المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحبه لنفسه)..



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
30-Sep-2014, 08:39 AM
(لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحبه لنفسه)..للشيخ العلامة الالباني رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى..




**بســــم الله الرحمن الرحــــــيم**

*(ترجمة حديث لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه)..للشيخ الالباني رحمه الله
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :-
فهذه ترجمة لحديث (لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه)،لشيخنا الألباني رحمه الله أحببت أن أفيد به الجميع بأن قمت بتفريغها من شريط:(الحكمة من خلق الخلق)، عسى الله أن ينفعنا بها ويجعلنا من عباده العالمين العاملين أجمعين...
وهذا نص السؤال :-
يقول السائل بارك الله فيكم ماترجمة حديث النبي صلى الله عليه وسلم:{ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه}..؟؟
الجواب:- نعم
أولاً: لايؤمن أحدكم،هذا النفي ليس نفيا للإيمان المطلق بحيث أنه يعني: يكون كافراً إذا كان لايحب لأخيه المسلم مايحب لنفسه،وإنما المعنى:لايؤمن إيمانا كاملاً من؟؟المسلم الذ ي لايحب لأخيه مايحب لنفسه...ومعنى ذلك ومعنى أن يحب المسلم لأخيه مايحب لنفسه، بلا شك لابد من أن يقيد لفظاً لأنه ورد، ومعناً لأنه هو المعنى المقصود من هذه الرواية المشهورة في الحديث هو كما سمعتم آنفاً :(لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه)،هكذا الحديث في الصحيحين ،لكن جاء الحديث بزيادة موضحة للمعنى الدي لا ثاني له،وهو (لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه من الخير) ،لأن الحديث على إطلاقه قد يشمل ماليس خيراً؛فمثلاً الرجل يشتهي أن يدخل السينما..!! أويتمنى لأخيه مايحب لنفسه..لا!! هذا المعنى لايرد في بال المسلم،لكن القيد الذي في آخر الحديث؛ وفي رواية صحيحة كما يقال اليوم،هذه الرواية تضع النقاط على الحروف،تبين أن المقصود من هذه المحبة التي إذا لم تتوفر في قلب مسلم يكون إيمانه ناقصاً وهو أن يحب لأخيه المسلم من الخير مايحب لنفسه،مثلاً:أنت عندك علم،علم نافع..علم بالكتاب والسنة،علم بالتلاوة،علم باللغة العربية، أي علم نافع...فأنت لايجوز أن تتمنى أن تظل وحيداً في علمك هدا،بل يجب عليك أن تتمنى ذلك لكل مسلم لأنه خير،فإن لم تفعل فإيمانك ناقص وعلى ذلك فقس،فمعنى إذاً لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه، من الخير،وإذا أفترضنا مسلما يرى جاراً له فقيراً ثم يتمنى له أن يظل فقيراً معدماً ولايتمنى له من المال الذي أعطاه الله إياه وهذا من طبيعة الإنسان كما قال رب الأنام في القرءان:(وإنه لحب الخير لشديد..)،الخير هنا هو المال ،هدا الجار الغني حينما يرى جاره الفقير فقراً مدقعاً عليه أن يتمنى له من المال مثل ماله،ولكن عطفا على بحث سبق إذا كان كسبه من حرام فإنه إياه أن يتمناه لجاره الفقير!! وإنما قبل كل شيء يجب أن يتمنى لنفسه المال الحلال ثم يتمناه للمسلم حتى يصدق عليه هذا الحديث :{لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه من الخير}..انتهى..
************************************************** *******
الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
