المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قالوا ، وقلنا ، رد على أبرز شبهات المتعصبة لعبد الرحمن بن مرعي وغيره للشيخ الفاضل أبو ياسين العدني



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
03-Jun-2015, 07:56 AM
قالوا ، وقلنا


بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد: فهذا الموضوع قد حوى على أبرز شبهات المتعصبة لعبد الرحمن بن مرعي وغيره، التي سمعناها أو التي نقلت إلينا، وهي عبارة عن أمور يتوارثها المتأخر من المتقدّم من أهل الباطل.

فأحببت أن أذكرها مع كشفها والرد عليها. وقد جعلته على شكل حوار سمّيته: (قالوا، وقلنا)، فعبّرت عن شبه القوم بـ(قالوا)، وعبّرت عن الجواب والرد عليها بـ(قلنا).

فلعلي أن أكون قد شخصت الداء، ووصفت الدواء، فأبدأ مستعيناً بربّ الأرض والسماء.

1- قالوا:
مشايخنا يقومون بجهود جبّارة موافقة للسنة، فلماذا لا تعذرونهم وتسكتون عن أخطائهم وإن أصرّوا عليها؟

قلنا:
لقد قلتم بالقاعدة الطاغوتية - كما قال الشيخ صالح الفوزان - : (نجتمع فيما اتفقنا فيه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه).

2- قالوا:
نحن لا نتكلم في مشايخنا لأننا نحبّهم ونحترمهم.

قلنا:
قال ابن القيم في شيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي: شيخ الإسلام حبيبنا، ولكن الحق أحبّ إلينا منه .انتهى من "مدارج السالكين" (3/366).

3- قالوا:
الردود سبب لتفريق الشمل، وتمزيق الصف، وضعف الكلمة.

قلنا:
بل عدم الرد على المخالف هو سبب هلاك الأمة، فإن الناس إذا سكتوا عن المخالف انتشرت في الأمة الضلالات والبدع والأهواء، قال الذهبي في "سير الأعلام" (11/82): فوالله لولا الحُفّاظ الأكابر، لخطبت الزنادقة على المنابر، ولئن خطب خاطب من أهل البدع، فإنما هو بسيف الإسلام، وبلسان الشريعة، وبجاه السنة، وبإظهار متابعة ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- فنعوذ بالله من الخذلان .انتهى.

فهذا هو سبب هلاك الأمة، قال الإمام البربهاري في "شرح السنة": واعلم - رحمك الله - أن أهل العلم لم يزالوا يردّون قول الجهمية حتى كان في خلافة بني فلان تكلم الرويبضة في أمر العامة، وطعنوا على آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذوا بالقياس والرأي، وكفروا من خالفهم، فدخل في قولهم الجاهل والمغفل والذي لا علم له، حتى كفروا من حيث لا يعلمون، فهلكت الأمة من وجوه، وكفرت من وجوه، وتزندقت من وجوه، وضلت من وجوه، وتفرقت وابتدعت من وجوه، إلا من ثبت على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره، وأمر أصحابه .انتهى.

4- قالوا:
أنتم تطعنون في شيخنا لأنكم تريدون إسقاطه.

قلنا:
قال أبو صالح الفَرَّاء: حكيتُ ليوسف بن أَسْباط عن وكيع شيئًا من أمر الفتن. فقال: ذاك يُشْبِهُ أستاذه -يعني الحسن بن حَيٍّ-، قال: قلتُ ليوسف: أَمَا تخاف أن تكون هذه غيبة؟ فقال: لِمَ يا أحمق؟! أنا خير لهؤلاء من أُمَّهاتهم وآبائهم، أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا، فتَبِعَتْهم أوزارُهم، ومَن أَطْراهم كان أضرَّ عليهم. رواه أبو جعفر العُقَيلي في "الضعفاء " (1/232) بسند حسن.

5- قالوا:
فلان وفلان من محبّي شيخنا وخواصّه لم يطعنوا فيه.

قلنا:
أهل العلم والتقوى والورع - الذين أخذتم قولهم في أبي الحسن المأربي ويحيى الحجوري - هم الذين طعنوا فيه، قال الذهبي في "ذيل تاريخ الإسلام": ولا ريب أنه لا اعتبار بذم أعداء العالم؛ فإن الهوى والغضب يحملهم على عدم الإنصاف والقيام عليه، ولا اعتبار بمدح خواصه والغلاة فيه؛ فإن الحب يحملهم على تغطية هناته، بل قد يعدّوها له محاسن.

