تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : [مقال] باب فضل الزهد في الدنيا والحث على التقلل منها، وفضل الفقر ..ا الشيخ العثيمين -رحمه الله-



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
17-Feb-2015, 07:24 PM
55- باب فضل الزهد في الدنيا (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18201.shtml)
(http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18201.shtml) (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18201.shtml)والحث على التقلل منها، وفضل الفقر
(http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18201.shtml) (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18201.shtml) (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18201.shtml)
قال الله تعالى: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (يونس:24) وقال تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) (الكهف: 45،46) وقال تعالي: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (الحديد:20) وقال تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (آل عمران:14) وقال تعالي: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (فاطر:5) وقال تعالى: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) (1) (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) (2) (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (3) (ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (4) (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) (5) التكاثر :1-5). وقال تعالى: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت:64)

الشرح قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب فضل الزهد في الدنيا والحث على التقلل منها وفضل الفقراء. الدنيا: هي حياتنا هذه التي نعيش فيها، وسميت دنيا لسببين: السبب الأول: أنها أدنى من الآخرة؛ لأنها قبلها كما قال تعالى: (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى) (الضحى:4). والثاني: أنها دنيئة ليست بشيء بالنسبة للآخرة، كما روى الإمام أحمد رحمه الله من حديث المستورد بن شداد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها" موضع السوط: موضع العصى القصيرة الصغيرة في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها من أولها على آخرها، فهذه هي الدنيا. وذكر المؤلف رحمه الله آيات عديدة كلها تفيد أنه لا ينبغي للعاقل أن يركن إلى الدنيا، أو يغتر بها، أو يلهو بها عن الآخرة، أو تكون مانعاً له من ذكر الله عزَّ وجل، منها قوله تعالى :(إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ) يعني: المطر ( فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ) يعني أنبتت الأرض منه نباتاً متنوعاً مختلطاً متقارباً، ليس بينه فجوات ليس فيها نبات، كل الأرض نباتات بأنواع الأعشاب من كل زوج بهيج ( حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ ) أي: كملت ( وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ )كأن لم تكن. وهذه هي الحياة الدنيا، واعتبر ذلك أنت في واقعك، كم من أناس عشت معهم عاشوا في هذه الدنيا عيشة راضية، وفي رفاهية وأنس وأولاد وزوجات وقصور وسيارات، ثم انتقلوا عنها، كأن لم يكونوا بالأمس، انتقلوا هم عنها،أو يأتي دنياهم شيء يتلفها، فكم من إنسان غني عنده أموال عظيمة أصبح فقيراً يسأل الناس. فهذه هي الدنيا، وإنما ضرب الله هذا المثل لئلا نغتر بها، فقال ( كَذَلِكَ ) يعني : مثل هذا التفصيل والتبيين (نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) لمن عندهم تفكير في الأمور ونظر في العواقب. ثم قال: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ) (يونس:25) ، أي فرق بين هذه وهذه، دار السلام هي الجنة: أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهلها دار السلام وسميت كذلك؟ لأنها سالمة من كل كدر، ومن كل تنغيص، ون كل أذى. لما ذكر الدنيا قال : (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ) فإلى أيهما تركن أيها العاقل؟ لا شك أن العاقل يركن إلى دار السلام، ولا تهمه دار الفناء والنكد والتنغيص، فهو سبحانه وتعالى يدعو كل الخلق إلى دار السلام ( وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (يونس:25). والهداية مقيدة، لم يقل: ويهدي كل أحد، ولكن قال: ( وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) فمن هو الحقيق والجدير بهداية الله؟ هو من أناب إلى الله عز وجل، كما قال تعالى : (ُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ)(الرعد: 27) وقال تعالى: ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ )(الصف: الآية5)، فمن كان عنده نية طيبة وخالصة لابتغاء وجه الله والدار الآخرة، فهذا هو الذي يهديه الله عزَِّ وجلَّ، وهو داخل في قوله: ( وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ). ثم ذكر المؤلف آيات أخرى مثل قوله (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ )(الكهف: الآية45)، معناه: أن الحياة الدنيا كماء نزل على أرض فأنبتت، فأصبح هشيماً تذوره الرياح، يبس وصارت الرياح تطير به، هكذا أيضاً الدنيا. وقال تعالى:(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ )(الحديد: الآية20). هذه خمسة أشياء كلها ليس بشيء : لعب، ولهو، وزينة، وتفاخر بينكم، وتكاثر في الأموال والأولاد، مثالها: ( كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ)(الحديد: 20)، أعجب الكفار ؛ لأن الكفار هم الذين يتعلقون بالدنيا وتسبي عقولهم الدنيا، فهذا نبات نبت من الغيث فصار الكفار يتعجبون منه من حسنه ونضارته:( أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً)(الحديد: 20)، ويزول وينتهي الآخرة (وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ )(الحديد:20). فأيهما تريد؟ تريد الآخرة؛ فيها عذابٌ شديد لمن آثر الدنيا على الآخرة، وفيها مغفرة ورضوان لمن آثر الآخرة على الدنيا. والعاقل إذا قرأ القرآن وتبصر؛ عرف قيمة الدنيا، وأنها ليست بشيء، وأنها مزرعة للآخرة، فانظر ماذا زرعت فيها لآخرتك؟ إن كنت زرعت خيراً؛ فأبشر بالحصاد الذي يرضيك، وإن كان الأمر بالعكس؛ فقد خسرت الدنيا والآخرة، نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية.

