المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [منهجية] الأجوبة السنية على الأسئلة القيروانية



أبو بكر يوسف لعويسي
26-Nov-2014, 11:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم .
وبعد :
هذه ثلاث أسئلة وردت إلي من بعض إخواننا من مدينة القيروان ( تونس ) حفظها الله من شر التكفيريين والمميعة الحزبيين .. وحمل أهلها على الوسطية والاعتدال ...اللهم آمين .

سؤال 1 :السلام عليكم ورحمة الله . ما هو حد المدارات ؟! وكيف نداري أهل البدع في بلد فيه سوادهم وفيه أهل السنة قلة ؟!
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
أما بعد : حياك ربي بالسلام ومرحبا بك :
أخي إذا عرفت معنى المداراة بالتاء المربوطة وليس بالتاء المفتوحة عرفت حينئذ من تداري ومن تجاف وتهجر ، قال الأزهرِيُّ. {والمُدَارَاةُ حُسْن الخُلُقِ والمُعاشَرَةِ مَعَ الناسِ.
وقال : ودَارَاهُ مُدارَةً: لايَنَهُ ورَقَّقَه.
وقيل هي: ملاينة الناس ومعاشرتهم بالحسنى من غير ثلم في الدين، في أي جهة من الجهات، والإغضاء عن مخالفاتهم في بعض الأحيان، والمدارة هي درء الشر المُفسد بالقول اللين وترك الغلظة أو الإعراض عنه إذا خيف أشد منه أو مقدار ما يساويه.
والمداراة هي التمسك بالحق ، والتلطف في إيصاله للخلق ، بمعنى أنك تتمسك بدينك ولا تتنازل عن شيء منه مما هو واجب ، وتبحث عن السبيل اللائق والمناسب لإيصال هذا الحق الواجب إلى الغير دون تنازل عن شيء من الدين الواجب ، والأخلاق الواجبة .
أو هي درأ ودفع الشر بالتي هي أحسن أو بشيء من الرفق واللين والغض عن الفاسق والمخالف سواء كان مسئولا أو غير مسئول ، قريب أو بعيد عن بعض ذلك من أجل الوصول إلى إصلاحه أو إصلاح دنيا أو دين أو دفع ضرر متوقع .
وعليه إذا كان الأمر كما تقول فإن أهل البدع ليسوا على مرتبة واحدة لأن البدع ليست على مرتبة واحدة ، فمنها المكفرة ومنها المفسقة ،ومنها دون ذلك ، فمن كان منهم رأسا في ذلك أو قريبا من الرؤوس وأمره واضح ووجهه إليهم وظاهره التعصب لهم يدعو إلى ما يدعون إليه ويناصرهم، ويستميت الدفاع عنهم ويغضب ويتعصب لذلك ، فهذا لا خير فيه ..
وإذا كان السواد الغالب لهم - كما تذكر - وأنت وبعض إخوانك غرباء بينهم فهذا مداراتهم هو هجرهم هجرا وقائيا بالابتعاد عنهم ، وترك مجالسهم والبعد عنهم بعدكم من المريض بالجرب حتى لا يعدوكم ببدعهم، فإن الشبه خطافة ، وضعيف العلم سهل الاختطاف ، والوقاية خير من العلاج ..
أما إن كان المسئول عنه عاميا تابعا مقلدا وجاهلا ، أو متسترا وسط أهل السنة لا يظهر شيئا من البدع ، ولا يغضب ولا يتعصب ، وإنما تأخذه العاطفة لهم إذا انتقدوا أو بين ضلالهم بحكم الإسلام وأنهم مسلمون ، فهذا يدارى ويتلطف معه ويبين له ويترفق به ويلاين له الحديث ، وأحسنوا إليه بالأخلاق الجميلة والحسنة ، وناقشوه بالحجة والبرهان ، ونقل كلام أهل العلم له في أهل البدع في محيطه حتى تزال عنه الشبهة وتتضح له الرؤية ، فإن رأيت فيه ليونة وخفض الجناح وحب الاستماع وتعظيم الحق وحب العلماء الذين تنقل له كلامهم واصل معه المرة بعد الأخرى ، وحاول تحسن معاملته في كل مرة ، وأكرمه ، فإن الإحسان إليه وحسن الخلق سيؤثر فيه ويستجيب ..
أما إن بان لك حاله وأنه لا خير فيه ، يجادل بالباطل والشبه ويتبع المتشابه ،ويراوغ روغان الثعالب ، ويمكر مكر النساء وكيدهم فانفضوا أيديكم منه بعد ذلك كله ، وألحقوه بمن هجرتموهم ، واصبروا صبر أيوب ، وصبّروا أنفسكم على الطريق القويم والصراط المستقيم ولا تستوحشوا من قلة السالكين ، وتيقنوا أن هذا هو طريق أهل الحق وأنهم مروا من هنا قبلكم فأنتم على أثرهم فلا ترجعوا عنه ، واعلموا أن من تصبّر يصبره الله ، وأن العاقبة للمتقين .
فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم :<< بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء >> رواه مسلم .وفي رواية :<< فقيل منهم يا رسول الله ؟؟<< قال هم النزاع من القبائل >>.قال البغوي في شرح السنة(1/10/2)هذا حديث صحيح .
وقال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه - :(( الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك )) .
فإذا عرفت منهج السلف أصولا وفروعا واستقمت عليه ؛ فقد عرفت الصراط المستقيم والمنهج القويم وعرفت من كان عليه من أهله فألزمه ، ولا تبغي به بديلا ، واصبر على حر الغربة صبر القابض على الجمر ولا تأخذك العاطفة ولا تقبل مساومة عليه واعلم أن العاقبة حميدة ، والحياة بعدها طيبة سعيدة ، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز .
سؤال 2 : هناك من يستدل – من بعض أهل الأهواء - بكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية على رد مسألة الامتحان بالرجال ؟؟ وقال (20/164): "وليس لأحد أن ينصب للأمَّة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويُوالي ويُعادي عليها غير النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويُعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمَّة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرِّقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويُعادون".فكيف الرد عليهم ؟!
الجواب : يقال لهم : "هذا كلام حق أريد به باطل ، ونحن السلفيون لم ننصب شخصا نوالي عليه ونعادي عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى الصحابة رضوان الله عليهم ، لا يجيز أن ننتصر ونتعصب ونتحزب لأحد منهم دون البقية ،فإن المنهج الذي كانوا عليه يأبى ذلك ، وهكذا على مر العصور والدور لا يجوز لطائفة أن تنصب أحدا من العلماء والمشايخ تجعله رئيسا يتعصبون له ولأقواله ، وأفعاله ، ويستميتون الدفاع عنه وينزهونه عن الخطأ ويجعلونه خطا أحمر لا يجوز أن يتجاوز بالنقد والنصيحة ، وعلماء السلف متفقون على هذا ويذمون التعصب والتقليد الأعمى من غير حاجة ولا ضرورة للمذاهب السنية المعروفة فكيف بغيرها ؟؟؟
ولذلك يقال لهم : السلفيون لا يتعصبون لا للشيخ ربيع ، ولا للشيخ الفوزان ولا للشيخ عبيد ، ولا للشيخ محمد بن هادي ولا لغيرهم من العلماء المعروفين ، وهؤلاء العلماء لا يرضون بذلك لأنفسهم .. وهذه تهمة باطلة يروج لها طائفتان – هداهم الله إلى سواء السبيل – الحدادية ، والحلبية ، يرمون بها السلفيين مع أن أننا لو عكسنا الأمر حسب واقعهم لكان العكس هو الصحيح ، وفعلهم ذلك من باب رمتني بدائها وانسلت ..
وإذا حصل من بعض المحبين من هنا وهناك فهذا لا يعني التعصب ولا التحزب لأنه بحق وصدق فيما يظهر للمحب ، وهذا ممدوح لا مذموم وليس من قبيل التحزب في شيء ، وإلا يعكس عليهم نفس القول فهم أيضا نصبوا شخصا أو أشخاصا وتعصبوا لهم وغضبوا لأجلهم بغير حق ، بل بالهوى والباطل ..
والواجب على السلفي أن يلزم غرز العلماء المعروفين والمشهود لهم بالعلم والفضل والغيرة على السنة ولا منهج السلف ، والذين أثنى عليهم الكبار ، وهم كبار في العلم والسن ، فينبغي أن نوقرهم ونحترمهم ، ونجلهم ونطيعهم فيما أفتوا به وبينوه بدليله ، من أمور مستجدة أو خفية ، ومن عقائد وأحكام ومعاملات من جرح وتعديل ، فمن جرحوه فهو المجروح بحق حتى لو تباكى عليه من في الدنيا إلا أن يراجع ويتوب فهو المولى والحبيب بعدها..
