المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [مقال] رد قديم بعنوان : إعلام أولي الأبصار بمغالطات أحمد النجار ..للشيخ أبي الفضــل محمد بن عمر الصويعي الليبي حفظه الله



أبوبكر بن يوسف الشريف
09-Sep-2015, 03:38 PM
👈مقال قديم :
فيه رد على احمد النجار
( بعنوان )

إعلام أولي الأبصار بمغالطات
أحمد النجار

☝🏻لفضيلة الشيخ أبي الفضل
محمد بن عمر الصويعي الليبي


إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنـا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسـان إلى يوم الدين وسلم تسليماً.

يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ.

يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَـــالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالاَْرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا.

يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً.


فهذا رد على الأخ أحمد النجار في كتابه تبصير الخلف ، قدمت له بمقدمتين الأولى في بيان فضل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .

و الثانية في بعض الآثار أو بعض الصور من تراجع العلماء بعد اتضاح الحق لهم حتى يسهل على الراد و المردود عليه الرجوع عن الخطأ إذا وقع فيه .


و قد نبه بعض المشايخ من هذا الكتاب ، بعد علمهم ما حواه هذا الكتاب من مخالفات .
و نسأل الله أن يعيننا جميعا على معرفة الحق و إتباعه و تمييز الباطل و البعد عنه .


أولا فضل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر :

إن من أعظم ما امتازت به هذه الأمة من بين الأمم هو الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .

قال تعالى ( كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر)
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : ( فمن اتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في الثنــاء عليهم و المدح)
و قال تعالى ( و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون)
قال ابن كثير ( و المقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن و إن كان ذلك واجباً على كل فرد من الأمة بحسبه كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنـه قال : قال رسول الله صلي الله عليه و سلم : (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الإيمان).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاستقامة :2\330
(و كذلك وصف الله الأمة بما وصف به نبيها حيث قال)
(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) .

و قال تعالى ( و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر)
و لهذا قال أبو هريرة رضي لله عنه :- كنتم خير الناس للناس تأتون بهم في الأقياد و السلاسل حتى تدخلوهم الجنة . (البخاري رقم 4557)
فبين الله سبحانه و تعالى أن هذه الأمة خير الأمم للناس فهم أنفعهم لهم و أعظمهم إحسانا إليهم لأنهم كملوا أمر الناس بالمعروف و نهيهم عن المنكر من جهة الصفة و القدر حيث أمروا بكل معروف و نهوا عن كل منكر لكل أحد و أقاموا الجهاد في سبيل الله بأنفسهم و أموالهم و هذا كمال النفع للخلق .

قال الشوكاني في التفسير ( 1\450) ( الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر من أعظم واجبــات الشريعة المطهرة و أصل عظيم من أصولها و ركن شديد من أركانها و بها يكمل نظامها و يرتفع سنامها)
ثانيا الآثار الدالة في فضل الرجوع إلى الحق :

1-عن أبي وائل : قال : جلست إلى شيبة في هذا المجلس قال :(جلست إلى عمر في مجلسك هـذا فقال : هممت أن لا أدع فيها صفراء و لا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين ، قلت ما أنت فاعل : قال لما ؟ ، قلت لم يفعله صاحباك ، قال : هما المرآن يقتدا بهما ) الفتح ( 13\249).

2-عن ابن عباس رضي الله عنه أنه طاف مع معاوية بالبيت فجعل يستلم الأركان كلها فقال له ابن عباس : لما تستلم هاذين الركنين و لم يكن رسول الله صلي الله عليه و سلم يستلمهما فقال معاويـة ليس شيء من هذا البيت مهجور فقال ابن عباس رضي الله عنه ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فقال معاوية صدقت).

3-عن عكرمه قال : أتى علي بالزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال : (لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي النبي صلي الله عليه و سلم لا تعذبوا بعذاب الله و لقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم من بدل دينه فاقتلوه و في رواية للترمذي ( فبلغ ذلك علي فقال صدق ابن عباس)

4-قال عبد الرحمن المهدي كنا في جنازة فسألت عبيد الله ابن الحسن العنبري عن مسألة فغلط فيها فقلت له: أصلحك الله أتقول فيها كذا و كذا فأطرق ساعة ثم رفع رأسه فقال إذا أرجع و أنا صـاغر لأن أكون ذنبا في الحق أحب إلي أن أكون رأسا في الباطل ) كما في التهذيب ، ترجمة عبـيد الله .

5-قال القاسم بن اصبغ : لما رحلت إلى الشرق نزلت القيروان فأخذت على بكر بن حـماد حديث مسدد ثم رحلت إلى بغداد و لقيت الناس فلما انصرفت عدت إليه لتمام حديث مسدد فقرأت عليه يوما حديث النبي صلى الله عليه و سلم ( أنه قدم عليه قوم من مضــر مجتابي النمار فقال انما هــو ( مجتابي الثمار ) فقلت أنما مجتابي النمار هكذا قرأتها على كل من قرأتها عليه بالاندلس العـراق فقال بدخولك العراق تعارضنا و تفخر علينا ثم قال لي : قم بنا إلى ذلك الشيخ لشيخ كان في المسجد فإن له بمثل هذا علما ، فقال الشيخ إنما هو مجتابي النمار فقال بكر بن حماد و أخذ بأنفه : رغم أنفي للحق ، رغم أنفي للحق .

7-قال عبد الرحمن بن زياد : لقيت زفر رحمه الله فقلت له : صرتم حديثا في الناس و ضحكة ، فقال و ما ذاك ؟ قلت تقولون إدرؤوا الحدود بالشبهات ثم جئتم إلى أعظم الحدود و قلتم : تقام بالشبهات ، قال و ما هو ؟ قلت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا يقتل مسلم بكافر ، فقلتم : يقتل به . ( يعني بالذمي ) فقال : إني أشهدك الساعة أني قد رجعت عنها .

8-جاء في ترجمة عفان بن مسلم كما في السير .
محمد بن الحسن بن علي بن بحر حدثنا الفلاس قال : رأيت يحي يوما حدث بحديث فقال له عفان : ليس هو هكذا . فلما كان من الغد ، أتيت يحي ، فقال : هو كما قال عفان ، و لقد سألت الله أن لا يكون عندي على خلاف ما قال عفان .
قال الذهبي : هكذا كان العلماء فانظر يا مسكين كيف أنت عنهم بمعزل .
محمد بن عبد الرحمن بن فهم : قال سمعت بن معين يقول : عفان أثبت من عبد الرحمن ما أخطأ عفان قط إلا مرة في حديث أنا لقنته إياه فاستغفر الله .
9-و جاء في ترجمة زفر بن الهذيل بن قيس كما في الثقات لابن حبان : (و كان أقيس أصحابه و أكثرهم رجوعا إلى الحق إذا لاح له)

10-و جاء في ترجمة الأوزاعي كما في مقدمة الجرح و التعديل
ص 204 قال أبو حاتم : أخبرني العباس بن الوليد بن مزيد قال سمعت أبي و عقبة بن علقمة يذكران قالا : ما رأينا أحد أسرع رجوعا إلى الحق إذا سمعه من الأوزاعي

11-و جاء في ترجمة عبد الغني بن سعيد الأزدي كما في السير : لما رددت على أبي عبد الله الحاكم ( الأوهام التي في المدخل ) بعث إلي يشكرني و يدعوا لي ، فعلمت أنه رجل عاقل .

12-و ذكر القاضي عياض كما في الإلماع ص 238 من طريق العلاء بن الحسين أخبرني سفيان بن عيينة بحديث فقلت له : ليس هو يا أبا عبد الله كما حدثت قال و ما علمك يا قصير ؟

قال : فسكتت عنه هنيه ثم قلت : يا أبا عبد الله و أنت معلمنا و سيدنا فإن كنت أوهمت فلا تؤاخذني فسكت هنيه ثم قال : يا أبا عبد الرحمن الحديث كما ذكرت أنت .


قال النجار في مقدمته تبصير الخلف ص15وقابلهم الناس ممن قل علمهم فتساهلوا في إخرج من ثبتت سلفيته من السلفية بما لا يعتبره العلماء الأعلام مخرجا من السلفية وغفل هؤلاء عن مقولة أئمة السلف ( إخراج الناس من السنة شديد) أخرجه الخلال ( 2 /371 )
أقول:
1- وأنا أسأل النجار من هم هؤلاء الذين يجرحون من ثبتت سلفيتهم ؟
2- ومن هم الذين ثبتت سلفيتهم عندك وأخرجوا منها ظلما حيث لا يوجد ما يخرجهم من السلفية ؟
والأثر الذي أشار إليه أخرجه الخلال في ( 1 / 291 )

(من فضّل أبو بكر وعمر و وقف)

رقم513 اخبرني محمد بن موسى قال : قال أبو جعفر حمدان بن علي انه سمع أبا عبد الله قال :وكان يحيى بن سعيد يقول :عمر وقف وأنا أقف, قال أبو عبد الله:وما سمعت أنا هذا من يحيى, حدثني به أبو عبيد عنه , وما سألت أنا عن هذا أحدا ,أو ما اصنع بهذا؟ قال أبو جعفر, فقلت يا أبا عبد الله,, من قال: أبو بكر وعمر هو عندك من أهل السنة؟ قال: لا توقفني هكذا, كيف نصنع بأهل الكوفة ؟
قال أبو جعفر وحدثني عنه أبو السري عبدوس ابن عبد الواحد قال : إخراج الناس من السنة شديد
أقول:
1- انظر إلى النجار كيف جعل مقولة الإمام أحمد مقولة للسلف ؟ وهذا أمر عجيب !!!
2- إن الناظر في كلام الإمام احمد رحمه الله يرى انه كان يقصد في قوله إخراج الناس من السنة شديد في أمر معين وهو في مسألة مفاضلة علي على عثمان ، يعني إخراجهم من السنة بهذه المسألة فقط شديد مع انه سيأتي كلام للإمام احمد في هذا شديد لمن قدم عليا على عثمان وقول احمد المتقدم إخراج الناس......... لأنه كان جمع من السلف يرى تفضيل علي على عثمان ، ولهذا السبب لم يخرج الإمام احمد من قدم علياً على عثمان ،لأنه سيخرج الكثير .

قال الإمام احمد كما في السنة للخلال (1\307 ) قال احمد :
( أهل الكوفة كلهم يفضلون )
قلت : هذا موقف من مواقف الإمام أحمد وله مواقف أخرى يخرج فيها من السنة من قدم علياً على عثمان .
أخي الفاضل انظر ما قاله الإمام احمد فيمن فضل علياً على عثمان ، وقد رآه النجار واعرض عنه لان الآثار القادمة تهدم ما قرره النجار في رسالته .

