المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منهج السلف في تلقي العلم للشيخ محمد المدخلي حفظه الله



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
02-Jun-2010, 02:12 PM
منهج السلف في تلقي العلم لفضيلة العلامة الدكتور الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله
بســــــــــــــــــــــــم الله الرحمـــــــــــن الرحيـــــــــــــــــــــــــــــــم
الحمد لله رب العالمين والصلاةُ والسلام على أشرف الأنبياء والمُرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أمـــــــــا بعد ففي هذه الليلة ليلة الخميس التاسع والعشرين من شهر جمادى الأولى عام واحد وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعدنا أن نلقي بأحد العلماء السلفيين وهو الشيخ فضيلة الشيخ محمد بن هادي المُدخلي حفظه الله تعالى وسيلقي كلمة
عن منهج السلف بتلقي العلم
وقبل أن يبدأ الشيخ بإلقاء كلمة نريد أن نعرف بالشيخ لمن لا يعلم كثيرا عن الشيخ .
الشيخ : لا لا ما يحتاج التعريف يكفي أنا محمد ابن هادي بس يكفيني وبس ما يحتاج إلى تعريغ أحتاج.
إذا نترك المجال للشيخ .
الشيخ : لأن التعاريف هذه محل للمدح والله يعلم ويشهد أني لا أحب ذلك وأرفضه من صميم قلبي وأكرهه ظاهرا وباطنا فأنا محمد بن هادي بن علي المدخلي نعم.
الشيخ:..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مُضل له ومن يُضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}آل عمران 102
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}النساء1
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}الأحزاب70_71
أمـــــا بعـــــــــد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخيرُ الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكُل ضلالة في النار.
أمـــــــــــا بعــــــــــــــد:
فيا معشر الإخوان سمعنا ما ذكره أخونا المُقدم الشيخ سليمان باسمه المعروف عندنا واسمه الأصلي.....
سمعنا ما ذكره حول موضوع هذه الكلمة ونسأل الله بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلى ونظرنا غليه أن يوفقنا وإياكم جميعاً للعلم النافع والعمل الصالح.
معشر الإخوان إن التلقي الصحيح يورث صاحبه العلم الصحيح يورثه الثمرة الصحيحة وهذا العلم هو الذي حرم الله به هذه الأمة علم الشريعة الوحي المُنزل من السماء هو الذي امتن الله به على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله{وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}النساء113
ولم يأمره صلى الله عليه وسلم أن يطلبه جلا وعلا أن يزيده من شيء من الدنيا أبداً إلا من العلم فقال جلا وعلا مُخاطبا صفوة خلقه رسولنا صلى الله عليه وسلم {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}طه114
وكان عليه الصلاة والسلام كما جاء ذلك في المُسند بسند صحيح بعد نزول هذه الآية يكثر في دعائه من صلاته بقول "رب زدني علماً رب زدني علماً ".
هذا العلم الشرعي هو الذي يدلُ الإنسان على كل خير ، من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وبسبب هذا العلم شرف من لم يكن شريفاً وارتفع من كان وضيعاً في نسبه وجاهه وحسبه في الدنيا فارتفع به الموالي والعبيد وسادوا بعد أن كانوا ممتهنين ومحتقرين عند الناس وهذا مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم" إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوماً ويضعُ به آخرين.
هذا العلم الشرعي أخس الحيوانات ذّكر بسببه ففي قصة أصحاب الكهف جاء ذكر الكلب.
{سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا}الكهف22
هذا الكلب آوى إلى أهل الإيمان والتوحيد والطاعة فذكر معهم في هذا الكتاب لأنه آوى إلى أهل الخير هذا العلم وهو الكلب وهو أخس الحيوانات ونحن نغسل الإناء منه سبعاً وإحداها بالتراب وهي الأولى في أرجع أقوال للعلماء "أولاها بالتراب ثم ست بعد ذلك بالماء لشدة نجاسة لعابه
والغُسلِ من نجاسة الكِلابِ
سَبعٌ وأولاهن بالترابِ
ومائعا رقه وبعض الناس
قد ألحق الخنزير بالقياس إلى أخره.