عَنْ أَبِيْ حَمْزَة أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ خَادِمِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيْهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)[104] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-15.HTM#_ftn1) رواه البخاري ومسلمالشرحقوله: "لاَيُؤمِنُ أَحَدُكُمْ" أي لا يتم إيمان أحدنا، فالنفي هنا للكمال والتمام، وليس نفياً لأصل الإيمان.فإن قال قائل: ما دليلكم على هذا التأويل الذي فيه صرف الكلام عن ظاهره؟قلنا: دليلنا على هذا أن ذلك العمل لا يخرج به الإنسان من الإيمان، ولا يعتبر مرتدّاً، وإنما هو من باب النصيحة، فيكون النفي هنا نفياً لكمال الإيمان.فإن قال قائل: ألستم تنكرون على أهل التأويل تأويلهم؟فالجواب: نحن لاننكر على أهل التأويل تأويلهم، إنما ننكر على أهل التأويل تأويلهم الذي لادليل عليه، لأنه إذا لم يكن عليه دليلٌ صار تحريفاً وليس تأويلاً، أما التأويل الذي دلّ عليه الدليل فإنه يعتبر من تفسير الكلام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "اللَّهُمَّ فَقِّههُ فِي الدِّيْنِ وَعَلِّمْهُ التَّأوِيْلَ"[105] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-15.HTM#_ftn2).فإن قال قائل: في قول الله تعالى: ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (النحل:98) المراد به: إذا أردت قراءة القرآن، فهل يعتبر هذا تأويلاً مذموماً، أو تأويلاً صحيحاً؟والجواب: هذا تأويل صحيح، لأنه دلّ عليه الدليل من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يتعوّذ عند القراءة لا في آخر القراءة .وإذا قال قائل: في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)(المائدة: الآية6) إن المراد إذا أردتم القيام إليها، فهل يعتبر هذا تأويلاً مذموماً، أو صحيحاً ؟والجواب: هذا تأويل صحيح.وعليه فلا ننكر التأويل مطلقاً، إنما ننكر التأويل الذي لا دليل عليه ونسميه تحريفاً. "لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ" الإيمان في اللغة هو: الإقرار المستلزم للقبول والإذعان والإيمان وهو مطابق للشرع وقيل: هو التصديق وفيه نظر؛ لأنه يقال: آمنت بكذا وصدقت فلاناً ولايقال: آمنت فلاناً. وقيل الإيمان في اللغة الإقرار واستدل القائل لذلك أنه يقال: آمن به وأقرّ به، ولا يقال: آمنه بمعنى صدقه، فلمّا لم يتوافق الفعلان في التعدّي واللزوم عُلم أنهما ليسا بمعنى واحد.فالإيمان في اللغة حقيقة : إقرار القلب بما يرد عليه، وليس التصديق.وقد يرد الإيمان بمعنى التصديق بقرينة مثل قوله تعالى: (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ )(العنكبوت: الآية26) على أحد القولين مع أنه يمكن أن يقال: فآمن له لوط أي انقاد له - أي إبراهيم - وصدّق دعوته. أما الإيمان في الشرع فهوكما سبق في تعريفه في اللغة.فمن أقرّ بدون قبول وإذعان فليس بمؤمن، وعلى هذا فاليهود والنصارى اليوم ليسوا بمؤمنين لأنهم لم يقبلوا دين الإسلام ولم يذعنوا.وأبو طالب كان مقرّاً بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، ويعلن بذلك، ويقول: لقدْ عَلموا أَنَّ ابننا لا مكذّب لدينا ولا يُعنى بقول الأباطل ويقول:ولقد علمتُ بأنّ دينَ محمّدٍ من خير أديانِ البريّة ديناً لولا الملامة أو حذار مسبّةٍ لرأيتني سمْحَاً بذاكَ مبيناًوهذا إقرار واضح ودفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم ومع ذلك ليس بمؤمن، لفقده القبول والانقياد، فلم يقبل الدعوة ولم ينقد لها فمات على الكفر - والعياذ بالله - . ومحل الإيمان: القلب واللسان والجوارح، فالإيمان يكون بالقلب، ويكون باللسان، ويكون بالجوارح، أي أن قول اللسان يسمى إيماناً، وعمل الجوارح يسمى إيماناً، والدليل: قول الله عزّ وجل: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ )(البقرة: الآية143) قال المفسّرون: إيمانكم: أي صلاتكم إلى بيت المقدس، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "الإِيْمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً فَأَعْلاهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وأدنْاهَا إِمَاطَةُ الأذى عَنِ الطَّرِيْقِ وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيْمَانِ"[106] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-15.HTM#_ftn3).