انظر ما أخرجه الخلال (1\292 ) من طريق محمد بن عوف الحمصي قال سمعت احمد بن حنبل وسئل عن التفضيل ، فقال من قدم عليا على أبي بكر فقد طعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و من قدمه على عمر فقد طعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن قدمه على عثمان فقد طعن على أبي بكر وعلي وعمر وعلى أهل الشورى وعلى المهاجرين والأنصار .

قلت انظروا رحمكم الله إلى ما أعرض عنه النجار وأخرجه الخلال قال (1\294 ) اخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق بن إبراهيم حدثه قال سألت أبا عبد الله عمن قدم عليا على عثمان فقال هذا رجل سوء نبدأ بما قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن فضله النبي صلى الله عليه وسلم

واخرج الخلال (1\495 ) اخبرني زهير بن صالح بن احمد بن حنبل قال حدثني أبي قال سئل أبي وأنا أسمع عن من قدم عليا على عثمان مبتدع ؟ قال هذا أهل أن يبدع . أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قدموا عثمان .
وقال رحمه الله ( 1\296 ) اخبرني علي بن عبد الصمد قال سمعت هارون الديك يقول سمعت احمد بن حنبل يقول من قال ابو بكر وعمر وعثمان فهو صاحب سنة ، ومن قال ابو بكر وعمر وعلي وعثمان فهو رافضي ، أو قال مبتدع .
واخبرني زكريا بن يحي قال سمعت أبا عبد الله قال له رجل ، من قدم عليا على عثمان ؟ قال ذا قول سوء .

قال الخلال : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُوحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى، يَقُولُ: لَئِنْ قُلْتُ: إِنَّ عَلِيًّا أَفْضَلُ مِنْ عُثْمَانَ، لَقَدْ قُلْتُ: إِنَّ الْقَوْمَ خَانُوا "

قال السخاوي في فتح المغيث ( 1\56-61 ) وَإِلَى الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ عَلِيٍّ ذَهَبَ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَجَمْعٌ، كَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَطَائِفَةٌ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا.

وَرَوَى الْخَطَّابِيُّ عَنِ الثَّوْرِيِّ حِكَايَتَهُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَأَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَلَى الْأَوَّلِ، فَقِيلَ لِلثَّوْرِيِّ: فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا رَجُلٌ كُوفِيٌّ.

ثُمَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَكِنْ قَدْ ثَبَتَ عَنِ الثَّوْرِيِّ فِي آخِرِ قَوْلَيْهِ تَقْدِيمُ عُثْمَانَ. زَادَ غَيْرُهُ: وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ صَاحِبِهِ وَكِيعٍ.

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَهُوَ - أَيْ: هَذَا الْمَذْهَبُ - ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ وَإِنْ نَصَرَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْخَطَّابِيُّ.

وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَنْ قَدَّمَ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَفَقَدْ أَزْرَى بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. وَسَبَقَهُ إِلَيْهِ الثَّوْرِيُّ كَمَا حَكَيْتُهُ فِي الثَّامِنَةِ فِي إِحْصَائِهِمْ.
وَصَدَقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ ; فَإِنَّ عُمَرَ لَمَّا جَعَلَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ انْحَصَرَ فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، فَاجْتَهَدَ فِيهِمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا، حَتَّى سَأَلَ النِّسَاءَ فِي خُدُورِهِنَّ وَالصِّبْيَانَ فِي الْمَكَاتِبِ، فَلَمْ يَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ أَحَدًا، فَقَدَّمَهُ عَلَى عَلِيٍّ، وَوَلَّاهُ الْأَمْرَ قَبْلَهُ. «وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: (كُنَّا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ) » .

وَفِي لَفْظٍ لِلتِّرْمِذِيِّ، وَقَالَ: إِنَّهُ صَحِيحٌ غَرِيبٌ: « (كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ) » .
وَفِي آخَرَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ أَصْرَحُ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ اطِّلَاعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « (كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ: أَفْضَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَيَسْمَعُ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُنْكِرُهُ) » .

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الشُّيُوخَ وَذَوِي الْأَسْنَانِ مِنْهُمْ، الَّذِينَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا حَرَّكَهُ أَمْرٌ شَاوَرَهُمْ فِيهِ، وَكَانَ عَلِيٌّ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَثَ السِّنِّ. وَلَمْ يُرِدِ ابْنُ عُمَرَ الْإِزْرَاءَ بِعَلِيٍّ وَلَا تَأَخُّرَهُ وَدَفْعَهُ عَنِ الْفَضِيلَةِ بَعْدَ عُثْمَانَ، فَفَضْلُهُ مَشْهُورٌ لَا يُنْكِرُهُ ابْنُ عُمَرَ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيمِ عُثْمَانَ عَلَيْهِ. انْتَهَى.

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ( 4\261 )طبعة الوفاء :
فَإِنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَطَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ: رَجَّحُوا عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ سُفْيَانُ وَغَيْرُهُ. وَبَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ تَوَقَّفَ فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ؛ لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى عَنْهُ تَقْدِيمُ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ: كَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَأَصْحَابِهِ؛ وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ. حَتَّى إنَّ هَؤُلَاءِ تَنَازَعُوا فِيمَنْ يُقَدِّمُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ هَلْ يُعَدُّ مَنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد.
وَقَدْ قَالَ أَيُّوبُ السختياني وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَالدَّارَقُطْنِي: مَنْ قَدَّمَ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ فَقَدْ أَزْرَى بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار .

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كما في السير ( 16\457) : اختلفَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ، فَقَالَ قَوْمٌ: عُثْمَانُ أَفضلُ، وَقَالَ قَوْمٌ: عليٌّ أَفضلُفَتَحَاكَمُوا إِليَّ، فَأَمسكتُ، وَقُلْتُ: الإِمْسَاكُ خَيْرٌ ثُمَّ لَمْ أَرَ لِدِيْنِي السُّكُوتَ، وَقُلْتُ لِلَّذِي اسْتَفْتَانِي: ارْجِعْ إِلَيْهِم، وَقُلْ لَهُم: أَبُو الحَسَنِ يَقُوْلُ: عُثْمَانُ أَفضَلُ مِنْ عَلِيٍّ بِاتِّفَاقِ جَمَاعَةِ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هَذَا قَولُ أَهْلِ السُّنَّةَ، وَهُوَ أَوَّلُ عَقْدٍ يَحلُّ فِي الرَّفْضِ .

قال الذهبي " قُلْتُ: لَيْسَ تَفْضِيْلُ عَلِيٍّ بِرَفضٍ، وَلاَ هُوَ ببدعَةٌ، بَلْ قَدْ ذَهبَ إِلَيْهِ خَلقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، فَكُلٌّ مِنْ عُثْمَانَ وَعلِيٍّ ذُو فضلٍ وَسَابِقَةٍ وَجِهَادٍ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي العِلْمِ وَالجَلاَلَة، وَلعلَّهُمَا فِي الآخِرَةِ مُتسَاويَانِ فِي الدَّرَجَةِ، وَهُمَا مِنْ سَادَةِ الشُّهَدَاءِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، وَلَكِنَّ جُمُهورَ الأُمَّةِ عَلَى تَرَجيْحِ عُثْمَانَ عَلَى الإِمَامِ عَلِيٍّ، وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ ،وَالخَطْبُ فِي ذَلِكَ يسيرٌ، وَالأَفضَلُ مِنْهُمَا - بِلاَ شكٍّ - أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، مَنْ خَالفَ فِي ذَا فَهُوَ شِيعِيٌّ جَلدٌ، وَمَنْ أَبغضَ الشَّيْخَيْنِ وَاعتقدَ صِحَّةَ إِمَامَتِهِمَا فَهُوَ رَافضيٌّ مَقِيتٌ، وَمَنْ سَبَّهُمَا وَاعتقدَ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِإِمَامَيْ هُدَى فَهُوَ مِنْ غُلاَةِ الرَّافِضَةِ - أَبعدَهُم اللهُ -.
قلت : لمثل هذا الخلاف الشديد لم ير الإمام أحمد التبديع و قال هو شديد ، و إلا فقد تكلم أحمد في أناس كثير ، أما سمعت قوله فيمن سأله عن الرجل يماشي أهل البدع ؟ قال له أنصحه فإن أبى فألحقه به .
فهل الإمام أحمد من المتساهلين في إخراج الناس من السنة بهذا .

ونقل النجار في كتابه عن الإمام الدرامي ص16:

" وَالْبِدْعَةُ أَمْرُهَا شَدِيدٌ، وَالْمَنْسُوبُ إِلَيْهَا سَيِّءُ الْحَالِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا تَعْجَلُوا بِالْبِدْعَةِ حَتَّى تَسْتَيْقِنُوا وَتَعْلَمُوا أَحَقًّا قَالَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ أَمْ بَاطِلًا؟ وَكَيْفَ تَسْتَعْجِلُونَ أَنْ تَنْسِبُوا إِلَى الْبِدْعَةِ أَقْوَامًا فِي قَوْلٍ قَالُوهُ، وَلَا تَدْرُونَ أَنَّهُمْ أَصَابُوا الْحَقَّ فِي قَوْلِهِمْ ذَلِكَ أَمْ أَخْطَؤُوهُ، وَلَا يُمْكِنُكُمْ فِي مَذْهَبِكُمْ أَنْ تَقُولُوا لِوَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ: لَمْ تُصِبِ الْحَقَّ بِقَوْلِكَ، وَلَيْسَ كَمَا قُلْتَ فَمَنْ أَسْفَهُ فِي مَذْهَبِهِ وَأَجْهَلُ مِمَّنْ يَنْسِبُ إِلَى الْبِدْعَةِ أَقْوَامًا يَقُولُ: لَا نَدْرِي أَهُوَ كَمَا قَالُوا أَمْ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَا يَأْمَنُ فِي مَذْهَبِهِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ أَصَابُوا الْحَقَّ وَالسُّنَّةَ، فَسَمَّاهُمْ مُبْتَدِعَةً، وَلَا يَأْمَنُ فِي دَعْوَاهُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ بَاطِلًا وَالسُّنَّةُ بِدْعَةً؟ هَذَا ضَلَالٌ بَيِّنٌ وَجَهْلٌ غَيْرُ صغير " .

