المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [مادة صوتية مفرغة] حقيقة السعادة لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الله السبيل حفظه الله



أم ريان السلفية
02-Jun-2010, 02:55 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحمد لله الحليم التواب غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير أحمده سبحانه وأشكره على كل حال وأعوذ بالله من أحوال أهل النار وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين ، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أما بعد :



أيها المسلمون إتقوا الله تعالى وراقبوه ، إتقوه حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .



عباد الله إن الحياة الطيبة السعيدة كلٌّ ينشدها ويجري وراء تحقيقها والبحث عن الوصول إليها ولكن يتفاوت الناس في معرفة حقيقة السعادة وفي غايتها فيرى قوم أنها في جمع المال وتحصيله وأن هذا هو السعادة فهو الغاية والمراد ، وقوم يرونها في سعة الرزق وكثرة الأولاد والجاه عند الناس ، وعند آخرين أن السعادة في تحصيل الشهوات سواء كانت مما هو مباح أو مما هو محرّم إلى غير ذلك من حظوظ الدنيا



والواقع أن هذا كله ليس بشيء وإن حصل في بعضه راحة للنفس في وقت قليل أو زمن قصير فآلامه ومكدراته ومنغصاته أكثر بكثير


ولكن السعادة الحقيقية هي سعادة النفس وطمأنينة القلب وانشراح الصدر وهذا لا يحصل إلا بالإيمان بالله والعمل الصالح ، فالإيمان بالله يملأ القلب محبة لله وإجلالاً له وتعظيماً له ورضى بقضائه وقدره وزهداً في الدنيا ومعرفة تامة بحقيقتها وأنها دار ممر وليست بدار مقر فإذا عرف العبد ذلك تمام المعرفة لم يحزن على ما فاته من الدنيا ولم يفرح لما يحصل له فيها لعلمه بسرعة زوالها وذهابها فكدرها لا يدوم وصفوها لا يدوم وإنما الفرح والإستبشار بطاعة الله عز وجل ومحبته سبحانه كما قال عز وجل ((فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ )) فهذه هي السعادة وهي الحياة الطيبة كما قال سبحانه في وصفها ووصف من عمل بها واتصف بالإيمان يقول عز وجل (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )) فهذه السعادة الحقيقية


فسعادة الدنيا والآخرة لا يحصل للعبد طمأنينة قلب ولا انشراح صدر إلا بهذا وهو الإيمان والعمل الصالح والتعلق بالله وحده دون من سواه والمداومة على ذكره وشكره كما قال عز وجل ألا بذكر الله تطمئن القلوب وإذا لم يحصل للعبد طمأنينة القلب وانشراح الصدر فمهما كان فيه من النعيم فإنه منكد عليه بالقلق ومنغص بضيق الصدر ، لهذا ترى أصحاب المعاصي مهما كانوا فيه من النعيم الدنيوي فإنهم في نكد وضيق يقول عز وجل (( فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء ))



قال بعض السلف في أهل المعاصي إنهم وإن هملجت بهم البراذين وطقطقت بهم البغال إن ذل المعصية لفي قلوبهم أبى الله إلا أن يذل من عصاه



وإن مما يؤسف له أشد الأسف أن كثيراً من الناس اليوم رغبوا عن عز الطاعة ومالوا إلى ذل المعصية وعرضوا أنفسهم للبلاء والعقوبات العاجلة وحرموا أنفسهم السعادة العاجلة والآجلة وذلك بارتكاب الذنوب وترك نعم الله فيما يسخط الله ، هانت عليهم نفوسهم فأهانوها بذل المعصية ، ترى كثيراً مما أنعم الله عليهم بالرزق الواسع والأزواج والمساكن الطيبة والمراكب النفيسة ومع ذلك يتطلعون إلى غير ذلك مما حرّم الله عليهم فيذهب الكثيرون منهم إلى بعض البلاد المنحطة سلوكاً وأخلاقا ، التي لا تعرف معروفاً فتأتمر وتأمر به ولا تستنكر منكراً فتنهى وتنتهي عنه فيها المعاصي جهارا وفيها التفسخ الخلقي والإنحلال من مكارم الأخلاق أويسافر البعض إلى بعض البلاد الأجنبية ليطلق لنفسه العنان فيما تهواه وإن كان فيه ذهاب دينه ودنياه ، بطِر نعمة الله التي أنعم بها عليه واحتقرها وارتكب ما نهى الله عنه وعرّض نفسه لسخط الله وعقوبته ورمى بنفسه في هوّة الذل والهوان وحرم نفسه من عزالطاعة ورضى الرحمن



والأدهى من ذلك أن البعض منهم ربما سافر إلى البلاد الأجنبية بنسائه وأولاده لا لحاجة أو ضرورة ولكن للترفيه كما يقولون وما يدري أن هذا الترفيه المزعوم إنما هو درس عملي وتوجيه فعلي للتشبه بأعداء الله والإعجاب بهم والإكتساب من أخلاقهم وتعظيمهم في النفوس ، فيا له من ترفيه سيء يُعقبه الإستخفاف بالأوامر الإلهية واستثقال العبادات الشرعية والتساهل بالمعاصي وفساد الأخلاق في غالب أحوال هؤلاء الذين يترددون على تلك البلاد لغير حاجة أو ضرورة ولكن لمجرد الفسحة والترفيه كما يزعمون فبدلاً من تنشئتهم على تعاليم الإسلام والمحافظة عليها وتعظيمها في نفوسهم ينشئونهم على الإستخفاف بها والله عز وجل يقول في المحافظة والحفظ لمن تحت أيدينا (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ))



وإنّا يا عباد الله نحمد الله عز وجل على نعمه الكثيرة ومننه الوفيرة التي امتن الله بها على أهل هذه البلاد نعماً لا تتوفر في أي بلد ولا في أي قطر من الأقطار ، نعمة الإسلام ونعمة الأمن التام الذي لا يوجد في أي بلد كما شهد لذلك كل أحد من عدو وصديق وهي محط أنظار العالم في أمنها واستقرارها ، رخاء في الأسعار وتواجد لجميع الثمار ، أمن على الأرواح وأمن على الأعراض أمن على الأموال كل ذلك بسبب ما من الله به على ولاة أمورنا من اهتمامهم بأمور شعبهم وتطبيقهم لشريعة الله وقيامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - حفظهم الله ووفقهم لكل خير ودفع عنهم كل ضير - وإن لدينا ولله الحمد من الأجواء الممتعة والمناظر الخلابة والمصائف الممتعة المريحة مما هو الغاية في جمال الطبيعة مع توفير الحاجات وتواجد الثمار ورخص الأسعار والأمن التام والطمأنينة والراحة فماذا نبحث عنه في أي بلد من البلاد الأخرى التي فقدت مقوماتها الأخلاقية وأصبح أكثرهم إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون



فاتقوا الله عباد الله واحذروا من عقابه واشكروه على ما أولاكم من النعم ولا تعرضوا أنفسكم لزوالها فقد قال عز وجل (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) نفعني الله وإياكم بوعظ كتابه المبين وبهدي سيد المرسلين أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائرالمسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم



[الخطبة الثانية]


الحمد لله معز من أطاعه واتقاه ومذل من خالف أمره وعصاه أحمده سبحانه وأشكره على ما أولاه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :



فاتقوا الله عباد الله واعملوا بطاعته واحذروا معصيته فإن للمعاصي عقوبات عاجلة وآجلة قال بعض العلماء رحمهم الله : إن من عقوبات المعصية سقوط الجاه والمنزلة والكرامة عند الله وعند خلقه فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم وأقربهم منه منزلة أطوعهم له وعلى قدر طاعة العبد تكون منزلته عنده فإذا عصاه وخالف أمره سقط من عينه فأسقطه الله من قلوب عباده وإذا لم يبقَ له جاه عند الخلق وهان عليهم عاملوه على حسب ذلك فعاش بينهم أسوء عيش (كلمة غير مفهومة ) الذكر ساقط القدر زَري الحال لا حرمة له فلا فرح ولا سرور فإن(كلمة غير مفهومة ) الذكر وسقوط القدر والجاه معه كل غم وهم وحزن ولا سرور معه ولا فرح وأين هذا الآلم من لذة المعصية لولا سكر الشهوة وطاعة النفس والشيطان ألا وصلوا عباد الله على خاتم النبيين والمرسلين وسيد الخلق أجمعين فإن الله أمركم بذلك في محكم كتابه فقال عز من قائل (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيما ))



مفرغ حتى الدقيقة 16.26

للإستماع للمادة

http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=378014 (http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=378014)