المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [ سكوت أبي داود في سننه ]



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
10-Oct-2014, 03:25 PM
- مباحث في علم مصطلح الحديث -
- سكوت أبي داود في سننه -


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وآله أجمعين وبعد:

سأل أهل مكة الإمام أبا داود عن صحة ما في كتابه السنن من أحاديث ؟
فقال رحمه الله تعالى : ذكرت فيه الصحيح وما يشابهه وما يقاربه وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح .اهـ
قوله رحمه الله ذكرت فيها الصحيح هذا واضح وما يشبهه أي الحسن وما يقاربه أي الحديث الصالح ويحتمل الحسن لغيره ( ينظر شرح ألفية السيوطي- لأحمد شاكر1/80)

-وقوله (وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح) أي وما سكت عنه فهو صالح ، وتنازع العلماء في سكوت أبي داود على عدة أقوال:

1- قيل معنى ( صالح ) أي صحيح . وهذا القول نسبه الحافظ ابن حجر كما في النكت(1/436) للإمام ابن عبد البر المالكي .

2- وقيل : معنى(صالح ) أي حسن أو صحيح . قاله الحافظ النووي في الأذكار (63)
وقال الحافظ العراقي:الصالح يشمل الصحيح والحسن فلا يرتقي إلى الأول إلا بيقين . ذكره السيوطي في التدريب (124)
وقال الحافظ الزركشي في النكت على مقدمة ابن الصلاح (108)وقوله ( صالح ) أراد به القدر المشترك بين الصحيح والحسن هذا إن كان أبو داود يفرق بين الصحيح والحسن وأما إن كان يرى الكل صحيحاً ولكن درجات الصحة تتفاوت وهو الظاهر من حاله فذلك أقوى في الإعتراض على ما نقل عنه الحكم بكونه حسن . نعم جاء عن أبي داود أيضاً : ما سكت عنه فهو حسن . إلا أن الرواية لسنن أبي داود مختلفة يوجد في بعضها كلام وحديث ليس في الأخرى.اهـ
معنى كلام الزركشي:إذا كان أبو داود يقسم الحديث المقبول إلى صحيح وحسن فالصالح عنده داخل في هذين النوعين وإذا كان لا يقسم المقبول ويرى أن الحديث إما صحيح وإما ضعيف فالصالح داخل في الصحيح ودرجات الصحة تتفاوت .

3-وقيل معنى(صالح ) أي حسن عنده .
قاله شيخ الإسلام في الإقتضاء (166)وهو قول الحافظ ابن الصلاح في المقدمة(182)وقاله أيضاً الحافظ ابن كثير في تفسيره ( 1/99) وفي اختصار علوم الحديث (38)
وقال الحافظ السيوطي في التدريب(123)فإن صح ذلك أي نسبة هذا القول لأبي داود – فلا إشكال – يعني أنه لا إشكال فيما سكت عنه لأن معناه عرف وهو الحسن عنده .اهـ
- وقال المحدث الألباني في مقدمة سنن أبي داود( 1/14) :فالرواية إن صحت فهي صريحة بمعنى
السكوت.اهـ
وقال المحدث أحمد شاكر في شرح ألفية السيوطي(1/83) فالأولى أن يحمل – أي السكوت – على أنه حسن عنده ولا يرتقي إلى درجة الصحة وإن جاز أن يبلغها لأنه أحوط .

4- وقيل معنى(صالح ) أي صالح عنده .
قاله الحافظ ابن حجر في القول المسدد(10)وقال الحافظ السيوطي في التدريب (122)فالأحوط الإقتصار على الحسن وأحوط منه التعبير عنه بصالح .وقال الحافظ السخاوي في فتح المغيث (1/143)فالأحوط أن يقول المسكوت عليه : صالح كما هي عبارته خصوصاً وقد سلكه جماعة.

والتحقيق : أن (صالح ) أعم من أن يكون للاحتجاج أو الإعتبار فما ارتقى إلى الحسن أو إلى الصحيح فهو بالمعنى الأول أي الإحتجاج ، وما عداهما فهو المعنى الثاني أي الإعتبار.
قاله المحدث الألباني في مقدمة سنن أبي داود(1/15) والمحدث مقبل الوادعي في المقترح(68)
لعدة أمور :
أولها : أنه يسكت على أحاديث مخرجة في الصحيحين أو على شرطهما ، ولا يقال هذا من قبيل الحسن ، ويسكت على أحاديث ظاهرها الحسن وربما ظاهرها الضعف لكن ليس بضعف شديد . ( ينظر النكت على مقدمة ابن الصلاح لابن حجر (1/435) وفتح المغيث للسخاوي (1/142)

ثانياً: أن أبا داود ذكر في رسالته لأهل مكة: أن ما كان فيه ضعف شديد بينته .
مفهوم كلامه:أن الضعف اليسير لا يتكلم عليه لأنه يصلح للإعتبار .

ثالثاً : أنه روي عنه أنه قال ( وما سكت عنه فهو حسن ) ذكره الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث(38) بصيغة التمريض . والرواية المعروفة ( وما سكت عنه فهو صالح )

رابعاً : أنه قد يسكت على الحديث ويضعف رجاله في موضع آخر . قال المحدث أحمد شاكر في الباعث (40)وأما قول ابن كثير من ذلك أحاديث ورجال قد ذكرها في سننه ، أراد به أنه ضعف أحاديث ورجالاً في سؤالات الآجري وسكت عليها في السنن فلا يلزم من ذكره لها في السؤالات بضعف أن يكون الضعف شديداً فإنه يسكت في سننه على الضعف الذي ليس بشديد كما ذكره هو .

وكتبه
بدر بن محمد البدر