هذا الكلب النجس اللعاب نغسل منه الإناء سبعا ونكفئُ فضله الذي شرب منه أباح الله أكل صيده من غيرِ أن نغسله حينما عُلم قال جلا وعلا {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} المائدة4
وقال صلى الله عليه وسلم "إذا أرسلت كلبك المُعلم وسميت فكُل"
ولم يأمرنا بغسل ماطال لعاب الكلب لماذا؟ لأنه مُعلم فارتفع من حالٍِ إلى حالٍ بالعلم لما عُلم ارتفع وهو أحقر الحيوانات وهو أخس الحيوانات وأشد الحيوانات نجاسة فهل بعد هذا يُزهد في العلم ويرغب عنه؟ ويقبل على ما عداه من أمور الدنيا إلتي تزول وتنتهي تموت بموت صاحبها ؟ لا والله.
يجب علينا جميعاً أن نحرص على هذا العلم الذي رفعنا الله تبارك وتعالى به ونفعنا الله تبارك وتعالى به وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا.
فأولا قبل أن ندخل في الكلام نُذكر بقول النبي صلى الله عليه وسلم الذي من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" ودلالة المنطوق ظاهرة ودلالة المفهوم تدل على أن من لم يتفقه في دين الله ويعرف ما أوجب الله عليه من أحكام والحلال والحرام سواء العيني أو ما فوقه إذا أراد التوسع .
فإنه يصدق عليكم من أراد به خيراً وهذه مصيبة عظيمة وبلية كبيرة أن يكون هذا الإنسان ممن لم يرد به خيراً ربه تبارك وتعالى فيجب أن يحرص على هذا الأمر التفقه في دين الله وإذا كان كذلك فليعلم أن من لم يكن عنده في بلده عالمٌ وهو لا يعلم ما أوجب الله عليه فإن الرحلة عليه واجبةٌ حتى يعلم ما أوجب الله عليه مما يصح دينه به من نحو وضوئه طهارته وغسله وصلاته وصومه ونحو ذلك فلابد من أن يتعلمها فإن لم يكن في بلده من يعلمه وجب عليه أن يرحل حتى يأخذ العلم الواجب وما فوق ذلك فهو مستحب له أن يرحل في طلبه
قال جلا وعلا {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}التوبة122
فشملت هذه الآية حكمين الحكم الأول التفقه الطالب في نفسه في ما أوجب الله عليه الثاني يعود فيُعلم من لم يعلم من أهل بلده وقبيلته وعشيرته فلابد من أن يحصل هذا فإن النفر هنا المراد به الخروج لطلب العلم مطالبين بالخروج لطلب العلم وقد كانت الوفود تقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقيمون عنده الأيام والليالي فيتعلمون ثم يعودون إلى أقوامهم معلمين كما جاء ذلك في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه في الصحيح قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم شبيبة متقاربون وأقاموا عنده ليالي وأياما فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك حاجتهم في العودة إلى أهلهم فقال لهم موصيا ومنبها وحاظا على ذلك وحاثا لهم على تعليم قومهم قال"وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدهم وليؤمكم أكبرهم " والحديث في الصحيح
قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل القراء يعلمون الناس وقصة بئر معونة معروفة في هذا حينما وفدوا على الرسول صلى الله عليه وسلم وطلبوا من القراء من يعلمهم أحكام الدين فكان أن أرسل معهم النبي صلى الله عليه وسلم طائفة من القراءفغدروا بهم وقتلوهم.
الشاهد أن طلبك لهذا العلم لا يخلوا من أحد أمرين إما أن يكون واجبا عينيا أو واجبا كفائيا فالعيني مالا يصح دينك إلا به والكفائي التوسع فيما عدا ذلك فينبغي أن يعتمد بهذا.
