المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [منهجية] الدكتور عيسى الغيث غنيمة باردة للتغريبيين / الشيخ العلامة عبد المحسن العباد البدر



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
02-Jan-2015, 11:02 PM
الدكتور عيسى الغيث غنيمة باردة للتغريبيين (http://www.al-abbaad.com/index.php/articles/131-1436-03-09#sthash.xheD2gEA.dpuf)



09/03/1436هـ.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فقد كتبتُ قبل أكثر من شهرين كلمة بعنوان: «إيقاف زحف التغريبيين لتدمير بلاد الحرمين مسئولية ولاة أمرها من العلماء والأمراء»، نشرت في 27/12/1435هـ، وبعد نشرها بأسبوع تقريباً نُشر كلام للدكتور عيسى الغيث في صحيفة سبق الالكترونية بتاريخ 4/1/1436هـ، وفي إم بي سي نت بتاريخ 6/1/1436هـ يعتب فيه عليَّ بشدة لوصفي عضوات مجلس الشورى بالتغريبيات والسافرات وزعمه وصفي لهن بمضاحكة زملائهن! وأجيب عن ذلك وغيره بما يلي: 1- أمَّا وصفهن بالتغريبيات فإن أوضح دليل عليه تزكية السفير البريطاني لدى المملكة لهن في قوله: «فجميعهن من صاحبات الخبرات الدولية الرفيعة في جميع المجالات» كما في كلمته التي نشرتها صحيفة الرياض في 2/4/1434هـ، فهو من أعلم الناس بهن، وأما أنا فمن أجهل الناس بهن، وقوله هو المعتبر عند التغريبيين وغيرهم
إذا قالت حذامِ فصدِّقوها فإن القول ما قالت حذامِ 2- قوله: «يوجد عضوات بمجلس الشورى منتقبات، ومنهن المحجبات غير المنتقبات، لكن لا يوجد سافرات، فالسافرة من تخرج بشعرها». أقول: عند هذا الكاتب أن التي تكشف وجهها محجبة لا سافرة، وأن السافرة هي التي تخرج بشعرها، وعند أئمة اللغة والعلماء أن كشف الوجه يقال له: سفور، قال الفيروز ابادي في كتابه القاموس المحيط في مادة سفر: «وسفر الصبح يسفر: أضاء وأشرق كأسفر، والحرب: ولَّت، والمرأة: كشفت عن وجهها فهي سافر»، وأما العلماء فأبرز شخصية علمية في هذا العصر شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، فقد قال كما في «مجموع فتاويه» (5/224): «ومن المعلوم أن الدعوة إلى سفور المرأة عن وجهها دعوة باطلة ومنكرة شرعا وعقلاً ومناهضة للدين الإِسلامي ومعادية له ... ودعاة السفور المروجون له يدعون إلى ذلك إما عن جهل وغفلة وعدم معرفة لعواقبه الوخيمة، وإما عن خبث نية وسوء طوية لا يعبأون بالأخلاق الفاضلة ولا يقيمون لها وزنا، وقد يكون عن عداوة وبغضاء كما يفعل العملاء والأجراء من الخونة والأعداء»، وقد ذكرتُ بقية كلامه وكلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في تحريم الاختلاط وبيان خطورته وأضراره في كلمة: «إيقاف زحف التغريبيين» المشار إليها. 3- أما زعمه وصفي عضوات مجلس الشورى بمضاحكة زملائهن فما حصل مني ذلك كما زعم، والذي قلته في كلمتي المشار إليها: «وقد وُجد في هذه البلاد المحافظة على الفضائل أخيراً تساهل النساء في السفور وكشف الوجوه واختلاطهن بالرجال في مجالس ولجان ومنتديات وأعمال واستوديوهات إذاعة وغير ذلك، وفيهن ـ بسبب قلة الحياء ـ من تمازح وتضاحك من تطلق عليه زميلها وكأنه أحد محارمها!»، وهذا واضح في استوديوهات الإذاعة، وسبق أن ذكرت مثالاً لذلك في كلمة: «الأحداث الأخيرة أظهرت لولاة بلاد الحرمين الناصح والماكر والعدو والصديق» نشرت في 30/6/1432هـ، فقلت: «ومن أقرب النماذج لذلك ما يحصل في إذاعة الرياض من حوار بين مذيع ومذيعة في برنامج «صباح الخير»، وقد زارهما في الأستوديو صباح يوم الاثنين 20/6/1432هـ شابان من قسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحاورا معهما». 