* * * وأما الأحاديث فأكثرُ من أن تحصر فننبهُ بطرف منها على ما سواه. 1/457- عن عمرو بن عوفِ الأنصاري رضي الله عنهُ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى البحرين يأتي بجزيتها، فقدم بمال من البحرين، فسمعت الأنصارُ بقُدوم أبي عُبيدةَ ، فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف، فتعرضوا لهُ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم، ثم قال:" أظنكم سمعتُم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين؟" فقالوا: أجل يا رسول الله ، فقال: "أبشرُوا وأملُوا ما يسركم، فو الله ما الفقرَ أخشى عليكم، ولكنى أخشى أن تُبسط الدنيا عليكم كما بُسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم" متفق عليه. 2/458- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المِنبر، وجلسنا حولهُ، فقال:" إن مما أخافُ عليكم من بعدي ما يفتحُ عليكم من زهرة الدنيا وزينتها" متفق عليه 3/459- وعنه رضي اللهُ عنهُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الدنيا حُلوة خضرةٌ، وإن الله تعالى مُستخلفكم فيها فينظرُ كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء" رواه مسلم الشرح هذه الأحاديث ذكرها المؤلف رحمه الله في باب الزهد في الدنيا والترغيب فيه، وقد ذكر قبل ذلك آيات متعددة كلها تدل على أن هذه الدنيا ليست بشيء بالنسبة للآخرة، وأنها ممر ومزرعة للآخرة، فإن قال قائل: يقال ورع، ويُقال زهد، فأيهما أعلى؟ وما الفرق بينهما؟ فالجواب أن الزهد أعلى من الورع، والفرق بينهما أن الورع ترك ما يضر، والزهد ترك ما لا ينفع، فالأشياء ثلاثة أقسام: منها ما يضر في الآخرة، ومنها ما ينفع، ومنها ما لا يضر ولا ينفع. فالورع: أن يدع الإنسان ما يضره في الآخرة، يعني أن يترك الحرام. والزهد: أن يدع ما لا ينفعه في الآخرة، فالذي لا ينفعه لا يأخذ به، والذي ينفعه يأخذ به، والذي يضره لا يأخذ به من باب أولى، فكان الزهد أعلى حالاً من الورع، فكل زاهد ورع، وليس كل ورع زاهداً. ولكن حذر النبي عليه الصلاة والسلام من أن تفتح الدنيا علينا كما فتحت على من كان قبلنا فنهلك كما هلكوا. لما قدم أبو عبيدة بمال من البحرين، وسمع الأنصار بذلك، جاءووا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوافوه في صلاة الفجر ، فلما انصرف من الصلاة تعرضوا له فتبسم عليه الصلاة والسلام، يعني ضحك، لكن بدون صوت، تبسم لأنهم جاءوا متشوفين للمال. فقال لهم :" لعلكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة من البحرين؟" قالوا: أجل يا رسول الله . سمعنا بذلك يعني وجئنا لننال نصيبنا. فقال عليه الصلاة والسلام: "ما الفقر أخشى عليكم" الفقر لا أخشاه . والفقر قد يكون خيراً للإنسان، كما جاء في الحديث القدسي الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قال:" إن من عبادي من لو أغنيته لأفسده الغنى"، يعني : أطغاه وأضله وصده عن الآخرة والعياذ بالله ففسد،" وإن من عبادي من لو أفقرته لأفسده الفقر". فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "ما الفقر أخشى عليكم" يعني: لا أخشى عليكم من الفقر؛ لأن الفقير في الغالب أقرب إلى الحق من الغني. وانظروا إلى الرسل عليهم الصلاة والسلام؛ من الذي يكذبهم؟ يكذبهم الملأ الأشرار الأغنياء، وأكثر من يتبعهم الفقراء، حتى النبي عليه الصلاة والسلام أكثر من يتبعه الفقراء. فالفقر لا يخشى منه ، بل الذي يخشى منه أن تبسط الدنيا عليهم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:" أخشى أن تبسط عليكم - يعني كما بسطت على من كانوا قبلنا، فتهلككم كما أهلكتهم". وهذا هو الواقع، وأنظر إلى حالنا نحن هنا- يعني في المملكة- لما كان الناس إلى الفقر أقرب، كانوا لله أتقى وأخشع وأخشى، ولما كَثُر المال؛ كثُر الإعراض عن سبيل الله ، وحصل الطغيان، وصار الإنسان الآن يتشوف لزهرة الدنيا وزينتها... سيارة ، بيت، فرش، لباس، يباهي الناس بهذا كله، ويعرض عما ينفعه في الآخرة. وصارت الجرائد والصحف وما أشبهها لا تتكلم إلا بالرفاهية وما يتعلق بالدنيا، وأعرضوا عن الآخرة، وفسد الناس إلا من شاء الله. فالحاصل أن الدنيا إذا فتحت- نسأل الله أن يقنا وإياكم شرها - أنها تجلب شرًّاً وتطغي الإنسان (كَلَّا إِنَّ الْإنْسَانَ لَيَطْغَى) (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) (العلق:7،6). وقد قال فرعون لقومه : (يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) (الزخرف:51) ، افتخر بالدنيا ، فالدنيا خطيرة جداً. وفي هذه الأحاديث أيضاً قال النبي عليه الصلاة والسلام:" إن الدنيا حلوة خضرة" حلوة المذاق، خضرة المنظر، تجذب وتفتن، فالشيء إذا كان حلواً ومنظره طيباً فإنه يفتن الإنسان، فالدنيا هكذا حلوة خضرة حلوة في المذاق، خضرة في المنظر. ولكن: " وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون" يعني جعلكم خلائف فيها؛ يخلف بعضكم بعضاً، ويرث بعضكم بعضاً." فينظر كيف تعملون" هل تقدمون الدنيا أو الآخرة؟