المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مَع الشَّيْخِ مُحَمَّد الإِمَام -وَفَّقَهُ اللهُ- تَنْبِيهٌ وَوَقْفَةٌ



أبو هنيدة ياسين الطارفي
13-Dec-2014, 12:26 AM
مَع الشَّيْخِ مُحَمَّد الإِمَام -وَفَّقَهُ اللهُ-
تَنْبِيهٌ وَوَقْفَةٌ

بِقَلَم:
نزار بن هاشم العباس
خرِّيج الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة النبويَّة
والمشرف على موقع راية السَّلف بالسُّودان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه..
أما بعد؛ فقد قال محمد الإمام -هداه الله- في جواب سؤالٍ وُجِّه له في كلمته لبعض طلبة العلم بالسودان، (بتأريخ2/ربيع الثاني/1434هـ)، ونصُّ السؤال: كيف يوفِّق طالب العلم بين حفظ متونه العلمية وشروحها وقراءة الكتب المنهجية ككتب الشيخ ربيع -حفظه الله- وكتب الشيخ الألباني -رحمه الله- وغيرهما من علماء السنَّة؟! فقال:
«إذا أنت تطلب العلم على يد عالم فخذ بالتوجيهات في التدرج في طلب العلم وفي البدء بالأهم فالأهم حسب ما يوجهك، فالكتب المنهجية هذه لا يحتاج إلى الإكثار من القراءة فيها بحيث تأخذ وقتاً كبيراً، المطلوب القراءة في الكتب التي يعني ما يتعلق بكتب العقيدة، بكتب... يتعلم واحد اللغة العربية، يتعلم مصطلح الحديث، يتعلم أصول الفقه وهكذا بحيث يصير عنده ملكة علمية وأسس يقوم عليها العلم الذي يريد أن ينشره ويريد أن يظفر به. فالإقبال على الكتب المنهجية هذا يكون حسب الحاجة حسب الداعي ولا يكثر من ذلك على حساب العلوم التي هي أهم من ذلك. أيضاً الشخص بحاجة إلى أن يقرأ في كتب الزهد حتى يحصل له إصلاح لقلبه؛ فإن هذا مما كان عليه السلف فتجد كثيراً من علماء الحديث ألفوا كتباً في الزهد وما ذلك إلا لحرصهم على إصلاح قلوبهم فإن الإقبال على المسائل التي فيها الخلافات والجدالات هي تقسي القلب شيئاً فشيئاً، فمن طريقة علماء الحديث ومن حرصهم وإدراكهم لأهمية الأمور أنهم لم يكونوا ينشغلون بهذه الأشياء كثيراً بل ينشغلون بالزهديات حتى تبقى القلوب مواتية فيها من الخشية ومن الرغبة فيما عند الله والإقبال على الله عز وجل، والله المستعان»!!! [راجع موقع راية السلف بالسودان للوقوف على الوثيقة الصوتية].
وَمَع الشَّيْخِ مُحَمَّد الإِمَام -وَفَّقَهُ اللهُ-تَنْبِيهٌ وَوَقْفَةٌ
أقول: سبحان الله!!! لا أدري ما الحامل على جَعْل كتب المنهج والردود العلميَّة السلفيَّة في قفص الظلم والاتهام الجائر هذا؟؟! فوالله الذي بيده أنفس الخلائق لولا الله ثم ما أجراه الله تعالى على أيدي هؤلاء الأعلام من إظهار أصول وتأصيل منهج السلف الصالح وردِّهم على من خالَفَه من أهل الأهواء والبدع كتابةً وصوتاً لضاع كثيرٌ من شباب الأمة ولتخطَّفَتْه أيادي أحزاب الهوى والضلال -لكن الله سلَّمَ وحفِظَ من حفِظَ- فإنَّ هذه الكتب خاصَّةً في هذا الزمان طلابُ العلم -بشتى درجاتهم على هذه الأرض- في أعظم الحاجات إليها لأنَّـها بعدَ الله حقيقةُ النُّصْحِ لهم؛ حيث توضِّح لهم الصراط المستقيم وتُبْرِز عظمته ونعمة الله على الأمة به وترفع رايته وتكشف عن حقيقته وتزيل عنه وعن أهله السائرين عليه كل الشبهات والتلبيسات وتدحضها وتكشف عوارها وظلامها وعوار أهلها فيستنير طريق الحق بها -وهو بحمد الله مُنَوَّرٌ- وقلوب المؤمنين إيماناً وحياةً ورِقَّةً وخشوعاً وإقبالاً على ربها مولاها, وتبقى الجادَّة الموروثة عن خير خلق الله مُورث العلم -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- بيضاء نقية كما تركها وجعلها أمانةً في أعناق أهل العلم والنُّصْح لا يزيغ عنها إلا هالكٌ.