وقد حرص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على هذا أيضا بعد وفاته فرحل عدد منهم المسافات الطويلة لأجل حديث واحد يسمعه من صحابي آخر سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والرحلة في طلب الحديث والعلم والسنة سنة على أسلافنا الصالحين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعه وقد كان جمع من التابعين يسمعون ويبلغهم الحديث كما هو حال إبراهيم النخعي وغيره يلبغوهم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق عمر فلا يقنعهم وهم في العراق حتى يسمعونه منه في المدينة ثم يعودوا بحديث واحد وهذا يدل على أن التابعين رضي الله عنهم ساروا هذا المسار.
فينبغي لنا أن نحرص على هذا وقد كتب علماء الحديث في هذا الكتب الطويلة والمختصرة في بيان طلب الرحلة في طلب الحديث والعلم ولا أريد أن أستطرد في هذا.
ومجيئكم ولله الحمد تطبيق لهذا مجيئكم من بلدانكم إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم هذه المدينة المباركة مهد الوحي ومأرز الإيمان تطبيق لهذه السُنة الحمد لله الذي منَّ عليكم بذلك وأسأل جلا وعلا كما منَّ عليكم أن يعينكم على تعليم من تعودون إليهم.
معشر القوم هذا العلم دين وقد جاء عن السلف الصالحين هذا فجاء عن ابن سيرين إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم" وذلك لأن الإنسان إما أن يكون حدثا يعني صغيرا شابا وإما أن يكون جديدا حديث عهد بإسلام فإذا شب الحدث يريد أن يتعلم وإذا أسلم غير المسلم يريد أن يتعلم أحكام هذا الدين فعند من يأتي ؟ عليه أن يبحث عن صاحب الدين السوي صاحب العقيدة الصحيحة والفقه الصحيح والاستقامة الصحيحة على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن من نعمة الله على الحَدت وعلى الأعجمي إذا أسلم أن يوفقا لصاحب سُنة يتعلمان على يديه ولذلك لأن الشاب يتشكل على يدي أول معلم له وهكذا المسلم الجديد يتشكل على يدي أول معلم له فهو على مفترق طرق إما أن يوفق للصالح فيهديه إلى الخير وإما أن يوفق لضد ذلك فيكون فيه هلاكه يقول الإمام أحمد رحمه الله إن من نعمة الله على الحدث وعلى الأعجمي إذا أسلم أن يوفقا لصاحب سُنة وذلك لأن صاحب السُنة يعلمهما هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قول فلان ولا فلان وإنما تحرص على أن يسلك في طلبته الطريق المستقيم ماجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولهذا بل يجب على الشاب الحدث إذا أقبل على العلم أن يسأل عمن يأخذ وهكذا المسلم الجديد إذا أسلم يسأل عمن يأخذ دينه حتى يأخذه وهو آمن يأخذه صافيا نقيا لم يتلطخ بأقوال البدع فإذا وفق لهذا فقد وفق لخير كثير.
وثانيا يجب على من رأى حدثا أو حديث عهد بإسلام وقد وقع بين يدي مبتدع يجب عليه أن يحرص على تخليصه منهم ونصيحته لهم وإعطائه البديل الأمين الذي يتعلم على يديك" إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم" فإذا أخذت الدين عن الموثوق سلمت وإن أخذته عن المبتدع هلكت عياذا بالله من ذلك.
