المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لاَ يُقَالُ السَّلامُ عَلَى الله



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
12-Apr-2015, 05:27 PM
لاَ يُقَالُ السَّلامُ عَلَى الله:
جَاءَ ذَلِكَ في حديث عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ- رَضِيَ الله عَنْهُ- قال: كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَقُولُ: السَّلامُ على اللهِ، فقال النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:« إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلامُ وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ » مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ([1])،
قال البيضاويُّ-رَحِمَهُ اللَّهُ- ما حاصِلُهُ أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنكرَ التسليمَ على اللهِ وبيّن أَنَّ ذلكَ عكسُ ما يجبُ أَنْ يُقالَ ، فإِنَّ كلَّ سلامٍ ورحمةٍ له ومنه وهو مالِكُها ومُعطِيها ([2]) .
وقال الخطابيُّ-رَحِمَهُ اللَّهُ- :« الُمرادُ أَنَّ اللهَ هو ذو السَّلامِ فلا تقولوا السلامُ على اللهِ فإنَّ السَّلامَ منه بَدَأَ وإليه يعُودُ » ([3]) .
ولذلك أمر النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المسلمينَ أَنْ يقولوا: التَّحياتُ لله .
قال ابنُ حَجرٍ-رَحِمَهُ اللَّهُ- :« جمعُ تحيّةٍ ومعناها السَّلامُ ، وقيل: البقاءُ ، وقِيل: العظمَةُ ، وقيل: السَّلامةُ من الآفاتِ والنقصِ ، وقيل: الُملكُ » .
وقال ابنُ قُتيبةَ-رَحِمَهُ اللَّهُ-:« لَمْ يَكُنْ يُحيَّا إلا الملكُ خاصَّةً ، وكان لكلِّ مَلِكٍ تحيةٌ تخصُّهُ فلهذا جُمِعَتْ، فكان المعنى: التحيَّاتُ التي كانوا يُسَلِّمُون بها على الملوكِ كلُّها مُسْتحِقَّةٌ للهِ » .
وقال المحبُّ الطبريُّ-رَحِمَهُ اللَّهُ-:« يُحتمل أَنْ يكونَ لفظُ التحيةِ مشتركًا بين الَمعَانِي المقدَّمِ ذكرُها، وكونُها بمعنى السَّلامِ أنسَبُ هُنَا » ([4]) .
وَجَاءَ في حديثِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ خَدِيجَةُ قَالَ: «إِنَّ اللهَ يُقْرِئُ خَدِيجَةَ السَّلَامَ» فَقَالَتْ: «إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلَامُ، وَعَلَى جِبْرِيلَ السَّلَامُ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ»([5]).
قَالَ العُلَمَاءُ: في هذه القصةِ دليلٌ عَلَى وُفُورِ فقهِها لأنها لم تَقُلْ «وَعَلَيْهِ السَّلامُ» كما وقع لبعضِ الصحابة حيثُ كانوا يقولون في التَّشَهُّدِ «السَّلامُ على اللهِ» فنهاهم النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَرَفَتْ خَدِيْجَةُ - رَضِيَ الله عَنْهَا - لصِحَّةِ فهمِها أَنَّ الله لا يُردُّ عليه السَّلَامُ كما يُردُّ على المخلوقينَ ؛ لأَنَّ السَّلامَ اسمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الله تَعَالَى.

كتبه
أبو مريم / أيمن بن دياب بن محمود العابديني
غَفَرَ اللَّـهُ لَهُ ،ولِوَالدَيْهِ ،ولِمَشَايخِهِ ،ولجَمِيْعِ المُسْلِمِيْنَ

([1]) أَخْرَجَه: البخاري، كِتَابُ الأَذَانِ، بَابُ التَّشَهُّدِ فِي الآخِرَةِ، برقم 831، ومسلم، كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ التَّشهُّدِ فِي الصَّلَاةِ، برقم 402.
([2]) الفتح (2/312) .
([3]) الفتح (2/312) .
([4]) المصدر السابق ، وانظر كذلك : النهاية لابن الأثير (1/183) .
([5]) أخرجه النسائي في فضائل الصحابة (254) عن أحمد بن فضالة أنا عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس به وإسناده حسن فإن جعفر بن سليمان صدوق وقد تابع عبد الرزاق قتيبة بن سعيد وذلك عند الحاكم (3/186) ، والحديث سكت عليه الحافظ في الفتح (7/139) وهو دليل على التصحيح منه أو التحسين كما نص في المقدمة .
فائدة : يُستفاد منه ردُّ السلامِ على مَنْ أرسَل السلامَ وعلى مَنْ بلّغه .