المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مناقشة عبدالحميد الجهني في أفكاره المليبارية وأصوله الخلفية (الحلقة الثانية)



أبو أنس بشير بن سلة الأثري
24-Jul-2014, 04:56 PM
مناقشة عبدالحميد الجهني في أفكاره المليبارية

وأصوله الخلفية (الحلقة الثانية)
بسم الله الرحمن الرحيم

الوقفة الثانية : اختراعه استدراكات وانتقادات على أئمة الحديث والسنة لم تعهد من أهل الحديث .
يجمع تحت بابها تشغيبات تالية :
الأولى : تحامله على الإمام الألباني بحجة أنه ضعف أحاديث أبي الزبير التي أخرجها الإمام مسلم في صحيحه !!
قال في شرح الباعث الحثيث ( ش 9 د 6) : (( العلماء يضعفون أحاديث أبي الزبير التي يعنعن فيها إلا إذا كانت من طريق الليث بن سعد لأن الليث أخذ منه الأحاديث التي سمعها من جابر ، الإمام مسلم أخرج أحاديث كثيرة في صحيحه من طريق أبي الزبير عن جابر بالعنعنة ، ولكن الحفاظ المتقدمين لم ينتقدوها ، ما اعلم أحدا من الأولين انتقد هذه الأحاديث التي أخرجها مسلم في صحيحه من طريق أبي الزبير عن جابر حتى جاء الإمام الذهبي في القرن الثامن وقال في نفسي منها شيء ، لكنه ما تجاسر على تضعيفها ، قال : في نفسي منها شيء ، .. مسلم رحمه الله أخرجها وأحتج بها ، فلا يقابل هذا بكلمة الذهبي ، الذهبي رحمه الله قال كلمة أطلقها ، قال : في نفسي شيء ، لكنه ما قال ضعيفة ، ثم جاء الشيخ الألباني رحمه الله في هذا العصر الحديث وضعف هذه الأحاديث الموجودة في صحيح مسلم ، ضعفها ، وهنا رحمه الله يذكر ، حديث من هذه الأحاديث ، والشيخ الألباني ليس له سلفا في هذا ، ليس له سلفا في تضعيف هذه السلسلة وتضعيف هذه الأحاديث ، حتى جاء بعض ذوي الأغراض وأهل الأهواء من الحاقدين على الشيخ والمعروفين بالحقد عليه وتكلموا فيه ونالوا منه بالسبب تضعيفه لهذه الأحاديث وكتبوا رسالة مطبوعة متداولة وكانت تباع في الأسواق والمكتبات بالكميات هائلة وعنوانها "تنبيه المسلم على تعدي الألباني على صحيح مسلم " ، يعني العنوان فيه هوى ، الألباني ـ رحمه الله ـ ما تعدى ، الألباني اجتهد وهو أهل للاجتهاد ، فإن أخطأ في اجتهاده فله أجر واحد وإن أصاب له أجران رحمه الله ، لكن أن يقال تعدى ، هذا هو الهوى ، لكن هم استغلوا هذا الشيء من عند الشيخ رحمه الله أنه ضعف هذه الأحاديث ولم يسبق إلى هذا التضعيف والألباني رحمه الله عالم من علماء الحديث ، يصيب ويخطئ ونحن لا نعتقد فيه العصمة نأخذ ما يصيب فيه من الحق ونرد ما يخطئ فيه ))
الرد
يصدق على كلام الجهني المثل :"شنشنة أعرفها من أخزم"
إن ما تحامل به الجهني على الإمام الألباني في كلماته هذه هو عين شنشنة محمود سعيد ممدوح صاحب رسالة " تنبيه المسلم على تعدي الألباني على صحيح مسلم " ، التي تحامل فيها على الإمام .
فعجبا من أمر الجهني وتلاعبه إذ يتظاهر بانتقاد صاحب "تنبيه المسلم " ، وهو يستقي منه مادة جهله وكذبه وجنايته وتعديه على الإمام الألباني !! ، " وَتلك شكاة ظَاهر عَنْك عارها " .
ما قيمة ومنفعة يا جهني لكلمات تتظاهر بالدفاع بها عن محدث العصر شيخ الإسلام الألباني ، وهي أقل من قلتين نجستها اعتداءات الكوثرية وجنايات المليبارية وجهالات القطبية الحدادية وسموم الحساد ؟!!
