المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي-حفظه الله-



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
27-May-2010, 12:09 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا-.



أما بعد:



إخواني في الله، أولًا أنبه على شيء مهم وهو: المحافظة على أذكار الصلوات، ولقد أحسن الأخ سليمان-جزاه الله خيرًا-فيما فَصَّلَ الإعلاء كان في محله، ليفسح المجال للأذكار، والله-سبحانه وتعالى-يحب أن نذكره، وأن نشكره، وأن نُسَبِّحَه، وأن نحمده، وأن نكبره.


ما شاء الله تعالى انظر إلى هذا الجمع، إذا سبح كل واحد منكم ثلاثًا وثلاثين، وحمد ثلاثًا وثلاثين، وكبر ثلاثًا وثلاثين، وقال تمام المائة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، وقرأ آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين، وهلل عشر مرات لأننا في صلاة المغرب، قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)كم لنا من الأجر عند الله؟.


قال: المحاضرة بعد الأذكار وبعد السنة الراتبة، هذا أمر طيب، إن من بعض الناس يأتي ليقدم بعد الفريضة مباشرة، فينشغل الناس عن الأذكار، والأفضل أن التقديم يكون بعد السنة، وبعد الفريضة كلمة، المحاضرة بعد الأذكار وبعد السنة الراتبة ويسكت، هذا الذي أنا أحبه دائمًا.


أيضًا بعض الناس يكون عليه باقي ركعات، فينشغلون بالمقدمة، فلما يترك لهم المجال الذي ما أتم صلاته يُتِمُّهَا، وربما قامت جماعة ثانية جاءوا متأخرين فيصلون بهدوء، وتؤدى الأذكار بهدوء وبمتعه، تذكر الله وتتمتع في الذكر، لأنك غير مشغول، فإنك هادئ البال فتشعر بلذة الذكر، ثم طبعًا يقومون للسنة، وبعد ذلك تأتي المقدمة الترتيبية فتوضع في محلها، هذا شيء.


ثانيًا الشيء الآخر: سمعتم كلمة الولد عبد الرحمن-جزاه الله خيرًا-كلمة طيبة، وكذلك الشيخ عبد الله–جزآهم الله خير-على أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.


إخواني في الله، هذا أمر لا يستهان به، لأن الدين أمانة في أعناقنا جميعًا، كلنا مسئولون عن هذا الدين، مات نبينا محمد-عليه الصلاة والسلام-، ومات أصحابه وخلفاءه الراشدون-رضي الله عنهم جميعًا-، وتحملت الأمة المسؤولية من بعد الرسول ومن بعد الصحابة، كلنا متحملون، من هم المسئولون عن هذا الدين؟، كل واحد مسئول، كما قال النبي-عليه الصلاة والسلام-: (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته).


هذا الأمر وهذا الشأن العظيم-الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر-إذا لم تقم به ركب الناس على رأسك، وعلى ظهرك، وركب أهل بيتك على رأسك وعلى ظهرك، وداسوك بالحذاء، لأنك أنت تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا تدعوا إلى خير ولا تأمر بمعروف ولا تنهى عن منكر، فَسَلَّطَهُم الله عليك، عقوبة لك، تأمر فلا تطاع وتنهى فلا تتبع، وتمون فلا يمان لك، لكن إحفظ دين الله يحفظك الله، وانصر دين الله ينصرك الله.


قال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8))(محمد)، وربما سلط الله عليك ابنك الصغير الذي(**)وحول هذا يتكلم فيك ويَسُبُّكْ، عقوبة لك، هذا الصغير فضلًا على الكبير.


فلا يستهان بأمر هذا الدين، هذا الدين عظيم، من عَظَّمَه عظمه الله، ومن أكْرَمَه أكرمه الله، ومن أحبه أحَبَّه الله، ومن نصره نَصَرَه الله، ومن دافع عنه دافع الله عنه، (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)(آل عمران110)، هذه الأمة نالت هذه الخيرية العظيمة، والكرامة العظيمة، لأسباب ومن تلك الأسباب: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله)، كما عرفتم الأنبياء ماتوا، والصحابة ماتوا، والملائكة لا يظهرون على الناس، الملائكة يروننا ولا نراهم.


إذًا فمن لهذا الدين إلا المسلمون؟!، المسلمون جميعًا، أنتم في قرية، من المسئول عن هذا الدين في هذه القرية؟، أهلها، وفي القرية الأخرى أهلها، إذا جاء الداعية إلى الله من خارج القرية، يأتي ما بين الحين والحين الآخر، لذلك أهلها هم في المقدمة، يتآمرون بالمعروف ويتناهون عن المنكر، ويدعون إلى الله، ويتعاونون على البر والتقوى، ويتناصحون فيما بينهم، هذا ينصح هذا ويرفق به، والمؤذن منهم والإمام والخطيب، كل أهل القرية تهتم بأمر دينها.