، ولهذا قال: " فاتقوا الدنيا واتقوا النساء". ولكن إذ1 أغنى الله الإنسان ، وصار غناه عوناً له على طاعة الله ، ينفق ماله في الحق؟، وفي سبيل الله؛ صارت الدنيا خيراً. ولهذا كان رجل الدنيا الذي ينفق ماله في سبيل الله، وفي مرضاة الله عز وجلّ، صار ثاني اثنين بالنسبة للعالم الذي آتاه الله الحكمة والعلم وصار يعلم الناس. فهناك فرق بي الذين ينهمك في الدنيا ويعرض عن الآخرة، وبين الذي يغنيه الله، ويكون غناه سبباً للسعادة والإنفاق في سبيل الله ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(البقرة: 201)

* * * 4/460- وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم لا عيشَ إلا عيشُ الآخرة". متفق عليه . 5/461- وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يتبع الميت ثلاثةٌ: أهلهُ ومالهُ وعملهُ: فيرجع اثنان، ويبقي واحد ؛ يرجعُ أهلهُ ومالهُ ويبقى عملهُ" متفق عليه. 6/462- وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يؤتى بأنعمِ أهلِِ الدنيا من أهل النارِ يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقالُ: يا ابن آدم ؛ هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول : لا والله يا رب. ويؤتى بأشد الناس بُوساً في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ صبغة في الجنةِ فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شِدة قط؟ فيقول لا والله، ما مر بي بؤس قط، ولا رأيتُ شِدةً قط" رواه مسلم. 7/463- وعن المستورد بن شداد رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعلُ أحدكم أصبعه في اليم، فينظر بما يرجع؟" رواه مسلم. 8/464- وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق والناس كنفتية، فمر بجدي أسك ميتٍ ، فتناولهُ ، فأخذ بأذُنهِ، ثم قال:" أيكم يجبٌ أن يكون هذا لهُ بدرهمٍ؟" فقالوا ما نُحب أنه لنا بشيء وما نصنع به؟ ثم قال": أتحبون أنهُ لكم؟" قالوا: والله لو كان حيا كان عيباً؛ أنه أسكٌ فكيف وهو ميت؟ فقال: فو الله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم" رواه مسلم. الشرح ذكر المؤلف رحمه الله أحاديث في بيان الزهد في الدنيا، وأن النعيم هو نعيم الآخرة، منها: عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن الني صلى الله عليه وسلم قال:" اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة" يعنى العيشة الهنية الراضية الباقية هو عيش الآخرة، أما الدنيا فإنه مهما طاب عيشها فمآلها للفناء، وإذا لم يصحبها عمل صالح فإنها خسارة. ولهذا ذكر في ضمن الأحاديث هذه" أنه يؤتى بأنعم أهل الدنيا في الدنيا" يعني أشدهم نعيماً في بدنه وثيابه وأهله ومسكنه ومركوبه وغير ذلك، " فيصبغ في النار صبغة" يعني يغمس فيها غمسة واحدة ، ويقال له " يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول : لا والله يا رب ما رأيت" لأنه ينسى كل هذا النعيم، هذا وهو شيء يسير، فكيف بمن يكون مخلداً فيها والعياذ بالله أبد الآبدين. وذكر أيضاً حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ في السوق بجدي أسك. والجدي من صغار الماعز، وهو أسك : أي مقطوع الأذنين، فأخذه النبي عليه الصلاة والسلام ورفعه وقال: " هل أحد منكم يريده بدرهم؟ قالوا يا رسول الله ، ما نريده بشي. قال: "هل أحد منكم يود أن يكون له؟ قالوا: لا. قال : إن الدنيا أهون عند الله تعالى من هذا الجدي". فهذا جدي ميت لا يساوي شيئاً، ومع ذلك فالدنيا أهون وأحقر عند الله تعالى من هذا الجدي الأسك الميت، فهي ليست بشيء عند الله ، ولكن من عمل فيها عملاً صالحاً؛ صارت مزرعة له في الأخرة، ونال فيها السعادتين: سعادة الدنيا وسعادة الآخرة. أما من غفل وتغافل وتهاون ومضت الأيام عليه وهو لم يعمل؛ فإنه يخسر الدنيا والآخرة. قال الله تعالى: (ِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)(الزمر: 15)، وقال تعالى : (وَالْعَصْرِ) (1) (إِنَّ الْإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (2) (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر:3:1). وكل بني آدم خاسر إلا هؤلاء الذين جمعوا هذه الأوصاف الأربعة: آمنوا، وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر. جعلنا الله وإياكم منهم.