قلت أوهم النجار القرّاءَ أن الإمام الدارمي رحمه الله قال هذه المقالة في مقام الرد على مثل هؤلاء الذين أشار إليهم النجار بقوله (( وقابلهم أناس ممن قلّ علمهم فتساهلوا في إخراج من ثبتت سلفيته من السلفية بما لم يعتبره العلماء الأعلام مخرجا من السلفية . ))

والصحيح أن الإمام الدارمي في وادٍ ، وأحمد النجار في وادٍ آخر ، فالنجار يريد أمرا والدارمي كلامه رحمه الله في رده على الواقفة ، فينصح الواقفة بعدم الاستعجال في التبديع عامة ، وفي تبديع أهل السنة خاصة ، لأنهم قالوا إن القران كلام الله غير مخلوق ، ويرمونهم بالبدعة وهم لا يدرون الحق مع من " يعني الواقفة " ، وتبديعهم لأهل السنة باطل ، فأهل السنة من أبعد الناس عن إخراج الناس من السنة ، ولكن من ركب البدعة وحارب أهل السنة فهو المبتدع ، كالحلبي والمأربي وعرعور وغيرهم من أهل الأهواء ، من تهجمهم على أهل السنة وتقعيد قواعد باطلة وأصول مخالفة ، ودونهم بقليل بعض من يقول " خذ العلم حتى على من لم يبدع الجهم بن صفوان ، ولا يُبدع الحلبي ولا المأربي ، ويقول إن السلف لم يبدعوا المرجئة ، وما سلمت منه أعراض أهل السنة بالهمز واللمز .

وننقل الآن كلام الدارمي حتى يتبين صدق ما قلناه وتلبيس النجار
بَابُ الِاحْتِجَاجِ عَلَى الْوَاقِفَةِ

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: ثُمَّ إِنَّ نَاسًا مِمَّنْ كَتَبُوا الْعِلْمَ بِزَعْمِهِمْ وَادَّعَوْا مَعْرِفَتَهُ وَقَفُوا فِي الْقُرْآنِ، فَقَالُوا: لَا نَقُولُ مَخْلُوقٌ هُوَ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَعَ وُقُوفِهِمْ هَذَا لَمْ يَرْضَوْا حَتَّى ادَّعَوْا أَنَّهُمْ يَنْسُبُونَ إِلَى الْبِدْعَةِ مَنْ خَالَفَهُمْ وَقَالَ بِأَحَدِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ.

فَقُلْنَا لِهَذِهِ الْعِصَابَةِ: أَمَّا قَوْلُكُمْ: مُبْتَدِعٌ، فَظُلْمٌ وَحَيْفٌ فِي دَعْوَاكُمْ حَتَّى تَفْهَمُوا الْأَمْرَ وَتَعْقِلُوهُ، لِأَنَّكُمْ جَهِلْتُمْ أَيَّ الْفَرِيقَيْنِ أَصَابُوا السُّنَّةَ وَالْحَقَّ، فَيَكُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ مُبْتَدِعَةً عِنْدَكُمْ، وَالْبِدْعَةُ أَمْرُهَا شَدِيدٌ، وَالْمَنْسُوبُ إِلَيْهَا سَيِّءُ الْحَالِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا تَعْجَلُوا بِالْبِدْعَةِ حَتَّى تَسْتَيْقِنُوا وَتَعْلَمُوا أَحَقًّا قَالَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ أَمْ بَاطِلًا؟ وَكَيْفَ تَسْتَعْجِلُونَ أَنْ تَنْسِبُوا إِلَى الْبِدْعَةِ أَقْوَامًا فِي قَوْلٍ قَالُوهُ، وَلَا تَدْرُونَ أَنَّهُمْ أَصَابُوا الْحَقَّ فِي قَوْلِهِمْ ذَلِكَ أَمْ أَخْطَؤُوهُ، وَلَا يُمْكِنُكُمْ فِي مَذْهَبِكُمْ أَنْ تَقُولُوا لِوَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ: لَمْ تُصِبِ الْحَقَّ بِقَوْلِكَ، وَلَيْسَ كَمَا قُلْتَ فَمَنْ أَسْفَهُ فِي مَذْهَبِهِوَأَجْهَلُ مِمَّنْ يَنْسِبُ إِلَى الْبِدْعَةِ أَقْوَامًا يَقُولُ: لَا نَدْرِي أَهُوَ كَمَا قَالُوا أَمْ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَا يَأْمَنُ فِي مَذْهَبِهِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ أَصَابُوا الْحَقَّ وَالسُّنَّةَ، فَسَمَّاهُمْ مُبْتَدِعَةً، وَلَا يَأْمَنُ فِي دَعْوَاهُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ بَاطِلًا وَالسُّنَّةُ بِدْعَةً؟ هَذَا ضَلَالٌ بَيِّنٌ وَجَهْلٌ غَيْرُ صَغِيرٍ.

وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: لَا نَدْرِي مَخْلُوقٌ هُوَ أَمْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْكُمْ قِلَّةَ عِلْمٍ بِهِ وَفَهْمٍ فَإِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فِيهِ النَّظَرُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَيُحْتَمَلُ بِالْعُقُولِ، وَجَدْنَا الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا شَيْئَيْنِ: الْخَالِقُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ، وَالْمَخْلُوقِينَ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِمْ، فَالْخَالِقُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَالْمَخْلُوقُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ مَخْلُوقٌ، فَانْظُرُوا فِي هَذَا الْقُرْآنِ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَكُمْ صِفَةُ الْمَخْلُوقِينَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَشُكُّوا فِي الْمَخْلُوقِينَ وَفِي كَلَامِهِمْ وَصِفَاتِهِمْ أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ كُلُّهَا لَا شَكَّ فِيهَا، فَيَلْزَمُكُمْ فِي دَعْوَاكُمْ حِينَئِذٍ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ، فَلْتَسْتَرِيحُوا مِنَ الْقَالِ وَالْقِيلِ فِيهِ، وَتُغَيِّرُوا عَنْ ضَمَائِرِكُمْ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَكُمْ هُوَ صِفَةَ الْخَالِقِ وَكَلَامِهِ حَقًّا وَمِنْهُ خَرَجَ، فَلَا يَنْبَغِي لِمُصَلٍّ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَشُكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَكَلَامِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، هَذَا وَاضِحٌ لَا لَبْسَ فِيهِ إِلَّا عَلَى مَنْ جَهِلَ الْعِلْمَ أَمْثَالُكُمْ وَمَا فَرقَ بَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ مَنْ قَالَ: هُوَ مَخْلُوقٌ إِلَّا يَسِيرٌ، يَزْعُمُ أُولَئِكَ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ مُضَافٌ إِلَيْهِ مَخْلُوقٌ، وَزَعَمْتُمْ أَنْتُمْ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، وَلَا تَدْرُونَ مَخْلُوقٌ هُوَ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَإِذَا لَمْ تَدْرُوا لَمْ تَأْمَنُوا فِي مَذْهَبِكُمْ أَنْ يَكُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَالُوا: مَخْلُوقٌ، قَدْ أَصَابُوا مِنْ قَوْلِكُمْ، فَكَيْفَ تَنْسِبُونَهُمْ إِلَى الْبِدْعَةِ وَأَنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ أَمْرِهِمْ؟ فَلَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَنْسِبَ رَجُلًا إِلَى بِدْعَةٍ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ أَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ وَفِعْلَهُ بَاطِلٌ لَيْسَ كَمَا يَقُولُ، فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّ فَرْقَ مَا بَيْنَكُمْ يَسِيرٌ، لِأَنَّ أُولَئِكَ ادَّعَوْا أَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَزَعَمْتُمْ أَنْتُمْ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَقَدِ ابْتَدَعَ وَضَلَّ فِي دَعْوَاكُمْ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مُبْتَدِعًا عِنْدَكُمْ، لَا تَشُكُّونَ فِيهِ أَنَّهُ لَمَخْلُوقٌ عندكم حَقًّا لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَكِنْ تَسْتَتِرُونَ مِنَ الِافْتِضَاحِ بِهِ مَخَافَةَ التَّشْنِيعِ، وَجَعَلْتُمْ أَنْفُسَكُمْ جُنَّةً وَدَلَسَةً لِلْجَهْمِيَّةِ عِنْدَ النَّاسِ، تُصَوِّبُونَ آرَاءَهُمْ وَتُحَسِّنُونَ أَمْرَهُمْ وَتَنْسِبُونَ إِلَى الْبِدْعَةِ مَنْ خَالَفَهُمْ.

وَالْحُجَّةُ عَلَى هَذِهِ الْعِصَابَةِ أَيْضًا جَمِيعُ مَا احْتَجَجْنَا بِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِي تَحْقِيقِ كَلَامِ اللَّهِ وَمَا رَوَيْنَا فِيهِ مِنْ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ بَعْدَهُ أَنَّ الْقُرْآنَ نَفْسُ كَلَامِ اللَّهِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَهِيَ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ عَلَيْهِمْ كَمَا تَدْخُلُ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، وَصَدَّقَهُ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] . وَفِي قَوْلِهِ: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: 15] . فَأَيْقَنَ بِأَنَّهُ كَلَامُهُ حَقًّا كَمَا سَمَّاهُ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ، لَزِمَهُ الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ كَلَامًا مَخْلُوقًا لِنَفْسِهِ صِفَةً وَكَلَامًا، وَلَمْ يُضِفْ إِلَى نَفْسِهِ كَلَامَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ، وَلَا يُقَاسُ كَلَامُ اللَّهِ بِبَيْتِ اللَّهِ وَعَبْدِ اللَّهِ وَخَلْقِ اللَّهِ وَرَوْحِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْخَلْقَ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ وَلَا مِنْ صِفَاتِهِ، وَكَلَامُهُ صِفَتُهُ وَمِنْهُ خَرَجَ، فَلَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْكَلَامِ إِلَّا مَا تَكَلَّمَ بِهِ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يُنْسَبَ كَلَامُ مَخْلُوقٍ إِلَى اللَّهِ فَيَكُونَ لِلَّهِ كَلَامًا وَصِفَةً، كَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ بَيْتُ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ لَجَازَ أَنْ نَقُولَ: كُلُّ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنْ حَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ أَوْ شِعْرٍ أَوْ غِنَاءٍ أَوْ نَوْحٍ كَلَامُ اللَّهِ، فَمَا فَضْلُ الْقُرْآنِ فِي هَذَا الْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ إِنْ كَانَ كُلُّهُ يُنْسَبُ إِلَى اللَّهِ، وَيُقَامُ لِلَّهِ صِفَةً وَكَلَامًا فِي دَعْوَاكُمْ؟ فَهَذَا ضَلَالٌ بَيِّنٌ، مَعَ أَنَّا قَدْ كُفِينَا مُؤْنَةَ النَّظَرِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْبَيَانِ، وَفِي الْأَثَرِ مِنَ الْبُرْهَانِ، وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: احْتَجَجْنَا بِهَذِهِ الْحُجَجِ وَمَا أَشْبَهَهَا عَلَى بَعْضِ هَؤُلَاءِ الْوَاقِفَةِ، وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ احْتِجَاجِهِمْ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ أَنْ قَالُوا: إِنَّ نَاسًا مِنْ مَشْيَخَةِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ عَرَفْنَاهُمْ عَنْ قِلَّةِ الْبَصَرِ بِمَذَاهِبِ الْجَهْمِيَّةِ سُئِلُوا عَنِ الْقُرْآنِ، فَقَالُوا: لَا نَقُولُ فِيهِ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَأَمْسَكُوا عَنْهُ إِذْ لَمْ يَتَوَجَّهُوا لِمُرَادِ الْقَوْمِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أُغْلُوطَةً وَقَعَتْ فِي مَسَامِعِهِمْ لَمْ يَعْرِفُوا تَأْوِيلَهَا، وَلَمْ يُبْتَلُوا بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَكَفُّوا عَنِ الْجَوَّابِ فِيهِ وَأَمْسَكُوا. فَحِينَ وَقَعَتْ فِي مَسَامِعِ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ بِهِمْ وَبِكَلَامِهِمْ وَمُرَادِهِمْ مِمَّنْ جَالَسُوهُمْ وَنَاظَرُوهُمْ وَسَمِعُوا قُبْحَ كَلَامِهِمْ، مِثْلُ مَنْ سَمَّيْنَا، مِثْلُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ، وَالْقَاسِمِ الْجَزَرِيِّ، وَبَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ، وَالْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ، وَنُظَرَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ بِكَلَامِ الْجَهْمِيَّةِ، لَمْ يَشُكُّوا أَنَّهَا كَلِمَةُ كُفْرٍ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ نَفْسُ كَلَامِ اللَّهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَأَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ إِذْ رَدَّ اللَّهُ عَلَى الْوَحِيدِ قَوْلَهُ: إِنَّهُ قَوْلُ الْبَشَرِ وَأَصْلَاهُ عَلَيْهِ سَقَرَ، فَصَرَّحُوا بِهِ عَلَى عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَالْحُجَّةُ بِالْعَارِفِ بِالشَّيْءِ، لَا بِالْغَافِلِ عَنْهُ الْقَلِيلِ الْبَصَرِ بِهِ، وَتَعَلَّقَ هَؤُلَاءِ فِيهِ بِإِمْسَاكِ أَهْلِ الْبَصَرِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى قَوْلِ مَنِ اسْتَنْبَطَهُ وَعَرَفَ أَصْلَهُ ، فَقُلْنَا لَهُمْ: إِنْ يَكُ جَبُنَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ احْتَجَجْتُمْ بِهِمْ مِنْ قِلَّةِ بَصَرٍ، فَقَدِ اجْتَرَأَ هَؤُلَاءِ، وَصَرَّحُوا بِبَصَرٍ، وَكَانُوا مِنْ أَعْلَامِ النَّاسِ وَأَهْلِ الْبَصَرِ بِأُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ حَتَّى أَكْفَرُوا مَنْ قَالَ: مَخْلُوقٌ، غَيْرُ شَاكِّينَ فِي كُفْرِهِمْ وَلَا مُرْتَابِينَ فِيهِمْ.

