المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [مقال] حوار طارئ مع ...



أبو همام أحمد إيهاب
06-Sep-2014, 12:50 AM
حوار طارئ مع ...

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :
فقبل أيام معدودة وبينا أنا ذاهب إلى البيت بعد صلاة العشاء ؛ قابلني أحد المفتونين برأي الخوارج - من الخروج على الحكام والتشهير بهم من على المنابر والدعاء عليهم - فقال لي - بمناسبة خروجي بإعفاء طبي (كشف الرمد) من الخدمة بالجيش - : " الحمد لله الذي نجاك من القوم الظالمين " ؛ فتركتُه وذهبتُ وقتها ، ثم قابلته في شارعنا بعد عصر اليوم (الخميس 9-11-1435هـ) ؛ مستفسراً منه عن مراده مما قال ؛ فوقع بيني وبينه حوارٌ طارئٌ لمدة ساعة ، ثم دخل ثالثٌ من المارة في الكلام ؛ فأحببت كتابة أهمِّ ما جاء في هذا الحوار ؛ عسى أن ينتفع به الجميع ، وبالله التوفيق .

بدايةً : أوضح لكم بمثال خلاصة فكر الرجل من خلال معرفتي السطحية به ؛ فقد قال لي - في بداية فتنة (الربيع العربي) ، ومن ذاكرتي فيما أحسب سنة 2011م - : بأن السلفية لا بد أن تكون في تنظيم كبقية الأحزاب ، ومما ذكر : الإخوان المفلسون وسلفية الاسكندرية المزعومة - التي يُمجِّدُ رؤوسها - ؛ فأنكرتُ عليه ذلك وقتئذ ، وبيَّنتُ له خطورة كلامه هذا .
المهم : لما سقط حكم الإخوان وعُزِلَ مرسِيهم ، تبدَّلت مواقف أدعياء السلفية بالاسكندرية من الإخوان المسلمين أنفسهم في الجملة ، وصاروا مع مخالفيهم - كما يقولون - ، وما هي إلا أيام وخرج علينا من خرج منهم يذمُّهم ويتَّهم كبيرهم بالنفاق إلى غير ذلك .
وبالجملة : تغيَّر موقف الرجل تَبَعًا للكثرة التي تخالفهم ؛ فصار يطعن عليهم - كما هو المتوقَّع - ، وعلى إثر ذلك : ترك القول بتحزيب السلفية - كما يقول - .
مثالٌ آخر : يحكي الرجل أنه وغيره ذاق أصنافاً من الأذى والظلم في عهد مبارك لم يذقها في عهد مرسي ، مما جعله يفرِّقُ بينهما في الخروج على الأول دون الثاني مع قوله بوقعهما في كفريات ، نعوذ بالله من الهوى وأهله .
فانظر - بارك الله فيك - إلى هذا التقلب الذي عليه الرجل ، واحْمَدِ الله على الثبات وسَلْهُ الهداية والرشاد .
والآن أشرعُ في صُلْبِ الحوار :
(1) قلتُ له - منكراً عليه - : زَعَّلْتِنِي مِنَّك (=أغضبتني) ، وذكرتُ له حرفَ دعائه ، ومن يقصد بالقوم الظالمين ؟
فقال - متهربا - : أصل هذا السياق له معنى في اللغة ، وهو بمعنى الغالب وليس الكل .
(2) فقلتُ : طيب ، ومن تقصد بالقوم الظالمين ؟
قال - بعبارات تحمل كل الطعن للجيش المصري - : هُمَّ فِيه غِيرهُم ، الخونة ، الموالين للكفار ، كذا إلى آخر ما تنفَّسَ به .
ولَمَّا كرَّرتُ عليه السؤال ، صرَّح بأن مرادَه رؤوس وقادة الجيش .
(3) فقلتُ له : هؤلاء مسلمون عندك أم كفار ؟
فقال - متحرجاً - : أعداء للدين ، ثم تلا جملة من الآيات التي نزلت في الكفار وفرعون ، وأسقطها عليهم .