حتى في مسألة التحفيظ-تحفيظ القرآن الكريم-، يا حبذا لو يكون من أهل القرية، لأن الذي جاء من خارج القرية على الأغلب لا يدوم، والمحفظات للنساء من أهلها، لكن لما تكون القرية خاوية على عروشها، ما فيها محفظ للأولاد ولا محفظة للبنات، ومؤذنهم ما هو بدارس في المحافظة على الصلاة وعلى الوقت، وإمامهم كذلك ما هو بدارس.


معنى ذلك أن الله إذا ضرب قلوب بعضهم ببعض كانوا مستحقين لذلك، من أجل الدنيا يذهبون إلى أماكن بعيدة، ومن أجل الدين كسالى؟!!!!، إذا قالوا: نحن عوام، نقول: اذهبوا إلى أهل العلم واسألوا، وتفقهوا في الدين، واطلبوا العلماء إلى بلادكم، لا عز لكم إلا بالدين، لا عز لنا إلا بالدين، لا تصلح دنيانا إلا بالدين، وما تصلح آخرتنا إلا بالدين، ولا ننال رضا الله إلا بتمسكنا بالدين، باهتمامنا بأمر الدين.


فانتبهوا يا عباد الله، فإن الله–سبحانه وتعالى-يقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6))(فاطر).


وانظروا إلى بعض القرى ما شاء الله، في تهامة أو في الجبال، بعضها ما شاء الله الدين قائم، والدعوة قائمة، والخطب والمحاضرات والدروس والتحفيظ، على مستوى الرجال والنساء، وعلى مستوى البنين والبنات، هذا رزق، إي والله رزق، وإن كان بعض الناس لا يعدونه من الرزق، لكنهم مخطئون، الرزق عندهم فقط هو الدنيا، الدين هو رزق والله المستعان.


أعظم الرزق هو رزق الدين، رزق العلم، رزق القرآن والسنة، رزق الإيمان، رزق العمل الصالح، رزق حفظ القرآن، رزق التراحم والتعاطف فيما بينهم، والتعاون على البر والتقوى، أعظم رزق رِزْق الدين(وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (212))(البقرة)، ولمَّا قال: (وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ) هل حدد؟ هل قال فلوس؟، ما قال فلوس، أطلق، هل قال الثياب أو الطعام أو الشراب ولا أطلق؟ أطلق ليشمل جميع ما يسمى رزقًا.


ومن هنا نقول: رزق الإيمان، رزق الحج، رزق الفقه والعلم والدين، رزق العمل الصالح، رزق العقل، من أعظم الرزق الدين ورزق العقل، ما(**)الرزق مقسوم على الأكل والشرب والفلوس، لأن البعض من الناس إذا سمع آية من الآيات فيها ذكر الرزق يذهب باله إلى رزق الدنيا-الفلوس-، حتى بعضهم ما يعتبر الطعام من الرزق.


بعض الناس ما عندهم رزق إلا الفلوس، أما إنسان دعاه حياك الله تفضل غداء ولا عشاء وأكل حتى شبع ما يسميه رزق، لأنه ما أعطاه فلوس، مسكين هذا، هذا فهمه ضيق للرزق، ما فهم الرزق بالمستوى العام.


حتى قلت لبعض الناس، هو يقول: ما عندنا فلوس، نريد فلوس، قلت: كأنك ما تحب الرزق إلا الفلوس فقط، قال: نعم، قلت: يا مسكين هذا خطأ، البصر هذا رزق، لو كنت أعمى؟!!، السمع رزق، لو كنت أصم؟!!، الكلام رزق، لو كنت أبكم؟!!، تمشي على رجليك رزق، لو كنت مشلولًا؟!!، العقل رزق، لو كنت مجنون؟!!، عمل الكليتين رزق، لو كنت مصاب بفشل كلوي؟!!، صحة الكبد رزق، لو كان عندك فيروس الكبد؟!!، وأنت ماشي أرزاق ما يعلمها إلا هو-سبحانه وتعالى-، عندك من أنواع الأرزاق ما لا يحصيها إلا الله–سبحانه وتعالى-(وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).


فالله الله يا عباد الله، نتواصى جميعًا بتقوى الله–سبحانه وتعالى-، والعناية بأمر البنين والبنات، ألم تسمعوا قول الله-سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6))(التحريم).


تصور يا عبد الله: شخصًا جاء يوم القيامة، وإذا بأسرته متعلقة به-في عنقه-، أولاده، بناته، زوجاته، أخواته، عماته، خالاته، إخوانه، متعلقون به(**)ما نصحنا، ما علمنا ما أرشدنا، ما دعانا إلى الخير، متعلقون برقبته، وإذا بك ناشب في نَشْبَه من أهلك، ومن أولادك، كلهم متعلقون في رقبتك ما علمتهم، ما المخرج؟.


