المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جناية الحلبي على شرط المتابعة في (الفوائد المختصرة في أحكام العمرة)



عزالدين بن سالم أبوزخار
05-Oct-2015, 08:51 AM
الحمد لله الذي أنزل علينا أفضل كتبه، وأرسل إلينا خير رسله، والصلاة والسلام على من أُمرنا بتباع سنته، وعلى آله وصحبه ومن أقتدي بهم وسار على أثره.
أما بعدُ:
مازلنا مع ما يسوده الحلبي نسبًا الخلفي منهجًا، ففي كتيبه ((الفوائد المختصرة في أحكام العمرة)) الذي كانت طباعته الطبعة الأول سنة 1423 هـ، من الخلل ما يعجز عن وصفه اللسان وعن تسطيره ببنان.
قال الحلبي في (ص 5): أولًا: احرص – أخي المسلم – على أن تكون مخلصًا لله – تبارك وتعالى – في عباداتك كلها ... الخ
ثم ذكر ثانيًا وثالثًا إلى أن وصل للنقطة الثانية عشرة: قال: اقتن كتابًا – أو كتيبًا – من كتب التي جمعت الأذكار النبوية الصحيحة؛ ككتاب ((صحيح الكلم الطيب)) لشيخنا الألباني ...الخ ، ولم يذكر المتابعة في كل ما ذكر من هذه النقاط.
ففي بدء الأمر توقعت أن يجعل خاتمة هذه النقاط مسك الختام كما يقال، فيذكر المتابعة، فعندما قرأت (اقتن كتابًا – أو كتيبًا – من كتب) كان توقعي أن يرشد إلى كتيب يتعلق بأحكام العمرة مدعمًا بالأدلة.
والحلبي يحفظ حديث جابر الذي أخرجه مسلم في صحيحه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: ((لتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه))، فشيخه!! الألباني رحمه الله كما يدعي له عليه جزء بعنوان (حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها عنه جابر رضي الله عنه).
والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم متابعته شرط شامل في كل العبادات القولية والفعلية وقد خص المناسك بالمتابعة كما خص الصلاة.
فهل يَنسي مثل هذا شيخ يُعد من كبار طلاب العلم! وهذه النقاط جعلها تحت عنوان (نصائح وتوجيهات)!!
فمتابعة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مناسك العمرة شرط في قبولها، بل شرط في كل العبادات؛ فهل الغفلة أو لعله التغافل عن هذا الشرط – المتابعة – من النصائح؟!!
فليست هذه المرة الأولي التي يغفل الحلبي فيها عن ذكر متابعة سنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقد مر معنا في (نقد رسالة (عودة إلى السنة) لعلي الحلبي).
قال الحلبي في (ص 19): ربنا جل وعلا لم يتركنا هملا بل تفضل علينا بهذا القرآن المجيد، وضمن لنا حفظه من التبديل والتحريف، وقال في شأنه: ) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (.
فما المخرج ... الخ.
كذا سطر ببنانه وقاله بلسانه؛ فعليك يا حلبي أن تلزم غرز العلماء وتثني ركابك وتجالس أهل العلم الراسخين، فلا يزال عودك رطبًا بل ومعوجًا.
واعوج عودك من لحوو من قدم لا ينعم العود حتى ينعم الورق
وقال الحلبي في (ص 18): وليس من السنة القراءة على المقابر بشيء من القرآن؛ لا الفاتحة، ولا غيرها، وإنما الدعاء فقط.
أقول: لماذا اللف والدوران؟!
(ليس من السنة) صحيح؛ وله عدة احتمالات مباح أو مكروه أو بدعة.
أنا على يقين أن الحلبي أعلم مني ومن كثير من السلفيين بما سطره العلامة الألباني رحمه الله من بدع الجنائز في أخر كتابه الرائع الماتع ((أحكام الجنائز))، فلقد قام الحلبي بتلخيصه في رسالة بعنوان ((أحكام الموت)).
قال العلامة الألباني رحمه الله في (بدع الجنائز): الصياح بلفظ (الفاتحة) عند المرور بقبر أحد الصالحين، وبمفارق الطرق.
وقال: قراءة السبع سور: الفاتحة والمعوذتان والإخلاص وإذا جاء نصر الله وقل يا أيها الكافرون وإنا أنزلناه: وهذا الدعاء: اللهم إني أسألك باسمك العظيم، وأسألك باسمك الذي هو قوام الدين، وأسألك...وأسألك...وأسألك...وأسألك باسمك الذي إذا سئلت به أعطيت وإذا دعيت به أجبت، رب جبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل...الخ.
كل ذلك عند دفن الميت.
قراءة فاتحة الكتاب عند رأس الميت، وفاتحة البقرة عند رجليه.
قراءة القرآن عند إهالة التراب على الميت.
وقال: القراءة للأموات وعليهم.
وقال: قراءة القرآن له وختمه عند قبره.
قول الحلبي: (ليس من السنة) قول مجمل والأولي بل الواجب التصريح ببدعية هذا العمل، وفيه مراوغة وتلاعب وتدليس على قرائه، ولعل ممزوج بالجبن، فالسؤال المطروح لماذا الحلبي لم يصرح ببدعية قرأت القرآن في المقابر؟
أما قول الحلبي: (وإنما الدعاء فقط)!!، فلم يبين هكذا على الإطلاق، فهل هو الدعاء له؟ أم دعاء الميت؟! وأنا أنزه الحلبي عن هذا – الدعوة إلى الشرك-، ولكن كلامه يحتمل هذا وذاك، وهذا ناشي عن خطأ في التعبير، فالخلل في تركيب المبني، يؤدي إلى تحريف المعني، فضعف التحصيل في اللغة العربية يؤدي إلى تحريف في الشريعة، والعكس بالعكس.
يقول الشاطبي رحمه الله في كتابه ((الموافقات)): الشريعة عربية، وإذا كانت عربية؛ فلا يفهمها حق الفهم إلا من فهم اللغة العربية حق الفهم؛ لأنهما سيان في النمط ما عدا وجوه الإعجاز، فإذا فرضنا مبتدئًا في فهم العربية فهو مبتدئ في فهم الشريعة، أو متوسطا؛ فهو متوسط في فهم الشريعة والمتوسط لم يبلغ درجة النهاية، فإن انتهى إلى درجة الغاية في العربية كان كذلك في الشريعة؛ فكان فهمه فيها حجة كما كان فهم الصحابة وغيرهم من الفصحاء الذين فهموا القرآن حجة، فمن لم يبلغ شأوهم؛ فقد نقصه من فهم الشريعة بمقدار التقصير عنهم، وكل من قصر فهمه لم يعد حجة، ولا كان قوله فيها مقبولًا انتهى.
فعلى هذا أنصح نفسي وأخواني السلفيين أن يعرض ما يكتبون على أخوانهم خاصة طلاب العلم، فأنت المستفيد أولا، كما أوصي نفسي وأخواني الأفاضل بعد تقوي الله بالجد والاجتهاد والتحصيل ومجالسة طلاب العلم وحضور دروس المشايخ وكذلك بالحرص على الوقت.
هذا وأسأل الله أن يفقهنا في ديننا وأن يردنا إليه ردًا جميلا وأن يهدينا لأحسن الأقوال والأعمال وأن يصرف عني سيئها كما نسأل الله أن يولي علينا خيرنا ولا يولي علينا شرارنا وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يكفينا وسائر المسلمين كيد الفجار وشر الأشرار وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين .
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الاثنين 22 شوال سنة 1435 هـ
الموافق لـ: 18 أغسطس سنة 2014 م