المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإيمان بأسماء الله وصفاته--خطبةمفرغة--للشيخ خالد الظفيري-حفظه الله-



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
10-Mar-2015, 01:24 PM
الإيمان بأسماء الله وصفاته-خطبةمفرغةللشيخ خالد الظفيري الخطبة الأولى:
عباد الله ،فإن الإيمان بأسماء الله وصفاته أحد أركان الإيمان بالله تعالى وأحد أقسام التوحيد الثلاثة التي لا يتم إسلام المرء إلا بالإيمان والإقرار به، فمنزلته فى الدين عالية وأهميته عظيمة ولايمكن لأحد أن يعبد الله على الوجه الأكمل حتى يكون على علم بأسماء الله تعالى وصفاته ليعبده على بصيرة.
ومعنى الإيمان بأسماء الله وصفاته أن تثبت ما أثبته الله عز وجل لنفسه وأثبته له رسوله-صلى الله عليه وسلم-من الأسماء والصفات وتنفى ما نفاه الله عن نفسه ونفاه عنه رسوله-صلى الله عليه وسلم- من الأسماء والصفات،من غير تحريف فتفسرها بغير تفسيرها وتحرفها عن معناها، ومن غير تعطيل فتنفي صفات الله وتنكر قيامها بذاته تعالى، ومن غير تكيييف ولا تمثيل فتشبه صفات الله بصفات أحد من خلقه،كائنا من كان،فلله المثل الأعلى –سبحانه وتعالى-فيؤمن أهل السنة بأن الله (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير)،فالله- عز وجل- لا ند له ولا يقاس بخلقه،وقد خاطبنا الله- عز وجل- فى كتابه بلسان عربى مبين،وحدثنا رسوله صلى الله عليه وسلم- بلغتنا التى يفهمها كل عربي،فلا لبس فيها ولا تعمية ولا كتمان،وتركنا على المحجة البيضاء،وأتم علينا النعمة وأكمل لنا الدين ،ورسولنا-صلى الله عليه وسلم-أفصح وأنصح وأعلم الناس ،والله-عز وجل- أعلم بنفسه وبغيره،وأصدق قيلا وأحسن حديثا،فلذلك يجب على كل مسلم أن يؤمن ويثبت كل أسم وصفة ورد إثباتها لله-سبحانه وتعالى- سواء وردت فى كتاب الله،أو سنة رسول الله الصحيحة-عليه الصلاة والسلام،وأن يمرها كما جاءت فلا يردها ولاينفيها ولا يفسرها على غير وجهها،ويجب أيضا تنزيهه عن كل صفة نقص،نفاها الله عن نفسه مع أثبات كمال ضدها،(سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين)فسبح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل المتبعون غير سبيل السلف الصالح،أهل السنة والجماعة،وسلم على المرسلين لسلامة ماقالوه من النقص والعيب.