فقولك:" الإمام مسلم أخرج أحاديث كثيرة في صحيحه من طريق أبي الزبير عن جابر بالعنعنة ، ولكن الحفاظ المتقدمين لم ينتقدوها ، ما اعلم أحدا من الأولين انتقد هذه الأحاديث التي أخرجها مسلم في صحيحه من طريق أبي الزبير عن جابر حتى جاء الإمام الذهبي في القرن الثامن وقال في نفسي منها شيء ، لكنه ما تجاسر على تضعيفها "
هذا علامة على جهلك بهذا العلم النبيل ، وأنك مثل الشاة العمياء تساق من طرف أدعاء السنة للطعن في الإمام الألباني بالجهل والافتراء ، والكذب على أئمة الحديث السابقين واللاحقين بالعمى والتشبع بما لا يعط .
وذلك أن قولك " لكن الحفاظ المتقدمين لم ينتقدوها ..."
وقولك في ( ش 16د 23) : (( الأحاديث التي انتقدها الألباني ولم يسبق إلى نقدها وضعفها ، هذا ما نعول عليه أبدا ، ما له السلف في هذا ، العلماء منذ البخاري إلى هذا القرن ..
ما أحد من أهل العلم انتقد كلهم قبلوا وسكتوا وأخذوا واحتجوا ، فإذا جاء أحد وانتقد نقول له : خالفت سبيل المؤمنين ، ما ينبغي عليك أن تأتي بكلام جديد ، وإنما يسعك ما وسع العلماء قبلك )) ([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=145598#_ftn1))
هو عين ما رجف به الباغي الجاني محمود سعيد على الإمام الألباني في قوله :" وقد جفت الصحف ، ورفعت الأقلام عن أحاديث الصحيحين ، وإلا كانت الأمة باتفاقها على صحة الصحيح قد ضلت عن سواء السبيل "
فهذه الدعوى باطلة مكشوفة عوارها لم تعهد من أئمة الحديث والنقاد المتقدمين والمعاصرين .
قال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ في مقدمة ( آداب الزفاف )(ص 54 ـ 56) رادا على الجاني الضال محمود : (( وهذا القول وحده منه يكفي القارئ اللبيب أن يقنع بجهل هذا المتعالم ، وافترائه على العلماء المتقدمين منهم والمتأخرين ، في ادعائه الإجماع المذكور ، فإنهم ما زالوا إلى اليوم ينتقد أحدهم بعض أحاديث الصحيحين مما يبدو له أنه موضع للانتقاد بغض النظر عن كونه أخطأ في ذلك أم أصاب ، وانتقاد الدارقطني وغيره لهما أشهر من أن يذكر ))
وقال في ( ص 63) : (( كلا ثم كلا ، إن الأمة لم تضل ، ولن تضل بإذن الله تعالى ، وإنما ضل من افترى عليها ، ونسب الاتفاق إليها في أمر هم مختلفون فيه ))
قال الإمام مقبل بن هادي الوادعي ـ رحمه الله ـ في مقدمة ( الألزامات والتتبع )(ص 11) مبينا أن جهابذة الحديث والحفاظ قد أقروا الإمام الدارقطني في بعض إصابته فيما انتقده على الإمامين : (( اعتراف النووي والحافظ ابن حجر وغيرهما من الحفاظ بإصابة الدارقطني في بعض المواضع :
وليس معنى هذا أنه لم يتم للدارقطني شيء من انتقاداته فهذا الحافظ ابن حجر يقول في المقدمة ص 383 بعد ذكره الأحاديث المنتقدة : وليست كلها قادحة ( يعني العلل ) ، بل أكثرها الجواب عنه ظاهر والقدح فيه مندفع وبعضها الجواب عنه محتمل واليسير منه في الجواب عنه تعسف . ا.هـ المراد .
ويقول في الحديث الثالث والثمانين ص 376 من المقدمة وقد أعله الدارقطني بالاضطراب فقال الحافظ : قلت هو كما قال وعلته ظاهرة والجواب عنه فيه تكلف وتعسف .ا.هـ
وهذا النووي رحمه الله يقول في مقدمة شرح صحيح مسلم ص 27 بعد ذكره من استدرك عليهما قال : وفيه ما يلزمهما وقد أجيب عن كل ذلك أو أكثره .ا.هـ ...
