المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوائد مستفادة من العشر الأواخر فضائلها وأعمالها لفضيلة الشيخ عبد الله بن صلفيق الظفيري حفظه الله



أبوبكر بن يوسف الشريف
07-Jul-2015, 03:37 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


فوائد مستفادة من العشر الأواخر
فضائلها وأعمالها


لفضيلة الشيخ الفاضل الحبيب
عبد الله بن صلفيق الظفيري
حفظه الله تعالى ورعاه.

..............................

جائزة رمضان

إذا رأيت نفسك يا عبد الله قد تغيَّر حالُك في رمضان وبعد رمضان عما سبق من حالك عما قبل رمضان فاعلم أنك قد تحصلت على هذه الثمرة، فإن كنت مُقصرًا في الواجبات والفرائض وتغير حالُك في رمضان فاعلم أنك قد تحصلت على التقوى التي هي ثمرة الصيام. إذا رأيت من نفسك قبل رمضان فعلًا لبعض المعاصي والمنكرات وتغير حالُك بعد رمضان فاعلم أنك قد تحصلت على جائزة رمضان جائزة الصوم وهي التقوى، التي إن وجدت في قلب العبد كانت دافعةً له على فعل الطاعات وترك المناهي والمعصيات، أما إذا كان حالُك في رمضان وبعد رمضان كما هو حالك في قبل رمضان فاعلم أنَّ صومك كان مجرد عن الطعام وعن الشراب، وهذه هي المصيبة، هذه هي المصيبة التي ليبكي المرء على حاله أنه جاءه رمضان وخرج رمضان ولم يتحصل على ثمرة رمضان وجائزة رمضان.
..........

آية خطيرة جدًا

بل إنَّ الله -عزَّ وجل- ذكر آيةً خطيرةً مقياس للعبد لحاله, آية تخوف, يقول الله -عزَّ وجل- في سورة التوبة: ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ اللَّـهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾ [التوبة: 46]، آية عظيمة. ذكر الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- أنها آية خطيرة جدًّا، ميزان للعبد؛ إذا رأيت من نفسك الناس يتسابقون على فعل الطاعات، وعلى القيام والتراويح والدُّعاء، وعلى السُّنة والعمل بها وعلى الإقبال على الله -عزَّ وجل-، وترى في نفسك إحباطًا أو كسلًا عن فعل ذلك فاعلم أنَّ الله لم يُرد لك خيرًا، وأنَّ الله ثبَّطك؛ لأنَّ الله كره عملك لما يعلم في قلبك.
..........

ليلةٌ هي خيرٌ من ألفِ شهر

ومن تعظيم الله لهذه الليالي، أن الله جعل فيها ليلةً هي خيرٌ من ألف شهر، حيث هذا من رحمة الله بالأمة الإسلامية، أنه لما قصُرت أعمارهم بعكس الأمم الماضية أعمارهم بمئات السنين، ولكن الأمة أعمارها ما بين الستين والسبعين كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم- على الغالب، قد يزيد شيئًا من السنين وقد ينقص، ولكن الغالب ما بين الستين والسبعين كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعوض الله قصر الأعمار بكثرة الطاعات والأجور، وهذا أن للأمة الإسلامية مكانة عند الله –عز وجل -. ومن مكانتها أنهم هم الآخرون في الدنيا الأولون في الآخرة؛ فأول من يدخل الجنة أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وجعل الله العمل في ليلة القدر يُضاعف على ثلاث وثمانين سنة وأشهر: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾[القدر: 3], يعني العمل فيها يُضاعف أجره على عمل ثلاث وثمانين سنة، وهذا من فضل الله -عز وجل– للأمة.
.........