انظر الرد على الجهمية للدارمي تخريج أبو الأشبال المصري طبعة دار الكيان ص169-173


قال النجار في (ص27):

"قال الإمام أحمد -رحمه الله-: " أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والاقتداء بهم، وترك البدع".

ثم قال في الحاشية: "أصول السنة للإمام أحمد" ضمن كتاب "عقائد السلف" (ص19)".


قلت: لقد نقل اللالكائي اعتقاد سفيان بن عيينة في (ص175) من المجلد الأول، ثم عقبه في الصفحة نفسها باعتقاد الإمام أحمد إلى (ص184) وفيه زيادة أصول على ما ورد في اعتقاد سفيان.
فلماذا تهرب النجار من استيفاء هذه الأصول التي ذكرها الإمام أحمد، ولم يذكرها سفيان؟


ولماذا ثانياً- يبعد النجعة فيحيل بالفقرة التي نقلها عن الإمام أحمد إلى كتاب اعتقاد السلف، مع أن اعتقاد أحمد قد ذكره اللالكائي عقب اعتقاد سفيان مباشرة؟؟؟!!


ومن الأصول الزائدة على ما ذكره سفيان:

1 – إثبات رؤية الله - عز وجل - .

2 – والسمع والطاعة للأئمة والغزو معهم... الخ

3 – ومنها بيان حكم من ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم، – حيث قال - رحمه الله –:
"ومن انتقص أحداً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أبغضه لحدث كان منه أو ذكر مساوئه كان مبتدعاً حتى يترحم عليهم جميعا ويكون قلبه لهم سليما".

4- ومما ذكر الإمام أحمد ولم يذكره سفيان وهو مهم قوله :
"والجنة والنار مخلوقتان قد خلقتا كما جاء عن رسول لله – صلى الله علي وسلم –: " دخلت الجنة فرأيت قصراً ورأيت الكوثر".
"واطلعت في الجنة فرأيت لأهلها كذا، واطلعت في النار فرأيت كذا ورأيت كذا".
فمن زعم أنهما لم تخلقا فهو مكذب بالقرآن وأحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم –، ولا أحسبه يؤمن بالجنة والنار.

5-ومما ذكره ابن المديني وفات سفيان مسألة الامتحان بالأشخاص القائمين بالسنة والمحاربين للبدع.

ومسألة تنقص الصحابة ومسألة الامتحان من جملة المسائل التي يختلف فيها خصوم المنهج السلفي المدافعين عن أهل الضلال مع السلفيين.

فعدنان عرعور وأبو الحسن يدافعان عمن يطعن أشد الطعن في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بل فيمن يطعن في نبي الله موسى -عليه السلام- ويسخر منه، بل يدافعان عمن يقول بالحلول ووحدة الوجود، ويعطل صفات الله -عز وجل-، ويقول بأزلية الروح وبالاشتراكية الغالية ويقول بحرية التدين، ويدندن حول وحدة الأديان.
ويدافع أبو الحسن بالخيانة والكذب عمن يقول بوحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، ويطعن في بعض الصحابة، فيقول: إنهم غثاء، ويقول في بعض الصحابة إنهم أصاغر والأصاغر دائماً تحت الأقدام وله فيهم طعون أخرى.

ويصرح عدنان بالدعوة إلى وحدة الأديان والوحدة مع النصيريين والدروز والإسماعيليين وغيرهم من أعداء الإسلام.
وهذه الضلالات الكبرى لا تنافي السلفية عند الحلبي، ولا تؤثر في سلفية من يرتكب هذه القواصم المهلكة.

بل هو يشارك أبا الحسن في الدفاع عن أهل وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، ولا ينكر على عدنان ضلالاته، ومنها الدعوة الصريحة إلى وحدة الأديان.

والظاهر أن النجار يتعاطف مع هذه الفئة ويعتبرهم سلفيين.
والظاهر أنه ما ألّف كتابه هذا إلا للذب عنهم.

فإن كنت أخطأت في هذا فليعلن موقفه الصحيح منهم.

وأما مسألة الامتحان بالأشخاص فهي مما يسخط هذه الفئة ومن تأثر بمنهجهم .

فهم ضد أئمة السلف فيها، ومن يجيزها منهم يشترط لها شروطاً يستحيل تطبيقها على أهل البدع والأهواء في هذا العصر.


قال أحمد النجار في (ص31):

"وقال الإمام علي بن المديني -رحمه الله-:
"السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقلها أو يؤمن بها لم يكن من أهلها".
قال النجار: "ثم ذكر جملة من أصول أهل السنة".

قلت: نقل اللالكائي اعتقاد علي بن المديني في حوالي ثمان صفحات من (ص185- 192) من المجلد الأول، وهو يشمل على أصول كثيرة.
كان ينبغي للنجار أن ينقل كل هذه الأصول ليزداد طالب العلم بصيرة، وما ذكره ابن المديني نحو مما ذكره الإمام أحمد إلا أنه زاد مسألة الامتحان من (ص191-192)، فإن صعب عليه ذلك فكان يجب أن ينقل منها ما زاد عن اعتقاد سفيان بن عيينة وغيره.

وللفطن أن يتساءل لماذا تهرب النجار من نقل كلام الإمامين أحمد وابن مهدي؟ ألا يعد هذا من كتمان الحق عطفاً على أهل الأهواء الذين يحاربون المنهج السلفي وأصوله وأهله.

ولنذكر بهذه المناسبة بعض الأدلة وأقوال بعض أئمة الإسلام في الامتحان.([1])

أما الكتاب فقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) .

وأما السنة فامتحان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للجارية، قال لها: "أَيْنَ الله؟ قالت: في السَّمَاءِ، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول اللَّهِ، فقال لسيدها معاوية بن الحكم السلمي: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ"([2]) ، (3) .

فما حكم لها بالإيمان وأجاز عتقها إلا بعد هذا الامتحان.

وأما أقوال أئمة الإسلام فمنها قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:

" فإذا أراد الإنسان أن يصاحب المؤمن، أو أراد المؤمن أن يصاحب أحدا وقد ذكر عنه الفجور وقيل إنه تاب منه، أو كان ذلك مقولا عنه سواء كان ذلك القول صدقا أو كذبا: فإنه يمتحنه بما يظهر به بره أو فجوره وصدقه أو كذبه.

وكذلك إذا أراد أن يولي أحدا ولاية امتحنه؛ كما أمر عمر بن عبد العزيز غلامه أن يمتحن ابن أبي موسى لما أعجبه سمته، فقال له: قد علمت مكاني عند أمير المؤمنين فكم تعطيني إذا أشرت عليه بولايتك؟ فبذل له مالا عظيما، فعلم عمر أنه ليس ممن يصلح للولاية.

وكذلك في المعاملات، وكذلك الصبيان والمماليك الذين عرفوا أو قيل عنهم الفجور وأراد الرجل أن يشتريه بأنه يمتحنه، فإن المخنث كالبغي، وتوبته كتوبتها.

ومعرفة أحوال الناس:


أ- تارة تكون بشهادات الناس.

ب- وتارة تكون بالجرح والتعديل.

جـ- وتارة تكون بالاختبار والامتحان"([3]).

فهذه الامتحانات تسوغ في حق من لم يخاصم أهل الحق ولم يوالِ أهل الباطل، فكيف بأهل الباطل وبمن يخاصم أهل الحق ويوالي أهل الباطل؟
وأما السلف الصالح العاملون بالكتاب والسنة فقد جعلوا الامتحان من مقاييسهم يميزون به بين أهل السنة وأهل البدع والأهواء، وبين الثقات من الرواة وبين الكذابين والمغفلين والضعفاء، فمن الأئمة الذين نقل عنهم الامتحان:

الإمام مُحَمَّد بن سِيرِين، قال- رحمه الله-:

" إِنَّ هذا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ"([4]).

وقال -رحمه الله-: "لم يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عن الإسناد فلما وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ قالوا سَمُّوا لنا رِجَالَكُمْ فَيُنْظَرُ إلى أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ وَيُنْظَرُ إلى أَهْلِ الْبِدَعِ فلا يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ"([5]).

