المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالة "كشف الخفاء" طبق نسخة تعليقات عادل آل حمدان التي رمى بها جمهور أهل السنة وأئمتهم بالإرجاء



أبو أنس بشير بن سلة الأثري
29-Jun-2014, 12:36 AM
مقالة "كشف الخفاء" طبق نسخة تعليقات عادل آل حمدان التي رمى بها جمهور أهل السنة وأئمتهم بالإرجاء




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الكرام
أما بعد :
فقد استظهر الإمام الناقد البصير ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ورعاه ـ زيف منهج الحدادية ، وكشف نحلتهم ، واستوضح علتهم ن وكسر مقالتهم ، بما لا يدع شكا من أنهم على ضلالة عمياء وأفكار عوجاء مبنية على سفسطة وأهواء ، وذلك في عدة مقالات علياء ، ومنها :
ـ متعالم مغرور يرمي جمهور أهل السنة وأئمتهم بالإرجاء وبمخالفة السنة وإجماع الصحابة على تكفير تارك الصلاة "الحلقة الأولى"
ـ متعالم مغرور يرمي جمهور أهل السنة وأئمتهم بالإرجاء وبمخالفة السنة وإجماع الصحابة على تكفير تارك الصلاة "الحلقة الثانية"
ـ الحدادية تتسقط الآثار الواهية والأصول الفاسدة وهدفها من ذلك تضليل أهل السنة السابقين واللاحقين.
ـ لا يوصف الله تعالى إلا بما في كتابه المبين وبما صحَّ من سنة رسوله الصادق الأمين -صلى الله عليه وسلم (الحلقة الأولى) من الرد على عادل آل حمدان
ـ المنهج الحدادي يحتفي أهله بالأحاديث الواهية والمنكرة ليشغبوا بها على جمهور أهل السنة السابقين واللاحقين، بل ليطعنوا فيهم
ـ أحاديث الشفاعة الصحيحة تدمغ الخوارج والحدادية القطبية
ـ مضامين "المقالات الأثرية في الرد على شبهات وتشغيبات الحدادية"، ومعها ملحق مهم (ص24)
فمن تأمل هذه المقالات النافعة وقرأها بالإنصاف وقف على خبث القوم ومقصدهم المتمثل في الطعن في سلف الأمة الصالح ، أئمة الحديث والأثر الذين لم يكفروا تارك الصلاة تهاونا وكسلا ، ويجر هذا الطعن إلى الطعن فيمن أقرهم على هذا القول من إخوانهم أئمة الحديث ،وبالتالي ينكسر المنهج السلفي بانكسار حملته ونقلة أخباره كافة ، وهذا الذي سار عليه الرافضة الأنجاس من طعنهم في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، إذ الطعن فيهم ، ما هو إلا الطعن في نقلهم وأخبارهم ، والدين الذي بلّغوه للأمة ، واتهامهم في عدالتهم وصدعهم بالحق ، ليسهل لهم الطعن في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، والتشكيك في أحكامها ، فما أشبه الحدادية وألصق بالرافضة في هذه البدعة الشنيعة الجائرة !!
قد استوضح العلامة ربيع المدخلي ـ حفظه الله ورعاه ـ في هذه المقالات العلمية الحديثية النيرة أنه لا يزال أئمة الحديث مختلفين في حكم تارك الصلاة تهاونا وكسلا بين مكفر ومفسق ، وذلك لاختلافهم في فهم وتأويل أدلة ونصوص المسألة .
وبيّن أن الإجماع المنقول في تكفير تارك الصلاة لم يثبت ، وصدق ـ سدد الله مقاله وبارك في جهوده ـ ، إذ أنه يستبعد ويستنكر أن يثبت الإجماع في تكفير تارك الصلاة ثم يتجاسر أئمة الحديث ، بل جمهورهم على مخالفته ، وهم من هم في الورع والديانة .
ومما يستبعد أيضا هذا الإجماع المدعى أن أئمة الحديث والفقهاء الذين كفروا تارك الصلاة ، لا يزالون ينقلون أقوال من خالفهم في هذه المسألة ، مع شهودهم واعترافهم لهم بالعلم والاجتهاد والإمامة ، إذ لو كان هناك إجماعا لما اعتبروا خلافهم ، ولضللوهم ، إذ مخالفة الإجماع تستلزم مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في "مجموع الفتاوى"(7/ 38)
عند قوله تعالى :{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}:((وَهَذِهِ " الْآيَةُ " تَدُلُّ عَلَى أَنَّ إجْمَاعَ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مُخَالَفَتَهُمْ مُسْتَلْزِمَةٌ لِمُخَالَفَةِ الرَّسُولِ وَأَنَّ كُلَّ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَصٌّ عَنْ الرَّسُولِ؛ فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ يُقْطَعُ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ وَبِانْتِفَاءِ الْمُنَازِعِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَإِنَّهَا مِمَّا بَيَّنَ اللَّهُ فِيهِ الْهُدَى، وَمُخَالِفُ مِثْلِ هَذَا الْإِجْمَاعِ يَكْفُرُ كَمَا يَكْفُرُ مُخَالِفُ النَّصِّ الْبَيِّنِ))
وأيضا مما بينه الشيخ في هذه المسألة ، أن الخلاف في تارك الصلاة تهاونا وكسلا داخل في دائرة خلاف أهل السنة والجماعة ، وهذا الأمر قد تناقله أئمة السنة في كتب العقائد والتفسير والحديث والفقه ، وقرروه .