• قال الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله تعالى-: «اطلبوا العلم، وبالغوا في طلب العلم، وشمِّروا عن ساعد الجد في طلب العلم، وممَّا يساعدكم على إدراك العلم الصحيح كتبُ الردود؛ فإنَّها جزءٌ مهمٌّ جدَّاً من طلب العلم، والذي لا يعرف كتبَ الردود ولو حَفِظَ من العلم ما حَفِظَ فإنه بارك الله فيك في موقف المتزلزل!!»، وقال -حفظه الله تعالى-: «فكتب الردود مكتظَّةٌ بالعلم، ولا تجدون العلمَ الحيَّ النابض الذي يُميِّز بين الحق والباطل إلا في كتب الردود، والقرآن -واللهِ- يردُّ على أهل الكفر والضلال وعلى المنافقين وعلى اليهود وعلى النصارى وما ترك ضلالةً إلا وانتَقَدَها وفنَّدَها وبيَّن ضلالَها، والسُّنَّةُ كذلك ومنهج السلف مليئٌ؛ كتب العقائد وكتب الجرح والتعديل مليئةٌ بالنقد والرُّدود على أهل الباطل، لأن الحق والباطل لا يتمايزان إلا بهذا النقد وبهذه الردود» [شريط أسباب الانحراف ووصايا في المنهج].
• وقال -حفظه الله تعالى-: «ومحاربة ردود أهل السنة في هذا العصر بدأها الإخوان المسلمون الذين كانوا ينشرون الأقوال الباطلة والعقائد الفاسدة والكتب المضللة والطعون الظالمة في أهل السنة، فلما انبرى بعض أهل السنة لرد أباطيلهم وفتنتهم ومكايدهم غرسوا في أذهان الناس الطعن في الرادين وكتب الردود. ومما يؤسف له أشد الأسف أن نرى بعض أهل السنة يرددون ما غرسه الإخوان المسلمون من الطعن في كتب الردود وإنكار الردود على أهل البدع والفتن والضلال» [بيان ما في نصيحة إبراهيم الرحيلي من الخلل والإخلال].
• وسُئِلَ الشَّيخ العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-: أحسن اللهُ إليكم، يقول البعضُ إنَّ الرَّدَّ على أهل الأهواء والبدع مضيَعَةٌ للوقت وأنَّه لا ينفع العوام، فهل هذا صحيح؟!
فأجاب -حفظه الله تعالى-: «مضيَعَةٌ للشخص هذا!! اللي قال هذا الكلام هذا هو الضَّائع أمَّا بيانُ الحقِّ فهو ردٌّ إلى الحقِّ والصَّواب وجمعٌ للأمَّة على الحقِّ والصَّواب. نعم» [محاضرة السَّلفيَّة حقيقتها وسماتها].
• وسُئِلَ كذلك: أثابكم الله، ما رأيُ سماحتكم فيمن يقول إنَّ كتب الرُّدود تُقَسِّي القلوب؟!!
