المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تأديبُ ذوي الفواحشِ بالأخذِ بـ"قَرْدَنهِ"؛ وسَوْطِه على البُسُطِ والمَفَارِشِ



أبو فريحان
06-Dec-2015, 03:07 PM
تأديبُ ذوي الفواحشِ بالأخذِ بـ"قَرْدَنهِ"؛

وسَوْطِه على البُسُطِ والمَفَارِشِ






الحَلْقَة الأولى:
تَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ!


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فالمنكر من القول؛ هو من الفواحش والقبائح.

قَالَ تَعَالَى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ..}. [سورة الأعراف: 33] .

قَالَ القرطبي: "وَالْفَوَاحِشُ: الْأَعْمَالُ الْمُفْرِطَةُ فِي الْقُبْحِ". "التفسير" (7 / 200).


وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}. [سورة الأنعام: 151].

قال ابن جرير الطبري: "إنَّ دَلِيلَ الظَّاهِرِ مِنَ التَّنْزِيلِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ ظَاهِرِ كُلِّ فَاحِشَةٍ وَبَاطِنِهَا، وَلَا خَبَرَ يَقْطَعُ الْعُذْرَ بِأَنَّهُ عُنِيَ بِهِ بَعْضٌ دُونَ جَمِيعٍ، وَغَيْرُ جَائِزٍ إِحَالَةُ ظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ إِلَى بَاطِنٍ إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا". "التفسير" (5 / 391-392).

قَالَ القرطبي: "فَقَوْلُهُ: {مَا ظَهَر}؛ نَهْيٌ عَنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْفَوَاحِشِ وَهِيَ الْمَعَاصِي". "التفسير" (7 / 133).


قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}. [الْإِسْرَاءِ:32].

قال ابن جرير الطبري: "وَإِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْقَبَائِحَ مِنَ الْأَشْيَاءِ". "التفسير" (5 / 475 / 14556).

قَالَ الْقَفَّالُ: إِذَا قِيلَ لِلْإِنْسَانِ: لَا تَقْرَبُوا هَذَا؛ فَهَذَا آكَدُ مِنْ أَنْ يَقُولَ لَهُ: لَا تَفْعَلْهُ". "التفسير الكبير" (20 / 331).


قلتُ: قَوَلُه: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}؛ أيْ: لاَ تَدْنُوا من الزنا بمباشرة أسبابه ودواعيه؛ من كلامٍ أوغزل، أو تقبيلٍ ونحوه – ولم يَقُلْ سبحانه وتعالى: "وَلَا تَزْنُوا"-.
والفاحشة معناها أوسع من الاقتصار على معنى الزنا؛ الضيِّق.

أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن خَالِدِ بْنِ مَعْدان قَالَ: "مَنْ حَدَّثَ بِمَا أَبْصَرَتْ عَيناهُ وَسَمِعَتْ أُذُنَاهُ؛ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا". "الدر المنثور" (5 / 62).


قال ابن الأثير:
"(فَحُشَ)؛ الفَاحِش: ذُو الفُحْش فِي كَلَامِهِ وفِعَاله.
والمُتَفَحِّش: الَّذِي يَتكلَّف ذَلِكَ ويَتَعمَّدُهُ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْر: "الفُحْش والفَاحِشَة والفَوَاحِش" فِي الْحَدِيثِ: وَهُوَ كُلُّ مَا يَشْتَدُّ قُبْحُهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي.
وَكَثِيراً مَا تَرد الفَاحِشَة بِمَعْنَى الزِّنَا، وَكُلُّ خَصْلةٍ قَبِيحَةٍ؛ فَهِيَ فَاحِشَة، مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ". "النهاية" (3 / 415).


وقال الرازي في "مختار الصحاح" (ص 206):
"(ف ح ش): كُلُّ شَيْءٍ جَاوَزَ حَدَّهُ فَهُوَ (فَاحِشٌ)".