قال الإمام ابن عبدالبر ـ رحمه الله ـ في ( التمهيد) ذاكرا مذاهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة وما احتجوا به في تقوية أقوالهم : (( وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ عَامِدًا وَهُوَ عَلَى فِعْلِهَا قَادِرٌ فَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ تَكْفِيرُ تَارِكِ الصَّلَاةِ قَالُوا مَنْ لَمْ يصل فهو كفار وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لَاحَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا دِينَ لَهُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً مُتَعَمِّدًا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَبَى مِنْ قَضَائِهَا وَأَدَائِهَا وَقَالَ لَا أُصَلِّي فَهُوَ كَافِرٌ وَدَمُهُ وَمَالُهُ حَلَالٌ وَلَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَحُكْمُ مَالِهِ مَا وَصَفْنَا كَحُكْمِ مَالِ الْمُرْتَدِّ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَأَبُو خَيْثَمَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَكَذَلِكَ كَانَ رَأْيُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ لَدُنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا إِنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا كَافِرٌ إِذَا أَبَى مِنْ قَضَائِهَا وَقَالَ لَا أُصَلِّيهَا ...))
هذا القول الأول ، ثم ذكر القول الثاني : ((وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَانٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ الْإِمَامُ لِتَارِكِ الصَّلَاةِ صَلِّ فَإِنْ قَالَ لَا أُصَلِّي سُئِلَ فَإِنْ ذَكَرَ عِلَّةً تَحْبِسُهُ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ فَإِنْ أَبَى مِنَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا قَتَلَهُ الْإِمَامُ وَإِنَّمَا يُسْتَتَابُ مَا دَامَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَائِمًا يُسْتَتَابُ فِي أَدَائِهَا وَإِقَامَتِهَا فَإِنْ أَبَى قُتِلَ وَوَرِثَهُ ورثته .
وهذا قَوْلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَمَذْهَبُهُمْ وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَجَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ قَالَ مَالِكٌ : مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ وَأَبَى أَنْ يُصَلِّيَ قُتِلَ .
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَجَمِيعُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ مَكْحُولٍ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَوَكِيعٍ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَحَلَّ دِمَاءَ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَقَالَ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَقَاتَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِي جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَأَرَاقَ دِمَاءَهُمْ لِمَنْعِهِمُ الزَّكَاةَ وَإِبَايِتِهِمْ مِنْ أَدَائِهَا فَمَنِ امْتَنَعَ مِنَ الصَّلَاةِ وَأَبَى مِنْ إِقَامَتِهَا كَانَ أَحْرَى بِذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ شَبَّهَ الزَّكَاةَ بِالصَّلَاةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالْإِسْلَامِ وَالشَّهَادَةِ يُوَضِّحُ لَكَ ذَلِكَ ، قَوْلُ عُمَرَ لِأَبِي بَكْرٍ : كَيْفَ تُقَاتِلُهُمْ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مني دماءهم وأمولاهم إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ "
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : هَذَا مِنْ حَقِّهَا وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا أَوْ عِقَالًا مِمَّا كَانُوا يُعْطُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ .
وَلَوْ كَفَرَ الْقَوْمُ لَقَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ تَرَكُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَصَارُوا مُشْرِكِينَ وَقَدْ قَالُوا لِأَبِي بَكْرٍ بَعْدَ الْإِسَارِ مَا كَفَرْنَا بَعْدَ إِيمَانِنَا وَلَكِنْ شَحَحْنَا عَلَى أَمْوَالِنَا وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي شِعْرِهِمْ قَالَ شَاعِرُهُمْ :
أَلَا فَأَصْبِحِينَا قَبْلَ نَائِرَةِ الْفَجْرِ ...... لَعَلَّ مَنَايَانَا قَرِيبٌ وَمَا نَدْرِي
أَطَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ بَيْنَنَا ...... فَيَا عَجَبًا مَا بَالُ مُلْكِ أَبِي بَكْرِ
فَإِنَّ الَّذِي سَأَلُوكُمْ فَمَنَعْتُمْ ......... لَكَالتَّمْرِ أَوْ أَشْهَى إِلَيْهِمْ مِنَ التَّمْرِ
فَرَأَى أَبُو بَكْرٍ فِي عَامَّةِ الصَّحَابَةِ وَمَعَهُ عُمَرُ قِتَالَهَمْ وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَغَيْرَهُ
إِلَى قِتَالِ مَنِ ارْتَدَّ هَذَا كُلُّهُ احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى
أَنَّ مَنِ امْتَنَعَ مِمَّا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ كَانَ عَلَى الْإِمَامِ أَخْذُهُ بِهِ وَقِتَالُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ ))
ثم ذكر بقية حجج هذا القول ، إلى أن قال : ((وَاعْتَلُّوا فِي دَفْعِ الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي تَكْفِيرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ بِأَنْ قَالُوا مَعْنَاهَا مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ جَاحِدًا لَهَا مُعَانِدًا مُسْتَكْبِرًا غَيْرَ مُقِرٍّ بِفَرْضِهَا .
