المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم تعطيل الدعوة من أجل علاج الممسوس....الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله-



أبو محمد كريم الجزائري
08-Sep-2014, 11:36 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم تعطيل الدعوة من أجل علاج الممسوس


سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : نحنُ في حاجة إلى الدعوة إلى الله ومع ذلك فإننا قد انشغلنا بعلاج الممسوسين بالجن، هل يجوز تعطيل الدعوة لهذا العمل؟ وكيف يكون علاج الممسوس؟ وهل يُشترط أخذُ مالٍ؟

فأجاب بقوله :الدعوة إلى الله عز وجل فرضُ كفاية إذا قام بها من يكفي صارت في حق الاخرين سُنَّة، فإن تعينتْ على الشخص بحيث لا يقوم غيره مقامه، فإنها مقدمة على القراءة على من به مس من الجن، وذلك لأن مصلحة الدعوة مصلحة متيقنة، ومصلحة القراءة على مَنْ به مس من الجن مصلحة غير متيقنة، وكم من إنسان قُرىء عليه ولم يستفد شيئاً، فيُنْظَر إذا كانت الدعوة مُتَعيَّنة على هذا الرجل، لا يقوم غيره مقامه فيها، فإنه يجب عليه أن يدعو ولو ترك القراءة على من به مس من الجن، أمَّا إذا كانت فرض كفاية، فيُنْظَر إلى الأصلح، وإذا أمكن أن يجمع بينهما، وهو الظاهر أنه يمكن الجمع بينهما، يخصص لهذا يوماً ولهذا يوماً أو أياماً حسب الأهمية، ويحصل منه الإحسان إلى إخوانه الذين أصيبوا بهذه المصيبة، ومع ذلك يستمر في الدعوة إلى الله عز وجل فإن حصل الجمع بينهما ما أمكن فهو الأولى. أما العلاج الصحيح للممسوس بالجن فإنه يختلف من حال إلى حال لكن أحسن ما يكون أن يقرأ عليه القرآن؛ مثل قوله تعالى: {يامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ فَانفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ * فَبِأَىِّءَالا?ءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ * فَبِأَىِّءَالا?ءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} . لأن هذا تحدّ لهم أنهم لا يستطيعون الفرار من الله عز وجل. وكذلك يقرأُ عليهم المعوذتين، وقل هو الله أحد، وآية الكرسي. وكذلك يتكلم عليه بالموعظة كما كان يفعل شيخ الإسلام رحمه الله يقول: «هذا حرام عليكم أن تؤذوا المسلمين أو تضربوهم أو ما أشبه ذلك»

مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (17/33)

أبو بكر يوسف لعويسي
08-Sep-2014, 08:36 PM
جزاك الله خيرا وبارك فيك على هذه الدرة من درر الشيخ الفقيه العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله وأعلى مقامة في الفردس الأعلى . اللهم آمين .ولي تعليق خفيف على قول الشيخ- رحمه الله -: ((.. وذلك لأن مصلحة الدعوة مصلحة متيقنة، ...))فأقول : مصلحة الدعوة قد تكون متيقنة كما قال الشيخ إذا توفرت فيها الشروط وانتفت الموانع ،لقول النبي صلى الله عليه وسلم :<< لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم >> فتقدم على المصلحة الشخصية والقاصرة ... لأن المصلحة فيها أعم وأفضل فقد يهتدي رجل على يد الداعي فيحصل منه خيرا كثيرا ... ولكن قد تكون المصلحة ظنية بتخلف بعض تلك الشروط ووقوع الموانع ، والغالب أنها ظنية لقوله تعالى : { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين }}وقوله :{{ ولكن أكثر الناس لا يشكرون }}وقوله :{{ ولكن أكثر الناس لا يؤمنون }}ولما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم :<< عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلاَنِ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ..>> البخاري (5772) ومسلم (220).
فقد يدعو الداعي ولا أثر لدعوته ، وقد يذهب يغير المنكر فلا يتغير ، أو يغير بمنكر أكبر منه أو مثله فينفر الناس من دعوته .. وهذا مشاهد وكثير .
وكم من المواعظ والإرشاد ألقي على المدعوين ولم يستجيبوا ولم يتأثروا، وكم من أناس دعوا إلى الله تعالى ففروا ونفروا كما ينفر البعير ، وكم من مواعظ ودروس أقيمت دعوة إلى الله ولم تؤثر في المدعوين ولا في الداعي نفسه إلا قليلا ..و لذلك يمكن القول في هذه المسألة المطروحة أن الجمع بين الدعوة إلى الله وبين علاج الممسوسين والمرضى أصلح وأنفع وأولى ، وذلك ممكن كما قال الشيخ ..
ويمكن ذلك في نفس الحالة ووقتها بأن يُدعى الممسوس ومن حضره إلى الاستقامة وتصحيح المعتقد ، وتصحيح المنهج الذي يسيرون عليه ، وترك المعاصي والذنوب ، فلا بد للراقي المعالج بالرقية الشرعية أن يقدم بين يدي علاجه دعوة للاستقامة على الدين والحفاظ على الواجبات والابتعاد عن المنهيات وتحصين النفس بذلك ..
ولابد له من تهيئة المكان الذي أراد أن يعالج فيه وتطهيره من المخالفات ومناصحة المريض وأهله ممن يراهم على مخالفات ، وإذا كانوا على استقامة يوصيهم ويذكرهم بالله تعالى وطاعته وزيادة الأعمال الصالحات والتحصن بالأذكار والتعاويذ وكل هذا دعوة إلى الله يصلح بها أحوال المرضى والممسوسين ممن يتهاونون بالواجبات والتحصينات ويقارفون الذنوب المعاصي ويتلبسون بها حتى أثناء الرقية والعلاج . وهذا نوع من الجهاد في سبيل الله كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الدلالة في عموم الرسالة .ولاشك أن ها مصلحته اعظم وانفع والعلم عند الله تعالى .

أبو محمد كريم الجزائري
08-Sep-2014, 10:58 PM
جزاك الله خيرا شيخنا وبارك الله في علمك ونفع بك
أسأل الله أن يثبتنا على السنة آمين