وقد شمر السلف الصالح رضي الله عنهم في هذا الباب غاية التشمير ونصحوا للأمة غاية النصيحة فحذروهم من الأخذ عن أهل الأهواء والبدع لأنهم يضلون بسببهم و لأنهم إذا أخذوا على أيديهم لا يأخذون الدين صافيا نقيا كما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم لابد وأن يأتي فيه هذا الخلط فيحدث عندئذ الخلط في التصور فيتعلم الصغير ويتعلم المسلم الجديد أشياء مغلوطة ليست من دين الإسلام وربما ماتا عليها ولهذا استثنى العلماء رحمهم الله تحرير من وقع بين يدي معلم وهو مبتدع وخاف على من بين يديه أن يضلهم فحذرهم منه استثنى أهل العلم هذه الصورة من الغيبة المحرمة وبينوا أنها من الغيبة الجائزة صورتها صورة غيبة لكن واقعها واقع النصيحة ومن أخصر الكتب الذي بين أيدينا وأكثرها اختصارا كتاب رياض الصالحين للنووي رحمه الله فإن فيه بعد الباب الذي تكلم فيه عن الغيبة باب ما يباح من الغيبة وتكلم عن الأنواع الجائزة من الغيبة ومنها" من رأى طالب علمِ يتردد على فقيه مبتدع وخاف عليه منه حذره منه.
فإذا هذا المعلم المبتدع يحرف الناس عن دين الله تبارك وتعالى الدين الصحيح الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركنا عليه فوجب على من رأى شيئا من هذا أن ينصح المتعلم ومن هنا فلا نكثر الكلام في هذا وأقول باختصار أن الواجب على المسلم الجديد إذا دخل في الإسلام وعلى الشاب إذا اتجه إلى طلب العلم أن يحرص على طلب العلم على أيدي المأمونين الموثوقين في عقائدهم وفي منهاجهم حتى يسلم له دينه وتصح عقيدته ويستقيم منهجه.
ولنعلم أن المبتدع إذا جلس إليه المتعلم لم يبدأه بالبدعة أول ما يدنوه أو يعلمه ولكنه ينتظر به حتى يجد الفرصة منه فيلقي البدعة في قلبه فتعلق هذا مثل ما قال فضالة ابن المهلهل " لو أن المبتدع بدأك بالبدعة أول ما تقعد إليه لحذرته لكنه ينتظر منك فرصة إذا تمكن من القلب لدغك فيرسل البدعة فتعلق عندئذ بالقلب" .
ونحن يجب أن نحذر من هذا أشد الحذر ، وما من زمان ومكان إلا وستجد فيه أهل الحق وأهل البدع ولا ريب ، فعليك أن تهوي إلى أهل الحق والسُنة "فإن المرء يُعرف بمن يأوي إليه"فإن كان صاحب سُنة أوى إلى أهل سُنة وإن كان صاحب بدعة أوى إلى أهل البدعة.
وليُعلم أنه في حال الخلاف في شخص القاعدة المستديمة المستمرة : أن الجرح المفسر مقدم على التزكية والتعديل المبهم ؛لأن المعدل غاية ما يقول أنا لا أعلم إلا خيرا هذا غاية ما في التعديل وأما الجارح فيقول لا أنا أعلم شيئا مفصلا ، أعلم كذا وكذا و كذا والمفسر والمبين مقدم على المجمل يطوى به عليه ، غاية ما عند المعدل يقول أنا لا أعلم إلا خيرا هذا غاية علمه فلا تعارض بين قوله وبين قول من أدلى بحجة مفسرة ؛ لأن هذا انتهى علمه عند قوله أنا ما علمت إلا خيرا وهذا يقول أنا علمت أزيد منه ، فيطوى على هذا هذه هي القاعدة التي أعملها علماء الجرح والتعديل في كلام الأئمة الكبار.
واليوم نرى الناس يحاولون التفلت منها في كلام من لا يأتون عُشر معشار الأوليين في الإمامة والدين والحفظ والمعرفة في النقل ، مع أن الأوليين كلهم أهل نقل ، أهل كلام في الرجال.
اليوم نرى من يعارض كلام الخبير الناقل للرجال والعالم بهم لمن لا يعلم من أمورهم شيئا وهذا سببه الهوى في الغالب أو الجهل والعياذ بالله.