قَالُوا وَيَلْزَمُ مَنْ كَفَّرَهُمْ بِتِلْكَ الْآثَارِ وَقَبِلَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا فِيهِمْ أَنْ يُكَفِّرَ الْقَاتِلَ وَالشَّاتِمَ لِلْمُسْلِمِ وَأَنْ يُكَفِّرَ الزَّانِيَ وَشَارِبَ الْخَمْرِ وَالسَّارِقَ وَالْمُنْتَهِبَ وَمَنْ رَغِبَ عَنْ نَسَبِ أَبِيهِ فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :"سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ "
وَقَالَ :"لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ "، وَقَالَ :"لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ "، وَقَالَ :"لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ "
إِلَى آثَارٍ مِثْلِ هَذِهِ لَا يُخْرِجُ بِهَا الْعُلَمَاءُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ ذَلِكَ فَاسِقًا عِنْدَهُمْ فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ تَكُونَ الْآثَارُ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ كَذَلِكَ .
قَالُوا : وَمَعْنَى قَوْلِهِ :"سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ" ، أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ يُخْرِجُ عَنِ الْمِلَّةِ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا وَرَدَ مِنْ تَكْفِيرِ مَنْ ذَكَرْنَا مِمَّنْ يَضْرِبُ بَعْضُهُمْ رِقَابَ بَعْضٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ أَحَدُ الَّذِينَ رُوِيَ عَنْهُمْ تَكْفِيرُ تَارِكِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ قَالَ فِي حُكْمِ الْحَاكِمِ الْجَائِرِ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ ...
وَقَالُوا : يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ "
يُرِيدُ مُسْتَكْمِلَ الْإِيمَانِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ وَكَذَلِكَ السَّارِقُ وَشَارِبُ الْخَمْرِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ .
وَعَلَى نَحْوِ ذَلِكَ تَأَوَّلُوا قَوْلَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ :"لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ "
قَالُوا أَرَادَ أَنَّهُ لَا كَبِيرَ حَظٍّ لَهُ وَلَا حَظًّا كَامِلًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمَا أَشْبَهَهُ ، وَجَعَلُوهُ كَقَوْلِهِ :"لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ" ، أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ صَلَاةٌ كَامِلَةٌ ، وَمِثْلُهُ الْحَدِيثُ :" لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ عَلَيْكُمْ " ، يُرِيدُ لَيْسَ هُوَ الْمِسْكِينُ حَقًّا لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مَسْكَنَةً مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَسْأَلُ وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا اعْتَلُّوا بِهِ .
وَقَدْ رَأَى مَالِكٌ اسْتِتَابَةَ الْإِبَاضِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ فَإِنْ تَابُوا وإلا قتلوا ذكر ذلك إسماعيل الْقَاضِي عَنْ أَبِي ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ : قُلْتُ لِأَبِي ثَابِتٍ : هَذَا رَأْيُ مَالِكٍ فِي هَؤُلَاءِ حَسْبُ قَالَ بَلْ فِي كُلِّ أَهْلِ الْبِدَعِ ، قَالَ الْقَاضِي وَإِنَّمَا رَأَى مَالِكٌ ذَلِكَ فِيهِمْ لِإِفْسَادِهِمْ فِي الْأَرْضِ وَهُمْ أَعْظَمُ إِفْسَادًا مِنَ الْمُحَارِبِينَ لِأَنَّ إِفْسَادَ الدِّينِ أَعْظَمُ مِنْ إِفْسَادِ الْمَالِ لَا أَنَّهُمْ كُفَّارٌ .
قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا مَالِكٌ يُرِيقُ دِمَاءَ هَؤُلَاءِ وَلَيْسُوا عِنْدَهُ كُفَّارًا فَكَذَلِكَ تَارِكُ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ قَتْلُهُ لَا مِنْ جِهَةِ الكفر .