فأجاب -حفظه الله تعالى-: «لا، ترك الرُّدود هو الذي يُقَسِّي القلوب؛ لأنَّ النَّاس يعيشون على الخطأ وعلى الضَّلال فتقسو قلوبُهم. أمَّا إذا بُيِّنَ الحقُّ ورُدَّ الباطل فهذا ممَّا يُلَيِّن القلوب بلا شك. نعم» [فتوى صوتيَّة من موقعه -حفظه الله-].
• وسُئِلَ الشيخ العلامة زيد بن محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله تعالى-: سائلٌ من الإمارات يقول: ما نصيحتكم يا شيخ لمن شغل نفسه من المبتدئين بما بين العلماء من الردود والأقوال ولا يعرف حتى فقه الطهارة وغيرها؟




فأجاب -حفظه الله تعالى-: «نصيحتي له أن يتفقَّه في الدين، في عقيدته وفي الشعائر التعبُّدية، وفي سلوكه وفي منهجه الذي يسير عليه، ومن ذلك كتب الرُّدود التي ردَّ بها السَّلف الصالح وأتباعهم على أهل الأهواء والبدع وما أكثرها في كزمان ومكان. فلا يجوز لأحدٍ أن يتذرَّع بقلَّة الفقه في الطهارة أو الصَّلاة يتذرَّع بذلك ليحرم الناس من سماع كتب الردود وكتابتها والاستفادة منها وقراءتها، وإنَّما الدين كاملٌ فكما يجب أن نتفقَّه في العقيدة وفي الشعائر التعبدية نتفقَّه كذلك في المنهج العملي وفي السُّنَّة لنعمل بها ونتعرَّف على ضدِّها لنجتنبه وهي البدعة. فهذا هو الذي ينبغي أن يكون، فلا يجوز لأحدٍ أن يقول للناس اتركوا هذه الردود واتركوا كذا وكذا وعليكم بكذا!!، هذا بدون علمٍ يقول، لأنَّه إن لم يعرف الشَّرَّ وقع فيه، والرُّدود تبيِّن طريق الخير من طرق الشَّرِّ، فيسمع الشريط ويقرأ الكتاب ويسمع من العالم في جميع مراتب الدين: عقيدةً وشريعةً، سُنَّةً ومنهجاً. وما عُرِفَ لنا أصحاب البدع من قديم الزمان من عهد الصحابة إلى يومنا هذا إلا بواسطة كتب الرُّدود عليهم. فلو لم توجد كتب الرُّدود في الأزمنة والأمكنة ما عَرَفَ الناس أهل البدع ولا استطاعوا أن يُحذِّروا من مبتدعٍ. وعلى أهل الرُّدود عليهم عهد الله وميثاقه أن لا يقولوا إلا الحق، ولا يتهموا مَنْ ليس لهم عليه بيِّنة ومعرفة من كتابته أو مطوياته أو شريطه أو كتابه المؤلَّف. هذي طريقة الرُّدود، وبدون ذلك لا يجوز لأحدٍ أن يردَّ على سبيل الظن والاتِّهام بدون حقيقة. نعم» [لقاء الشيخ أحمد النجمي والشيخ زيد المدخلي في المدينة عام 1427هـ].
ثم أقول على ضوء كلام هؤلاء الأعلام -أثابهم الله- وبالنظر إلى أصول المنهج السلفي الأصيل وأهله: إنَّ كلام الشيخ الإمام -أصلحني الله وإياه- هذا للأسف الشديد يقود إلى أمور ولوازم فاسدة خطيرة تخالف الحق والصواب من كل الوجوه منها:
(1) اتهام علماء السلفيَّة قديماً وحديثاً بأنهم أهل خصومات واختلافات.
(2) أنَّ ما قاموا به من ردود علمية ومنهجية قديماً وحديثاً على سائر المخالفين نوع خصومات واختلافات.