* * * 9/465- وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: كنت امشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرة بالمدينة، فاستقبلنا أحد، فقال :" يا أبا ذر". قلت : لبيك يا رسول الله، فقال:" ما يسرني أن عندي مثل أحدِ هذا ذهبا تمضي على ثلاثة أيام وعندي منه دينار إلا شيء أرصدة لدين، إلا أن أٌول به في عباد الله هكذا، وهكذا وهكذا" عن يمينه وعنه شماله ومن خلفه. ثم سار فقال: " إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا" عن يمينه، وعن شماله، ومن خلفه" وقليل ما هم". ثم قال لي" مكانك لا تبرح حتى آتيك". ثم أنطلق في سواد الليل حتى توارى فسمعتُ صوتاً قد ارتفع ، فتخوفت أن يكون أحد عرض للنبي صلى الله عليه وسلم فأردت أن آتيه، فذكرتُ قوله (( لا تبرح حتى آتيك)) فلم أبرح حتى أتاني. فقلت : لقد سمعتُ صوتاً تخوفت منه، فذكرت له، فقال: " وهل سمعته؟" قلت: نعم، قال:" ذاك جبريل أتاني فقال: من مات من أمتك لا يشركُ بالله شيئاً دخل الجنة". قلت: وإن زنى، وإن سرق؟ قال:" وإن زنى، وإن سرق". متفق عليه. وهذا لفظ البخاري. 10/466- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لو كان لي مثل أحدٍ ذهباً؛ لسرني أن لا تمر على ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيء ارصده لدين" متفق عليه. 11/467- وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم " متفق عليه ، وهذا لفظ مسلم. 12/468- وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" تعِس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة؛ إن أعطى رضي؛ وإن لم يعط لم يرض" رواه البخاري. 13/469- وعنه رضي الله عنه قال: لقد رأيت سبعين من أهل الصفة، وما منهم رجل عليه رداء ؛ إما إزار، وإما كساء، قد ربطوا في أعناقهم، فمنها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين، فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته" رواه البخاري. 14/470- وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( الدنيا سِجن المؤمن، وجنة الكافرِ)) رواه مسلم. الشرح هذه الأحاديث التي ساقها المؤلف رحمه الله، كلها تدل على الزهد في الدنيا. فمنها حديث أبي ذر وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهباً تمضي علي ثلاثة أيام وعندي منه دينار، إلا شيء أرصدة لدين إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا" وعنه يمينه وعن شماله ومن خلفه. وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أزهد الناس في الدنيا؛ لأنه لا يريد أن يجمع المال إلا شيئاً يرصده لدين، وقد توفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير أخذه لأهله. ولو كانت الدنيا محبوبة إلى الله عز وجل ما حرم منها نبيه صلى الله عليه وسلم " فالدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما ولاه وعالماً ومتعلماً" وما يكون في طاعة الله عز وجل. ثم ذكر في حديث أبي ذر " أن المكثرين هم المقلون يوم القيامة" يعني المكثرون من الدنيا هم المقلون من الأعمال الصالحة يوم القيامة، وذلك لأن الغالب على من كثر ماله في الدنيا الغالب عليه الاستغناء والتكبر والإعراض عن طاعة الله؛ لأن الدنيا تلهيه، فيكون مكثراً في الدنيا مقلاً في الآخرة. وقوله : إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا" يعني في المال وصرفه في سبيل الله عز وجل. وفي حديث أبي ذر : (( أن من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة وإن زنى وإن سرق)) وهذا لا يعني أن الزنى والسرقة سهلة، بل هي صعبة، ولهذا استعظمها أبو ذر وقال: وإن زنى وإن سرق؟ قال : ((وإن زنى وإن سرق)). وذلك لأن من مات على الإيمان وعليه معاص من كبائر الذنوب؛ فإن الله يقول : (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء)(النساء: 48 ، 116). قد يعفو الله عنه ولا يعاقبه، وقد يعاقبه، ولكن إن عاقبه فمآله إلى الجنة؛ لأن كل من كان لا يشرك بالله ولم يأت شيئاً مكفراً؛ فإن مآله إلى الجنة. أما من أتى مكفراً كالذي لا يصلي والعياذ بالله، فهذا مخلد في النار؛ الذي لا يصلي كافر مرتد مخلد في نار جهنم حتى لو قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، وآمنت بالله وآمنت باليوم الآخر وهو لا يصلى، فإنه مرتد؛ لأن المنافقين كانوا يقولون للرسول عليه الصلاة والسلام: ( نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ )(المنافقون: 1)، وكانوا يذكرون الله ولكن لا يذكرون الله إلا قليلاً ويصلون ولكن ( وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى)(النساء: 140) ومع ذلك فهم في الدرك الأسفل من النار. وكذلك الآحاديث التي تلت ما رواه أبو ذر رضي الله عنه، كلها تدل على الزهد في الدنيا، وأن الإنسان لا ينبغي أن يعلق نفسه بها، وأن تكون الدنيا بيده لا بقلبه، حتى يقبل بقلبه على الله عز وجل؛ فإن هذا هو كمال الزهد، وليس المعنى أنك لا تأخذ شيئاً من الدنيا؛ بل خذ من الدنيا ما يحل لك، ولا تنس نصيبك منها، ولكن اجعلها في يدك ولا تجعلها في قلبك، وهذا هو المهم. نسأل الله لنا وللمسلمين العافية والسلامة. 