أعلاها قول: لا إله إلا الله، هذا قول اللسان.وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق وهذا فعل الجوارح، والحياء عمل القلب. وأما القول بأن الإيمان محلّه القلب فقط، وأن من أقرّ فقد آمن فهذا غلط ولا يصحّ.وقوله: "حَتَّى يُحَبَّ" (حتى) هذه للغاية، يعني: إلى أن "يُحَبَّ لأَخِيْه" والمحبة: لاتحتاج إلى تفسير، ولايزيد تفسيرها إلا إشكالاً وخفاءً، فالمحبة هي المحبة، ولا تفسَّر بأبين من لفظها.وقوله: "لأَخِيْهِ" أي المؤمن "مَا يُحبُّ لِنَفْسِهِ" من خير ودفع شر ودفاع عن العرض وغير ذلك،وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الجَنَّةَ فَلْتَأتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، وَلْيَأتِ إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤتَى إِلَيْهِ"[107] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-15.HTM#_ftn4) الشاهد هنا قوله: وَلْيَأتِ إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤتَى إِلَيْهِ .من فوائد هذا الحديث:.1جواز نفي الشيء لانتفاء كماله، لقول: "لايُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيْهِ" ومثله قوله: "لا يُؤمنُ مَنْ لا يَأَمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ"[108] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-15.HTM#_ftn5).ومن الأمثلة على نفي الشيء لانتفاء كماله قول النبي صلى الله عليه وسلم : "لاصَلاةَ بِحَضْرَةِ طَعَام"[109] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-15.HTM#_ftn6) أي لا صلاة كاملة، لأن هذا المصلي سوف يشتغل قلبه بالطعام الذي حضر، والأمثلة على هذا كثيرة..2وجوب محبة المرء لأخيه ما يحب لنفسه، لأن نفي الإيمان عن من لايحب لأخيه ما يحب لنفسه يدل على وجوب ذلك، إذ لايُنفى الإيمان إلا لفوات واجب فيه أو وجود ما ينافيه..3التحذير من الحسد، لأن الحاسد لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه، بل يتمنّى زوال نعمة الله عن أخيه المسلم.وقد اختلف أهل العلم في تفسير الحسد: فقال بعضهم "تمنّي زوال النعمة عن الغير" . وقال بعضهم الحسد هو: كراهة ما أنعم الله به على غيره، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: إذا كره العبد ما أنعم الله به على غيره فقد حسده، وإن لم يتمنَّ الزوال ..4أنه ينبغي صياغة الكلام بما يحمل على العمل به، لأن من الفصاحة، صياغة الكلام بما يحمل على العمل به، والشاهد لهذا قوله: "لأَخِيهِ" لأن هذه يقتضي العطف والحنان والرّقة، ونظير هذا قول الله عزّ وجل في آية القصاص: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْء)(البقرة: الآية178) مع أنه قاتل، تحنيناً وتعطيفاً لهذا المخاطب.فإن قال قائل: هذه المسألة قد تكون صعبة، أي: أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، بمعنى: أن تحب لأخيك أن يكون عالماً، وأن يكون غنياً، وأن يكون ذا مال وبنين، وأن يكون مستقيماً، فقد يصعب هذا؟ فنقول: هذا لايصعب إذا مرّنت نفسك عليه، مرّن نفسك على هذا يسهل عليك، أما أن تطيع نفسك في هواها فنعم سيكون هذا صعباً.فإن قال تلميذ من التلاميذ: هل يدخل في ذلك أن ألقن زميلي في الاختبار لأنني أحب أن أنجح فألقنه لينجح؟فالجواب: لا، لأن هذا غشّ، وهو في الحقيقة إساءة لأخيك وليس إحساناً إليه، لأنك إذا عودته الخيانة اعتاد عليها، ولأنك تخدعه بذلك حيث يحمل شهادة ليس أهلاً لها. والله الموفق.