وقال ابن منظور:
" (فحش): الفُحْش: مَعْرُوفٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الفُحْش والفَحْشاءُ والفاحِشةُ: القبيحُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَجَمْعُهَا الفَواحِشُ. وأَفْحَشَ عَلَيْهِ فِي المَنْطِق؛ أَي: قَالَ الفُحْش.
وَرَجُلٌ فاحِشٌ: ذُو فُحْشٍ، وَفِي الْحَدِيثِ: (إِن اللَّه يُبْغِضُ الفاحِشَ المُتَفَحِّشَ).
فالفاحِشُ: ذُو الْفُحْشِ والخَنا مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ.
والمُتَفَحِّشُ: الَّذِي يتكلَّفُ ويتعمَّدُه". "لسان العرب" (6 / 325).

وأخرج البخاري عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "القَائلُ الفَاحِشَةَ، والذِي يُشيعُ بِها فِي الإثمِ سَواءٌ". "الأدب المفرد" (324)، وحسنه الألباني.


قلتُ:إذا عُلِمَ وتقرَّر؛ أن معنى الفاحشة لا يقتصر على فِعْلِ الزِّنَا، بل الفَاحِشَةَ؛ كُلُّ شَيْءٍ جَاوَزَ حَدَّهُ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ، وأنّ القَائلُ والـمُشِيعُ بِها فِي الإثمِ سَواءٌ.
وأنَّ اللهَ حرّم مجرّد الاقتراب والدنُو من الزنا بمباشرة أسبابه ودواعيه، فكيف بدواعي اللُّواط الذي هو أشد تحريماً وجُرماً من الزنا؟!

وماذا يعني قول القائل من الرجال لبني جنسه عندما يقترب منه: "ظنيتك بتلقط الشّفّة!"؟ ومعنى تلقط هنا:تأخذ وتمص وتقبل.

وماذا يعني قول القائل الرجل لبني جنسه: "أنا فرحت يا رجّال – يعني على لقط الشفة المزعومة-؛ لأن صار لي أسبوع "أَقَرْدِن" ما فيه فائدة .. خاصة وأنت أزينهم يا .."؟

وماذا يعني قول القائل الرجل لبني جنسه الذي يقترب منه ولكنه لم يكن مزيوناً - بزعمه-: ".. أنت؛ لا"؟

تنبيه:
قول هذا القائل: "أَقَرْدِن": المقصود بها - في كلامه -؛ أيْ: يستميل أو يراود شخص؛ - سواء ذكراً كان أو أنثى - عن نفسه، وهي من مصطلحات أهل الشوارع، واللهجات السُّوقية. والعياذ بالله.



وأعتذر جداً على تفسير الكلمة، وعن نقل العبارات؛ ولكن المقام اضطرني على ذلك – ليعلم الناس سماجة هؤلاء -.

والله وتالله لو لا الحياء وخَدْشِه، ولو لا المصلحة؛ لفصَّلتُ معنى العبارات وأوضحتها أيّما إيضاح لمن جَهِل معنى تلك العبارات السوقية- بصرف النظر عن النية والقصد؛ فلسنا نتكلم عنها وفيها - والعياذ بالله- بسوءٍ-، ولكن اللَّبيبُ بالإشارة يفهمُ معناها.


قلتُ:لو حدَث ذلك التصرف وخرجت تلك الألفاظ من عوام الناس ؛ لانهالوا عليه بألفاظ السب والشتم والوصف المشين كــ: داشر، قبيح، فاسق، لُو.. الخ!

فكيف إذا خرجت هذه الكلمات والعبارات – الخادِشةُ للحياء والمروءة - من رجلٍ محسوب على الشريعة الإسلامية، بل وهو الرجل المشهور، بل ويلقب بـ"الداعية المعروف"؟

كيف إذا قالها في مجلسٍ عام دعوي - بزعمهم -؟!

كيف لو كانت الكلمة تُبَثُّ على قناةٍ فضائية - مسحوبة "إسلامية" -؟!