وإن كان أهل الحديث رووا عن أهل البدع بشروط، منها الصدق والحفظ والأمانة، إلا أن قضية الامتحان لا تزال عندهم قائمة، وما ميزوا بين أهل السنة وأهل البدع إلا بالدراسة لأحوال الرجال وامتحانهم بطرقهم المعروفة عند أهل العلم.

قال العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي -رحمه الله- (ت:1386هـ) في كتابه "علم الرجال وأهميته"، وهو يتحدث عن الجرح والتعديل، قال:

"ثم جاء عصر أتباع التابعين فما بعده ، فكثر الضعفاء ، والمغفلون ، والكذابون ، والزنادقة ، فنهض الأئمة لتبيين أحوال الرواة وتزييف ما لا يثبت ، فلم يكن مِصرٌ من أمصار المسلمين إلا وفيه جماعة من الأئمة يمتحنون الرواة ، ويختبرون أحوالهم وأحوال رواياتهم ، ويتتبعون حركاتهم وسكناتهم، ويعلنون للناس حكمهم عليهم"([6]).

وقال –رحمه الله-: " طرق اختبار الرواة :

وللأئمة طرق في اختبار الرواة ؛ منها : النظر إلى حال الراوي في المحافظة على الطاعات واجتناب المعاصي، و سؤال أهل المعرفة به.
قال الحسن بن صالح بن حيٍّ : "كنا إذا أردنا أن نكتب عن الرجل سألنا عنه ، حتى يقال : أتريدون أن تزوجوه ؟؟"([7]) .

ومنها: أن يُحدّثَ أحاديث عن شيخٍ حي، فيُسألَ ذلك الشيخُ عنها .

مثاله : قول شعبة: قال الحسن بن عمارة: حدثني الحكم ، عن يحيى بن الجزار ، عن علي سبعةَ أحاديث ، فسألتُ الحكم عنها؟ فقال : ما سمعتُ منها شيئا"([8]).

ومنها: أن يُحدِّثَ عن شيخ قد مات ، فيقال للراوي : متى وُلدتَ ؟ ومتى لقيتَ هذا الشيخَ ؟ وأين لقيتَه ؟ ثم يُقابَلَ بين ما يُجيبُ به وبين ما حُفِظ من وفاة الشيخ الذي روى عنه ومحل إقامته وتواريخ تنقله.
مثاله : ما جاء عن عفير بن معدان أن عمر بن موسى بن وجيه حدّث عن خالد ابن معدان ، قال عفير : فقلتُ له: في أي سنه لقيته ؟ قال: في سنة ثمان وخمسين ومئة، في غزاة إرمينية ، قلت: اتق الله يا شيخ ، لا تكذب ، مات خالد سنة أربع وخمسين ومئة([9])، أزيدك أنه لم يغز إرمينية([10]).


ومنها : أن يسمعَ من الراوي أحاديثَ عن مشايخَ قد ماتوا، فتُعرض هذه الأحاديث على ما رواه الثقات عن أولئك المشايخ، فينظر : هل انفرد هذا الراوي بشيء أو خالف أو زاد ونقص؟ فتجدهم يقولون في الجرح: " ينفرد عن الثقات بما لا يتابع عليه"، "في حديثه مناكير " ، " يخطئ ويخالف " ... ونحو ذلك"([11]).

"الإمام أحمد بن عبد الله بن يونس (ت 227هـ ) -رحمه الله- قال: ( امتحن أهل الموصل بمعافى بن عمران فإن أحبوه فهم أهل السنة وإن أبغضوه فهم أهل بدعة كما يمتحن أهل الكوفة بيحيى )([12]) .

ـ قال الإمام نعيم بن حماد (ت228هـ) – رحمه الله -: ( إذا رأيت العراقي يتكلم في أحمد بن حنبل فاتهمه في دينه وإذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق بن راهويه فاتهمه في دينه، وإذا رأيت البصري يتكلم في وهب بن جرير فاتهمه في دينه )([13]).


ـ وقال جعفر بن أبي عثمان الطيالسي: سمعت يحيى بن معين (ت233هـ) – رحمه الله – يقول: (إذا رأيت الرجل يتكلم في حماد بن سلمة وعكرمة مولى ابن عباس فاتهمه على الإسلام )([14]).

ـ وقال الإمام علي بن المديني (ت 234هـ ) – رحمه الله – في عقيدته: ( وإذا رأيت الرجل يحب أبا هريرة ويدعو له ويترحم عليه فارج خيره واعلم أنه بريء من البدع وإذا رأيت الرجل يحب عمر بن عبد العزيز ويذكر محاسنه وينشرها فاعلم أن رواء ذلك خيرا إن شاء الله وإذا رأيت الرجل يعتمد من أهل البصرة على أيوب السختياني وابن عون ويونس والتيمي ويحبهم ويكثر ذكرهم والاقتداء بهم فارج خيره ثم من بعد هؤلاء حماد بن سلمة ومعاذ بن معاذ ووهب بن جرير، فإن هؤلاء محنة أهل البدع، وإذا رأيت الرجل من أهل الكوفة يعتمد على طلحة بن مصرف وابن ابجر وابن حيان التيمي ومالك بن مغول وسفيان بن سعيد الثوري وزايده فارجه ومن بعدهم عبد الله بن أدريس ومحمد بن عبيد وابن أبي عتبة والمحاربي فارجه )([15]).

ـ وقال الإمام أحمد بن حنبل(ت241هـ) – رحمه الله -: ( إذا رأيت الرجل ينال من حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام )([16]).

ـ وقال الإمام البخاري (ت 256هـ ) – رحمه الله -: ( قال عبيد الله بن سعيد سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول في حديث ذكره وإذا رأيت الكوفي يذكر مالك بن مغول فاطمئن إليه )([17]).

ـ وقال الإمام أبو حاتم الرازي (ت277هـ) – رحمه الله -: ( إذا رأيت الرازي وغيره يبغض أبا زرعة فاعلم أنه مبتدع )([18]).

ـ وقال الإمام أحمد بن أصرم بن خزيمة المغفلي (ت285هـ) – رحمه الله -: ( إذا رأيت الأنباري يحب أبا جعفر الحذاء ومثنى بن جامع الأنباري فاعلم أنه صاحب سنة )([19]).


- وقال الإمام عبد الرحمن بن مهدي (ت298هـ) – رحمه الله -: ( إذا رأيت حجازيا يحب مالك بن أنس فهو صاحب سنه وفي حديث محمد بن مسلم إذا رأيت المديني يحب مالكا )([20]).


ـ وقال أسود بن سالم – رحمه الله –: ( كان ابن المبارك إماما يقتدى به، كان من أثبت الناس في السنة، إذا رأيت رجلا يغمز ابن المبارك بشيء فاتهمه على الإسلام )([21]).

ـ وقال أبو محمد ابن أبي حاتم الرازي (ت327هـ ) - رحمه الله -: ( باب استحقاق السنة محبي حماد بن زيد، حدثنا أبي ومحمد بن مسلم قالا سمعنا حماد بن زاذان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول: إذا رأيت بصريا يحب حماد بن زيد فهو صاحب سنة )([22]).


وقال أيضا- رحمه الله -: ( باب استحقاق الرجل السنة بمحبة
أحمد بن حنبل:

حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية قال سمعتعبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي يقول سمعت أبا رجاء - يعني قتيبة ابن سعيد - يقول : إذا رأيت الرجل يحب أحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سنة وجماعة ...
وقال: سمعت أبا جعفر محمد بن هارون المخرمي المعروف بالفلاس يقول : إذا رأيتالرجل يقع في أحمد بن حنبل فاعلم أنه مبتدع ضال)([23]).

وقال أيضا – رحمه الله -: ( باب ما يرجى من الخير لمحبي الأوزاعي: حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل نا على - يعنى ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن - يعنى ابن مهدى - يقول : إذا رأيت الشامي يحب الأوزاعي وأبا إسحاق الفزاري فارج خيره .

وقال: حدثنا أبي نا أبو زياد حماد بن زاذان قال سمعت عبد الرحمن بنمهدى يقول : إذا رأيت الشامي يحب الأوزاعي وأبا إسحاق الفزاري فهو صاحب سنة )([24]).


وقال أيضا – رحمه الله -: ( باب استحقاق السنة محبي أبى إسحاق الفزاري: حدثني أبي قال سمعت حماد بن زاذان قال سمعت عبدالرحمن بن مهدى قال : إذا رأيت شاميا يحب الأوزاعي وأبا إسحاق الفزاري فهو صاحب سنة.

حدثنا أحمد بن سلمة النيسابوري نا أبو قدامة عبيد الله بن سعيد قال سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول : إذا رأيت الشامي يذكر الأوزاعي والفزارى -يعنى بخير - فاطمئن إليه)([25]).

ـ وقال أبو أحمد الحاكم ( ت 378هـ ) -رحمه الله -: ( وإذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري ومالك بن أنس وأيوب السختياني وعبد الله بن عون ويونس بن عبيد وسليمان التيمي وشريكا وأبا الأحوص والفضيل بن عياض وسفيان بن عيينة والليث بن سعد وابن المبارك ووكيع بن الجراح ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن يحيى وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه فاعلم أنهعلى الطريق ، وإذا رأيت الرجل يقول هؤلاء الشكاك فاحذروه فإنه على غير الطريق)([26]).


ـ وقال أبو عبد الله بن بطة (ت387هـ)– رحمه الله -: ( إذا رأيت العكبري يحب أبا حفص بن رجاء فاعلم أنه صاحب سنة)([27]).

ـ وقال أيضا : ( إذا رأيت البغدادي يحب أبا الحسن بن بشار وأبا محمد البربهاري فاعلم انه صاحب سنة )([28]).


ـ وقال محمد بن عبد الرحمن بن مهدي-رحمه الله -: ( كان الأوزاعي والفزاري إمامين في السنة، إذا رأيت الشامي يذكر الأوزاعي والفزاري فاطمئن إليه كان هؤلاء أئمة في السنة )([29]).

- وقال أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي الطبري - رحمه الله -: ( إذا رأيت رازيا وخراسانيا يحب أبا حاتم وأبا زرعة فاعلم أنه صاحب سنة )([30])"([31]).


قال النجار ص30 :
" وعليه : " الْبِدْعَةُ " الَّتِي يُعَدُّ بِهَا الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مَا اشْتَهَرَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسُّنَّةِ مُخَالَفَتُهَا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ والإجماع فمن وقع فيها فهو من أهل الابتداع " .