وإنما العبرة بأهل الورع والتقوى من الطرفين الذين يتكلمون بالقسط، ويقومون لله ولو على أنفسهم وآبائهم .انتهى. من كتاب "ثلاث تراجم نفيسة للأئمة الأعلام" (ص: 26).

6- قالوا:
نحن أكثر عدداً.

قلنا:
قال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُون}.

وفي الحديث المتفق عليه: « عرضت على الأمم فجعل يمر النبي معه الرجل، والنبي معه الرجلان، والنبي معه الرهط، والنبي ليس معه أحد ». فلا عبرة بالكثرة، ولكن بالحق.

7- قالوا:
أهل مكة أدرى بشعابها، فنحن نأخذ فقط من مشايخ اليمن.

قلنا:
نعم، هذا حق لكن:

أولاً:
إذا كان في اليمن أمثال شيخنا الإمام الوادعي، أما إذا كان فيها من ليس هو أهلاً لمعرفة الفتن والتخلص منها، فلا. يؤكد هذا:

ثانياً:
أن كبير أهل اليمن الشيخ محمداً الوصابي، قد وصف (مشايخ !!) اليمن في فتنة الحجوري بالمقمقة. وذلك لأنهم لا يبثون في الأمور. بل لأنهم ليسوا أهلاً لذلك.

بل صرح رحمه الله في بعض المجالس بأنه يتلطف بهم خشية أن يتخطفهم الحجوري.

ثالثاً:
أن كبير أهل اليمن الشيخ محمداً الوصابي، يطلب العون في فتنة الحجوري - لا أقول من كبار أهل العلم فقط - بل ومن بعض طلبة الجامعة الإسلامية، وهو الشيخ عرفات المحمدي (البرمكي)، فكان غفر الله له يقول: مزيداً مزيداً يا برمكي.

فهذا يدلك على الضعف العلمي في (مشايخ !!) اليمن.

رابعاً:
ما المانع من أن يُفتي علماء المملكة أهلَ اليمن بما هو حاصل في بلادهم، فقد كان الناس يأتون من مختلف البلاد إلى بعض الصحابة يسألونهم ويستفتونهم مع وجود علماء في بلادهم.

ففي "صحيح مسلم" عن يحيى بن يعمر قال: كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجّين أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي - أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله فظننت - أن صاحبي سيكل الكلام إليّ فقلت: أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قِبَلنا ناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم - وذكر من شأنهم - وأنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنف. قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء من ... الحديث.

وفي "السنة" (12) للالكائي عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: والله ما أظن على ظهر الأرض اليوم أحداً أحبّ إلى الشيطان هلاكاً مني. فقيل: وكيف؟ فقال: والله إنه ليحدث البدعة في مشرق أو مغرب, فيحملها الرجل إليّ, فإذا انتهت إليّ قمعتها بالسنة, فتردّ عليه كما أخرجها.

وهذا الإمام الوادعي كان يتكلم في أناس من أهل البدع والضلال ممن هو من أهل المملكة، مع وجود مشايخه وأقرانه فيها.

خامساً:
نعم (أهل مكة أدرى بشعابها)، ما لم يتبين بأن فلاناً مجروح، فإذا تبيّن بأنه مجروح فلا عبرة بتزكية أهل بلده له، ففي ترجمة (أبي عمرو الحارث بن مسكين) من "ترتيب المدارك وتقريب المسالك" (4/32): قال أبو عمر الكندي: حارث في فضله ودينه، أعلم بأهل بلده مني، إلى أن يتبين لي جرحه .انتهى.

8- قالوا:
نحن معنا مشايخ، وإن لم يكونوا أكابر.

قلنا:
قال صلى الله عليه و سلم: « الْبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ ». أخرجه ابن حبان، وهو في "السلسلة الصحيحة".

وصحَّ عن عبد الله بن مسعود أنه قال: لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وأكابرهم، فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم، فذلك حين هلكوا. رواه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (رقم: 815)، وغيره.

فأسأله تعالى أن يجد هذا الموضوع آذاناً صاغية، وقلوباً واعية.



كتبه:
أبو العباس ياسين بن علي العدني
اليمن – عدن.
في يوم الثلاثاء الرابع عشر من شهر شعبان عام 1436 هـ. .