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِكَافِرٍ كُفْرًا يَنْقُلُ عَنِ الْإِسْلَامِ إِذَا كَانَ مُؤْمِنًا بِهَا مُعْتَقِدًا لَهَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :"أُمِرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ أَنْ يُضْرَبَ فِي قَبْرِهِ مِائَةَ جَلْدَةٍ فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ اللَّهَ وَيَدْعُوهُ حَتَّى صَارَتْ جَلْدَةً وَاحِدَةً فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ نَارًا فَلَمَّا أَفَاقَ ، قَالَ : عَلَامَ جَلَدْتُمُونِي ؟ قَالُوا: إِنَّكَ صَلَّيْتَ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ وَمَرَرْتَ عَلَى مَظْلُومٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ "
قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِكَافِرٍ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ فَلَمْ يُصَلِّ وَقَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُهُ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا مَا أُجِيبَتْ لَهُ دَعْوَةٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ :{وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ }
وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم :"خمس صلوات كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ " ثُمَّ قَالَ :"وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ "
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ مِنْهُ مالا يَنْقُلُ عَنِ الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ "، وَكَافِرُ النِّعْمَةِ يُسَمَّى كَافِرًا وَأَصْلُ الْكُفْرِ فِي اللُّغَةِ السَّتْرُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلَّيْلِ كَافِرٌ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ ، قَالَ لَبِيدٌ فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمَامُهَا أَيْ سَتَرَهَا ))
ثم ذكر بعد هذا ، القول الثالث في المسألة : ((وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ
ابْنُ شِهَابٍ رَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْهُ قَالَ : إِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا تَرَكَهَا لِأَنَّهُ ابْتَدَعَ دِينًا غَيْرَ الْإِسْلَامِ قُتِلَ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا هُوَ فَاسِقٌ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا وَيُسْجَنُ حَتَّى يَرْجِعَ ، قَالَ : وَالَّذِي يُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ كَذَلِكَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ : وَهُوَ قَوْلُنَا وَإِلَيْهِ يَذْهَبُ جَمَاعَةٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ .
قَالَ أَبُو عُمَرَ : بِهَذَا يَقُولُ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ إِنَّهُ يُسْجَنُ وَيُضْرَبُ وَلَا يُقْتَلُ ، وَابْنُ شِهَابٍ الْقَائِلُ مَا ذَكَرْنَا هُوَ الْقَائِلُ أَيْضًا فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نَزَلَتِ الْفَرَائِضُ بَعْدُ وَقَوْلُهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ عِنْدَهُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَهُوَ قَوْلُ الطَّائِفَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ قَبْلَ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ كَمَا عَلِمْتَ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَعْنِي مَذْهَبَ ابْنِ شِهَابٍ في أنه يضرب ويسجد وَلَا يُقْتَلُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا".
قَالُوا : وَحَقُّهَا الثَّلَاثُ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ أَوْ زِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ " ، قَالُوا : وَالْكَافِرُ جَاحِدٌ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ الْمُقِرُّ بِالْإِسْلَامِ لَيْسَ بِجَاحِدٍ وَلَا كَافِرٍ وَلَيْسَ بِمُسْتَكْبِرٍ وَلَا مُعَانِدٍ وَإِنَّمَا يَكْفُرُ بِالصَّلَاةِ مَنْ جَحَدَهَا وَاسْتَكْبَرَ عَنْ أَدَائِهَا .
قَالُوا : وَقَدْ كَانَ مُؤْمِنًا عِنْدَ الْجَمِيعِ بِيَقِينٍ قَبْلَ تَرْكِهِ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اختلفوا فيه إذا ترك الصَّلَاةَ فَلَا يَجِبُ قَتْلُهُ إِلَّا بِيَقِينٍ وَلَا يقين مع الِاخْتِلَافِ فَالْوَاجِبُ الْقَوْلُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ الضَّرْبُ وَالسَّجْنُ ، وَأَمَّا الْقَتْلُ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ ...
قَالَ أَبُو عُمَرَ : هَذَا قَوْلٌ قَدْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِمَّنْ يَقُولُ الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ . وَقَالَتْ بِهِ الْمُرْجِئَةُ أَيْضًا ، إِلَّا أَنَّ الْمُرْجِئَةَ تَقُولُ الْمُؤْمِنُ الْمُقِرُّ مُسْتَكْمِلُ الْإِيمَانِ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ .
فَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ فَإِنَّ الْمُرْجِئَةَ قَالَتْ تارك الصلاة مؤمن مُسْتَكْمِلُ الْإِيمَانِ إِذَا كَانَ مُقِرًّا غَيْرَ جَاحِدٍ وَمُصَدِّقًا غَيْرَ مُسْتَكْبِرٍ وَحُكِيَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَسَائِرِ الْمُرْجِئَةِ وَهُوَ قَوْلُ جَهْمٍ .
وقالت المعتزلة تارك الصلاة فاسق لا مؤمن وَلَا كَافِرٌ وَهُوَ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ وَقَالَتِ الصُّفْرِيَّةُ وَالْأَزَارِقَةُ مِنَ الْخَوَارِجِ هُوَ كَافِرٌ حَلَالُ الدَّمِ وَالْمَالِ .
وَقَالَتِ الْإِبَاضِيَّةُ هُوَ كَافِرٌ غَيْرَ أَنَّ دَمَهُ وَمَالَهُ مُحَرَّمَانِ وَيُسَمُّونَهُ كَافِرَ نِعْمَةٍ .