أقول إن من بركة العلم عزوه إلى أهله وهذا الكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى ( 14\62 ) دار الوفاء بدونهذه الزيادة و هي (والإجماع فمن وقع فيها فهو من أهل البدع )

فالإجماع هذا من إضافات النجار فهو يشترط في الحكم على الرجل بالبدعة مخالفته للإجماع فمن سبقك إلى هذا ؟


قال النجار ص30 وعليه: " الْبِدْعَةُ " الَّتِي يُعَدُّ بِهَا الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مَا اشْتَهَرَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسُّنَّةِ مُخَالَفَتُهَا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ والإجماع فمن وقع فيها فهو من أهل الابتداع , ومن أمثلتها الإلحاد في أسماء الله وصفاته والتكذيب بالقدر وتجويز الخروج عن شريعة النبي والغلو في الدين بان ينزل البشر منزلة الإله والخروج على أئمة المسلمين ، وإنكار المسح على الخفين ، إلى غير ذلك ) انظر مجموع الفتاوى ( 28\105-106 ) انتهى كلامه .

أقول :يفهم من هذا الكلام :

1- أنه لا يبدع الشخص إذا خالف الكتاب والسنة والإجماع فإذا خالف واحداً من هذه الثلاثة فإنه لا يبدع .

2- أنه إذا خالف ما عليه الخلفاء الراشدون أنه لا يبدع .

3- أنه إذا خالف أهل السنة من التابعين فمن بعدهم فإنه لا يعد من أهل البدع .

4- لقد قصر في النقل عن شيخ الإسلام .

كلام شيخ الإسلام ( فَأَمَّا الْغِشُّ وَالتَّدْلِيسُ فِي " الدِّيَانَاتِ " فَمِثْلُ الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ: مِثْلَ إظْهَارِ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ فِي مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ. وَمِثْلَ سَبِّ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَجُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ سَبِّ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَمَشَايِخِهِمْ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ: الْمَشْهُورِينَ عِنْدَ عُمُومِ الْأُمَّةِ بِالْخَيْرِ. وَمِثْلَ التَّكْذِيبِ بِأَحَادِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي تَلَقَّاهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقَبُولِ. وَمِثْلَ رِوَايَةِ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ الْمُفْتَرَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِثْلَ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ بان يَنْزِلَ الْبَشَرُ مَنْزِلَةَ الْإِلَهِ. وَمِثْلَ تَجْوِيزِ الْخُرُوجِ عَنْ شَرِيعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِثْلَ الْإِلْحَادِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ وَتَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَالتَّكْذِيبِ بِقَدَرِ اللَّهِ وَمُعَارَضَةِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ. وَمِثْلَ إظْهَارِ الْخُزَعْبَلَاتِ السِّحْرِيَّةِ والشعبذية الطَّبِيعِيَّةِ وَغَيْرِهَا؛....)

قلت: فلماذا يضير هذا الرجل من نقل هذا الكلام الذي يفيد طلاب العلم بدلاً من تضييق دائرة البدع لا ندري ما هو السر في مثل هذا التصرف ؟!


قال النجارص33 :
" فليس كل مسألة يضلل فيها المخالف و إنما مدار ذلك كله على ما إذا كانت المسألة أصلا من أصول أهل السنة والجماعة أو لا " .

وَسُأل الإمام أحمد عَمَّنْ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَعُثْمَانُ؟ فَقَالَ: " مَا يُعْجِبُنِي هَذَا الْقَوْلُ، قيل له: إِنَّهُ مُبْتَدِعٌ؟ قَالَ: أَكْرَهُ أَنَّ أُبَدِّعَهُ، الْبِدْعَةَ الشَّدِيدَةَ، قُلْتُ: فَمَنْ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَسَكَتَ فَلَمْ يُفَضِّلُ أَحَدًا؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَيْضًا هَذَا الْقَوْلُ، قُلْتُ: فَيُقَالَ: مُبْتَدِعٌ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي هَذَا الْقَوْلُ "

قلت : وإني أتعجب من النجار من نقله ما يوافق هواه وتصرفه في كلام الإمام أحمد ,ثم ماذا يريد من هذه النقولات إلا التهوين من إطلاق لفظ المبتدع على من يستحق ذلك ، فكأنه يقول إذا كان الإمام أحمد لم يبدع من هذا حاله ، فكيف يحذر البعض من إخوانهم الذين هم دون هذا حسب زعمه.

والآن ننقل كلام الإمام احمد في المسألة :
قال الخلال ( 1\294 ) : أخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق بن إبراهيم حدثه قال : سألت أبا عبد الله عمن قدم عليا على عثمان ، فقال : هذا رجل سوء ، نبدأ بما قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن فضله النبي صلى الله عليه وسلم .

وأخرج الخلال ( 1\295 ) : أخبرني زهير بن صالح بن احمد بن حنبل قال : حدثني أبي قال سئل أبي وأنا اسمع عن من قدم عليا على عثمان مبتدع ؟ قال هذا أهل أن يُبَدّع.

قال الخلال وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هُوَ مُبْتَدِعٌ، لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

قال شيخ الإسلام ( 4\266) في مجموع الفتاوى : ( وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: حُبُّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمَعْرِفَةُ فَضْلِهِمَا مِنْ السُّنَّةِ أَيْ مِنْ شَرِيعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي أُمِرَ بِهَا فَإِنَّهُ قَالَ: " {اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ} وَلِهَذَا كَانَ مَعْرِفَةُ فَضْلِهِمَا عَلَى مَنْ بَعْدَهُمَا وَاجِبًا لَا يَجُوزُ التَّوَقُّفُ فِيهِ بِخِلَافِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ فَفِي جَوَازِ التَّوَقُّفِ فِيهِمَا قَوْلَانِ: وَكَذَلِكَ هَلْ يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِي تَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ:
(إحْدَاهُمَا: لَا يَسُوغُ ذَلِكَ فَمَنْ فَضَّلَ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ خَرَجَ مِنْ السُّنَّةِ إلَى الْبِدْعَةِ لِمُخَالَفَتِهِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَلِهَذَا قِيلَ: مَنْ قَدَّمَ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ فَقَدْ أَزْرَى بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ: مِنْهُمْ أَيُّوبُ السختياني وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَالدَّارَقُطْنِي.

وَالثَّانِيَةُ: لَا يُبَدَّعُ مَنْ قَدَّمَ عَلِيًّا لِتَقَارُبِ حَالِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ إذْ السُّنَّةُ هِيَ الشَّريعة........)

قال النجار : ( ص34 ) :

" وقال ابن تيمية في مسألة المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله عنهما: هذه المسألةلَيْسَتْ مِنْ الْأُصُولِ الَّتِي يُضَلَّلُ فيها الْمُخَالِفُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّة لَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي يُضَلَّلُ الْمُخَالِفُ فِيهَا هِيَ " مَسْأَلَةُ الْخِلَافَةِ " مجموع الفتاوى( 3\153 ) " .

هكذا قال النجار !!

قلت :ومازال النجار أصلحه الله يتصرف في كلام العلماء ، وانظروا إلى كلام شيخ الإسلام رحمه الله ( 3\101 ) ط الوفاء :

" لَكِنْ اسْتَقَرَّ أَمْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ - مَسْأَلَةُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - لَيْسَتْ مِنْ الْأُصُولِ الَّتِي يُضَلَّلُ الْمُخَالِفُ فِيهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّة لَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي يُضَلَّلُ الْمُخَالِفُ فِيهَا هِيَ " مَسْأَلَةُ الْخِلَافَةِ " وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ الْخَلِيفَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ وَمَنْ طَعَنَ فِي خِلَافَةِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ " .


قلت : عجبا من النجار ينقل من المسائل التي يضلل بها السلف مسألة الخلافة مثلا ، ثم يأتي إلى من قال إن من شهد أن العشرة في الجنة فهو مبتدع ، فيتورع فيه وينقل كلام الإمام احمد الآتي , أليس الشهود للعشرة بالجنة بالنص والإجماع .


فقد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم و صححه الألباني كما في التعليقات الحسان و انظر المشكاة ، و صححه شيخنا الوادعي في الجامع الصحيح في القدر ، من حديث سعيد بن زيد ، قال : " فَذَكَرَ المغيرةُ عَلِيًّا فَنَالَ مِنْهُ فَقَامَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ: أشهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ:عَشْرَةٌ فِي الْجَنَّةِ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ

وَأَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ

وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ

وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ

وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ

وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي الْجَنَّةِ

وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ فِي الْجَنَّةِ

وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فِي الْجَنَّةِ

وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ

وَلَوْ شِئْت لسمَّيتُ الْعَاشِرَ قَالُوا: مَنْ هُوَ؟ فَسَكَتَ فَقَالُوا: مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: سعيد بن زيد " .

فكيف لا يبدع من لم يشهد للعشرة بالجنة ، ويبدع من قدم عليا على عثمان في الخلافة ، هذا التقعيد وهذا المنهج مقصود وليس عفويا ، و نحن نقول بما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة الخلافة .

ومن عجائب النجار قوله ( ص39 ) :

" المبحث الثاني : ( حكم المعين إذا خالف أصلا من أصول أئمة السلف ) "

قال :
" أما من حيث التعيين والحكم على الأفراد فإن في المسالة تفصيلا ، إذ ليس كل من وقع في البدعة وقعت البدعة عليه ، وذلك أن الرجل إذا كان مواليا للسلف ، ومصدر الاستدلال عنده موافقا لما عليه السلف ، ووقع مع ذلك في شيء مما يخالف أصول السلف خطأ لم يوالي ويعادي عليه ، فإنه لا يخرج عن حد السلف بذلك الخطأ ، ولا يكون مبتدعا ، وإنما يقال : وافق أهل البدع في كذا وكذا ليتبين ضعف قوله ، ولا يقال : هو مثلهم ، ولا في حكمهم . "

أقول سبحان الله هذا من تناقض النجار ، فقد قرر أن من خالف أصلا من أصول أهل السنة يعد من أهل الابتداع كما في ( ص30) وكما في ( ص33 ) ثم يأتي هنا فيقول (ووقع مع ذلك في شيء مما يخالف أصول السلف فعنده لا يعد من أهل البدع ، ولكن يقال وافق أهل البدع في كذا وكذا) !!!

كيف تخرجه من السنة بمخالفته أصل من الأصول ثم لا تخرجه بمخالفته أصول السلف ؟! .

فهل نأتي يا نجار للقدرية فنقول هم أهل السنة إلا في باب القدر .

أم نأتي يا نجار للجهمية فنقول هم أهل السنة إلا في باب الرؤية والقرآن وغيره .

فهل نأتي يا نجار للرافضة فنقول هم أهل السنة إلا في باب الصحابة .

فهل نأتي يا نجار للمرجئة فنقول هم أهل السنة إلا في باب الإيمان ولا نبدعهم كما ادعى الرحيلي أن السلف ما بدعوهم .

فهل نأتي يا نجار للخوارج فنقول هم أهل السنة إلا في باب الحاكمية .