[104] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-15.HTM#_ftnref1) - أخرجه البخاري – كتاب: الإيمان، باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، (13). ومسلم – كتاب: الإيمان، باب: الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير، (45)، (71)
[105] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-15.HTM#_ftnref2) - أخرجه البخاري – كتاب: الوضوء، باب: وضع الماء عند الخلاء، (143).

[106] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-15.HTM#_ftnref3) - أخرجه مسلم – كتاب: الإيمان، باب: بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها، وفضيلة الحياء، وكونه من الإيمان، (35)،(58)
[107] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-15.HTM#_ftnref4) - أخرجه مسلم – كتاب: الإمارة، باب: وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، (1844)، (46)
[108] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-15.HTM#_ftnref5) - أخرجه البخاري – كتاب: الأدب، باب: إثم من لا يأمن جاره بوائقه، (6016)
[109] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-15.HTM#_ftnref6) - أخرجه مسلم – كتاب: المساجد، باب: كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحالوكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، (560)، (67)

************************************************** ************************************************** ***************************

الشيخ عبد المحسان العباد -حفظه الله-


عن أبي حمزة أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) رواه البخاري و مسلم .

هذا حديث عظيم، بين فيه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن من كمال الإيمان في المؤمن والمسلم أن يكون محباً لأخيه ما يحب لنفسه، وأن يكره له ما يكره لها، فيكون حريصاً على الخير لنفسه ولغيره، ولا يكون شأنه متعلقاً بنفسه فقط، وأما غيره فلا يهمه شأنه، ولا يعيره اهتماماً؛ بل عليه أن يحب الخير لغيره كما يحبه لنفسه؛ وكذلك يكون الأمر فيما يقابل ذلك من الكراهة، فيكره لغيره ما يكرهه لنفسه.

الإيمان يزيد وينقص

في قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم)، نفي كمال الإيمان، وفي هذا دليل على أن الناس يتفاوتون في الإيمان، وأن الإيمان يزيد وينقص، وقد جاءت الآيات والأحاديث الكثيرة الدالة على أن الإيمان يزيد وينقص، وأن الناس يتفاوتون فيه، فمنهم من يكون متصفاً بالكمال، ومنهم من يكون بين ذلك.

وهذا الحديث فيه نفي الكمال عمن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ومن كمال الإيمان في حقه أن يحب لغيره ما يحب لنفسه.
المراد بالأخوة في قوله : ( لأخيه )

قوله: (لأخيه)، قيل: إن المراد بذلك أخوة الإسلام والإيمان، لما جاء في الحديث: (المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وحديث: (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)، وعلى هذا فيكون ذكر الأخوة هنا المراد بها: أخوة الإسلام.

وفي التنصيص على ذكر الأخوة ما يشعر بأن المطلوب من الإنسان أن يعطف على أخيه، وأن يحرص على فائدته، وأن يحب له ما يحب لنفسه، وأن يشعر بالاهتمام به، وأن يعطف عليه، وهو يختلف عما لو قال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب للمؤمن ما يحب لنفسه؛ لأن التعبير بالأخوة هنا فيه إفادة هذا المعنى.

ومن العلماء من قال: إن المراد بالأخوة هنا الأخوة العامة التي هي أخوة النسب البعيد العالي، ويدخل في ذلك الكفار؛ لأنهم إخوة في النسب من جهة أن أبا الجميع هو آدم عليه الصلاة والسلام، ثم نوح، ثم إبراهيم، فيكون المقصود بالأخوة ما هو أعم من الأخوة في الإسلام، ويكون المقصود من ذلك: أنه يحب لأخيه في النسب العالي البعيد الهداية والاستقامة، وأن تحصل الهداية للكافر كما حصلت الهداية له، فتكون الأخوة هنا أعم.