فَهَذَا جَمِيعُ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْقِبْلَةِ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ )) ([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=144942#_ftn1))
قلت ( بشير) : في كلام الإمام ابن عبدالبر هذا عدة مسائل وفوائد تنسف تشغيبات الحدادية ، ومقال (كشف الخفاء عن مسألة محدثة استقوى بها الإرجاء) لعبدالحميد الجهني الذي رجف به في هذه الآونة ، و أدعى فيه التحري والتحقيق ، ولكن عند التأمل والتحقيق لكلامه ما يجده القارئ إلا نعيق عادل آل حمدان ، الذي كشف هذيانه العلامة المحدث ربيع المدخلي في مقاله النفيس (متعالم مغرور يرمي جمهور أهل السنة وأئمتهم بالإرجاء وبمخالفة السنة وإجماع الصحابة على تكفير تارك الصلاة) ، فكان بمقال الشيخ ربيع المدخلي هذا غنية عن كل رد ينصب لرد على مقال عبدالحميد الجهني ، فلله الحمد والمنة .
قال الجهني : ((ومن المسائل المحدثة التي ليست من أقوال الصحابة ولا التابعين , وراجت رواجا كبيرا عند المتأخرين : الحكم على تارك الصلاة بأنه مسلم , ذهب إلى هذا عدد قليل من علماء القرن الثالث , ولم يصح هذا القول عن أحد من علماء القرن الثاني , ثم شاع الخلاف وانتشر , حين شاعت بدعة الإرجاء وانتشرت في صفوف الفقهاء والمؤلفين بعد القرون المفضلة .))
قلت : هذا عين ما قاله عادل : ((ومسألة تكفير تارك الصلاة قد تكلمت عنها في تعليقي على "الرد على المبتدعة" لابن البناء تحت حديث (238)، وذكرت هنالك أن هذه المسألة محل إجماع بين الصحابة والتابعين من غير تفريق عندهم بين من تركها جحوداً، أو تهاوناً وكسلاً. وذكرت أن الخلاف إنما وقع بعد عصر الصحابة –رضي الله عنهم- فلا عبرة به، وإنما يُذكر لإنكاره وبيان ضعفه.))
قال العلامة ربيع المدخلي في رده على عادل ( ص 24) : ((إن المخالفين لمن يكفر تارك الصلاة كسلاً وتهاوناً كثيرون، وفيهم أئمة عظماء من فقهاء ومحدثين، ولهم أدلتهم الكثيرة، وهم مجتهدون، فلخلافهم مكانته واعتباره، ومن هنا لا تجد الطرفين إلا يحترم بعضهم بعضا ويوقر بعضهم بعضاً؛ لأن اختلاف الطرفين قائم على الأدلة من الكتاب والسنة.
وليس قائماً على الأهواء كما هو الشأن في مخالفات أهل البدع لأهل السنة، فافهم هذا وقف عند حدك. ))
قلت : قد ذكر ابن عبدالبر ممن لم يكفروا تارك الصلاة وهم أصحاب القول الأول والثاني : مالك والشافعي ومكحول وحماد بن زيد ووكيع وابن شهاب الزهري وداود بن علي ، وهؤلاء الأئمة العظام ، عهدهم ما بين القرن الأول والثاني ، فبان كذب عبدالحميد الجهني ، وذهب تحقيره لهذه الفترة وأقوال أئمتها العظام أدراج الرياح .
قال الجهني : ((ولا أحد ينكر أن أكثر المصنفين في الفقه والخلاف بعد القرن الثالث هم على العقيدة الأشعرية أو العقيدة الماتريدية , وهؤلاء مرجئة في باب الإيمان , لا يرون الإعمال داخلة فيه , وعليه فتارك الصلاة ليس كافرا عندهم , وهؤلاء هم الذين أشاعوا الخلاف في هذه المسألة وأعطوه زخما واعتبارا , حتى صارت هذه المسألة من مسائل الفقه الإسلامي , يبحثها الفقهاء في مصنفاتهم , وتعرض أدلة الفريقين ويرجح بين القولين , ولشهرة هذا القول عند أتباع المذاهب الفقهية نسبوه إلى الجمهور! ونسي أغلب الناس أو تناسى أن هذه المسألة فيها إجماع سلفي , يجب الرجوع فيها إلى الإجماع الأول , لكن المرجئة لم ترفع رأسا لهذا الإجماع , لغاية في نفسها , وجلبت عليه شبهات من أدلة شرعية , استدلوا بها على أن تارك الصلاة ليس كافرا , ونسبوا القول بعدم التكفير إلى مالك والشافعي – ولم يثبت عنهما كما سيأتي إن شاء الله تعالى - حتى صدَّق أكثر الناس أن المسألة فيها خلاف معتبر .))
أقول :
أولا : الخلاف في مسألة تارك الصلاة ، هو واقع بين أهل السنة الذين يقولون أن الأعمال من الإيمان ، وأن الإيمان يزيد وينقص ، كما قرر ذلك الشيخ ربيع المدخلي في رده على عادل ، وكما قرره ابن عبدالبر في قوله التالي : ((ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ .))
ومما يجدر التنبيه عليه في هذا المقام أن الأئمة الذين لم يكفروا تارك الصلاة لم يختلف قولهم أن تاركها ناقص الإيمان ، فاسق ، وهذا بخلاف المرجئة الذين قالوا في تارك الصلاة بأنه مؤمن مستكمل الإيمان .