4- جاء فيما نشر عنه: «داعياً جميع الأعضاء أن يتقدموا إلى المحكمة الجزائية بالمدينة المنورة من أجل أن يطبق حكم الله عليه تجاه اتهاماته للعضوات بـ «السفور» والأعضاء بأنهم يمازحون العضوات»، «مؤكداً أن عضوات المجلس لو تقدمن بدعوى ضده ــ سواء كانت في الحق العام أو الخاص ــ فإنهن سيكسبنها». أقول: اشتهر عنه تهديد كل من يخالفه برفعه إلى القضاء، وذكر هنا أن من يقاضيني سيكسب القضية، وقد بينت في رقم (2)و(3) الماضيين أن الأمر بالعكس؛ لأني ما قلت عن أعضاء وعضوات مجلس الشورى ما زعم أني قلته فيهم، وذكرت أن قاموس اللغويين يُطلِق على كشف المرأة وجهها سفوراً، وأن أبرز علماء العصر يطلق على كشفه سفوراً، وهذا بخلاف قاموس التغريبيين ومن يخدمهم فإن كشف الوجه عندهم احتجاب وليس بسفور، والسفور عندهم أن تخرج المرأة شعرها! 5- جاء فيما نشر عنه: وقال الغيث: «هل عبدالمحسن العباد أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم حينما أرسل الصحابة وقال لهم «لا يصلين أحدكم إلا في بني قريظة»، حيث أن هناك من أخذ بالصلاة فوراً وقال إن المقصود هو التعجل، وهناك من أخر الصلاة عن وقتها، حيث لم ينكر النبي على أحد منهم، فهل يزايد العباد على النبي الكريم ويعتبر نفسه أفضل منه؟». أقول: هذه العبارات هي أسوأ شيء فيما نُشر عنه، وهو كلام يُستحيى من حكايته، ولو صدر ممن لا معرفة له لاعتُبر ذلك أمراً خطيراً، فكيف والذي قاله محسوبٌ على المشايخ وكان قاضياً والآن هو عضو في مجلس الشورى؟! ولا شك أن هذه من غفلة التغريبيين ومن يكون في خدمتهم، ولو كنتُ من هواة الخصام لخاصمته على عبارته البشعة القبيحة في آخر كلامه عن مزايدتي المزعومة؛ لكني بحمد الله لا أذكر أنني دخلت محكمة مخاصماً لا مدعياً ولا مدعى علي ولم يدخلها وكيل لي كذلك. 6- وحديث صلاة العصر في بني قريظة أخرجه البخاري (946) ومسلم (4602)، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على أحد من الفريقين لأنه حصل من بعضهم أداء الصلاة في الوقت وحصل من بعضهم قضاؤها بعد خروج الوقت، ولا حجة في ذلك للتغريبيين الذين ينتقون ما تشتهيه نفوسهم من الأقوال، وسبق أن كتبت كلمة بعنوان: «دعاة التغريب ومصطلحهم «التعددية» و«الأحادية» لانتقاء ما يوافق أهواءهم» نشرت في 24/2/1431هـ، نقلت فيها جملاً من كلام أهل العلم في إنكار ذلك، ومن ذلك ما رواه ابن عبدالبر رحمه الله في جامع بيان العلم وفضله (2/91) عن سليمان التيمي أنه قال: «إذا أخذتَ برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله»، ثم قال ابن عبد البر: «هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً»، وقال ابن الصلاح رحمه الله في فتاويه (ص:300): «مع أنه ليس كل خلاف يُستروح إليه ويعتمد عليه، ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء وأخذ بالرخص من أقاويلهم تزندق أو كاد»، وقال الذهبي رحمه الله في السير (8/81): «ومن يتبع رخص المذاهب وزلاّت المجتهدين فقد رقّ دينه»، وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين (4/211): «وبالجملة فلا يجوز العمل والإفتاء في دين الله بالتشهي والتخيُّر وموافقة الغرض...»، وقال (3/300): «وكيف يقول فقيه: (لا إنكار في المسائل المختلف فيها) والفقهاء من سائر الطوائف قد صرّحوا بنقض حكم الحاكم إذا خالف كتاباً أو سنّة وإن كان قد وافق فيه بعضَ العلماء؟!»