كيف وإنْ كان البَثُّ مباشراً؛ يشاهده ويسمعه مئات الآلاف من الناس: الرجال والنساء والعجائز، والصبيان والفتيات المراهقين؛ بل والأحداث والقاصرين؛ المسلم والكافر؟!


تنبيه هام:

معنى الكلمة التي أوردتُها في عنوان المقال:"بقَرْدَنهِ" ؛ هي كلمة عربية لغوية صحيحة؛ وليست هي بمعنى كلمة القائل السوقية في المقال: "أقردن" أعلاه.


قال ابن منظور:"قَرْدَن: التَّهْذِيبِ فِي الرُّبَاعِيِّ:
خُذْ بقَرْدَنهِ وكَرْدَنِه وكَرْدِه؛ أَي: بقَفاه". "لسان العرب" (13 / 342).


كتبه :
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
الجمعة 22 / 2 / 1437هـ.
الموضوع : يتبع ..... في الحلقة التالية ...

@abu_fraihan (https://twitter.com/abu_fraihan)


قناة الزاد النبوي على التليجرام
https://telegram.me/azadanbwi
وهذا رابط التليجرام من الحاسوب :
https://desktop.telegram.org (https://desktop.telegram.org/)

أبو بكر يوسف لعويسي
07-Dec-2015, 12:06 AM
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم أخي الفاضل أبا فريحان
هؤلاء القوم ميعوا الدين وضاعوا في الإفراط والتفريط ، حتى وصل بهم الحد إلى هذا المستوى الهابط ، ولكن يصدق فيهم قول
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنَ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِلَّا قَوْلَ الرَّجُلِ: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» البخاري( 3483).

أبو فريحان
07-Dec-2015, 08:45 PM
تأديبُ ذوي الفواحشِ بالأخذِ بـ"قَرْدَنهِ"؛

وسَوْطِه على البُسُطِ والمَفَارِشِ


الحَلْقَة الثانية: تابع للحلقة الأولى السابقة النشر.
يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا


في الحديث قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يَرَى [يُرِيدُ] بِهَا بَأْساً، يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفاً فِي النَّارِ).


أخرجه البخاري (6112، 6113)، ومسلم (2988)، وأحمد (2 /236، 355، 533)، (2 / 402)، والترمذي (2314)، وابن حبان (5676) – واللفظ للثلاثة -، والحاكم (4 / 597) وصححه، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في "الصحيحة" (540).


وفي رواية: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ يُضْحِكُ بِهَا جُلَسَاءَهُ، يَهْوِي بِهَا مِنْ أَبْعَدَ مِنَ الثُّرَيَّا).


أخرجه أحمد (2 / 402، 3 / 38)، وابن حبان (5686). وحسنه الألباني في التعليقلت على "صحيح ابن حبان"، وانظر "الصحيحة" ط. المكتب (2 / 6869)، و(2 / 78) ط. المعارف.




ولا عجب أنْ نجد في هذه الحياة من المسلمين وخاصة في آخر الزمان مَنْ يتلاعب بالدين ويُضحك الناس بكلامه باسم الدين وباسم الدعوة.




قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ بِالحَدِيثِ لِيُضْحِكَ بِهِ القَوْمَ فَيَكْذِبُ، وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ).


أخرجه أَحْمَدُ (5 / 3 ، 5، 7)، والدارمي (2 / 382 / 2702)، وَأَبُو دَاوُد (4990)، وَالتِّرْمِذِيُّ (2315)؛ وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ"، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (7013).


وسواء كان مُحدّث الناسَ كاذباً في حديثه أو صادقاً ليضحكهم؛ فالأحاديث المذكورة تُدينه وتتنَزَّل عليه. والله أعلم.


قال الشيخ المحقق العثيمين في "الباب المفتوح" بعد أنِ استشهد بهذا الحديث:
"لا يجوز الكذب في الطرائف كما يقولون؛ لأن الوعيد بويل؛ من أدلة تحريم العمل".