كم عدد الملائكة الذين ينزلون ليلة القدر

من تعظيم الله للعشر، أن الله يأمر جبريل -عليه السلام- وجميع ملائكة السماوات السبع في النزول إلى الأرض ليلة القدر، كم عدد الملائكة الذين ينزلون في الأرض، ألف، ألفين، ثلاثة آلاف ملك، أربع آلاف ملك، خمس آلاف، مليون، مليونين، عشر ملايين، مليار؟ اسمعوا ما قال الله وقال نبيه: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴿1﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴿2﴾ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴿3﴾ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴿4﴾ سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴿5﴾) [القدر: 1-5]. أورد الإمام ابن خزيمة في حديثٍ وحسنه ابن حجر والألباني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «تنزل الملائكة في ليلة القدر إلى فجرها» أو كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الْمَلائِكَةُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى» الحديث رواه ابن خزيمة وحسنه ابن حجر وحسنه الألباني. «أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى», والملائكة كم أعدادهم ؟؟ ثبت في الصحيح أن البيت المعمور منذ خلقه الله -عز وجل- يطوف كل يوم حوله سبعون ألف ملك ثم لا يعودون له مرة أخرى، منذ خلق الله السماوات والأرض كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون مرة أخرى.
........

سبب تسميتها بليلة القدر

سميت الليلة هذه ليلة القدر، يقول العلماء: لأحد أمرين؛ إما لقدرها وشرفها ومكانتها، أو لما يُكتب فيها من تقادير العام؛ يحيي هذا، يذل هذا، يعز هذا، التقدير العام كله من رمضان إلى رمضان القادم يكتبه الله في ليلة القدر, يأمر بكتابته ويقدّره الله -عز وجل-.
.........

ما معنى: (وَأَحْيَا لَيْلَهُ)؟

أحيا ليله بالقيام، وليس المراد بأن الليل كله يحييه بقيام ولكن يشمل الصلاة، الذكر، الاستغفار، الدعاء، إلى غير ذلك وقد ورد عن عائشة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- لم يثبت أنه قام ليلة كاملة، فالمراد أحيا ليله أي أغلب الليل أو يحييه كله بالذكر سواء بصلاة أو بدعاء أو بتسبيح أو باستغفار. كما قال -تعالى- عن المؤمنين: ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾[الذاريات: 18]. وكان ابن عباس أو ابن عمر إذا بقي شيء من الليل بدأ يستغفر أوتر فاستغفر، فوقت السحر وقت استغفار ولذلك كثير من الناس يغفل عند سحوره أن يكثر من الاستغفار، أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله؛ لأن هذا الوقت وقت استغفار ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾[ الذاريات: 18].
........

من ثمار الاعتكاف محاسبة النفس

والمراد بالاعتكاف الاعتزال وخلوة الإنسان بينه وبين ربه محاسبًا لنفسه، مكثرًا لطاعة ربه منشغلًا بالقرآن وبالدعاء وبمحاسبة نفسه، أعظم ما يوفق الله العبد في حياته أن يحاسب نفسه. كثير منا يغفل عن هذه المسألة تجده على منوال حياته يصلي يصوم ينام يقعد يداوم يروح الاستراحة يسير ينتقل لفلان وفلان، لكنه هذه النقطة المهمة وهي محاسبة النفس اليومية قلَّ من يفعله. ينبغي للمسلم أن يكون محاسبته لنفسه وعمله وقوله أشد من محاسبة التاجر وتفقده لما يدخل عليه من مال ويخرج من مال والصادر والوارد، فإن كان التاجر خسارته تترتب عليه خسارة دنيوية, فأنت يا عبد الله إذا لم تحاسب نفسك قد تخسر الدنيا والآخرة. فمن ثمار الاعتكاف محاسبة النفس.
........

تنبيه على دعاء ليلة القدر

عائشة –رضي الله عنها- تسأل النبي –صلى الله عليه وسلم-: «مَاذا أَقُولُ إذا وُفِّقْتُ في لَيْلَة القَدْر؟ فَقَال: قُولي اللَّهم إنَكَ عَفُوٌ تُحِبَ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّي» ولينتبه بعض الناس يضيف كلمة كريم، فإنها ضعفها أهل العِلم، بعض الناس يقول: "اللهم إنك عفوٌ كريم تحب العفو"، وَرَدَت في طريق الضعيف، ضعَّفه أهل العلم، والصحيح «اللَّهم إنَكَ عَفُوٌ تُحِبَ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّا» أو «فاعفُ عني».
.........

