؤل وشبهة طُرحت عندهم في مصر هذا نصها :
هناك من تأبى نفسه أن يبايع رئيس مصر المشير عبد الفتاح السيسي (http://vb.noor-alyaqeen.com/t32249/)- حفظه الله - ولما أتينا له بجواب شيخنا حسن بن عبد الوهَّاب البناء - حفظه الله - أن هذا منهج الخوارج ، وأنه لا يقول بهذا سني ، كتب عنده يقول الآتي :
خمسة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توقفوا في بيعة (http://vb.noor-alyaqeen.com/t32249/)يزيد بن معاوية وهو خير ممن بايعتموه ؛ أفهؤلاء الخمسة خوارج يا مرجئة العصر (http://vb.noor-alyaqeen.com/t32249/)؟! .اهـ
فما تعقيبكم على هذا الكلام يا شيخ جمال ؟
قلت مستعينا بالله - تعالى - :
الجواب على من يحتج بهذه الشبهة على جواز عدم مبايعة عبد الفتاح السيسي (http://vb.noor-alyaqeen.com/t32249/)حاكمًا على جمهورية مصر بعد اختياره وترأسه واستتباب الأمر له واجتماع الناس عليه ؛ بامتناع بعض الصحابة - رضي الله عنهم - عن مبايعة يزيد بن معاوية ، نقول :

أولاً : أن مبايعة يزيد كانت قد تمت في حياة جمع من الصحابة - رضي الله عنهم - في ذلك الوقت ووافقوا على بيعته ، بأن أخذ البيعة له والده معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - في حياته خوفاً من فتنة يقع فيها المسلمون من بعده ؛ فاستشار أهل الشام فاقترحوا أن يكون ابنه فرشَّحه من بعده ووافق عليه أهل الأمصار .
وقد تم بمبايعة الناس ومنهم عبد الله بن عمر ، ولم يتخلَّف إلاَّ الحسين بن علي ، وعبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهم ـ ، وليس تَخلُّف من تخلف عن البيعة بناقض لها .

ثانياً : تخلُّف بعض الصحابة - رضي الله عنهم - عن مبايعة يزيد بن معاوية ، أو حتى عن علي بين أبي طالب ؛ إنما كانت من أجل الفُرقة التي كانت ولم يتبين الأمر حينئذ ، فآثروا اجتناب الفتنة ، حتى قيل لنافع : مَا بال ابْن عُمَر بايع مُعَاوِيَة ، ولم يبايع عليا ؟ قَالَ : كَانَ ابْن عُمَر لا يعطي يداً فِي فُرْقَةٍ ، ولا يمنعها مِن جماعةٍ ، ولم يبايع مُعَاوِيَة حَتَّى اجتمعوا عَلَيْهِ . الاستيعاب ( 3/1418 ) .
قَالَ أَبُو عُمَر ابن عبد البر : كَانَ مُعَاوِيَة أميرًا بالشام نحو عشرين سنة ، وخليفة مثل ذَلِكَ ، بايع لَهُ أهل الشام خاصة بالخلافة سنة ثمان أو تسع وثلاثين ، واجتمع الناسُ عَلَيْهِ حين بايع لَهُ الْحَسَن بْن علي وجماعة ممن معه ، وذلك فِي ربيع أو جمادى سنة إحدى وأربعين ، فيسمى عام الجماعة .اهـ
والأثر أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه ( 3/251 ) عن ابن عتيبة دون ذكر القصة .
ويشهد لموقف ابن عمر - رضي الله عنه - من التوقف عن البيعة وقت الفتنة مناصحته لابن الزبير والحسين - رضي الله عنهم أجمعين - ، فقد لَقِيَ ابن الزبير والحسين عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بِالْأَبْوَاءِ مُنْصَرِفِينَ مِنَ الْعُمْرَةِ ، فَقَالَ لَهُمَا ابْنُ عُمَرَ : أُذَكِّرُكُمَا اللَّهَ إِلَّا رَجَعْتُمَا فَدَخَلْتُمَا فِي صَالِحِ مَا يَدْخُلُ فِيهِ النَّاسُ ، وَتَنْظُرَا ، فَإِنِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ لَمْ تَشِذَّا ، وَإِنِ افْتَرَقَ عَلَيْهِ كَانَ الَّذِي تُرِيدَانِ .اهـ
الطبقات الكبرى ( 1/444 ) ، وتهذيب الكمال ( 6/416 ) ، وتاريخ الإسلام ( 5/ 5) ، تاريخ دمشق ( 14/208 ) .

