المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما المقصود بالعلماء في قوله تعالى: ] إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [ ؟ وتنبيه حول الإعجاز العلمي



أبو ياسر إسماعيل بن علي
07-Sep-2014, 08:22 AM
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله -كتاب العلم:
ما المقصود بالعلماء في قوله تعالى: ] إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [ ؟


فأجاب بقوله: المقصود بهم العلماء الذين يوصلهم علمهم إلى خشية الله، وليس المراد بالعلماء من علموا شيئاً من أسرار الكون كأن يعلموا شيئاً من أسرار الفلك وما أشبه ذلك أو ما يسمى بالإعجاز العلمي، فالإعجاز العلمي في الحقيقة لا ننكره، لا ننكر أن في القران أشياء ظهر بيانها في الأزمنة المتأخرة لكن غالى بعض الناس في الإعجاز العلمي حتى رأينا من جعل القرآن كأنه كتاب رياضة وهذا خطأ، فنقول: إن المغالاة في إثبات الإعجاز العلمي لا تنبغي لأن هذه قد تكون مبنية على نظريات والنظريات تختلف، فإذا جعلنا القرآن دالاً على هذه النظرية ثم تبين بعد أن هذه النظرية خطأ معنى ذلك أن دلالة القرآن صارت خاطئة، وهذه مسألة خطيرة جداً.


والآن يا إخواني :الله اعتنى في الكتاب والسنة ببيان ما ينفع الناس من العبادات والمعاملات ولهذا بين دقيقها وجليلها حتى آداب الأكل والجلوس والدخول وغيرها. لكن علم الكون هل جاء على سبيل التفصيل ؟ ولذلك فأنا أخشى من انهماك الناس في الإعجاز العلمي أن يشتغلوا به عما هو أهم، إن الشي الأهم هو تحقيق العبادة لأن القرآن نزل بهذا، قال الله تعالى: ] وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [ (الذريات، الآية: 56)

أما علماء الكون الذين وصلوا إلى ما وصلوا إليه فننظر إن اهتدوا بما وصلوا إليه من العلم واتقوا الله – عز وجل – وأخذوا بالإسلام صاروا من علماء المسلمين الذين يخشون الله، وإن بقوا على كفرهم وقالوا إن هذا الكون له محدث فإن هذا لا يعدو أن يكونوا قد خرجوا من كلامهم الأول إلى كلام لا يستفيدون منه، فكل يعلم أن لهذا الكون محدثاً؛ لأن هذا الكون إما أن يحدث نفسه، وإما أن يحدث صدفة، وإما أن يحدثه خالق وهو الله – عز وجل

فكونه يحدث نفسه مستحيل ؛ لأن الشيء لا يخلق نفسه؛ لأنه قبل وجوده معدوم فكيف يكون خالقاً ؟!

ولا يمكن أن تُوجد صدفة؛ لأن كل حادث لابد له من محدث، ولأن وجوده على هذا النظام البديع، والتناسق المتآلف، والارتباط الملتحم بين الأسباب ومسبباتها، وبين الكائنات بعضها مع بعض يمنع منعاً باثاً أن يكون وجوده صدفة، إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده فكيف يكون منتظماً حال بقائه وتطوره ؟ !


وإذا لم يمكن أن توجد هذه المخلوقات نفسها بنفسها ، ولا أن تُوجد صدفة تعين أن يكون لها موجد وهو الله رب العالمين.