(3) أن ما كتَبَه السلف وألَّفوه -رحمهم الله- من كتب الزهد والرقاق ما ألَّفوه وكتبوه إلا على سبيل المقابلة لما كتبوه وألَّفوه في باب الردود والخصومات والاختلاف -بحسب تعبيره-؛ فإذا قست قلوبهم بذلك رقَّقوها بالرقاق والزهد!!!
(4) وأنَّ كتابة السلف في هذا الباب والأصل -أعني الزهد والرقائق- ليست أصلاً قائما بذاته دعت إليه نصوص الكتاب والسنة وإنما تولَّد ذلك وظهر في مقابل شأن الجرح والتعديل فهو ردة فعلٍ ونتيجة انفعالية وليس بأصلٍ وبابٍ ثبت بالنص!!! ويترتب على ذلك:
(5) التزهيد بل والصرف للأمة وشبابها من طلاب العلم خاصة عن كتب الردود السلفية العلمية على مخالفي الحق.
(6) وكنتيجةٍ حتميةٍ سينصرفون عن علماء الدعوة السلفية ومنهجها لا محالة طلباً لترقيق القلوب والزهادة المزعومة!!! ثم:
(7) الزج بالمسلمين وشبابهم -شَعَرْنَا أو لم نشعر- في أحضان المخالفين لهذه الدعوة السلفية وأهلها من أحزاب الفرق والضلال الذين يرددون للأسف ما قاله وقرَّره الشيخ الإمام في هذا الباب العظيم مخالفين لمنهج السلف وعلمائه كما بيَّنه مشيخة السلفية بالنقل عنهم كما سبق -حفظهم الله من كل سوء-، وحينها ستلتبس عليهم الأمور ولا يميزون بين دعاة الحق ودعوتهم ودعوات الباطل وأهلها -والزمان زمان جهلٍ وفتنةٍ وشبهاتٍ وأهواء- إلى غير ذلك من اللوازم والآثار السيئة الفاسدة المفسدة نسأل الله العافية والسلامة.
ولذا الواجب علينا كمسلمين وطلاب علم وحقٍّ إن شاء الله أن ندرك ونتصور بوعيٍ تامٍّ -مستعينين بالله الكريم وحده- ما يقوم عليه منهج السلف الصالح من أصول وقواعد وأحكام وسيرة عملية تطبيقية تحكي بحقٍّ وصدقٍ ما كان عليه السلف الصالح -رحمهم الله بواسع الرحمة- من العلم التام المحكم الأصيل والبصيرة النافذة في كل أبواب الدين؛ اعتقاداً وقولاً وعملاً وإلا وقعنا في التخبُّط والاضطراب والتِّيه وخُضْنَا في بحار مظلمة موحشة من الخلل العلمي والمنهجي يترتب عليها أسوأ الآثار والمفاسد ولو رفعنا راية السلفية ودعونا إليها؛ لأننا بذلك سنسيء إلى ديننا الإسلامي العظيم -وهو بلاشك بفضل الله محفوظ معصوم- ونشوهه لأننا ألصقنا به ما يبرؤ كل البراءة منه، وسنظلم أسلافنا الصالحين أولياء الله المتقين ونسيء إليهم؛ لأنهم عنوان هذا الدين وشعاره، وسنظلم أنفسنا وغيرنا من المسلمين محل دعوتنا ونكون سبباً في ضياعهم وإضلالهم من حيث إرادتنا هدايتهم خاصة طلاب العلم والناشئة المبتدأة المتلمِّسين لطريق الحق.
فالواجب الحتمي على الدعاة إلى الله وطلاب العلم البصيرة والسير في ركاب أهلها من علماء الدعوة السلفية -حفظ الله حيهم ورحم ميتهم- ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)).
...............................
أكمل قراءة الرسالة من هنا:
بصيغة بي دي إف (منسَّقة للطباعة)
http://rsalafs.com/upload/waqfah.pdf
موقع راية السَّلف بالسُّودان