ولكن إذا نُزع الحياء؛ فلا قيمة للحجاب.


قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَح فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ).



أخرجه أحمد (4 / 121، 122، 5 / 273)، والبُخَارِيّ (3296)، وأبو داود (4797)، وابن ماجه (4183). وصححه الألباني في "الصحيحة" (684).




قاتل اللهُ القائل:
يَعيشُ الـمَرءُ ما استَحيا بِخَيرٍ ... وَيَبقى العودُ ما بَقِيَ اللِّحاءُ
فَلا وَاللَهِ ما في العَيشِ خَيرٌ ... وَلا الدُنيا إِذا ذَهَبَ الحَياءُ
إِذا لَم تَخشَ عاقِبَةَ اللَيالي ..... وَلَم تَستَح فَافعَل ما تَشاءُ




واعلموا أيها المسلمون: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
(الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ، وَالإِيمَانُ فِي الجَنَّةِ، وَالبَذَاءُ مِنَ الجَفَاءِ، وَالجَفَاءُ فِي النَّارِ).


أخرجه أحمد (2 / 501)، والبخاري في "الأدب المفرد" (1314)، والترمذي (2009)؛ وقَالَ: " حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ". وصححه الألباني فيهما، وفي "الصحيحة" (495)، و"صحيح الجامع" (3194).


قال في "المرقاة" (8 / 3175):
"(وَالْبَذَاءُ): بِفَتْحِ الْبَاءِ خِلَافُ الْحَيَاءِ وَالنَّاشِئُ مِنْهُ الْفُحْشُ فِي الْقَوْلِ".




وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الحَيَاءُ وَالعِيُّ: شُعْبَتَانِ مِنَ الإِيمَانِ، وَالبَذَاءُ وَالبَيَانُ: شُعْبَتَانِ مِنَ النِّفَاقِ).



أخرجه أحمد (5 / 269)، والترمذي (2027)، والحاكم ( 1 / 9، 52)؛ وصَححه عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في "الضعيفة" (14 / 987 تحت حديث رقم: 6884)، و"صحيح الجامع" (3196).


قال الترمذي عقب الحديث في "جامعه":
"وَ(العِيُّ): قِلَّةُ الكَلَامِ.
وَ(البَذَاءُ): هُوَ الفُحْشُ فِي الكَلَامِ.
وَ(البَيَانُ): هُوَ كَثْرَةُ الكَلَامِ؛ مِثْلُ هَؤُلَاءِ الخُطَبَاءِ الَّذِينَ يَخْطُبُونَ؛ فَيُوَسِّعُونَ فِي الكَلَامِ، وَيَتَفَصَّحُونَ فِيهِ فِيمَا لَا يُرْضِي اللَّهَ". انتهى.


قلتُ: ولا ضيْر أنْ يَظهر مثل هؤلاء في الأمة في هذا الزمان ، فقد ظهروا في القرون الأولى ، وكان أهل العلم يلقبونهم بــ"القَصَّاصِين" وهم من أكذب الناس كما سيأتي بيانه وعَدّهم العلماء من المبتدعة.


قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْقُصَّاصُ ثَلَاثَةٌ: أَمِيرٌ، أَوْ مَأْمُورٌ، أَوْ مُخْتَالٌ).



أخرجه أحمد (6 / 23، 28)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (3 / 266 / 911)، والطبراني في "الكبير" (19 / 179-180)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (17 / 386، 387). وصححه الألباني في "الصحيحة" (2020)، و"صحيح الجامع" (4445).


(مُخْتَال): متكبر مباهٍ متطاول بمناقبه وبما أوتي.




كتبه :
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
الجمعة 22 / 2 / 1437هـ.


الموضوع : يتبع ..... في الحلقة التالية ...

أبو هنيدة ياسين الطارفي
07-Dec-2015, 09:22 PM
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل ووفقك ونفع بك ....