وحفاظ الحديث بعد الدارقطني يقدرون انتقاداته ولم تهمل في أنظارهم ، فهذا ابن الصلاح رحمه الله في علوم الحديث يقول : في أحاديث الصحيحين أنها تزيد العلم النظري اليقيني سوى أحاديث يسيرة انتقدها الحفاظ كالدارقطني وغيره .
وهكذا يمشي أكثر أهل المصطلح بعده .
قال الحافظ العراقي رحمه الله في الألفية :
وَاقْطَعْ بِصِحَّةٍ لِمَا قَدْ أَسْنَدَا ... كَذَا لَهُ، وَقِيْلَ ظَنّاً وَلَدَى
مُحَقِّقِيْهِمْ قَدْ عَزَاهُ النَّوَوِيْ ... وَفي الصَّحِيْحِ بَعْضُ شَيءٍ قَدْ رُوِيْ
مُضَعَّفاً ............. .........................
ثم ذكر في شرحه ج1 ص 70 كلام ابن الصلاح )) ا.هـ
قال العلامة المحدث ربيع المدخلي في خاتمة كتابه (بين الإمامين مسلم والدارقطني)(ص 438) مبينا أقسام انتقادات الدارقطني وتتبعاته للإمام مسلم ، ومنها : ((2- انتقاد موجه إلى الأسانيد فيبدي لها عللاً من الانقطاع أو عدم سماع ... إلخ، ويكون فيها مصيباً فيما أبداه من علّة، لكن تأثيره قاصر على ذلك الإسناد المعين، والمتن يكون صحيحاً من طريق أو طرق أخرى، وله من المتابعات والشواهد ما يزيده قوة. ويبلغ هذا القسم خمسة وأربعين حديثاً ))
ثانيا : قولك :" ثم جاء الشيخ الألباني رحمه الله في هذا العصر الحديث وضعف هذه الأحاديث الموجودة في صحيح مسلم "
لا أدري بأي حجة بنيت هذا الحكم الجائر الكاذب على الشيخ ، أمن جهل ، أو من كلام أعداء الشيخ ؟!
ولا نرى إلا من الاثنين ، وإلا فالمنصفون للشيخ قد شهدوا له بعكس ما حكمتم عليه .
قال صاحب كتاب (ردع الجاني المتعدي على الألباني)(ص 72) ([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=145598#_ftn2)): (( فإن كثيرا من هذه الأحاديث التي ذكرها من رواية أبي الزبير لم يتعرض لها الشيخ بتضعيف أصلا ، وإنما أقحمها المعترض بناء على أنها على شرطه ، وليس الأمر كذلك ، إذ غاية الأمر أن تكون أسانيدها عنده ضعيفة لا متونها ، ومع ذلك فإن الشيخ قد صحح متون أغلب هذه الأحاديث التي جاءت من رواية أبي الزبير عن جابر .
وسأسرد لك ـ أخي المنصف ـ كل هذه الأحاديث مبينا في كل حديث منها كيف أن الشيخ بريء مما اتهمه به المعترض ...))
فذكرها ، ومن أراد الاطلاع عليها ، فليرجع إلى الأصل .
ثالثا : قولك : "والألباني رحمه الله عالم من علماء الحديث ، يصيب ويخطئ ونحن لا نعتقد فيه العصمة نأخذ ما يصيب فيه من الحق ونرد ما يخطئ فيه "
إذًا لماذا هذا التهويل والجعجعة والنفخ في تشغيبات أعداء الشيخ ؟!
إن كنت عارفا بدقائق هذا العلم الجليل ، منصفا في انتقادك ، صادقا في دعواك أنك تحترم العلماء وتعذرهم في اجتهاداتهم وتستر عليهم ، كان أليق بك والحالة هذه في هذا المقام أن تدرس أقوال الإمام الألباني دراسة حديثية ، فتصوبه فيما أصاب فيه ، وتعذره فيما أخطأ فيه كما صنع الحفاظ والنقاد مع الإمام الدارقطني وغيره ، لا أن تدعي تلك الدعاوي الباطلة التي اصطنعها أعداء الشيخ من تلاميذ الكوثري وأبي غدة الدالة على جهلهم وفسادهم وحقدهم الدفين على الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ .
أما إذا كنت عاجزا على أن تدرس الأسانيد والمتون التي تكلم عنها الإمام ، فكان يكفيك في هذه الحالة أن تكتفي بما قال ـ رحمه الله ـ في سلسلة الهدي والنور (ش 739 د 39د) : (( إذا اختلف عليكم الأمر بين البخاري وبين الألباني ، أنا أقول لكم : خذوا بقول البخاري ودع قول الألباني إذا لم يكن عندكم المرجح )) .
فتسلم من اعتراضاتك المتهافتة الساقطة التي تنبئ على جهلك بهذا العلم الشريف وبعدك عن صنعة أهله وأخلاقهم .
تنبيه : عندما يقرر أئمة الحديث السابقين منهم واللاحقين أنه قد انتقدت على الإمامين البخاري ومسلم ـ رحمهما الله ـ بعض الأحاديث ، هذا لا يعني أنهم فتحوا بابا للتشكيك والطعن في الصحيحين ، وأن يتكلم فيهما من هب ودب ، حاشاهم من ذلك ، ومنهم الإمام الألباني ، فكم انتقد بعض المتقدمين والمتأخرين ممن ضعف بعض أحاديث الصحيحين ، ودافع عنها ، وصاح على من أراد أن يشكك في صحة أحاديث الصحيحين وحجيتها لأغراض فاسدة يتبناها أصحابها
قال ـ رحمه الله ـ في سلسلة الهدى والنور (ش 306 )
(( أحاديث البخاري ومسلم كما هو معلوم لدى الجميع، هي أصح الأحاديث، وأصح الأقوال التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد كتاب الله تبارك وتعالى، ولذلك اتفقت الأمة كلها، على أن حديث الصحيحين، مما لم يقع فيه خلاف بين العلماء المتقدمين، فكلها
تفيد الصحة واليقين، فلا يجوز الشك في شيء منها بسبب أن بعض الناس يعيشون ثقافة معينة، أو عقلية معينة ))
إنما يتوجه نقد هؤلاء الحفاظ النقاد لبعض هذه الأحاديث بناء على ما يفرضه عليهم قواعد علوم الحديث التي أثبتت لهم ضعف تلك الحروف ، ولتتقرر حكمة الله تعالى أن لا العصمة إلا لكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم .
قال الإمام الألباني في سلسلة الهدى والنور (ش 739د3) : (( أن المسلمين كافة لا فرق بين عالم أو متعلم أو جاهل مسلم كلهم يجمعون على أنه لا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا ، فمن النتائج البديهية أيضا أن أي كتاب يخطر في بال المسلم أو يسمع باسمه قبل أن يقف على رسمه ، لابد أن يرسخ في ذهنه أنه لابد أن يكون فيه شيء من الخطأ ، لأن العقيدة السابقة أن العصمة من البشر لم يحظ بها أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من هنا يُروى عن الإمام الشافعي ـ رضي الله تعالى عنه ـ أنه قال :" أبى الله أن يتم إلا كتابه " ، فهذه حقيقة
لا تقبل المناقشة )) ا.هـ

الثانية : استنكاره على الإمام الألباني في قوله :" صحيح رواه البخاري " ، أو " صحيح رواه مسلم "، الذي يستلزم منه الإنكار على أئمة الحديث المتقدمين الذين استعملوا هذا الاصطلاح.