قال ابن عبدالبر: (( فَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ فَإِنَّ الْمُرْجِئَةَ قَالَتْ تارك الصلاة مؤمن مُسْتَكْمِلُ الْإِيمَانِ إِذَا كَانَ مُقِرًّا غَيْرَ جَاحِدٍ وَمُصَدِّقًا غَيْرَ مُسْتَكْبِرٍ ))
وبهذا التفصيل يفترق أهل السنة الذين قالوا بعدم تكفير تارك الصلاة تهاونا وكسلا عن المرجئة ، ولكن تأبى الحدادية إلا أن تحشرهم مع المرجئة ، لغرض يحك في صدورهم .
ثانيا : في قول الجهني هذا استطالة على أئمة الحديث ورميهم بالجهل والمداهنة والسكوت على الباطل وتقريرهم له في كتبهم من دون بيانه وتوضيحه والتنبيه عليه ، وحاشاهم من ذلك لما عرف عنهم من صدعهم بالحق وغيرتهم على السنة ، وهم أنزه وأعلى مما وصفهم به الجهني .
قال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ في مقدمة "ميزان الاعتدال"(1/ 1) مبينا فضل أهل الحديث وشرف منزلتهم وخاصية التي تميزوا بها عن سائر الأمة : (( الحمد لله الحكم العدل، العلي الكبير، اللطيف الخبير، الماجد البصير، الذي خلق كل شئ فأحسن التقدير، ودبر الخلائق فأكمل التدبير، وقضى بحكمته على العباد بالسعادة والشقاوة، فريق في الجنة وفريق في السعير، وأرسل رسله الكرام بأصدق الكلام، وأبين التحرير، وختمهم بالسيد أبي القاسم البشير النذير، السراج المنير، فأرسله رحمة للعالمين من نار السعير، وحفظ شريعته من التبديل والتغيير، وصير أمته خير أمة أخرجت للناس فيا حبذا التصيير، وجعل فيهم أئمة ونقادا يدققون في النفير والقطمير، ويتبصرون في ضبط آثار نبيهم أتم التبصير، ويتعوذون بالله من الهوى والتقصير، ويتكلمون في مراتب الرجال وتقرير أحوالهم، من الصدق والكذب، والقوة والضعف، أحسن تقرير. ))
وقال الحافظ البيهقي ـ رحمه الله ـ في "دلائل النبوة"(1/ 47) : (( ومن أمعن النظر في اجتهاد أهل الحفظ في معرفة أحوال الرواة، وما يقبل من الأخبار، وما يردّ علم أنهم لم يألوا جهدا في ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ الابن يقدح في أبيه إذا عثر منه على ما يوجب ردّ خبره، والأب في ولده، والأخ في أخيه، لا تأخذه فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، ولا تمنعه في ذلك شجنة رحم ولا صلة مال. والحكايات عنهم في ذلك كثيرة ))
ثالثا : كان يكفي الجهني أن ينزع ثياب تقليد عادل آل حمدان ، في إدعائه الإجماع على تكفير تارك الصلاة ، ويرمي به من أعلى قمم الحق ، متأملا في حجج الشيخ ربيع المدخلي التي أبطل بها هراء عادل آل حمدان .
قال العلامة ربيع المدخلي في (ص 19) : ((دعواه هنا وفي تعليقه على "الرد على المبتدعة" أن هذه المسألة محل إجماع بين الصحابة والتابعين من غير تفريق عندهم بين من تركها جحوداً، أو تهاوناً وكسلاً.
وقوله: "وذكرت أن الخلاف إنما وقع بعد عصر الصحابة –رضي الله عنهم- فلا عبرة به، وإنما يُذكر لإنكاره وبيان ضعفه...الخ".
أقول: في هذه الدعوى نظر قوي من وجوه.
1- انظر إليه يقول: إن هذه المسألة محل إجماع بين الصحابة والتابعين.
ثم انظر إلى قوله مرة أخرى: "وذكرت أن الخلاف إنما وقع بعد عصر الصحابة -رضي الله عنهم-.
فأسقط من حيث لا يدري إجماع التابعين. ))
ثم ذكر علة أثر عبدالله بن شقيق بمنظور تحقيق وبحث أهل الحديث وأئمة العلل ، قائلا في خاتمته ـ ختم لنا وله بالحسنة ـ : ((3- ضعف أثر عبد الله بن شقيق من جهة أخرى، وهي دعواه إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة، تلك الدعوى التي لم تثبت على محك النقد، هذا بالإضافة إلى ضعف إسنادها من طريق بشر بن المفضل عن الجريري عن عبد الله بن شقيق، وذلك أن عبد الله بن شقيق لم يرو إلا عن عدد قليل من الصحابة.
