المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الردعلى المستشرقين وغيرهم في طعنهم في النبي صلى الله عليه وسلم



أبوصهيب طارق بن حسين
31-Oct-2014, 10:54 PM
الرد على المستشرقين وغيرهم في طعنهم في النبي صلى الله عليه وسلم
إن بعض أهل الأهواء أو بالأصح المستشرقين والمستغربين الذين يريدون أن يطعنوا في هذا الإسلام وفي القرآن وفي كذلك نبي الإسلام - عليه الصلاة والسلام - يأتون إلى بعض الأدلة فيفهمونها بفهمهم السقيم وسأبين مثالًا لما استدل به بعض هؤلاء المستشرقين على أن النبي - عليه الصلاة والسلام - كان على دين قومه بمعنى أنه كان يتمسح ويعبد الأوثان والأصنام وكان يأكل أيضا ما ذُبح على النصب تقربًا لهذا النصب أو هذا الصنم وكان يفعل ما يفعله كفار قريش من مظاهر الكفر والشرك والضلال والشك وإلى آخره من كلامهم العفن، استدلوا بقول الله - تبارك وتعالى -﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ﴾ [الضحى:7] قالوا هذا دليل على أن النبي - عليه الصلاة والسلام - كان على دين قومه تمامًا كان ضالًا يعبد الأصنام ويفعل ويفعل حاشاه - عليه الصلاة والسلام - بأبي هو وأمي فنقول لهؤلاء هذه الآية ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا﴾ ما معنى الضلال في هذه الآية؟
وإذا كنتم تعرفون أن القرآن قد نزل بلغة العرب فما معنى كلمة الضلال في لغة العرب؟
وكيف تستعمل هذه الكلمة؟
لا بد أن نعرف جميعا أن كلمة ضل أو ضلل أو مادة ضلل أو ضال أو ضلال كلها هذه الكلمات استعملت في القرآن واستعملت باللغة في عدة معانٍ، فمن ذلكم نجد أن من معانيها في القرآن وفي لغة العرب المفارقة وشدة البعد عن الشيء، عندما تفارق شيئا وتبتعد عنه يُقال هذا ضال ضل أي بعد وفارق الشيء فإذا فارقت الأماكن سُميت ضالا، إذا فارقت الأشياء، إذا فارقت الأعمال، فالضلال يؤدي إلى البعد، والمفارقة، والغَيبة، والنسيان، والضياع كل هذا من معاني الضلال.
ولهذا سأذكر الآن الأدلة من كتاب الله - تبارك وتعالى –
ϖ أليس الله - عز وجل – يقول: ﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ﴾ [السجدة:10]
هذه الآية ما معنى هنا ضللنا في الأرض؟
هذه الآية معناها أي غُيِّبنا في الأرض، والمراد به الميت إذا دُفن وغُيِّب تحت التراب وصار بعد ذلك أو قد تحول إلى ماذا؟ أي جسمه غاب في التراب وانتشر فصار بين التراب ﴿أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ ﴾، هذا المعنى الأول.
ϖ كذلك الله - عز وجل - يقول عن الكفار حينما يأتون يوم القيامة فتغيب عنهم الآلهة التي كانوا يعبدونها وتبتعد عنهم فما تنفعهم فهذا الغياب ماذا قال الله عنه؟ ماذا خاطب المشركين؟ ماذا قال لهم ؟ قال سبحانه عن غياب هذه الآلهة عمن أو ممن أشركوا به من المشركين يقول الله: ﴿وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [الأنعام:24] ضل عنهم أي ابتعد وغاب ما نفعهم ضاع.
ϖ وكذلك من معاني الضلال ضلال الأعمال أي ضياع الأعمال وعدم رجوع منفعتها على صاحبها فلا تُحسب في ميزان حسناته أليس الله - عز وجل - يقول في القرآن: ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾[الكهف:104] ما معنى ضل سعيهم؟
أي أنه ضاع وما ينفعهم هذا العمل الذي عملوه في الدنيا، إذًا هذا بمعنى البُعد والمفارقة إذًا المفارقة قد تكون للمكان قد تكون للطريق فيضل عن المكان هذه معانٍ كثيرة.
لهذا أخوة يوسف - عليه السلام - ماذا قالوا لأبيهم عندما رأوا أباهم يحب يوسف ويقربه، رأوا أن هذا هو إبعاد ومفارقة لهم كونه يقرب يوسف فقالوا له أو قالوا وهم يتشاورن بينهم البين ﴿إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [يوسف:8] ما معنى في ضلال مبين؟ هل كان يعبد الأصنام والأوثان؟
إنما أرادوا التقريب والبعد فأُبعدوا هم بتقريب يوسف أو بتقريب أبيهم ليوسف - عليه السلام - فسموا ذلك ضلال مبين هذا يدل على البعد والمفارقة، ويؤكد ذلك أنهم لما التقوا بيوسف وحصل ما حصل وأتوا بالقميص قال الله - عز وجل - عندما جاءوا إلى أبيهم ﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ ﴿٩٤﴾ قَالُوا تَاللَّـهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ﴾ [يوسف] ضلالك القديم يعني على ما أنت عليه تحب يوسف وتقربه ويلزم من ذلك أن تباعدنا أو أن تبعدنا وتفارقنا.
ϖ وكذلك امرأة العزيز عندما فعلت ما فعلت مع فتاها يوسف - عليه السلام - اتهموها النسوة بالضلال ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾ [يوسف:30] ما هو هذا الضلال المبين الذي حصل من هذه المرأة؟ قالوا إنها فعلت شيئًا يخرج عن طبع الحرة؛ لأن الحرة والحرائر لا يراودنَّ غلمانهن هذه راودت من؟ راودت فتاها فهذا شيء يخرجها ويباعدها ويفارقها عن باقي الحرائر فسموا ذلك ضلالًا مبينًا.
ϖ بل من معاني الضلال النسيان يقول الله - عز وجل - عن قضية الشهادة بالنسبة للمرأة ﴿أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخْرَىٰ﴾ [البقرة:282] ما معنى هذا تضل هنا؟ أي تنسى.
إذًا هذا كله من معاني الضلال فأصل هذا المعنى أو أصل هذه الكلمة هو البعد والمفارقة.
إذًا ما معنى قول الله - عز وجل -: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ﴾ ؟
أي بمعنى أنه لما كان المشركون من أهل مكة مجتمعين على الكفر ومجتمعين على الشرك ومجتمعين على عبادة الأصنام والأوثان وأنت يا محمد قد فارقتهم على ما اجتمعوا عليه، ما كنت معهم تعبد الأصنام ولا تسجد لها ما كان - عليه الصلاة والسلام - يعظمها ولا يتقرب إليها.

المصدر
الدرس السادس من السيرة النبوية
للشيخ عرفات المحمدي
وفقه الله