15/471- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال : (( كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل)). وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : إذا أمسيت ، فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك" رواه البخاري . قالوا في شرح هذا الحديث معناه: لا تركن إلى الدنيا ولا تتخذها وطناً، ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها ولا بالاعتناء بها، ولا تتعلق منها إلا بما يتعلق به الغريب في غير وطنه، ولا تشتغل فيها بما لا يشتغل به الغريبُ الذي يريد الذهاب إلى أهله . وبالله التوفيق. 16/472- وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، دلنى على عملٍ إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس. فقال: ((ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يُحبك الناس)) حديث حسن، رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة رواه ابن ماجة. 17/473- عنِ النعمانِ بن بشير رضي الله عنهما قال: ذكر عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه ما أصاب الناس من الدنيا، فقال : لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي، ما يحدث من الدقلِ ما يملاٌ به بطنه. رواه مسلم. "الدقل" بفتحِ الدالِ المهملةِ والقافِ: رديءُ التمرِ. 18/474- وعن عائشة رضي الله عنها قالت : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيتي من شيء يأكلهُ ذُو كبد إلا شطرُ شعير في رف لي، فأكلتُ منهُ حتى طالَ علي، فِكلتُه ففني . متفق عليه. قولها :" شطر شعير". أي شيء من شعير. 19/475- وعن عمرو بن الحارث- أخي جويرية بنت الحارث أم المؤمنين- رضي الله عنهما- قال : ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته ديناراً ولا درهماً ولا عبداً ولا أمة ولا شيئاً، إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها، وسلاحهُ، وأرضاً جعلها لابن السبيل صدقة. رواه البخاري. الشرح هذه الأحاديث التي ساقها المؤلف رحمه الله تعالى في باب الزهد في الدنيا وترك المكاثرة فيها والرغبة في الآخرة، والمتاجرة فيها، فذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنكبي، وأخذ بمنكبه من أجل أن يستعد لما يلقيه عليه فينتبه فقال: ((كن في الدّنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) يحتمل أن هذا من باب الشك، أي : أن الراوي شك، هل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأول أو الثاني. ويحتمل أنه من باب التنويع يعني: كن كالغريب الذي يداخل الناس ولا يهتم بالناس، ولا يعرف بين الناس، أو كأنك عابر سبيل تريد أن تأخذ ما تحتاجه في سفرك وأنت ماش. وهذا التمثيل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم هو الواقع؛ لأن الإنسان في هذه الدنيا مسافر، فالدنيا ليست دار مقر؛ بل هي دار ممر، سريعٌ راكبه لا يفتر ليلاً ولا نهاراً، فالمسافر ربما ينزل منزلاً فيستريح، ولكن مسافر الدنيا لا ينزل، هو دائماً في سفر، كل لحظة فإنك تقطع بها شوطاً من هذه الدنيا لتقرب من الآخرة. فما ظنكم بسفر لا يفتأ صاحبه يمشي ويسير. أليس ينتهي بسرعة؟ الجواب: بلى ، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) (النازعـات:46) . وينبغي للإنسان أن يقيس ما يستقبل من عمره بما مضي، فالذي مضى كأنه لا شيء، حتى أمسك الأدنى، كأنك لم تمر به، أو كأنه حلم، وكذلك فما يستقبل من دنياك، فهو كالذي تقدم، ولهذا لا ينبغي الركون إلى الدنيا ولا الرضا بها؛ وكأن الإنسان مخلد فيها. ولذلك كان ابن عمر رضي الله عنه يقول: (( إذا أصبحت فلا تنتظر المساء)) فإنك قد تموت قبل أن تمسي. (( وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح)) فإنك قد تموت قبل أن تصبح، ولكن انتهز الفرصة، لا تؤخر العمل، لا تركن إلى الدنيا فتؤمل البقاء مع أنك لا تدري. " وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" انتهز الصحة، انتهز الحياة، فإنك قد تمرض فتعجز، وقد تفتقر فتعجز، وقد تموت فينقطع عملك. ثم ذكر أحاديث في هذا المعنى، منها : أن النبي صلى الله عليه وسلم مات ولم يترك شيئاً مما يأكله ذو كبد رطبة إلا شيئاً من الشعير" كما قالت ذلك عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : (( لم يترك إلا شيئاً من الشعير)) ومع ذلك فإنه مات ودرعه مرهونة عند يهودي بشعير أخذه لأهله. اضطر عليه الصلاة والسلام فأخذ من هذا اليهودي شعيراً، ابتاعه منه ورهنه درعه، فمات وهي مرهونة عنده عليه الصلاة والسلام. وهذا يدل على أنه عليه الصلاة والسلام أزهد الناس في الدنيا إذ لو شاء أن تصير معه الجبال ذهباً لصارت، ولكنه لا يريد هذا، يريد أن يتقلل من الدنيا حتى يخرج منها لا عليه ولا له منها؛ بل كان عليه الصلاة والسلام يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة، ويعيش عيشة الفقراء. والله الموفق.