ثالثاً : أن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - كان لهم موقف باجتناب الفتنة بعد مقتل عثمان - رضي الله عنه - ، فهذا ابن عمر كان يقول لرسول علي ابن أبي طالب : أَنَا مَعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْهُمْ ، وَقَدْ دَخَلُوا فِي هَذَا الأَمْرِ فَدَخَلْتُ مَعَهُمْ لا أُفَارِقُهُمْ ، فَإِنْ يَخْرُجُوا - أي معك - أَخْرُجْ ، وَإِنْ يَقْعُدُوا أَقْعُدْ .
ولم يكن ابن عمر عاصيًا لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - ولم يكن منكراً لطاعته ، وإنما كان ممتنعًا عن القتال في الفتنة ، فقد جاءت الرواية تروي نزاهته وسلامته :
فَخَرَجَ مِنْ تَحْتِ لَيْلَتِهِ وَأَخْبَرَ أُمَّ كُلْثُومٍ ابْنَةَ عَلِيٍّ ، وَهِيَ زَوْجَةُ عُمَرَ بِالَّذِي سَمِعَ ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ مُعْتَمِرَا مُقِيمًا عَلَى طَاعَةِ عَلِيٍّ مَا خَلَا النُّهُوضَ ، وَكَانَ صَدُوقًا فَاسْتَقَرَّ عِنْدَهَا ، فَأَتَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ عَلِيًّا فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ ؛ فَطَابَتْ نَفْسُهُ ، وَقَالَ : وَاللَّهِ مَا كَذَبَتْ وَلَا كَذِبَ ، وَاللَّهِ إِنَّهُ عِنْدِي ثِقَةٌ .
ولأنها فتنة اشتبهت على الكثير في الصحابة - رضي الله عنهم - في المدينة حتى عندما رَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُمْ يَقُولُونَ : لا وَاللَّهِ مَا نَدْرِي كَيْفَ نَصْنَعُ ، فَإِنَّ هَذَا الأَمْرَ لَمُشْتَبِهٌ عَلَيْنَا ، وَنَحْنُ مُقِيمُونَ حَتَّى يُضِيءَ لَنَا وَيُسْفِرَ .
الفتنة ووقعة الجمل ( ص: 109 ) ، وتاريخ الطبري ( 3/5 ) ، والمنتظم في تاريخ الأمم والملوك ( 5/78 ) ، والكامل في التاريخ ( 3/105 ) .