ومن عدلوه ووثقوه فهو الموثق إلا أن ينقض توثيقه غيرهم من العلماء المعتبرين من أهل هذا الشأن وفرسانه بجرح مفسر معتبر فيقدم على التعديل والتوثيق إلا أن يرده المعدلون وينكرونه ، وأنه على غير ذلك ، وقد علموا ذلك الجرح على غير حقيقته فردوه وبينوه ففي هذه الحالة يقبل قول المعدلين لأن عندهم زيادة علم على المجرح ....
وهذا استجابة لقول الله تعالى :{ أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } وأولوا الأمر منا هم العلماء والأمراء ، فطاعتهم واجبة في طاعة الله وفي الحق الذي أفتوا به وبينوه بالدليل الراجح الواضح ..
أما في الواضحات في الأصول والفروع فلا يجوز تقليد أحد فيها مهما كان ، ولا يقلد إلا غبي ، أو جاهل متعصب ، فالتقليد مذموم إلا ما كان لضرورة ، وهذا ما كان عليه – ولا يزال - أهل التحقيق من العلماء الربانيين ، وراجعوا فضلا لا أمرا في هذا ما كتبه الشاطبي في كتابه الاعتصام ، وابن القيم في كتابه إعلام الموقعين رحمهما الله..
فالسلفيون براء من التحزب والتعصب المذموم لإمام معين ، وشخص منصب ، بل هم يميزون بين الحق والباطل ، وبين الحجة والشبهة وبين الراجح والمرجوح ، وبين التكفيري الحدادي ، والتمييعي الغالي والجافي ، وبين المرجئ الهالك ، والسني لطريق الهدى سالك ، فقد وضحت الطريق السوية المعتدلة لكل ذي بصيرة منصف ..
وأخطاء بعض السلفيين لا تعمم على المنهج الحق ولا على جميع السلفيين ، وإلا فالمعترض عنده أضعاف ؛ أضعاف ما يستنكره على بعض السلفيين ..
سؤال 3 :أحمد الحازمي يقول : الإقرار بتوحيد الربوبية كاف في إقامة الحجة على المشركين . فهل هذا القول باطل؟
الجواب :
أولا : الحازمي هذا رجل هالك حدادي تكفيري خطير فقد استمعت له بعض الأشرطة ، وقرأت له بعض الشروح فهو لا يعذر بالجهل مطلقا ويكفر حتى بالشبه والتأويل ، وقد تكلم عليه العلماء وبينوا حاله فاحذروه .
ثانيا : الإقرار بتوحيد الربوبية يقر به كل الخلائق ، ولم يعرف عن أحد من البشر أنه أنكره حقيقة إلا مكابرة أو عناد مثل فرعون ، والنصارى الذين يقولون بالتثليث ، و الذين يقولون بالإلهين إله النور( الخير ) وإله الظلام(الشر ) وإلا في الحقيقة كل البشر فطروا على توحيد الربوبية والإقرار به ؛ فقد أخذ الله عليهم الميثاق يوم خلق آدم ومسح ظهره فقال لهم :{ ألست بربكم قالوا بلى ، أن تقولوا يوم القيامة ما جاءنا من نذير } وكل من سألته في هذه الدنيا من خلق السموات والأرض ؟؟
يجيبك بأنه الله ، وكذلك إذا ضاق بهم الحال واشتد بهم المحال تضرعوا إلى الله بالسؤال فأقروا به ورجعوا إليه وعرفوه في الشدة وأشركوا به في الرخاء..
واليوم ربما هناك من يشرك في الرخاء والشدة وينتسب إلى الإسلام ولكنه يلهج بالإسلام وأعمال الإسلام ويخلط هذا بهذا ؛ وذلك لجهلهم بحقيقة التوحيد ، بسبب الاستعمار وأئمة الضلال من أرباب الطرق والتصوف الذين صورا التوحيد في الاستغاثة بالمخلوق والتبرك والتقرب بالذبح والدعاء إلى غيره سبحانه والاستعانة بغير الله تعالى والرجاء والخوف ممن لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ، وإن كان هذا من الشرك بالله ، فليس مجرد الوقوع فيه عن جهل وعجز عن بلوغ الحجة وفهما لها على مراد الله هو مشرك ..