أبو فريحان
08-Dec-2015, 10:10 PM
تأديبُ ذوي الفواحشِ بالأخذِ بـ"قَرْدَنهِ"؛
وسَوْطِه على البُسُطِ والمَفَارِشِ

الحَلْقَة الثالثة: الحذر من الذِّئاب البشرية – الذين يلتهمون القلوب والعقول بكلامهم -.


عَنْ عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: "وَقَفَ عَلَيَّ عَبْدُ اللهِ - يَعْنِي ابْن مَسْعُود -وَأَنَا أَقُصُّ، فَقَالَ:
"يَا عَمْرُو! لَقَدْ ابْتَدَعْتُمْ بِدْعَةَ ضَلَالَةٍ، أَوَ إِنَّكَ لَأَهْدَى مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ"، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ تَفَرَّقُوا عَنِّي حَتَّى رَأَيْتُ مَكَانِي مَا فِيهِ أَحَدٌ".

أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي "الْكَبِير" (9 / 137/ 8637)، والمنذري في "الترغيب والترهيب" (94)؛ وقال: "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي "الْكَبِير" بِإِسْنَادَيْنِ: أَحدهمَا صَحِيح". وصححه الألباني برقم (57)، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1 / 189)؛ وقال: "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَلَهُ إِسْنَادَانِ أَحَدُهُمَا رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ".




وَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ , وَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْعَلَاءِ الْيَمَانِيُّ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! نَسْتَقْبِلُ الْقَاصَّ بِوُجُوهِنَا؟
فَقَالَ: "وَلُّوا الْبِدَعَ ظُهُورَكُمْ".


كتاب "البدع والنهي عنها" (39) لابن وضاح، و"الحوادث والبدع" (111) للطرطوشي.


وَقَدْ سُئِلَ الإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الْجُلُوسِ إلَى الْقُصَّاصِ؟ فَقَالَ:
"مَا أَرَى أَنْ يُجْلَسَ إلَيْهِمْ، وَإِنَّ الْقَصَصَ لَبِدْعَةٌ، وَلَيْسَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يِسْتَقْبِلُوهُمْ كَالْخَطِيبِ".


"الحوادث" (109)، "المدخل لابن الحاج" و(2 / 144)، و"تحذير الخواص من أكاذيب القصّاص" (260) للسيوطي.


وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: "أَكْذَبُ النَّاسِ الْقُصَّاصُ، وَالسُّؤَالُ، وَمَا أَحْوَجَ النَّاسَ إلَى قَاصٍّ صَدُوقٍ.
قِيلَ لَهُ: لَو رَأَيْت قَاصاً صَدُوقاً؛ أَكُنْتَ مَجَالِسَهُمْ؟ قَالَ: لاَ".


"الحوادث" (112)، و"المدخل" (2 / 146)، و"تحذير الخواص" (251، 265).




والعتب كل العتب، واللَّوْم كل اللَّوْم؛ ليس على هؤلاء "القُصَّاص"، ولكن العتب على بعض الرجال ...
ولله در الشَّاعر:
نعيب زماننا والعيب فينا ... وما لزماننا عيب سوانا
وقد نهجو الزمان بغير جرم ... ولو نطق الزمان بنا هجانا
فدنيانا التّصنّع والترائي ... ونحن به نخادع من يرانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب ... ويأكل بعضنا بعضا عيانا


فمن العيب علينا ترك نساءنا وبناتنا يشاهدون هؤلاء "القُصَّاص" على الشاشات التفازية عبر القنوات الفضائية، أو الحضور لهؤلاء في المساجد وغيرها من المنتديات والاستماع لهم، لأنهم لا يُؤتمنون على "قواريرنا" من ألفاظهم النابية الخادشة للحياء.