فعلى أبنائنا أن يحذروا من التلقي من المبتدعة لأن هذا الدين صفاء والمبتدعة يدنسون صفائه فيدخلونه في القلوب مكدَّرا مجنسا والمرء على حسب ما أدخل في قلبه.
بعد ذلك أقول إنه لابد من التأني في التعلم فإنه قد جاء في حديث أبي عبد الرحمن السُلمي رحمه الله أنه قال حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن كعثمان ابن عفان وعبد الله ابن مسعود أنهم كانوا ما يقرؤون عَشْر آيات حتى يتجاوزونها حتى يعملوا بما فيها من العلم والعمل قال فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا ، فلابد من التدرج في التعلم والتلقي وليعلم الإنسان أن عمره قصير والعلم بحر لا ساحل له، فكيف يختصر هذا البحر العظيم هذا ما أشار إليه الناظم في قوله
وما حوى الغاية في ألف سنة شخص
يعني لو يعمر الشخص ألف عام لا يمكن أن يصل في الغاية إلى العلم طيب فما المخرج قال
فخذ من كل متن أحسنه
كيف
بحفظ متن
لابد معشر الأبناء من الحفظ في كل فن لابد أن تحفظ متنا ، بحفظ متن والمتن الذي لابد أن تحتفظ به في كل متن أن يكون هذا المتن هو الراجح في هذا الفن في العربية يكون هذا أرجح الكتب في الأصول يكون أرجح الكتب في المصطلح يكون أرجح الكتب في الحديث يكون كذلك أرجح الكتب وأصح الكتب وأشهر الكتب تداول بين الناس في الفقه كذلك في أصول التفسير كذلك في أصول الحديث كذلك وهكذا في جميع الفنون تحفظ أرجح الكتب وأحسن الكتب ونعني به الذي عليه عمل العلماء وعليه شروح العلماء وعليه عمل العلماء وتعليم العلماء لأنه قد خُدم فأنت لا تتعب في فهمه وتوضيحه وتفسيره
فخذ من كل فن أحسنه بحفظه
لابد من الحفظ
متن جامع للراجح
متن يكون هو الراجح في كل متن ثم
تأخذه على مفيد
يعني على معروف بالعلم والإفادة لك والمفيد الذي يقال عنه مفيد يعرف بأمرين
إما بتنصيص العلماء عليه بأنه أهل للتعليم وإما بأن يشتهر بين الناس أنه معلم ناجح معروف بأخذ العلم عنه تأخذه على مفيد هذا هو المفيد إذا لابد من الحفظ والمحفوظ لابد أن يكون راجحا في كل فن ثم بعد ذلك تأخذ هذا المحفوظ الراجح على المفيد الذي يفيدك يعطيك العلم ثم الصفة الرابعة على مفيد ناصح
لابد أن يكون المعلم ناصحا لأبنائه وهذا الإسوة فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول " الدين النصيحة" ويقول عليه الصلاة والسلام كما جاء في حديث أبي داوود وإن كان في سنده مقال "إنما أنا لكم في منزلة الوالد أعلمكم" الحديث والوالد يكون ناصح لأولاده وإلا لا ؟ يكون ناصحا المعلم أبو الروح كما أن والدك أبو الجسد الجسم تسلسلت منه هذا أبوك الروحي فلابد أن يكون ناصحا لك
فهذه أربعة أشياء لابد من توفرها في المتعلم ، في الطالب
ما حوى الغاية في ألف سنة شخص
فخذ من كل فن أحسنه
كيف
بحفظ متن جامع الراجح
هذا وصف للمتن
تأخذه على مفيد ناصح
عنده علم يفيدك وناصح ينصح لك في كل الأبواب فهذا الذي ننصح به أبنائنا وأن يبدؤوا متدرجين يبدأ بالقليل ثم أعلى قليلا ثم أعلى قليلا ثم أعلى قليلا حتى يصل إلى ما يقارب فيه الانتهاء الفن ولنضرب مثال واحد يستدل به على ما بعده
فمثلا في العربية يأخذ الأجرومية ومنحة الإعراب والعوامل النحو مائة قبل ثم منحة الإعراب ثم العوامل النحو مائة ثم منحة الإعراب ثم بعد ذلك تقرأ الألفية وشروحها هكذا الراجح.