* * * 20/476-وعن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال:"هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نلتمس وجه الله تعالى ؛ فوقع أجرنا على الله، فمنا من مات ولم يأكل من أجره شيئاً، منهم مصعبُ بن عُميرٍ رضي الله عنه قُتل يوم أُحد وترك نمرة، فكنا إذا غطينا بها رأسهُ بدت رجلاهُ، وإذا غطينا بها رجليه بدا رأسهُ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُغطي رأسهُ، ونجعل على رجليه شيئاً من الإذخر، ومنا من أينعت لهُ ثمرتهُ، فهو يهدبها".متفق عليه. 21/477- وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافراً منها شربة ماء)). رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح. 22/478- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه، وعالماً ومتعلماً". رواهُ الترمذي وقال : حديث حسن. 23/479- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا)). رواهُ الترمذي وقال: حديث حسن. 25/481- وعن كعب بن عياض رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( إن لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي : المال)). رواهُ الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. 26/482- وعن أبي عمرو - ويقال أبو عبد الله ، ويقال أبو ليلى -عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال: بيت يسكنهُ، وثوب يُواري عورتهُ، وجلف الخُبز، والماء)). رواهُ الترمذي وقال حديثٌ صحيحٌ. قال الترمذي: سمعت أبا داود سليمان بن سالم البلخي يقول: سمعت النصر بن شميل يقول : الجلف: الخبز ليس معه إدام. وقال غيرهُ: هو غليظ الخبز. وقال الهروي: المراد به هنا وعاء الخبز: كالجوالق والخرج. والله أعلم. 27/483- وعن عبد الله بن الشخير - بكسر الشين والخاء المشددة المعجمتين- رضي الله عنه أنهُ قال: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ُ(أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ)قال: (( يقول ابن آدم: مالي مالي! وهل لك يابن آدم مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت!؟))رواهُ مسلم. الشرح هذه الأحاديث كلها تدور على ما سبق من الحث على الزهد في الدنيا ، والإقبال على الآخرة. فذكر المؤلف رحمه الله حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه في قصة مصعب بن عمير، وهو من المهاجرين الذي هاجروا لله عز وجل ابتغاء وجه الله، وكان شاباً مدللاً من قبل والديه في مكة، ولما أسلم طرده أبواه لأنهما كانا كافرين، فهاجر رضي الله عنه وقتل في أحد في السنة الثالثة من الهجرة، يعني لم يمض على هجرته إلا ثلاثة أعوام أو أقل، فقتل شهيداً رضي الله عنه، وكان صاحب الراية، ولم يكن معه شيء إلا بردة، ثوب واحد، إن غطوا به رأسه؛ بدت رجلاه، وإن غطوا به رجليه بدأ رأسه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغطى رأسه، ويجعل على رجليه شيء من الإذخر، والإذخر نبات معروف تأكله البهائم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل على رجليه لأجل أن يغطيهما. قال: ((ومنا)): يعني المهاجرين (( من أينعت له الدنيا)) أينعت: يعني استوت وأثمرت (( فهو يهدبها )) أي يجنيها ويقطفها ويتمتع بها، ولا يعلم الأول خير أم الآخر، لكن الدنيا خطيرة جداً على الإنسان كما في هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (( إن لكل أمة فتنة، وإن فتنة أمتي في المال)) ، يكثر المال عند الناس فينسوا به الآخرة، ولهذا نهي عن اتخاذ الضياع، الضياع يعني الحدائق والبساتين، فإن الإنسان يلهو بها عما هو أهم منها من أمور الآخرة، والحاصل أن الإنسان ينبغي له أن يكون زهداً في الدنيا، راغباً في الآخرة، وأن الله إذا رزقه مالاً فليجعله عوناً على طاعة الله، وليجعل الدنيا في يده لا في قلبه، حتى يربح بالدنيا والآخرة(وَالْعَصْرِ(1) (إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر: 1-3). وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) (1) (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) (التكاثر:1،2) ، الهاكم يعني شغلكم عن المقابر وعن الموت وما بعده (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) لم ينطق الإنسان من الدنيا حتى مات، فقال عليه الصلاة والسلام: ((مالي مالي، مالي مالي)). يفتخر به " وليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، ولبست فأبليت، وتصدقت فأمضيت"، هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام وهو كذلك، فالإنسان ما لَه إلا هذه الأشياء، إما أن يأكل طعاماً وشراباً، وإما أن يلبس من أنواع اللباس، وإما أن يتصدق، والباقي له هو ما يتصدق به، أما ما يأكله ويلبسه؛ فإن كان يستعين به على طاعة الله؛ كان خيراً له، وإن كان يستعين به على معصية الله وعلى الأشر والبطر؛ كان محنة عليه والعياذ بالله والله الموفق.