والرجل يقصد بقوله المشركين المسلمين الذين لهم اسم الإسلام ولكنهم وقعوا في شيء من ذلك مما وصفت فهم عندهم مشركون لا يعذرون .. بل يقال له : لو كان الإقرار بتوحيد الربوبية يكفي لإقامة الحجة لما كان أي فائدة لإنزال الكتب وإرسال الرسل..لأن الله أخذ على البشر الميثاق وأقروا له بتوحيد الربوبية وأنه خالقهم سبحانه ..
ومادام اقروا بذلك فلماذا يرسل لهم الرسل وينزل عليهم الكتب ؟؟ ومن يقول بهذا القول أن الإقرار بتوحيد الربوبية كاف في هذه الحالة فهو تكفيري ويقصد بذلك ، عدم العذر بالجهل مطلقا ، والتكفير بمجرد الوقوع في شيء من الشرك أو الكفر أو البدعة لعدم ورود الحجة عليه أو العجز عن بلوغها أو عدم فهمها على مراد الله تعالى ، بأن إقامة الحجة على الخلق قامت بالميثاق ، فهذا قول باطل ، وإلا ما فائدة إرسال الرسل وإنزال الكتب كما قلت ، والله يقول {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } ويقول :{ رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على حجة بعد الرسل } .ويقول : {وما كان الله يضل قوما بعد أن هداهم حتى يبين لهم ما يتقون }.
فكيف يتقون الشرك والوقوع فيه وهم يجهلون حقيقة شرك ، كما يجهلون حقيقة التوحيد، أو أنهم عجزوا عن بلوغ الحجة لبعد ديارهم عن العلم ،والعلماء الذين يقيمون الفهم الصحيح للدين الذي أرسل الله به رسوله أو عن فهم الكتاب والسنة فهما على مراد الله مراد رسوله كيف يتقون ذلك وليس عندهم الحجة التي يتقون بها ؟؟؟
إذا كان يقصد هذا – واعتقادي أنه يقصده - وأن الحجة قامت على البشر بالميثاق ، فقامت الحجة على من وقع في شيء من الكفر أو الشرك بالجهل وليس بالعناد وبعد إقامة الحجة فهذا قول باطل مخالف لمعتقد أهل السنة والجماعة...
أما إذا كان يقصد أن توحيد الربوبية كاف في إقامة الحجة بعد دعوتهم إلى توحيد العبادة ، وبيان الدين الصحيح لهم في العموم ولم يستجيبوا وذلك من باب الإلزام كما ألزم الله تعالى المشركين بتوحيد الربوبية الذي أقروا به ، بمعنى أنهم كما أقروا بتوحيد الربوبية يلزمهم أن يقروا بتوحيد العبادة ومع ذلك لم يقروا ولم يستجيبوا وبقوا على حالهم وشركهم فهذا حق وقد قامت عليهم الحجة ، ولكن ليس بمجرد إقرارهم بتوحيد الربوبية بل مع دعوتهم وإبلاغهم الدين وإلزامهم الحجة والبرهان على توحيد الإلوهية بتوحيد الربوبية الذي يتقون به عقاب الله وسخطه ، هذا هو الحق ..
وختاما نصيحة مهمة غالية :
فإني أنصحك ومن وراءك من السلفيين أن لا تخوضوا كثيرا معهم في هذه المسائل ، منها مسألة العذر بالجهل ، وجنس العمل ، ومسألة الحاكمية ، وتكفير الحكام ، وواقع المسلمين من ثورات ومظاهرات وحزبيات والخوض في السياسة التي عليها واقع الدول الإسلامية فهذه مسائل كبيرة شائكة وهي ديدن التكفيريين وشغلهم الشاغل عليها يصبحون وعليها يمسون يلقون الشبه ويتبعون المتشابه ، ويدغدغون عواطف العامة بها في هذا العصر وهي علامات يعرفون بها ، فعليكم بالعلم على جادة السلف اشتغلوا به ولا تلتفتوا إليهم وعليكم بالعلماء السلفيين المعروفين والأخذ بنصائحهم ، وإرشاداتهم وفتاواهم واستنيروا بها وبلغوها من استطعتم من إخوانكم .. وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه .

وكتب :

أبو بكر يوسف لعويسي

الجزائر3/1/1435هـ

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
27-Nov-2014, 08:21 AM
جزاك الله شيخنا الفاضل وحفظ الله تونس وجميع بلد المسلمين ...

أبو هنيدة ياسين الطارفي
27-Nov-2014, 11:10 AM
جــزاك الله خيرا ونفع بك ...
وحفظ الله إخواننا السلفيين في تونس الجارة الحبيبة ودفع عنها كل شر .....