فهل نأتي يا نجار للأشاعرة والمعتزلة فنقول هم أهل السنة إلا في ما خالفوا فيه أهل السنة .

فهل نأتي يا نجار للإخوان المسلمين فنقول هم أهل السنة إلا في ما خالفوا فيه أهل السنة .

فهل نأتي يا نجار للمأربي فنقول هو من أهل السنة إلا في ما خالف فيه أهل السنة .

فهل نأتي يا نجار لجماعة الحلبي فنقول هم أهل السنة إلا في ماخالفوا فيه أهل السنة .

فهل نأتي يا نجار لجماعة الحلبي فنقول هم من أهل السنة إلا في ماخالفوا فيه أهل السنة .


فهل نأتي يا نجار لعرعور و المغراوي فنقول هم أهل السنة إلا في ماخالفوا فيه أهل السنة ، وهذا التمثيل لمن تقدم ليس على سبيل الحصر .

لماذا لم يسلك الإمام أحمد هذا المسلك مع الكرابيسي ، وقال هو من أهل السنة إلا في كذا وكذا ؟


لماذا لم يسلكه مع الحارث المحاسبي مع ما له من الفضائل ، وقال هو من أهل السنة إلا في كذا وكذا ؟


لماذا لم يسلكه مع ثور بن يزيد ؟


لماذا لم يسلكه مع يعقوب بن شيبة ؟


لماذا حذر السلف من أهل البدع في المحافل ، وهذه دواوينهم تشهد ؟


لماذا حذروا منهم كل هذا التحذير إذا كانوا هم من أهل السنة إلا ما خالفوا فيه السنة ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم !



ثم استدل النجار على كلامه الباطل بكلام للإمام احمد قال النجار ص 40 :

" قيل لأبي عبد الله احمد ابن حنبل : رجل محدث يكتب عنه الحديث قال :من شهد أن العشرة في الجنة ، فهو مبتدع فاستعظم ذلك –أي الإمام احمد-وقال لعله جاهل لا يدري . "

قلت : الأثر قد أخرجه الخلال في السنة ( 1\289 ) فقال :
" وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ مُثَنَّى الْأَنْبَارِيَّ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: رَجُلٍ مُحَدِّثٍ، يُكْتَبُ عَنْهُ الْحَدِيثُ، قَالَ: مَنْ شَهِدَ أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ، فَاسْتَعْظَمَ ذَلِكَ، وَقَالَ: «لَعَلَّهُ جَاهِلٌ، لَا يَدْرِي، يُقَالَ لَهُ"

وهذا تصرف آخر من النجار ، فلم يذكر (يقال له ) والنجار ذكر هذا الأثر وسكت عليه ، مقرا بما تضمن معناه ، ويكون قد خالف النجار أصلا عظيما قد قرره .

ألم يثبت عندك النص والإجماع ؟.

ألم تقرأ قوله تعالى ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ).

و قوله تعالى (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا) .

و قوله تعالى (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) .

و قوله تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) .

فكيف لا نشهد يا أحمد النجار لهؤلاء الصحابة ، وقد رضي الله عنهم ، و قد جعلهم الله خير أمة أخرجت للناس ، ووعدهم بجنات تجري من تحتها الأنهار ، أم أن الجنة التي خلقها الله ليست لهؤلاء وإنما هي للروافض الأنجاس الذين ينتقصون أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم .


قال الخلال في السنة ( 1\280) :

الشَّهَادَةُ لِلْعَشَرَةِ بِالْجَنَّةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الشَّهَادَةِ لِلْعَشَرَةِ , قَالَ: «نَعَمْ , أَشْهَدُ لِلْعَشَرَةِ بِالْجَنَّةِ»

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: حُجَّتُنَا فِي الشَّهَادَةُ لِلْعَشَرَةِ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ حَدِيثُ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ: قَرَأَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: لَمَّا صَالَحَ أَبُو بَكْرٍ أَهْلَ الرِّدَّةِ قَالَ: صَالَحَهُمْ عَلَى حَرْبٍ مُجْلِيَةٍ أَوْ سِلْمٍ مُخْزِيَةٍ. قَالَ: قَالُوا: قَدْ عَرَفْنَا الْحَرْبَ الْمُجْلِيَةَ، فَمَا السِّلْمَ الْمُخْزِيَةَ؟ قَالَ: «أَنْ تَشْهَدُوا أَنَّ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَأَنَّ قَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ» ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَةَ امْرَأَةُ فُلَانٍ، وَأَنَا لَمْ أَشْهَدِ النِّكَاحَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا كَانَ الشَّيْءُ مُسْتَفِيضًا فَاشْهَدْ بِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ دَارَ بَخْتَانَ هِيَ لِبَخْتَانَ وَلَمْ يُشْهِدْنِي؟ قَالَ: هَذَا أَمْرٌ قَدِ اسْتَفَاضَ , اشْهَدْ بِهَا لَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَظُنُّ أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: هَذَا كَمَنْ يَقُولُ: إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَا أَشْهَدُ إِنَّهَا بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَّا طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ يَقُولُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ: إِنَّهُ قَالَ لَهُمْ: «تَشْهَدُونَ أَنَّ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ» وَمَا رَضِيَ , يَعْنِي أَبَا بَكْرِ حَتَّى شَهِدُوا ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَهَذَا أَثْبَتُ وَأَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي الشَّهَادَةِ "

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ ابْنُ الدَّوْرَقِيِّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ظَالِمٍ شَيْءٌ , قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ لَكُمْ: لَا أَقُولُ إِنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَلَا نَشْهَدُ؟ هَذَا كَلَامُ سَوْءٍ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَدِمَ إِلَى هَا هُنَا، وَأَظْهَرَ هَذَا الْقَوْلَ، وَتَابَعَهُ قَوْمٌ عَلَى ذَا , فَأَنْكَرْنَا ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , وَتَابَعَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ , وَقُلْنَا: نَشْهَدُ "
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ أَبُو بَكْرٍ، أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ بَخْتَانَ حَدَّثَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَشْهَدُ عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ» ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ رَجُلًا يَقُولُ: هُمْ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أَشْهَدُ، فَقَالَ: «هَذَا رَجُلٌ جَاهِلٌ، أَيْشِ الشَّهَادَةُ إِلَّا الْقَوْلُ»
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ ابْنَ الْهَيْثَمِ الْمُقْرِئَ قَدْ حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَشْهَدُ لِلْعَشَرَةِ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: لَمْ يُذَاكِرْنِي بِشَيْءٍ، قُلْتُ لَهُ: فَلَا يُجَانَبُ صَاحِبُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ؟ قَالَ: قَدْ جَفَاهُ قَوْمٌ , وَقَدْ لَقِيَ أَذًى.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَمَّنْ لَا يَشْهَدُ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ بِالْجَنَّةِ , فَقَالَ: هَذَا قَوْلُ سَوْءٍ، وَقَدْ كَانَ عِنْدِي مُنْذُ أَيَّامٍ مَنْ هُوَ ذَا يُخْبِرُ عَنْهُ بِهَذَا , وَلَوْ عَلِمْتُ لَجَفَوْتُهُ، قُلْتُ لَهُ: ابْنُ الْهَيْثَمِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ أَخْبِرُونِي أَنَّهُ وَضَعَ فِي هَذَا كِتَابًا، وَقَالَ: «وَاللَّهِ مَا رَضِيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ حَتَّى شَهِدُوا أَنَّ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ، وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ» ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى مَسْأَلَةِ الْمَرُّوذِيِّ , قُلْتُ: إِنَّ ابْنَ الدَّوْرَقِيِّ أَحْمَدَ قَالَ لِي: إِنَّهُ نَاظَرَكَ عَلَى بَابِ إِسْمَاعِيلَ فَقُمْتَ تَجُرُّ ثَوْبَكَ مُغْضَبًا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي "

وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَنَحْنُ عَلَى بَابِ عَفَّانَ، فَذَكَرُوا الشَّهَادَةَ لِلَّذِينَ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: نَعَمْ نَشْهَدُ، وَغَلَّظَ الْقَوْلَ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْهَدْ، وَاحْتَجَّ بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، وَاحْتُجَّ عَلَيْهِ بِأَشْيَاءَ فَغَضِبَ حَتَّى قَالَ: صِبْيَانٌ نَحْنُ لَيْسَ نَعْرِفُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ، وَاحْتُجَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، فَقَالَ , عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ مَنْ هُوَ؟ أَيْ مَعَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ "

وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ أَبُو بَكْرٍ، أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ بَخْتَانَ حَدَّثَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَشْهَدُ عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ» ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ رَجُلًا يَقُولُ: هُمْ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أَشْهَدُ، فَقَالَ: «هَذَا رَجُلٌ جَاهِلٌ، أَيْشِ الشَّهَادَةُ إِلَّا الْقَوْلُ»

كيف تركت هذه الآثار ، وفيها كلام شديد للإمام احمد ،
كقوله: " يجانب صاحب هذه المقالة " ، قال: " قد جفاه قوم ولقي أذى ."

وكقوله : "هذا قول سوء "

وقوله : " لو علمته لجفوته " يعني ابن الهيثم صاحب المقالة

وكقوله: " هذا كلام سوء "

وكقوله : "أنكرنا على أقوام تبعوا ابن المديني في هذا "

وكقوله : " هذا رجل جاهل "

أعرض النجار عن كل هذه النقولات وتمسك بالنقل عن الإمام أحمد بن حنبل حتى يقرر أن الرجل على ما صدر منه ، قال أحمد في حقه " لعله جاهل لا يدري " ، فغيره ممن تكلم فيه أهل السنة ، من باب أولى لا يعول على كلامهم ، وقوله هذا مخالف للنص والإجماع ، لكن في مثل هذا وغيره يريد النجار أن يقول فيه هو من أهل السنة " إلا في مسالة الشهادة للعشرة " فخالف فيها منهج السلف ، فالرجل يترك منهج السلف الواضح ومنهم الإمام أحمد ويتتبع الشواذ من الأقوال وهذه طريقة الشواذ وأهل الزيغ .

فياله من تقعيد ما عرفه أئمة الإسلام حتى أوضحه النجار، أوليس هذا القول تنقص لهم وحط من رتبتهم التي شهد لهم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

ألم يقل أبو زرعة (من انتقص صحابيا فهو زنديق) .!

أما همّ عمر بقطع لسان عبيد الله ابن عمر عندما سب المقداد بن الأسود ، وقال ذروني أقطع لسان ابني حتى لا يجترئ أحد بعدي يسب أحدا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ؟

ولما بلغ علياً أن ابن السوداء ينتقص أبا بكر وعمر ، فدعا به ودعا بالسيف..... فكيف لو بلغ عليا أن رجلا لا يشهد لهم بالجنة ؟ ماذا يفعل له يا ترى ؟.