، وقال الشاطبي رحمه الله في الموافقات (2/386): «فإذا صار المكلف في كل مسألة عنَّت له يتبع رخص المذاهب وكلَّ قول وافق فيها هواه، فقد خلع ربقة التقوى، وتمادى في متابعة الهوى، ونقض ما أبرمه الشارع، وأخَّر ما قدَّمه»، وقال أيضاً (4/141): «ومن هذا أيضاً جعل بعض الناس الاختلاف رحمة للتوسع في الأقوال وعدم التحجير على رأي واحد ... ويقول: إن الاختلاف رحمة، وربما صرح صاحب هذا القول بالتشنيع على من لازم القول المشهور أو الموافق للدليل أو الراجح عند أهل النظر والذي عليه أكثر المسلمين، ويقول له: لقد حجرت واسعاً وملت بالناس إلى الحرج وما في الدين من حرج وما أشبه ذلك، وهذا القول خطأ كله وجهل بما وضعت له الشريعة، والتوفيق بيد الله». وهذه النقول عن العلماء توضح فساد ما عليه التغريبيون المتبعون للشهوات ومن كان على شاكلتهم، ولاسيما كلام الشاطبي الذي كأنه يتحدث عن هؤلاء التغريبيين لانطباق كلامه عليهم بوضوح وجلاء، وهي نقول توضح أن الحق في واد وأن هؤلاء المتكلفين في واد آخر. 7- جلوس النساء في مجلس الشورى عند عقد جلسات المجلس في مقابلة الرجال وفيهن السافرات عن وجوههن جُمع فيه بين السفور والاختلاط، وأسوأ من هذا أنه عند تشكيل اللجان شُكلت لجنة من ستة أشخاص فيهم امرأتان إحداهما نائبة للرئيس تقوم مقامه إذا غاب في رئاسة الجلسة!! وهو شيء غريب على بلاد ظلت محافظة على الحشمة وحراسة الفضيلة منذ ولاية الملك عبدالعزيز رحمه الله إلى وقت قريب جنى بعده التغريبيون عليها حكومة وشعباً بما حصل في مجلس الشورى وغيره من السفور والاختلاط، وهو عمل مخالف لما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك الاختلاط في مجلسه صلى الله عليه وسلم، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال: اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا، فاجتمعن، فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله» الحديث رواه البخاري (7310) ومسلم (6699)، ولو كانت النساء تحضر مجالسه صلى الله عليه وسلم مع الرجال لأخذ العلم عنه لم يحتجن إلى هذا السؤال، وولاية المرأة على الرجال في مجلس أو لجنة وغير ذلك دليل على عدم الفلاح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» رواه البخاري (4425)، والنساء تَتْبع الرجال، والرجال لا يتبعونهن؛ قال الله عز وجل: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}، وهن يدخلن في جمع الذكور ولا يدخل الرجال في جمع الإناث، قال الله عز وجل عن مريم: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}، وعن امرأة العزيز: {إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}، وقال: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً}، ولا يقال عن الرجل: إنه كان من القانتات أو الخاطئات أو من الأخوات، وهذا الانتكاس الذي حصل للرجال والنساء في هذا الزمان في بلاد الحرمين ينطبق عليه المثل المشهور استنوق الجمل واستديكت الدجاجة، وسبق أن كتبت كلمة بعنوان: «لا يجوز للمرأة الولاية على الرجال» نشرت في 2/3/1430هـ، ورسالة بعنوان: «الانتصار للصحابي أبي بكرة ومروياته والاستدلال لمنع ولاية النساء على الرجال» طبعت في 1425هـ وضمن مجموع كتبي ورسائلي في 1428هـ، ورسالة بعنوان: «العدل في شريعة الإسلام وليس الديمقراطية المزعومة» طبعت في 1426هـ وضمن مجموع كتبي ورسائلي في 1428هـ، ورسالة بعنوان: «وجوب تغطية المرأة وجهها وتحريم اختلاطها بغير محارمها» طبعت في 1430هـ. 8- وقد وصفت هذا الكاتب في عنوان هذه الكلمة بأنه غنيمة باردة للتغريبيين؛ لأنه بُعيد نشر كلمتي عن إيقاف زحفهم بادر إلى خدمتهم في الاعتراض عليها باعتراضات لم يكن الصواب حليفه فيها كما هو واضح. وأسأل الله عز وجل أن يصلح حال هذا الكاتب وفعاله، وأن يوفقه لسلوك الجادة التي سلكها أهل العلم، وأسأله تعالى أن يوفق المسلمين جميعاً لما تحمد عاقبته في الدنيا والآخرة. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