فننتبه: الآن كما قال الله–سبحانه وتعالى-: (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا)، ما قال قوا أنفسكم فقط وما عليكم من أهليكم، لا، أنت رب الأسرة، أنت رب البيت، أنت المسئول عنهم، ولا تظن أن المسؤولية فقط تنحصر في الطعام-الفطور والغداء والعشاء-، ما تنحصر في هذا.


صحيح أنك مسئول عن طعامهم بنفسك، وعن شرابهم وعن لباسهم وعن سكنهم، لكن بقي شيء أعظم من هذا مسئول عن دينهم، لأنك أنت توفر لهم الشيء الدنيوي الذي يعيشون به للدنيا، بقي الشيء الذي يسعدون به في الآخرة، نسيته وضيعته، بقي الدين، بقي القرآن، بقي الإيمان، بقي إيقاظهم للصلاة، تخرج للصلاة وهم نائمون؟!!، يا الله سَلِّم، والله مصيبة، تخرج لصلاة الفجر وما أنت مبالي بمن خرج ومن قام ومن لم يقم؟!!، وكأنك غير مسئول عنهم؟!.


انتبه يا عبد الله: هذا الأمر ربما أسخط الله عليك، أنك ضيعته، ما تذهب لصلاة الفجر إلا وقد أيقظت من في البيت، من بنين وبنات وذكور وإناث، ممن بلغ السابعة من العمر فما فوق، قال-صلى الله عليه وسلم-: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع) رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، رقم (495).


ولا يمكن أن ترضى للزوجة أن تكون زوجة لك وهي ما تصلي، ولا ترضى لابنك أن تكون زوجته ما تصلي، هذا الذي لا يمكن، تقول لا أقبل زوجة وهي ما تصلي، ولا أقبل زوجة لابني وهي ما تصلي، لا بد من الصلاة، إلا أيام العذر الشرعي-الحيض أو النفاس-.


أما تترك الصلاة بدون عذر، انظر الآن يركبون على ظهرك، وعلى رأسك، ورغمًا عن أنفك ما تصلي، لأنك أنت لمَّا لم ترفع الدين الله–سبحانه وتعالى-ما رفعك، ولمَّا لم تنصر الدين الله–سبحانه وتعالى-ما نصرك، خذلك، صارت الزوجة تتحداك وتتحكم هي فيك، تريد منك القات والتمباك، لأن الله أذلك بالمعصية.


فعلينا يا عباد الله، علينا أن نرجع إلى الله–سبحانه وتعالى-، وأن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب، وأن نتعلم الدين، نتعلم الكتاب والسنة، كيف تُعَلِّمْ أولادك تَعَلَّمْ، كيف تُعَلِّمْ زوجتك تَعَلَّمْ، اعرف ما الحلال من الحرام، تابع هذه المحاضرات، وقَدَّمْ الأسئلة واسأل عن دينك، واسأل ربك التوفيق، قل: يا رب وفقني، يا رب اهديني، يا رب أصلح ذريتي أصلح زوجاتي.


ادع الله كما قال الله–سبحانه وتعالى-: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60))(غافر).


و والله يا عبد الله إنه لشرف لك أن تنصر الدين، وأن تدعوا إليه، والله شرف لك في الدنيا والآخرة، يحبك الله ورسوله وملائكته، وعباده المؤمنون أنك تنصر الدين، وتقف بجانب الحق، أيضًا قد يحصل خصومة في الجيران في القرية، أنت قف بجانب الحق، لا تقف في جانب الباطل، لا تنظر على أن هذا صاحبي أو جاري أو ابن عمي اترك هذا، انظر الحق مع من وقف بجانب الحق، حتى ولو كان بجانب ضد جانب ابن عمك.


أهم شيء الحق والعدل والإنصاف والأمانة والدين، والغلطان تقول له اتق الله، والمصيب تقول له أنت مصيب، وإذا أشكل عليكم شيء قولوا نسأل العلماء، لا تقل بغير علم، أشكل عليكم شيء قدموا سؤال، وإن شاء الله يأتي الجواب خطي ومختوم عليه بالختم، هذا توفيق من الله لأهل القرية، إذا كانوا يسألون العلماء فيما أشكل عليهم، أما الذي يفتي بغير علم فهذا على خطر عظيم.



فاسألوا الله أن يوفقنا جميعًا لما يحبه ويرضاه.



وصلِ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



تم بحمد الله



بتصرف يسير............



قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد



الأربعاء الموافق: 14/ جمادى الآخر/ 1431 للهجرة النبوية الشريفة.


لتحميل الملف منسق:


هُنا (http://www.box.net/shared/bk35cun4bu)
لسماع المادة الصوتية:
هُنا (http://www.olamayemen.com/show_sound2896.html)