وهم: 1- عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-. 2- وعثمان بن عفان –رضي الله عنه-. 3- وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. 4- وعبد الله بن عباس-رضي الله عنه. 5- وعبد الله بن أبي الجدعاء. 6- وعبد الله بن أبي الحمساء. 7- ومحجن بن الأدرع، وقيل بينهما رجاء بن أبي رجاء. 8- ومرة بن كعب البهزي، 9- وأبو ذر –رضي الله عنه-. 10- وأبو هريرة –رضي الله عنه-. 11- وعائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-. 12- وعبد الله ابن عمر بن الخطاب –رضي الله عنهما-، وفيه نظر، فقد قال يعقوب بن سفيان الفسوي: حدثني محمد بن عبد الرحيم قال: سألت علياً عن عبد الله بن شقيق هل رأى عبد الله بن عمر؟ قال: لا، ولكنه رأى أبا ذر وأبا هريرة، فهذا علي بن المديني يصرح بأن عبد الله بن شقيق ما رأى إلا اثنين من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكيف تصح دعوى عبد الله بن شقيق إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة، وعدم تكفيرهم بسائر الأعمال، وهو لم يرو إلا عن هذا العدد القليل؟
كيف تصح دعوى عبد الله بن شقيق إجماع الصحابة وهم يزيد عددهم على مائة ألف؟
فقد ذكر الحافظ ابن حجر عدداً من المؤلفات في الصحابة.
ثم قال: "فجمعت كتاباً كبيراً في ذلك ميزت فيه الصحابة من غيرهم؛ ومع ذلك فلم يحصل لنا من ذلك جميعاً الوقوف على العشر من أسامي الصحابة بالنسبة إلى ما جاء عن أبي زرعة الرازي، قال: توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة كلهم قد روى عنه سماعاً أو رؤية".
انظر "مقدمة الإصابة" (1/4).
4- والأقرب إلى الصحة ما رواه الخلال في "السنة" (4/144) رقم (1378).
قال: "حدثنا أبو عبد الله، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: ثنا الجريري، عن عبد الله بن شقيق، قال: "ما علمنا شيئاً من الأعمال قيل تركه كفر إلا الصلاة".
فهذا الكلام لا إشكال فيه؛ لأنه ليس فيه دعوى إجماع الصحابة، بل ولا نسبة هذا الكلام إلى الصحابة، وقد يكون القائل واحداً أو اثنين أو ثلاثة من الصحابة أو من التابعين، ويحتمل أنه إنما ينفي علم نفسه، وقد عرفناك أن عبد الله بن شقيق لم يرو إلا عن عدد قليل حوالي العشرة من مجموع ما يزيد على مائة ألف من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومما يلفت النظر أنه لم يرو عن الصحابة الذين كانوا في موطنه العراق، ومنهم سعد بن أبي وقاص أمير العراق وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وسلمان الفارسي وأنس بن مالك الذي توفي سنة اثنتين وتسعين من الهجرة، وهو من سكان البصرة التي هي مسكن عبد الله بن شقيق.
5- استعرضتُ كتب الإجماع: "مراتب الإجماع" لابن حزم، و"نقد مراتب الإجماع" لشيخ الإسلام ابن تيمية، و"الإقناع في مسائل الإجماع" لأبي الحسن ابن القطان بحثاً عن هذا الإجماع المزعوم، فلم أقف له على عين ولا أثر، فلماذا لم يذكر هؤلاء الأئمة هذا الإجماع لو كان ادعاؤه صحيحاً؟
بل لم أجد إلا ما يدفعه، وهو قول الإمام أبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر المتوفى (318) في كتاب "الإجماع" (ص158)، نشر دار طيبة:
" كتاب الساحر والساحرة
كتاب تارك الصلاة
قال أبو بكر: لم أجد فيهما إجماعاً".
فهذا الإمام المحدث الحافظ الواسع الاطلاع، الذي قلَّ نظيره في العلماء لم يجد إجماعاً على كفر تارك الصلاة.
وقول عادل: " وذكرت أن الخلاف إنما وقع بعد عصر الصحابة –رضي الله عنهم- فلا عبرة به، وإنما يُذكر لإنكاره وبيان ضعفه".
أقول: إن المخالفين لمن يكفر تارك الصلاة كسلاً وتهاوناً كثيرون، وفيهم أئمة عظماء من فقهاء ومحدثين، ولهم أدلتهم الكثيرة، وهم مجتهدون، فلخلافهم مكانته واعتباره، ومن هنا لا تجد الطرفين إلا يحترم بعضهم بعضا ويوقر بعضهم بعضاً؛ لأن اختلاف الطرفين قائم على الأدلة من الكتاب والسنة.
وليس قائماً على الأهواء كما هو الشأن في مخالفات أهل البدع لأهل السنة، فافهم هذا وقف عند حدك. ))
قال الجهني:((المرجئة القديمة ضربت إجماع السلف الصالح على كفر تارك الصلاة ))
أقول :
ما أسهل على عبدالحميد الجهني أن يرمي جمهور أهل السنة والجماعة بالإرجاء .
قال العلامة ربيع المدخلي في ( ص 10) : ((فهؤلاء علماء السنة لهم خمسة أقوال في تارك الأركان الأربعة أو بعضها، وهي روايات عن الإمام أحمد -رحمه الله-.