02-Jan-2015, 11:09 PM
إيقاف زحف التغريبيين لتدمير بلاد الحرمين مسئولية ولاة أمرها من العلماء والأمراء (http://www.al-abbaad.com/index.php/articles/128-1435-12-27)







27/12/1435هـ.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ونعوذ بالله من همزات الشياطين، ومن شرور المستغربين التغريبيين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد القائل: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء»، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فإن نعم الله عز وجل على الغالبية العظمى من جزيرة العرب وفي مقدمتها الحرمان الشريفان مكة والمدينة أن جعل ولايتها خلال ثلاثة قرون في أسرة سعودية كريمة، بدأت في منتصف القرن الثاني عشر الهجري على يدي الإمامين محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود رحمهما الله، وقد قامت هذه الدولة على نصرة الدين وتحكيم الشريعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك من أعظم أسباب قيامها وبقائها؛ كما قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، وقال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}، وقد مرت بأدوار ثلاثة، بدأ الدور الثالث منها قبل مائة عام على يدي الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود رحم الله الجميع.وقد ظلت النساء المسلمات في ولاية هذه الأسرة وكذا ما قبلها من القرون منذ فرض الحجاب على الحشمة وستر الوجوه والبعد عن مخالطة الرجال، وكان بدء السفور وكشف والوجوه في الشام ومصر وغيرها من بلاد المسلمين في أثناء القرن الماضي، وقد ذكرت ذلك في كلمات سابقة نقلاً عن الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله وغيره، ولم يبق على طريق السلامة وحراسة الفضيلة إلا البلاد السعودية التي هي البقية الباقية، ومنذ سنوات قليلة وبعد ولاية خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ووفقه لما فيه رضاه أظهرت أفاعي التغريبيين رؤوسها بتهوين أمر الحجاب والاختلاط بالنساء في هذه البلاد لتلحق بالبلاد الإسلامية الأخرى التي سبقت إلى الانفلات اقتداء وإعجاباً بنساء الغرب وغيرهن ممن تخلين عن الفضائل وانغمسن في الرذائل، وقد وُجد في هذه البلاد المحافظة على الفضائل أخيراً تساهل النساء في السفور وكشف الوجوه واختلاطهن بالرجال في مجالس ولجان ومنتديات وأعمال واستوديوهات إذاعة وغير ذلك، وفيهن ـ بسبب قلة الحياء ـ من تمازح وتضاحك من تطلق عليه زميلها وكأنه أحد محارمها!ويرجع هذا الانفلات الطارئ على النساء في بلاد الحرمين إلى أمرين:أحدهما: فقدُ هذه البلاد لعالمين كبيرين لهما وزنهما عند الراعي والرعية، هما شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمهما الله، وقد شبَّهتُ في بعض الكلمات السابقة عظم فائدة بقاء شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز في هذه البلاد ببقاء سد يأجوج ومأجوج، وقد جاء في بيان الديوان الملكي المشتمل على إعلان نبأ وفاته رحمه الله في 27/1/1420هـ الجملة التالية: «ولقد خسر المسلمون بوفاة سماحته خسارة كبيرة؛ حيث فقدوا بفقده عالماً جليلاً كرَّس كل حياته في سبيل العلم وخدمة الإسلام والمسلمين على اختلاف أوطانهم في جميع أنحاء المعمورة»، وقد قال الشاعر:
سيذكرني قومي إذا جدَّ جدُّهم وفي الليلة الظلماء يفتقد البدرُ
ومن كلمات شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في التحذير من فتنة السفور وكشف الوجوه قوله كما في «مجموع فتاويه» (5/224): «ومن المعلوم أن الدعوة إلى سفور المرأة عن وجهها دعوة باطلة ومنكرة شرعا وعقلاً ومناهضة للدين الإِسلامي ومعادية له ... ودعاة السفور المروجون له يدعون إلى ذلك إما عن جهل وغفلة وعدم معرفة لعواقبه الوخيمة، وإما عن خبث نية وسوء طوية لا يعبأون بالأخلاق الفاضلة ولا يقيمون لها وزنا، وقد يكون عن عداوة وبغضاء كما يفعل العملاء والأجراء من الخونة والأعداء فهم يعملون لهذه المفسدة العظيمة والجائحة الخطيرة، ليلاً ونهارا، سرًا وجهارًا، جماعة وأفرادا، إنهم يدعون إلى تحرير المرأة من الفضيلة والشرف والحياء والعفة إلى الدناءة والخسة والرذيلة وعدم الحياء ... والدعوة إلى السفور ورفض الحجاب دعوة لا تعود على المسلمين ذكورهم وإناثهم بخير في دينهم ولا دنياهم، بل تعود عليهم بالشر والفجور وكل ما يكرهه الله ويأباه، فالحكمة والخير للمسلمين جميعا في الحجاب لا السفور في حال من الأحوال ... ومعلوم أن تغطية المرأة لوجهها ومفاتنها أمر واجب دل على وجوبه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح ...»، ومن كلمات الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه لكتاب «رياض الصالحين» (2/486)، قوله: «وما أكثر الفساد في البلاد التي يتوظَّف الرجال فيها مع النساء ... ولا شك أن أعداءنا وأذناب أعدائنا ـ لأنه يوجد فينا أذناب لهؤلاء الأعداء، درسوا عندهم وتلطَّخوا بأفكارهم السيئة، ولا أقول إنهم غسلوا أدمغتهم، بل أقول إنهم لوَّثوا أدمغتهم بهذه الأفكار الخبيثة المعارضة لدين الإسلام ـ قد يقولون: إن هذا لا يعارض العقيدة، بل نقول إنه يهدم العقيدة، ليس معارضة العقيدة بأن يقول الإنسان بأن الله له شريك، أو أن الله ليس موجودا وما أشبهه فحسب، بل هذه المعاصي تهدم العقيدة هدما، لأن الإنسان يبقى ويكون كأنه ثور أو حمار، لا يهتم بالعقيدة ولا بالعبادة، لأنه متعلق بالدنيا وزخارفها وبالنساء، وقد جاء في الحديث الصحيح: «ما تركتُ بَعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء»، ولهذا يجب علينا نحن ـ ونحن أمة مسلمة ـ أن نعارض هذه الأفكار، وأن نقف ضدها في كل مكان وفي كل مناسبة، علما بأنه يوجد عندنا قوم ـ لاكثَّرهم الله ولا أنالهم مقصودهم ـ يريدون هذا الأمر، ويريدون الفتنة والشر لهذا البلد المسلم المسالم المحافظ، لأنهم يعلمون أن آخر معقل للمسلمين هو هذه البلاد، التي تشمل مقدسات المسلمين، وقبلة المسلمين، ليفسدوها حتى تفسد الأمة الإسلامية كلها، فكل الأمة الإسلامية ينظرون إلى هذه البلاد ماذا تفعل، فإذا انهدم الحياء والدين في هذه البلاد فسلام عليهم، وسلام على الدين والحياء. لهذا أقول: يا إخواني، يجب علينا شبابا، وكهولا، وشيوخا، وعلماء، ومتعلمين، أن نعارض هذه الأفكار، وأن نقيم الناس كلهم ضدَّها، حتى لا تسري فينا سريان النار في الهشيم فتحرقنا، نسأل الله تعالى أن يجعل كيد هؤلاء الذين يدبِّرون مثل هذه الأمور في نحورهم، وأن لا يُبلِّغهم منالهم، وأن يكبتهم برجال صالحين حتى تخمد فتنتهم، إنه جواد كريم».