وانظروا إلى إنكار أهل السنة على أبي الحسن والحلبي في مسألة الغثائية ، وجعلوها سبا وتنقصا ، كيف لو سمع هؤلاء العلماء من يقر من يقول : إن من شهد أن العشرة في الجنة فهو مبتدع .

وانقل لكم هنا كلاما للشيخ السحيمي قال فيه ( هؤلاء الكتاب الجهلة لم يسلم منهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يدعون أنهم من أهل السنة ، فمنهم – من هؤلاء الكتاب – من وصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالغثائية ) راجع صيانة السلفي للشيخ احمد بازمول .

قال النجار أصلحه الله (ص40) : فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ لَمْ يُثْبِتْ خِلَافَةَ عَلِيٍّ؟ قَالَ: بِئْسَ الْقَوْلُ هَذَا .

زَادَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ: قُلْتُ: يَكُونُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ؟ قَالَ: «مَا أَجْتَرِئُ أَنْ أُخْرِجَهُ مِنَ السُّنَّةِ، تَأَوَّلَ فَأَخْطَأَ» .

أقول ما خالف أحد منهج السلف إلا اضطرب وحصل له ما حصل للنجار أصلحه الله ، فهنا ينقل عن الإمام أحمد ويقره على أن من لم يثبت خلافة علي هو من أهل السنة أو ما اجترئ أن يخرجه من السنة ، وقد تقدم النقل على شيخ الإسلام أن من المسائل التي يضلل بها السلف مسألة الخلافة أعني تقديم علي على عثمان ثم يأتي هذا فلا يضلل من لا يثبت الخلافة أصلا .

قال الخلال في السنة :
وَأَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَنْبَلٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَذَكَرَ عَلِيًّا وَخِلَافَتَهُ فَقَالَ: «أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضُوا بِهِ، وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَحْضُرُ وَعَلِيٌّ يُقِيمُ الْحُدُودَ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَاكَ، وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ خَلِيفَةً، وَيَخْطُبُ وَيَقَسِمُ الْغَنَائِمَ فَلَمْ يُنْكِرُوا ذَلِكَ» .
قَالَ حَنْبَلٌ: قُلْتُ لَهُ: خِلَافَةُ عَلِيٍّ ثَابِتَةٌ؟ فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، يُقِيمُ عَلِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ الْحُدُودَ، وَيَقْطَعُ، وَيَأْخُذُ الصَّدَقَةَ، وَيَقْسِمُهَا بِلَا حَقٍّ وَجَبَ لَهُ؟ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، نَعَمْ خَلِيفَةٌ رَضِيَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّوْا خَلْفَهُ، وَغَزَوْا مَعَهُ، وَجَاهِدُوا، وَحَجُّوا، وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رَاضِينَ بِذَلِكَ غَيْرَ مُنْكِرِينَ، فَنَحْنُ تَبَعٌ لَهُمْ، وَنَحْنُ نَرْجُوا مِنَ اللَّهِ الثَّوَابَ بِاتِّبَاعِنَا لَهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، مَعَ مَا أَمَرَنَا اللَّهُ بِهِ وَالرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا صَالِحٌ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِيهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَيَنْبَغِي لِمَنْ ثَبَّتَ الْخِلَافَةَ عَلَى عَلِيٍّ أَنْ يُرَبِّعَ بِهِ؟ قَالَ: «إِنَّمَا نَتَّبِعُ مَا جَاءَ، وَمَا قَوْلُنَا نَحْنُ؟ وَعَلِيٌّ عِنْدِي خَلِيفَةٌ ، قَدْ سَمَّى نَفْسَهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَمَّاهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَهْلُ بَدْرٍ مُتَوَافِرُونَ يُسَمُّونَهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ» . قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: نَجِدُ الْخَارِجِيَّ يَخْرُجُ فَيَتَسَمَّى بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُسَمِّيهِ النَّاسُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: «هَذَا قَوْلُ سَوْءٍ خَبِيثٌ، يُقَاسُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى رَجُلٍ خَارِجِيٍّ، وَيُقَاسُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَائِرِ النَّاسِ، هَذَا قَوْلٌ رَدِيءٌ، أَفَيَقُولُ إِنَّمَا كَانَ عَلِيٌّ خَارِجِيًّا؟ إِذًا بِئْسَ الْقَوْلُ هَذَا»

أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ،: قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، كَانَ عَلِيٌّ إِمَامًا؟ قَالَ: «نَعَمْ، كَانَ إِمَامًا عَدْلًا، رَحِمَهُ اللَّهُ» . وَكَانَ عَمُّهُ حَاضِرًا، فَقَالَ لِي عَمُّهُ بِحَضْرَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَسْمَعُ: هَؤُلَاءِ الْفُسَّاقُ الْفُجَّارُ الَّذِينَ لَا يُثْبِتُونَ إِمَامَةَ عَلِيٍّ: رَجُلٌ كَانَ يَقْسِمُ الْفَيْءَ، وَيُرْجَمُ، وَيُقِيمُ الْحُدُودَ، وَيُسَمَّى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَكَانَ خَارِجِيًّا يَكْذِبُ؟ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْذِبُونَ؟ . وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَاكِتٌ يَتَبَسَّمُ

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ أَحْمَدتَبْدِيعُ مَنْ تَوَقَّفَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ وَقَالَ: هُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ وَأَمَرَ بِهِجْرَانِهِ وَنَهَى عَنْ مُنَاكَحَتِهِ وَلَمْ يَتَرَدَّدْ أَحْمَد وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ غَيْرُ عَلِيٍّ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْهُ وَلَا شَكُّوا فِي ذَلِكَ. فَتَصْوِيبُ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ تَجْوِيزٌ لِأَنْ يَكُونَ غَيْرُ عَلِيٍّ أَوْلَى مِنْهُ بِالْحَقِّ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ إلَّا مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ فِيهِ نَوْعٌ مِنْ النَّصْبِ وَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا ؛ مجموع الفتاوى (4\269) هذا كلام ابن تيمية وانظر كلامه في الواسطية وكلام الشٌّرّاح في هذه المسألة .

قال الشيخ الفوزان في شرحه للسنة للبربهاري 2\235:

قال البربهاري : "و السنة أن تشهد أن العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالجنة ، أنهم من أهل الجنة ، لا شك فيه ".

قال الشيخ العلامة صالح الفوزان :
" قوله لا شك فيه ، من شك أن واحداً من هؤلاء ليس من أهل الجنة فإنه يكون كافرا ...... " .
قال شيخنا ربيع بن هادي المدخلي في شرح السنة ( 2\957 ) :
" من لم يشهد لهم بالجنة هو صاحب ضلالة و بدعة ، لم يؤمن بما قال رسول الله و كفاه شراً و ضلالاً " .

قال شيخنا أحمد النجمي في شرحه للسنة للبربهاري ص248:
" و في هذه الفقره قرر المؤلف ، أن من لم يشهد لمن شهد له رسول الله بالجنة فهو صاحب بدعة و ضلالة ، شاك فيما قاله رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و أن الواجب على العبد تصديق رسول الله فيما أخبر به مع اليقين أن كل ما قاله على طريق التشريع فهو وحي من الله عز و جل ، وأهل السنة يثبتون الجنة لمن أثبتها له رسول الله صلى اله عليه و سلم ...... "


هذا ما تيسر لي كتابته الآن ، فإن كان ما قلته حقا فذلك من توفيق الله ، ليس من حولنا و لا قوتنا ، و إن كان خطأ ، فهو من نفسي و الشيطان ، و نسأل الله التوفيق للأخ أحمد النجار .


كتبه أبو الفضل محمد بن عمر الأثري


الهوامش :

[1] انظر مقالا للشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله – بعنوان " ما حكم الإسلام في امتحان أهل الأهواء وغيرهم" في شبكة سحاب السلفية نقلته.

[2] - أخرجه مسلم في "المساجد" حديث (537)، وأحمد (5/447).
3- و نقل شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية ( 4 / 499 ) نقل عن بن خزيمة بعد ذكر حديث الجارية عن أبي هريرة و الآخر عن رجل من الأنصار ........... و هما في علمي حديثان لا حديث واحد : حديث عون بن عبد الله في الامتحان إنما أجابت السوداء بالإشارة لا بالنطق .
و قال عثمان الدارمي ص 70 في الرد على الجهمية ، و مما يحقق قول ابن المبارك قول رسول الله صلى الله عليه و سلم للجارية " أين الله " يمتحن بذلك إيمانها .
قال شيخنا العلامة أحمد النجمي رحمه الله في رسالته إلى أحد المشايخ : و أنت ترى عدم الامتحان للأشخاص ، و تزعم أنه بدعه ، و اعلم علمك الله أن النبي صلى الله عليه و سلم امتحن الجارية بقوله لها " أين الله " ........ .

[3] - "مجموع الفتاوى" (15/329-330).

[4] - "مقدمة صحيح مسلم" (ص14).

[5] - "مقدمة صحيح مسلم" (ص15).

[6] - (ص20).

[7] - "الكفاية" للخطيب (ص155) مطبعة السعادة.

[8] - "تأريخ بغداد" (8/326) تحقيق: الدكتور بشار عواد معروف.

[9] - الصواب: أن خالداً مات سنة أربع ومائة، كما روى ذلك العقيلي في "الضعفاء" (3/191)، وانظر "الميزان" (3/225).

[10] - "الضعفاء" للعقيلي (3/191)، وانظر "الميزان" (3/225).


[11] - "علم الرجال وأهميته"(ص22-24).

[12] - "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (1/74).

[13] - "تاريخ بغداد" ( 6/348-349)، و"سير أعلام النبلاء" ( 11/381)، و"تهذيب التهذيب" (1/191).


[14] - "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (3/568).

[15] - "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (1/191-192).

[16] - تذكرة الحفاظ (1/203).

[17] - "التأريخ الكبير" (7/314).

[18] - "تأريخ بغداد" (10/329).

[19] - "تأريخ بغداد" (13/174).

[20] - "الجرح والتعديل" (1/25).

[21] - "تأريخ بغداد" (10/168).

[22] - "الجرح والتعديل" (1/183).

[23] - "الجرح والتعديل" (1/308-309).

[24] - "الجرح والتعديل" (1/217).

[25] - "الجرح والتعديل" (1/284-285).

[26] - "شعار أصحاب الحديث" (ص32-33).

[27] - "تأريخ بغداد" (11/239).

[28] - "تأريخ بغداد" (12/67).

[29] - "حلية الأولياء" (8/254).

[30] - "تهذيب الكمال (24/389).

[31] - انظر كتاب "تأملات في كتاب رفقا أهل السنة بأهل السنة" (ص109-114).


المصدر :
http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=40290

.............

صورة من رابط المصدر
http://up.harajgulf.com/do.php?img=190023