من هذه الأقوال أن التارك لها لا يكفر مع الإقرار بالوجوب، وهو المشهور عند كثير من الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي، وهو إحدى الروايات عن أحمد اختارها ابن بطة وغيره كما يقول شيخ الإسلام.
وقول شيخ الإسلام "وغيره" ، أي غير ابن بطة، فأرى أنه يتناول ابن البناء والبربهاري ومسدد الذي نقل عن أحمد عدم التكفير.
وإذا اطلع القارئ على هذه الاختلافات بين أهل السنة، وعرف مذهب عادل ومن على شاكلته فقد تعترضه إشكالات.
منها:1- أنه يَرِدُ على المقتصر على تكفير تارك الصلاة أنه لا يكفر بالثلاثة الأركان الأخرى، وهي الزكاة والصيام والحج، ولا يكفر بما بعدها من الأعمال من باب أولى، فعلى مذهب عادل ومن على شاكلته يكون هذا متهاوناً بهذه الأركان الثلاثة وما بعدها من الأعمال المهمة.
2- وإذا كان لا يُكفِّر إلا بترك الأركان الأربعة فهو لا يُكفِّر بما بعدها من الأعمال، وكذلك لا يُكفِّر بترك الصلاة ولا بترك ركنين آخرين.
فيكون معرضاً لسخط عادل ومن على شاكلته؛ لأنه يشارك من لا يكفر تارك العمل مشاركة كبيرة جداً يستحق الإلحاق به في الحكم عليه بأنه مرجئ على المذهب الحدادي وأخشى أن يكفروهما.
ومن لا يكفر بترك الصلاة لا يكفر بترك باقي الأركان ولا بما بعدها من العمل، فهو مرجئ شديد الإرجاء، وإن كان مثل الزهري ومالك والشافعي وجميع من لا يكفر تارك الصلاة، ومنهم جماهير أهل الحديث وحتى عادل ومن على شاكلته واقعون في الإرجاء؛ لأنهم لا يكفرون بترك الأركان الثلاثة، فتصير الأمة كلها مرجئة على منهج عادل وأضرابه.
إن الرمي بالإرجاء لسهل جداً عند الخوارج، وعند عادل ومن على منهجه.
أما عند أهل السنة فلا، لعدلهم وورعهم واحترامهم لمن يقول: الإيمان قول وعمل واعتقاد، ويخالف المرجئة، ويستنكر قولهم وما يؤدي إليه.
قال الإمام أبو عثمان إسماعيل الصابوني في "عقيدة السلف وأصحاب الحديث" (ص84):
"وسمعت الحاكم يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت أبا بكر محمد بن شعيب يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: قدم ابن المبارك الري؛ فقام إليه رجل من العباد، الظن به أنه يذهب مذهب الخوارج؛ فقال له : يا أبا عبد الرحمن ما تقول فيمن يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ ، قال : لا أخرجه من الإيمان . فقال : يا أبا عبد الرحمن على كبر السن صرت مرجئاً ، فقال : لا تقبلني المرجئة . المرجئة تقول : حسناتنا مقبولة، وسيئاتنا مغفورة ، ولو علمت أني قبلت مني حسنة لشهدت أني في الجنة".
وقال الخلال في "السنة" (3/581) رقم (1009):
" أخبرني موسى بن سهل قال ثنا محمد بن أحمد الأسدي قال ثنا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد عن من قال: الإيمان يزيد وينقص، قال: هذا بريء من الإرجاء".
وقال البربهاري في "شرح السنة" (ص123): "ومن قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقد خرج من الإرجاء أوله وآخره"،
أقول: انظر إلى قول ابن المبارك حيث جعل الحد الفاصل بين السني والمرجئ.
أن المرجئ يعتقد أن حسناته مقبولة وسيئاته مغفورة.
وابن المبارك يقول بقول أهل السنة من أن المسلم لا يجزم بقبول حسناته، كما أنه لا يجزم بأنه من أهل الجنة.
وانظر إلى قول الإمام أحمد، حيث يبرئ من الإرجاء من يقول: " الإيمان يزيد وينقص".
والبربهاري يُصرِّح بأن من قال: "الإيمان قول وعمل يزيد وينقص" ، فقد خرج من الإرجاء أوله وآخره.
وأقوال هؤلاء الأئمة تدل على إنصافهم وعدلهم.
قارن بين منهج هؤلاء الأئمة وبين منهج الحدادية الذين يخالفون أهل السنة في عدد من الأصول، وفي الحكم بالإرجاء على من يقول: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص وينقص حتى لا يبقى منه إلا أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة.
ويرجف الحداديون كثيراً وكثيراً على من يعتقد ويقول بهذا التفصيل، ويؤمن بنصوص الوعد والوعيد، ويؤلف ويجمع بينها عندما يعرض له أن بينها تعارضاً.
فكم المسافة بين منهجهم ومنهج أهل السنة، ولا سيما أئمتهم. ))


..... يتبع إن شاء الله

([1]) انظر (التمهيد )(4/ 225 ـ 243)