المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز أن يتزوج الإنسي من الجن أو العكس؟



أم محمد محمود المصرية
17-Jan-2015, 11:07 AM
السؤال :
يقول: جاءَ في ترجمةِ أبي بكر الأثرم- رحمهُ الله- عند أصحابِ السيّر (كان عندهُ تيقُظًا عجيب حتى نسبهُ يحي بن أيوب المقابري فقال كان أحد أبوي الأثرم جنيّا) هل يجوز أن يتزوج الإنسي من الجن أو العكس؟
الجواب
لقد بَسَطتُ بما يَسّر الله القول في هذه المسألة، لكن لا مانِع أن أُعيد حتى لا نُهمِل السؤال، أُعيد ولو باختصار، أقول: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ مَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ))، مَرويٌّ في الصحيحين من حَديثِ عائِشَة وأبيهُريرة- رَضيَّ اللهُ عنهما- ولا أستطيع أن أُحدد يعني مصدر الرواية لكلِ واحد، لأني بعيدُ العهد، لكن الحديث صحيح وهو من العزيز، نعم بهذا، هذا أولًا.

ثانيًا لو أتى رجلٌ عليهِ زيّ أهل الإسلام من كثافة اللحية والبهجة في منظره، والسكينة والوقار فطلَب من رجلٍ أن يُزوجه موليته أو هو عَرَضَ على رجلٍ من المُسلمين موليته، ثُمَّ قالَ إنهُ مِن الجِن فهل يُطمئَنُ إليهِ في الحالين أو لا؟ أجيبوا؟
هو قال من الجِن، هل يطمئن أحدكم أن يقبلَ عَرضه؟ أو يُزوجه موليته؟ لا يمكن، بيننا وبين المسلمين من الجِن، ونحن لا ننفي أنَّ منهم صالِحين، كما قصّ اللهُ عنهُم من خبرِهِم، خبر الذين سمعوا الوحيّ أولَ مرّة، سَمِعوا قِراءة رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سورة الجِنّ، وبعض آيات الأحقاف، نحنُ نؤمنُ بهذا، وإن كُنّا لا نعرفِهُم، لكن في هذا المقام لا يُطمئَنُ إليهم، ثُمَّ لو جاء بموليتهِ وقال هذه موليتي ورأينا عليها مثل ما نرى من بناتنا، وقد نَكِلُ الأمر إلى نساءٍ عاقلات فَطِنات حاذِقات، وقالت إنها لا تستنكرُ شيئا، فهل نطمئن ؟
الجواب: لانطمئن، لأن الجن يتشكلون بأشكال، يتشكلون في أشكال الحمير والإبل والثعابين والكلاب، يتشكلون في كل شي في كل شكل ، في كل شكل يتشكلون، فمن يضمن أن هذه المرأة هي المرأة التي تزوجها من وليها ! من يضمن؟ قد تأتيه كل يوم امرأة، من غير فرق، وتقول أنا زوجك ! أهلاً وسهلاً حياك الله، أبداً لا يأنس بها، ثم الحكمة أو من الحكم في النكاح، ماذكره الله في سورة الروم ماذا قال : (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21] فهل يُسكنُ إلى جنية ؟!
أبداً! ما تناكر ما يُسكن إلى جنية أبداً،جعل الله زوجة الإنسي إنسيّة (لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) وماذا بعد؟ (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً).
فمن حكمه البالغة سبحانه وتعالى ، من حكمه البالغة في النكاح أن جعل؛ أولًا: أنه خلق زوجة الإنسي إنسية مثله، ثم جعلها زوجة له بعد ذلك ، البنت والولد من جنس واحد، كلهم ولد آدك، فإذا صار زوجين كانت السُكنى اطمئنان النفس، والمودة، والرحمة، ويؤيد هذا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذا أَتَاكُم مَنْ تَرْضَونَ دِينه وَخُلُقه فَزَوِجُوهُ)) وفي رواية ((تَرْضونَ دِيَنهُ وَأَمَانَته)) من يعرف خُلُق هذا الجني؟! من يستطيع أن يحكم أنه مَرضيّ الدين والخلق، وقال في المرأة : ((تُنكح الْمَرْأَةُ لِجَمَالِهَا ، وَمَالِهَا ، وحَسَبِهَا وَدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ))، المسلمة الأنسيّة يمكن أن يُتعرف على دينها وخُلقها، أما الجنيّة فهي غائبة عنا، هذا ماعندي والله أعلم.
الشيخ عبيد: عندك شي يا شيخ عبدالله.
الشيخ عبدالله: يعني تتميم يسير إن شاء الله
الشيخ عبيد: هات
الشيخ عبدالله: ما شاء الله ، أقول شيخنا الله يحفظكم: يعني هذه المسألة هي مسألة مذكورة في كتب بعض أهل العلم، وموضوع نكاح الإنسي بالجنية أو العكس، لكن التحقيق هو ما ذكرتموه -الله يحفظكم- من جواب منا يدل على المفارقات، وأن هذا الأمر لا يمكن تحققه أن الإنس هم عالم شهادة، والجن هم من عالم الغيب والتحقق في عدالتها أو أمانتها أو دينها في قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعلى آلهِ وَسَلَّمَ : ((فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ)) هذا أمر نقول مستحيل تحققه، وكذلك في الذكر منه أعني من الجن، فلا يمكن البحث عن المتزوج أن أراد أن يتزوج من ابنته ووليته كيفية استقامته وأمانته وعهده وصدقه وغير ذلك، ثم إن هذا المذكور في ترجمة الأثرم وهو قول بعضهم أنَّ أباهُ أو أمه كانت جنيّة ،هذا فيه يعني مبالغة ، خرج مخرج المبالغة - بارك الله فيكم- لا على سبيل التحقيق والتدقيق أن أنه كانت كذلك جنية وهذا يُذكر في بعض كتب التراجم يجب أن نعرف الطريقة التي يذكر بها أهل العلم ، في بعض التراجم، وقد يذكرون ألفاظاً هي نادرة أو قليلة الاستعمال، في تراجم بعضهم وهذه منها ، كما أن بعضهم قال في عفّان الصفّار وغير ذلك أنه كان شيطانًا، والمراد به أنه شيطان يعني أنه حافظ متقنٌ جداً لا يريد بدلك الذم وإنما أراد به المدح له، وهكذا -فبارك الله فيكم- يجب أن نعرف وليس كل ما يُذكر يؤهذ على ظاهره فنكون أشدَّ ظاهرية من الظاهرين أنفسهم نعم.
الشيخ عبيد:أحسنتم، أحسنتم، بارك الله فيكم وُفِقتم، أقول: حتى لو تحقق هذا عرفتم من كلام أخينا أسامة الشيخ عبدالله البخاري أن هذا يُذكر للمبالغة مثل ما يقال فلات عفريت، والعفريت هو من ألقاب الجن، لكن يُراد به ماذا أنه قوي وأنه ذكي وأنه وأنه،أقول حتى لو سلّمنا انه حصل لبعض الناس فهذا من النادر، والنادر لاحُكم له، وبهذا القدر نكتفي لأن الوقت طال.

وصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وًَصحبِهِ أَجْمَعِينَ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


عبيد بن عبد الله الجابري (http://ar.miraath.net/cat/sheikh/627) القسم: الفقه (http://ar.miraath.net/cat/scientific-tree/628) | النكاح (http://ar.miraath.net/cat/scientific-tree/638) | أركان النكاح (http://ar.miraath.net/cat/scientific-tree/910)