الثاني: وجود بطانة سيئة على رأسها رئيس الديوان الملكي خالد التويجري مع طغمة من الوزراء وكبار المسئولين، ذكرتُ جملة من مساوئهم في كلمة بعنوان: «أشكال التغريب الطارئ أخيراً على بلاد الحرمين في الوزارات والإدارات الحكومية وغيرها» نشرت في 5/5/1434هـ, ولم يكتف رئيس هذه البطانة بانفلات النساء الذي حصل في بعض الوزارت، بل سعى مع طغمته إلى وجود ذلك رسمياً في مجلس الشورى والمجالس البلدية، فقد كان يطوف بنفسه على بعض كبار المشايخ في منازلهم مبدياً رغبة خادم الحرمين ـ التي هي في الحقيقة رغبته ورغبة طغمته ـ في إدخال النساء في مجلس الشورى والمجالس البلدية يستجدي من هؤلاء المشايخ الموافقة على ذلك وفقاً للضوابط الشرعية في زعم هذه الطغمة، وهل من الضوابط الشرعية اختيار عدد كبير من التغريبيات يجلسن في مقابلة الرجال في مجلس الشورى وفيهن سافرات الوجوه؟! وكن موضع إعجاب السفير البريطاني وثنائه الذي ذكرته في كلمة «أشكال التغريب» المشار إليها آنفاً، وما أعظم جناية هذا الماكر وطغمته على خادم الحرمين الملك عبدالله حفظه الله ووفقه لما فيه رضاه في سعيهم الحثيث لإيجاد هذه المنكرات في عهده وفي آخر حياته، وبقي مما شمله مكرهم دخول النساء في المجالس البلدية ترشحا وترشيحاً لا بلَّغهم الله مرادهم، وإني لأهيب بكل ناصح لهذه البلاد حكومةً وشعباً من العلماء والأمراء وغيرهم أن يبذلوا ما يستطيعون لإيقاف هذا الزحف لتدمير الأخلاق في هذه البلاد، وأخص بالذكر أبناء خادم الحرمين أن يغاروا لوالدهم ولا يتركوا هذا الماكر وطغمته يعيثون في الأرض فساداً فيُنسب ذلك إليه ويضاف إلى عهده فيضيِّعون عليه دينه ودنياه، ولا شك أن إقحام النساء في المجالس البلدية أعظم خطراً مما حصل في مجلس الشورى؛ لأن فيه تعميم هذا الفساد بانفلات النساء في المدن والقرى، وهذه المفاسد التي حصلت وتحصل بسبب هؤلاء التغريبيين الماكرين بهذه البلاد حكومة وشعبا نتج عنها ما تعانيه هذه البلاد من تمرد بعض شذاذها سفهاء الأحلام من الصغار والكبار وما أحاط بها من مخاوف وأخطار، ولا عصمة من هذه الشرور إلا بالتمسك بالحق والهدى والالتزام بالشريعة وحراسة الفضيلة والأخذ بنصح الناصحين والحذر من كيد الماكرين من كبار التغريبيين؛ وقد قال الله عز وجل: {وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وقال: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، وقال: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}، وقال شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله كما في «مجموع فتاويه» (4/127): «فما يصيب الأمة أو الأفراد من فتن أو صد عن سبيل الله أو أوبئة أو حروب أو غير ذلك من أنواع البلاء فأسبابه ما كسبه العباد من أنواع المخالفات لشرع الله؛ كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}، وقد بيَّن الله جل وعلا ما حصل لبعض الأمم السابقة من العذاب والهلاك بسبب مخالفتهم لأمره ليتبيَّنه العاقل ويأخذ من ذلك عظة وعبرة».وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم الذي خلق كل شيء وهو بكل شيء عليم أن يحفظ على بلاد الحرمين أمنها وإيمانها وسلامتها وإسلامها وحسن أخلاقها وصلاح شبابها واحتشام نسائها ويقيها شر الأشرار وكيد الكفار، وأن يوفق ولاة الأمر فيها لكل خير ويحفظهم من كل شر ويهيئ لهم من أمرهم رشداً، وأن يهيئ لهم بطانة الخير ويصرف عنهم بطانة السوء إنه ولي ذلك والقادر عليه.وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.