رابعاً : أن الخلاف زمن الصحابة في الخروج أو عدم الخروج على الحاكم أو في مبايعته أو عدم مبايعته مع وجود الفتنة واشتباه الأمر في ذلك الوقت بعد مقتل عثمان - رضي الله عنهم - على يد الخوارج - لعنهم الله - ؛ عدَّه بعض أهل العلم اجتهادًا ممن فعل ذلك الخروج ، مع عدم تأييد الفريق الكبير لهم .
قال النووي بعد الكلام عن خروج الحسين وابن الزبير وابن الأشعث : قال القاضي :
قِيلَ إِنَّ هَذَا الْخِلَافَ كَانَ أَوَّلًا ثُمَّ حَصَلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .اهـ
شرح مسلم ( 12/229 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : وَكَانَ أَفَاضِلُ الْمُسْلِمِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْخُرُوجِ وَالْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ ، كَمَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُمْ يَنْهَوْنَ عَامَ الْحَرَّةِ عَنِ الْخُرُوجِ عَلَى يَزِيدَ ، وَكَمَا كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا يَنْهَوْنَ عَنِ الْخُرُوجِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ ، وَلِهَذَا اسْتَقَرَّ أَمْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَارُوا يَذْكُرُونَ هَذَا فِي عَقَائِدِهِمْ ، وَيَأْمُرُونَ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ .اهـ
منهاج السنة ( 4/529 ) .
قال ابن حجر : وقولهم : وكان يرى السيف ، يعني : أنه كان يرى الخروج بالسيف على أئمة الجور ، وهذا مذهبٌ للسلف قديم ، لكن استقرّ الأمر على ترك ذلك لما رأوه قد أفضى إلى أشدّ منه ؛ ففي وقعة الحرّة ووقعة ابن الأشعث وغيرهما عِظةٌ لمن تدبّر .اهـ
تهذيب التهذيب ( 2/250 ) .

خامساً : أن عقد البيعة لا يلزم كل الرعية المبايعة ، فلو عقد البيعة بعض الرعية لكفى وجاز حكمه على البلاد ، قال ابن العربي المالكي: إذا اجتمعوا على إمام فلا تحل منازعته ولا خلعه ، وهذا ليس على العموم ؛ بل لو عقده بعضهم لجاز ، ولم يحل لأحدٍ أن يعارض .اهـ عارضة الأحوذي ( 9/10 ) .
و قال الشوكاني : طريقها - يعني البيعة - أن يجتمع جماعة من أهل الحل والعقد فيعقدون له البيعة والمعتبر هو وقوع البيعة له من أهل الحل والعقد ، وقد أغنى الله عن النهوض وتجشم السفر ، وقطع المفاوز ببيعة من بايع الإمام من أهل الحل والعقد .اهـ
السيل الجرار ( 4/511- 513 ) .
و قال الإمام أحمد : ومن الإيمان ... من ولي الخلافة فاجتمع الناس عليه ورضوا به حتى صار خليفة ؛ ماض إلى يوم القيامة .اهـ
السنة ( 42 ) لأحمد ، معتقد أهل السنة ( 1/160 ) للالكائي ، وطبقات الحنابلة ( 1/244 ) .

فخلاصة ما سبق :
أن الرئيس عبد الفتاح السيسي (http://vb.noor-alyaqeen.com/t32249/)اليوم :
1) أصبح رئيسا قطعياً وحاكماً لمصر وشعبها ، ولم تختلف رعيته على تعيينه وتنصيبه رئيسا لجمهورية مصر ، إلاَّ الشواذ ! ، والشاذ لا حكم له ! .
2) تم له الأمر بالاختيار .
3) قد استتب له الحكم والسيطرة على البلاد ؛ فلزمت مبايعته وطاعته ، وعدم الخروج عليه .
4) لا يلزم جميع الشعب أن يبايع ، بل يكفي الأعيان وأهل الحل والعقد ، والبيعة بذلك شاملة لكل الرعية شاءوا أم أبواْ ، وببيعة أهل الحل والعقد تكون البيعة للرئيس عبد الفتاح السيسي (http://vb.noor-alyaqeen.com/t32249/)في عنق كل مصري ، ومن خلعها فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه .
5) أن الخارج بعد أن تمّ تعيين السيسي (http://vb.noor-alyaqeen.com/t32249/)رئيساً لمصر ؛ يعتبر خارجي من الخوارج مارق من الدين ، يؤدب ويؤخذ على يديه سواءً - بعدم مبايعته له أو بعدم موافقته لبيعته أو طاعته في المعروف - .
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله صحبه أجمعين .



كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
عصر يوم الأحد : 10 / شعبان / 1435هـ
الموافق : 8 / 6 / 2014م