الحاصل : أنه اعترف في نهاية الحوار أن سؤالي هذا كان استفزازيا له ، مما جعله يُسْرِعُ في تكفير المعين ، وهذا خطأ منه ، وتكفير المعين يُرجع فيه للعلماء .
(4) قلتُ له : طيب وما موقفُك من المؤدين لخدمة جيش بلدك الوطني ؟ ، هل هم في حكم من كفَّرتهم ؟
فسارع طعَّاناً في وطنية الجيش ، ثم قال : لهم أحوال : فيهم الْمُطَبِّل لهم ؛ وهذا ممن رضي وتابع - ومع كون الرضا قلبيا ؛ إلا أنه استدلَّ عليه بهذا الفعل كشاهد على أن الفاعل راضٍ - ، وفيهم المكره ، وفيهم كذا .
(5) وهنا دخل ثالثٌ في الحوار ممن يعرفُه الرجل - فيما يظهر - ، فقاطعه قائلاً ومستهجناً لمقاله : لأ ... الجيش وطني بغض النظر عن أي حاجة .
وهذا الثالث لم أقف عند جملة كلامه ؛ فهو مسكينٌ أيضاً ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
(6) الشاهد : قال : أنت تريد أن توقعني في الخطأ وتصطاد لي من كلامي .
قلتُ : سبحان الله ! ، كلامُك ، وأنت الذي تبيِّنُ مرادَك منه .
فقال : ما الذي ستفعلُه أنت مع أولئك - يعني : قادة الجيش - المحاربين للدين ، الذين فعلوا الأفاعيل بتخطيطات صهيونية ؟
فقلت - وقد كرَّر عليَّ السؤال بإلحاح - : هذا سؤالُك أنت ، فما جوابُك إذن ؟
فقال : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
فقلتُ : طيب وأنا كذلك .. لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
(7) ثم جاء الكلام عن دماء رابعة ، فقلتُ له : وأين أنت من دماء الجنود والشرطة ؟ ؛ فاستنكر سفك جميع الدماء في الجملة مع تألمه الشديد لدماء رابعة ، والله المستعان .
وبالمناسبة : ذكر بأنه نزل اعتصام رابعة وكان فرحاً بأن نصر الله قريب ، فوجد الإخوان يغنون ؛ فكتب ورقة فيها أن المعازف حرام ، فأخذها منه الإخوان ، ولم يستطع تعليقها ، فَعَلِمَ أنهم لا يبالون بأحكام الدين ، وأدرك أن الله سيُضَيِّعهم ، ومع ذلك الوضوح الذي تراه أُخَيَّ كُشِفَ له عن الإخوان إلا
أنه لازال مؤيداً لهم مع قوله الآن بأنهم فرقةٌ ضالة ، ومع ما عند مرسِيهم من كفريات توجبُ الخروج عليه عنده ، ولكن يا تُرَى لِمَ لَمْ يخرج على مرسي مطالبا بتطبيق الشريعة مع من خرج وقتئذٍ ؟
والجواب : لا شيء إلا اتباع الهوى ، الذي يُعْمِي صاحبَه .
(8) هذا ، ولما خاطبتُه بموقفه من عهد مرسي على إثر موقفه الشديد من عهد السيسي - وفقه الله لكل خير - ؛ استنكر فترة حكم مرسي ومقالاته التي ذكَّرْتُه بها ، ووصف مرسي بأنه كان لا يحكم ، وأنه كان وكان إلى آخر ما قال من الألفاظ التي لا أحبُّ ذكرَها .
قلتُ له : طيب ؛ هذا موقفُك من جميع الحكام ، ترى من هو الأنسب لتطبيق الشريعة من ضمن هذه الفصائل ؟
فقال : لا أحد ، إلا أنَّ الحلَّ لتطبيق الشريعة : أن ينقلب عمروٌ أو زيدٌ ممن هداهم الله على رجال المجلس العسكري والجيش .
فقلتُ : يا سبحان الله ! ، والشريعةُ هذه سيطبقها الراعي دون الرعية .
والعجيب أنه نسب هذا الانقلاب إلى الإمام النووي في شرحه لكتاب الإمارة من صحيح مسلم ، فطالبته بالنقل ، فوعدني بالإتيان به ، والمعلوم عنه أنه لا يأتي بشيء أبداً .
