المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المـُتَنفِّعون ..لفضيلة الشيخ جمال ابو فريحان حفظه الله تعالى



عبد السلام الجزائري
20-Sep-2015, 02:42 PM
المـُتَنفِّعون



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين .

أما بعد :

فالأحداث غالباً ما تُبين مواقف البعض إما سلبي أو إيجابي وتظهر معادن القوم .

فحادثة سقوط الرافعة بالمسجد الحرام بمكة المكرمة عشية يوم الجمعة 27/11/1436هـ ؛ استغلها الـمُتَنَفِّعون "الذين يصطادون

في الماء العكر" فأظهروها في مواقع التواصل وبعض وسائل الإعلام بأبشع التصورات وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها وما ذلك إلا

هوىً في نفوسهم وإظهاراً لما يبطنون من الحقد الدفين ، فضخموا الحادثة ؛ بينما يحدث في بلدان العالم ما هو أسوء منها

وأبشع وأسبابها تكون افتعالية أو إهمالا وتساهلا أو خيانة وغير ذلك ، ولم نر الأقلام تنبري لذلك .

وفي الوقت نفسه حادثة سقوط الرافعة ليس لأحد من البشر فيها يدٌ لا من بعيد ولا من قريب ، لا مباشر ولا غير مباشر ، فهذه

قدرة الله تعالى ، وجند من جنوده ]وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ[ ، فالريح هذه من جنود الله تعالى وآياته ، وقد تكون هذه الأحداث

عقوبة تارة ، وابتلاء وامتحان تارة ، قال تعالى: ]وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً[ ، ]أَتَصْبِرُونَ[ .

فكانت الريح ذلك اليوم فاقة سرعتها (90 كيلاً في الساعة) مما ليس لأحد تلافي ما ستحدثه من خراب ودمار على جميع

المستويات ، ولكن "الـمُتَنَفِّعون" أرادوا نشر الشائعات لإظهار أن "الحكومة السعودية" مقصِّرة فيما يلزم ، وكذبوا والله ، وإنما

أفعالهم هذه من إشاعة الفاحشة .

قال تعالى : ]إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ[ . والفاحشة ليست فاحشة

الزنا فحسب ، بل التحدث بكل ما تسمع وبكل ما ترى سواء كان كذباً وزوراً ، وغثاً وسميناً.

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن خَالِد بن معدان قَالَ : "من حدث بِمَا أَبْصرت عَيناهُ وَسمعت أذنَاهُ فَهُوَ من الَّذين يحبونَ أَن تشيع الْفَاحِشَة

فِي الَّذين آمنُوا" . "الدر المنثور" للسيوطي (5/62) .

وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" (324) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : "القَائلُ الفَاحِشَةَ ، والذِي يُشيعُ بِها ؛ فِي

الإثمِ سَواءٌ" . وحسنه الألباني .

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِباً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ) . أخرجه مسلم وغيره .

فكان الأولى بهؤلاء "الـمُتَنَفِّعون" أن يقفوا مع حكومتهم وحكامهم وبيان مآثرهم وجهودهم في خدمة الحجيج ، وبناء وتوسعة

وصيانة المسجدين "الحرام والنبوي" بدلاً من الفوضى التي يحدثونها ، وعلى أقل تقدير إلا امتثلوا قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ) . متفق عليه .


والسؤال المطروح لـ"الـمُتَنَفِّعين" :

لقد قامت مشاريع عملاقة في محيط المسجدين "الحرام والنبوي" ابتداءً من الهدم والإزالة للمباني والفنادق الشامخة كانت حول

المسجدين وذلك للتوسعة ؛ مروراً بتشييد الأبراج كـ"وقف الملك عبد العزيز" العملاق والنادر في العالم ، وأبراج جبل عمر بمكة

والأبراج بالمدينة النبوية حول المسجد النبوي ، وأنفاق مكة عند الحرم ومشاريع القطارات وتوسعة المسجدين وبالذات توسعة

"الملك عبد الله" يرحمه الله ، والتي هي أكبر توسعة للمسجد الحرام حتى الآن على مر التاريخ البشري . وهلم جر ..

فهل حدث مثل حادثة سقوط الرافعة هذه أثناء العمل بالمشاريع الآنفة الذكر ؟!

يحيرون جواباً ..

فإننا نخشى أن تكون هناك أيدي خفية تُحرك هذه الأقلام أو تلك ؛ لتصوير حكومة "المملكة العربية السعودية" للعالم بأبشع

الصور ، ولكن نقول لهم وبملء أفواهنا : موتوا بغيظكم ، فالأفعال هي التي تتكلم ، ومواقف حكومتنا متمثلة في "خادم الحرمين

الشريفين" الملك سلمان يحفظه الله ؛ هي التي تتكلم وتدافع ، فمع أنّ وصوله حفظه الله من خارج البلاد كان حديثاً ؛ إلا أنّ

متاعب السفر لم تؤخره ولم تثنه عن الوقوف بنفسه على موقع الحادثة ، وزيارة المصابين وذوي المتوفين ومواساتهم .

فنصيحتي لهؤلاء "الـمُتَنَفِّعون" وأمثالهم الالتزام بآداب الشرع الحنيف في الكفِّ عمّا لا يعنيهم بشيء ويتمثلون بقوله صَلَّى اللهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ) . رواه الإمام مالك ، وأحمد .


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .



كتبه /

أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي

يوم الاثنين 30 / 11 / 1436هـ