المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من فضل الذكر: صعود الكلم الطيب وتحيته وجه الرحمن، وانعطافه حول العرش يذكر بصاحبه



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
06-Jun-2015, 01:37 PM
من فضل الذكر: صعود الكلم الطيب وتحيته وجه الرحمن، وانعطافه حول العرش يذكر بصاحبه


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فمما ورد في فضل ذكر الله عز وجل قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]، قال ابن جرير الطبري في تفسيره(20/ 444-شاكر) : «وقوله: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) يقول تعالى ذكره: إلى الله يصعد ذكر العبد إياه، وثناؤه عليه، (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) يقول: ويرفع ذكر العبد ربه إليه عمله الصالح، وهو العمل بطاعته، وأداء فرائضه والانتهاء إلى ما أمر به».
وسأذكر فيما يتعلق بصعود الذكر حديثاً وعدة آثار صحيحة.

1- عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مما تذكرون من جلال الله: التسبيح، والتحميد، والتكبير، والتهليل، يتَعَطَّفْنَ حول العرش، لهن دوي كدوي النحل، تُذَكِّرُ بصاحبها، أمَا يُحِبُّ أحدكم أن يكون له -أو لا يزال له- من يُذَكِّرُ به؟».
رواه أحمد وابن أبي شيبة وابن ماجه والبزار والطبراني في الدعاء، وأبو نعيم في الحلية، والحاكم والبيهقي في الدعوات وفي الأسماء والصفات، وغيرهم وسنده صحيح [الصحيحة: 3358].

قال الشوكاني رحمه الله في تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين(ص/375) : «قوله: «يتعطفن» أي: يدرن حول العرش، قوله: «لهن دوي» بفتح الدال المهملة أي: صوت ليس بالعالي، بل كصوت النحل، وهذا من الأدلة التي تدل على أن الأعمال يصير لها صوت يُدْرَك. قوله: «تذكر بصاحبها» بتشديد الكاف أي: يكون منها هذا الدوي حول العرش لأجل التذكير في المقام الأعلى بقائلها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: «أما يحب أحدكم أن لا يزال ممن يذكر به» انتهى باختصار.

2- وعن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه قال: «ما من عبد يقول سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا إله إلا الله، وتبارك الله، إلا تلقاهن ملك وصعد بهن إلى السماء، فلا يمر بملأ من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يُحَيّي بها وجه الرحمن».
قال عون: فذكرت ذلك لبعض علمائنا، فقال: لقد بلغني أنه: " ليس من أحد يقولهن ويتبعهن: لا حول ولا قوة إلا بالله، إلا نظر الله إليه، وما نظر الله إلى عبد إلا رحمه ".
رواه أبو أحمد العسال-كما في كتاب العلو للذهبي(ص/79)-، وأبو نعيم في حلية الأولياء(4/ 268) بسند صحيح، وله طرق عديدة-فيها مقال يسير- تؤكد صحته.

وفي رواية عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «إذا حدثتكم بحديث، أنبأتكم بتصديق ذلك من كتاب الله عز وجل، قال: ما قال عبد سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وتبارك الله، إلا قيض الله عز وجل عليهن ملكا يضجعهن تحت جناحيه، ويصعد بهن إلى السماء، لا يمر على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن، حتى يحيي بهن وجه الرحمن عز وجل، ثم تلا عبد الله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}» . رواه مسدد وابن جرير وعثمان الدارمي في الرد على المريسي والطبراني وغيرهم.

وهذا الأثر الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه له حكم الرفع، لكونه لا مجال للرأي فيه.


3- قال كعب الأحبار رحمه الله: «إن لـ "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" لدوياً حول العرش كدوي النحل، يُذَكِّرنَ بصاحبهن، والعمل الصالح في الخزائن».



وفي لفظ: «إن للكلام الطيب حول العرش دويا كدوي النحل يذكر بصاحبه».



رواهما محمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتاب العرش، وغيرُه وسنداهما صحيحان.



4- وقال كعب الأحبار رحمه الله: «ما استقر لعبد ثناء في الأرض حتى يستقر في السماء». رواه معمر في جامعه، وابن المبارك في الزهد، ومسدد، وابن أبي شيبة، وأبو داود في الزهد، وأبو نعيم وغيره من طرق عن كعب، وهو أثر صحيح.

فليحرص المسلم على ذكر الله عز وجل، وليجتهد في ذلك، حتى يبقى له حول العرش ما يذكر به.


والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

كتبه:


أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي

18/ 8 / 1436 هـ

http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=152781&hl=