المقصود : قلتُ له : وهل بمثل هذه الانقلابات تُطَبَّقُ الشريعة ؟
فحاد عن الجواب ، ولم ينطق ببنت شفة .
ووافقني الطرفُ الثالثُ على أنه لا بد لتطبيق الشريعة من سلوك الطريق الصحيح المتمثل في الدعوة إلى الله على منهاج النبوة .
(9) ثم وجَّه كلامَه للطرف الثالث في الحوار بأني مع الذين يحرمون الخروج الأول إلى غير ذلك ، ولا يرضَوْن عن أحد ؛ فعندهم كشك مبتدع ، والحويني مبتدع ؟
فقلتُ له : سبحان الله ! ، تستنكر ذلك عليهم ، وأنت نفسك تتكلم على الحكام ، وذكَّرْتُه بقوله أثناء الكلام : اتقِّ الله يا مرسي ؛ من على المنبر .
(10) ثم عاد الرجل يقول بعدما أوكل تكفير المعين للعلماء - كما مرَّ - : هم ما بين الكفر والظلم لا ثالثَ لهما - عامل الله دعاة التكفير بما يستحقون على ما أشربوه لأمثال هذا الضال - .
ويقول : فيهم بلا شك من هو على النفاق الأكبر ، لكنْ مَن هو الله أعلم ؟
(11) ولَمَّا أحرجتُه بالسؤال عمَّن يقول بهذا القول الخطير ؛ سكت ، ثم قال : العلماء كلهم ساكتون ، ولا يستطيع أحدٌ النطقَ بهذا .
فسألته : من هم هؤلاء العلماء الذين سيقولون بقولك إذا تكلموا افتراضاً ؟
فذكر الحويني ونعتَه بتلميذ كشك وذكر محمد إسماعيل المقدم ؟
فقلتُ : أليس المقدم من سلفية الاسكندرية ، وأنت تخالفهم ؟
فقال - متهربا - : هو اعتزلهم .
(12) قلتُ له : ذكرتَ أثناء كلامك أن العلمانيين أخبث من الإخوان ، أليس الإخوان بعلمانيين أو فيهم علمنة ؟
فاضطرب قليلاً ، فقلت : القرضاوي ألم يقل : الحرية مقدمة على تطبيق الشريعة ، أليست هذه علمنة ، أليست هذه العبارة في ذاتها كفر ؟
فقال : لا .. ليست علمنة ، ولها تأويل بفهمي أنا وهو أنَّ مَن في الرِّقِّ عليه أن يتحرَّر ليطبِّق الشريعة .
(13) قلتُ له : أليست هذه العبارة في نفسها كفر ؟
فلمَّا لم يُجِبْ ؛ قلتُ له : ألم يقل القرضاوي بحرية الردة وكيت وكيت ؟
فأجاب : بنعم ، فقلتُ : إذن على كلامك هذا شاهد يبيِّن مراده من العبارة .
(14) فعندئذ قال : أنا أقول بحمل كلام المعين على أحسن المحامل ؛ رجاء السلامة له ، ويُسأل عن مقصده منها ؟
فقلتُ : يا سبحان الله ! ، أين هذا الكلام من البداية لما سألتُك عن مرادك من الدعاء ؟
(15) وختم الكلام بقوله : أنا أقول الوقت الآن وقت اعتزال ، وأنت تنازلتَ عن ثوابت الدين لأجلهم - كذا قال ؛ لأني لا أقولُ بقوله أن ما نحن فيه هو حربٌ على الإسلام -، والجدال معك لا يفيدُ شيئاً .
ثم قال في نهاية الحوار وقد أرهقني حقيقةً بكثرة تناقضه : تَذْكُرُ قصة قتلة الحسين ؟! ؛ قلتُ : نعم .. مع ابن عمر - رضي الله عنه - ، وذهب وذهبتُ ، ولا أدري ما مقصوده من إيراد هذه القصة إلى الآن .
سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ ، أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك .

كتبه/ أبو همام أحمد إيهاب
فجر الجمعة 10-11-1435هـ

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
11-Sep-2014, 10:30 AM
نفع الله بك اخي الفاضل