وللأسف لقد فقد بعض رجال زماننا الغَيْرة، وفقد بعض نساء هذا الزمان الحياء إلا مَن رحمَ الله، ونتساءل اليوم أين غَيْرَة عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عندما غار مِنَ السِّواك – مجازاً- على زوجه فاطمة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا كما تُروى عنه هذه الأبيات – وسواء هي له أو لغيرِه؛ فهي تعبر عن غَيْرَة الفحول من الرجال-:


حظيت يا عود الأراكِ بثغرها ... أما خفت يا عود الأراك أراكَ
لو كنت من أهل القتال قتلتك ... ما فاز مني يا سِواكُ سِواكَ


وأعلا من ذلك وأجَلُّ؛ غَيرة الله تعالى، ففي الحديث:


قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ).
أخرجه البخاري (4361)، ومسلم (2760).


وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللهَ يَغَارُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ). أخرجه البخاري (4925)، ومسلم (2761) واللفظ له.


ومن الفواحش والمحرمات؛ نظر النساء إلى المتجملين والمتزينين من الرجال على شاشات التلفاز أو غيرها، والاستماع إلى القُصَّاص أصحاب الألفاظ الخادشة للحياء والـساقطة للمروءة.


وتأمَّلنَ يا نساء المسلمين في المشارق والمغارب حياء فاطمة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وفِقهها؛ إذْ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "مَا خَيْرُ لِلْمَرْأَةِ؟
قَالَتْ: أَنْ لَا تَرَى الرِّجَالَ وَلَا يَرَوْهَا".




وَاستمعوا أيها الرجال الأحرار إلى ما يَقُولُه عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ وحديثه موجهاً إلى كل رجل فقد الغَيرة على نسائه ومحارمه:
"أَلَا تَسْتَحُونَ أَلَا تَغَارُونَ؟ يَتْرُكُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ تَخْرُجُ بَيْنَ الرِّجَالِ تَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَيَنْظُرُونَ إلَيْهَا".

"الكبائر" (ص 192) للذهبي، و "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2 / 78) للهيتمي.




قلتُ: رحم اللهُ أبا السبطين ورضي عنه؛ كيف لو رأى بعض رجال هذا الزمان وهم يُرسلون نساءهم وبناتهم مع السائق الأجنبي عنهن إلى الأسواق أو إلى صلات الاحتفالات وغيرها دون مرافق..؟!






ولقد تغار بعض الحيوانات على إناثها؛ مع أنها ليست مكلفة كالآدمي.
ففي الأثر عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: "كُنْتُ فِي الْيَمَنِ فِي غَنَمٍ لأهلي وانا على شرف فجَاء قرد مَعَ قِرَدَةٍ فَتَوَسَّدَ يَدَهَا فَجَاءَ قِرْدٌ أَصْغَرُ مِنْهُ فَغَمَزَهَا فَسَلَّتْ يَدَهَا مِنْ تَحْتِ رَأْسِ الْقِرْدِ الأول سلا رَقِيقا وَتَبِعَتْهُ فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَأَنَا أَنْظُرُ ثُمَّ رَجَعَتْ فَجَعَلَتْ تُدْخِلُ يَدَهَا تَحْتَ خَدِّ الْأَوَّلِ بِرِفْقٍ فَاسْتَيْقَظَ فَزِعًا فَشَمَّهَا فَصَاحَ فَاجْتَمَعَتِ الْقُرُودُ فَجَعَلَ يَصِيحُ وَيُومِئُ إِلَيْهَا بِيَدِهِ فَذَهَبَ الْقُرُودُ يَمْنَةً ويسرة فجاؤوا بِذَلِكَ الْقِرْدِ أَعْرِفُهُ فَحَفَرُوا لَهُمَا حُفْرَةً فَرَجَمُوهُمَا فَلَقَدْ رَأَيْتُ الرَّجْمَ فِي غَيْرِ بَنِي آدَمَ".

انظر "فتح الباري" (7 / 160)، وأصله في البخاري (3636) مختصراً وفي آخره؛ قال: "فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ".




والسلام عليكم.




كتبه/
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
الجمعة 22 / 2 / 1437هـ.