إيقاظ الأهل للصلاة في الليالي العشر

يقول ابن رجب، يعني مما يَحصُل في هذه الليالي، أو من الأعمال التي فيها، قال: "ومنها أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يُوقِظ أهلَه للصلاةِ في ليالي العَشْرِ دونَ غيرها" قال: "وهذا يَدُلُ على أنه يُتَأكد إيقاظُهم في يعني آكَد الأوتار، التي تُرجى فيها ليلة القدر"، يعني يُوقظ الإنسان أهله، ويحرص على الوتر من أيام العشر، لماذا؟ لأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال عن ليلة القدر: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ» وفي حديث: «الْتَمِسوها في الوِتْرِ مِن العَشْرِ الأَواخِر».
.........

قد تكون ليلة القدر في ليالي الشفع

يقول العُلماء: "الراجح والصحيح أن الله أخفَى أمرَها ليجتَهد الناس في العبادة، وأنها تنتقل" يعني لا تكون كل سنة في ليلة واحدة، ولكن أَحْرى الليالي أن تكون في ليلة سبعة وعشرين، ولكن قد تكون في غيرها، بل رُبما تكون في الشفع من العشر الأواخر، وبعض الناس يتساهل في ليالي الشفع فيصلي في ليلة الحادي والعشرين، ليلة الثالث والعشرين، ليلة الخامس والعشرين، ليلة السابع والعشرين، ليلة التاسع والعشرين، الليالي الشفع يتركها وهذا خطأ، خطأ من جهتين:

أولًا: الحديث جاء «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ»، ورجح أهل العلم أنها تنتقل، وأنها قد تكون في الليالي الشفع.
الأمر الثاني: قد نحن نكون أخطأنا في بداية دخول الشهر، فيكون في الحقيقة التي نظن أنها ليالي الوتر هي شفع، فلذلك الأولى بالمسلم أن يصلي الليالي العشر كلها.
.........

استحباب اغتسال السَّلف في ليالي العشر الأواخر

أنه ورد عن السلف أنهم كانوا يغتسلون كل ليلة، ويتزينون كل ليلة من ليالي العشر الأواخر، قال ابن جرير: "كانوا يستحبون أن يغتسلوا -أي السلف- كل ليلة من ليالي العشر الأواخر، ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر، و روي عن أنس: "أنه إذا كان ليلةُ أربع وعشرين اغتسل وتطيَّب، ولبس حُلَّةً وإزارًا ورداءً، فإذا أصبح طواهما فلم يلبسهما إلى مثلها من قابل".

وقال حمَّادُ بن سلمةَ: "كان ثابتٌ وحميدٌ يلبسان أحسن ثيابَهما أو ثيابِهما، ويتطيبان، ويُطيبان المسجد بالنضوح والدُّخنة -نوع من أنواع الطيب-، في اللِّيلة التي تُرجى فيها ليلة القدر".

قال ابن رجب : "فيُستحبُّ في الليالي التي تُرجى فيها ليلةُ القدر التنظُّفُ، والتطيُّبُ، والتزيُّن بالغُسل والطيب، واللباس الحسن، كما شُرع ذلك في الجُمع والأعياد، وكذلك يُشرعُ أخذُ الزينة بالثياب، في سائر الصلوات، كما قال -تعالى-: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾[الأعراف: 31]

وقال ابن عمر: "الله أحق أن يتزين له".

قال ابن رجب: وهو تنبيه مهم جدًا جدًا جدًا والمراد ببيانه وسيأتي؛ أن المراد أن المسلم كما أنه يتطيب ويتزين باللباس الظاهر فعليه أن يتطيب ويُزين الباطن، ويُصلح قلبه ويتوب من الذنوب، ويُبعد عن قلبه الأمراض.

.....................

جمعه محبكم في الله :
أبو بكر بن يوسف الشريف
هذه الفوائد موجودة على موقع
ميراث الأنبياء