في المصطلح يأخذ أول ما يأخذ أول ما يأخذ نخبة الفكر مع شرحها نزهة النظر ونحن نرى أبنائنا اليوم يذهبون يمنة ويسرة عنها ويقرؤون في الكتب التي لم تحرر كما حرر هذا المتن كما في مصطلح الحديث ثم بعد ذلك يقرأ تدريب الراوي مع تقريب النووي ثم يقرأ بعد ذلك الباعث في الحديث ثم لا يضره أن يقرأ التقرير والإيضاح الإصطلاح ثم يقرأ بعد ذلك على ألفية العراقي هكذا يكون الترتيب .
التوحيد أول ما يبدأ بالقواعد الأربعة ، الأصول الثلاثة ثم كتاب التوحيد ثم كشف الشبهات ثم الواسطية ثم تلخيص الحموية ثم الطحاوية ثم لا يضيره بعد ذلك .
العمدة في الحديث يبدأ بالأربعين النووية ثم عمدة الأحكام ثم بلوغ المرام ثم لا يضيره أن يقرأ بعد ذلك ما تيسر له وهكذا بقية الفنون.
فإذا أخذ على هذا الترتيب وصبر وثابر واحتسب ولم يستعجل فإنه يصل بإذن الله تبارك وتعالى ولكن لابد من تطبيق هذا الذي ذكرته أولا الحفظ وثانيا ألا تذهب للكتب المغمورة وتدع المشهورة التي عليها تعديل العلماء وثالثا تأخذ العلم عن المفيد الذي ينصح لك ويفيدك ويعلمك وينصح لك إن رآك خرجت يمنة أو يسرة نعم.
وليعلم أن العلم محتاج فيه إلى الصبر يحتاج فيه إلى الصبر ، ما يمكن أن تتعلم من العالم أو الشيخ ما مضى فيه خمسين عاما أو ثلاثين عاما تأخذه أنت في جلسة واحدة أو في ثلاثة أيام أو في إسبوع كما أراه اليوم يقرؤون عشرون كتاب في يوم واحد ، مالك رحمه الله يقول للشافعي وهو من النوابغ في الفهم والحفظ رحمه الله يقول له و لزملائه لما قرؤوا الموطأ يقول كتاب صنفته في عشرين عاما تأخذونه في شهر ما أقل ما تفقهون فيه ، كتبه مالك في عشرين سنة وهو ينقح فيه الموطأ ويخاطب هذا الخطاب يخاطب به الشافعي ومن معه أذكياء العالم فكيف بنا نحن اليوم 15 كتاب وسبعة كتب تقرأ في يوم واحد ماشاء الله يعني يخرج عالم في إسبوع.
العلماء سبعين سنة وهم يعلمون ويتعلمون وهذا يقول في سبعة أيام هذا إذا جلس سبعة أيام فلابد من الصبر ومن أعظم الأدلة على الصبر حتى تصل إلى العلم ما قصه الله في كتابه عن موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام مع الخضر عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام حتى قال نبينا صلى الله عليه وسلم : رحم الله أخي موسى لو صبر حتى نعلم ايش النهابة مع الخضر عليه الصلاة والسلام
فلابد من الصبر يا أبنائي ولعلي أختم الحديث بهذا وأعتذر إليكم ....
اللهم صل وسلم وبارك وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
نسأل الله جلا وعلا أن ينفعنا وإياكم بما علمنا وأن يثبتنا وإياكم على الحق والهدى حتى نلقاه إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد