المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [بحث] شرح تحليلي مختصر لحديث / إن هذا الدين يسر .



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
02-Jun-2010, 11:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
فهذا شرح تحليلي مختصر لحديث إن الدين يسر ،كنت قد جمعته منذ زمن وأردت من خلال عرضه على الإخوة إفادتهم والإستفادة من توجيهاتهم
والله الموفق لا إله إلا هو .
____________________

قال البخاري:حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ مُطَهَّرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ."
إسناد الحديث :
· عبد السلام بن مطهر :عبد السلام بن مطهر بن حسام الأزدي البصري كنيته أبو ظفر ثقة من التاسعة([1] (http://www.sahab.net/forums/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn1)) مات سنة 224أخرج له البخاري وأبو داود.
· عمر بن علي :هو عمر بن علي بن عطاء بن مقدم وهو بصري ثقة لكنه مدلس شديد التدليس من الثامنة مات سنة 190أخرج له الستة.
· معن بن محمد الغفاري:هو معن بن محمد بن معن بن نضلة الغفاري ثقة قليل الحديث([2] (http://www.sahab.net/forums/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn2)) من السادسة
· سعيد بن أبي سعيد المقبري:أبو سعد المدني ثقة تغير قبل موته من الثالثة مات في حدود 120 وقيل قبلها وقيل بعدها ،أخرج له الستة.
· أبو هريرة :هو عبد الرحمن بن صخر الصحابي الجليل حافظ الصحابة اخُتلف في اسمه واسم أبيه على أكثر من ثلاثين قولاً .أسلم عام خيبر وشهدها مع النبي صلى الله عليه وسلم توفي في المدينة سنة تسع أو ثمان أو سبع وخمسين.
مسائل تتعلق بالإسناد :

· عنعنة مدلس:
مر معنا في ترجمة عمر بن علي أنه مدلس شديد التدليس وقد عنعن هنا وهذا خلاف شرط البخاري ؟
أجاب الحافظ ابن حجر بقوله :هذا الحديث من أفراد البخاري عن مسلم وصححه وإن كان من رواية مدلس بالعنعنة-لتصريحه بالسماع من طريق أخرى- فقد رواه ابن حبان في صحيحه من طريق أحمد ابن المقدام أحد شيوخ البخاري عن عمر بن علي المذكور قال سمعت:معن بن محمد فذكره.([3] (http://www.sahab.net/forums/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn3))
· رواة هذا الحديث بين مدني وبصري وفيه التحديث والعنعنة.

-معاني المفردات:
· (إن الدين): أي الإسلام.
· (يسر): أي ذو يسر.
· (يشاد):من المشادة وهي المغالبة يقال:شاده مشادة إذا قاواه.
· (فسددوا):من السداد وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط.
· (قاربوا):من المقاربة أي إن لا تأخذوا بالأكمل فاعملوا على ما يقرب منه.
· (وأبشروا):من الإبشار وفي لغة-بضم الشين-من البُشرى.
· (الغدوة):وهي سير أول النهار إلى الزوال أو مابين صلاة الغداة وطلوع الشمس.
· (الروحة):اسم للوقت من زوال الشمس إلى الليل.
· (الدلجة):سير أخر الليل أو الليل كله.

-المسائل المستفادة من الحديث:
· الإسلام يسر:
قال ابن حجر:الإسلام يسر بالنسبة إلى الأديان قبله لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم ومن أوضح الأمثلة أن توبة من كان قبلنا كانت بقتلهم أنفسهم وتوبة هذه الأمة بالإقلاع والعزم على عدم العودة للذن والندم .([4] (http://www.sahab.net/forums/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn4))
قلت :ويزيد شرطاً رابعاً وهو:إرجاع الحقوق لأهلها إن كان الذنب متعلق بحقوق الناس،وقال العلامة محمد صالح العثيمين:معنى الدين يسر :أن ما جعله الله ديناً للعبادة ليس فيه مشقة ،فالصلاة ليس فيها مشقة ،والوضوء ليس فيه مشقة وإذا قُدرَ أن هناك مشقة ينتقل الإنسان إلى مرتبة أخرى ؛قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرن بن حصين:(فصل قائماً فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب )([5] (http://www.sahab.net/forums/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn5)).اهـ
· بيان التشديد المذموم وهلاك المتنطعون:
قال ابن المنير: وهو المؤدي إلى الملال أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل أو إلى إخراج الفرض عن وقته كمن قام الليل كله فغلبته عيناه في أخره فنام عن صلاة الفجر وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة فإنه من الأمور المحمودة.
وقال أيضاَ:وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة فقد رأينا ورأى الناس قبلن أن كل متنطع في الدين ينقطع([6] (http://www.sahab.net/forums/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn6)).اهـ
قلت:يشهد لهذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم (هلك المتنطعون)([7] (http://www.sahab.net/forums/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn7))
قال ابن تيمية في معنى المتنطعون:المتشددون في غير موضع التشديد.([8] (http://www.sahab.net/forums/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn8))
· أفضل أوقات العمل:
قال محمد صديق حسن خان:
في هذا الحديث استعارة الغدوة والروحة وشيء من الدلجة لأوقات النشاط وفراغ القلب للطاعة؛فإن هذه الأوقات أطيبُ أوقات المسافر،فكأنه خاطب مسافراً إلى مقصده،فنبهه على أوقات نشاطه؛لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جميعاً،عجز وانقطع،وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة،أمكنته المداومة من غير مشقة.
وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نقلة إلى الآخر،وأن هذه الأوقات بخصوصها أروحُ ما يكون فيها البدن للعبادة.
قلت:وقد حض النبي صلى لله عليه وسلم على أن يعتبر المرء نفسه مسافراً في هذه الدار الفانية فقال كما في حديث ابن عمر:"كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"([9] (http://www.sahab.net/forums/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn9))
ثم قال رحمه الله :والنكتة في قوله (وشيء من الدلجة) قال الحافظ ابن حجر:عبر فيه بالتبعيض لأن عمل الليل أشق من عمل النهار.
قلت:لذلك كان من هديه صلى الله عليه وسلم قيام بعض الليل وحكم على من قام الليل كله بأنه راغب عن سنته- صلوات الله عليه وسلامه- كم في الحديث الذي أخرجه مسلم من طريق أَنَسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النبي -صلى الله عليه وسلم- سَأَلُوا أَزْوَاجَ النبي -صلى الله عليه وسلم- عَنْ عَمَلِهِ في السِّرِّ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ آكُلُ اللَّحْمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. فَقَالَ « مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا لَكِنِّى أُصَلِّى وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سنتي فَلَيْسَ مِنِّى ».
· الحرص على السداد والمقاربة في العمل جزاءه الثواب العظيم:
قال ابن عثيمين رحمه الله:(فسددوا وقاربوا وأبشروا): أي افعل الشيء على وجه السداد والإصابة فإن لم يتيسر فقارب ،والواو هنا بمعنى أو،يعني سددوا إن أمكن وإن لم يمكن فالمقاربة وأبشروا أنكم إذا سددتم وأصبتم أو قاربتم فأبشروا بالثواب الجزيل.([10] (http://www.sahab.net/forums/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn10))
قال ابن حجر:وأبهم المبشر به تعظيماً له وتفخيماً.([11] (http://www.sahab.net/forums/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn11))


----------------------------------
([1]) وقولي من التاسعة وسيأتي عند بعض الرواة من الثانية أو الثالثة حتى الثانية عشر وهي طبقات للرواة رتبهم الحافظ ابن حجر خلالها بحسب سني الوفاة في كتابه التقريب .انظر مقدمة تقريب التهذيب ص82 ط. دار العاصمة تحقيق أبي الأشبال الباكستاني.

([2]) قال عنه الحافظ في الفتح ثقة قليل الحديث (1/94) وإلا فقد قال عنه في التقريب مقبول ص963.

([3]) فح الباري(1/94).

([4]) المصدر السابق(1/118).

([5]) لقاءات الباب المفتوح شريط رقم 49.

([6]) فتح الباري(1/119-120).

([7]) رواه مسلم.

([8]) الفتاوى الكبرى(2/87).

([9]) أخرجه البخاري.

([10]) شرح رياض الصالحين(باب الاقتصاد في الطاعة)

([11]) فتح الباري(1/120).