قال في شرح الباعث الحثيث (ش16د 25) : (( الشيخ الألباني من طريقته التي عرفت عنه وانتقد فيها أنه يقول صحيح رواه البخاري ، صحيح رواه مسلم ، فانتقد في هذا ، قيل له : ليش تقول صحيح ، تقدم نقدك على نقد البخاري ومسلم ، قل رواه البخاري ، فهذا النقد للشيخ ناصر اشتهر عن أبي غدة لكن فيه علماء من أهل السنة والأثر أيضا على هذا الرأي ، انتقدوا الألباني في هذا ، فالمقصود أن الشيخ لما دافع عن نفسه جاء بالسلف ، قال : سبقني إلى ذلك البغوي ، صحيح البغوي كان يقول : صحيح رواه البخاري ، صحيح رواه مسلم ، فيقول الشيخ الألباني سبقني إلى ذلك البغوي ، فقط أنا ما اعلم أحد اتبع هذه الطريقة إلا الألباني وقبله البغوي يتبع هذا الأسلوب .. وعلى كل حال هو الأرجح ما ذهب إليه الجمهور في هذه المسألة أنك ما تقول صحيح رواه البخاري ))
أقول
أولا : قول الإمام الألباني : صحيح رواه البخاري أو صحيح رواه مسلم ، هذه ليست من تفرداته ، أو من المصطلحات التي لم تعرف إلا عنه ، بل قد استعملها أئمة الحديث قبله وفي عصره . ومنهم :
1 ـ الحافظ أبونعيم الأصبهاني (ت 430هـ) قال في الحلية (2/ 315) عند حديث: " إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: " لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي فَأَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تُشْرِكَ " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
وقال في (2/ 315) عند حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ - قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: أَرْبَعَةٌ، وَقَالَ ثَابِتٌ: رَجُلَانِ - فَيُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ فَيُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ فَيَلْتَفِتُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ قَدْ كُنْتُ أَرْجُو إِذْ أَخْرَجْتَنِي مِنْهَا أَنْ لَا تُعِيدَنِي فِيهَا فَيُنَجِّيهِمُ اللهُ تَعَالَى مِنْهَا " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
2 ـ الحافظ محمد بن علي الصوري (ت 441هـ) جاء عنه في (الفوائد)(ص: 125)، أنه قال في حديث :" إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ"
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، انْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِإِخْرَاجِهِ
3 ـ الإمام البغوي (ت 516هـ) ، انظر شرح السنة
4 ـ الإمام ابن قدامة المقدسي (ت 620هـ) استعمل هذا الاصطلاح في المغني والكافي
5 ـ الإمام النووي (ت 676هـ) استعمل هذا الاصطلاح في جمع من كتبه
6 ـ الإمام ابن تيمية (ت 728هـ) قال في (بيان تلبيس الجهمية)(7/ 272) عند حديث ابن عباس : " في قوله {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}[الإسراء: 60] ، قال وهي رؤيا عين أريها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به " ، وهذا الحديث صحيح رواه البخاري
وجاء عنه في مجموع الفتاوى (23/ 292) , (32/ 246) ، وفي منهاج السنة النبوية (5/ 42) وغيرهما من كتبه :" هذا حديث صحيح رواه مسلم"
7 ـ الإمام ابن القيم (ت 751هـ) قال في (إغاثة اللهفان)(1/ 310) عند حديث بريدة: "كُنْتُ نَهَيْتُكمْ عَنْ الانْتِباذِ فى الأَوْعِيَةِ فَاشْرَبُوا فِيماَ بَدَا لَكُمْ، غَيْرَ أن لا تَشْرَبُوا مُسْكِراً".
حديث صحيح. رواه مسلم، ولا يعرف له علة.
9 ـ الإمام ابن باز ( 1420هـ) استعمل هذا الاصطلاح في فتاويه ، فارجع إلى (مجموع الفتاوى)
10 ـ الإمام ربيع المدخلي ، استعمله في جمع من كتبه
فهذه النقول من هؤلاء الأئمة النقاد العظام من المتقدمين والمتأخرين تثبت أن هذا الاصطلاح مشهور معروف عندهم ، ومتداول فيما بينهم ، ولو أحببت أن اتتبع غيرهم ممن استعمله واستخدمه لجمعت في ذلك العشرات من أئمة الحديث ممن يقول بهذا الاصطلاح .
وقد صرح الإمام ابن الصلاح ـ رحمه الله ـ أن هذا الاصطلاح والإطلاق من أعلى أقسام الحديث عندهم .
قال رحمه الله في (المقدمة )(ص: 28) : (( وَأَعْلَاهَا الْأَوَّلُ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ كَثِيرًا: " صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ". يُطْلِقُونَ ذَلِكَ وَيَعْنُونَ بِهِ اتِّفَاقَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ ))
وبهذا يسقط تهويل وتشغيب الجهني الذي استقاه من مستنقعات أهل الضلال والفساد ليشغب على الإمام الألباني ويهدم ما هو مقرر من المصطلحات عند أئمة الحديث .
ثانيا : أئمة الحديث لما يطلقوا هذا الاصطلاح عند ذكر أحاديث الصحيحين لا يعنون أنهم يقدمون نقدهم على نقد البخاري ومسلم كم يزعم الجهني ، حاشاهم من ذلك ، فهم أنزه عن ذلك ، وأرفع مما يتصوره الجهني ، إنما يريدون بذلك بيان وتأكيد صحة أحاديث الصحيحين ، وقد أشار الإمام الألباني إلى هذه النكتة في مقدمة شرح الطحاوية (ص: 25) إذ قال : (( ... أن كل من شم رائحة العلم بالحديث الشريف يعلم بداهة أن قول المحدث في حديث ما: "رواه الشيخان"، أو "البخاري أو مسلم" إنما يعني أنه صحيح, فإذا قال في بعض المرات: "صحيح، رواه الشيخان" أو "صحيح، رواه البخاري" أو "صحيح، رواه مسلم" فهو من باب البيان والتوضيح والتأكيد لصحة الحديث .
فإذا قال رواه الشيخان أو نحوه فلا ينافي أنه صحيح , غاية ما في الأمر أن التعبير مختلف والمعنى متحد, فأي شيء في هذا الاختلاف في التعبير؟ ))
ثالثا : قولك:"فيه علماء من أهل السنة والأثر أيضا على هذا الرأي، انتقدوا الألباني في هذا "
من هؤلاء علماء السنة الذين انتقدوا الألباني في هذا الاصطلاح ؟!!
لماذا جبنت يا جهني على أن تذكرهم ؟
بيننا وبينك يا جهني قول الإمام ابن سيرين : (( لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْإِسْنَادِ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ، قَالُوا: سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ، فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ، وَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَلَا يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ )) ([3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=145598#_ftn3))
رابعا : قولك :" أنا ما اعلم أحد اتبع هذه الطريقة إلا الألباني وقبله البغوي يتبع هذا الأسلوب "
من أنت ؟! وما وزنك في هذا العلم النبوي الذي لا يحبه ويطيقه إلا ذكور الرجال ([4] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=145598#_ftn4))
فقد أثبت بهذه التشغيبات البائرة أنك من أجهل الناس به وبمصطلحات أهله ، وأنك من الصنف الذي يتشبع بما لم يعط ، والله المستعان .
خامسا : قولك :" وعلى كل حال هو الأرجح ما ذهب إليه الجمهور في هذه المسألة"
جمهورك هم تلاميذ أبي غدة والكوثري !!!
أما أهل الحديث والأثر من أمثال البغوي والنووي وابن الصلاح وابن تيمية وغيرهم فهم على خلاف قول جمهور الجهني الذين يتقوى بأقوالهم وتحقيقاتهم للطعن في أئمة السنة .
وفي الختام نسأل الله تعالى أن ينفع بهذه المقالات الأمة الإسلامية ، ويراجع الجهني أمره في هذه المسائل التي خالف بها منهج أهل الحديث والأثر ، وأن يوفقنا الله تعالة للإكمال ما بقي من الحلقات .
والحمد الله رب العالمين
كتبه بشير بن سلة الجزائر
24 رمضان 1435 هـ

([1]) شرح الباعث الحثيث

([2]) صاحبه طارق بن عوض الله ، قال عنه العلامة ربيع المدخلي لما سئل عنه: ((قرأت له بعض الشيء , و ما استقصيت القراءة فيه , لكن الذي قرأته فيه دفاع عن الألباني و قد رأيته جيّداً في الدفاع عن الألباني ,ما قرأت له كل ّشيء ونحسن الظن به إن شاء الله إلاّ إذا تبين لكم شيئا من أخطائه فينصح - بارك الله فيكم - )) انظر (لقاء حديثي منهجي مع بعض طلاب العلم بمكّة)

([3]) صحيح مسلم (1/ 15)

([4]) يروى هذا عن الإمام الزهري ـ رحمه الله ـ ، انظر جامع بيان العلم وفضله (1/ 784 ـ 785)