ومما وصف الله به نفسه ما ورد فى سورة الأخلاص التى تعدل ثلث القرآن(قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد)فالله أحد دلت على نفى الشريك من كل وجه،فى الذات وفى الصفات وفى الأفعال،والصمد هو السيد الذي كمل فى سؤدده،الذي تصمد إليه الخليقة كلها وتقصده فى جميع حاجاتها ومهماتها.ومن صفاته –سبحانه وتعالى-العلم(هو الأول والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شء عليم)،(لتعلموا أن على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما)،وهو حي سبحانه (وتوكل على الحي الذي لا يموت). ورزاق قوى (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين).وسميع بصير مدرك لجميع الأصوات يسمع السر والنجوى وبصير مدرك لجميع المرئيات(ليس كمثله شئ وهو السميع البصير)،(إن الله نعم يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا)،(قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها)،(قد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء)،وأثبت الله لنفسه صفة المحبة والرضا(وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)،(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)،(لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة)،وهوسبحانه غفور ودود (وسع كل شئ رحمة وعلما وهو الغفور الودود) ،(ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما).وكذلك فإن الله يغضب ويمقت ويكره ويسخط (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه) ، (ذلك بأنهم إتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه)، والله سبحانه من صفاته أنه يجئ يوم القيامة ويأتي للفصل بين عباده قال تعالى ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله فى ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر)،وقال (كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا) ،ومن صفاته تعالى ربنا وتقدس إثبات الوجه له ، كما أخبرنا بذلك ،فقال سبحانه وتعالى (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)،(كل شئ هالك إلا وجهه) ،وأثبت لنفسه اليدين حين قال (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي)،(وقال تعالى (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء)،وأخبرنا بذلك رسولنا- صلى الله عليه وسلم- وهو أعلم بربه فقال:"إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل"،وأثبت سبحانه لنفسه عينين يرى بهما جميع الأشياء فقال تعالى(وأصبر لحكم ربك فإنك بأعيينا) وقال عن نوح(وحملناه على ذات الواح ودسر تجرى بأعيينا جزاء لمن كان كفر) وقال عن موسى (وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني) وقال صلى الله عليه وسلم "إن الدجال أعور وإن ربكم ليس بأعور"، ومن صفاته تعالى العزة كما فى قوله (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) وهو العزيز (وكان الله قويا عزيزا) والله - سبحانه وتعالى- أثبت لنفسه صفة العلو فهو فوق سماواته مستوٍ على عرشه إستواء يليق بجلاله قال تعالى (الرحمن على العرش أستوى) فى سبعة مواضع من كتاب الله ،ومن الأدلة على أن الله فى السماء مستوعلى عرشه ما ذكره من صعود بعض الأشياء إليه (يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي) ،وقال تعالى(إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) وكذلك إخباره أنه فى السماء (ءأمنتم من السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير) بل إن الفطر السليمة تدل على ان الله فى العلو فالمسلم إذا أراد أن يدعو ربه سيجد قلبه ويديه تتجه إلى العلو ، وعلى علو الله – سبحانه وتعالى – الآف الأدلة من كتاب الله ،ومن سنة رسوله-صلى الله عليه وسلم- فمن أنكر ذلك أو قال إن الله فى كل مكان فهذا من الكفر بالله سبحانه وتعالى-
والله-عز وجل- من صفاته الثابتة فى الكتاب والسنة أنه متكلم متى شاء ودليل ذلك قوله تعالى (وكلم اللهَ موسى تكليما) ،(ومن أصدق من الله حديثا) ،(ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه)، والقرآن كلام الله ليس مخلوقا بل هو من صفاته،(فأجره حتى يسمع كلام الله)،أي كلام الله هو القران وقال عز وجل (يريدون أن يبدلوا كلام الله)،وقال تعالى (وأتلوا ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته) وثبت أيضا فى كتاب الله وفى السنة الصحيحة عنه-صلى الله عليه وسلم- أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة وفي الجنة،قال تعالى (وجوة يؤمئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) أي تنظر له يوم القيامة، وقال تعالى عن نعيم أهل الجنة (على الأرائك ينظرون ) وقال تعالى (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم كما فسرها نبينا-صلى الله عليه وسلم- فى حديث صهيب فى صحيح مسلم.
ومما جاء فى سنة النبي-صلى الله عليه وسلم – من إثبات الصفات لله،إثبات صفة النزول،فقد قال صلى الله عليه وسلم :"ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له" متفق عليه.
وأثبت صفة الفرح لله والضحك له سبحانه كما قال صلى الله عليه وسلم :"لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن التائب من أحدكم براحلته التي أضلها فى فلاة" متفق عليه،وقال صلى الله عليه وسلم :"يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الأخر كلاهما يدخل الجنة"متفق عليه،حتى قال الأعرابي عند رسول الله-صلى الله عليه وسلم- "لانعدم خيرامن رب يضحك"، ومن الأحاديث الدالة على صفات الله-عز وجل- أيضا،فى إثبات صفة الكلام له،قوله صلى الله عليه وسلم:"ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان"،وأثبات الرؤية فى السنة أيضا "إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون فى رؤيته فإن إستطعتم الا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فأفعلوا". متفق عليه.
فأمنوا عباد الله بما أخبر الله عن نفسه،وأمنوا بما أخبر به رسوله-صلى الله عليه وسلم-عن ربه،ومن أنكر شئ من ذلك فهو على غير السبيل وعلى ضلال مبين (ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ماتولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)...

الخطبة الثانية:
عباد الله:يجب على كل مسلم أن يسًلم بما ورد فى الكتاب،وبما ورد فى سنة النبي-صلى الله عليه وسلم- تسليما كاملا وإيمانا تاما (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)
فالله أعلم بنفسه من غيره،ورسوله أعلم به منا ، فوجب التصديق والإيمان من غير أن نشبه الله بخلقه،فلما كانت ذات الله غير ذوات المخلوقين ،كانت صفاته غير صفات المخلوقين،جاء رجل إلى الإمام مالك-رحمه الله تعالى- فقال له:كيف أستوى الرحمن على العرش؟ فقال له :الإستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.
وليعلم المسلم أن للإيمان بأسماء الله وصفاته أثار يجتنيها وثمار يانعة يقطفها،فإن علم وأمن أن الله عليم سميع بصير يراه حيث كان احجم عن المعصية وراقب ربه، وإن علم أن الله قريب إزداد طاعة وتقربا ، وإن علم أن الله ينزل فى كل ليلة إجتهد فى سؤاله ودعائه وقيام الليل،وإن أمن أن الله يفرح ويضحك ويرضى إجتهد فى إرضاءه وعمل على محابه وطاعته ، لذلك قال الصحابي : لا نعدم خيرامن رب يضحك . وإن أمن أن القران كلام الله إجتهد فى إحترامه وقراءته وتدبره وحفظه والعمل به،وإن علم أن الله يرى يوم القيامة ،وهو نعيم عظيم،إجتهد فى تحصيل هذا النعيم وعمل لما بعد الموت وعمل لآخرته حتى يرزق هذا النعيم الذي ليس بعده نعيم،وهكذا كل صفة إثباتها يعطي المسلم ثمارا كثيرة فتدبر ياعبدالله...