* * * 28/484- وعن عبد الله بن مُغفل رضي الله عنه قال: قال رجلٌ للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، والله إني لأحبك، فقال: ((انظر ماذا تقولُ؟)) قال: والله إني لأحبك، ثلاث مرات، فقال (( إن كنت تُحبني فاعد للفقر تجفافا، فإن الفقر أسرعُ إلى من يحبني من السيل إلى مُنتهاه)) رواه الترمذي وقال: حديث حسن. 30/486- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسل على حصير، فقام وقد أثر في جنبه، قلنا: يا رسول الله ، لو اتخذنا لك وطاءً! فقال: ((مالي وللدنيا)) ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثُم راح وتركه)) رواه الترمذي وقال : حديث حسنٌ صحيحٌ. 31/487- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام)) رواه الترمذي وقال : حديث صحيح. 32/488- وعن ابن عباس وعمران بن الحُصين رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( اطلعتُ في الجنة فرأيتُ اكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء)) متفق عليه من رواية ابن عباس، ورواه البخاري أيضاً من رواية عمران بن الحُصين. 33/489- وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( قُمتُ على باب الجنة، فكان عامة من دخلها المساكينُ، وأصحابُ الجد محبُوسون غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار)) متفق عليه. 34/490- وعن أبي هريرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( أصدقُ كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ألا كل شيءٍ ما خَلا الله بَاطِلُ )) متفق عليه. الشرح هذه الأحاديث ذكره المؤلف رحمه الله تعالى في باب الزهد في الدنيا، منها حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم :والله إني لأحبك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((انظر ماذا تقول؟)) قال: والله إني لأحبك، فرددها ثلاثاً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن كنت تحبني فأعد للفقر تجفافا، فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه ))؛ لأن السيل إذا كان له منتهى وقد جاء من مرتفع يكون سريعاً. ولكن هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا ارتباط بين الغنى ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم ، فكم من إنسان غني يحب الرسول عليه الصلاة والسلام، وكم من إنسان فقير أبغض ما يكون إليه الرسول عليه الصلاة والسلام، فهذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم . ولكن علامة محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون الإنسان أشد اتباعاً له، وأشد تمسكاً بسنته، كما قال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31) . فالميزان هو اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، من كان للرسول أتبع فهو له أحب، وأما الفقر والغنى فإنه بيد الله عز وجلَّ. وكذلك أيضاً من الزهد في الدنيا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم من شظف العيش وقلة ذات اليد، حيث كان ينام على الحصير حتى يؤثر في جنبه. فيقال له: ألا نجعل لك وطاءً، يعني فراشاً تطؤه وتنام عليه؟ فقال: (( مالي وللدنيا؟، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها )). فالرسول صلى الله عليه وسلم ليس له هم في الدنيا، ولا يبقى عنده مال بل كله ينفقه في سبيل الله ، ويعيش عيشة الفقراء. ثم ذكر المؤلف أحاديث في أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء، وأن الفقراء أكثر أهل الجنة، وذلك لأن الفقراء ليس عندهم ما يطغيهم، فهم متمسكنون خاضعون. ولهذا إذا تأملت الآيات؛ وجدت أن الذين يكذبون الرسل هم الملأ الأشراف والأغنياء، وأن المستضعفين هم الذين يتعبون الرسول، فلهذا كانوا أكثر أهل الجنة، وكانوا يدخلون الجنة قبل الأغنياء بتقادير اختلفت فيها الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ويجمعها أن السير يختلف، فقد يكون السير في عشرة أيام لشخص مسرع يسيره الآخر في عشرين يوماً مثلاً. ثم ذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام في كلمة لبيد الشاعر المشهور قال: " أصدق كلمة قالها شاعر؛ كلمة لبيد: ألا كلُّ شيء ما خلا الله باطل كل شيء سوى الله فهو باطل ضائع لا ينفع، وأما ما كان لله؛ فإنه هو الذي ينفع صاحبه ويبقى له، ومن ذلك الدنيا فإنها باطل، كما قال تعالى (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ)(الحديد: 20)، إلا ما كان فيها من ذكر الله وطاعته، فإنه حق وخير. وفي هذا الحديث إشارة إلى أن الحق يقبل حتى لو كان من الشعراء، فالحق مقبول من كل أحد جاء به، حتى لو كان كافراً وقال بالحق فإنه يقبل منه، ولو كان شاعراً أو فاسقاً وقال بالحق فإنه يقبل منه. وأما من قال بالباطل فقوله مردود ولو كان مسلماً؛ يعني العبرة بالمقالات لا بالقائلين، ولهذا ينبغي على الإنسان أن ينظر إلى الإنسان من خلال فعله لا من شخصه. ----------------------- 311 رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فضل رباط يوم في سبيل الله، رقم (2892). 