وقد جاء في القرآن إطلاق الأخوة على هذا المعنى، كما قال الله عز وجل: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ [الشعراء:105-106]، فإن هذه أخوة نسب وليست أخوة إيمان، وكذلك جاء في حق رسل الله عز وجل -مثل هود وصالح وشعيب- ذكر الأخوة، وهي بمعنى أخوة النسب وليست أخوة الإيمان.

والغالب أن الأخوة إذا ذكرت مطلقة في النصوص فإنما يقصد أخوة الإيمان، فيكون التعاطف والتواد والتراحم والتواصل والألفة والمحبة بينهم بسبب أخوة الإسلام.

نعم، لا شك أن الإنسان يحب لغيره من الكفار الهداية، ويدعو لهم بها، ويسأل الله عز وجل لهم ذلك؛ ولكن ما جاء في مثل هذا النص فالغالب أن يكون المراد به هو الأخ المسلم، ولهذا جاء في الحديث: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله ..)، فيكثر ذكر الأخوة بين المسلمين والترابط ولقوة الصلة بينهم.
وجوب معاملة الإنسان لغيره كما يجب أن يعاملوه

قال عليه الصلاة والسلام: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )، أي: وكذلك أيضاً يكره له ما يكره لنفسه، ويدخل تحت ذلك كون الإنسان يحب أن يعامل معاملة طيبة، فكذلك عليه أن يعامل غيره معاملة طيبة، فيعامل الناس بمثل ما يحب أن يعاملوه به.

وقد جاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما في حديث طويل قوله صلى الله عليه وسلم: (فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه)، هو بمعنى: (يحب لغيره ما يحب لنفسه)، فكما أنه يحب أن يعامل معاملة طيبة فعليه أن يعامل غيره معاملة طيبة، ولا يكون بخلاف هذا الوصف الذي أرشد إليه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وقد ذكر الله عز وجل في كتابه ذم من يكون كذلك فقال: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ [المطففين:1-3]، فهم عندما يأخذون حقهم يستوفونه ويأخذونه كاملاً، وعندما يؤدون الحق الذي عليهم يبخسونه وينقصونه؛ فيأخذون الحق كاملاً، ولا يعطون الحق الذي عليهم كاملاً.

ويدخل تحت هذا البخس: أولئك الموظفون الذين يتأخرون عن أعمالهم، ويضيعون شيئاً من الوقت المطلوب منهم والمفروض عليهم دون أن يستعملوه فيما يعود على الناس بالخير والفائدة، فهذا من قبيل البخس ومن قبيل أخذ الحق كاملاً وتأدية ما عليه ناقصاً، فهو لا يحب أن يخصم شيء من راتبه؛ ولكنه لا يبالي إن ضيع شيئاً من الوقت المفروض عليه دون أن يصرفه فيما يعود على الناس بالخير.

وكذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله ينهاكم عن ثلاث: عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعاً وهات)، بأن يأخذ ولا يعطي، ويكون جموعاً منوعاً، يحب أن يصل إليه الشيء ولكن لا يصل منه شيء، فهو يطلب ولكن لا يعطي، هناك دخول عليه وليس هناك خروج منه، وهذه صفات ذمها الله عز وجل، وكذلك جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم ذمها ومنعها، وهي تخالف ما أخبر به الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث في قوله: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

أبو يوسف عبدالله الصبحي
30-Sep-2014, 11:23 AM
جزاك الله خيراً والافضل ينقل الموضوع إلى منبر الحديث

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
30-Sep-2014, 01:38 PM
بارك الله فيك وزادك الله حرصا

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
26-Oct-2014, 07:04 PM
وإياك أخي الفاضل