312 رواه البخاري،كتاب الجزية،باب الجزية والموادعة، رقم (3158)، ومسلم، كتاب الزهد،باب منه، رقم(2961). 313 رواه البخاري، كتاب الزكاة ، باب أخذ العناق في الصدقة، رقم (1465)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب تخوف ما يخرج من زهرة الدنيا، رقم (1052){123}. 314 رواه مسلم، كتاب الذكر والدعاء...، باب أكثر أهل الجنة الفقراء...، رقم (2742). 315 رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب لا عيش إلا عيش الآخرة، رقم (6413)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة الأحزاب، رقم(1805). 316 رواه البخاري،كتاب الرقاق، باب لا عيش إلا عيش الآخرة، رقم(6414)، ومسلم، كتاب الزهد، باب منه رقم (2960). 317 رواه مسلم، كتاب صفة القيامة، باب صبغ أنعم أهل الدنيا في النار...، رقم (2807) 318 رواه مسلم، كتاب الجنة، فناء الدنيا وبيان الحشر..، رقم (2858). 319 رواه مسلم، كتاب الزهد، باب منه، رقم (2957). 320 رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب المكثرون هم المقلون، رقم (6443)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئاً..، رقم (94). 321 رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ما أحب...، رقم (6445)، ومسلم ، كتاب الزكاة، باب تغليظ عقوبة من لا يؤذي الزكاة، رقم (991). 322 رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب ينظر إلى من هو أسفل منه، رقم(6490)، ومسلم، كتاب الزهد، باب منه، رقم(2963)(9). 323 رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الحراسة في الغزو في سبيل الله، رقم (2886). 324 رواه البخاري، كتبا الصلاة، باب نوم الرجل في المسجد، رقم (442). 325 رواه مسلم، كتاب الزهد، باب منه، رقم (2956). 326 رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم ، رقم(2916). ومسلم كتاب المساقاة باب الرهن وجوازه في الحضر كالسفر ، رقم (1603). 327 رواه الترمذى ، كتاب الزهد ، باب منه، رقم (2322) وقال : حسن غريب، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب منزلة الفقراء، رقم (4112). 328 رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم كن في الدنيا...، رقم (6416). 329 رواه ابن ماجه، كتاب الزهد ، باب الزهد في الدنيا، رقم (4102). 330 رواه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب منه، رقم (2978). 331 رواه البخاري، كتاب فرض الخمس، باب نفقة نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، رقم (3097)، ومسلم، كتاب الزهد، باب منه، رقم(2973). 332 رواه البخاري، كتاب الوصايا باب الوصايا، رقم (2739). 333 رواه البخاري،كتاب الجنائز، باب إذا لم يجد كفناً..،رقم(1276)ومسلم، كتاب الجنائز،باب كفن الميت،رقم940 334 رواه الترمذي كتاب الزهد، باب ما جاء في هوان الدنيا على الله عزّ وجلّ، رقم (2320)، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب مثل الدنيا، رقم (4110)، وقال الترمذي : صحيحٌ غريبٌ. 335 رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب منه، رقم (2322). 336 رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب منه، رقم (2328). 337 رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء أن فتنة هذه الأمة في المال، رقم(2336). 338 رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب منه، رقم (234). 339 رواه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب منه، رقم (2958). 340 رواه الترمذى، كتاب الزهد، باب ما جاء أن فتنة هذه الأمة في المال، رقم(2336). 341 رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في فضل الفقر، رقم(2350)، وقال: حديث حسنٌ غريبٌ. 342 رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في أخذ المال بحقه، رقم (2377)، وقال:حديث حسن صحيح. 343 رواه الترمذى، كتاب الزهد، باب ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة، رقم(2353)، وقال : حديث حسن صحيح. 344 رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب فضل الفقر، رقم (6449)، ومسلم ، كتاب الرقاق، باب أكثر أهل الجنة الفقراء..، رقم (2737). 345 رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، رقم(3241). 346 رواه البخاري، كتاب المناقب باب أيام الجاهلية، رقم (3841)، ومسلم ، كتاب الشعر، باب منه، رقم (2256).

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
17-Feb-2015, 07:55 PM
هذا مقال للشيخ ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله -

عنوان الكتاب : الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة